Skip to main content

Full text of "162"

See other formats




رات اذ سلا م 
(الجزءالأول) 


تصنيف: جوزيف شاخت 
كليفورد 9.594 €i‏ 
ترجمة: ف . محمد رهير السمهور ى 
geigo gead à‏ 
د . إحسان صد فى العمد 
تعليق وتحقيق: ف . شاكر مصطفى 
مراجعة: ف. فؤاد زكريا 


Wis c 


سلسلة كتب ثقافية شهرية ullllg dgiallg áàláil! axibgll eball ln ru‏ الكوية 


صدرت السلسلة فى يناير 1978 بإشراف أحمد مشارى العدوانى 1923 . 1990 


11 
رات أذ سلا م 


(الجزءالأول) 

تصنيف: جوزيف شاخت 
کلیفورد بوز ورت 

ترجمة: ف. محمد رهير السمهور ى 

د. حسين مو نس 

د . إحسان صد فى العمد 
تعليق وتحقيق: ف . شاكر مصطفى 
مراجعة: د. فواد زكريا 


j 


| 


is 








nce]‏ ڪڪ 
المواد المنشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبها 
ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس 


xqinll 


لعديم 


مدخل 
الفصل الأول: 
الصورة الغربية والدراسات الغربية الإسلامية 


الفصل الثاني: 
الإسلام في عالم البحر المتوسط 


الفصل الثالث: 
الحدود القصوى للإسلام في أفريقيا وآسيا 


الفصل الرابع: 
السباسة والخرب 


E 
التطورات الاقتصادية‎ 


لعديم 


الفصل السادس: 
الفن والعمارة 


21 


85 


133 


187 


245 


287 





تقديم هذه المقدمة التى تحتل الصفحات الأولى من 
الكتاب هي Local‏ الراعة فيه. 
aging‏ يتلوها من يعدها مقدمات ثلاث أخرى 
تشكل في مجموعها مداخل ثقيلة الظل؛ كالدهاليز 
التي تحجب القصر عن الزائر العجول. ولقد وددنا 
لو اكتفينا بمقدمات الكتاب الأصلية وانتهى الآمرء 
أو لو حذفناها جميعا وحلت مقدمة واحدة مختصرة 
بدلا منهاء ولكن ضرورات الإيضاح من جهة وأمانة 
النقل من جهة أخرى فرضت إبقاء المقدمات 
الأصلية. كما فرضت كتابة مقدمة عربية لهذه 
الترجمة فكان لابد مما ليس منه يد ... 
أول ما يجب إيضاحه أن هذا الكتاب ليس بكتاب 
«ترات الإسلام» الذي عرفه المشرق العربي مترجما 
منن أربعين سنة تقريبا. ذلك الكتاب الأول وضع 
مشروعه توماس أرنولد ثم نشر بالإنجليزية سنة 
1931 بعد موته. ثم ترجم في القاهرة سنة 936ام, 
ثم ترجم كرة أخرى في بغداد سنة 954ام وطبع ثم 
أما هذا الكتاب الذي بين يديك فهو كتاب آخر 
مختلف كل الاختلاف عن الأول وإن كان يحمل اسمه 
dena‏ وكان أيضاء في زعم الدكتور شاخت الذي 
وضع مشروعه وأشرف على وضعه حتى مات سنة 
9ء يريد أن يحل محل الكتاب الأول بإضافة ما 
استجد إلى مواضيعه في عالم البحث والاستشراق. 
وبالرغم من الاشتراك في العنوان بل في عناوين 


تراث الإسلام 


الفصول فالكتاب غير الكتاب من جهة, كما أنه لا يغني أحدهما عن الآخر 
من جهة أخرى... 

وليست الفصول التي يحتويها هذا الكتاب هي الكتاب الأصلي كله. إنها 
نصفه الأول فقط: لقد تقاسمنا ترجمته فانفردنا بهذا القسم الأول وفيه 
ثلاثة مواضيع في خمسة فصول: 

درس مكسيم رودنسون أولا صورة الإسلام في الغرب عبر القرون. في 
فصل مديد. 

ثم درس مجموعة من الباحثين في فصلين تاليين أثر الإسلام وامتداده 
على أطراف بلاده الأصليةء عبر البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا وتركستان 
والهند وفي إندونيسيا . ودرس مستشرقان آخران موقفه السياسي الدولي 
في السلم والحرب وإنجازه الاقتصادي في الفصلين الآخرين. 

أما باقي الكتاب» الذي سوف يظهر في جزء خاص آخرء يتلو هذا 
الجزء في السلسلةء فقد انفرد الأخ الأستاذ الدكتور حسين مؤنس مع 
الأستاذ إحسان صدقي العمد بترجمته والتعليق عليه فالقارئ منه على 
موعد قريب . 

الإيضاح الثاني أن هذا الكتاب إذا كان يحمل عنوان «تراث الإسلام» 
وقد أوضح أصحابه المقصود بكلمتي العنوان هاتين في الأسطر الأولى 
منه... فإنناء مع ذلك» نجد الضرورة للمزيد من الإيضاح في هذا المجال. 
إن كلمة «تراث» لا تفهم هناك في الغرب ويجب ألا تفهم هنا في الكتاب 
بمعنى الإرث الذي مات صاحبه؛ ولكن بمعنى ما قدمت هذه الأمة أو تلك 
إلى سوق الإنسانية من خير. وما أضافت إلى حضارة الإنسان من منجزات 
وقيم وما تركته من أثر في الناس. 

وبهذا المعنى يتحدثون أيضا عن تراث الإسلام والصين والهند وروما 
وفارس والغرب» وما ماتت الهند ولا الصين ولا الإسلام ولا الباقيات ولكنها 
جميعهاء بلى» سبق أن قدمت لبني الإنسان حتى الآن شيئًا... إن لم تكن 
قدمت له الكثير... 

وكلمة الإسلام بدورها يجب إيضاحها أيضا في هذا المجال. 

إن أكثر الكلمات شيوعا واستعمالا قد تكون أكثرها حاجة للإايضاح بما 


)9( صدرت ترجمة باقي الكتابين في العددين ١١‏ و ١2‏ من سلسلة عالم المعرفة. 





تقديم 


تحمل مع ارقن على الشفاك عن الوان اكناتى والتضنامين, تعن تسمل 
كلمة الإسلام في الواقع بآكثر من معنى ومفهوم: نستعملها أولا بمعنى 
الدين الإسلامي على الدوام: ولكنا نستعملها أيضا يمعنى المسلمين ونقول: 
الإسلام في القلبين يخطهدون: والإسلام لا يقبلون هذا الموقف الأخرسن. 
ف تمتها إلى هذا وتاك ييحي التاريع eaa‏ تقول :لم بجر ثل 
هذا الأمرفي الإسلام. ونستعملها أخيرا لندل على مجموع الجهد الحضاري 
الذي تم ما بين الأندئس والهند غيما بين القرن الهجري الأول والقرن 
العاشر . على الأقل ‏ وكانت لغته العربية وخليطته البشرية مطبوعة بطابع 
العروبة الثقافيةء ومنابعه الفكرية متصلة روحا وجذورا بالدين الإسلامي 
وبالمسلمين المؤمنين به... ونقول: عصور الإسلام وأيام الإسلام. وفي إطار 
هذا المعنى الأخير يجري الكتاب... 

الإيضاح الثالث: يجب أن نعلم أن هذا الكتاب كتاب غربي» وليس 
بإسلامي» ويجب آلا نفتش فيه عن وجهة النظر الإسلامية ولا عن إنصاف 
الإسلام وتقديره. إنه ليس منا ولم يكتب لنا. هو غربي صرف في محرريه 
ومضمونه ومغزاه. 

وا کی وا س راحو ديعم 1 اب ا سم 
فيه في إطاو psa oix a Rune giis as Lag cie‏ 
لتحديد الجهد الاسلامن في قش قروع العلم والفن والمعرفة على النطاق 
الأوسع»ء ومن وجهة النظر الغربية أيضا. 

وقد وفقوا حينا وأخفقوا أحيانا... وكانوا في الغالب إلى غمط الحق 
أقرب» وإلى السلبية والهوى أدنى. 

إن هذا الكتاب يكشف وضع الاستشراق اليوم بما له وما عليه. إنه 
يفضح قوته وضعفه في وقت معاء أكثر مما يكشف من الجهد الإسلامي 
الحضاري... هو مرآة ما انتهى إليه الاستشراق اليوم من الضيق؛ وهو 
يختنق في حدود أنانيته الغربية وفي اجترار ماضيه السابق وسمعة عدد 
من رجاله السالفين... 

بل إن بعضن فصول هذا الكتاب أضعف مما :اعكدنا أن نقرا تكثايه 
أنفسهم من المستشرقين. 

أهو تدهور الاستشراق؟ أهي شمسه الأخيرة؟ قد يكون: فقد نبغ في كل 


تراث الإسلام 


أمة من رجالها أنفسهم باحثون وأصحاب علم ورأي يبحثون ما لم يبحثه 
الغرب ويقولون ما لم يقله... وكسر الاحتكار الغربي للأولية والأفضلية 
وللانفراد بالرأي وتحديد القيم وكتابة التاريخ... الصامتون السابقون من 
أهل الإسلام ومن أفريقيا والهند والصين دخلوا الآن معترك الفكرء يقولون 
وجهات نظرهم التي طالما غطى عليها أو ألغاها أو شوهها أو عفا عليها 
seall‏ 

aade‏ على مسراعبة ى قاد إعادة الارن 

وهكذا فنحن لم نقدم على ترجمة الكتاب لأنه أعجبناء ولأنه المؤلّف 
الذي لا غنى عن قراءته. 

إن الهدف من نقله إلى العربية ومن وضعه بين أيدي القراء العرب 
والباحثين إنما هو فقط مجرد معرفة ما يقالء على الطرف الآخر من 
حدودنا وباللغات الأجنبية الأخرىء عنا وعن حضارتنا وعن جهدنا الإنساني. 
الهدف هو معرقة الآخرين وحدود معرفتهم لنا ووجهات نظرهم فيناء وليس 
معرفة أنفسنا والمزيد من التعمق في فهم الحضارة التي تغذي تكويننا 
والشرايين... انتهى العصر الذي كان يقول فيه المستشرقون شيئًا فيجيبهم 
المشرقيون: آمين! وعلى الأسطر مما يجب أن يناقش ويرفض ويصحح في 
هذا الكتاب الكثير. وقد أمسكنا عن التعليق على الكثير. ذَُلَّمنا القلم هنا 
وهناك. مسحنا إشارات التعجب والاستفهام التي لابد أن ترتسم على السطور 
بين حين وحين لئلا يتضخم الكتاب... ولئلا يصبح كتاب جدل... 

قاناء te od‏ اتدوحية نظر خريية تل وعلى آثه قشف هة 
النظر تلك... وكفى الله المؤمنين الجدال... فلا يحزننك ما في الكتاب من 
موقف سلبي من الإسلام وما يتوزع على كلماته أو يختبيىّ وراءها من حقد 
دفين والتواء فهم. إن ذلك من طبيعة الأشياء. وهو يدل على قصر نظر 
"lits Sulis] oa gis Ne. dss tas fT locas‏ 

وما يبخسون من حقنا في ذلك ولكن كانوا أنفسهم يبخسون. 

إن القارئ العربي المسلم لن يجد في هذا الكتاب نفسته وحضارته؛ وإن 
كان الهيكل الظاهري هو ذاك» ولكنه سيفيد منه أعظم الفائدة إن استطاع 
أن يرى فيه الفرصة لأخن فكرة صادقة عن مقدار العلم لدى الغرب عن 
الإسلام وأهله وعن الحضارة الإسلامية؛ وعما يدرس ويبحث حول ذلك 


تقديم 


كله في معهد من آكبر معاهد الدراسات الإسلامية هناك على الأخص في 
«مدرسة الأبحاث الأفريقية والآسيوية المعاصرة» التابعة لجامعة لندنء وفي 
غيرها من معاهد الغرب أيضا على العموم. 

يبقى أن نسجل أن أصحاب الكتاب قد خالفوا خطته المقررة في فصلين 
لم يكونا من شرطه ولا من هدفه. كان القصد من الكتاب أن يتحدث في 
تراث الإسلام ولكنه فاجأنا في فصله الأول بأمر آخر مختلف هو: صورة 
الإسلام في الغرب عبر العصور. والفصل قاس ممتع معاء جارح وطريف 
في وقت واحد. صاحبه المستشرق (رودنسون) قد استقصى فيه الصورة 
الغربية للاسلام والمسلمين في تطورها خطوة خطوة خلال أربعة عشر 
قرنا. وبالرغم من آنه قد فاته الكثيرء فما من شك في أن بحثه كان أوضى 
ما قرآنا في هذا الباب» كما أنه جدير بأن BOG Gig Geb JS opty‏ 
تفاصيله بالاطلاع على ذلك الحشد الهائل من الكتب والأبحاث والأصول 
التي أتى رودنسون على ذكرها... على أن ذلك كله لا يعني أنّا لا نختلف 
معه في الكثير الكثير... 

والفصل الآخر الذي لا يدخل في «تراث الإسلام» هو الفصل الثالث من 
الكتاب الذي يتحدث في رسم حدود عالم الإسلام واتجاهات توسعه أو 
انكماشه فى أفريقيا وآسيا. 

joda Ae ais cadi dod e coat Saca eu adi 
الباحثين كل في ميدانه الخاص... ولكن البحث مع ذلك جاء ناقصا كليل‎ 
لأن الذين كتبوه . وإن كان فيهم أحد المسلمين  لم يستطيعوا فهم‎ 3 bait! 
الإسلام الفهم الحقيقي ولا الشعور بروحه ونبضه. إن البحث» على ما في‎ 
قراءته من عظيم الفائدة. ظل هزيلاء وأحيانا هزيلا جدا ... إنه. بما يحمل‎ 
من التحدي» دعوة واضحة لأن يتناوله الباحثون من العرب المسلمين بما‎ 
Les يجب له من الدراية والعناية والبحث والدرس... ومن الإفادة أيضا‎ 
يتكشف عنه من الآفاق!‎ 

ولن نتحدث أخيرا عن الترجمة وما لقينا فيها من العناء والجهد . يكفي 
أن نذكر أن الكتاب ترجم ثلاث مرات: لقد ترجم أولا ثم روجع ثم روجع كرة 
ثانية. لتآتي الصيغة العربية أوضح ما يمكن أن تأتي» ولتكون أدق ما تكون 
تعبيرا عن الأقلام الأجنبية التي كتبتها . وبعض هذه الأقلام من مثل رودنسون 


تراث الإسلام 


وغابرييلي وبوزورث لهم أسلوب في التعبير صعب المداخل. كثير الدوران 
والجمل المعترضة واللف غير المألوف عربيا حول الأفكار. 

Maz! ars p07 Jaen paualll الحرني وق ماي‎ E 
بين اللغتين عملية مرهقة تهدد دوما بآن تقود حينا إلى الغموض وحينا آخر‎ 
إلى قلة الأمانة في الأداء... على أننا بين هذا وذاك نرجو أن نكون وفقنا‎ 
إلى تقد كتاب هن الكتب الضدرووية للمكقبة الغربية وللقاوئ الغريي:‎ 
ووفقنا إلى تقديمه في حرف عربي أمين مبين.‎ 


ونرجو أن يرضي ذلك كله الله والعلم والباحثين. 
الكويت_يناير 1978 
دکتورشاکر مصطفى 
أستاذ ورئيس قسم التاريخ 


بجامعة الكويت 


تصدير كانت لتأليف هذا الكتاب الجديد حول تراث 
الإسلام قصة لا تختلف عن تلك التي عرفها الكتاب 
الأصلي الأول سنة 1931. فالسير توماس آرنولد 
المشرف الأساسي على الكتاب الأول توفي قبل ظهور 
الكتاب» وكان الأستاذ الفرد غيوم هو الذي أخرجه 
في النهاية. وفي حالة هذا الكتاب فإن الأستاذ 
جوزيف شاخت بدأ مشروعه باعتباره المشرف 
الوحيد على إخراجه؛ ولكنه توفي في ١‏ أغسطس 
سنة 1969 تاركا فراغا بين عا الاسلافيات 
البارزين. بوصفه الأول 95( Facile Princeps e 3L«‏ 
فيما يتعلق بالدراسات الإسلامية القانونية. والفصل 
الخاص به في هذا الكتاب «الشرع الإسلامي», وهو 
جامع موجز مملوء بالبصيرة النافذة. يكشف عن 
أستاذيته في هذه الناحية المعقدة من دراساتنا. 
ولقد اختار شاخت بنفسه جميع الذين ساهموا 
في تحرير الكتاب. بحيث إنه حين توفي كانت 
مخطوطات الأبحاث موجودة كلها تقريبا لديه. على 
حين أن بعضها مما كتب بلغات أجنبية كانت تجري 
ترجمته إلى الإنجليزية. وكان الكتاب قد وصل هذه 
المرحلة حين دعاني مندوبو مطبعة جامعة أوكسفورد 
إلى أن أتسلم متابعة إخراجه بما في ذلك إكمال 
التحرير ومراقبة طباعة الكتاب في المطبعة. ونظرا 
إلى أنه لم يكن قد أتيح لشاخت فرصة إلقاء النظرة 
الشاملة على الأبحاث المشاركة بعد أن أضحت في 
شكلها الطباعي النهائي. فقد وجدت أن ثمة بعض 


تراث الإسلام 


التكرار الذي لا مناص die‏ وبعض التباين في المنطلقات التي يقوم التأكيد 
عليهاء وخيل إليّ أن من الواجب التغاضي عن تباين وجهات النظر بين 
المسهمين في الكتاب» وكل منهم خبير في ميدانه الخاصء ولو كان ذلك 
فقط من قبيل اعتبار هذا التباين دليلا على أن في دراساتنا مشاكل عديدة: 
يمكن أن تعالج وتفسر بأكثر من وجهة نظر واحدة. 

ولكني على أي حال كان علي أن أسعى لضم الفصول بعضها إلى بعض 
عن طريق الإشارة في كل منها إلى الأخريات كلما اقتضى الأمر ذلك: وأن 
أقيم الفهرس الأبجدي للمزيد من مساعدة القارئ حيثما يمتد الموضوع 
الواحد في أكثر من فصل. 

وقد نجم عن وفاة المشرف الأول وعن الفجوة التالية لذلك. تأخر في 
الطبع لم يكن في الإمكان تفاديه. وهكذا فإن بعض الفصول تعكس في 
موضوعها الحالة التي كانت عليها المعارف المتعلقة بها قبل سنوات سابقة. 
وفي كثير من الحالات كان علينا أن نعيد النظر في المراجع لجعلها تتفق مع 
مرحلتها الراهنة. ولكن لم يكن من الممكن إدخال أي تعديلات أساسية على 
النص نفسه. 

إن القارئ الذي يقارن «تراث الإسلام» الجديد هذا مع الكتاب الأصلي 
الذي مضى عليه الآن حوالي 42 سنة. سوف يلاحظ أن بعض الفصول هي 
بصورة عامة متماثلة في المجلدين. ومثال ذلك الفصول المتعلقة بالفن والعمارة 
والآدب والقانون وعلم الكلام إ5اه15»0 والعلوم الطبيعية والموسيقى» لكن 
الفصول الأخرى على الرغم من أن العناوين الدقيقة قد تختلف قد جرت 
فيها تفيرات كبرى في المنظور وفي المنطلقات أو نقاط التأكيد . إن الفصول 
الحى en‏ الككاب لأسا هو اشيم ESL a tid‏ والبرتغال؛ 
والحروب الصليبية قد استبدلت بها دراسات حول الاتجاه العام للتفاعل 
الثقافي والأيديولوجي والاقتصادي بين الإسلام والعالم الخارجي» وبخاصة 
بين الإسلام والمسيحية الغربية من خلال التقائهما في حوض البحر الأبيض 
المتوسط. وعلاوة على ذلك فقد أضيف بحث للتحدي والاستجابة في 
الميدانين السياسي والعسكريء كما أضيف بحث عن تأثير الإسلام في 
مناطق غير مسيحية من العالم القديم» مثل البلاد الواقعة جنوبي الصحراء 
الأفريقية وأعماق آسيا وشبه القارة الهندية . الباكستانية. وجنوب شرقي 


14 


تصدير 


آسيا. وفي كثير من فصول هذه المجموعة الثانية. سوف يتبين القارئ أن 
ثمة تأكيدا على المعالجات الجديدة لدراسة ظاهرة الإسلام وصورها. 
وخاصة تلك المعالجات المستمدة من مجال العلوم التاريخية والاجتماعية. 
ومن ثم فإن من المأمول أن يعكس كتاب «تراث الإسلام» الجديد تقدم 
وتوسع الدراسات الإسلامية في نصف القرن الأخير. 

وحين كتب شاخت مقدمة هذا الكتاب سجل أنه لم يكن قد بقي من 
المسهمين في الكتاب الأول إلا السير هاملتون جب. ولكن منذ ذلك الوقت 
توفي السير جب بدوره. 

وفي الختام فإني شخصيا أود أن أعبر عن شكري لهيئة مطابع كلارندون 
الذين عملوا الكثير لمعاونتي على أن أجمع خيوط الإشراف على النشر معاء 
وكانوا دوما الأدلاء الواسعي العون والمساعدين على إخراج هذا المؤلّف. 

مانشستر 1973 


مقدمه 


كلمة «تراث» في هذا الكتاب تستخدم بمعنيين 
اثنين. إنها تعني إسهام الإسلام في إنجازات النوع 
الإنساني بكل مظاهرهاء وتعني اتصال الإسلام 
ولقاءه وتأثيراته في ما يحيط به من العالم غير 
المسلم. فهذا الكتاب لا يهتم بالتأثيرات التي قد 
کرو ا ان eoa‏ فة الود 
مارستها عليه» ولا بالفوارق التي طرآت على 
الحضارة الإسلامية في مختلف الأقاليم التي دخلت 
في فلكهاء من المغرب حتى أففانستان ومن تركيا 
حتى البلاد الهندية الشرقيةء بالرغم من أنه قد 
تكون مثل هذه الدراسة المقارنة جذابة شائقة. 

وليس من أهداف الكتاب أيضا أن يضاف إلى 
القائمة الطويلة من الكتب التي تتناول التقييم العام 
للاسلام كدين أو كحضارة: ولو أن ثمة ثغرة كبيرة 
يجب ملؤها في هذا المجال. إن صيغة هذا الكتاب 
إذن هي Lill‏ نفسها التي كانت لسابقه؛ الذي 
يحمل الاسم نفسه والذي أخرجه السير توماس 
آرنولد والأستاذ الفرد غيوم X‏ 1931( والذي ترجو 
هذه الطبعة الجديدة أن تحل محله لا فى جعل 
معلوماته معاصرة فحسبء ولكن بإعادة iius‏ 
مسائله وإعادة النظر في الأجوبة عليها على ضوء 
العلم الحديث» وذلك هو السبب في أن الفصول 
(في هذا الكتاب) لا تتفق مع فصول الطبعة السابقة 
وحتى تلك الفصول المتفقة في الموضوع فيهماء 
تختلف فيما بينهما الاختلاف الجذري. 


تراث الإسلام 


إن كتاب «تراث الإسلام» يتناول الإسلام على أنه حضارة وليس دينا 
فحسب (بالرغم من أن التفريق نفسه بين المعنيين يحتاج إلى تحديد كما 
سوف يظهر فى «المدخل»). لهذا فبالإإضافة إلى الفصول التي تدور حول 
dosis aiti auo ese lea‏ الفقه الإسلامي والنظرية 
التاريخ السياسي والاقتصادي والثقافي الإسلامي, وحول الفن الإسلامي 
والعمارة. وحول الطب الإسلامي والعلوم والموسيقى. ومع أن من مسؤولية 
عليهم أي توحد صارم في الرأيء أو أي اتفاق مع رأي المشرف نفسه؛. فكل 
باحث مسؤول خاصة عن البحث الذي أسهم به. وإذا كانت الشخصيات 
والمواضيع ذاتها قد نوقشت أحيانا في أكثر من فصلء فإنما يتأتى ذلك من 
أن لها شأنها في أكثر من مظهر من مظاهر التراث الإسلامي. 

إن عدد المواضيع يع التي يجب أن يتضمنها حساب إسهامات الإسلام 
ضمن الإنجازات الإنسانية هو نظريا عدد لا يحد تقريبا. ولكن كان من 
الضروري من الناحية العمليةء أن يقتصر حجم هذا الكتاب غلى حدود 
سابقه عن أن كل الميادين الأساسية قد خطيت بشكل متوازن . وثمة أيضا 
أمران يحدان من نطاق الكتاب الحالي: : أولهما أنه يقتصر على الإسلام 
السني daža‏ وكان عليه بالضرورة أن يترك جانيا مظاهر الإسلام العالية 
الأصالة فى عديد من المجتمعات الشيعية والإياضية. وثانيهما أنه مقصور 
aè‏ الإسلام «الكلاسيكي» أو «الوسيط». والعصور الوسطى من تاريخ 
الإسلام onu‏ إذا تكلمنا بصورة عامة. حتى عهد الحملة النابليونية على 
مصر أو حوالي سنة ۱800ء وقد يكون من المستحيل أن يتضمن مؤلف له مثل 
هذا المنظور (الواسع) الحركات الحديثة والمعاصرة للاسلام بما فيها من 
أمور ما تزال حية معيشة: وبالتالي غير حاسمة. وعلى كل حال فإن هذا 
التحديد الزمني. لا يمكن. بحسب طبيعة الأشياءء أن ينطبق على الفصل 
الأول. كما أنه قد جرى تجاوزه أحيانا في بعض الفصول "TESI‏ حيثما 
بدا أن موضوع المادة يستدعي ذلك. وإني لمقتئع. مع ذلك بأن فهما عميقا 
للدور الذي لعبه الإسلام في iol‏ هو الأساس الضروري من أجل 


مقدمه 


تقييم صحيح لاتجاهاته الحاضرة. 

إن الوحيد الذي ما زال حيا من أولئك الذين أسهموا في كتاب «تراث 
الإسلام» السابق هو السير هاملتون جب. وقد عرضنا عليه مرة أخرى أن 
يكتب الفصل حول الآدب ولكنه طلب أن يعفى لأسباب صحية. أما باقي 
المسهمين الآخرين في الكتاب فلتكن أسماؤهم هي التي تتحدث عنهم. 


مدخل 


إن تراث الإسلام: كيفما فهمنا هذه الكلمة؛ ليس 
بمتشابه السمات في مختلف ميادينه. سواء من 
حيث طبيعته أو من حيث حدوده الزمنية. ولعله من 
المناسب أن نحاول في هذه المقدمة استقصاء بعض 
الخطوط العريضة الجامعة التي تتخلل مظاهر 
الإسلام كدين وحضارة. فهنالك أولا تفكير العرب 
الذي يتجلى في اللغة العربية» وهو بصورة أساسية 
تفكير قياسي لا تحليلي. ويظهر ذلك في الطريقة 
الإفتائية للشريعة الإسلامية؛ وفي النظرية الذرية 
في علم الكلام» وفي بنية التأليف المعجمي العربي؛ 
وفي محتويات أعمال الأدب؛ وحتى في طبيعة 
الفنون الزخرفية العربية. 

وفي الوقت نفسه هنالك صراع بين قيم المجتمع 
العربي البدوي وقيم الإسلام. هذا الصراع ظاهر 
في القرآن (السورة 9 الآيات 90 و 102-97 و 2120 
السورة 33 الآية 20ء السورة 48 الآيات ١3-١١‏ و 616 
السورة 49 الآيات 0017-14 . 

ولقد شهد النصف الثاني من القرن الأول 
للهجرة (720-670 ميلادي) بعثا للمعتقدات والعادات 
العربية التي لم يستطع علم الكلام الإسلامي 
Theology‏ ولا الشريعة الإسلامية ددامنعناعظ عنسداه1 
(*) يقصد الكاتب الآيات الكريمة من سورة التوبةء والأحزاب» 
والفتح والحجرات. وأوضحها هنا: آية: «الأعراب أشد كفرا ونفاقا 
وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله» (التوبة :97 98) وآية «قالت 
الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان 
في قلوبكم» (الحجرات 14 17). 





تراث الإسلام 


Law‏ التخلص منها بصورة كلية. وبقي البحث عن التوازن بين العنصرين 
سمة مميزة للحياة الفكرية لدى المسلمين مدة طويلة من الزمن. وقد استيدل 
بذلك في العصر الحديث البحث عن التوازن بين قيم القومية (أو أي 
أيديولوجية سياسية أخرى) وقيم الإسلام. ويمكن القول بصورة عامة إن 
المسائل الكبرى التي تواجه المفكرين المسلمين في العصر الحديث. هي 
المسائل نفسها التي واجهتهم في القرنين الأول والثاني للهجرة (القرنين 
السابع والثامن للميلاد). على أن هذا الكتاب معني بصورة أساسية «بالقرون 
الوسطى» الإسلامية التي استمرت بالنسبة للقسم الأكبر من العالم 
الإسلامي. حتى حوالي عام ۱800 والتي تعود إليها معظم مظاهر تراث 
الإسلام. وهناك توترات عديدة ظلت بلا حل طوال تاريخ الإسلام» ومعظمها 
ناجم عن أن المثل الديني الأعلى لا يمكن تحقيقه في العالم كما هو. وأهمها 
ذلك التنازع القائم بين التقوى والاستقامة؛ أو في المصطلح الدقيقء بين 
التصوف والشريعة. ولقد قلت الصوفية ولم أقل علم الكلام لأن الكلام غير 
الدين آو الإيمانء تماما كما أن الاستقامة أو الشريعة الدينية هي غير 
التقوى. ولكن لو نظرنا إلى رجلين من كبار من يمثلون الإسلام حوالي نهاية 
القرن الأول وهما الحسن البصري (توفي عام 728م) وإبراهيم النخعي 
الكوفي (توفي عام 713 أو 715م)ء لوجدنا أن اهتمام الحسن البصري بعلم 
الكلام كان بدافع الدين تماما كما كان الأمر بالنسبة لاهتمام إبراهيم 
النخعي الفقهي المتصل بمسائل الممارسة الدينية. ولقد عمل الإمام مالك 
(بن أنس) المدني (توفي عام 795م) وداود الظاهري (توفي عام 884م) على 
إبقاء روح التقوى (والنسك) حية في الشريعةء كما نها بقيت موجودة فقي 
علم الكلام أيضا حتى القرن التاسع الميلادي» وقام الغزالي ببعثها مرة 
أخرى حوالي عام 100 ام. أما بعد ذلك فقد أصبح كل من الشريعة الإسلامية 
وعلم الكلام الإسلامي يميلان لأن يكونا ضربا من التمارين التقنية. وذلك 
هو نفسه ما حل بالتصوف الإسلامي أيضا في آخر الأمر. وهنالك توتر 
مشابه ناجم عن استحالة تحقيق المثل الإسلامي الأعلى في هذا العالم هو 
التوتر بين النواحي النظرية والعلمية في الشريعة الإسلامية. من حيث 
الاختلاف والتداخل المتبادل بينهما. وهذا التوتر كان مهيمنا على تاريخ 
المؤسسات القانونية للمسلمين خلال فترة العصور الوسطى الإسلامية برمتها 


مدخل 


بل وحتى العصر الحاضرء في بعض البلدان. فقد كان الإسلام منذ بدايته 
دين عمل أكثر منه دين إيمان*'". ولم يكن النصف الأول من إعلان الإيمان 
الإسلامي وهو «لا إله إلا الله. محمد رسول الله» ليشكل أي مشكلة لمعاصري 
محمد (ص) الوثنيين في الجزيرة العربية؛ بل كان أقل من ذلك إشكالا 
بالنسبة لأتباع الأديان اا في الأراضي المحيطة بها حين اعتنقوا دين 
الطبقة الحاكمة بعد الفتح العربي للبلاد . وكانت الشهادة بأن محمدا رسول 
الله تعني من الناحية العملية الطاعة المطلقة للرسول. لهذا نجد القرآن 
مملوءا بأوامر أن: «أطيعوا الله ورسوله» الذي هو وحده المختص بنقل 
أوامر الله. وللسبب نفسه نجد أن الشريعة الإسلامية وليس علم الكلام 
الإسلامي» كان دائما محور العلوم الدينية الإسلامية. فحتى الغزالي وهو 
خير من يمثل التقوى الصوفية في الإسلام: بالرغم من أنه وضع الشريعة 
في مكانها بصورة جازمة كعلم دنيوي وليس كعلم للآخرة. قد ظل يعدها 
علما دينيا وليس دنيويا. وكذلك فإن أنصار الاتجاهات العصرية من رجال 
التشريع الذين يقسون على الشريعة الإسلامية التقليدية برمتها تقريبا 
(باستثناء الفروض الدينية فقط بالمعنى الضيق للكلمة): لا يستطيعون التهرب 
من المبدأ الأساسي القائل إن القانون ليس مؤسسة دنيوية بل يجب أن 
يخضع للدين. ولقد نشر المرحوم الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق. 
الذي كان يعتبر منصبه من كبار الثقات الناطقين باسم الإسلام» ple LES‏ 
9 أعيد طبعه عدة مرات بعنوان «الإسلام عقيدة وشريعة». في هذا 
الكتاب الذي يتألف من 582 صفحة (في الطبعة الثانية) يستغرق شرح 
العقيدة الإسلامية 69 صفحة, أي كُمن الكتاب. في حين أن باقي الكتاب 
(*1) لنلاحظ أن هذا الحكم من الكاتب إنما ينطلق من خلال وجهة النظر المسيحية. وقد كان 
يجب أن يقول «بقدر ما هو» بدلا من «أكثر مما هو». فاستعمال أفعل التفضيل هنا في غير 
موضعه» ويبدو آنه يكتب وفي ذهنه المعنى المسيحي لكلمة دين ويعني العقيدة فقط. وعلى هذا 
المفهوم يقيس القضية في الإسلام الذي يتميز عن العقيدة المسيحية وإلى حد ما عن اليهودية 
بأنه دين ودنيا. على أننا يجب أن نضيف أن القضية الإيمانية لا تقل شأنا في الإسلام عن العمل 
والممارسة. 

وإذا كانت مبادئ الإيمان الإسلامي تتركز في التوحيد وكانت باقي أركان الإسلام إعمالا لهذا 
المبدأ وبناء للمجتمع على شكل معين: فهذا لا يعني أن الدين نفسه يعطي العمل من المكانة أكثر 
مما يعطي الإيمان فليست المسألة مسألة كمية. ومن طبيعة المبادئ العقائدية التركيز والشمول 
ومن طبيعة التطبيق الاجتماعي والحياة العملية التعدد والتفصيل والتنوع. 





تراث الإسلام 


مخصص لمؤسسات الشريعة الإسلامية التقليدية. وهذا يبين إلى أي حد 
يرى هذا الحجة في الإسلام أن الإسلام ليس مجرد دين بالمعنى الغربي 
للكلمة بل هو نمط للمجتمع؛ وإن يكن نمطا مثالياء وهو مثل أعلى بقي بعد 
زوال المجتمع الإسلامي «الأوسطي» في القسم الأكبر من العالم الإسلامي. 
ولم يكن المسلمون وحدهم حملة هذه الحضارة الإسلامية؛ إذ إن المسيحيين 
واليهود أيضا قدموا إسهامات بارزة لهذه الحضارة على المستوى الفكري 
الرفيع. وخصوصا في حقلي الطب والعلوم؛ ولكنهم لم يبقوا محصورين في 
هذه الميادين. وهكذا نجد أن الغزالي الذي أحيا القيم الروحية والدينية في 
الإسلام يبرر الترتيب المنظم لكتابه «إحياء علوم الدين» بأنه على غرار 
الترتيب الذي كان قد وجده في كتاب طبي للطبيب واللاهوتي المسيحي 
ابن بطلان (توفي عام 1066( . وكثيرا ما نجد كتابا برزوا في أكثر من 
ميدان علمي واحد . فلقد كان الطب والعلوم والفلسفة معارف متلازمة 
بعضها مع بعض وكذلك كان علم الكلام والشريعة يشكلان زمرة واحدة, 
ولم يخل الأمر من أشخاص كانوا يجمعون بين جميع هذه الفروع من أمثال 
ابن النفيس (توفي عام 1288م) الذي اكتشف» عن طريق الاستدلال النظريء 
الدورة الدموية الصغرى (بين القلب والرئة) قبل 300 سنة من اكتشاف وليام 
c6 SI 2521 3 5521] William Harvey (a La‏ عن طريق التجربةء ولم يكن 
نادرا وجود الفقهاء الذين كانوا أدباء وشعراء فى الوقت نفسه كما أن بعض 
oa Erst tad‏ القتوسبية كد Attias cae ol) ie wily,‏ 
العديد من الكتاب الموسوعيين الذين طرقوا جميع أبواب العلم في سجلات 
الأدب العربي. وإذا كان يحق لنا تماما أن نتحدث عن الفن والعمارة 
الإسلاميين فإننا نتحدث عن الطب والعلم العربيينء وذلك بالنظر للاسهام 
المهم الذي قدمه الأشخاص غير المسلمين في تلك الميادينء ولأن اللغة 


(*2) النص الوارد لدى الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين) حول هذا التقليد هو أن أحد 
الباعثين اللذين دفعاه إلى ترتيب كتابه على أربعة أرباع هو أنه: «... تلطف بعض من رام استمالة 
قلوب الرؤساء إلى الطب فوضعه على هيئة تقويم النجوم موضوعا في الجداول والرقوم وسماه 
تقويم الصحة؛ ليكون أنسبهم بذلك الجنس جاذبا لهم إلى المطالعة والتلطف إلى العلم الذي يفيد 
حياة الأبد. أهم من التلطف في اجتذابها إلى الطب الذي لا يفيد إلا صحة الجسد» (إحياء علوم 
الدين ج oc l‏ 5(. 

فلينظر النص والاستشهاد به. 


24 





مدخل 


العربية هي العنصر الذي يربط بين أعمالهم وأعمال معاصريهم المسلمين. 
فاللغة العربية هي أيضا اللغة العامة للحضارة الإسلاميةء وهي تعلو على 
الآداب المكتوية باللغات الأخرى للشعوب المسلمةء هذه اللغات التي بقيت 
بالرغم من جمال آثارها وأهميتها ذات تأثير محلي فقط في العالم 
الإسلامي. وهنالك سمة خاصة انتشرت في عالم المعرفة الإسلامية وكانت 
تتعلق بنشوء الشريعة الإسلامية والفقه والأدب. هذه السمة هي التمييز 
الصارم بين الخاصة والعامة. فكان رأي الخاصة هو الذي يؤخذ بعين 
الاعتبار في أي مسألة. أما رأي العامة أو ما يمكن أن ندعوه بالرأي العام 
فكان يهمل تماما . وهذا يفسر الصفة الأرستقراطية و «الحضرية» لمعظم- 
إن لم نقل لكل-الأدب والمعرفةء كما يفسر أيضا التمييز بين اللغة الأدبية 
واللغة العامية أكثر حتى مما يفسره وجود لغة القرآن باعتبارها الوسيلة 
الكاملة للتعبير الأدبي. ولا شك في أن هذه الخاصة المميزة للمعرفة 
الإسلامية هي التي أدت قيما بعد إلى المبالغة في تبجيل العلماء الذين 
يعتبرون الحجة في جميع فروع المعرفة. كما أدت إلى فكرة وجود كمية 
محددة من الأشياء التي يمكن معرفتهاء وهو الأمر الذي نجم عنه تحجر 
يكاد يكون كاملا في المعرفة الإسلامية التقليدية. وهذا يفسر مثلا أن 
الاكتشاف المهم للدورة الدموية الصغرى من قبل ابن النفيس لم يؤثر في 
معاصريه فيمن جاءوا بعدهء وأن الأفكار الآصيلة التي جاء بها ابن خلدون 
نالت من المديح لفصاحة لغتها أكثر مما نالته بسبب محتواها. ويبقى أن 
نتتبع. كخلفية للفصول التالية؛ الفترات الكبرى في تطور الإسلام. فقد 
سار هذا التطور وفق سلسلة عجيبة من التقدم والتأخر مع وجود بعض 
التباين البارز في تقدم العناصر المتعددة التي تكون الحضارة الإسلامية. 
وكما رأينا لقد أدت حياة الرسول إلى بروز التنازع بين القيم العربية القديمة 
والقيم الإسلامية الحديثة. وكان عهد الخلفاء الراشدين (661-632م) يمثل 
مرحلة مضطربة كانت نهايتها الحرب الأهلية الأولى والانقسام السياسي 
الكبير الذي قسم الإسلام حتى يومنا هذا إلى سنيين» وهم الأكثريةء وإلى 
شيعةء ثم خوارج» وهؤلاء الأخيرون لا يشكل فرعهم الباقي الوحيد. وهو 
الإباضية. سوى أقلية ضئيلة فقط. وتبع الخلافة الراشدة حكمٌ الأمويين 
(750-660) الذي كان يمثل من عدة وجوه ذروة الاتجاهات الكامنة في طبيعة 


تراث الإسلام 


جماعة المسلمين أيام حكم الرسول. وفي العهد الأموي برزت بدايات الفكر 
الكلامي الإسلامي؛ وبعد ذلك بقليل برزت الشريعة الإسلامية. إن هذا لا 
يتعارض في الواقع مع تفوق العمل على الإيمان في بنية الإسلام: كما ذكرنا 
سابقاء لآن المشاكل الكلامية الآولى لم تكن سوى مشاكل متعلقة بالاختيار 
السياسي. على أن القرن الأول للإسلام شهد أيضا انتكاسات نحو الروح 
الوثنية العريية. ومن الأمثلة على ذلك العقائد الجبرية المتطرفة: وإثارة 
النعرات القبلية في الزواج والعلاقات الاجتماعية الأخرى. وقد أطاح 
العباسيون بالأمويين وجعلوا الشريعة الإسلامية المعيار الشرعي الوحيد 
للدولة. وذلك مبالغة منهم. على نحو ماء في معارضة الأسرة التي حلوا 
مكانهاء وشملوا برعايتهم الإيجابية مدرسة كلامية خاصة هي المعتزلة 
الذين تبنوا الدعاية العباسية السياسية . وكان النصف الثاني مخ القرن 


(*3) هذه المقولات غير صحيحة تاريخيا. فإن العباسيين الذين بدأت دعوتهم على أساس شيعي 
وجمعوا حولهم من يدينون لآل محمد بالولاء ما لبثوا حين وصلوا إلى الحكم واصطدموا بطموح 
أبناء عمهم العلويين إليه أن تبنوا النظرية الأموية ذاتها في الخلافة وهي الحكم باسم السنة 
والجماعة. مضيفين إلى النظرية أمرا سياسيا هو حق العم (العباس) حسب الشرع الإسلامي 
بإرث النبي بعد وفاته دون ابن العم (علي) مما ينفي «حق» العلويين في الخلافة. 

آنى يكون وليس ذاك بكائن لبني العموم وراثة الأعمام؟ 

ومن ناحية أخرى فإن الحكم العباسي لم يكن في الواقع. أكثر رعاية لكتاب الله وسنة نبيه من 
الحكم الأموي؛ والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى برغم محاولة الخلفاء العباسيين التدثر 
برداء الدين والتظاهر برعايتهء والتقرب من الفقهاء واصطناعهم. 

ومن ناحية ثالثة فقد حاول المستشرق نيبرك أن يجد نوعا من العلاقة بين العباسيين ومذهب 
الاعتزال ‏ وهو الرأي الذي يتبناه هنا الدكتور شاخت صاحب هذه المقدمة ‏ وأن يجعله الفكر 
الديني والوجه العقائدي للعباسيين . غير أن هذا الرأي لا يقوم على أي سند تاريخي. وقد يكون 
الفكر الاعتزالي الذي نشا في نهاية العهد الأموي (توفي واصل بن عطاء صاحب الاعتزال الأول 
سنة 31اه. وقامت دولة بني العباس سنة 132) رافضا للحكم الأمويء والدلائل على ذلك كثيرة, 
له طهر سياسيافي الفرقة الزيدية التي تبنت معظم الأفكار الامتزالية. ولي في والعباسية». 
واشتراك المعتزلة والعباسيين في النقمة على الأمويين لا يعني أن الطرفين كانا متفقين وأن 
الاعتزال كان مدرسة الفقه العباسي. لقد كان المنصور أحد الدافعين لأن يضع الإمام مالك 
atl Serial pe sal‏ النبوية»::والرشيد URS Led SI‏ هو انو يوست تلفي أن 
حنيفة الأول ثم الشيباني تلميذ أبي يوسف. وهما قطبا المذهب الحنفي بعد صاحبه. أما قصة 
الاعتزال في آخر عهد المأمون بعد سنة 215 حتى AL A335‏ 22218( وبعد ذلك زمن المعتصم 
والوائق: فهي قصة أخرى سياسية سببها محاولة المامون شق طريق خاص بين سند البيت 
العياسي الذي كان يرفهن الماموق :وبين تشيع العلوبين الذي رفضوه بدورهم بع 4153 gal‏ 
«عليا» الرضا . وعلى أي حال فإن اتفاق الحكم العباسي مع الاعتزال لم يدم أكثر من 17 سنة من 
أصل عصرهم الطويل الذي امتد 524 سنة. 


26 





مدخل 


الأول للاسلام (720-670م) قد شهد بداية التأثيرات الإيرانية والهلينستية. 

ووصلت هذه العملية إلى ذروتها في القرن الثاني. وبرزت آثارها أول 
الآمر في مضمار الشريعةء وبعد بضعة عقود ظهرت كتابة أدبية نثرية 
das IS sa‏ الإسلامية؛ مع الحاجات الفكرية والروحية لمجتمع حضري 
جديد . وأخيرا تظهر مفاهيم من الفلسفة الهلينستية الشائعة في علم الكلام 
الإسلامي. وفي القرن الثاني للاسلام أخذت علوم الشريعة والكلام والأدب 
تتحو كل في اتجاهها الخاصء وإن تكن هذه الاتجاهات في أعماقها متوازية. 

على أن هذه ليست نهاية القصة؛ لأننا نجد في علم الكلام أيضا ظهور 
الحركة المقابلة تماماء حركة السلفيين (أو المحافظين المتطرفين) وهي الحركة 
التي رجحت كفتها كرد فعل على تطرفات المعتزلة. وإن كان ذلك لم يلغ 
البحث عن طرق للتوفيق بين العقل والإيمان» وتلك مسألة أخرى من المسائل 
التي تثير توترا دائما في الإسلام. ولقد دعم رد الفعل هذاء التدخل الكبير 
الثاني في مجال الفكر الديني من قبل الحكومةء لكن الشريعة الإسلامية 
جنبت كليهما. وقد وصل الفقه الإسلامي إلى ذروة تطوره حوالي عام 800 
للميلاد وشهد القرن التالي استنباط التفاصيل وفي أوائل القرن العاشر 
شعر العلماء من مختلف المدارس*)ء أنهم وصلوا إلى نقطة تم فيها بحث 
جميع المسائل الأساسية وتم البت فيها بصورة نهائية؛ وهذا ما يسمى 
«بإقفال باب الاجتهاد» الذي نجم عنه وجوب اتباع التقاة المعترف بهم في 
كل مدرسة. وكان ذلك بداية فترة طويلة من التحجر العقائدي أو ما يقاربهء 
استمرت حتى القرن الحاضر حين تولى الأمر المشرعون المحدثون. على أن 
ذلك لم يكن السببء بل أحد الأعراض الدالة على حالة عقلية نجمت عن 
الخوف من التفكك العقائدي. وكان لهذا الخوف ما يبرره في وقت كان فيه 
الإسلام السني في حالة من الخطر الذي يتهدده من قبل الحركة الشيعية 
المتطرفة للاسماعيليين ودعايتهم السرية. 

ها هنا أيضا نجد فاصلا زمنيا بين علم الكلام والشريعة الإسلامية OM‏ 
المذاهب الكبرى لعلم الكلام الإسلامي الكلاسيكي لم تتم صياغتها إلا في 
بداية القرن العاشر. وحتى في ذلك الحين لم يسمح علم الكلام بالاعتماد 


)4%( يستعمل الكاتب كلمة المدارس لما ندعوه «بالمذاهب». وقد احترمنا الكلمة اتباعا للترجمة 


الأمينة. 


27 





تراث الإسلام 


على عقيدة أحد التقاة المعترف بهم كأساس كاف للايمان: بل كان يصر 
على القناعة الشخصية. ولكن الأهم من كل هذا هو أنه منذ أوائل القرن 
الحادي عشر فصاعدا نلاحظ ذلك الركود العام في الحياة الفكرية للمسلمين 
الذي ذكرته سابقاء وكان ذلك ينطبق أيضا على الحياة الأدبية بحيث إنه لا 
جدوى من أن نبحث عن أي سبب محدد لذلك في أي من فروع العلوم 
الدينية. ولم يخل الأمر بالطبع من بعض الكتاب والشعراء المتميزين» غير 
أن الإبداع كان معدوماء وكانت النماذج الكلاسيكية الكبيرة تقلد المرة تلو 
المرةء ولم تكن أحكام القيم السائدة توضع موضع التساؤل. 

وجاءت نقطة تحول أخرى لا بالنسبة لعلم الكلام فقطء بل بالنسبة 
للشريعة الإسلامية والآدب العربي عام 517ام: وذلك عند احتلال العثمانيين 
لمصرء الآأمر الذي جعل القسطنطينية أو إستامبول المركز الجديد للقسم 
الشرقي المركزي من العالم الإسلامي» ونتج عن ذلك إحياء جديد في هذين 
المضمارين. لكن هذا أيضا انتهى بصورة تدريجية إلى أن حدثت بداية 
جديدة في الأدب العربي خلال القرن الماضيء وفي الشريعة الإسلامية عن 
طريق التشريع الحديث منذ العقد الثاني من القرن الحالي فصاعدا. على 
أن هذه التطورات تقع خارج نطاق هذا الْمؤلّفء ولم يتناول هذا الإحياء علم 
الكلام الإسلامي حتى الآن. 


الصورة الغربيسسه 
والدراسات الغرببه 
الإسلامبهة 


| - العصور الو سطى: الصراع بين عامين: 

كان المسلمون يشكلون تهديدا للعالم المسيحي 
الغربي قبل أن يصبحوا مشكلة بزمن طويل. فقد 
حدث (في نظر الأوروبيين في مطالع العصور 
الوسطى) تحول في القوى في الأقسام البعيدة من 
الشرق؛ وقام شعب On Sha‏ (هم العرب أو 
السراسنة)”" عرف بالسلب والنهب-وهو علاوة 
على ذلك شعب غير مسيحي-فاجتاح وخرب أراضي 
واسعة؛. وانتزعها من قبضة المسيحية (من أجل 
مناقفة مفصلة للتواحى السياسية والعسكرية لهذة 
الأحدات التاريكية انظر daaa‏ الرابع). ولقد 
وصلت الكارثة أخيرا إلى إسبانيا والشواطىيٌ 
الإيطالية وبلاد الغالء وكانت موجة البرابرة الغزاة 
ذاتها هي دائما المسؤولة. وعندما قام بيد المبجل*2) 
(Venerable Bede)‏ بمراجعة التاريخ الكنسي للانجليز 
قبيل وفاته عام 735م لخص الأحداث الأخيرة بهذه 
الكلمات: «في ذلك الوقت قام الوباء الموجع المتمثل 


20 


تراث الإسلام 


بالسراسنة (المسلمين) بتخريب مملكة بلاد الغال بعد مجازر أليمة وبائسة. 
لكنهم سرعان ما لقوا عقابهم الذي يستحقونه على غدرهم7". 

يبدو أنه لم تطرح إلا أسئلة قليلة عن هذا الشعبء؛ فهم في أعين البلاد 
المسيحية في الغرب عبارة عن مجرد كارثة. مثلهم كمثل الشعوب البربرية 
الأخرى. ولم يكن للحملات التي كانت تتراوح بين النجاح والفشل والتي 
كانت تشن على حدود إسبانياء بما فيها حتى التحالفات مع الأمويين المنشقين 
الذين كانوا يأتون أحيانا إلى اكس لا شابل طلبا للمساعدة: كما لم يكن 
للقتال ضد الغزاة في بلاد الغال وضد القراصنة في سواحل بروفانس 
وكورسيكا وسردينيا وإيطالياء ولعمليات أخرى من مثل نزول بونيفاس لوكا 
في تونس الأغالبة عام 828م: كل هذه الأمور لم يكن لها تأثير يذكر في 
موقف الفرنجة الأساسي. لقد كان المسيحيون قد سمعوا بالسراسنة (العرب) 
قبل الإسلام بزمن high‏ وعندما غير السراسنة دينهم لم يكد أحد يلحظ 
ذلك في بادئ الأمر. فمثلا يذكر تاريخ للعالم يعود إلى القرن الرابع أن 
السراسنة كانوا يحصلون «بقوة القوس والنهب على ما يحتاجون إليه في 
الحياة». ولم يكن هنالك أي حاجة للمزيد من المعلومات عنهم. فكان 
الباحثون وحدهم هم الذين يتجادلون حول اسمهم المشتق من سارهء زوجة 
إبراهيم» برغم أنهم من سلالة هاجرء كما يدل على ذلك اسمهم الثاني 
wAgareni>‏ وهاجر هي الأم التي طردت إلى الصحراء مع ابنها إسماعيل. 
هذا التضارب كان مشكلة... 


المسيحيون في إسبانيا المغربية المعروفون باسم (المستعربين) «The M0za1as‏ 
ذلك أن سيطرة المسلمين السياسية التي كانوا يعيشون في ظلها أطلقت 
العنان لمؤثرات ثقافية عربية أضرت بالدين المسيحيء لذا فقد كان لابد لهم 
من أن يكوّنوا صورة أوضح. وإن لم تكن أكثر دقة» عن أسيادهم وعن أفكار 
أسيادهم. وكما هو الحال في جميع الأراضي الخاضعة للاحتلال في الشرق, 
ققد انتشرت أساطير مشوهة ومهيئة بين عامة الشعب من السيحيين 
aula‏ كخالطها يعقن الاتطياعات الصرصيصة الناشكة فح الاقصيالات 
TR‏ ركا كان مرق الداضين السيحيين الشرقيين بقل 
يوحنا التمشفيء كان هدف العلماء قى لفرت أن قروا تاي السلا 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


لكي يقاوموا ما يمكن أن يكون له من تأثير. لكن الحماسة العدائية التي 
أظهرها أمثال أبولوجيوس والفاروس وأتباعهما في الفترة القصيرة الممتدة 
بين عام 850 وعام 859م: ومحاولاتهم غير play nust‏ طبقة الكهنوت 
المسيحية وعامة الشعب المسيحي (بالمقاومة) وتعطشهم للاستشهاد. كل 
هذا حال دون بذل الجهد الفكري اللازم لمعرفة خصومهم وفهمهم . 

وفي القرن الحادي عشر أصبحت صورة العالم الإسلامي أكثر دقة. 
ويعود ذلك لأسباب واضحة إلى حد ما. فقد كان النورمنديون والهنغاريون 
وبعض السلافيين قد اعتنقوا الديانة المسيحية. وبقي العالم الإسلامي هو 
العدو الرئيسي. ولم تعد المعارك التي شنت ضده في إسبانيا وجنوب إيطاليا 
وصقلية معارك دفاعية محضة. فقد أخذ التقدم المسيحي» برغم بطئه 
وعدم ثباته؛ يؤدي إلى المزيد من العلاقات السياسية وحتى الثقافية مع 
الشعوب المغلوبة. فلقد انقضت أيام الحروب المحلية: كانت أوروبا كلها 
تتحرك لتقاتل جنبا إلى جنب مع الإسبان لاستعادة الأراضي المحتلة 
P" Reconquista)‏ وكان لابد للوحدة المسيحية التي أشاد بها الباباوات من 
أن تدعم عن طريق المشاريع الضخمة التي كانت تجري بانتظام تحت 
الإشراف البابوي-فأي واجب مشترك يمكن أن يكون أكثر حفزا من استرداد 
الأراضي Ql sb Ols 13] «Reconquista»‏ نشره في جميع أنحاء عالم البحر 
الأبيض المتوسط. وهو عالم كانت المدن التجارية الإيطالية تعمل فيه بنجاح 
متزايد في الحقل الاقتصادي؟ 

لقد برزت صورة الإسلام؛ ليس كما قال البعض بنتيجة الحروب الصليبية 
بقدر ما برزت نتيجة الوحدة الأيديولوجية التي تكونت ببطء في العالم 
المسيحي اللاتيني» وقد أدت هذه الوحدة إلى رؤية أوضح لمعالم العدوء كما 
أدت إلى تضافر الجهود نحو الحروب الصليبية. وفي القرن الحادي عشرء 
وبنتيجة زيارات الحجاج المتزايدة في العدد وفي التنظيم للأرض المقدسة 
(في فلسطين) والتي كانت قد تحولت إلى هجمات مسلحة ضد «البدو 
أصحاب السلب والنهب» توطد (لدى الأوروبيين) المثل (الذي يمكن أن 
يحتذى) للدخول إلى الأرض المقدسة. كما أن القيمة الأخروية للقدس» 
وللقبر المقدس الذي دنسه وجود الكفارء والقيمة التطهيرية للحج؛ والفكرة 
القائلة بأنه من الواجب تقديم العون للمسيحيين الشرقيين الذين أذلواء 


تراث الإسلام 


كانت كلها من الأمور التي أدت إلى جعل الحملة على الأرض المقدسة واجبا 
مقدسا يوضع نصب أعين المؤمنين. 
وهكذا بعد أن أصبح القتال أكثر تركيزا وتوجيها كان لابد من إعطاء 
العدو صفات أوضح وأدقء وكان لابد من تبسيط صورته وإعطائها طابعا 
نمطيا. كان «السراسنة» بالنسبة للحجاج مجرد أعداد زائدة لا وجود لها 
ومجرد كفار تافهين» حكام بحكم الأمر الواقع يتحرك المرء بينهم بلا 
مبالاة. ولا تزال قصة «حج شارلمان» الخرافية الهجائية التي ألفت بين 
القرن الحادي عشر أو أوائل الثاني عشر تظهر الإمبراطور متجولا في 
القدس دون أن يحتك بسكانها . إلا أن «أنشودة رولاند» التي تعود إلى الفترة 
نفسها والتي تشبه المؤلّف السابق من حيث الروح الخرافية. تكشف عن 
إسلام قوي وغني يهب حكامه لمساعدة بعضهم بعضاء وإن يكن ذلك يحدث 
بالاستعانة بجماعاتهم الوثنية من المرتزقة بين نوبيين وسلاف وأرمن وزنوج 
Avars Laig‏ وبروسيين وهون وهنغاريين ( 3220 50د1[ه8 .), لكنه على كل 
حال إسلام متحد في عبادة محمد و ترفاغانت ‘Tervagant)‏ )4( وأبولو. 
وانطلق روجر دي هوتفيل (Roger de Hauteville)‏ (النورمندي) لاستعادة 
صقلية عام 1060 : ودخل الفونسو السادس طليطلة عام ۱085ء ودخل غوفري 
دي :5535( (Geoffroy de Bouillon)‏ القدس عام 9 . وقد أدى فتح هذه 
الجبهات الثلاث إلى اتصال وثيق مع المسلمين. فأخذت صورة الإسلام 
تتشكل وتصبح بالتدريج أكثر وضوحا ودقة. على أنه كان لابد لهذه الصورة 
أن تتأثر لعدة قرون بتشويهات المنافسة الأيديولوجية التي لابد منها. 
وفي الواقع لم تكن لدى أوروبا المسيحية صورة واحدة عن العالم المعادي 
الذي كانت في صدام معه؛ بل كانت لديها عدة صور. فحتى ذلك الحين كان 
العلماء قد عالجوا بصورة رئيسية المفاهيم الأوروبية للدين الإسلاميء أما 
الآن فقد انتصب أمامهم العالم الإسلامي برمته. فكان ذلك حيرة وصدمة 
لهم. ويمكن أن نميز بصورة تقريبية ثلاث نواح لرد فعلهم إزاءه. فقد كان 
العالم الإسلامي قبل كل شيء بنية سياسية-أيديولوجية عدائية. لكنه كان 
أيضا حضارة مختلفة؛ وإقليما اقتصاديا غريبا . هذه النواحي المختلفة كثيرا 
ما أثارت اهتماما متفاوتا وردود فعل مختلفة. حتى لدى ذات الناس أنفسهم. 
كانت الانقسامات السياسية للمسلمين معروفة: وكثيرا ما كانت هذه 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


المعرفة مستقاة بصورة مباشرة. ولكن كان هنالك إدراك أنه يوجد وراء هذه 
الانقسامات تضامن أساسيء وأن الوحدة يمكن أن تعود في أي وقت ضد 
العالم المسبيحيء وأن هنالك مواقف وعقيدة مشتركة تشكل لب هذه الأخوة. 
كانت الدول الإسلامية تشكل مجموعة معقدة من القوى المعادية»: وكثيرا ما 
كان يمكن الاستفادة سياسيا من المنافسات القائمة بينهاء فقد كان من 
الممكن إقامة تحالف مع إحداهاء وكان باستطاعة المسيحيين في بعض 
الأوقات الدخول في خدمة الحكام المسلمين؛ كما هو مذكور في «أغنية 
رولاند»» حيث كان شارمان الصغير يخدم بإخلاص «Ls CP) Galatre ali‏ 
طليطلة المسلم ويتزوج ابنته (التي تتحول إلى الدين المسيحي طبعا). مثل 
هذه الأمور كثيرا ما كانت تحدث في إسبانيا وفي الشرقء على أن العداء 
ظل كامنا وقابلا للتجديد دائما. 

لابد أنه كان لدى رجال الدولة وموظفيهم ومخبريهم وجواسيسهم صورة 
عن العالم الإسلامي لا نعرف عنها إلا القليل. ولابد أن هذه الصورة كانت 
أدق من تلك التي كونها المجادلون الدينيون وعامة الشعب. ولابد أن أقرب 
جيرانهم» وهم أسياد الأرض المقدسة: قد عرفوا أشياء كثيرة عن الانقسامات 
الداخلية للدول الإسلامية. لكن كنوز المعرفة تلك التي حصل عليها رجال 
الدولة والجنود المسيحيون في الشرق بقيت محصورة ضمن دائرتهم . وكانت 
القنصليات الغربية ترجع إليها فقط من أجل الحد الآدنى من حاجات 
سياستها الشرقية. فلم يكن هنالك طلب في الغرب لعرض مفصل لتاريخ 
الإسلام السياسيء كما أنه لم يكن يوجد أي اهتمام كبير بالمنازعات السياسية 
بين «الكفار». ولكن من جهة أخرى فقد أوجدت الحروب الصليبية حاجة 
كبيرة وملحة للحصول على صورة كاملة ومسلية ومرضية لأيديولوجية 
الخصوم. وكان رجل الشارع يرغب في صورة تبين الصفة الكريهة للاسلام 
عن طريق تمثيله بشكله الفج على أن تكون في الوقت نفسه مرسومة بشكل 
يرضي الذوق الأدبي الميال إلى كل ما هو غريب» وهو ميل يشكل سمة بارزة 
في جميع الأعمال في ذلك الوقت. كان الشخص العادي يريد صورة لأبرز 
السمات الغريبة التي أدهشت الصليبيين في تعاملهم مع المسلمين. 

وهكذا حدث أن الكتاب اللاتينيين الذين أخذوا بين عام ١١00‏ وعام 
0 على عاتقهم إشباع هذه الحاجة لدى الإنسان العامي؛ أخذوا يوجهون 


تراث الإسلام 


اهتمامهم نحو حياة محمد دون أي اعتبار للدقة؛ فأطلقوا العنان «لجهل 
الخيال المنتصر» كما جاء في كلمات oLa R.W.Southern gä gles -g -y‏ 
محمد (في عرفهم) ساحرا هدم الكنيسة في أفريقيا وفي الشرق عن 
طريق السحر والخديعة وضمن نجاحه بأن أباح الاتصالات الجنسية. 
واستعملت أساطير من الفولكلور العالمي ومن الأدب الكلاسيكي ومن القصص 
البيزنطية عن الإسلام وحتى من المصادر الإسلامية (بعد تشويه باطل من 
قبل المسيحيين الشرقيين): كل هذه الأشياء استخدمت لتزيين الصورة. 
يحدثنا ساوثرن أن غيلبرت دونوجنت apel Guilbert de Nogent‏ بأنه لا 
يوجة لديه مضادر مكتونة. وأشار فقط إلى آزاء العامة وآنه لا يوجد الديه 
أي وسيلة للتمييز بين الخطأ والصواب. ثم قال في الختام بسذاجة تكشف 
عن الأساس الحقيقي لكل نقد الأيديولوجيين «لا جُناح على الإنسان إذا 
ذكر بالسوء من يفوق خبثه كل سوء يمكن أن ce M assunto‏ 

وكما هو الحال دائما فإن الرؤية التي ترسمها الأعمال التي تخاطب 
عامة الناس لابد أنها قد أسهمت فى تكوين الصورة التى حفظتها الأجيال 
اللاحقة. أكثر من الرؤية التي تبينها الأغمالؤذاف السيظة الحدية والعلمية, 
ولقد قدر لهذه الصورة أن تزداد زخرفا فى الكثير من الأعمال الأدبية. فقد 
اختلطت الروايات المحضة التي كان نکیا الوحيد إثارة اهتمام القارئ 
على نسب متفاوتة. بالعرض المشوه للعقيدة التي ألهبت حقد العدو ووصلت 
ao DUI‏ إلى أعلى ذرى الايتكارات السيالية قفد اكيم السلمون بعيادة Ligh‏ 
وهم الذين اتهموا المسيحيين بتعدد الآلهة والشرك. كان (في عرف تلك 
الملاحم) محمد هو صنمهم الرئيسيء وكان معظم الشعراء الجوالة يعتبرونه 
كبير آلهة السراسنة. وكانت تماثيله «حسب أقوالهم» تصنع من مواد غنية 
وذات أحجام هائلة. وكان يرافقه أعداد متفاوتة من المريدين يصل عددهم 
إلى 700 لدى كاتب ألماني في القرن الثالث عشر وهو در Dar jS Là‏ 
0" . قد يرأس هؤلاء المريدين أحياناء وريما حسب النمط المسيحي» 
ثالوث ينضم فيه ترفاغانت tore col! algi g (Tervagant)‏ ليعبدوا في الكنيس 
اليهودي (وبذا يجعلون الإسلام أقرب إلى الدين اليهودي غير المقبول لديهم 
(Leni‏ أو في ما يسمونه 310006165 بالمحمديات (ويقصدون الجوامع)© . 

ولا يلقى المرء موقفا موضوعيا إلا في مجال مختلف تماما لا يمت إلى 


34 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


الدين الإاسلامي إلا بصلة Boyes‏ وأعني العلم بأوسع معانيه. فمنذ بداية 
القرن العاشر كان بعض الجماعات من الرجال قد حاولوا زيادة ذخيرة 
المعرفة النظرية عن العالم والإنسان: تلك المعرفة الموجودة في الكتب اللاتينية 
القليلة التي أمكن إنقاذها من حطام iita disant a sed‏ الناس في 
هذه الجماعات القليلة قد علموا أنه كان لدى المسلمين ترجمات عربية 
للأعمال الأساسية للعالم القديم: وأنهم كانوا على اطلاع على مؤلفات 
كاملة في العلوم التي كانت تعتبر أساسية. 

وهكذا ظهرت الترجمات اللاتينية لهذه الأعمال تدريجياء وانتشرت 
ثروة العرب العلمية. بحيث وصلت إلى إنجلترا واللورين وساليرنو وخصوصا 
إلى أسبانيا حيث كان الاتصال يجري بسهولة أكثر. ثم أخذت أعمال الترجمة 
تنمو وأصبحت أكثر تنظيما في ذلك البلد بعد سقوط مدينة طليطلة العظيمة: 
وهي أحد مراكز النشاط الفكري هناك عام 1085 . وبالطبع لم يجر 
البحث في المخطوطات العربية عن صورة الإسلام أو العالم الإسلامي؛ بل 
عن المعرفة الموضوعية للطبيعة. ومع ذلك كان لابد من أن تتوافر بعض 
المعلومات عن المسلمين أصحاب هذه المعرفةء وكذلك توطدت الصلات مع 
المترجمين الذين استفيد من خدماتهم وكانوا من «المستعربين» أو اليهودء أو 
في بعض الأحيان من المسلمين ممن لديهم معرفة واسعة ومباشرة بالعالم 
الإسلاميء 

كان لابد أن تنتشر من خلال هذا الطريق معرفة أكثر دقة عن هذا 
العالم» وها هنا يجب أن نجد التفسير لما ورد في النصف الأول من القرن 
الثالث عشر من ملاحظات تبرز بدقتها الموضوعيةء وسط ذلك السيل من 
كتابات التسلية الخيالية. ونجد البرهان على ذلك في «بدرو دي ألفونسو 
0 مل ل۴» وهو يهودي إسباني جرى تعميده عام 1106 وأصبح طبيبا 
لهنري الأول ملك إنجلترا. فقد قام بترجمة كتب عن الفلك كما كتب أول 
كتاب يحتوي على معلومات لها بعض القيمة الموضوعية عن محمد والإسلام. 

ويلتقي تيار الاهتمام الفكري هذا بالإرث العلمي الإسلاميء مع تيار 
حب الاستطلاع عن الإسلام: الذي ساد على المستوى الشعبيء يلتقي التياران 
في ذلك الجهد المرموق الذي قام به بطرس الموقر Peter the Venerable‏ 
رئيس رهبان كلوني (بوس7)0*؟) )١156-1094(‏ تقريباء من أجل الحصول على 


تراث الإسلام 


معرفة علمية موضوعية عن الدين الإسلامي ونقل هذه المعرفة (لأوروبا). 
ويمكن أن نتبين عدة أسباب لهذا المشروع الذي يدعو إلى الدهشة. فقد 
كانت من بين أسباب تلك المعرفة التي اكتسبهاء بصورة غير مباشرة على 
الأقل» خاذل ؤياراته لأديرة زهينته Libani! ga dalaf oi‏ الإسللامية 
وعن نشاط التراجمة. ومنها أيضا اهتمامه بمحارية الهرطقات (حسب 
رأيه) المتمثلة باليهودية والإسلام. عن طريق الحجج الفكرية السليمة؛ وإن 
يكن ذلك بجدية ومحبة إزاء الأفراد «الضالين» بما ينسجم مع شخصية 
رئيس رهبان كلوني» وكما أظهر هو نفسه في عدة مناسبات آخرى» ولقد 
كان كذلك مدركا بعمق للأخطار التي كانت تواجهها الكنيسة في عصر 
تميز بالاضطراب الفكري والانشقاق. لذلك فقد رغب أن يسلح الكنيسة 
ضد هذه الأخطار منطلقا من اعتقاده الشخصي ومن كونه رئيسا لرهبنة 
مكرسة لهذا الهدف. وبسبب من طبيعته الشخصية وريما أيضا بسبب من 
الضوء الخافت الذي انبعث من الاتجاهات الفكرية الجديدة التي كانت لا 
تزال محدودة النطاق؛ فقد أراد أن تكون أسلحة الكنيسة قوية؛ لكنه لم يكن 
يريد أن تتصدع المحبة الواجبة على كل مسيحي مثالي نحو جميع الناس 
الطيبين. ولعله كان مدفوعا بصورة لاشعورية بفضول متجرد كان يخجل 
منه فكان يخفيه حتى عن نفسه. 

كان بطرس يعلم أن مبادرته لن تفهم كما يجب وكان من شأن الطريقة 
التي قوبلت بها خصوصا من قبل صديقه وخصمه في بعض الأحيانء 
برنارد دي Gl «B. of Clairvaux» 93 lS‏ تؤكد وجهة نظره» ففي تبریره نراه 
يستعمل الحجج نفسها التي كانت تستعمل دائما ضد هجمات «المناضلين 
المكافحين» من قبل المنظرين الفكريين الذين يترفعون: أو يبدو أنهم يترفعون. 
عن النزاع المعاصرء أو على BY‏ ينظرون إليه بشيء من التجرد : 

«إذا كان عملي يبدو عديم الفائدة لأن العدو يبقى منيعا ضد مثل هذه 
الأسلحة, فإني أجيب أنه في بلاد ملك عظيم تكون بعض الأشياء من أجل 
الحماية وأخرى للزينةء وأخرى أيضا للفرضين معا. لقد صنع سليمان 
المسالم أسلحة للحماية لم يكن هناك حاجة إليها في أيامه. وقام داود 
بإعداد الزينة للمعبد» وإن كان استعمالها متعذرا في أيامه... وهذا العمل 
كما أراه. لا يمكن أن يقال إنه عديم الفائدة. فإذا تعذر هداية المسلمين 


36 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


الضالين بهء فإن العلماء الذين يغارون على العدالة يجب ألا يفوتهم تحذير 
آولئك الضعفاء من أفراد الكنيسة الذين يروعون أن يثأروا عن غير ما 
قصد بالقضايا التافهة . 

لذا نجد أن بطرس الموقر قد شكل في إسبانيا جماعة من التراجمة 
يعملون كفريق واحد. ails‏ روبرت أوف كيتون «صمناء؟] «R. of‏ الإنجليزي 
ترجمته للقرآن عام 1143. وترجم الفريق مسلسلة من النصوص العربية 
وأعدوا مجموعات خاصة بهم تعرف باسم مجموعة كلونيك وتحتوي على 
مؤلف لبطرس الموقر نفسه. ولقد لقيت المجموعة رواجا واسعا نوعا ماء 
ولكنها لم تستخدم إلى الحد الذي كان يمكن أن تستخدم به: وإنما افتصرت 
الاستفادة منها على تلك الأجزاء التي كان لها فائدة مباشرة وفورية في 
«ol Lil‏ فكان يستشهد بها دون تعليق. ومن سوء الحظ أن المادة التي 
تضمنتها المجموعة لم تستخدم كأساس لمزيد من الدراسة المتعمقة للاإسلام: 
إذ لم يكن أحد مهتما بمثل هذه الدراسة. فلم يظهر أن لها فائدة في 
الصراعات الجارية. خصوصا أن الجدل الديني كان يستهدف مسلمين 
خرافيين كانوا يبادون بسهولة على الورق. وفي الواقع يبدو أن الهدف إنما 
كان تزويد المسيحيين بحجج سليمة لتثبيت إيمانهم. ثم إن الحالة العقلية 
للغرب اللاتيني لم تكن مشجعة على الاهتمام بمذاهب دينية في حد ذاتهاء 
كتلك التى كانت موجودة فى الشرق الإسلامى. 

isa os‏ خي الت هة ella sae‏ من الاهتمام واكتشف 
اللاتين فيه صورة أخرى للإسلام. صورة كانت مغايرة إلى حد بارز لمفاهيمهم 
الدينية المتحيزة؛ هذا المجال هو الفلسفة. في أول الأمر لم يكن هنالك 
تمييز واضح بين الفلسفة والعلوم الطبيعية. ولقد كانت كتب العلوم الطبيعية 
المعتمدة بحاجة لأن تكمل بمؤلفات متعلقة بما يمكن أن نسميه الآن بمناهج 
البحث العلمي» أي مؤلفات في المنطق ونظرية الإنسان والكون وكان الكتاب 
الموسوعيون أنفسهم قد عالجوا هذه المواضيع الأخيرة. خصوصا أرسطو 
ثم ابن سينا. ولم يتعرف الغرب اللاتيني على أرسطو إلا بصورة تدريجية. 
ضفي القرن الثاني عشر كان مؤّلفه المختصر «المقولات» caUS $ (Categories)‏ 
cys C8920 «L’ Interpretation «3 yLial!»‏ خلال ترجمات لاتينية قديمة؛ al‏ 
بها بويثيوس (وناذ/806): في حين أن بقية أعمال أرسطو أخذت تعرف 


37 


تراث الإسلام 


ببطء» ولكن من قبل عدد محدود جدا من الناس» ومن خلال ترجمات 
جديدة عن الأصل اليوناني مباشرة. فقد ذهب جيرارد دي کريمونا Gerard)‏ 
8ع 01) ١١87-11١14(‏ تقريبا) إلى طليطلة بيحثا عن ترجمات عربية 
للنصوص اليونانيةء التي كان يرغب في ترجمتهاء وبذلك يضيفها إلى حصيلة 
الفلسفة الغربية'". وفى نفس الوقت جرى البدء فى ترجمة «كتاب الشفاء» 
وهو موسوعة ابن سينا ER‏ وفي عام 0 اكتملت المجموعة الأولى 
من مؤلفات ابن سينا الفلسفية وأخذت تروج في أوروبا!''". وكان تأثيرها 
بالغا وتبعها ترجمات لفلاسفة آخرين بتلاحق سريع. 

وهكذا أخذت تتشكل في أذهان المفكرين الغربيين صورة أخرى للعالم 
الإسلامي بوصفه مهدا لفلاسفة عظام. وكانت تلك صورة مضادة تماما 
للصورة السابقة. صورة الكيان السياسي الذي يسيطر عليه دين معاد 
ومغلوط. وهي الصورة التي خلقتها الخرافات السخيفة والكريهة في أذهان 
الناس» وكان من الصعب التوفيق بين هاتين الصورتينء واستطاع علماء 
اللاهوت الفلاسفة أن ينقلوا إلى المسيحية ما كان يذكره ابن سينا عن 
الحضارة الإسلامية. فمثلا استخدم روجر بيكون 2مء82 .2 )1292-1214 
تقريبا) من أجل تفخيم منصب الباباء ما ذكره ابن سينا عن الإماء!12) 
الإسلامى. وبدا أن السراسنة أمة فلسفية فى بعض النواحى. بل لقد جاء 
وقك كان تفط #الميلسوف» ينتى قنايا والسلي197) كاهو الخال اة 
إلى أبلارد ١١14ءط۸‏ (الذي توفي ale‏ 1142 والجدير بالذكر أنه كان صديقا 
لبطرس الموقر). وبعد ذلك بقرن واحد كان توما الأكوينى 25د اناوك 1 
يستهدف السراسنة بالفعل عندما كتب دراسته الكبيرة Semina SUA auf‏ 
o to) Contra Gentiles‏ الأعاجم)ء وهي دراسة يرغب في أن يبرهن 
فيها على النظريات المسيحية في ضوء العقل فقط «لأن بعض الناس مثل 
المسلمين والوثنيين لا يتفقون معنا فيما يتعلق بسلطة الكتاب المقدس». ومن 
المعروف أن هذا المؤلف كتب حوالي ۱264-1261 بناء على طلب سان ريمون 
دې بینافور »St. Raymond of Benna ٥۲۲‏ وهو «من المتحمسين لنشر الدين بين 
السراسنة 'ء وذلك لكي يستخدمه في بعثاته التبشيرية في إسبانيا. 

على أن العالم الإسلامي لم يكن يثير الاهتمام لأسباب سياسية أو 
عسكرية فقطء أو من وجهة نظر دينية أو علمية. فقد أثار أيضا اهتمامات 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


متعددة في الأذهان التي تتوق إلى القصص الغريبة والعجيبة. ها هنا أيضا 
أدى توسع الاتصالات التي تلت استعادة إسبانيا واحتلال صقلية الإسلامية 
وإقامة دول لاتينية في الشرق إلى نشوء الحاجة إلى معرفة أكثر تفصيلا 
ودقة. على أن هذه المعرفة لم تبدد النظرة المبسطة للاسلام كدين كما لم 
تبددها قصص التسلية الأدبية العجيبة التي كانت واسعة الانتشار. ومع 
ذلك فقد تم الحصول على الكثير من المعلومات: الصحيحة في معظمهاء 
حول جغرافية العالم الإسلامي ومناخه ومدنه وحكومته ونباتاته وحيواناته 
وإنتاجه الزراعي والصناعي. كما توافرت معلومات عن عادات «السراسنة» 
والبدوء ثم عن التتر آي المغول. 

هذه الدوافع ذاتها آدت إلى المحاولات الأولى للبحث التاريخي. ففي 
القرن الثاني عشر ضمن غود فري أوف فيتربو ٥۲۲ء۷1‏ ۴ه .6 وهو سكرتير 
الأباطرة الألمان. صورة وصفية دقيقة لحياة محمد (ص) في تاريخ العالم 
الذي ألفه"'. وفي بداية القرن التالي كتب الكردينال رودريغو خيمنس 
5 10015 وهو رئيس أساقفة طليطلة أول تاريخ للعرب يؤلف في 
الغرب. مبتدئا بمحمد والخلفاء الراشدين ولكنه اهتم بصورة أساسية 
بنشاطات العرب في إسبانيا". 

وكان هنالك دافع آخر أدى إلى زيادة المعلومات عن العالم الإسلامي. 
وهو الدافع الاقتصادي المتمثل في السعي وراء التجارة المريحة لأن العالم 
الإسلامي كان منطقة اقتصادية ذات أهمية أساسية لعدد كبير من التجار 
الأوروبيين. 

في أول الأمر كان التجار الغربيون يتاجرون مع الشرق الإسلامي من 
خلال وسطاء أجانب» يونان وسوريين» أو نصف أجانب مثل اليهود. ولكن 
منذ القرن التاسع استولت المدن الإيطالية التي كانت تحكم الحكم البيزنطي 
على هذه التجارة جزئياء مثل البندقية ونابولي وغايطا 62614 وأمالفي التي 
أصبحت مستقلة بصورة تدريجية (انظر الفصل الخامس). كذلك أخذ 
الإسكندينافيون يقومون بدور age‏ وكان من جراء اعتناقهم للدين المسيحي 
أنهم أصبحوا يدورون في فلك العالم المسيحي الغربي. وأخيرا انضمت 
بقية شعوب العالم المسيحي إلى المجموعة. وقد أدى ذلك إلى عدد من 
الأعمال المشتركة الصغيرة التي قربت ما بين العالمين. فقد راجت العملة 


39 


تراث الإسلام 


المغربية أو نسخ عنها في الغرب» واستعملت أنواع معينة من العقود التجارية 
الشرقية. وكان أولٌ من قابله التجار الغربيون بين السراسنة هم القراصنة 
المسلمين الذين كانوا يرهبونهم. لكن الإيطاليين في المقام الأول سرعان ما 
أصبحوا على درجة من القوة استطاعوا معها تجنبهم ثم الصمود أمامهم, 
ثم مهاجمتهم فيما بعد. ولكن كان يحدث في معظم الأحيان أنهم كانوا 
يتصلون مباشرة بنظرائهم سواء من المسلمين أو المسيحيين الشرقيين؛ وذلك 
بعد حصولهم على ضمانات الأمان (انظر حول موضوع الأمان الفصل 
الرابع فيما بعد). وقد أدى ذلك إلى اتصالهم بموظفي الجمارك وغيرهم 
من صغار الموظفين؛ إلى أن وصلوا إلى موظفين من ذوي المراتب العالية, 
وذلك مع اتساع نطاق عمليات التبادل وأهميتها وازدياد قوة العالم الغربي. 
وبعد فترة وجيزة أصبحت التجارة تتطلب اتصالات على المستوى الحكومي. 
فكانت التحالفات التي جرت بين مدن كامبانيا «(Campagna)‏ سوسا 
أمالفي وبين السراسنة؛ تقوم على مثل هذا المستوى: وذلك برغم تهديدات 
البابا وعروضه المضادة؛ وبرغم تفجع الإمبراطور لويس الثاني الذي كان 
يرى أن نابولي قد تحولت أمام ناظريه إلى باليرمو أخرى أو مهدية أخرى!”". 
وفي بداية القرن الحادي عشر لابد أنه كان للأمالفيين من الاتصالات مع 
فلسطين ما أتاح لهم أن يعيدوا بناء كنيسة سانتا ماريا دولاتينا في القدس 
التي كان الخليفة الفاطمي الحاكم قد هدمهاء وأن يقيموا سوقا سنوية 
هناك في الرابع عشر من شهر سبتمبرء وفي هذه السوق كان يسمح للجميع 
بعرض بضائعهم مقابل دفع قطعتين ذهبيتين'. ولعلهم أيضا شغلوا حيا 
من أحياء أنطاكية قبل الحملة الصليبية الأولى. وبالطبع ازدادت هذه 
الاتصالات من حيث الكمية والأهمية بعد الحروب الصليبية. ونحن نعلم 
كيف أن هذه المحطات التجارية الإيطالية تكاثرت وأصبحت تلعب دورا 
متزايد الشأن. ومن البديهي أنه بغض النظر عن درجة تمسك التجار 
الأوروبيين بدينهم المسيحي فإن من كانت له منهم علاقات تجارية مع العالم 
الإسلامي لم يكن باستطاعته أن يشاطر الجماعات الأوروبية أفكارها 
السطحية الرائجة حول العالم الإسلامي. ولدينا شهادات متفرقة ولكن 
مهمة عن وجود علاقات ودية بين التجار المسيحيين والمسلمين'. 

وقد نشأ هذا التقدير أيضا في سياق آخرء في القتال الذي دار بين 


40 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


الصليبيين والسراسنة في الشرق. فبالرغم من كل الكراهية كانت هناك 
مناسبات كان فيها الصليبيون يسلمون بأن العدو نفسه يعترف بالقيم التي 
كان الناس يبدون لها تقديرا رفيعاء بفضل ما تعلموه من فروسية العصور 
الوسطى. فلقد أعجب أحد الصليبيين الإيطاليين الذي دون انطباعاته عن 
الحملة الصليبية الأولى بالشجاعة والحصاقة والصفات العسكرية لدى 
الأتراك (يقصد المسلمين) في معركة دوريليوم Dorylaeum‏ التي اشترك 
فيها عام 1097 . فكما جاء في أقواله كان التقدير متبادلا بين الطرفين, 
ويقول الأتراك «إنهم ينتمون إلى عرق الفرنجة ويؤكدون أنه لا يحق لأحدء 
باستثنائهم واستثناء الفرنجة أن يدعو نفسه فارسا». ومع أنه (صاحب 
الكلام) كان يدرك ما يحتاج إليه المرء من جرأة لكي يكتب هذه الكلمات: 
t L&Liaey) « Veritatem dicam quam nemo - audeb it prohibere»‏ » إني سأقول 
الحقيقة التي لا يستطيع أحد أن يمتتع عن سماعها* فقد أضاف بعد 
ذلك قائلا: «لو آنهم تمسكوا بدين المسيح لما وجد من يضاهيهم في القوة 
والشجاعة أو في فن الحرب“. 

وبعد قرن من ذلك أثار العدو الأكبر صلاح الدين إعجابا واسع الانتشار 
بين الغربيين. فقد شن الحرب بإنسانية وفروسية؛ برغم قلة من بادلوه هذه 
المواقف. وآهمهم ريتشارد قلب الأسد. وفي الفترات التي كان يتوقف فيها 
القتال في حصار عكا )١191-1189(‏ كانت القوى المتحاربة قوى ONS AS Tes‏ 
الجميع فيها يرقصون ويغنون ويمرحون معاء ناهيك عن أن النساء الساقطات 
اللواتي جئّن من أوروبا للترفيه عن الصليبيين كن يسارعن إلى تقديم 
خدماتهن إلى بعض المسلمين('* . 

وفي مثل هذه الأجواء نشأت حكايات خيالية أعادت للسلطان الأيوبي 
مجده وشهرته2؛ وذلك بعد فترة كان فيها هذا السلطان غير مرضي عنه 
إلى حد ما في الأوساط الصليبية (بسبب قصص لا شك أن مصدرها هم 
مسيحيو المشرق الذين عرفوا البلاد حق المعرفة). 

ووصل الأمر إلى حد أنه في القرن الرابع عشر ظهرت قصيدة طويلةء 
جرى العرف على تسميتها «صلاح الدين»: وأعيدت فيها صياغة حوادث 
الأساطير القديمة السابقة©. ذلك لأن فارسا من هذا الطراز الرفيع 
يجب بالضرورة أن يصبح منتميا إلى الآسرة المسيحية. وهكذا قيل إن أمه 


Al 


تراث الإسلام 


هى الكونتيسة يونثيو ناعنطاهه2 02 وو0]6ن00© التى تحطمت سفينتها على 
cn eai‏ رآ OY hd il cles saa ecd] fas dui A‏ 

وبالطريقة نيوا هص افتوضن آن يعضن الشخصيات البلينة الكبرق 
fis‏ زنكي وقليج أرسلان هي من أصل مسيحي.ء ثم فيما بعد نسب توماس 
بيكيت :86010 .7 إلى أم مسلمة . والواقع أنه كان صحيحا أن زيجات قد 
تمت بين بعض الأسر الحاكمة من الأوروبيين والمسلمين. 


2- نمو وذبول صورة (للإسلام) أقل عداء 

إن تراكم المعلومات الضحيحة عن الإسلام وأصوله وكذلك عن الشعوب 
الإسلامية؛ والاتصالات المتزايدة على الصعيدين السياسي والتجاري؛ 
والتقدير الذي نشا عن ذلك في بعض الأحيانء والتقدير العميق للمذاهب 
العلمية والفلسفية التي صدرت عن البلاد الإسلامية, كل هذه الأمور انضافت 
إلى التطور الداخلي البطيء للعقلية الغربية. وأدت إلى إحداث تفيير في 
الزاوية التي أصبحت تنظر من خلالها إلى العالم الأجنبي. لكن العنصر 
الأساسي في هذا التطور كان تحول العالم اللاتيني والاتجاهات العربية 
EE‏ 

فلقد طرأ على الصورة«الهجومية الوحشية لعدو شيطاني» تغير تدريجي: 
ليبرز بدلا منها مفهوم أدق في ظلاله؛ على الأقل في بعض الأوساط. لأن 
ad‏ الث ززعت Tol coll duo ou‏ اتسن xli‏ 
ناولها الأذبالشعبي بالرهاية كانت لا sabai diis pt yin J‏ 
وبالطبع لم يكن مفهوم نسبية الأيديولوجيات معروفا حتى ذاك الوقت إلا 
في حالات متفرقة؛ fie‏ حالة تلك الشخصية المحبة للإسلام والمهتمة بالعربية 
وهي الإمبراطور فردريك الثاني (النورماندي) من أسرة هو هنشتاوفن 
الذي كان يناقش المسلمين في أمور الفلسفة والمنطق والطب والرياضيات 
والذي تأثر بعبادتهم الإسلامية وأقام في لوسيرا ۲4٥ء1‏ مستعمرة من 
السراسنة الذين كانوا يعملون في خدمته؛ والذين كان لهم مسجدهم الخاص 
مع جميع مرافق الحياة الشرقية29. 

وحين قام البابا غريغوري التاسع 6 01608017 بطرد فردريك الثاني من 
الكنيسة عام ١239‏ فقد اتهمه من بين ما اتهمه به من الخطايا ومن مظاهر 


22 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


الود تجاه الإسلام: بأنه كان يؤمن جازما بأن العالم وقع فريسة لخداع 
ثلاثة من الدجالين وهم رسل التوحيد”» وقد تكون التهمة لا أساس لهاء 
كما ادعى الإمبراطورء ولكن مجرد توجيهها يدل على الأقل على أن الموضوع 
الذي يبدو أن منشأه كان في العالم الإسلامي» كان واردا في ذلك الحين في 
أوروبا المسيحية أيضا. ويبدو أنه بعد ذلك بفترة وجيزة اتهم أحد كهنة 
تورناي بالتجديف نفسه70. ولعل الصورة التي أبرزت للمسلمين والتي 
تجعلهم بالنسبة للمسيحيين نماذج للتقوى في عبادتهم وفضائلهم اليومية, 
كما حدث مرارا: لعل هذه الصورة لم تكن سوى حيلة لجأ إليها الموجهون 
الأخلاقيون: أو لعلها شوكة بارزة من التيار المعروف المعادي للأكليروس في 
القرون الوسطى. وعلى أي حال فقد كان من شأنها تقوية الاتجاه الذي 
ينظر إلى المسلمين كأناس مثل غيرهم يعبدون الله بطريقتهم الخاصةء وإن 
كانت (حسب الرأي المسيحي ذاك) طريقة خاطئة. 

هذا الموقف يتجلى بأوضح صورة-في عهد فردريك الثاني-في أعمال 
الشاعر المغني البافاري Wolfram Von Eschenback ¢Liidi! (59-3 al palo‏ - 
ففى قصيدته «فيلهالم» دملةط»77111 نراه يأخذ بحرية عن الملحمة الفرنسية 
القن تعود إلى أوائل القرن الثاني عشر وهي La Prise de L Orange‏ (الاستیلاء 
على أورانج) حول حصار أورانج. لكن الشاعر يحاول أن يبدي في هذه 
القصيدة تفهما للقتال بين السراسنة والفرنجة, وكلاهما يتمتع بفضائل 
الفروسية. ونرى السيدة المسلمة الجميلة آرابيل 6ا56هءى التي أصبحت هنا 
مسيحية باسم جيبورغ (01601:8) تنادي بالتسامح. ويعلق الشاعر على ذلك 
بقوله: «أليس خطيئة أن يذبح كالماشية أناس لم يسبق لهم أن سمعوا 
بالمسيحية؟ بل أقول إنها خطيئة محزنة؛ لأن جميع الناس الذين ينطقون 
بالاثنتين والسبعين لغة هم مخلوقات الله. وبالطريقة نفسها يغير «بارسيفال 
وولفرام» أجواء نموذجه. كريتيان دوتروي. ها هنا نجد والد بارسيفال 
As go (Gahmuret) c2 ss‏ إلى الشرق ولكن ليس ضمن إطار الصليبيين 
على الإطلاق. بل نراه على النقيض ينضوي في خدمة مبارك بغداد Baruc)‏ 
Bagdad‏ ) الذي كان كما كان وولفرام يعلم» القائد الروحي أو بابا المسلمين: 
«لقد جاءته الحياة في أنجوء. وفقدها أمام بغداد من أجل مبارك (الفقرة 
8). ويدفن في العاصمة الإسلامية على نفقة مبارك في قبر فخم حيث 


43 


تراث الإسلام 


يقدسه المسلمون ويبكونه. وبنتيجة نجاحات جهموريت الغرامية يظهر 
لبارسيفال أخ غير شقيق هو فيرفيتز (zا؟ء۲ذء۴)‏ المسلم الشهم. ولقد جاء 
العلماء بعدة نظريات. بعضها في منتهى الجرأة: بخصوص مصادر وولفرام 
الشرقية (انظر حول هذا الموضوع الفصل السابع)ء وبغض النظر عن حكمنا 
على هذه النظريات يجب أن ننوه بأن كاتبنا يكتب بصورة صحيحة الأسماء 
العربية لمختلف الكواكب (الفقرة 782): وأنه يقول إن مصدره الرئيسي هو 
مخطوط إسلامي اكتشفه كيوث (0رK)‏ الغامض في طليطلة ويعود إلى 
الساحر والمنجم فليجيتانس (SÈI Aal) (Flegetanus)‏ وأصله نصف 
مسلم ونصف يهودي. ومن الجدير بالذكر أن قمة الأسطورة التي سادت 
في العصور الوسطى. والمتعلقة بکس المسيح-وهي بمصادرها السلتية 
المعروفةء أرفع ما توصل إليه الأدب في التعبير عن العقلية المسيحية في 
العصور الوسطى- كانت ملحمة تتخللها العناصر الإسلاميةء وهي مليئة 
بالاتجاهات الغنوصية (الروحية) والمانوية الوثنية التي نشأت في العالم 
الشرقي. على أن وولفرام الذي يبدو أنه کان مسیحیا صالحاء کان مع ذلك 
يبشر بزوال الكراهية نحو الوثنيين (المسلمين) الذين إنما أصبحوا على ما 
هم عليه لأنه (حسب رأيه) لم تتح لهم الفرصة لسماع رسالة المسيع . 
ومما ضاعف من سرعة التقدم في هذا الاتجاهء الشعور بالخطر المغولي 
واكتشاف عالم وثني غير الإسلام من جهة؛ ومن جهة أخرىء انتشار 
الانقسامات على المستوى الروحى ضمن العالم المسيحىء تلك الانقسامات 
التي حدثت في العقيدة العالمية للمسيحية نفسهاء وذلك أمر أخطر من 
الصراعات القديمة بين الهيئات السياسية والأيديولوجيات القومية والعرقية. 
فازدادت قوة الشعور بأن للإسلام المفهوم الأساسي نفسه في الدين وهو 
التوحيد-وهو شعور كان يظهر من حين لآخر بصورة عابرة فقط في السابق. 
وفي عام ۱254 اشترك ویلیام رویز برویك g9 «William of Ruysbroeck‏ 
مبعوث القديس لويس» في مناظرة أمام الخان العظيم بين النساطرة 
والمسلمين والبوذيين وانحاز مع النساطرة والمسلمين ضد البوذيين . 
هذا الاتجاه نحو فهم أعمق للفكر الإسلامي» وهو الاتجاه الذي نشا في 
هذه الظروف لم يقدر له أن يطول أمده. فقد تحدث روجر بيكون وريمون 
ليل ١316-1235( Raymond Lull‏ تقريبا) عن إحلال الجهود التبشيرية التى 


A4 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


تستند إلى فهم عميق للعقيدة الإسلامية واللغات الإسلامية محل المساعي 
العسكرية؛ وأخذ بيكون بعين الاعتبار إسهام الإسلام الإيجابي في مخطط 
الوحي الإلهي مثلما حدث مؤخرا لدى الكاثوليك المتقدمين على طريق 
an ecl‏ لس ا صحيح أن محاربة الإسلام ظلت أمرا واجباء لكن 
معرفة عميقة به كان من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من Aye gue gh‏ بل أن 
تؤدي في المدى البعيد إلى المزيد من النسبية. ففي بداية القرن الرابع عشر 
أخرج دانتي من النار كلا من ابن سينا وابن رشد وصلاح الدين ووضعهم 
في المطهرء وهؤلاء هم المحدثون الوحيدون الذين انضموا إلى حكماء العالم 
القديم وأبطاله. وفي عام ١312‏ صادق مجلس فيينا على أفكار بيكون وليل 
بخصوص تعلم اللغات وخصوصا اللغة العربية. 

لكن ذلك جاء بعد فوات الآوان. فقد وضع سقوط عكا عام ١291‏ حدا 
حاسما لجميع الآمال التي كانت في مخيلة الصليبيين. وبعد ذلك بوقت 
طويل لم تنجح محاربة الكفار في الشرق في جر الغرب إلى السلاح مرة 
ثانية. وحلت مكان المخطط الهادف إلى توسيع عالم أوروبا المسيحي المتحد 
المخططات السياسية التي كانت تحيكها كل أمة على حدة. ولم تستمر 
Y{ Reconquista sls WI cao‏ في إسبانياء ولكنها حتى هناك كانت 
تدخل ضمن نطاق مثل هذه المخططات. 

فأوروبا اللاتينية المنهمكة في صراعاتها الداخلية والتي كانت تتقدم 
على الصعيد الثقافي لم تعد تعتبر الصراع العقائدي مع الإسلام ذا أهمية 
بالغة. بل أخذت تفقد اهتمامها به. وأصبح النزاع العقائدي الداخلي هو 
الشيء المهم. كان جون 1241855 Wycliffe‏ مداه (1384-1320 تقريبا) يرى أن 
إصلاح الكنيسة يأتي بالدرجة الأولى» وأن العودة إلى منبع المسيحية الرئيسي 
كفيل بأن يؤدي إلى ذبول الإسلام. فقد تبين أن الرذائل التي يهتم الإسلام 
بها كانت متوافرة بالدرجة نفسها في العالم المسيحي اللاتيني. كانت الكنيسة 
مسلمة (في رأيه) ولم يعد اليونان واليهود والمسلمون بأبعد عن الخلاص 
من كثير من المسيحيين'» وانتشر هذا الرأي الأخير مثما انتشرت نكتة 
الدجالين الثلاخة2 . 

فمن وجهة النظر الفكرية نجد أن كبار المؤلفين المسلمين الذين كان 
اكتشافهم قوة تجديدية أصبحوا يتمثلون (ويهضمون) بصورة تدريجية: 


45 


تراث الإسلام 


ويدمجون ضمن الثقافة العامة. وخلال عدة قرون نجد أن ابن سينا وابن 
رشد والغزالي في الفلسفة وابن سينا وهالي (علي بن العباس) والرازي في 
الطب ومؤلفين آخرين في العالم الآخرء نجد هؤلاء يقلدون وتعاد طباعة 
أعمالهم ويعلق عليها وتدرس . ولابد أن الطبيب الذي قابله تشوسر 08166 
(وهو الذي ألف أيضا بحثا حول الإسطرلاب بالاستناد إلى الترجمة اللاتينية 
لكتاب ما شاء الله العربي) في خان تابارد في كانتربري حوالي عام ۱390ء 
لابد أن هذا الطبيب كان يمثل عصره . فقد كان لا يعرف الكتاب المقدس 
جيدا لكن: 

كان يعرف جيدا إسكولابيوس القديم وديسقوريدس وكذلك روفوس 
وهيبو قراط القديم وهالي وفالين وسيرابيون والرازي» وابن سينا وابن 
رشد والدمشقي وقسطنطين وبرنارد وفاتسدن وجيلبرتين. 

(حكايات كانتربري» المقدمة 434-429) 

وهكذا كان العرب يتمتعون بمنزلة عظيمة في العصور الوسطىء ولكن 
أرسطو كان الشخصية المسيطرة؛ وقد استمر هذا التأكيد على الأعمال 
الكلاسيكية اليونانية في عصر النهضة:؛ فقام إنسانيو هذا العصر بمهاجمة 
ترجمات العصر الوسيط (الهمجي)ء سواء كانت عن اليونانية أو العربية 
U ned esce tug UL US el esit EL‏ موقن إظان 
هذا الهجوم العام صار ينظر إلى الترجمات العربية للنصوص اليونائية 
على أنها جزء من تزوير العصور القديمة نجم عن الروح القوطية الهمجية 
لعلماء العصر الوسيطء وكانت الطريقة الجديدة تقوم على العودة إلى المصادر 
الأصلية؛ وأصبحت لعبارة «الاستعراب» «هونطه:ى معنى التحقير © . وامتد 
الاحتقار الموجه إلى العصر الهمجي (الوسيط) ليشمل كل ما هو عربي. 
وحتى في القرن الرابع عشر سبق لبترارك ye Oj Petrarck‏ )39 عن اشمئزازه 
من أسلوب الشعراء العرب وإن لم يكن قد قرأهم بالتأكير ° . 

على أن هذا لم يمنع بحال من الأحوال الاقتباسات الثقافية عن الشرق 
الإسلامي من التكاثر أكثر من أي وقت مضى ولا الاقتباسات الأدبية من 
الازدياد. وذلك دون شك بسبب العلاقات التجارية التي أصبحت أكثر قربا 
وانتظاما. ولكن فيما يتعلق بالنواحي النظرية فقد أخذ عدم المبالاة في 
بعض الأوساط على الأقل؛ يحل مكان اللهفة السابقة لمعرفة الفكر الإسلامي. 


Ab 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


3 التعايش السلمى والتقارب: العدو يصبح شريكا 

منذ نهاية القرن الرابع عشر أدى نمو الإمبراطورية العثمانية على حساب 
coa SLT nad e Let I na ll coma La‏ 2,8 3428 53( علماء 
الديق. وفي الوقت الذى فين فيه صبعوية إنحياء الروح الطليبية في بويع 
كان فيه المفهوم المسيحي ذاته متردياء وجد بعض علماء الدين أنفسهم 
مذقوعين لآن يشباءلوا هما إذا كان اللجوء إلى الستلاح يستظيع بالفعل أن 
يحقق أي نتيجةء وعما إذا كانت المساعي التبشيرية كافية بحد ذاتهاء أو 
حتى مفيدة في شكلها المعتادء أم أن من المستحيل التقريب بين حملة رسالة 
عامة ذات محتوى متشابه في الأساس. تلك هي «لحظة الرؤيا» التي ذكرها 
ر. و. ساوذرن صتعطاتناه5 .2.787 والتى حصلت (ولهذا الأمر مغزاه) حوالى 
الوقت الذي سقطت فيه aaa ida all‏ أي بين 1450 و 1460( اقترح خوان 
دي Juan of Segovia Lia sss‏ (حوالي 1458-1400( سلسلة من المؤتمرات مع 
Badia AR all alis of ass cott algal‏ حت لولم تود إلى تجعل 
افا عة رون ف نوكا بقرجمة تاراق (والترجمة متهوة الآن) حال 
فيها تفادي الخطأ الذي حصل في 5 ‘Cluniac ALAHAS olea‏ في تغيير 
المعنى الأصلي بملاءمته مع المفاهيم اللاتينية. وقد جر خوان دي سيغوفيا 
(Lu a5 1461-1400) J. Germain lays Gly dco les Al dina (cle‏ وهو 
أسقف مدينة (شالون على نهر (Chalon-Sur-Saone) (tjs‏ الذي كان يؤّمن 
بالعمل العسكري وإحياء الروح الصليبية. لكنه نال موافقة نيقولاس دي 
كوزا 0158 07 2150125 الذي درس الوسائل العملية لتنفيذ مخططاته وحاول 
في كتابه: كريبراتيو Cribratio Al Choran (1) a]‏ )1460( القيام بدراسة 
ety tie sll‏ د25 للقراى كلك كان خران د E E‏ 
جزتيا عن رسالة البابا بيوس الثاني إلى محمد الثاني العثماني*؟') (1460), 
وهي تحفة من الجدل الماهر تهدف إلى الإقناع الفكري» غير أنها من عمل 
السياسيين وهي في قراراتهاء حيلة خالية من كل صدق(6. 

كان الأتراك العثمانيون خطرا كبيراء غير أنهم في المناخ الجديد للقرن 
pal‏ عقو كانوا ستيرون i8 Lal df costes WES‏ اوخ 
عقائدي أيديولوجيء ومنذ ذلك الوقت أصبحت الإمبراطورية العثمانية في 
sai‏ الواقعييق قوة مثل غيرهاة بل وحص قوة أؤروبية: بالنظر الفتوجاتها: 


A7 


تراث الإسلام 


وإن كانت أقل بعدا بكثير ولمدة طويلة من أي قوة إسلامية أخرى. ولذلك 
فإنه كان المحتم إقامة صلات سياسية معها. ومنذ ذلك الوقت أصبحت 
التحالفات والحياد والحرب مع العثمانيين تقوم على اعتبارات سياسية 
لا علاقة لها بالعقيدة الدينية المسيحية؛ وبالرغم من أن هذه العقيدة بقيت 
دينا تقدسه القلوب بقوة. فقد ساد الاعتقاد أنه يمكن تعليقه (مؤقتا كما 
كان يعتقد) أمام التحركات السياسية «الخطيرة». 

وأخذ المبعوثون يذهبون إلى أوروبا في مهمات طويلة. وخاصة في البندقية 
مثلا. وحصلت مفاوضات مع الأتراك. وفي الوقت الذي ظن فيه شارل 
الثامن الخيالي أنه يستطيع اجتياح إيطاليا كقاعدة تتطلق منها حملة صليبية. 
كانت البابوية ما بين سنة 1490 و ۱494 تتلقى دفعة مالية سنوية من السلطان 
بايزيد الثاني من أجل إبقاء أخيه الذي ينافسه في السجن. وفي روما عام 
3 استقبل سفير الترك العظيم باحتفال مهيب في مجلس كنسي سري 
من قبل البابا إسكندر السادس؛ وحضر هذا الاجتماع عدد من الكرادلة 
والأساقفة والمبعوثين الأوروبيين. وغي الواقع كان البابا قد أرسل إلى السلطان 
رسالة حذره فيها من الحملة الصليبية التي كان شارل الثامن (ملك فرنسا) 
يزمع القيام بهاء وطلب منه أن يجعل أهل البندقية يتدخلون ضد الملك 
الفرنسيء ونبهه فقط إلى أن يمتنع «لفترة من الوقت» عن مهاجمة هنغاريا 
أو أي بلاد مسيحية أخرىء لأن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يضعه في 
موقف حرج. وفي المقابل فقد طلب بايزيد من البابا أن يرقي نيقولاس 
سيبو 010 .77 إلى مرتبة كردينال ولكن قبل كل شيء أن يقتل أخاه جم Jem‏ 
(السجبن لدى «(BUM‏ مقابل دفع 0 ألف دوقية (ducats)‏ مع وعد مشفوع 
بقسم على القرآن بألا يفعل شيئًا لإيذاء المسيحيين” . وبعد سنتين وافقت 
ميلانو وفيرارا ومانتوا وفلورنسا على أن تدفع للأتراك مبلغا من المال من 
أجل erts‏ البندقية . ثم بعد سنتين أخريين عندما كانت البندقية 
وفرنسا تستعدان لمهاجمة ميلانو. حذر لودفيكو إيل مورو (المغربي) Ludvico‏ 
0٥‏ اذ دوق ميلانوء وغيره من الأمراء الإيطاليين بايزيد من أن احتلال 
ميلانو (من قبل البندقية التي تهددها) سيكون الخطوة الأولى في الحملة 
iac x. Re al A ca a aaa‏ 
عقود حين كان سليمان القانوني يغزو هنغاريا وعلى وشك أن يحول البحر 


48 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


الأبيض المتوسط إلى بحيرة تركيةء تحالف فرانسوا الأول (ملك فرنسا) 
واشترك معه فى العمليات العسكرية ضد شارل الخامس شارلكان (۱535). 
لكنه اتخث احتياطات على الصعيد العقائدي للدفاع عن نفسه. وفي عام 
0 قامت إليزابيث ملكة إنجلترا بالوشاية بملك إسبانيا لدى السلطان 
متهمة إياه بأنه قائد الوثنيين. وفي هذه المناسبة جرى اقتراح مشروع 
لإقامة تحالف على أساس عقائدي بحت بين الطرفين“. 

إن مثل هذه المساومات التي حدثت في القرنين الخامس عشر والسادس 
عشر كانت قد جرت أمثالها في الشرق أيام الدول الصليبية. لكنها كانت 
ضمن إطار سياسة المستعمرات الصليبية؛ أما أن تحدث مثل هذه الأمور 
في قلب أوروبا فأمر يختلف. غفي إيطاليا عبرت كثير من الأقاليم لحكوماتها 
المستبدة عن أنها ترحب من كل قلبها بغزو تركيء مثلما فعل بعض البلقانيين 
المسيحيين (انظر أيضا حول هذه النقطة صفحات فيما بعد)!*). 

وهكذا فقد اندمج الأتراك؛ على الصعيد السياسي» في الجو الأوروبي. 
على أن هذا لا يعني أن اندماجهم كان من جميع النواحي. والذي حصل هو 
أن مرارة الحقد الديني ضمن العالم المسيحي نفسه جعلت الإسلام يبدو 
أقل غرابة وأقل مدعاة إلى النفور. وقد سبق أن اعتبر (الإسلام) في العصور 
الوسطى نوعا من الانشقاق الديني؛ أو هرطقة ضمن المسيحية؛ وهكذا رآه 
دانتي. 

كان الإسلام والآتراك صنوين من الناحية العمليةء وأصبحت كلمة «تركي» 
مرادفة لكلمة «مسلم». وبدأ الناس يعرفون الفرس الذين فتحت عداوتهم 
للامبراطورية العثمانية الطريق لمساومات سياسية ملتوية وشائكة. وفي 
الشرق البعيد حصل احتكاك مع مسلمي الهند وحكامهم الرائعين من المغول 
العظماء. أما العرب فلم يكن لهم أي تأثير عملي من الناحية السياسية, 
وكانت أهميتهم ثانوية في الصورة التي رسمها الناس في أذهانهم عن 
الشرق. فقد أصبحوا مرة أخرى لا يعتبرون أكثر من مجرد بدو لصوص 
مثلما كانت صورتهم على الأقل منذ زمن جوانفيل. وسقطت كلمة «سراسنة» 
a USUI Cpe Ley (Saracens)‏ المتداول بين الناس. 

وبالرغم من أن بعض العلماء المدققين قد تتبعوا أثر الأتراك ونسبوهم 
إلى برابرة السكيشين!2) «صدنطنوه5» فقد بقي الأتراك المسلمون يسيطرون 


49 


تراث الإسلام 


على أقوى إمبراطورية في أوروباء وبقيت القسطنطينية في حوزتهم بما 
تحوي من أعاجيب وغرائب وأصبحت الآن أقرب منالا من جراء تحسن 
وسائل المواصلات. وكانت أبهة الباب العالي تثير إعجاب الأوروبيين: وكان 
EUR en eggs‏ رض لخطر 
الحرمان الكنسي عندما أرسل وفدا إلى روما عام ۱687ء لأن البابا تجراً 
وطلب منه أن يتخلى عن امتيازات سفارته التي توسعت لتشمل منطقة 
بكاملها كان يلتجئ إليها الشريرون. مع أنه كان يترك سفراءه في 
القسطنطينية يسجنون ويهانون ويدفعون الضرائب ويتعرض موظفوهم 
لمضايقات لا نهاية لها . 


4-من التعايش السلمي إلى الموضوعية 

أصبحت الدراسة الموضوعية للشرق الإسلامي أيسرء من جراء القرب 
والاتصالات السياسية الوثيقة والعلاقات الاقتصادية المتزايدة: والأعداد 
الكبيرة من الرحالة والمبشرين الذين كانوا يزورون الشرق» ومن جراء انحسار 
السيطرة العقائدية للدين المسيحى فى أوروياء وأصبحت هذه الدراسة 
dust‏ بالنسية ترنخال السياسسة والتجار حاجة حاسة اكذر من الساية: 
فأخذت دراسات وصفية مفصلة ودقيقة ومتزنة وموضوعية على قدر الإمكان 
تتسرب بعد الدراسة التي قام بها أرنولد فون هارف ale Amold von Harff‏ 
6 » . فلم تعد أنماط الحياة تدرس من حيث اختلافها الواسع أو الضيق 
عن المثل الأخلاقية المسيحية. وصار نظام الإمبراطورية العثمانية السياسي 
والإداري والعسكري موضع دراسات جدية كثيرا ما كانت نقديةء ولكنها 
كانت تشيد أيضا بفعالية هذا النظام من عدة نوا( . وإذا نظرنا نظرة 
إجمالية وجدنا أن الشرق الإسلامي كان أرضا غنية ومزدهرة ذات درجة 
رفيعة من الحضارة والهندسة الرائعة والبلاطات الأميرية المدهشة التي لا 
تضاهى في بهائها . 

وإذا كانت النزعات العالمية (الكوزموبوليتانية) والموسوعية لعصر النهضة: 
ونزعات التأنق والتكلف في التعبير الثقافي قد أسهمت بنصيبها في 
الدراساك الضلعة بالشبرق الاسلامي وبالشرق ole «uia‏ الأهتماء البالة 
بالشرق لم يكن قد بلغ بعد حد الولع بالغرابة وذلك الميل إلى الاغتراب 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


depaysement‏ الذي يخلفه المرء في بيئته بصورة ae laua‏ أما عن طريق 
الفن أو عن طريق النمط الذي يختطه لحياته؛ فلم تظهر إلا الملامح الأولى 
لهذه النزعةء كما هو الأمر في بعض الحالات المتفرقة للرحالة الذين آخذوا 
يرتدون الزي التركي بعد عودتهم إلى أوروبا. لكن العالم الشرقي كان 
يمثل بالطابع الغربي أكثر من العكس . كان ذلك يجري حتى في تلك الأحايين 
التي كانت تزخرف فيها صورة الشرق عن طريق إضافة عناصر السحر 
والأعاجيب. كما هو الحال عند أريوستو 421050 أو تاسو 210550 وحتى حين 


كانت بعكن الحؤادث أو المواضيع من ping Bye Jao‏ بحين كان 


الموضوع مأخوذا كليا من التاريخ الشرقي» كما هو الحال في مسرحية 
تيمور لنك عمنه1تناطدمة1' لمارلوف 313110706 . وبالرغم من أن القراء والمشاهدين 
كانوا سرو يذه القصص الخيالية قلم يكن احد يرجم يهاس جل 

لكن الضغط الناجم عن التقارير الدقيقة التي عاد بها الرحالة 
والدبلوماسيون أخذ يفرض نفسه شيئًا فشيئًا فأخذ اللون المحلي يفرض 
نفسه بالتدريج. كان أعضاء الأسرة المالكة لصلاح الدين والملوك الشرقيون 
يصورون منذ زمن بعيد مرتدين العمائم» وذلك في اللوحات التي تصور 
حياة يسوع والشهداء. ولم يحتفظ عطيل من خلفيته المغربية إلا بذلك 
المتديل السحري المشؤوم الذي أعطته ساحرة مصرية لأبيه (عطيل الفصل 
الثالث المشهد الرابع). ولكن في عام ١670‏ عانى موليير القلق لإدخال Som‏ 
Les‏ عقف ةن ull ipit‏ عن E^ ciat gola s pace‏ 
‘bourgeois Gentilhomme‏ 239( عام 2 توقف راسين طويلا فى مقدمة 
معلومات حول التاريخ التركي. وقد لامه كورني وغيره لأنه لم يضع على 
خشبة المسرح شخصية واحدة تحمل المشاعر التي ينبغي أن تكون لديها 
والموجودة لدى الناس في القسطنطينية. هجميعهم برغم زيهم Si!‏ 
يغنرون عن المشاغر الشافعة فى فرنسا 9" :فى مقدمات تالية وجد راسين 
من الضروري أن يرد عليهم قائلا : «لقد قمت في مسرحيتي بذكر ما نعرفه 
عن أخلاق الأتراك وأقوالهم على وجه الدقة». 

ولم ينقطع منذ العصور الوسطى استخدام المواضيع الغرائبية عنام:رظ 


تراث الإسلام 


في الكتابات الأدبية, ويلاحظ لدى كثير من الكتاب بعض الجهد في إغناء 
هذه الأعمال الأدبية بالتفاصيل الدقيقة. لقد دخلت المواضيع الغرائبية إلى 
الفن في القرن السابع عشر وأغرقته في القرن الثامن عشر. على أنه كان 
لابد من مرور وقت طويل قبل أن يحدث التقدم من الفكرة المجردة لنسبية 
الجضاراك والحي سيعت بوضنوك في القر العام حبر إلى إذماج الرقاتع 
de aff‏ ا ف کل مرف رق رل فوا کن itis‏ 
الآن. 


5 -مولد الا ستشراق: 

بدأ الناس يدرسون اللغات ويجمعون المعلومات لأغراض عقائدية محضة. 
ففى إسيانيا التضور الوسظى يدات الدزاسات ool dal‏ تحاجات 
العمل التبشيري» ثم فقدت هذه الدراسات كل جاذبيتها مع سقوط غرناطة 
عام 2 وبقاء الأقلية الموريسكية Morisco‏ فقط التي تتكلم لهجة رومانسية. 
ثم استؤنفت هذه الدراسات كجزء من الدراسات السامية بصورة عامة في 
روما حيث كانت القبخة الرومافية riga Curia‏ وديم العناكسن AR LAE‏ 
ثم جاءت الحركة الإنسانية a Humanism‏ محاولتها البحث عن ثقافة عالمية, 
ومن خلذل اهتماماتها السياسية والتجارية: فوسعت هذه الدراسات epee‏ 
مجموعة من الدراسات الإسلامية وقد أسهم Guillaume Postel cigs als‏ 
(1581-1510): وهو عالم نذر حياته للعلم رغم صوفيته واندفاعه القوي في 
خدمة الدين؛ ورغم وطنيته الفرنسيةء وحتى رغم جنونه؛ نقول: أسهم كثيرا 
في إغناء دراسة اللغات وحتى الشعوب» وجمع في الوقت نفسه وهو في 
ce aad eai. elis cles s tue as‏ كا لكر 
lle gag (1609-1540) J. Scoiliger‏ موسوعيء بالاستشراق وتخلى عن حماسه 
التبشيري. وفي عام 1586 استفادت اللغة العربية في أوروبا من المطابع 
(Cd Gigs Usa jT Lead ual‏ القبير» فرديناك دوم EE‏ 
كان الهدف المعلن مساعدة المجهود التبشيري: ولكن هن البداية طبعت 
الأعمنال الطبية والفلبيغية لاين ينا بالإشافة إلى كب القواعه والجفراضيا 
والؤياضيات: ولقد :قدو نهذه المحاؤلة آن تتكرر في ثهاية السزن السادين 
عشر وبداية القرن السابع عشر في باريس وهولندا وألمانيا. وخصوصا من 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


أجل الحصول على معرفة أفضل لأعمال ابن سينا الطبية. 

واهتمت البابوية كما اهتم كثير من المسيحيين بأمر اتحاد الكنائس 
وحاولوا التوصل إلى اتفاق مع المسيحيين الشرقيين» وهذا يعني دراسة 
لغتهم ونصوصهم. وكانت إنجلترا وفرنسا والمقاطعات المتحدة أكثر اهتماما 
بالتجارة وبمخططاتها السياسية في الشرق. وقد وصل العلماء المارونيون 
إلى أوروبا على أثر السهولة المتزايدة في السفرء وحتى آربنيوس Erpenius‏ 
قابل مسلما مغربيا يعمل في التجارة في كونفلانز دسدائده© في عام 4611 . 
كذلك أدت تفسيرات الكتاب المقدسء التي كانت أحد المواضيع الرئيسية 
للجدل بين البروتستانت والكاثوليك إلى دراسة فيلولوجيا اللغات الشرفية. 
واستمر الأطباء في الاهتمام بابن سينا رغم رد الفعل «المضاد للدراسات 
العربية». وأدى الخطر التركي إلى دراسة أوثق للامبراطورية العثمانية 
وللاسلام. ومع تراجع هذا الخطر أصبح بالإمكان متابعة الدراسة في جو 
من الصفاء. ثم إن نمو القوة الثقافية في أوروبا من الرحالة الأوروبيين 
الذين كانوا يجلبون معلومات ووصفات عملية مفيدة, تتعلق بعدد من 
النشاطات التي كانت لا تزال محدودة؛ ولكنها كانت تشمل بصورة خاصة 
العلم العسكري. 

مثل هذه الصلات والاهتمامات الوثيقة فى ذلك الوقت,؛ بالإضافة إلى 
الاتجاه العام نحو تنظيم البحث العلمي cni‏ كليو الك اسمتشرافية 
متلاحمة. وهكذا تأسس أول كرسي للعربية عام 1539 في الكوليج دو فرانس 
التي كانت قد تأسست حديثا. 

وشغل هذا الكرسي غليوم بوستل العالم المستنير الذي يمثل عنصر 
النهضة خير تمثيلء كما رأيناء لكنه وهو أيضا عالم نشر كتبا رائدة؛ وأهم 
من هذا کله» أنه درب تلاميذ من أمثال سكاليجر الذي كانت مكانته في 
مجال الاستشراق لا يستهان بها. وكانت مجموعات المخطوطات الوجودة 
في المكتبات تزود الباحثين بالمادة الضرورية للدراسة الجدية. وأخذت 
الطباعة . وخصوصا طباعة الأحرف العربيةء التي تحدثنا عن بدايتهاء 
تجعل أعمال الباحثين في متناول بعضهم البعض. وأخذ الإخصائيون الواحد 
تلو الآخر يجعلون شغلهم الشاغل تأليف الكتب التي تعتبر أدوات لا غنى 
عنها في العالم مثل كتب القواعد والمعاجم وشروح النصوص. ونجد في 


تراث الإسلام 


مقدمة هؤلاء رجلين هولنديين هما توماس فان إرب أو إربنيوس Thomas‏ 
Von Erpe, or Erpinius‏ )1624-1884( 631( نشر أول كتاب قواعد للغة العربية 
كما نشر الطبعة الأولى لأحد النصوص المبني على مبادئ فيلولوجية سليمة. 
وتلميذه جاكوب جوليوس 001105 13006 (1667-1596). وفي النمسا نشر فرانز 
مينينسكى Q^ $9 F. Meninski‏ اللورين معجمه التركى الضخم. وكثشرت 
كراسي الدراسات الشرقية. فلم تعد باريس متفردة وحدها بذلك» فقد كان 
فرانسيس فان رفلنجن F. Van Ravelingen‏ و رخilجيوس (Raphelengius)‏ 
(1597-1539) يقوم بتدريس العربية في ليدن منذ 1593 . وأسس أوربان الثامن 
عام 7 فى روما كلية لنشر العلم Propagande)‏ عل عع00116) وهى مركز 
دراسات حيوي. وكان إدوارد بوكوك 20001 .8 أول من شغل كرسى اللغفة 
العربية في أكسفورد عام 1638. 

ولقد أثرت نسبية المعتقدات في المفكرين والجمهور المثقف قبل العلماء. 
لكن الجو الذي خلقته فتح الأبواب لهؤلاء الأخيرين؛ بحيث استطاع من كان 
يجذبهم اهتمام شخصي بالغ إلى الشرق الإسلامي أن يعملوا دونما أي 
عائق. وقد استفاد ب. دربلو 106و0 ,ه11 .2 .8 من المواد الكثيرة المتراكمة 
فكتب كتابه «المكتبة 2.11 4,73« sa!) Bibliotheque Orientale‏ نشره جالان 
läg sa Galland‏ عام 1697) وهو أول محاولة لكتابة موسوعة للاسلام. 

وأسهم ب. جالان بشكل حاسم في تقوية التذوق لكل ما هو شرقي حين 
نشرء فى بداية القرن الثامن عشرء ترجمته لكتاب ألف ليلة وليلة Arabian)‏ 
(Nights‏ )1717-1704( الذي سيصبح تأثيره بالغا . فمنذ ذلك الحين لم 
يعد أحد ينظر إلى الإسلام ine‏ أنه أرض أعداء المسيح, uh‏ أصبح بصورة 
أساسية حضارة غريبة ورائعة موجودة في جو خيالي فيه الجن العصاة من 
أخيار وأشرار-وكل هذا كان يبهج القراء الذين كانوا من قبل يبدون تعلقا 
شديدا بقصص الجان الأوروبية!!. 
6- عصر النزعة العقلية: 

أصبح الناس-في الوقت الذي نتكلم عنه-يستطيعون رؤية الدين الذي 
كان ينافس المسيحية بنظرة محايدة: بل بشيء من التعاطفء ولعلهم كانوا 
يبحثون فيه بصورة لاشعورية (ويجدون فيه بالطبع) نفس قيم الاتجاه 


54 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


العقلاني الجديد الذي كان مخالفا للمسيحية. ففي القرن السابع عشر 
انبرى كثير من الكتاب للدفاع عن الإسلام ضد الإجحاف الذي ناله في 
العصور الوسطى» وضد مجادلات المنتقصين من قدره» وأثبتوا قيمة وإخلاص 
التقوى الإسلامية. وكان ريشار so) Richard Simon (ge.‏ هؤلاء الكتاب. 
فقد كان كاثوليكيا مخلصا لكن سلامة تكوينه العلمي جعلته يكافح ضد 
التخرنف التزمت للحفائق الموضوعية: فى قراءة الكخات اللقدس ودراسة 
العالم المسيحي الشرقي. ولقد عالج في كتابه «التاريخ النقدي لعقائد 
وعادات أمم الشرق» )١1684(‏ 5عصتتطنامء Histoire eritiques des ereances et des‏ 
ations du levan‏ و06 عادات وطقوس المسيحيين الشرقيين أولاء ثم عادات 
وطقوس المسلمين. وقد عرضها بوضوح واتزان » مستندا إلى كتاب لأحد 
فقهاء المسلمين؛ دونما قدح أو انتقاصء وكان يظهر التقدير وحتى الإعجاب 
بهذه العادات. وعندما اتهمه أرنولد 11نامصتةى بأنه كان موضوعيا أكثر من 
اللازم نحو الإسلام. نصحه بأن يتأمل «التعاليم الرائعة» للأخلاقيين 
الإسلاميين . ثم cle‏ المستشرق آ. رلان (2هماء* .خ) الذي كان أعمق 
تخصصا في الإسلاميات من سيمون» فكتب في عام ١705‏ عن الإسلام من 
وجهة نظر موضوعية بالاستناد إلى مصادر إسلامية فقط” . وكتب 
الفيلسوف بيير بيل (P. Bayle)‏ وهو من المعجبين بالتسامح الإسلامي» في 
الطبعة الأآولى من القاموس النقدي Dictionnaire critique‏ )1697( عن حیاة 
محمد (ص) بموضوعيةء وقد راجع ما كتبه في الطبعات التالية على ضوء 
الأبحاث التى ظهرت بعد الطبعة الأولى. 

اتل الج القالى مين scil Cds s] Augg‏ فة اي 
بيل ءانزة8 وكثيرون غيره بتسامح الإمبراطورية العثمانية إزاء جميع أنواع 
الأقليات الدينية وذكره كمثال للمسيحيين: كان هذا حينما لجأ أتباع مذهب 
كالفن في هنغاريا وترنسيلفانيا وبروتستنت سيليزيا وقدماء المؤمنين من 
قفقاس روسيا إلى تركياء أو تطلعوا إلى الباب العالي في هروبهم من 
الاضطهاد الكاثوليكي أو الأرثوذكسيء وذلك مثلما فعل اليهود الإسبانيون 
قبل ذلك بقرنين7". فكان ينظر إلى الإسلام كدين عقلاني بعيد كل البعد 
عن العقائد المسيحية المخالفة للعقل» وينطوي على حد أدنى من المفاهيم 
الأسطورية والطقوس الصوفية (وكان يعتقد بأن هذا الحد الأدنى كان 


تراث الإسلام 


ضروريا لضمان التزام الجماهير بالدين). ثم إنه وفق بين الدعوة إلى حياة 
أخلاقية وبين حاجات الجسد والحواس والحياة في المجتمع. وخلاصة 
القول فهو كدين كان قريبا جدا من الدين الطبيعي الذي كان يعتقد به 
معظم «رجال عصر التنوير». وقد أبرز الدور الحضاري الذي لعبه الإسلام 
على الصعيد التاريخي: فالحضارة لم تظهر من الأديرة ولكنها ترجع في 
أصولها إلى اليونان والرومان الوثنيينء ونقلها إلى أوروبا العرب وهم من 
غير المسيحيين/”” (وهذا أفضل من وجهة نظر ذلك العصر). 

في هذا الاتجاه كان ليبنيز ilS pgb eå. Sås (Leibniz)‏ مجهول لكراس 
يحمل عنوانا فيه الكثير من التحدي «محمد ليس Mahomet no) «Less‏ 
(impostor‏ )5901720( . وتلاه هنري .919 H. de Boulainvilliers quyaiu‏ الذي 
نشر كتابا دفاعيا بعنوان «حياة ale (Vie de Mahomet) « er‏ 1730- وتبع 
ذلك فولتير وهو معجب بالحضارة الإسلامية. على أن هذا الأخير قد تردد 
بين كتابة دفاع عن محمد بوصفه رجل سياسة ذا تفكير عميق» ومؤسسا 
لدين عقلاني؛ وبين استغلال الدين الرسمي لبلده من أجل الحملة على 
محمة ذاثة بافتياره etel ayer! Wiese‏ الذين أسروا تفوس الناسسن 
بأساطيرهم الدينية67©. 

وقد سرت روح العصر أخيرا حتى في المتخصصين. وكان تأثيرها بالطبع 
أقوى بين أولئك الذين كانوا خارج الجامعات والتراث الأكاديمي. وكان من 
هؤلاء محام ومستشرق هو جورج سال 6.5516 (حوالي 1736-1697( وهو 
مسيحي مستنير نشر في 1734 5 Preliminary) waged ee (Lal 405! dem‏ 
عدتناهء015) مقترن بملاحظات محكمة ومتوازنة تدل على سعة الاطلاع 
استخدمها كثير من الكتاب فيما بعد. وهنالك أيضا ذلك الألمانى الألمعى 
الذي ثقف نفسه بنفسه ج. ج. رايسكه js adi . (1774-1716) 1.J. Reiske‏ 
عالما لا يجاريه أحد في ذلك الوقت ونذر نفسه لدراسة الأدب والتاريخ 
العربيين. وأدى به هذا التفاني إلى التعرض لاضطهاد اثنين من الأساتذة. 
هما LES Lagi Mickaelis | Liza Schultens 3x16‏ يريدان إبقاء 
الدراسات العريية ضمن نطاق «الفيلولوجيا الدينية»: وتفسير الكتاب المقدس. 
وقد رأى هذا العالم أيضا شيئًا آلهيا في أسس الإسلام . وحين كتب 
سايمون أوكلي لإعءاء0 .5 الأستاذ في أكسفورد «تاريخ History) «à cul‏ 


56 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


Sol gg (1718-1708) (of the Saracens‏ محاولة لجعل نتائج أبحاث المستشرقين 
في متناول عامة القراء. مجد الشرق الإسلامي ورفعه فوق الغرب . 
وهكذا انتشرت الحقائق والأفكار التي جاء بها رجال العلم والتي ألفها 
كتاب من أمثال فولتير الذي أشرنا إليه آنفا وإدوارد جيبون (Eduard Gibbon)‏ 
(1794-1737): الذي وضعت تقديراته المتوازنة العالم الإسلامي في مكان 
رفيع في التاريخ الثقافي والفكري للإنسانية. وهكذا بدأت تتكامل معالم 
صورة""'': هي صورة محمد الحاكم المتسامح والحكيم والمشرء . 

والواقع أن cual all‏ كبر كان ينطن إلى الشرق الاسلامن نظرة 
أخوية متفهمة. وقد مكنت الفكرة القائلة بتساوي المواهب الطبيعية لدى 
جميع الناس والتي ساعد على انتشارها تفاؤل يفيض بالحيوية كان هو 
الدين الحقيقي لذلك العصرء مكنت الناس من القيام بدراسة نقدية للتهم 
التي وجهتها العصور السابقة إلى العالم الإسلامي. حقا إن القسوة والوحشية 
كانتا منتشرتين في الشرق؛ ولكن هل كان الغرب منزها عن ذلك؟ وقد أشار 
الكتاب إلى أن الرق في تركيا كان خف منه في غيرها من البلادء وإلى أن 
القرصنة كانت تمارس أيضا من بين المسيحيين!!؟). صحيح أن المطلق نظام 
سياسي مؤسف. ولكنه جدير بالدراسة ومن الواجب تفسيره. كأآي نظام 
OST‏ بالرجوع إلى الأسباب البيئية والاجتماعية. 

وقد تكون الظروف الجغرافية في الشرق مناسبة له. لكنه نشأ في 
أماكن أخرى في بعض الأحيان. ويذكر مونتسكيو (Montesqieu)‏ الذي كان 
يعتقد بقوة بأهمية العوامل الجغرافية اسم دوميتيان (Domitian)‏ باعتباره 
رائد متصوفي الفرس. وكان اتساع أفق المسلمينء نسبياء في الأمور 
الجنسيةء وهو الأمر الذي يخيف الناس (أو يجذبهم لاشعوريا أيضا) في 
العصور الوسطى,» أصبح جذابا جدا في مجتمع يحرص على رعاية النزعات 
الجنسية. ففي عصر التنوير أصبح المسلمون يعتبرون أناسا مثل غيرهم. 
وكثير منهم کانوا یفضلون على الأوروبیین. وهکذا فإن توماس هوب Thomas‏ 
Hope‏ الذي أقام في الشرق في عدة مناسبات في أواخر القرن/©), قد 
كتب يقول: «حين لا يكون التركي متأثرا بالتعصب فإنه يجمع بين الخير 
والأمانة». 

وفي نهاية كانديد C Candide)‏ يصل الأبطال إلى الطمأنينة والهدوء 


57 


تراث الإسلام 


قرب القسطنطينية بعد أن أصبحوا على درجة أكبر من الحكمة: على أثر 
اتباعهم لنصيحة «أحد الدراويش المشهورين الذي كان يقال عنه إنه أفضل 
لعو is caper dl masas eco adiu d‏ والورانة 
وعدم اهتمامه بالسياسة. وقد انتشر الرحالة في أراضي الشرق وكان 
بعضهم أصحاب نظرة ضيقةء شأنهم شأن المبشرين الذين كانوا يعيشون 
وهم في الشرق في عالم أغلقوه على أنفسهم. أما البعض الآخر من أمثال 
g Carsten Niebuhr jeo (juu jS $ James Bruce (109) (assa‏ ه. موندرل 
-Z 9 R. Pocock c5 Ss. 5. ; 9 H. Moundrell‏ دو لا روك -Q 9 J. dela Roque‏ 
سفاري IT. Shaw à pulagig N. Savary‏ فقد عادوا من الشرق وهم يحملون 
معلومات مثيرة أضيفت إلى الكتابات التي كانت تقراً بلا انقطاع» والتي كان 
قد ألفها کتاب مثل شاردان ”ل1۲ وتافريينيه 1۹۷٥۲٣٥۲‏ في القرن السابق. 
وقد تغلغلت الليدي ماري وورتلي مونتاجيو „A Mary Wortley Montagu‏ 
alle‏ النساء في القسطنطينية وكتبت عنه بصورة تخلو من الأسرار 
LU,‏ . ومن جهة أخرى فقد قام بعض الشرقيين» ومعظمهم من 
المسيحيينء بزيارة أورويا. وهكذا فإن جان جاك روسو نلهء180055 .1.7 الشاب» 
وهو ابن ساعاتي يعمل في القصر الإمبراطوري في القسطنطينية؛ وقريب 
لقنصل في بلاد الفرس ولابن هذا الأخير الذي شغل منصب قنصل في 
البصرة وحلب وبغداد وطرابلس (سوريا)ء لم يستغرب حين قابل قرب نيو 
Newchatel | BL‏ (في سويسرا) آرشمندريث مزيفا للقدس» هو دون شك 
مغامر يوناني وأحد أتباع «الحاكم الأكبر» . وكانت قصة الجاسوس التركي 
الذي يقوم بسرد نقدي للعادات والتقاليد الآوروبية. وهو موضوع أطلقه 
عام ١684‏ مغامر من جنوا اسمه ج. ب. مارانا Marana‏ .8 .0 عاش فترة 
طويلة في مصر ونال بعد ذلك نجاحا كبيراء هي التي أدت إلى كتابة 
«الرسائل الفارسية qr «Lettres Persanes‏ افا ا کن Ane iu‏ 
ومن جهة أخرى فقد كان اتجاه عصر ما قبل-الرومانتيكية Econ‏ 
والذي كان يتجلى فى التغنى بالشرق الإسلامى الأخاذ الساحر الذي صوره 
BIS A. Galland (Ls . i‏ ذا الاتجاه لا يوان قويا وقد أنتج تحفة فنية 
اسمها «الفاسق» 206 لمؤلفها ويليام بكفورد W. Beckford‏ )1781( وهو 
المؤلف الذي سيصبح عام ١788‏ في مدريد محبا لشاب مسلم اسمه محمد. 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


ومما أعطى حيوية لكتاب «الفاسق» الاتجاه القوي نحو الحركات السرية 
التي كانت تميز نهاية القرن والتي كان رمزها هو كاليوسترو متاومتاعه0 
«القبطي الكبير» الذي كان يتفاخر برحلاته الطويلة إلى الشرق. وقد 
ظهرت نزعة جمالية أقل من ذلك غرابة عند ويليام جونز كء«ه[ .۷ دفعته 
الى دوسا اذب الشركة :وة ل رار وك رين غير حشر كلا هن 
الشكل والمحتوى في معايير ومفاهيم أوروبية قدر الإمكان. مثال ذلك أنه 
حول الشعر العربي إلى أوزان يونانية-رومانية كلاسيكية. على أن الاتجاه 
cesa‏ والعالتي النذى كان وزرا هن الي هن كاد 
يزال قويا جد Ms» 44S Ling (gal Volney (ilg 53 ta alias‏ 
في ya Aà25 (1787) (Voyage en Syrie et en Egypte) « x29 ls‏ التحليل 
rea af‏ على العخر من النمسبافة كينا يلق بالأسوو السياسية 
والاجتماعية, ولا تميل إلى التنميق بل تنصرف كليا لملاحظة الحقائق. كان 
فولني يعرف اللغات الشرقيةء وكان علمه يدعو إلى الاحترام؛ لكن اهتمامه 
dob aL ls‏ اسو ماف عابت ااا واف d.d‏ 
للبعثة المصرية التي سوف ينتج عنها كتاب «وصف مصر*" Description)‏ 


ail sll (de l’Egypte‏ وهو مجموعة فريدة من الدراسات العميقة الدقيقة 
الآثرية والجغرافية والديمغرافية والطبية والتكنولوجية والسوسيولوجية 
(قبل أن يظهر هذا المصطلح). كان فولني على اطلاع واسع في التاريخ 
الشرقيء لكنه كان يرى أن أفضل طريقة لفهمه هي أن يبدأ المرء بملاحظة 
الشرق المعاصر. وقد حاول تنشيط الدراسة العملية للغة الحديث العربية 
وانتقد العلماء الذين كانوا يعرفون الكثير عن النحويين العرب في العصور 
الوسطى دون أن يستطيعوا التفاهم مع إنسان عربي على قيد الحياة. 
على أن الاهتمام بالحاضر والاندفاع نحو محاولة فهم المسار الحقيقي 
للأشياء لا يساعدان على الدراسات الفيلولوجية البحتةء لهذا فقد ذبلت 
هذه الدراسات خلال القرن الثامن عشر بأكمله. ومع ذلك كان المارونيون 
ils ull (a‏ ,9 (دنمهمودوة) في إيطاليا والغزيري "' نعم في إسبانيا 
يصنفون فهارس المخطوطات العربية. وقام الملك لويس الرابع عشر في 
0 وماريا تيريزا في سنة 1754 بتأسيس بعض المدارس من أجل غاية 
عملية هي تدريب المترجمين. وفي الهند قام ويليام جونز بتأسيس أول 


59 


تراث الإسلام 


جمعية شرقية هي جمعية البنغال الآسيوية. وكان هناك. في الأراضي 
الإسلامية. مجموعة من البريطانيين المهتمين باللغات والآداب الإسلامية 
الهندية الكلاسيكية على حد سواء. وفى سنة ١800‏ قامت شركة الهند 
الشرقية ولغايات عملية «بتأسيس كلية Fort William College alls Maye‏ 
في كلكوتاء وقد نشر وترجم تحت رعايتهاء وغالبا على يدي كتاب من آهل 
البلادء الكثير من الأعمال الرئيسية الفارسية والعربيةء بالإضافة إلى كتيبات 
وأعمال أخرى ذات طبيعة عملية. لقد كانوا يعتقدون وهم في الهند أن 
معرفة الشرق ضرورة أساسية؛ ولكن حوالي ١820‏ بدأ يسيطر اتجاه معاكس 
متمركز حول spall‏ وأصبح يحكم على الاتجاه القديم بأنه غير ضروري. 
وفي 1835 قام اللورد ماكولي 7102123 10:0 بتحويل النظام المدرسي الهندي 
بأكمله إلى النظام الإنجليزي7. 


(Exoticism) eai! sida geld] da jut: mé 7-القرن التاسع‎ 
. الامبريالية. التخصص‎ 

ظهرت فى القرن odas gall‏ غلاقة اماف شعو rial cundi‏ 
بالتفوق الغربي مليء بالازدراء للحضارات الأنشرق: وميل رومانسي إلى كل 
ما هو غريب يبتهج بالشرقي السحري الذي كان فقره المتزايد يعطي سحره 
مذاقا خاصاء وتخصص علمي انصب معظم اهتمامه على العصور الماضية. 
على أن هذه الاتجاهات الثلاثة كانت متكاملة فيما بينها أكثر dis data Lata‏ 
وذلك بالرغم من أن المظاهر قد توحي بعكس ذلك. 

لم ينشاً الميل إلى كل ما هو غريب من تغير في العلاقات بين الشرق 
ارت لمن اتا لای الى ا واد اا الخرب القن 
أصبحت تتوق إلى الغريب والعجيب» صحيح أن الشيء الأجنبي كان يبدو 
دائما غريبا في الوقت نفسه. ولكن الوضع اختلف الآن إذ أصبح الناس 
يجدون المتعة في أكثر الآشياء غرابة. ومن هذا الميل استمدت مدرسة ما 
قيلالروماتيكية الإنطليزية :الث عرف غتنها إقيالها paditls psu La ole‏ 
البدائي. وذلك الجو الذي تحكم في توجيه اهتمامات وليام جونز. وكذلك 
الآمر بالنسبة إلى مدرسة «العاصفة والاندفاع» Sturm und Drang LOLLY‏ 
التي ينتمي (Herder) 55-8 Lg.‏ )1803-1744( . 19 كان لدى هردر. من 


00 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


جملة اهتماماته الأخرى اهتمام عميق بالآداب الشرقية وأدت به دراسته 
التاريخية التركيبية إلى وضع الإسهام الإسلامي في المقام الأول إذ كان 
العرب في نظره «معلمي أوروبا». لكن الرغبة في معرفة العوالم الغفريبة 
وفهمها كانت منذ زمن طويل وثيقة الاتصال بتلك النظرة الكلاسيكية العالمية 
التي كانت تميز أولئك الذين كانوا يبحثون قبل كل شيء في الشرق؛ كما في 
أماكن أخرى» عن الإنسان الذي يمثل جميع الأزمنة والأمكنة. فشعر غوته 
(عطاءه6) الذي يمجد فيه محمداء وخصوصا «أنشودة Mahomet) «Jcs-z‏ 
S94) (1774) (Gesang‏ 59 شاعريته بما لا يقاس مؤلف فولتير (محمد) 
(1742): ولكنه على أي حال أقل منه اصطباغا باللون المحلي. وبعد أكثر من 
أريعين عاماء فى سنة ۱819ء كتب غوته الديوان الشرقى 2251( West)‏ 
(Ostlicher Diwan‏ برسائله الاثنتى عش PES‏ ويمقدمته التى ت دعوة 
إلى افر إلى ارف HER eb gh ies si UAE iade dias‏ 
(Khidr-Chiser)‏ وبشروحه وتعليقاته التي تدل على معرفة واسعة بالشرق. 
ورغم وضوحه المميز فقد شعر غوته بأنه مضطر إلى الاعتذار لآن أصله 
الأوروبي الذي لا يمكن إخفاؤه قد ظهر فيما كتب» ولأن لهجته الخاصة 
تدل على أنه أجنبي . ولقد اشتط المستشرق Merx oS pes‏ حين صرح 
بآن الشرق الذي صوره غوته هو «من نسيج خيالهء إذ إن حقيقة الأمرء كما 
قال œA H. Lichtenberger pe piid‏ أنه «لم يكن يرغب في تصوير الشرق 
أو الغرب بل الإنسان كما وجده بإحساسه الحدسيء سواء في هذا أم في 
ats‏ (انظر أيضا حول غوته بوصفه واحدا ممن أسهموا في فهم الغرب 
للشرق على نحو أفضل في الفترة الرومانتيكية. الفصل السابع فيما بعد). 

إن الدراسات الشرقية التي شاعت مجددا والتي بدت بالفعل وكأنها 
عصر نهضة:؛ زودت الرومانتيكيين بكنوز من المعلومات. ومع ذلك فإن جذور 
الاستشراق العلمي ترجع إلى اهتمامات حركة التنوير ؛معصمء اعنام . وكان 
كل شخص في أوروبا يرغب في التعرف بطريقة وافية على لغات الشرق 
الأدنى وحضاراته يتوجه إلى مدرسة اللغات الشرقية الحية في باريس 
التي أسستها حكومة المؤتمر الثورية (الكونفانسيون) في مارس ۱795 بإيعاز 
فى لانغليز (358165]). وقد أصر هذا الأآخير بصورة خاصة على عنصر 
الفائدة العملية ولكنه أكد أيضا ما يمكن أن تسهم به اللغات الشرقية في 


ol 


تراث الإسلام 


تقدم الأدب والعلم/2. ومن المفارقات أن يكون الرائد الكبير في هذا المجال 
هو سلفستر دو ساسى (53 عل #عاوء5117) وهو الملكى :Legitimist 4e zdl‏ 
الجانسينى المذهب Josei‏ الوضعى التفكير Positivist‏ المتمسك بقيم 
silly oll‏ كان مثلا يتصور علوم اللقات La! (reco Linguistics‏ عالمي 
مجرد» كما تتجدد معالمها عن طريق «علم النحو العام» في إطار روح مدرسة 
بور رویال اه۸ ۶0۲۲" . وأصبح دوساسي أستاذ جميع المستشرقين 
الأوروبيينء وأصبحت باريس الكعبة التي يؤمها جميع الذين يرغبون في 
التخصص بدراسة الشرق الأدنى”. كان عا لما ضليعا ومدققا في فقه 
اللغة. وكان حذرا جدا في الوصول إلى النتائج وحريصا على ألا يطرح شيئًا 
لا تؤيده النصوص بوضوح. كما كان وضعيا: 205105156 قبل ظهور الكلمة 
(في دنيا الفكر) وفرض على العالم الأوروبي بمن فيه من اختصاصيين 
الصرامة والدقة الفكرية التي هيأته لها نزعته الجانسنية «ءا«ءء«ه[. وبقي 
أسلوبه في العمل حتى يومنا هذا هو الأسلوب نفسه الذي يتبعه عدد كبير 
من المستشرقين, كما أن الانتقادات التي توجه الآن إلى هذا المنهج المدقق 
الصارم قد استبانت في أيامه. فقد أغاظ ضيق الأفق الذي ولده هذا 
المنهج (وهو ليس بالنتيجة الحتمية له؛ إذ إن الكثيرين من أقدر ممثلي 
الحركة وأكثرهم كفاءة قد تجنبوا هذا الضيق): أغاظ (Volney) T‏ 3« 
رينان R٣۵١‏ من بعده. وكانت الصرامة العلمية تميل إلى أن تبقى مشاكل 
الماضي في معزل عن مشاكل العالم الراهنء الأمر الذي كان يعيق أحيانا 
فهّم تلك المشاكل الماضية. كذلك كانت تؤدي في أحيان كثيرة إلى القبول 
اللاشعوري بالآراء التي كانت شائعة في بيئتها . والواقع أن رفض الاستنتاجات 
المتسرعة عند تكوين مركب علمي قد يؤدي agnosticism 431 Y (SI‏ عقيمةء 
أو إلى قبول أيديولوجيات ضمنية على علاتها تحت تأثير سمعة أحد الباحثين 
البارزين. لكن هذا لم يكن إلا الوجه الآخر للصفات والميزات الخارقة التي 
لابد منها من أجل التقدم العلمي. والحق أن الشك الذي كان دوساسي 
وتلاميذه يقابلون به التركيبات والتعميمات البراقة والسهلة. بغض النظر 
عما كان يؤدي إليه أحيانا من عدم إنصاف لبعض النظريات السليمة والمهمة, 
كان شرطا ضروريا لبناء تركيبات علوية جديدة على أساس سليم. 
والشرط الثاني كان الانفصال النهائي عن اللاهوت وهو الأمر الذي 


02 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


كان كد سدق هن gal Aka. pie pi cid cb Lai ag ibas]‏ دريب 
الأدلاء والتراجمة في باريس وضينا إلى تحرير التعليم من القيود اللاهوتية. 
كما أدى إلى تأسس مدرسة باريس للغات الشرقية التي قامت في أوج 
s Alas:‏ الثورية فكانت في عهد سلفستر دوساسي النموذج لمؤسسة 
للاستشراق العلمي والعلماني. أما في البلاد الناطقة بالألمانية فكانت 
الجامعات لا تزال تحت سيطرة علماء اللاهوت؛ وكان لابد أن يمارس 
الاستشراق العلماني في آول الأمر هواةء كان على رأسهم عالم غزير الإنتاج 
هو جوزيف فون هامر بورغشتال 4.3J (1856-1774) J. Von Hammer Purgstall‏ 
كانت تعوزه الدقة الفيلولوجية: لكن لم يكن يضاهيه أحد iia A ge‏ 
بالشرق على نطاق شعبي» وقد آسس أول مجلة إخصائية للاستشراق في 
أوروبا «صندوق الكنوز الشرقية»› Fundgruben des Orients‏ )1818-1809). التي 
كان يكتب فيها معظم المستشرقين الأوروبيين بالإضافة إلى بعض العلماء 
الشرقيينوكان فون هامر يؤزع امتماماته بالتساوي بين الماضي والحاضر, 
إن اللجوء إلى الموضوعية وإلى العمل التخصصي الشاق كان ينسجم مع 

tales‏ الحصدر الشيعة كى وق او كه رااان كى دو 
التنظيم: وفي مجتمع كانت الرأسمالية فيه تولد تطورا صناعيا لم يسبق له 
مثيل. وما نجاح تعاليم سلفستر دو ساسي في أوروبا غير انعكاس لهذا 
الاتجاه. مثلما هو الحال بالنسبة لازدهار المؤسسات المتخصصة. فقد أسست 
جمعية باريس الآسيوية diss (,8 Sociote Asiatique de Paris‏ 1821 وفي سنة 
3 أصدرت دوريتها تحت اسم Journal asiatique «33531 All»‏ . 723( 
سنة ١834‏ ظهرت «مجلة الجمعية الآسيوية الملكية لبريطانيا CRER‏ 
Journal of the Royal Asiatic Society of Great Britain and Ireland‏ بعد أن تأسست 
الجمعية نفسها اعتبارا من 1823 . وفى سنة ١839‏ حلت مجلة منتظمة فى 
صدورها هى مجلة الجمعية الآسيوية jii of the As. Soc. of Bengal JLU‏ 
مكان مجلة (Asiatic Researches) igues Y| exa jl‏ في الهند التي كانت 
تصدرها جماعة ويليام جونز. وفي سنة 1481 أصدر فرع بومباي مجلته 
الخاصة به. وشهد ale‏ 1842 تأسيس الجمعية الشرقية الأمريكية التي كان 
لها بدورها مجلتها الخاصة. وفي عام 1849 صدرت مجلة الجمعية الشرقية 
الآلمانية Feitschrift der Deutschen Morgenlandischen Gesellschaft Hera‏ في 


63 


تراث الإسلام 


لايبزيغ. وقد أصدرتها الجمعية الشرقية الألمانية التي تأسست قبل ذلك 
بعامين. وكانت الحركة التي أدخلت الثقافة الغربية إلى روسياء منذ النصف 
الثانى للقرن الثامن عشرء قد أنتجت بعض الأعمال فى حق الاستشراق. 
zl jo‏ 4 توسع تعليم اللغات الشرقية على اللستوق الجامعي في 
خاركوف Kharkow‏ والأهم من ذلك وصوله إلى قازان a cols Yl Kazan‏ 
ضمن أراض إسلامية. وقد أدت السياسة الإسلامية الداخلية للدول الروسية 
إلى ازدياد سريع في أهمية هذا المركز في قازان” . 

تلك هى أصول الاستشراق. وقد ظهرت كلمةاءنلها١ء:0»‏ (مستشرق) 
في إنجلترا حوالي سنة 1779 وكلمة ale Lusty (8 «Orientalistey‏ 1799 
وأدرجت كلمة «عدؤذاهامء0:1» (الاستشراق) فى قاموس الأكاديمية الفرنسية 
es jg 1838 ale (Dic. de I’ Academie Francaise)‏ فكرة إيجاد فرع متخصص 
من فروع المعرفة لدراسة الشرق تلقى المزيد من التأييد. ولم يكن هنالك 
حتى ذلك الوقت إخصائيون بأعداد تكفي لتأسيس مجلات أو جمعيات 
تهتم حصرا ببلد واحد أو بشعب واحد أو منطقة واحدة في الشرق. ويدلا 
من ذلك كان نطاق المجلات والجمعيات يمتد ليشمل عدة مجالات؛ وإن لم 
تحظ جميعها بدرجة العمق نفسها في البحث. لذا كان العالم «مستشرقا». 
ومفهوم «الاستشراق» يشير إلى تعمق أكثر في الدراسة؛ ولكنه كان يدل 
أيضا على الانسحاب والاعتكاف» (في جانب من جوانب المعرفة). وعلى 
حين أن الشرق والغرب كانا في الأعمال التركيبية في القرن الثامن عشر 
يقفان جنبا إلى جنب كمظهرين لنظرة عالميةء فقد أدرك العلماء في الفترة 
التي نتحدث عنها أنه لا يمكن القيام بأي دراسة للشرق قبل القيام بدراسة 
سابقة للنصوص الأصلية التي تحتاج بدورها إلى معرفة عميقة باللغات 
الأصلية. وقد تبينء في ضوء المادة التي تجمعت,. أن هذا العمل المسبق 
واسع جداء ويقتضي تحقيق النصوص وترجمتهاء وكذلك وضع المعاجم 
وكتب القواعد المخطط لها بطريقة علميةء وشرح التاريخ السردي. الخ... 

صحيح أن المتخصصين قد تكون لديهم أفكار عامةء ولكنهم يجب أن 
يبعدوها على قدر الإمكان عن عملهم العلمي. ولم يكن يتبقى لهم وقت كاف 
للاطلاع على الاتجاهات العلمية خارج نطاق اختصاصهم. 

ولا شك في أن الاستشراق الأدبي والفني قد ترعرع ونما نتيجة للأحداث 


64 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


المتعلقة بالشرق الإسلامي. وخصوصا «المسألة الشرقية» التي كانت من 
المشاكل العظمى في السياسة الأوروبية في القرن التاسع عشر. ومن الأمور 
ذات المغزى أن الحركة الرومانتيكية التي تسعى وراء كل ما هو غريب 
وجدت بدايتها في حرب استقلال اليونان التي جذبت بايرون (١٥إر8)»‏ 
(وقد توفي فيها عام 1824)ء وكانت موضوعا لأول لوحة تصوير استشراقية 
(مذبحة سيو لدولاكروا التي عرضت في نفس السنة)... Le Massacre de‏ 
Seio par de la croix‏ . 2239 2"( هذه اللوحة وفي مجموعة فكتور هوجو 
«(Les Orientales) «la LAM» (SUME ia cus (Victor Hugo)‏ (وأول قصيدة 
ها فن (eds ald gil‏ الصورة ROG‏ حرق مع اوها 
الأساسية؛ تلك الصورة التي ازدهرت وبقيت مدة طويلة في خيال الجمهور: 
صخب في الألوان» ترف وضراوة وحشيةء حريم وسرايا السلطان؛ رؤوس 
مقطوعة ونساء توضع في آكياس وترمى في البوسفور» مراكب وسفن شراعية 
يرفرف عليها علم الهلالء استدارة القبب اللازوردية والمآذن البيضاء المحلقة, 
وزراء ومحظيات وخصيان:. ينابيع باردة قرب أشجار النخيل» كفار 
Giaours‏ شقت حناجرهم» نساء أسيرات يخضعن لشهوة المنتصر النهم. 
مثل هذه الصور الغنية بالألوان تقدم إشباعا رخيصا للغرائز المتأصلة 
والشهوات الخفية والماسوشية والسادية اللاشعورية للبورجوازية المسالمة. 
حسب ما كان الشاعر هاينه عدزعة8 قد اكتشف إذ ذاك. وحتى حين كان 
الغربيون يذهبون إلى الشرقء كانت تلك هي الصورة التي يبحثون عنهاء 
فينتقون ما يرونه بعناية ويتجاهلون كل ما لا ينسجم مع الصورة التي 
كوتوها سايق . 

كذلك فإن هذه الصورة؛ التي تلونت بالحساسية الأوروبية في مرحلة 
تطورها تلك. كانت تعكس وضعا حقيقيا. ففي القرن التاسع عشر كان 
الشرق الإسلامي لا يزال عدوا ولكنه عدو محكوم عليه بالهزيمة. وكانت 
البلاد الشرقية أشبه بالشهود المنهارين لماض عريق. فقد كان المرء يستطيع 
أن يستمتع بترف امتداحهم في الوقت الذي كان فيه السياسيون ورجال 
الأعمال يفعلون كل ما في وسعهم للإسراع في انهيارهم. ولم يكن إمكان 
صحوهم ولحاقهم بالعصر الحديث يثير أي حماسة. بل إنهم قد يفقدون 
في خلال عملية تحديثهم نكهة الغرابة التي كانت مبعث سحرهم. وعلى 


65 


تراث الإسلام 


حين أن الشرقي كان في العصور الوسطى يعتبر عدوا شرسا ولكنه مع ذلك 
من مستوى الرجل الغربي نفسه. وكان في عصر التنوير في القرن الثامن 
عشر وفي ظل أيديولوجية الثورة الفرنسية الناشئة عنه؛ لا يزال يعد. خلف 
قناعه Bd‏ قبل كل شيء؛ فإنه قد أصبح الآن مخلوقا مختلفاء سجين 
خصوصيته؛ وموضوعا للثناء الذي يمن به عليه البعض. وهكذا ظهر مفهوم 
«الإنسان الإسلامي» «(Homo Islamicus)‏ 949 مفهوم لا يمكن القول إنه اختفى 
حتى الآن. 

وقد أخذت النظرية القائلة بوجود حضارات مختلفة لكل منها تطورها 
في نطاقها المحدد لهاء تلقى قبولا عاما. وفقا لهذه النظرية تكون كل 
حضارة قد وهبت طبيعة أساسية خاصة. ويفسر البحث عن هذه الطبيعة 
الأساسية الاتجاه المتزايد للعلماء نحو ترك دراسة الفترات الحديثة 
والتخصص فى العصور «الكلاسيكية» التى يفترض أن الحضارات قد أظهرت 
فيها «أنقى» اتسا وخر زاد في auc‏ هذا الاتجاه العلمان الإنسانيان 
اللذان كانا رائجين في القرن التاسع عشر وهما: تاريخ الأديان وعلم اللغة 
التاريخي المقارن. وقد أثار تاريخ الأديان الذي نشأ من جراء الصراع بين 
التعددية النسبية العلمانية وبين الاحتكار المسيحي للأفكارء أثار اهتماما 
كبيرا بدراسة الديانات الشرقية كبدائل للمسيحية في كل من الماضي 
والحاضر. 

وأعطت مكتشفات علم اللغة التاريخي والمقارن اللغةء بل كل لغة معينة: 
دورا أساسياء قأصبح يسود الاعتقاد بأن هوية الأمة تتحدد بلغتها ويخصائص 
هذه اللغةء وأدت النزعة التطورية في البيولوجياء وكذلك ظهور علم 
الأنثروبولوجيا الطبيعيةء إلى تركيز الاهتمام على تصنيف الأجناس العرقية. 
وكان ينظر إلى الأجناس العرقية في حد ذاتها كقوى أساسية ذات محصلة 
عالية جدا من الفاعلية. على أن التخصيص اللفرظ كان عن كنات شفط أن 
يعيق» وبشكل متزايد. التقدير الصحيح لما أسهم به هذان العلمان. وهكذا 
لم يصلا إلى المتخصصين في المجالات الأخرى إلا في أكثر أشكالهما 
ابتذالا وآلية فحسب. 

ورغم الكمية الهائلة من الوثائق والمعلومات المفصلة الدقيقة التي كان 
يجمعها الاختصاصيون. فقد كان هنالك تباين متزايد بين تيارين من المعرفة: 


bb 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


فمن جهة كانت معرفة المتخصصين عميقة لكنها مركزة على نظرة ثقافية 
كلية اختفت الآن في ذاتهاء وإن كان قد ظل يعزى إليها تأثير ثابت خفي. 
وكان هذا RIS‏ اتجاهه من الأفكار العامة للعصر التي كانت sais‏ 
معطيات تاريخ الآديان وعلم اللغة التاريخي والآنثروبولوجيا الطبيعية في 
شكل قريب إلى الأذهان العاديةء ينطوي على تضخيم لقوة تأثير الدين 
واللغة والعرق إلى حد هائل. ومن جهة أخرى فقد كانت مشاكل الحياة 
المعاصرة الفعلية في تلك المجتمعات تعتبر موضوعا وضعيا يحسن تركه 
للملاحظة العملية للتجار والرحالة والدبلوماسيين والاقتصاديين. وبينما 
حاولت المعرفة النظرية في القرن الثامن عشر أن تساعد الإنسان المشتغل 
في الميدان العملي على فهم الحاضرء فإنه يمكن القول بصورة عامة إن 
العلماء في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين: في المناسبات النادرة 
التي كانوا يتدخلون فيها في هذا المجال (العملي)ء كان ضررهم يزيد على 
نفعهم» وذلك لتأثرهم بالأحكام المفرضة الشائعة لا بالعلم. 

وهناك صورة أخرى تفتقر إلى التنظيم: وتنظر إلى بلاد الشرق الإسلامي 
باعتبارها مجتمعات متطورة قادرة على التقدم» إذا ما توافرت الشروط 
الملاكمة: وهذه الصور تثمثل أساسا تدى رجال السياسة والفنيين 
والاقتصاديين حيثما كانت الظروف ملائمة نوعا ما. فهكذا كان الحال في 
مصر محمد على التى أثارت بعض الحماسة فى فرنسا بقدر ما كانت 
اا ٠‏ 

ومن المفارقات أن الحركة الجمالية التي تنزع إلى كل ما هو غريب 
(الغرائبية)؛ والتي أغرقت معظم أتباعها في الحنين إلى الماضي وفي الخوف 
من التحديث الأوروبي» قد جعلت غيرهم ينزعونء بسبب اهتمامهم المخلص 
والعاطفي بالبلاد المعنيةء إلى تشجيع تقدم هذه البلادء وبالتالي إلى إبداء 
مزيد من الاهتمام بالحركات التي كانت تنشط هناك. ولكن ها هنا أيضا 
افترقت الطرق» وكانت هناك سبل كثيرة متوافرة؛ وتتراوح بين تصور حدوث 
التطور المرغوب فيه تحت رعاية الموطن الأوروبي لهذه النزعة الغرائبية 
)» ليوتي» Lyautey‏ ل . ماسينيون 1125516207 سآء ت 5 . ]55 43 , T.E. Lawrence‏ 
في أول الأمر)ء مرورا بجميع المواقف المتوسطة الممكنةء ومع تغييرات في 
المواقف ضمن فترة حياة الإنسان الواحد. ولقد أدى تأثير الآراء المقبولة 


07 


تراث الإسلام 


بصورة عامة في ذلك العصر إلى إحداث انعطاف مختلف للأفكار. فقد 
قدم و. س. بلنت في مخططاته الهادفة إلى إحياء الإسلام والعالم العربي 
عن طريق العودة الجزئية والمعدلة؛ إلى الأشكال السائدة في العصور 
الوسطى-قدم مادة مهمة أخذها فيما بعد المنظرون الأوائل للقومية الإسلامية 
والعربية وتمثلوها وتبنوها!”0©. 

ولقد كانت الظاهرة التي لعبت الدور الأكبر في تحديد طبيعة النظرة 
الأوروبية إلى الشرق وخصوصا بعد منتصف القرن التاسع عشرء هي 
الإمبريالية (انظر من أجل الخلفية السابقة لهذا الاتجاه التاريخي: الفصل 
الرابع فيما بعد). كان التفوق الأوروبي من النواحي الاقتصادية والفنية 
والعسكرية والسياسية والثقافية طاغيا في الوقت الذي كان فيه الشرق 
يغرق في التخلف. وأصبحت إيران والإمبراطورية العثمانية» عملياء محميتين 
أوروبيتين: بينما كان نظاق الاستعمار المباشر ينتشر في أواسط آسيا لمصلحة 
الروس» وفي المغرب والمشرق العثماني لمصلحة البريطانيين والفرنسيين 
والإيطاليين. وخصوصا بعد سنة 1881 حين احثّلت مصر وتونس. وكان من 
المحتم أن يؤدي هذا كله إلى تشجيع التمركز حول الذات: وهو صفة طبيعية 
في الأوروبيينء كانت موجودة دائماء ولكنها اتخذت الآن صبغة تتسم بالازدراء 
الواضح للآخرين. كانت الرؤية اللاشعورية للأمور في القرن الثامن عشر 
من وجهة النظر الأوروبية؛ والتي كانت توجهها الأيديولوجية العالمية للعصرء 
تحترم غير الأوروبيين وتحترم تقافاتهم وكانت تجد» بحق» في تطورهم 
التاريخي وفي التكوين المعاصر لمجتمعاتهم خصائص إنسانية عامةء وكانت 
تعزو إليهم؛ بسذاجة غير نقديةء نفس أسس الحضارة الأوروبية مع فروق 
نوعية سطحية جدا فحسب. أما التمركز الأوروبي حول الذات في القرن 
التاسع عشر, ذلك التمركز الواعي والنظري» فقد ارتكب خطاً عكسيا: كان 
يفترض وجود صفات نوعية خاصة لا يمكن تخطيها وعلى جميع المستويات 
(لدى الشرقي)ء وكان يتجاهل الخصائص آو الدوافع العالمية أو ينكرها. 
وفضلا عن ذلك فإن الشرقيين أنفسهم أخذوا في بعض الحالات يتبنون 
النموذج الأوروبي» ابتداء من مظاهره الأكثر سطحية. وفي حالات أخرى 
كانوا يرفضون هذا النموذج كليا ويتمسكون بأقدام القيم في ثقافتهم؛ رغم 
أن هذه القيم كثيرا ما كانت قد جددت من الداخل. وأخذ العلماء يقومون 


08 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


بدراسات متزايدة العدد ومتزايدة العمق والتخصص للعصور الكلاسيكية 
ولأكثر الأشياء صلة بثقافة تلك العصور. وكانوا يلاحظون بنشوة مفهومة 
eal gull‏ جميع الدلائل التي تشير إلى تأثيرها الثابت في العصر الحاضرء 
وكثيرا ما كانوا بصورة شعورية أو لاشعورية؛ يتخذون من سمعتهم العلمية 
الدليل المؤيد لصحة هذه الطريقة في عرض الأمور» . 

وقد شجع الوضع المهين الذي وجد العالم الإسلامي نفسه فيه؛ المبشرين 
المسيحيين وفتح لهم طرقا جديدة. ففي إطار الميول الإنسانية الطبيعيةء بل 
وحسب الأفكار العامة للعلم العصري في ذلك الحين: عزا المبشرون نجاحات 
الأمم الأوروبية إلى الدين المسيحي. مثلما عزوا إخفاق العالم الإسلامي 
إلى الإسلام. فصورت المسيحية على أنها بطبيعتها ملائمة للتقدم؛ وُقرن 
الإسلام بالركود الثقافي والتخلف. وأصبح الهجوم على الإسلام على أشد 
ما يكون. وبعثت حجج العصور الوسطى بعد أن أضيفت إليها زخارف 
عصرية؛. وصورت الجماعات الدينية الإسلامية (انظر الفصل الثامن حول 
أصول هذه الجماعات) بصورة خاصة على أنها شبكة من التنظيمات الخطرة 
يغذيها حقد بربري على الحضارة” . ومن المفارقات ذات المغزى أن نتائج 
مماثلة كانت قد ظهرت عند مفكرين معادين للآكليروس من أمثال فولتير 
وغيره الذين مجدوا فضائل الهيلينية باعتبارها حضارة قامت على حرية 
الروح وعلى عبادة العقل والجمالء وكانت ينبوع العظمة الأوروبية. بعكس 
الروح السامية التي أدت إلى التحجر المتعصب والجمود المذهبي المدرسي. 
وإلى الرجعية العتيقة والقدرية المتطرفة واحتقار الفنون التشكيلية. وإلى 
تلك الروح الأخيرة كانوا يعزون كل ما يرتبط بها من أخطاء لدى اليهودية 
والسيحية V9 SLM;‏ 

كانت حركة الجامعة الإسلامية (us Pan- Islamism‏ 54 المرعب في 
ذلك العصرء على نفس الطريقة وفي نفس الزمن اللذين انتشر الرعب 
فيهما من «الخطر الأصفر». فكانت كل ظاهرة مناهضة للاإمبريالية. حتى 
ولو كان مبعثها مشاعر محلية خالصةء تعزى إلى تلك الحركة الإسلامية: 
وكانت الكلمة نفسها توحي بالتطلع الإسلامي للسيطرة وبأيديولوجية 
عدوانية؛ وبمؤامرة على نطاق عالمي. وبفضل الصحافة والأدب الشعبيين 
Slab! LoS,‏ أخذت هذه النظرة تتسرب إلى عقول الجماهير الغفيرة من 


69 


تراث الإسلام 


الأوروبيين؛ ولم تخل من تأثير في العلماء أنفسهم وخصوصا حين كانوا 
ينبرون لتقديم النصح إلى أولئك الذين كانوا يوجهون سياسات الحكومات 
الاستعمارية. أما أولتك العلماء الذين اهتموا كثيرا بالدراسات المعاصرة, 
من أمثال سنوك هوركرونيه 1101810036 Snouck‏ و سی. هو. بیکر C.H.‏ 
cual o Becker‏ كانت فكرة الجامعة الإسلامية تشغل ا فإنهم في 
تحليلاتهم التي كان تتصف بدرجات متفاوتة من الدقة. كانوا يميلون O3‏ 
يروا فيها حركة رجعية7". ومع أنهم لم يكونوا يؤمنون بجميع الأساطير 
الشائعة حول هذا الموضوع؛ فإنهم كانوا يميلون إلى أن يضفوا على هذه 
الحركة؛ التي كانت تتألف في الواقع من عدة اتجاهات مهلهلة شديدة 
التشعب. وحدة وتنظيما يفوقان ما كان موجودا فيها بالفعل. 

غير أن معظم المتخصصين لم يهتموا بهذه القضاياء واكتفوا بتبني الآراء 
الشائعة في عصرهم كلما اضطروا لمعالجة أمور خارج فروع معرفتهم. 
فاختصاصاتهم هذه لم تتطور إلا ببطء في روحها ومناهجها. وبقي التحيز 
للفيلولوجيا يؤثر تأثيرا لا ينكر في الدراسات الشرقية. وتراكمت مواد 
البحث» وازدادت مناهج الدراسة دقةء وأصبحت الصلات بين العلماء أكثر 
تعددا وتنظيماء وخصوصا على الصعيد الدوليء وذلك بفضل الاتصالات 
التي تجري في المؤتمرات الدولية للمستشرقين: التي عقد أولها في باريس 
عام 1873. أما تحليل المجتمعات والثقافات والآفكار فلم يتقدم إلا بنتيجة 
تفهم بعض العلماء البارزين له. 

ولم يؤد الظهور البطيء للعلوم الاجتماعية إلا إلى تغيير بسيط في هذه 
الصورة فكان علم الاجتماع وعلم النفس وعلم السكان والاقتصاد السياسي, 
علوما غير معروفة لدى معظم المتخصصين في الشرق الإسلامي. حيث 
إنهم لم يكونوا يدركون فوائد تلك العلوم لدراساتهم. وصحيح أن علماء 
الاجتماع المبكرين اعتبروا العالم الإسلامي داخلا ضمن دائرة اهتمامهم 
في جملة العوالم الأخرى, لكنهم إنما كانوا يعنون بذلك العالم الإسلامي 
الكلاسيكي أو العادات والتقاليد القديمة للعالم الإسلامي الحديث. وكان 
علماء الاجتماع العام يستقون معرفتهم من المختصين بالدراسات الإسلامية, 
وكانوا يحجمون» بدافع الحذر المشكورء. عن التوغل في مجالات لا يعرفون 
عنها إلا القليل. وكانت إثنوغرافيا الشعوب الإسلامية هي الميدان الذي 


70 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


تركت فيه العلوم الجديدة والنشطة أكبر الأثر. وأسفرت عن أعمال رائعة 
مثل عمل إي. دوتیه E. 201٤٤‏ (متلا كتاب «السحر والدين فى شمال أفريقيا» 
EN TE cel |g (1908) (Magic et Religion dans l'Afrique du Nord)‏ مارك E.‏ 
Westermarck‏ (مثلا «طقوس الزواج في Marriage Ceremonies, «1914 Ws >a‏ 
el ya oa LS in Morocco‏ عدم وجود نموذج نظري مفصل للبنيات الاجتماعية 
وتظورا إابقي التاريخ فى copula tall Jam‏ كى سى العم 
الوصفي البحت. إلا أنه كان قد اكتسب نفحة جديدة من الحياة بفضل 
الدقة النقدية التي أدخلها ب. ج. نيبوهر ننانااء211 .8.6 (ابن كارتسن نيبوهر 
الرحالة الذي زار البلاد العربية) وليوبولد فون رانكه”' ء٣١۸ ۷0١‏ .1 في 
تحليل المصادر. وتبع هذا النمط مؤرخون مستشرقون من أمثال ج. فيل G.‏ 
Í 3 Weil‏ . شبرنجر) A. Sprenger‏ 9 ر. $595( M. vn egal -e 9 R. Dozy‏ 
a8 Amari‏ كانوا يتوخون الدفة في تحري الوقائع, وكانوا من حيث المبداً 
ری a E‏ ها ك ت الان den bd‏ ينيقي 
p‏ الا کیم کي اتراق اا رین افا اة ى مره 
والمتعلقة بفهم تطور الأحداث. وهكذا كان شبرنجر (الذي راجع تاريخ الرسول 
(ص) بطريقته النقدية في كتاب «حياة وتعاليم Das Leben und die) .« azn‏ 
)Lehre des Mohammed‏ (1865-1861) متاثرا بالمفهوم الهيجيلي Hegelian‏ . 
وکان آلفرید فون کریمر* A. Von Kremer‏ (۱889-۱828) دون شك آول 
مختص يرى تاريخ الإسلام ككل موحد . وكان عرضه لهذا التاريخ مبنيا على 
المبدأ القائل بتأثير الأفكار السائدة في كل عصر والتي تقدم «المفتاح لفهم 
النظام الديني الاجتماعي للاسلام7”. وبقي معظم العلماء المختصين 
idi abet donus a lal Ate avg ess‏ 
والروحي. ولم يكن لمدرسة المؤرخين الفرنسيين بين 1820 و 1850 الذين 
كانوا يشيمون كشماياوم:التاريفي على العوافل الديناميكية الراخلية السسراعات 
بين الفئات الاجتماعية أي piat‏ حقل الاستشراق. ففي هذا الحقل 
الأخير كانت الصراعات توصف بأنها صراعات بين «الأجناس العرقية» 
وصراعات بين الأديان. وهكذا كانت الحركة الشيعية تفسر عادة كرد فعل 
للروح الفارسية الآرية ضد الإسلام السامي. 

على أن الفيلولوجي ه. غريم oLlel wath 515 13 (H. Grimme)‏ 


71 


تراث الإسلام 


الاجتماعية في عصره» فکان آول من بحث في كتابه (Mohammed) « azn»‏ 
(1895-1892) تأثير العوامل الاجتماعية في حياة محمد-ولكن بصورة مقتضبة 
جدا بالطبع. وقد بين اللاهوتي ج. فلهاوزن Q. Wellhausen)‏ الذي نال شهرة 
من خلال أفكاره المتعلقة بنقد الكتاب المقدس وتاريخ إسرائيل القديمةء في 
كتابه: cali:‏ المعارضة السياسية الدينية في صدر الإسلام Die Religios-‏ 
yg gl o (1901) . (24%) Politishen Oppositions parteien in alten Islam‏ 35-24 
t] Ae sacas co ad‏ يال على ذخام هة الصرا عات السبائسية 
والاجتماعية. وقد شار ك. ه. بيكر” على الطريق نفسه فى كتابه 
«دراسات إسلامية dg (1932-1924) dslamstudien‏ ل . كايتاني (I. Caétani)‏ 
إلى أبعت من ذلك شي Dalai cl] paco‏ ان رود عد 
«دراسة في التاريخ الشرفي» 13S» . (1914) Studia di storia Orientale‏ ظهر 
قي با القرن العشرين. بعائين ALA ALI cp gi aad baa]‏ 
في فلسفة العصر الوضعية التلفيقية » دون الاستعاضة عنها بتحليل 
ple cet‏ للينية 3s Lets VI‏ امامل ال اة الاجتناعية وإها كان 
يكتفي فيها بنقل العوامل السائدة في العالم الأوروبى المعاصر وتأكيدها. 
Beto estes‏ القسم الأكنوهق اللختصين هى التشكك فى هده تاروت 
الت گان بها اغا كيه وعرض.ة للتقد: وهكذا ظلوا ,3 ادريين» يشكل 


حدر. 


8-العصبية العرقية الأوروبية تهتز: 

في هذا المجال كما في غيره أدت حرب ۱918-1914 إلى زعزعة ثقة 
الحضارة الأوروبية بنفسها من حيث إيمانها بالتقدم غير المحدود في الاتجاه 
الذي كانت تسير فيهء وبذا تزعزع التعصب العرقي الأوروبي. ولقد دلت 
الثورة العربية في الشرق وحركة أتاتورك في تركيا وتخلص الأمم المختلفة 
من نير الإمبراطورية الروسية القديمة وثورات الهند وإندونيسيا وغير ذلك 
من البلدان-وجميعها كانت تسير على غرار ثورة تركيا الفتاة والثورة الإيرانية 
في الفترة ما بين 1908 و 1914-دلت هذه الثورات على أن السيطرة الأوروبية 
يمكن أن تصبح موضع الشك. وقد نشر أو. شبنجلر (O. Spengler)‏ 2.423 
الحرب كتابه المذهل »552.3 35.31« (Unter gang der Abendlandes)‏ )1918- 


72 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


1922( وكتب لوتروب ستودارد الأمريكي J> LIES (Lothrop Stoddard)‏ 
موضوع محدد هو «تصاعد مد اللون ضد التفوق العالمي للبيض» 16 
Rising Tide of colaor against white world supremacy‏ )1920( . 
ial gladly ies earpiece BIST ad‏ اي 
The New World of Islam‏ (1921). كان هذا الخبير في الشؤّون العامة. وهو 
غير متخصص. واسع الاطلاع. فدون أن ينكر وجهة نظره العرقية أظهر أن 
تغيرات عميقة أخذت تكوّن «شرقا جديدا غريبا» هو إلى حد كبير نتيجة 
للتأثيرات الغربية. وكانت الصورة الجديدة التي رسمها هي من حيث الأساس 
صورة عالم يدور حول نواة غامضةء مختلفة أساساء عدوانيةء منفرة إلى 
حد ماء قوامها جهل ووحشية لا يكاد يقدر على كبح جماحهما دين أو عرف 
أو نخبة مستنيرة قليلة. لكنه أفسح في المجال أيضا لعوامل عالمية مثل 
الصراع ضد التدخل الأجنبي. وقد ظلت تلك النظرة إلى الأمور. بصورة 
تقريبية. هي نظرة الجمهور الأوروبي والأمريكيء فيما عدا أن التأكيد لدى 
الجمهور كان بالأحرى على العامل الأول وهو الوحشية الكامنة وغير المكبوحة 
والتعصب الذي أطلق له العنان لمواجهة الدفع الحضاري الآتي من الغرب. 
كان لابد لعملية الهدم هذه من أن تظهر آثارها . فنجد في شخصية ت. 
Ys atLecty (T.E. Lawrence) (joi gJ m‏ مثيرا للتصادم بين النزعة 
الرومانتيكية الغرائبية وبين وافع يدرك تجريبيا في جوانبه العالمية» وإن 
كان قد ظل يصبغ بالأوهام السحرية ذات اللون المحلي. وكانت النزعة 
الغرائبية تؤدي في بعض الأحيان إلى فهم أعمق للأماني المحلية. كما هو 
الحال بالنسبة لتلاميذ بيير 351 OC‏ نام1 .2 المحبين للأتراك. إلا أن 
المناهضين للاستعمار كانوا في أغلب الأحيان ذوي نزعة عالميةء لا يهتمون 
كثيرا بالماضي أو بالخصائص المميزة للحاضرء التي كانوا يعدونها من آثار 
ماض بربري من الأفضل تدميره. وكان الاتجاه الذي أدت إليه النزعة 
الغراكبية هو أنها دفعت رجال السياسة الاستعماريين إلى محاولة الحفاظ 
على الأشكال القديمة وإلى السعي لإيجاد حلفاء لهم بين المحافظين من 
أهل البلاد الأصليين: وإلى أن ينددوا بالمثقفين الوطنيين-سواء كانوا مصلحين 
al‏ ثوريين؛ اشتراكيين أم غير اشتراكيين-باعتبارهم مجرد مقلدين باهتين 
لأوروباء وتدفعهم أفكار مجردة وغير مهضومة إلى هدم تراثهم الخاص. 


73 


تراث الإسلام 


ويمكن القول إن ذلك كان أيضا حكم الجمهور بصورة عامة. وهكذا كانت 
النزعة إلى التحديث تعد عنصرا زائفا وخيانة للفردية والخصوصية. 

وضمن هذه الفئّة نفسها يمكننا أن نضع رأي عبدة الأسرار الذين حاولوا 
العثور في الشرق الإسلامي. وكذلك في الشرق البوذيء على نمط لحياة 
الحكمة؛ وعلى صلات مباشرة بالحقائق التي تعلو على الإحساسات المادية, 
وعلى أسرار السلف التي توارثتها سلسلة طويلة من المريدين والسالكين. 
وبدلا من أن يروا في الطرق الصوفية الإسلامية (كما كان يرى غيرهم) 
نفحات شيطانية؛ فإنهم رأوا فيها خلايا ينتقل من خلالها تراث الحكمة 
الإلهية الصوفية الموروث عن الأسلاف. بل إن بعضهم» مثل رونيه جينون 
(R. Guénon)‏ )1951-1886(. اعتنق الإسلام ومات على أرض إسلامية* . 
ولقد آتاح هذا الاتجاه الروحي» في أوروبا وأمريكاء وهذه الرؤية الخيالية 
لإسلام تكتتفه الأسرار أتاحا نجاح عدد من الفرق التي استمدت بدرجات 
متفاوتة من الإسلام» بل حتى من الإسلام السني الحنيف ومن عقيدة 
كالبهائية- هذا إذا تفاضينا عن مختلف أنواع المفاهيم الخاطئة التي 
اكتنفت هذه الفرق. 

ولقد أدت موجة مناهضة الاستعمار العارمة إلى إحداث تغيير في 
النظرة إلى العالم الإسلامي لدى أوساط ضيقة لكنها واسعة النفوذ في 
المجتمع الغربي. فالحركة الاستقلالية التي كان يمثلها في وجهها القومي 
البحت المسلمون الذين ينتمون إلى الطبقات العلياء والذين رغبوا في اقتباس 
الأساليب الغربية من أجل الحصول على الميزات الديناميكية الفعالة التى 
يتسم بها الاقتصاد الحرء أثارت الكثير من التعاطف في الأوساط اة 
والاقتصادية الغربية. ففي عام 1945 ألفت الكاتبة الإنجليزية فريا ستارك 
öles LES (Freya Stark)‏ ذي مغزى (الشرق هو |لغرب( (East is Wes)‏ 
أهدته «لإخوانها الأفندية الصغار». وفيه كانت تتخذ وجهة نظر مضادة 
لموقف كيبلنغ ع«نامذم* الإمبريالي والذي لم يكن يهمه من الشرق إلا 
عنصر الغرابة فيه. فهي قد اعتبرت الإسلام co aS Lins‏ ورأت أنه إذا كان 
يعطي أتباعه الأسباب الروحية للحياة فإن ذلك لا يعني أنه يعيق نشاطاتهم 
الاقتصادية ويمكن أن يستفاد منه كسد يقف في وجه تخريب الأيديولوجية 
الشيوعية الملحدة. l‏ 


74 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


أما أيديولوجية اليسار المناهضة للاستعمار فقد سارت في منحى مختلف 
كل الاختلاف. ذلك لأن نزعتها العالمية التى استقتها من جذورها الليبرالية 
eal «rae ole ul] edo AST AMI of‏ إلى الأمتراف بالغردية يل 
حتى إلى تمجيدها . ومنذ ذلك الحين أخذت القيم المنتمية إلى الشعوب 
التي كانت مستعمرة في السابقء تلقى منها كل إطراء؛ وذلك حتى في 
الحالات التي كان فيها أصحاب هذه الأيديولوجية اليسارية يجدون في 
تلك القيم الموروثة-نتيجة لسوء تفسير مفهوم تماما-نفس القيم التي كانت 
تبعث الحياة في المجتمعات الأوروبية المعنية. مع اختلافات تفصيلية في 
الشكل فحسب. فقد ظهر الإسلام لبعض أولتك الذين كانوا ملتزمين بعمق 
In‏ على اندض جرهره عامل كمي وه ل اع ي 
ذلك الدين الإسلامى. 

کن هدا ادرا ر بشو uals‏ بى جا دن اكاك اسان 
وعلى رأسهم لوي (L. Massignon) GI yida‏ 949 من كبار العلماء 
المتخصصين الفرنسيين. كان مشبعا بالنظرة الصوفية للتاريخ. وتضرب 
ر ی Led La iL‏ من تان نحو ij)‏ 
اا کا إلى آخر الشوط في ذلك الاتجاه الذي كان كامنا في 
مسيحية العصور الحديثةء والذي كان أقوى وأوضح ممثليه ينتمون إلى 
الكنيسة الكاثوليكية. ذلك لأن خطر الإلحاد وإعادة النظر في وجهات النظر 
a alae‏ عم فى السجاهير فن الشيعية والعردة إلى الشيع 
الأساسية والأصلية للدين المسيحيء كل ذلك أدى إلى الشعور بالوحدة مع 
الديانات الأخرى وليس إلى العداء نحوها. ومع أن الحركة المسكونية لم 
نتتازل عن موقفها بآنها المالكة الوخيدة للحقيقة كلها وأنه يتوجب عليها أن 
تجلب الضالين إليهاء فقد تخلت عن ممارسة الضغط الزائد في المجال 
الروحي واعترفت بآن أصحاب العقائد الأخرى شركاء في الحوارء ويمكن 
أن کی ای ا و ای کن رن کی ی ارا 
لم يعودوا بالنسبة إليها أعداء يجب تحطيمهم. 

وفي أكتوبر 1965 أشاد مجلس الفاتيكان المسكوني «بالحقائق» التي جاء 
بها الإسلام والتي تتعلق بالله وقدرته ويسوع ومريم والآنبياء والمرسلين. 
وبينما كان الاعتقاد ساتدا في العصور الوسطى بأن تلك «الحقائق» كانت 


15 


تراث الإسلام 


أقنعة استطاع الدجل الإسلامي أن ينفذ من خلفهاء فقد أصبح الناس 
يسلمون بأن «الأخطاء الإسلامية» ضئيلة في الآهمية بالقياس إلى الرسالة 
التوحيدية المهمة التي يحملها الإسلام. 

هذه الثورة في التفكير جعلت التقييم المسيحي «لمحمد» (ص) مسألة 
حساسة. فلم يعد بإمكانهم الزعم (الكاذب) بأنه «محتال شيطاني» كما 
كان عليه الحال في العصور الوسطى... وفي الوقت الذي نجد فيه معظم 
المفكرين المسيحيين الذين يهتمون بالمشكلة يعلقون الحكم بحذرء فإننا نجد 
بعض الكاثوليك المتخصصين بالإسلام يعتبرونه «عبقريا دينيا». بل يذهب 
بعضهم الآخر أبعد من ذلك» فأصبحوا يتساءلون عما إذا لم يكن بالإمكان 
اعتباره. بطريقة ماء نبيا حقيقياء ما دام القديس توما الأكويني St. Thomas‏ 
8نس يقول بالنبوة التوجيهية”**" التي لا تعني بالضرورة العصمة 
والكمال. وعلى غرار ماسينيون أعجب بعض المسيحيين بالقيمة الروحية 
للتجارب الدينية الإسلاميةء وأزعجتهم مواقف الظلم التاريخية التي وقفتها 
شعوبهم من الإسلام» كدين وكمجموعة من الشعوب التي تعرضت في الآونة 
الأخيرة للمذلة والاحتقار. لذا فقد توصلوا إلى آراء يمكن أن تبرر التهمة 
التي وجهها إليهم الغاضبون من المؤيدين لنقاء الكنيسةء وهي تهمة النزعة 
التوفيقية و «الهرطقة الإسلامية». 

بهذه الطريقة نجد أن اليسار المناهض للاستعمارء سواء كان مسيحيا 
أم لاء يذهب في كثير من الأحيان إلى حد مباركة الإسلام والأيديولوجيات 
المعاصرة للعالم الإسلامي وبذلك يكون قد انتقل من النقيض إلى النقيض. 
ويذهب مؤرخ مثل نورمان دانييل (اءنمة2 ههم:710) إلى حد النظر إلى أي 
انتقادات لمواقف النبي الأخلاقية على أنها من بين المفاهيم المتشربة بروح 
العصور الوسطى أو الإمبريالية» ويتهم بهذه الاتجاهات ذاتها أي عرض 
للاسلام وخصائصه يقوم على أساس النظر إليه من خلال الآلية العادية 
للتاريخ الإنساني. وهكذا تحول الفهم إلى دفاع صرف. أما العلماء المختصون, 
فقد انقسموا بين اللامبالاة من جهة وبين مختلف درجات الرأي من جهة 
أخرى. 

إن تأثير المشاكل الجديدة التي أثارتها العلوم الاجتماعية قد أخذ الآن 
يمتد إلى الدراسات الشرقية. وأخذت أعداد متزايدة على الدوام من 


76 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


المتخصصين» سواء منهم المهتمون بالعالم الإسلامي في العصور الوسطى, 
أو في فترات لاحقة؛ تعالج المسألة من الزاوية السوسيولوجية”. وأخيرا 
أخن العديد من العلماء يعالجون التاريخ الاقتصادي والتاريخ الاجتماعي 
(للإسلام) بعد أن كانا مهملين مدة طويلة . ونجد الجهود تبذل في 
ميادين الدراسات الإسلامية بأكملها من أجل تجاوز البحث الفيلولوجي 
الصرف للوصولء جزئيا على الأقلء إلى تركيبات لا تقوم كما في السابق 
على مفاهيم عادية شائعة؛ أو على تعميمات فلسفية؛ بل على النتائج التي 
توصل إليها العلماء العاملون في بعض المجالات المختارة من مجالات الظواهر 
الاجتماعية: وبين هؤلاء مؤرخون يدرسون بعض المجموعات المترابطة من 
الظواهرء وديموغرافيون وعلماء اقتصاد وعلماء اجتماع... الخ. 

وفي الوقت نفسه كثرت الاتصالات مع العلماء من أبناء البلاد الإسلامية. 
وكانت العقبة الرئيسية لفترة طويلة تكمن في قلة عدد المختصين الذين 
استطاعوا التخلص من أساليب العصور الوسطى في التفكير والدراسة. 
28 الماضي كان الأشخاص المشاركون في هذه الميادين (من أبناء البلاد 
الإسلامية) مجرد رواة يقدمون مواد يتعين على الباحث الأوروبي أن يعيد 
تمحيصها من جديد . وكانت العقبات الاجتماعية التي تعيق تنظيم فرق 
متخصصة بحقء تعود في جزء منها إلى الوضع الاستعماري للشرق الإسلامي 
وتعود في جزء آخر إلى التقاليد الاجتماعية والثقافية!!*). ولم يكن التغلب 
على هذه العقبات إلا جزئياء ولكن ظهرت عقبات أخرى. ترجع بصورة 
أساسية إلى حدة الخيارات الأيديولوجية المحدودة المتاحة للعالم الإسلامي. 
في وقت ساد فيه الصراع المرير ضد آثار ومخلفات السيطرة الأوروبية. 
وفي مثل هذه الأوقات ينشط التطرف الأيديولوجي الذي يجعل بدوره 
الدراسة الموضوعية صعبة. وهذا التطرف كثيرا ما يصد العلماء الأوروبيين 
لأنهم لا يعرفون دائما دوافعه. مثلما أنهم يتغاضون أيضا عن المكونات 
الأيديولوجية لأحكامهم. ولكن العقبة خطيرة رغم أنه من الممكن التغلب 
عليها بسهولة في البحث العلمي الذي ينصب على نقاط معينة واضحة 
المعال( . 

وهنالك اتجاه عام واضح جدا يقوم على الاهتمام أكثر من ذي قبل بما 
كان يسمى بازدراء «بفترات الانحطاط». فقد ظهرت نظرة «سلفية» ثقافية 


71 


تراث الإسلام 


تؤكد على الأهمية القصوى للدين و «العرق» وتعترف بوجود واستمرارية 
نموذج «نقي» لكل حضارة: وهذه النظرة أدت إلى إعطاء أهمية كبرى لدراسة 
العصور الوسطى الإسلامية. كذلك فإن تأثير البحث الاقتصادي 
والاجتماعيء والاتجاه السوسيولوجي الجديد؛ والاحتكاك مع علماء الاقتصاد 
وعلماء السكان والأنثروبولوجيين: أدى إلى إبداء اهتمام مماثل بدراسة 
العصور القريبة» وهي دراسة يشجع عليها وجود كمية أوفر بكثير من الوثائق. 
فقد لوحظ مثلا أن الإمبراطورية العثمانية وفارس الصفوية 
وإمبراطورية المغول العظيمة تمثل الإسلام في أوج قوته . بل إن عهد 
الاتصالات الوثيقة مع الغرب وعهد ولادة الأيديولوجيات الحديثة يخلقان 
مشاكل لا يمكن أن تعد. برغم حداثتهاء تافهة أو جديرة بالتجاهل. 

لقد أصبح الرأي المتفق عليها الآنء في هذه الناحية كما في العلوم 
الاجتماعية الأخرى؛ هو أنه يجب تحديد المشاكل ومناقشتها وإلقاء الضوء 
عليها بكل طريقة ممكنة. وهذا يستدعي تنسيقا وتوفيقا بين مختلف العلوم 
مع استبعاد أي تسلسل متدرج مصطنع بين علوم رفيعة وأخرى وضيعة. 
وفي الوقت ذاته فإن الاتجاه إلى جمع المعلومات وموازنتها وتصنيفها وعرضها 
على النحو الأفضلء وهو اتجاه لم يكن يقتصر على هذا الميدان وحده» أخذ 
يفسح في المجال للاتجاه نحو المناقشة العقلانية للمشاكل. ولكل من 
الاتجاهين نواحيه الحسنة والسيئة. ذلك لأن السعي الدؤوب إلى الكمالء 
الذي كان يؤدي أحيانا إلى تضييق النظرة أكثر مما ينبغي» قد حلت محله 
نظرات شديدة الشمول؛ يمكن أن تؤدي بدورها إلى ابتذال لا طائل وراءه. 
وهذا المنهج قد يهدد بطريقة مؤسفة العمل الذي لا مناص منه» وأعني به 
نشر الوثائق الأساسية التى توجد بأعداد هائلة» والتى تنتظرء التحقيق 
والموازنة والتصنيف والنشر. إلا أنه من الثابت أن التقنية الحديثة تبعث 
الأمل بإمكان معالجة هذه المواد. ضمن حدود Aiax‏ بصورة أسرع. 

SS] sal‏ بعض الناس وجهة نظر متطرفة فتحدثوا عن نهاية الاستشراق. 
إلا أن المسألة يجب أن تفحص بدقة وعناية. إن ما هو مهدد بالزوال هو 
سيطرة الفيلولوجيا (فقة اللغة). وثمة دلائل تشير إلى التخلي عن الرأي 
الذي كان موجودا بصورة ضمنيةء لفترة تزيد على القرنء والذي يقول إن 
التدريب الفيلولوجي يكفي لحل جميع المشاكل الناشئة ضمن ميدان لفوي 


78 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


محدد . وهذه الفكرة التي لا يمكن التمسك بها على أسس عقلانية:؛ إنما 
نشأآت عن الحاجة الملحة للتدريب الفيلولوجي من أجل الدراسة الجدية 
للمشاكل التي برزت ضمن هذا المجال. فالزيادة الكبيرة في المعلومات 
المتوافرة» بالإضافة إلى آدوات البحث وتقدم طرق الدراسة» أصبحت الآن 
تمكن الباحث من تجاوز المرحلة الفيلولوجية: أو على الأقل من أن يخصص 
لها وقتا أقل. وقد أظهر كذلك فإن التقدم في العلوم الاجتماعية قد كشف 
عن مدى تعقيد المشاكل التي لا يمكن حلها بالالتجاء إلى الفهم العادي 
السليم وحده» وبالمعرفة العميقة باللغةء بل ربما أيضا لا يمكن حلها عن 
طريق استلهام مبادئ فلسفية عامة. لذا فقد أصبحت الدراسات الشرقية 
وبصورة خاصة الدراسات الإسلامية؛ أكثر صعوبة وأقل خصوصية. وأصبح 
الربط بينها وبين العلوم الأخرى- الذي كان ترفا فيما مضى-حاجة لا مفر 
منها الآن. فالتقدم الذي ينتظرنا هو تقدم مثير والثمن الذي يجب أن يدفع 
لتحقيق هذا التقدم ليس بالثمن الباهظ. 

مكسيم رودنسون 


79 


الحواشي 


(*) لنلاحظ منذ البدء أن الكاتب يضع نفسه في أوروبا وينظر منها. وأنه إنما يعكس نظرة الغرب 
إلى الشرق الإسلامي. فما في البحث من كلمات وإشارات ومفاهيم قد تسيء إلى المشاعر العربية 
الإسلامية فإنما يان على سبيل الروايق bacon] san eng‏ الي بين موقف dcl dis les gall‏ 
ولا يمثل بالطبع لا رأي الكاتب ولا رأي الذين قاموا بترجمة الكتاب ونشره. 

Les Sarrazins :4icul ua (105) 

هذه الكلمة آتية lia pgb 459 (Sarakenos 459i! Ge Mai) Saracenus 4425S! LelS! cys‏ 
الاصطلاح للمرة الأولى في مؤلفات كتاب القرن الأول الميلادي؛ وقصدوا به البدو الذين كانوا 
بعيشون مند أزمان طويلة على أظراف اللتاطق المزروعةما بين التمرية: ويمددوخ طرق التجارة او 
Lh‏ يكليف من الشركين النظميين يرم الكاء الرومان والفرسن :ويد كل :هي التسمية الأخباط 
وأهل الحيرة وتدمر. والكلمة في اليونانية تعني ساكني الخيام. 

ويذكر بعض الباحثين أن أصل الكلمة آت من شرقي 500:1 وهذا محتمل. لأن هؤلاء البدو كانوا 
يعيشون في شرق الإمبراطورية الرومانية. 

وقد كتب كاتب إغريقي من القرن السادس الميلادي بعد سياحة في الجزيرة العربية أن ثمة فرقا 
كبيرا حا بين سكان اليمن والسراستة: واكن لايد الأ رمن أن تزهدن الغكرة ال dial agii‏ 
Aa‏ إلى سار زوجة إبراهيم. GY‏ العرب للا علاقة ليم ها وهى آم إتضق Y‏ إسماعيل: 
والكتاب المسيحيون في أوروبا العصور الوسطى كانوا يفرقون في التسمية ما بين العرب فيطلقون 
على من كان يعيش متهم وراء oou‏ الأبيضن اللتوسيظ اسم الإسماهيلنين: نيتها يطلقون انم 
«السراسنة» على من جاؤوهم فاتحين في الأندلس وفي جنوب فرنسا وفي صقلية. فكأنهم وهم 
ورثة الحضارة الرومانية أرادوا أن يعطوا الاسم الذي يحمل معنى السلب والتدمير لهؤلاء الغزاة 
الذين كانوا في الواقع خليطا من العرب والبربر كما كان فيهم جماعات من الروم ومن الإسبان 
ومن اليهود يعاونون الفاتحين. 

aah Bye‏ في القرتجية استامال كلمة مسرابكةة ولا من شرببها إلى كلمة صرب أو تسلمية 
of alae dels Layer ola sagst sat zit laygle Ulex‏ عرب زف Lalas‏ 
الحقيقي النفسي لديهم. 

(*2) هو آدم بيد المعروف بالمبجلء راهب ومؤرخ إنجليزي موسوعي المعرفة (ولد سنة 672 أو 677, 
وتوفي سنة 735: ويعتبر من القديسين وله عيده يوم 27 مايو من كل سنة. 

(*3) كلمة Reconquista 1a‏ كلمة إسبانية تعني استرداد الأراضي المحتلةء وهي الاسم الذي 
يطلقونه في التاريخ الإسباني على جميع العمليات الحربية التي امتدت عدة قرون والتي استهدفت, 
ونجحت فضي النتيجة. في إنهاء الحكم العربي في إسبانيا. وما كان الموضوع يتعلق بوجهة النظر 
الأوروبية فسوف نستعمل هذه الكلمة «العدائية» كما وضعها أصحابها ونترجمها بكلمة حركة أو 
حرب «الاسترداد». 

(*4) هي ألوهية وثنية شرقية تمثل؛ مع أبولو. ضلال الصورة العقائدية للإسلام عند الغرب 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه اإاسلاميه 


الوسيط. 

(*5) هي شخصية إسلامية خرافية مخترعة الاسم وليس لها ما يقابلها في التاريخ الإسلاميء 
وقد اخترعت أغنية (أنشودة رولاند) المشهورة وهي أغان شعبية خرافية تروي قصة حرب قادها 
(رولاند) أحد قواد شارلمان ضد العرب في جبال البيرنه وقتل فيها سنة 778م: ولكن الأغاني تجعل 
منه ابن أخت الإمبراطور وتجعله بطل المعارك مع أنه لم يكن أكثر من قائد لحماية مؤخرة جيش 
شارلمان المنسحب من شمال إسبانيا. 

(:6) لإدمسكه من أشهر الأديرة والرهبانية في التاريخ الأوروبي الوسيط-أسس الدير سنة 910 في 
منطقة الصون-اللوار في فرنسا من قبل الرهبنة البنيديكتية. وانطلقت منه حركة إصلاح دينية- 
رهبانية امتدت في القرن الحادي عشر والثاني عشر إلى كل المسيحية الأوروبية. وقد لعب دوره 
في التحريض على الصليبيات وفي إيصال عدد من رهبانه إلى سدة البابوية. 

(*7) هي أول معركة جرت بين الحملة الصليبية الأولى وسلاجقة الروم في غربي الأناضول؛ 
وهزم فيها السلاجقة؛ وفتح أمام الصليبيين الطريق إلى الشام. 

(*8) انظر في تفصيل ذلك الكتاب أعمال الفرنجة وحجاج بيت المقدس (ترجمة حسن حبشي- 
القاهرة 1958( ya‏ 42-41- 

(*9) النص الأصلي يذكرهم بأسمائهم. 

(:10) هو محمد الفاتح:؛ فاتح القسطنطينية (1453): وقد اعتبرت هذه السنة في التاريخ الأوروبي 
نهاية العصور الوسطىء بعد أن زالت الدولة البيزنطية نهائيا من الوجود . 

«Myth AlS 3 5525 كتب الكاتب هنا مكان كلمة‎ )١١*( 

(*12) إحدى الأقاصيص الشرقية التي كتبها الكاتب الفرنسي فولتير -Voltaire‏ 

(*13) وضع هذا الكتاب من قبل البعثة العلمية التي رافقت نابليون إلى مصر عام 1799-1798 . 
ومجلداته الضخمة نموذج للفن العلمي الوصفي الجيد. كما أنه يسجل صورة فريدة ورائعة الدقة 
لمصر في نهاية القرن الثامن عشر في جميع نواحي الحياة منها. 

(*14) السمعاني نسبة تطلق على أربعة من الباحثين الموارنة الذين تركوا لبنان إلى إيطاليا وغيرها 
أبرزهم وأولهم هو يوسف السمعاني (1768-1686) رئيس الأساقفةء وكان يعرف ثلاثين لغةء وقد 
آلف المثات من الكتب. ومن أهم أعماله فهرس المخطوطات الشرقية في الفاتيكان. أفاد من 
جهوده عدد من المستشرقين. 

(*15) هو ميخائيل الغزيري (1791-1710) راهب ماروني. عمل في الشام ثم التحق بمكتبة الأسكوريال 
في مدريد؛ وعمل بها حتى نهاية حياته وتخرج على يديه عدد من المستشرقين. وله عدد من 
المؤلفات منها مجلدان فى مخطوطات المكتبة. 

(*16) أعطى غوته الأقسام الاثني عشر في ديوانه عنوان «ناق» وهي الكلمة الفارسية التي تعني 
رسالة أو كتايا أو سجلا. 

(*17) أصل هذه المدرسة بيعة نسائية من مطالع القرن ١3‏ نقلت إلى باريس 1625: ثم أصبحت 
مقر الحركة الدينية الجانسينية وحول المقر تجمع عدد من العلماء أبرزهم دوساسيء الذي كان 
من جملة أعماله الواسعة أنه أملى على تلاميذه كتابا في النحو العربي ثم جمعه وطبعه في جزآين 
سنة 1799 وسماه التحفة السنية في علم العربية ثم أعاد طبعه منقحا مزيدا 1804. 

(*18) ظلت هذه المجموعة تصدر منذ عام 1849 عن دار فرانزتشانر في فسبادن» ثم تولاها 
الناشر بروخوز لايبزيغ 1945 وهي نصف حولية أي من جزآأين في السنة وقد بلغت أعدادها حتى 


تراث الإسلام 


الآن ١١4‏ عددا. 

(*19) الكلمة تركية وأصلها عربي Gals)‏ - كادر وكانت تستعمل بمعنى الخائن الحقير وقد 
استخدمها بيرون عنوانا لقصيدة أهداها عام ١813‏ لليونان المضطهدة من قبل العثمانيين. 
(*20) من المبالغ فيه جدا القول بأن المصلحين الإسلاميين والمنظرين القوميين الذين ظهروا في 
العصر الحديث في الشرق العربي الإسلامي؛ قد استقوا أو تبنوا أفكارا من كاتب أوروبي معين أو 
توجه فكري غربي محدد . وان يكن التأثير الحضاري الغربي قد ترك بشكل عام بصماته على 
حركة النهضة العربية والإسلامية الحديثة. يضاف إلى ذلك أن بلنت نفسه لم يكن أكثر من مغامر 
عادي مجمد ولا تأثير له في الفكر الذي قاد بشكل أو بآخر حركة التحديث العربية أو الإسلامية 
في القرن الماضي أو هذا القرن. ولعله هو الذي تأثر بها . 

(*21) الوالد كارستن نيبوهر (1815-1733) زار مصر والحجاز واليمن ثم الهند وسومطره وعمان 
والعراق وسورية؛ ثم عاد ونشر عدة كتب حول نتائج رحلاته كانت من أوائل الكتب عن الشرق 
الإسلامي في الغرب. 

Lal‏ ليوبولد رانكه فهو المؤرخ الألماني المشهور (۱886-1795) وهناك مستشرق يحمل الاسم نفسه 
(ه. رانكة 1953-1878) تخصص في الآثار العربية. 

(*22) هناك اثنان يحملان اسم فيل بين المستشرقين أحدهم ج. وايل المذكور؛ وهناك سيمون فيل 
(1889-1808): ومن مؤلفاته الخلفاء في خمسة مجلدات بالألمانية. وكتاب النبي محمد في حياته 
ودينه (3 مجلدات): كما ترجم سيرة ابن هشام للألمانية وألف ليلة وليلة وغيرهما. وأآما .۸.۴ 
Sprenger‏ )1893-1813( فأصله من النمسا وتجنس بالجنسية البريطانية. كان طبيبا ولكنه صار في 
الهند رئيس الكلية الإسلامية-ثم درس اللغات الشرقية في سويسرا . نشر مجموعة كبيرة من كتب 
التراث. وأما دوزي 2.5.4.1202 (1883-1820) فهو من أشهر المستشرقين الفرنسيين كان يتقن عدا 
العربية عددا من اللغات الغربية والشرقية. وقد نال عددا كبيرا من الأوسمة والألقاب والتكريم 
جزاء أعماله الاستشراقية؛ ومنها نشر عدد من أعلام الاستشراق الإيطالي» وكان يعادل دوزي في 
بلاده كما يعادله في ما نشر من التراث الغربي ومن الدراسات حوله وإن ركز اهتمامه على صقلية 
خاصة. 1 

(*23) البارون فون كريمر (1889-1828) ولد في فيينا وعاش طويلا في مصر وبيروت. ونشر الكثير 
من كتب التراث والشعر والتاريخ الإسلامي كما صنف عددا من المؤلفات في هذه المواضيع. 
(*24) هذا الكتاب مترجم إلى العربية بقلم عبد الرحمن بدوي بعنوان الخوارج والشيعة 
(القاهرة 1968). 

(*25) كارل هزيخ بيكر (1933-1876) ولد في أمستردام ودرس في ألمانيا واشتهر بتضلعه في 
التاريخ الإسلامي ودراسة العلوم الاقتصادية والعناصر الإغريقية والمسيحية في الحضارة 
الإسلامية. له عدد واسع من الأبحاث والمؤلفات المعروفة في الأوساط العلمية. وهناك مستشرق 
آخر يحمل الاسم نفسه هو صموئيل بيكر (1893-1821) وهو إنجليزي وآثاره تتعلق بحوض النيل 
وتجارة الرقيق والهند . 

(*26) يطلق اسم «النزعة التلفيقية «روءتاءءاء8» على اتجاه فكري ظهر فى عصور مختلفة وبصور 
متعددةء تشترك كلها في افتقارها إلى الابتكار والأصالةء وإن كانت icd‏ ذلك باستخلاص 
عناصر كثيرة من مذاهب متنوعة وتحاول التوفيق بينهاء مع تفاوت في درجة نجاحها في هذا 
التوفيق. 


الصورة العربيه والدراسات الغربيه الإاسلاميه 


(*27) لوتي (850- 1923) ضابط بحري وكاتب وروائي انطباعي فرنسيء اشتهر بحبه للشرق 
وللحضارات القديمة. 

(*28) عني هذا المستشرق الفرنسي بالدراسات الصوفية والإسلاميةء وأصدر مجلة المعرفة لنشر 
الأبحاث عن الإسلام والبوذية. وكان اعتناقه الإسلام على المذهب الإسماعيلي وقد قضى السنوات 
الإحدى والعشرين الآخيرة من حياته على سطح منزل في القاهرة ومات هناك. 

(29) البهائية مذهب ديني مشتق من البابية التي أسسها علي محمد الشيرازي (1850-1821) 
الذي لقب نفسه بالباب وأنشأ تحت ستار الإسلام وبتأييد السلطات الإنجليزية الاستعمارية ما 
يشبه الدين الجديد جمع له التعاليم من مختلف الأديان الأخرى ودعا له. وأما المذهب البهائي 
فقد أقامه ميرزا حسين علي نوري الملقب ببهاء الله. وقد ولد في مازندران سنة 1817 وكان في 
الثلاثين من عمره حين اعتنق البابية ثم أصبح أعظم مريديها واعترف أتباعها بخلافته للباب. 
وقد سجن بهاء الله في طهران ثم نفي إلى بغداد سنة 1852 فعاش عيشة الزاهدين خارج 
السليمانية حيث آسس دعوته التي جعل فيها البابية دينا عالميا. ثم سافر إلى إستانبول فقبض 
عليه وسجن في أرنه سنة 1864 ثم في عكا سنة 1868 حيث توفي سنة 1892 تاركا خلافته الروحية 
لابنه الأكبر. وفكرته الدينية تقوم على المحبة والسلام بين البشر. وقد خدم مع جماعته الأهداف 
الإنجليزية الإمبريالية. وأتباعه ما يزالون في عكا وحيفا بفلسطين إلى اليوم . وله أتباع في أوروبا 
وأمريكا. 

(*30) يتمثل الموقف المضاد المقصود هنا في كلمة كيبلنغ-الشاعر الاستعماري المشهور-القائلة 
«الشرق هو الشرقء والغرب هو الغرب» ولن يلتقيا»» وهذا عكس ما قالت به المؤلفة المذكورة». 
(31) ماسينيون: (1962-1883) مستشرق فرنسي صرف همه لدراسة الصوفية الإسلامية خاصة 
وأنتج في هذا الميدان الكثير من الكتب والأبحاث. 

(*32) حافظنا في الترجمة على النص الأصلي للكاتب. على سبيل رواية الكفر. وبديهي أنه إنما 
يروي وجهات نظر رجال الدين الكاثوليك في الغرب. 


الإسلام في عالم البح 
المتوسط 


ولد الإسلام في منطقة من أكثر مناطق العالم 
القديم بدائية وتخلفا”. ولكنه سرعان ما تجاوز 
حدوده وتطور من ظاهرة محلية وعامل داخلي في 
حياة الآمة العربية إلى عقيدة كونية وقوة عالمية 
وذلك في عملية لا يزال المؤرخون يختلفون حولها 
حتى اليوم. إنها بالنسبة لأولئك الذين يدرسون 
الديناميكية الغامضة لهذه العملية؛ لا تعد شرقية 
ولا غربيةء كما لا يمكن إعطاؤها آي تحديد جغرافي 
أو ثقافي. إنها فقط القوة العجيبة التي تشع من 
العقيدة الجديدة, ومن الدولة التي أقامتها هذه 
العقيدةء والتي نمت في كل اتجاه وأنتجت حضارة 
موحدة إلى حد يدعو إلى الدهشةء وذلك رغم 
الاختلاف الشديد بين البيئات والمستويات الثقافية 
التي ازدهرت عليها. لكن هدف هذا الكتاب وهذا 
الفصل ليس تتبع وتصوير الحضارة الإسلامية 
بتمامهاء وإنما دراسة أثرها و «تراثها» في العالم 
الغربي» ونعني بهذه الكلمة في هذا الفصل بصورة 
خاصةء العالم الغربي المطل على البحر المتوسط. 
أي البلاد التي انتشرت فيها في وقت من الأوقات 


تراث الإسلام 


الإمبراطورية الرومانية والتي كانت لا تزال» حين ظهور الإسلام. تخضع 
als cl ad alt] Lag ys laid Lo‏ شد :تحرف حرقيا (ya lla‏ جراء 
الاضطرابات العميقة التي نجمت عن الاجتياحات والهجرات البربرية. 
وقد كدر تين هته الاد ان فيا بعد أو :تمع أراضى إسلامية Ra Sls‏ 
(دار الإسلام) ولم تزل كذلك حتى يومنا هذا . أما بعضها الآخر فكان على 
هذا الوضع في العصور الوسطىء؛ وظل على هذا النحو في الأزمنة الحديثة 
لمدد متفاوتة؛ ثم لم يعد كذلك. وهذه البلاد هي أول ما يخطر على البال 
حين يتحدث المرء عن إرث أو تراث بقي منذ العهد الإسلامي في تاريخها 
وثقافتها اللاحقين. وثمة أرا ضٍ أخرى لم يقدر لها أن تعرف استيطانا 
La sg (oaa Lats Lau‏ و کا ر کک مارجا اد ا 
اعتنقت الإسلام أو على الأقل من جراء الاتصال الروحي والمادي بهاء إلى 
تأثير الحضارة الإسلامية العميق. 

وقي هذا الفصل سنشير بصورة أساسية إلى الفئتين الثانية والثالثة من 
بلاد البحر الأبيض المتوسطء أعني تلك التي اعتنقت الإسلام بصورة غير 
دائمة؛ وتلك التي كانت على اتصال وثيق؛ حتى ولو لم يكن اتصالا مباشراء 
tub Liao E E‏ عدراضة طإن هذا وني كيه عزيرة سيريا 
وة کرت قم کا کیا من ازاف الان را قان زا Lost‏ 
للبلدان التي تأثرت بالإسلام ولكن لم تقع ضمن سيطرته فإن هذا يعني 
lag‏ قبيرا مما يشكل في الحاضر أو كان يشكل pein Ley‏ النطقة 
الا ةراف LE, Gigi)‏ ررر آي فر سا هه 
جزيرة إيطاليا وأوروبا الوسطى 2مم,ته311:61 وكل البلقان. 

تقسم اتصالات الفتح والتغلغل التي كانت لجميع تلك البلدان الأوروبية 
مع الإسلام من الناحية الزمنية إلى فترتين وناحيتين رئيسيتين. وأولاهما 
هي الأهم من وجهة نظرنا: «فتراتها» يغطي العصور الوسطى المبكرة والتالية, 
وهو يتعاق أساسا بالإسلام في أصوله العرقية العربية الثي تخللها عنصر 
جربري قوي. أما الخانية التي تتعاق باورويا الشرقية وحدها Le La‏ 
تقو حرين كتزة العضورالحديكة بو الإسلام الاق Gand‏ دور البطولة فيها سو 
إسلام الأتراك الذي يمثل آخر موجة من الفتح تحت شعار دين محمد (ص) 
في عالم البحر المتوسط. هاتان الفترتان؛ رغم دينهما الواحد» مختلفتان 


86 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


اختلافا عميقا. ففي الفترة الأولى كانت الحضارة الإسلامية ما تزال هي 
نفسها في طور التشكل. وكانت تتمثل عناصر من الثقافات الشرقية السابقة 
لهاء ومن الثقافة الهلينية. وبصورة عامة من العصر الكلاسيكي المتأخرء 
وتنقلها"" بعد تمثلها وتطويرها إلى البلدان والشعوب التي احتكت بها. 
وتلك هى أخصب وأمجد مرحلة «للتراث»؛ وفيها قدمت الحضارة الإسلامية 
إلى الغرب في عصره الوسيطء بالإضافة إلى الغارات والفتوحات: Jest‏ 
ثمار تراثها الثقافي. ذلك التراث الذي كان ذا أثر بالغ في تطور الغرب في 
المستقبل. أما خصائص الفترة التاليةء تلك الفترة التي عاصرت أو تلت 
عصر النهضة الأوروبي» فهي مختلفة بعض الاختلاف. ففي تلك الفترة كان 
الغرب قد أصبح واعيا كل الوعي بذاتهء وكان يسير بحيوية ونشاط على 
درب الحضارة الحديثةء بينما لم يكن الشرق الإسلامي الذي كان يناهضه 
ويهدده جزثئيا قد تقدم بالدرجة نفسها . فقد غزت فوة جديدة. هي الأتراك 
العثمانيون أقل المناطق تقدما في جنوب شرق أوروباء ولكنها حينما حاولت 
التغلغل إلى قلب أوروبا ردت على أعقابها. وقد حمل الإسلام التركي معه 
ثقافة مبنية إلى حد بعيد على الأسس العربية-الفارسية القديمةء رغم أنه 
ليس صحيحا القول بأنه لم تبرز أي سمات ثقافية شخصية وأصلية في 
الإمبراطورية العثمانية. ومع ذلك فإن هذا «التراث» الثاني: رغم أنه دام 
كالآول عدة قرون» كان أفقر منه وأقل سهولة في تحديد معالمه. وهذا 
الفرق النوعي بين الفترتين يبررء فيما نعتقد. المقياس المختلف الذي سنطبقه 
عليهما والطريقة المختلفة التي سنعالجهما بها في هذا الفصل. لذا فإننا 
fip‏ على تخضيص jus‏ الأكبر من البيضه للنترة الأول الأكثر أهمية 
أي «للتراث» الأوسطي الذي خلفه الإسلام العربي لدى الغرب المقسم إلى 
ثلاث مناطق جغرافية: حوض البحر المتوسط (صقلية وإيطالياء وبصورة 
غير مباشرة فرنسا والعالم الجرماني). والحوض الغربي من البحر المتوسط 
(شبه جزيرة إيبيريا)ء ثم نعمل على تخصيص عرض واحد وموجز لتقييم 
الحكم التركي 1011061208 في أوروبا الشرقية في العصور الحديثة. ونحن 
ندرك جيدا أن بقية هذا المؤلف ستعالج بصورة تحليلية مجالات معينة 
للاتصال والتأثير. من المجال العسكريء إلى الاقتصاديء إلى التاريخي 
والفني. إلى الأدب والثقافة؛ وأن هذه المعالجة. حتى حينما تمتد لتشمل 


87 


تراث الإسلام 


مناطق خارج أوروباء لابد لها من أن تدور حول محور أوروباء وذلك بالنسبة 
إلى أكثر من ظاهرة واحدة من ظواهر النقل والتأثير. أما في الفصل 
الحالي؛ أعني في بداية المجلد. فنحن نرى أنه يتوجب علينا أن نلقي نظرة 
عامة على ما كان يعنيه اقتحام الإسلام لأورويا البيجر التوسيظ: وآن oad‏ 
بذلك النتائج الرئيسية لهذا الاتصال في مختلف الميادين التي حدث فيها . 

يتضح لنا مما رأيناه في الفصل الأول كيف كانت العصور الوسطى 
الغربية تنظر إلى ظهور الإسلام وانتشاره: فقد كان بالنسبة إليها تمزقا 
شيطانيا في صدر الكنيسة المسيحية التي لم يكد يمر على انتصارها على 
الوثنية ثلاثة قرون. وانشقاقا مشؤوما قام به شعب بربري. إن السمة 
الأساسية لرسالة محمد (ص) وهي السمة المتمثلة في التأكيد الشديد على 
مبدأ التوحيد المعارض لمبدأً تعدد الآلهة التقليدي» قد طغى عليها وحجبهاء 
في مشاعر العالم المسيحي وفي أحكامه؛ ذلك الهجوم الجدلي الذي شنه 
صاحب هذه الرسالة على فكرة الثالوث الأقدسء والأهم من هذاء تحديد 
مؤسس العقيدة الجديدة لهويته بأنها نبوة ورسالة. لذلك فإن ظهور العرب 
في حوض البحر المتوسطء وتقطيع أوصال الإمبراطورية البيزنطية:؛ والمحو 
السريع للطابع اللاتيني لشمال أفريقياء كل ذلك كان في نظر المعاصرين 
لهذه الأحداث قبل غيرهم» وكذلك في نظر رجال العصور الوسطىء كارثة 
دينية-وهو حكم كان له ما يبرره تماما بالنسبة إلى أولئك الذين نظروا إلى 
ذلك الصراع الديني من وجهة نظر طائفية متعصبة؛ غير أنه حكم لم يكن 
يأخن بعين الاعتبار المغزى التاريخي للحدث العظيم. أما الكتابة التاريخية 
الحديثة؛ التي تنظر إلى الأمر من وجهة نظر أوسع وأكثر تجردا فإنها أميل 
إلى تأكيد الجوانب السكانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لذلك 
sol‏ بالإضافة إلى أهميته الدينية الواضحة. ولقد ركز مؤرخون مثل 
Wellhausen (5) 9l gla‏ وبيكر :عاء86 وكايتاني :Cactani‏ في بحثهم لتفجر 
الإسلام وانتشاره. على ظهور العرب» لأول مرةء وللمرة الوحيدة حتى الآنء 
بوصفه العامل الرئيسي في تاريخ العالم. وهكذا كان انتصار الإسلام في 
مرحلته الأصلية تلك؛ إقامة «للامبراطورية العربية» Das Arabische Reich‏ 
وكان توسعا لشعب كان حتى ذلك الحين حبيس إرثه الصحراويء امتد على 
قارتينء واتسم بطاقة ونجاح لم يسبق لهما مثيل: هذا التفسير يميل لأن 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


يتجاهل قصر الفترة الأولية والنقية في عروبتها لذلك التوسع؛ وبذور النزعة 
العالمية الكامنة في الإسلام؛ والتي سرعان ما طفت على قومية الجنس 
القائد المتمركزة حول نفسهاء كما يتجاهل قدرة الدين الجديد على استمالة 
واستيعاب عناصر عرقية ذات أصول شديدة الاختلاف. وصهرها في بوتقة 
مجتمع ثقافي وديني واحد. هذه الوحدة الدينية-الثقافية دامت مدة أطول 
بكثير من السيطرة السياسية العربية القصيرة dal‏ وهي تشكل العامل 
الأساسي Eos dl Rus sa US cote cal uS oa dol‏ 
pall gf ASE Ss ui YI‏ هم الاين أغطوا هذه الحشارة الآلفية 
لغتهم؛ وأن عناصر تقاليدهم القومية حفظت في الوحي. وحتى بعد تفكك 
الخلافة الموحدة فقد تركوا أساسا عرقيا وثقافيا لا يزال يسمح لنا بأن 
نطلق صفة «العروبة» على الدول العظيمة للعصور الوسطى الإسلامية 
كالدولة الفاطمية في مصر والأموية في إسبانياء ثم المرابطين والموحدين 
(وإن كانت هذه الدول تشتمل على مزيج بربري قوي) . كل هذه الأمثلة تأتينا 
من شواطئ البحر المتوسط, وذلك يكفي للدلالة على أن العروبةء من خلال 
الاتجاهات المختلفة لانتشارهاء وجدت أرضا مناسبة جدا فى منطقة «بحرنا 
osa! Ü Mare Nostrons «2‏ وأنهاء برغم ولادتها في الجزيرة العربية 
ذات الشمس المحرفةء قد تمكنت فيما بعد من التكيف مع نسمات سورية 
اللطيفة والساحل الأفريقي الطويل وصقلية وإسبانيا. 

ولكن مهما كانت درجة نقاء عروية ذلك الإسلام الذي انتشر منتصرا 
على طول سواحل البحر المتوسط الشرقية والجنوبية في القرنين السابع 
والثامنء فإنه يتحتم علينا أن نقيم نتائج اقتحامه هذه المناطق في تغير 
التوازن في البحر المتوسط نفسه. ولقد خصص هنري بیرین GH. Pirenne‏ 
الكلاثينيات: لهذه افك كتابا شهيرا عرص فيه قرضية كار جدل نيف 
حولهاء ورغم أنها رفضت أخيرا فإنها بقيت مفيدة ومثيرة. إذ يرى هذا 
المؤرخ البلجيكي أن القرن السابع؛ الذي شهد ظهور الإسلام المفاجيّ في 
البحر المتوسط. هو النقطة التي تميز النهاية الحقيقية للحقبة القديمة في 
evil‏ أكثرحتى من القتوحات السايقة ومن شائية العالم البيزنطي والغرب 
اللاتيني. فمن وجهة النظر الاقتصادية (وفرضية بيرين تقوم أساسا على 
التاريخ الاقتصادي) فإن هذه الشائيةء التي لم تكن موجودة من قبل؛ لم 


89 


تراث الإسلام 


تظهر إلا بعد أن نسف العرب سلامة المواصلات في هذا البحر وأوجدوا 
انقساما نهائيا بين الشرق والغرب. فانطوى الغرب على نفسه بعد أن فصل 
عن الاتصال المنتظم مع بيزنطة والإمبراطورية البيزنطيةء واستبدل باقتصاد 
Mercovingians (yea 9 ul‏ البحري اقتصاد الكارولينجيين G*)Carolangians‏ 
المحصور في أساسه في البر وفي القارة: ثم أصبح في نهاية المطاف, فقيرا 
وبريرياء وذلك بفضل «لصوص» الصحراء القدماء الذين تحولوا الآن إلى 
«قراصنة» ولصوص بحر في البحر الأبيض المتوسط. وهكذا راجت صيغة 
۴1:٠٣١١ ayy‏ القائلة: «من دون محمد لا شارلمان» والتي يبدو فيها الشخص 
الذي أعاد الإمبراطورية الغربية لا كرمز للعظمة المتجددة؛ بل لنكران الذات؛ 
الأمر الذي يدل على تحول في اتجاه مصير الغرب اللاتيني. 

هذه الفرضية؛ كما قلنا أصبحت مرفوضة أساسا اليوم لدى المتخصصين 
في العصور الوسطى من «الغربيين» و «الشرقيين» على حد سواءا"". فحتى 
نقطة انطلاقها التي تؤكد إغلاق البحر المتوسط بنتيجة الفتح العربي لم 
يبرهن عليها. ولا ينكر أحد أن هذا الفتح قد أدى في بعض الأوقات وقي 
بعض المناطق. إلى جعل الاتصالات أصعب وأندر. ولكن التأكيد بأنه أدى 
إلى شل التجارة البحرية هو تعميم خاطىٌ تدحضه الوقائع. إن العرب» كما 
سنبين فيما بعد لم يحققوا سيطرة مطلقة على البحارء وينطبق ذلك حتى 
على شرقي البحر المتوسط الذي دعي بشيء كبير من المبالغة «بحيرة 
عربية». فالتنافس الطويل مع بيزنطة لم يصل إلى حد التسبب في قطع 
العلاقات الاقتصادية بين الإمبراطوريتين؛ حتى في أيام الحروب. 

أما بخصوص التجارة بين جزأي البحر المتوسط عبر مضيق إيطاليا- 
صقلية. فإنها لم تنقطع أبدا لمدة طويلةء كما تثبت المصادر العربية والبيزنطية 
والغربية في حديثها عن الرحلات والحج والتجارة. فمن حيث التجارة 
هناك شهادة مهمة للجغرافي ابن خرداذبه (في القرن التاسع)ء فهو يتحدث 
عن التجار اليهود الرادانية الذين أتوا من جنوب فرنسا إلى مصر بحراء 
ومن ثم تابعوا رحلتهم إلى الشرق عن طريق البر. ومهما كانت الأجوبة عن 
الأسئلة العديدة التي يثيرها هذا النصء فإن إثباته الموثق يبقى eles‏ 
بخصوص وجود مثل هذه التجارة (التي لا تذكر في هذا المصدر على أنها 
استشائية أو غير عادية على الإطلاق) ولذلك فإن البنيان كله الذي أقيم 


90 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


على فرضية انقطاع التجارة يصبح ضعيفا بصورة جذرية. وفي اعتقادنا أن 
خطأ بيرين يكمن في أنه اعتبر أن حالة الحرب (التي هي حالة متوطنة 
گر a‏ کرات حا فی من الفصدرى الوسظى رق 
تؤدي آليا إلى شلل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية الدوليةء كما هي 
الحال:فى الحروب الشمولية الحديثة (كان بيزين قن بعاتى موخرا تجرية 
(ula Aa casa‏ على أن هده المشاركة توو غير ية في ن 
موطى:الصون الوبسا خلال الضراع الطويل ad qr ola igi‏ 
المتوسط بين الإسلام والمسيحيةء نجد أن العلاقات الاقتصادية والثقافية 
استمرت قي الأنتشار رغم هذا الضراع وإنها اسثمرت على هذا التحو 
بصورة مطردة ودون انقطاع مدة طويلة. فالمبادلات بين إسبانيا العربية 
Las lato da came leah Bl nly dy dilly‏ زيا انراق 
الكثيرة: وكذتك الحال بالنسبة للمبادلات على خط الانقساء الفترض: بين 
الجمهوريات البحرية الإيطالية ومصر الفاطمية. وتكفي قصص الحج الغربي 
إلى الأرطن العدمة فل اتحروب السليبية ومعظويا هق طريق ial‏ 
لتبرهن على أن الخيوط بين شواطىٌ «بحرنا نحن» 8105565 110:6 لم تنقطع 
أبدا انقطاعا كلياء رغم أنها قطعا قد تعقدت. وأصيبت بالوهن من جراء 
الجهاد والقرصنة من كلا الطرفين. 

وغلى عكس ذلك الشائية الحادة التي قالت بها غرضية بيرين هإن 
الاتصالات بين العالم المسيحيء الذي كان مهلهلا محصوراء وبين الإسلام 
الفازق قئ منطقة Sls bool] edi]‏ على ما يدو متكررة ومتمرة. ولقد 
قطووت هذه الاتضالاى ob‏ علاقة خلؤكية؛ من وجهة النظر الجشعرافية 
والسضارية: إذ تجد أن القرة المناهضة للقوة الإسلامية التي تأسست في 
سوريا وى الأريقيا :وش ماتا تمت فن Asa Ma) c cu dg‏ 
بكراتها اليوناتي«الروماني الكسيحي. كما تمثات من جهة أخرى في الغرب 
dud ES‏ جزيرة إيظانيا معورهاء Lais al‏ التي 
أصبحت الآن جبهة تواجه الإسلام الأندلسي. من هذه الطرق الثلاثة تسرب 
«تراث» الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى إلى الغرب وتغلفل فيه. 

كانت القوة البيزنطية: في البر والبحر أعظم قوة يجابهها العرب على 
شواظق الجر التونتط»بركانف ييزتظة نمه في الرحلة الأولى للعوسبة 


91 


تراث الإسلام 


الإسلامي ذي الطابع العربي النقي» هي الهدف المنشود والخصم الرئيسي› 
كما كانت في الوقت نفسه النموذج الذي كانت الدولة الإسلامية الفتية 
تقلده بصورة واعية إلى حد ما. 

ولعلنا هنا نكون أقرب إلى الصواب لو أننا تحدثناء لا عن التراث الذي 
نقله الإسلام» بل عن التراث الذي تلقاه الإسلام. من جراء الاحتكاك مع 
هذه الإمبراطورية التي تعتبر بالنسبة لنا جزءا من الشرق ولكنها بالنسبة 
للشرق نقطة حراسة أمامية للغرب. فبعد أن جردت بيزنطة من أقاليمها 
في فلسطين وسوريا ومصرء ثم شمال أفريقيا تدريجيا. نجحت هذه الدولة 
في إيقاف الوعف العربي فلي تيال الأمائرس وسلسلة جبان ورس 
واحتفظت لعدة قرون بآسيا الصغرى ضمن حدود العالم المسيحيء رغم أن 
العرب كانوا يغيرون عليها-وقد نقلوا غاراتهم إلى بحر مرمرة وإلى العاصمة 
نفسها. ولقد فشلت ثلاث محاولات لحصار القسطنطينية والاستيلاء عليهاء 
وبعد المحاولة الأخيرة في نهاية القرن الثامن لم تعد المسألة مسألة خطر 
عربي مباشر يهدد العاصمة نفسهاء بل مسألة حروب على الحدود بين 
آسيا الصغرى وبلاد ما بين النهرين وسوريا ومسآلة نزاع بحري للسيطرة 
على البحر المتوسط. وقد استمرت الحروب الأولى طويلا خلال القرنين 
التاسع والعاشرء وأدت لفترة من الوقت إلى عودة احتلال بيزنطة لسوريا 
جزتيا ومؤقتا”*. ولكنها عمليا تركت الخصوم في مواقعهم الأصلية حتى 
حل الأتراك السلاجقة مكان العرب الذين أنهكوا كقوة سياسية:؛ وتابع 
السلاجقة الزحف الإسلامي في آسيا الصغرى. وفي البحر أيضا ومنذ 
الانتصار العربى فى مرکا اتقوت کس Phoenix‏ (ذات الصواري) سنة 655ء 
ر d atl]‏ الثمائية c dall, poe ipa dag I aad iua da‏ 
القرن الحادي عشرء استمر الصراع الذي كانت السيطرة فيه متناوبة بين 
العرب والبيزنطيين دون أن يحقق أي طرف منها سيطرة تامة ونهائية. 
وهكذا أصبح قسم من سواحل شرقي البحر المتوسط إسلاميا بصورة 
دائمة؛ بينما بقي قسم آخر يونانيا ومسيحيا عدة قرون. ولكن كما قلناء لم 
يفرض وجود بيزنطة نفسه عن طريق السلاح فقطء فمنذ البداية كان 
هنالك شعور (لدى العرب) بالنقص*/ والإعجاب وبالرغبة في محاكاة 
الإمبراطورية البيزنطية في المجال الإداري الاجتماعيء» وفي الطقوس والفن. 


92 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


ورغم كبرياء الدين الجديد فقد كان عرب سوريا المسلمون» بمن فيهم 
الخلفاء. ينظرون إلى بيزنطة مثلما كان ينظر إليها من قبل أبناء قومهم 
الغساسنة. حملة ألقاب فيلارك 5اءنداإنا وهم عملاء بيزنطة على حدود 
الإمبراطورية في القرنين الخامس والسادس. ولم يتضاءل هذا الإعجاب» 
حسب ما ورد في تقييم حديث,. إلا في نهاية حكم أسرة بني أمية حين 
انتقلت الخلافة إلى الشرق مستبقة ذلك التحول في الاتجاه السياسي 
الذي ستقرره الثورة العباسية بعد ذلك بفترة وجيزة. وقبل ذلك كان هناك, 
بالإضافة إلى حروب الحدود. سفارات وبعثات تجارية بين الدولتين 
الإسلامية والبيزنطية؛ مع كل ما يقترن بها من تأثيرات فنية وثقافية امتدت 
من البوسفور إلى سوريا والعكس بالعكس . 

كانت الإدارة العربية في سوريا في أول الأمر مجرد استمرار للإدارة 
البيزنطية؛ ثم أصبحت محاكية لهاء فعربت اللغة والعملة والمراسم. وحتى 
بعد اضمحلال إمبراطورية الخلفاء لتحل مكانها دويلات وأسر حاكمة صغيرة 
بقي للنموذج البيزنطي بريقه في نظر تلك الدولء وكذلك في نظر إمبراطورية 
مصر الفاطمية. وهكذا فإن إرث روما البعيد؛ وكذلك الفخامة المسيحية- 
الشرقية للعاصمة المطلة على البوسفور قد فرضا نفسيهما على أبرز 
خصومهماء وتركا أثرا يمكن تتبعه حتى ما بعد عام 1000 للميلاد؛ وإن كان 
تتبع هذا الأثر يزداد صعوبة كلما تقدمنا في الزمان. 

ولكن؛ ماذا كان بوسع الحضارة الإسلاميةء بعد تشكلهاء أن تعطيه لذلك 
الجزء من الإمبراطورية الشرقية الذي بقي غير إسلامي؟ لقد أشار البعض 
في كثير من الأحيان إلى الاحتكاك بين التفكير اللاهوتي البيزنطي 
والإسلاميء لكن الاتجاه الذي اتخذته هذه التأثيرات يثير الكثير من المشاكلء 
كما هو الحال في الخلاف حول الصور”* (أي الحركة اللاأيقونية)؛ فمن 
المشكوك فيه أن يكون تحطيم التماثيل الدينية قد حدث بوصفه صدى 
للنفور السامي المعروف من التمثيل الشكلي للكائنات الحيةء وبوصفه تأكيدا 
لهذا النفور. وكذلك في حقل الأدب. فلا شك أن حروب الحدود التي دارت 
فيما بين القرنين الثامن والعاشر أتاحت للطرفين المناسبة والأساس التاريخى 
لقصائد (الجهاد العربية)ء والأغاني الها تة لدي sla Lg cn dS ll‏ 
المديح لدى شعراء البلاط وللقصص الشعبية للبطال وعمر النعمان لدى 


93 


تراث الإسلام 


العرب. ومع ذلك يمكن للمرء أن يتبين بوضوح تشابك الموضوعات التي 
crisp ats ied cals‏ نهدن الشكلين: الشعر الغنائي الملحمي 
والقصصي» دون أن يستطيع تخد اتا الا وة کا و 
المؤكد أن مواد أسطورية ذات أصل شرقي قديم قد انتقلت من العرب إلى 
البيزنطيين: كما يظهر مما آلت إليه قصص «كليلة ودمنة» و «السندباد» 
حيث كان اتجاه التأثير من الشرق إلى الغرب أمرا لا يشك فيه. أما فيما 
يتعلق بالأدب الرفيع والفن الديني وفن البلاطات والعلم: فإن الدين الذي 
يدين به الإسلام لبيزنطة؛ أو بصورة أدقء للتأثير اليوناني من خلال اليونان 
والسريان» وهم مواطنون بیزنطیون سابقون» يفوق بكثير كل ما استطاع 
الإسلام أن يقدمه إليها بالمقابل. 

ولقد كشف النقاب مؤخرا عن آثار انتشار العرب في أراض يونانية 
كانت تحت سيطرة العرب لفترة عابرة» أو لعلها لم تكن بدا تحت سيطرتهم 
وذلك بنتيجة الأبحاث التي جرت مؤخرا في الأجزاء التي سبق لها أن كانت 
قلب الحضارة الهلينية القديمة؛ ثم انحطت في ظل الإمبراطورية الشرقية 
(b)‏ لتتحيا تخياة#ناكضة #مجرد مقاماعة معاية فحدببي: قل كشفت 
الأبحاث الدؤوبة التي أجراها مايلز :3111 هذه الآثار للسيطرة أو النفوذ 
العربيين السابقين في حوض بحر إيجه وفي اليونان نفسهاء وفي كريت 
التي كانت لحوالي قرن ونصف (961-827) مقرا لإمارة عربيةء وكذلك في 
حركة التراجع العربي عبر البحر المتوسط من إسبانياء وفي آتيكا وأيوبويا 
Euboea‏ وفي کورنشه وحتی في أثينا. حيث تدل المكتشفات من العملات 
والكتابات المنقوشة على وجود العرب أو مرورهم في أوائل العصور 
الوسطى”. ولقد قام مسجد عربي”"' مدة من الوقت على شواطنْ 
البوسفور في ضاحية من ضواحي القسطنطينية. يقال إنه بني كذكرى 
للحصار الفاشل الذي قام به مسلمة بن عبد الملك في 718-717: ومسجد 
آخرلمدة من الوقت في رجيو 568815 في البر الإيطالي المتنازع SUAS 9 edule‏ 
يبدو أن الله. في مفهومه العربي والساميء كان لوقت ما يعبد في أثينا 
نفسهاء على سفح الأكروبوليس» ويستنتج ذلك من نقوش كوفية وجدت 
أثناء الحفريات التي جرت في أغورا «05ع8©. وإذا كان يبدو أنه لم تكتشف 
أي نقوش أو آثار معمارية للسيطرة العربية في كريت حتى الآن: فقد 


94 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


ازدهرت موضوعات الزخرفة الإسلامية. الأصيل منها أو المحاكي والمزيف. 
في أجزاء عديدة من اليونان: وكما يقول مايلز فإنها تزداد في الفترة التي 
تلت الحكم العربي في كريت. وقد اهتدت عين العالم الحديث الثاقبةء في 
أثينا وفي آتيكا وفي كورنشه وفي فوكيس IL ey (rss‏ إلى بقايا-قليلة 
جدا في بعض الأحيان-للفن الإسلامي القديم؛ ناهيك عن كمية النقود 
الكبيرة التي عثر عليهاء والتي يمكن تفسير وجودها من خلال العلاقات 
التجارية وأحيانا أيضا الزيارات الطارئة. وخصوصا في أيام الحروب 
الصليبية؛ بالإضافة بالطبع إلى وجود المستوطنات الدائمة (القريبة) كما 
هو الحال بالنسبة إلى عملة أمراء كريت. 

إذن يمكن بالنسبة للقسم الشرقي من البحر المتوسطء تلخيص العلاقات 
بين الإسلام والغرب على الوجه التالي: 

- فتح عنيف واستيعاب سريع نوعا ما للأراضيء لم يخل من تأثير كثير 
من العناصر الثقافية للمغلوبين التي أصبحت إرثا فكريا للفاتحين. 

- اتصال مباشر عبر قرون عديدة على طول جبهة متغيرة؛ يتخلله على 
الجبهتبن حروب وغزوات» لذا تمت فيه لقاءات خصبة انعكست لدى الطرفين 
في الأدب الشعبي. 

- مقاومة مرنة وتصميم على البقاء والصمود في قلب الإمبراطورية 
الشرقية لم ينجح الهجوم العربيء رغم قوة دفعه الأولية. في القضاء عليهماء 
مما خلق توازنا بين القوتين المتضادتين؛ اللتين لم تنجح أي منهما في شل 
خصمها أو القضاء عليه. 

- وخلال ذلك» بالرغم من الحروب في البر والبحرء كان يحدث تبادل 
تجاري مكثف. على عكس ذلك الشلل الذي اعتقد بيرين أنه كان سائداء 
كما كان يحدث تبادل آخر أقل وضوحا في التأثيرات الثقافية. وقد خلف 
هذا التبادل آثارا تتباين كثيرا من حيث الدرجة والأهمية حين ننتقل إلى 
وسط البحر المتوسطء أي إلى صقلية وإيطاليا. 

كان استيطان الإسلام في وسط البحر المتوسط خلال الفترات المبكرة 
من العصور الوسطى جزئيا وأقصر في الأمور مما كان عليه في شبه 
جزيرة إيبيرياء لكنه أطول وأخصب مما كان عليه في نقاط متفرقة من 
اليونان وحوض البحر الإيجي. على أنه من الضروري التمييز بين البر 


95 


تراث الإسلام 


الإيطالي. حيث لم يقم أي حكم إسلامي مستقر باستثناء إمارتين عربيتين 
Taranto» £l 35 Bari» ($5b (43 o5 ale‏ | (في النصف الثاني من القرن 
die li Quay (il‏ النتمرت البيطرة السياسية والدينية oa ST‏ 
قرنين؛ أو ثلاثة قرون إذا أضفنا الفترة النورماندية (وهي إضافة لابد 
منها ها دما نتتاول الأمور من التاحية الثقافية)»احتاج العرب إلى أكثر مق 
سبعين سنة (902-827) ليسيطروا تماما على صقلية وحوالى ثلاثين عاما 
(1090-1060) ليفقدوها. وخلال المائة والخمسين سنة من ات الكاملء 
وكذلك بالطبع في الفترتين الطويلتين من الغزوء وللتراجع. كان لديهم متسع 
من الوقت لجعل الجزيرة «دارا للاسلام» بكل معنى الكلمة؛ وهذا يعني 
أرضا إسلامية تماماء ولكن هذا لا يعني أن جميع سكانها صاروا من 
المسلمين. فالمسيحية لم تنطفئ كلية في صقلية بل كانت تعتبر ديانة مسموحا 
بها من ديانات أهل الذمة؛ وذلك وفقا للمفهوم الكلاسيكي للشريعة 
الإسلامية... كان المسلمون هم الطبقة السائدةء وهم المحاربين ومالكي 
الأراضي» والتجار والصناع. وبالرغم من أن التاريخ الداخلي للجزيرة في 
ظل الحكم الإسلامي غير معروف إلا قليلاء فيما عدا «باليرمو». فإننا 
نستطيع أن نتتبع بصورة عامة التباين في درجة الاصطباغ بالصبفة 
الإسلاميةء إذ إن هذا الاصطباغ كاد يكون تاما في المنطقة الغربية؛ ثم 
تناقص تدريجيا في المنطقة الشرقية. حيث كان صمود العنصر اليوناني- 
المسيحي أكثر صلابة. وفي عملية مشابهة نجد أن الإسلام بعد الفتح 
النورماندي تلاشى بصورة أسرع في المناطق الشرقية للجزيرة لكنه صمد 
في الغرب خلال القرن الثاني عشر كلهء ولم يختلف إلا في العقود الأولى 
للقرن الثالث عشر مع الثورات وعمليات النفي الأخيرة في عهد فردريك 
الثاني. 

كان العنصر العرقي الذي قدم مع حملة أسد بن الفرات وتغلفل في 
أعقابها شيئًا فشيئًاء مكونا من العرب المغاربة الذين قدموا بصورة رئيسية 
مما يسمى اليوم تونسء ولكن كانت هنالك أيضا عناصر قوية من البربر, 
كما كان يحدث عادة في شمال أفريقيا كلها بعد تحولها إلى الإسلام. لذا 
فإن القاعدة العرقية للفاتحين هي عربية-بربريةء وهؤلاء هم الذين أضيفوا 
إلى المجموعات السكانية التي كانت موجودة hd Cpe‏ من صقليين محليين 


96 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


وبونيين (قرطاجيين) ويونان ولاتين. هذا العنصر العرقي يمكن تمييزه بسهولة 
اليوم» بعد مرور آلف ale‏ وذلك بالرغم من تناقصه وتغيره من جراء 
الإضافات وعمليات التزاوج المتلاحقة. أما فيما يتعلق بخصائص الحكم 
العربي-الإسلامي في صقلية والآثار التي خلفها لناء فيمكن أن نلاحظ قبل 
كل شيء أنه كان شكلا هامشياء بل ويمكن القول إنه كان شكلا محلياء من 
اشكال aed aa pad]‏ ركان ور إليدا بقع نح الازدرك Alle] a‏ 
من أمثال ابن حوقل (القرن العاشر)ء الذين اعتادوا على الصبغة LALJI‏ 
للعالم الإسلامي”. أما من وجهة النظر الغربية والإيطالية (ونحن هنا 
نتبع ري أعظم مؤرخ لهذه الفترةء 5725 &« «(M. Amari (e Lai‏ فإن هذا 
الحكم يبدو إيجابيا ومفيدا لأنه بعث بدم جديد تغلغل في الكيان العرقي 
البائس لصقلية البيزنطيةء والأهم من ذلك بسبب التغييرات التي أدخلها 
على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الجزيرة؛ حيث ألغى الإقطاعيات 
الكبيرة وشجع تمليك مساحات زراعية صغيرة؛ وأحيا الزراعة الصقلية 
وأغناها بأساليب ومحاصيل جديدة. وتظهر الأهمية الحاسمة للفترة العربية 
في هذا المجال في وجود ألفاظ عربية كثيرة متعلقة بالحياة الاقتصادية, 
حفظت في اللهجة الصقلية ونقلت إلى الإيطاليةء وهي في معظمها تشير 
إلى المجال الزراعي وإلى الري والأدوات المتعلقة بالمزارع والآدوات المنزلية 
ومنتجات التربة . 

وقد وصف المؤرخون والرحالة العرب في ذلك الوقت الجزيرة بأنها 
غنية في مياهها وغاباتها (حيث استغل الخشب في صناعة السفن الحربية 
العربية الث كانت تجوب القسم الأوسط من Gii‏ ويانعة الثمار 
والمحاصيل. وكان هناك نقص ضي الزيتون (إذ كانت صقلية تستورد الزيت 
من أفريقيا) والكروم» ولكن كانت هناك من جهة أخرى وفرة في القطن 
والقنب والخضراوات. وربما كانت بداية زراعة الثمار الحمضية (التي لا 
تزال إلى اليوم عماد الاقتصاد الصقلي) وقصب السكر والنخيل والتوت 
تعود إلى الفترة الإسلامية. أما فيما يتعلق بزراعة القطن فيبدو أنها استمرت 
طيلة استمرار تأثير الجانب المادي من الحضارة العربيةء ثم اختفت في 
القرن الرابع عشر وإن كانت بقيت في مالطه وإسترومبولي وبنتليريا 
Pantelleria‏ وتعود أشهر الأوصاف لصقلية العربية والتي يمكن أن يستنتج 


97 


تراث الإسلام 


منها الكثير من المعلومات حول هذه الزراعات؛ إلى أيام النورمانديين 
(الإدريسي وابن جبير) ولكنها تعكس بصورة جوهرية ظروف الحكم الإسلامي 
الفنابق: 

ومن جهة أخرى فقد كانت هذه الفترة هي بعينها التي بدأت فيها 
العملية الانكاسية القلفة بإغادة اكلكيات الزراعية الكبيرة وذلك عتدما 
ردت إلى الكنيسة ممتلكاتها الهائلة التي ازدادت ثراء بفضل تقوى الملوك 
وسياستهم,؛ كما ظهر الإقطاع الذي سيكون له أثر غير حميد على الحياة 
الاجتماعية والاقتصادية في الفترات اللاحقة. ونحن مدينون لهذه الفترة 
العربية-النورماندية بأقدم الوثائق التي سجلت فيها عقود كتبت باللغتين 
العربية واليونانية. وتعبر هذه العقود عن الكدح المغمور والعنيد لفلاحي 
صقلية المسلمين: وعن الاتجاه الذي كان قد بدأ فعلاء للتراجع نحو أنماط 
من الاقتصاد الزراعي الهابط اجتماعيا وتقنيا. وهكذا فإن الفترة العربية 
تظل بالفعل أعلى قمة وصلت إليها تلك الجزيرة الكبيرة الواقعة في البحر 
baru gill‏ سواء من حيث استثمار مواردها والحياة المادية المتعلقة به. 

ولم يحفظ إلا القليل من الملامح حول الحياة الروحية وحول الثقافة 
والفن خلال فترة الحكم العربي البحت في صقليةء ولم يكن ذلك إلا بصورة 
غير مباشرة. فلقد تلفت جميع الآثار والوثائق المعاصرة تقريباء وأما الوثائق 
التى ما زلنا نحتفظ بها فتعود كلها تقريبا إلى الفترة النورماندية الرائعة. 
إلا أنه من المؤكد أن صقلية الإسلامية أسهمت في الحياة الفكرية العامة 
للإسلام. وبصورة خاصة:؛ للاسلام 3M‏ 07 وإن كنا لا نعرف ما هي 
السمات المحلية التي أسهمت بها . فقد ازدهرت هناك دراسة القانون والفقه 
واللغة (الفيلولوجيا) والنحوء وازدهر الشعر في البلاط الكلبي**') في باليرمو 
gos‏ الأمراء المحليين الصغارء وتلك كلها أمور نعرفها بطريقة مجملة؛ 
وكان من الممكن أن نعرفها على نحو أفضل لو كانت قد حفظت لنا تلك 
المختارات المتعلقة بهذا الموضوع. والتي جمعها اللغوي (الفيلولوجي) الصقلي 
Ms Lal ol‏ الذي هاجر فيما بعد إلى مصر ومات فيها . وإذا استندنا 
إلى ما بقي من شعر القرن الحادي عشر فإن هذا الشعر كان كلاسيكي 
اللغة والوزن والشكل ولا أثر فيه للأشكال وال موازين اللغوية الشعبية: كالتي 
كانت تتطور في ذلك الوقت نفسه في إسبانيا المسلمة. وهذا لا يعني 


98 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


بالضرورة أنها لم تكن موجودة في صقلية أيضا. وقد ربط أعظم الشعراء 
العرب الصقليين وهو ابن حمديس”**'' توفي عام 1133 في حياته التي 
قضاها في التجوال؛ بين وطنه والأندلسء الذي كان أعظم مركز للشعر 
العربي في الغربء كما أنه المركز الذي يبدو أن صقلية كانت تسهم في 
تجديداته الأدبية. لكن آخر ازدهار للشعر العربي وللغة العربية نفسهاء 
(وقد بقيت منهما مقالات رائعة): إنما حدث في الجزيرة في ظل الملوك 
النورمانديين الذين عرفت عنهم سياستهم المستنيرة في التسامح والتوفيق 
الثقافي. وبعد ذلك» انهارت مع مجيء الأسرة الحاكمة الألمانية الصبغة 
العربية الصقلية بسرعة؛ وتبعها بعد فترة وجيزة ظهور: مناقضات تشيلرد 
(I6) The Contraste of Cielo d’Alcamo) ... galSJ\‏ ومدرسة الشعر التي أخذت 
اسمها من صقلية الملكية. وهي أول بوادر الشعر الإيطالي باللهجة العامية. 
ولقد رأى بعض الباحثين-وإن لم يثبت ذلك حتى الآن-أنه ربما كانت هناك 
صلة خفية بين المظاهر الأخيرة للحياة الروحية العربية الإسلامية على 
الجزيرة وبين هذه الثمار الأولى لقصص الحب الرومانسية فى الترية 
الأيطالية .وما وال العلماء يشافضون ظيما إذا كاتت مهندم الأكاز لحشارة 
الإسلام قد زالت نهائيا أم أنها تعيش مرة ثانية مختفية وراء أشكال جديدة. 

على أن ما بقي من الفن الإسلامي التصويري 71820076 في الجزيرة 
رائع وظاهر للعيانء حتى ولو أنه SIS‏ كما قلناء ينتمي إلى فترة وبيئة لم 
تعودا إسلاميتين تماما . أما الفترة الإسلامية الخالصة فلم يبق منها إلا 
حمامات كفالا 035215 قرب باليرموء بالإضافة إلى بعض القطع النقدية 
والنقوش. لكن الآثار العربية-النورماندية ذات الشهرة العالمية (كنيسة بالاتين 
SUl lään Capella Palatina‏ زينه كله فنانون مسلمونء لعلهم كانوا من 
مصرء وقصر زيسا 2154 وقصر كوبا 0152© وبقية فن العمارة المنتمي إلى 
هذه الفترة في باليرمو وغيرها-هذه الآثار هي. كما سوف يتبين بمزيد من 
التفصيل فيما بعد. سجل محفوظ يثبت ارتباطها بالفن العربي للغرب 
(الإسلامي). 

ولكي نختم هذه التعليقات الموجزة حول «تراث» الإسلام في صقلية: 
متحررين من كل مبالغة رومانتيكية في التمجيد؛ فلن يكون لنا مفر من أن 
نلاحظ وجوده بصور متعددة (وهو وجود يلاحظ اليوم بصورة خاصة في 


99 


تراث الإسلام 


الأسماء الشخصية والجغرافية) وشمولية تأثيره. فمن شأن التحليل المتجرد 
لعادات الشعب الصقلي ولنفسيته الفردية والجماعية أن يرجعنا إلى الإرث 
العربي. حتى في بعض النواحي الآقل إيجابية. لكن رصيد حساب التاريخ 
الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للفترة الإسلامية يشهد إلى حد كبير 
بقضل ذلك الك ` 1 

أما بالنسبة لشبه الجزيرة الإيطالية ذاتهاء التي تأثرت بدرجات متفاوتة 
بانتشار الإسلام في البحر المتوسطء فلابد من وضع فرضية مختلفة. فهنا 
لم ينجح الإسلام في إقامة مستوطنات دائمة باستثناء الإمارتين العربيتين 
الصغيرتين اللتين لم تدوما مدة طويلة في آبوليا هنانامه واللتين سبق أن 
أشرنا إليهما. إلا أن عرب صقلية عبروا مضائق مسينا مرات Bite‏ 
وتعرضت كل السواحل الإيطاليةء في القرنين التاسع والعاشر. لهجمات 
لصوص البحر (ويكفي أن نذكر نهب كنيستي القديس بطرس والقديس 
بولس في روما عام 846 ومعركة أوستيا (0502 عام 849). ولكن كما هو 
الحال في فرنساء لم تتمكن الغزوات الإسلامية من أن تتحول إلى حكم 
مستقر””"". لذلك فإن جنوب إيطاليا لم يعرف «السراسنة» المسلمين إلا 
باعتبارهم مصدرا دائما للفوضى والغارات والهجمات طيلة هذين القرنين, 
وعاملا مزعجا في الصراعات الداخلية للجنوب الإيطالي. وقد تحالف 
اللونغبارديون Longobards‏ والبيزنطيون والجمهوريات البحرية بصورة متناوبة 
بعضهم مع بعض ومع المسلمين؛ واعتصروا الربح والغنائم ذات اليمين وذات 
الشمال. دأب المؤرخون الإيطاليون من zè Schipa Leò d| Amari 6 lel‏ 
أن عالما واحدا حاول مؤخرا أن يعيد النظر في الحكم التقليدي تاركا 
Lola Risorgimento cal aada‏ وباحثا عن عامل إيجابي للوجود العربي 
بين القوى المتصارعة29, لكن حتى إذا قبلنا إعادة النظر تلك هإن شائدة 
التأثيرات الناجمة عن التغلغل العربي في البر الإيطالي. أقل بكثير من 
فائدة الحكم العربي في صقلية. ففي إيطاليا لم يتح للعرب الوقت أبدا 
لتنظيم حياة أكثر استقرارا وتنظيما من حياة الحرب والسلب (كانت منهم 
عصابات في خدمة الأمراء اللونغوبارديينء ومستعمرة غاريليانو (مصتناعضده): 
ولذا فإن العصور الوسطى المبكرة في إيطاليا لم تعرف من الجهاد الإسلامي 
إلا تأثيراته الهدامة. غلم تأت الثقافة والعلم والفن مع هؤلاء الغزاة البرابرة 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


الذين ظلوا جسما غريبا في البنية الاجتماعية للجنوب الإيطالي. ليطردوا 
منه بأسرع ما يمكن. كما أنه لم تنتقل إلى إيطاليا أي فائدة حضارية من 
جراء تلك الموجة الثانية من الغزاة العرب-الإسلاميين التي هبطت. في 
القرن التاسع بوجه خاصء من جبال الألب واجتاحت مناطق بيدمونت 
lo Liguria Lry9ad9 Piedmont‏ عديدة. ووصلت في بعض الآحيان حتى 
وادي ألبو. 

ومع ذلك فقد وصلت عناصر من الثقافة المادية الإسلامية والعلم Calg‏ 
إلى إيطاليا وخصوصا إلى جنوب إيطالياء من خلال طرق أخرى. قبدلا من 
وصولها عن طريق الغزوات المدمرة. وصلت تلك العناصر من خلال التجارة 
(ولنلاحظ أن تعايش هاتين الناحيتين. خلافا لفرضية بيرين؛ أمر مؤكد, 
وإن تكن الشواهد عليه في هذه الفترة غير كافية). ومن خلال الرحالة 
والعامامدويعن كليل بواسطة اليجرة الققافة العريرة من إسباته) السلنة, 
فقد تحدث رحالة مثل ابن حوقل عن المبادلات التجارية في العصور الوسطى 
المبكرة مع الجمهوريات البحرية oe ilolo Lada Campagna Loll‏ 
توكيلات تجارية إيطالية في الشرقء مثل توكيلات تجار أمالفي Amalfitans‏ 
في مصر الفاطمية'". ومن الأمثلة المعروفة «للعناصر العربية» في فن 
3 إيطالياء الأبنية الأثرية في ساليرنو وأمالفي وكانوسا دي بوليا Canosa‏ 
1 ذل وكذلك وجود أعمال عديدة للفنون الإاسلامية الفرعية. لا فى 
dcus o Conn dedi cad gs‏ ا اا ر د 
ومارتشس Ora XM se i cài 1a is (Tuscany (3l. 539 Marches‏ 
ومن بينهم تلك الشخصية oca‏ قرطت (1e‏ الإفريقي Constantinus‏ 
sە‏ مه -" تكشف للثقاغة اللاتينية في إيطاليا ثمار علم الطب والصيدلة 
العربيين حتى النصف الثاني من القرن الحادي عشرء أي قبل تدفق العلم 
الإسلامي على أوروبا من خلال إسبانيا. وبعد أن فتح ذلك الطريق الأخير 
عبر العلم والفلسفة العربيين جبال البرانس إلى فرنسا وإيطالياء وكذلك 
عبرتها أيضا كما ثبت مؤخرا أفكار شعبية إسلامية تتعلق بالتقوى والعالم 
OS‏ وربما كان لهذه العوامل تأثيرها حتى في الروائع الغربية الفكرية 
والفنية. ولكن ليكن الأمر واضحا: إن أفضل وأعظم ما جاء إلى إيطاليا بعد 
عام 1000 لم يأت من الشرق مباشرة بل من رأس الجسر الثقافي الذي أقيم 


تراث الإسلام 


ف به جزيزة إنبيرياء ومن كم فيو إشعاع اترات ارقي من خاان هذا 
الطريق. إن خلاصة التأثيرات العربية في الحضارة الإيطالية في العصور 
الوسطى من خلال جميع هذه الطرق إنما نجدها في العناصر اللغوية 
العربية التي دخلت اللغة الإيطالية . وهذه الناحية كثيرا ما عولجت بطريقة 
غير جديةء ولم تعالج إلا مؤخرا فقط بطريقة علمية رصينة. 

هذه الدراسات المنهجية للعنصر اللغوي تتركز. حسب ما يقرره أكبر 
الثقات المعاصرين في هذا المضمار o dl‏ وهو ج. ب. بللغريني G.P. Pelligrini‏ 
«على المبادلات التجارية ومفردات دار الجمارك والمنتجات المستوردة من 
المغرب ومن الشرق». فمن الآمثلة التي يشيع الاستشهاد بها في هذا المجالء 
ألفاظ مثل tLe) aig Dogana «lS»‏ دار الجمارك) ومخزن Magazzion‏ 
E E) men‏ ومخاطرة كدو (توع من الغروض (Pass‏ 
وأسماء العملات 15:1 والمقاييس Zito paps) AlgVly Gary! gi Rubbio)‏ 
el otis o!ge9 (Garaffa 43] 21 Giara 3 yal‏ الآلبسة (الجبة Giubba‏ القفطان 
Sg . (ZS AL: Leg Borwaechino 330! Caffatanuk‏ یجب أن يضاف إلی 
هذه النواة التي تمثل في الأغلب المهن والتجارة. كلمات تنتمي إلى ميادين 
أخرى مختلفة تماما : كالعلوم (علم الفلك والتتجيم» والرياضيات) والكيمياء 
وعلم الصيدلة والطبء وأساليب الفن:؛ والفلسفة. 

إن تنوع وكثرة هذه الكلمات المستعارة التي تتناول جزءا كبيرا جدا من 
CER EY SET PERSPSER EN EUER EET‏ 
العرب الذين كانوا يغيرون على iLe ggi g Mezzogiorno gjg gdl dahi‏ 
والذين لم يكونوا دائما من أصل صقليء بحيث إن قسما كبيرا من هذه 
الكلمات المستعارة لا يمكن أن يعتبر ذا أصل عربي-صقلي محدد. بل إن 
التيار المزدوج للكلمات المستعارةء الذي يشمل آلفاظا علمية وآلفاظا متعلقة 
بالتجارة والحياة اليوميةء يناظر تماما التيارين الآاساسيبن للاتصالات 
الإيطالية مع عالم البحر المتوسط الإسلامي: الدراسة العلمية وعلم الكتب, 
وعالم النشاطات العملية الذي يموج بالحياة. وكلاهما غني في نتائجه. 
gl gf Plat ds trea saure sal ulnis‏ تمان اللقاء الذي 
تم في الأندلس. 

كاك ليه ood oos‏ لكان الدى حرق فيه الامسال Nl‏ 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


والمشرق بين الإسلام والحضارة الأوروبية الناشئة؛ وهو الاتصال الذي تطور 
على مدى سبعة قرون. فهناء أكثر من أي أرض أخرى على البحر المتوسط 
توافر لدى الاستيطان العربي وسيطرة الدين الإسلامي الوقت والوسيلة 
ues Ey 3 all ddl La Jabal‏ والثتاقية اكوجودة اا ود 
انسحاب العرب في آخر المطاف كانوا قد تركوا هذه البنية وقد تغيرت 
تغيرا كبيراء وفي حين أن مرور العرب في إيجة لم يكن إلا حادثا عابراء 
وفي صقلية عبارة عن فترة اعتراضية في مسار التاريخ اليوناني-اللاتيني. 
فإن العنصر العربي بقي في إسبانيا عنصرا أساسيا في مظهر البلاد وضفي 
مصيرهاء يتجاوز بمراحل الحضور المادي للعرب والإسلام على أرضها. 
ويؤلف الوعي بهذا العنصر وتقييمه. في حد ذاتهما. فصلا من فصول 
الكتابة التاريخية الإسبانية الحديثة. وإذا كان يبدو أن أعظم باحثين في 
العصر الحاضر في هذا المضمارء وهمااً . كاسترو مناقة© .ى وكليمان سانشيز 
Cl. Sanchez Albornoz :551554!1‏ يقولان بنظريتين متضادتين:ء إذ يقول الأول 
بنظرية إيجابية؛ مع تحفظات كثيرة؛ ويقول الثاني بنظرية سلبية في مجملها. 
فيما يخص دور الفترة العربية في تاريخ إسبانياء فإن كلتا النظريتين تلتقيان 
فى الاعتراف بالأهمية الكبرى لهذه الفترة فى المجرى التالى للأحداث فى 
البلاد . فإسبانيا في رأي کاسترو. الذي يعتبر فترة اقوط 0-5 
غريية ودخيلة على التقاليد الإيبيرية الأصيلةء وقد ولدت من التزاوج بين 
العرب (واليهود) وبين العنصر المحلي» بحيث إن تاريخ إسبانيا في المستقبل 
وعاداتها ونفسيتها ودينها كلها كانت متآثرة بهذا التزاوج بوصفها نتيجة له 
أورد فعل عليه. أما سانشيز ألبورنوز فيعتبر العرب والإسلام عاملا مزعجا 
وضارا بصورة عامة؛ انحرف بإسبانيا بعيدا عن تطور التراث الروماني 
الذي هرقته الأمم الالاثيتية الأخرويوهو عامل ريخ فى التخسية الاسيانية 
بعض الخصائص السلبية (التعصب الديني وعدم التسامح والسلطة العليا 
للكنيسة والنزعة الملكية المطلقة والانعزال عن بقية آوروبا)ء وكلها سمات لا 
تزال آثارها ملموسة حتى في يومنا هذا. ولكن بغض النظر عما إذا كان 
هذا التأثير العربي-الإسلامي على إسبانيا يعتبر إيجابيا أم سلبياء أساسيا 
أم متطفلاء فإن النظريتين المتضادتين تتفقان على الاعتراف بمدى هذا 
التأثير وأهميته الحاسمة بالنسبة لمصير إسبانياء وكذلك بالنسبة لكل أوروبا 


تراث الإسلام 


الغربية أيضا. 

كانت العروبة الإسبانية نفسها وهي في أوجها على وعي بطبيعة وجودها 
في الأرض الأندلسية وثمن هذا الوجودء وحاولت القيام بتقييم له. ومن 
الطبيعي أن تكون خلفية هذه المقارنة الأقاليم الأخرى للحضارة الإسلامية 
وليس» كما يحدث معنا في الأغلب. بقية أوروبا المسيحية. إلا أن «مديح 
الإسلام الإسباني» of Spanish Islam‏ iseهام‏ 156 وهو العنوان الذي استعمله 
غارسيا Uc LE AIL (Garcia Gomez) assi‏ في مديح الأندلس 
(القرن الثالث عشر) يحتوي على عناصر صالحة أيضا لمثل هذه المقارنة 
وهي عناصر تبرز بوضوح من المحتوى الجدلي-البلاغي لهذا العمل الصغير 
الطريف: كالكلام عن السلطة السابقة للخلافة الأمويةء والحرب المقدسة 
التي خاضتها بلا هوادة ضد الكفارء والتشجيع السخي الثقافي الرائع 
لملوك الطوائف 55]نه1 هل 5هنزء2 والازدهار المذهل للآدب» والحياة الاجتماعية 
الرفيعة في بلاط هؤلاء الملوك؛ والثروة الاقتصادية للبلاد والاستثمار الماهر 
لمواردها الزراعية الذي كان من الأسباب العظيمة لمجد الحكم العربي في 
إسبانياء وأخيرا الإنتاج العلمي الجليل الذي ينسى المؤلف العربي ذلك 
العنصر الذي يشكل في نظرنا أعظم فضل له؛ آلا وهو دوره في الإبقاء على 
العلم القديم ونشره» لكنه يؤكد بحق على عظمة الشخصيات التي اشتغلت 
به؛ من أمثال ابن حزم وابن زهر وابن رشد وغيرهم. والواقع أن الصورة 
البهيجة التي رسمها الشقندي كانت قد صورت في وقت كان فيه مصير 
الإسلام العربي في إسبانيا في انحسارء وذلك في بادئ الأمر في ظل 
سيطرة oll‏ ثم في ظل حروب الاسترداد 560000115084 المسيحية (توفي 
الكاتب في إشبيلية سنة 1232 قبل أن ينتزعها فرديناند الثالث من الإسلام 
بخمس عشرة سنة). لذلك فإنها تبدو في ضوء التاريخ اللاحق وكأنها 
تخليد لذكرى عصر كان يتجه إلى نهايته؛ بدلا من أن تكون استباقا للمستقبل. 
ولكن قبل أن نشغل أنفسنا بذلك المستقبل» gl Ausklang (c. all cel‏ 
التأثير cat! Auswirkung‏ خلفه التراث العربي في إسبانيا بعد أن كان 
الوجود السياسي والديني والثقافي للعرب قد ضعف» يجب أن نذكر ما كان 
يعنيه هذا الوجود بالفعل: وهو اتتشانالغروية أو الصنيقة العربية في الكوب: 
وقد طمعت في جو من التسامح النسبي والتداخل الثقافي مع بقايا اللاتينية 


104 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


الإيبيرية التي لم يكن الحكم القوطي قد مسهاء وكذلك مع العالم المسيحي 
الغربي. كان هناك قرنان من النجاح السياسي المتصاعد الذي وصل إلى 
الأوج في ذلك العصر العظيم؛ عصر عبد الرحمن الثالث والحكم الثاني 
والمنصورء ثم قرن من الانهيار السياسيء مع غزارة في الإنتاج الأدبي والفني 
الرائع» ثم قرن أخير ساد فيه البربر (المرابطون والموحدون) ونشطت فيه 
المبادلات العلمية مع أوروبا المسيحية. وبعد القرن الثالث عشرء الذي شهد 
ذبول الإسلام في قسم كبير من شبه الجزيرة تأتي الخاتمة الطويلة في 
آخر معقل للاسلام في غرناطة . وأخيرا تأتي «زضرة المغربي»!*20 ونروه3 106 
Lament‏ ويعلو الصليب على «الحمراء» ويعانى الموريسكيون 2*7 (ومءكتره3/1) 
AL d iua cs‏ نکر سق طروهم الذياكن كن 3:22 609 tas [fs‏ 
هنا بالخطوط العامة لتاريخ الأحداث 2 Histoire‏ في هذه الفترة 
كلهاء كان من الواجب أن نؤكد على نقطتين أو ثلاث نقاط لابد منها في 
تقييم الإنجاز العربي-الإسلامي في هذا الجزء من البحر المتوسط وفي 
أوروبا ككل. 

أولا: هنالك السرعة والاكتمال في فتح الأندلس؛ فقد وصل الفاتحون 
الأولون بقيادة طارق وموسى خلال ثلاث سنوات فقط إلى أقصى الحدود 
الشمالية حيث توقف الاستيطان العربي المستقرء رغم أنهم تجاوزوا هذه 
الحدود قيما بعد هن سجمة متجاوق DS) - Cuntabrans P5) dal Jo.‏ 
هذه المناطق الواقعة في أقصى الشمال قد مسها الفتح العربي فقط ولم 
يحتفظ بها بقوةء وكانت الحدود بين المسلمين والمسيحيين أبعد من ذلك في 
الجنوب» بين نهري الدورو والأبرو ۴۲٥‏ إلى أن اجتاحتها هجمات عملية 
heyi Reconquista s/s i.‏ في القرن الحادي عشر. فهل كان التعمد 
آم الضرورة أم المصادفةء هو الذي أوقف العرب عند هذه الحدود غير 
المأموئة ومنعهم من السيطرة الكاملة على شبه الجزيرةة إن هذا السؤال 
نفسه يبرز فيما يتعلق بمتابعة الهجمة العربية في أوروباء إلى أبعد من 
جبال البرائس فى فرنسا (إلى روسيلون ده11ازوناه1 وسبتيمانيا Septimania‏ 
ويروقائس 415434 Provence and Dauphine‏ وما وراء جبال الألب في سويسرا 
وشمال إيطالياء ويظهر أن السبب هو أن القدرة العسكرية والديموغرافية 
للعرب على تحويل هذه الغارات إلى فتوحات مستقرة كانت غير كافية؛ وقد 


تراث الإسلام 


حال الطول الخطر لخطوط مواصلاتها البرية ما بين قواعدهم في إيبيريا 
وأفريقيا وبين هذه المواقع» دون وضع أي خطة متكاملة من أجل التوسع 
فيما بعد. وقد ترك هذا التوسع للمبادرة الفردية من الجماعات المغيرة 
التى كانت تنقصها التعزيزات والإمدادات اللازمة من أجل الاحتفاظ 
Loeb‏ المسلوية. وليست كوفادنغا 007200282 وبواتييه I. (55 Poitiers‏ 
الفاق وف الحركة العكسية لتلك الموجة التي أدت في مطلع القرن 
التاسع؛ إلى التخلي للممالك المسيحية عن الأراضي التي تقع بعد نهري 
الدورو والألبو (أستورياس Navarre, LigIlS9 ,lalig Austrias, Leon (554J9‏ 
8 تلك الأراضي التي أغار العرب عليها مرات عديدة ولكنهم لم 
يحتفظوا بها بعد ذلك قط في ظل حكم مستقر. 

ضمن هذه الحدود نشأت الدولة الأموية العظيمة؛ في القرنين التاسع 
والعاشرء وهي أعظم تشكيل سياسي لتلك الحقبة من تاريخ عرب المغرب, 
كما أنها كانت في الوقت نفسه؛ العامل الحاسم في توازن غربي البحر 
المتوسط/”'". فبعد أن تخلى الأمويون في إسبانيا-بصورة واعية إلى حد ما- 
عن أي هجمة أخيرة على ما وراء جبال كانتابريان والبرانس؛ ركزوا سياستهم 
الخارجية على السيطرة على السواحل الأفريقية وإمرة البحار. أي أنهم 
قصروا مهمتهم كحرس للحدود ضد العالم المسيحي على حروب «الجهاد» 
التي كانت تشنها العصابات دورياء وقصروا سلطانهم على الأراضي التي 
اكتسبت نهائيا للاسلام. وكان صراعهم البحري الطويل مع خصومهم 
فاطميي مصر سمة بارزة لهم؛ وقد فضل الأمويون البحث عن اتفاقات 
رفاك اكا البحرية في شرق البحر المتوسطء. بيزنطةء وذلك لأسباب 
منها النزاع ضد العدو المشترك» أي العباسيين. ولكن جميع هذه الخطط 
الكبيرة انهارت بعد الأزمة الداخلية لخلافة قرطبة؛ التي حدثت بعد وقت 
وجيز من فترة عظمتها في السنوات الأولى من القرن الحادي عشر. ومنذ 
ذلك الحين انتقل محور القوة الإسلامية في الغرب من إسبانيا إلى أفريقية. 
واحتلت الإمبراطوريات التي قامت هناك الأندلس وجعلتها تحت سيطرتها 
كدولة تابعة. وهي التي سبق لها أن حلمت بإخضاع الساحل الأفريقي. 
فبعد أن تلاشت السيطرة البحرية الأموية العابرة لم يبق للأندلس الإسلامية 
سوى مهمة متواضعةء هي متابعة حرب قرصنة مقدسة في غرب البحر 


106 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


المتوسط (حملة موغتو Mugetto‏ ضد جزر الباليار #ندعلةه8 وسردينيا249, 
وهى الحرب التى استطاعت الجمهوريات البحرية الإيطالية أن تصمد لها. 
وإذا تطلعنا إلى الأمام إلى العصور الوسطى المتأخرة؛ وجدنا أن العلاقات 
العسكرية بين الإسلام والعالم المسيحي في هذا الجزء من البحر المتوسط 
كانت تقتصر على العمليات المحلية بين هذه الجمهوريات التجارية القائمة 
علی البحر Tyrrhenian (31 sl‏ (والتی ضیف إليها فى القرن الثانى عشر 
مملكة صقلية النورماندية) وبين الأسر الحاكمة الإسلامية في سواحل 
شمال أغريقيا (بني زيري والموحدين ومن جاء بعدهم)ء في حين كان اندفاع 
الإسلام في شبه جزيرة إيبيريا قد أخذ يتباطاً شيئًا فشيئًا ويتناقص من 
جراء الضغط المسيحي المتزايد ... ومنذ القرن الثالث عشر وحتى الخامس 
عشر كان الصمود الطويل الأمد لمملكة غرناطة مشكلة داخلية لإسبانياء 
وهناك كان ما تبقى من الإسلام في أوروبا يخوض بلا أمل آخر معاركه 
الدفاعية. 

لقد امتد الإسلام مدة طويلة من الزمنء وشمل ثلاثة أرباع شبه جزيرة 
إيبرية. لذلك لا عجب أن يكون هو والعروبة قد توطدت جذورهما في 
البلاد. ولكن ما حدث في صقلية على نطاق أضيق قد تكرر هنا: إذ لم 
يستطع دين الفاتحين ولا عرقهم ولا لغتهم أن يحلوا كلية محل دين الشعب 
المقهور أو عرقه أو لغته. ومن هذا التعايش والاختلاط ولدت الحضارة 
العربية-الإسبانية المركبة التي تتصف بخصب غير عادي. فمن الناحية 
العرقية جاءت أمواج عديدة من العرب والبربر لتصب في الأندلس في 
القرن الثامن: لكنها لم تكن معزولة هناك وسرعان ما اختلطت مع سكان 
البلاد من قوط ولاتين-إيبيريين. وقد فقدت تلك الأمواج نقاءها العرقي 
بسرعة (وهي على أي حال كانت تنتمي إلى عرقين متميزين): كما يتضح 
من ملامح بعض أمراء الأسرة الأموية الحاكمة نفسها. كما وضعها مؤرخو 
ذلك aall‏ وهي ملامح كانت بعيدة كل البعد عن النمط العربي النقي. 
كذلك امتزجت الدماء اللاتينية والجرمانية والشمالية (الأسكندينافية) 
بسرعة مع الدماء العربية والأفريقية في مجتمع إسبانيا العربيةء وأنتجت 
نماذج مختلطة فيها صفات شرقية وأفريقية وأوروبية. وقد انتشر دين بلاد 
العرب الذي جلبه الفاتحون معهم في شبه الجزيرة بسرعة» كما حدث في 


107 


تراث الإسلام 


جميع البلاد التي فتحها العرب» وأصبح هو السائد بسرعة بين سكان 
البلاد الأصليين الذين اعتتقوه (المولدين)ء وإن لم يصبح هو الدين الوحيد. 
فإلى جانب إسلام الفاتحين الأجانب كان هناك تسامح مع الدين المسيحي 
الذي طورته إسبانيا بحيث أصبح لها أعيادها الدينية والثقافية وطقوسها 
الخاصة وكتابها وقديسوها . ورغم أن مكانته كانت دون الإسلام فقد كان له 
وضع قانوني كامل. 

على أن هذه المسيحية قد استعربت de piu‏ لغويا وثقافياء وأصبحت 
هناك كلمة عريية (المستعرية) Mus†a(‏ ,Mozarbesص‏ aطاا)‏ تدل علی سكان 
البلاد الذين بقوا على دين آبائهم تحت الحكم الإسلامي لكنهم أصبحوا 
ناطقين بالعربية عدمطمهطدكهأو يتكلمون اللفتين oie) Jas le‏ 
الازدواجية اللغوية, أو حتى التعددية. هي خاصة أخرى من خصائص إسبانيا 
العربية. ولقد ثبت الآن أن اللغة العربية التي كان يستخدمها الحكام: سواء 
في شكلها الكلاسيكي والعلمي النقي وفي اللهجات المحليةء كانت توجد 
دائما جنبا إلى جنب مع اللاتينية التي طرأت عليها تغيرات Gilly Aged‏ 
كانت مستخدمة في الكنيسة وفي الوثائق الرسمية بين المسيحيين. ومع 
اللغات الحديثة الولادة ذات الأصل الروماني. ولدينا دلائل كثيرة تدل على 
هذا التنوع وتعود إلى القرون الأولى للحكم العربي ويزداد عدد هذه الوثائق 
تدريجياء كما تكتسب أهمية in‏ كما سوف نرىء إلى قيمتها الآدبية. 
فمن الناحية الثقافية فرض تفوق الحكام الأجانب نفسه بسرعة وانحنت 
اللاتينية الهزيلة في شبه الجزيرة إعجابا بعلمهم وأدبهم وشعرهم. وشهادة 
Alvarus (ug Lal‏ القرطبي في القرن التاسع معروفة حق المعرفة. ففيها 
يندب «موضة» الاستعراب بين المثقفين المسيحيين في زمانه. والولع الذي 
كان الناس يدرسون به الآداب العربية ويحاكونهاء مع إهمالهم للكتاب المقدس 
وأعمال المؤلفين اللاتينيين. هذه الثقافة العربية جاءت إلى الأندلس في 
معظمها من الشرق» وذلك بسبب الازدهار الذي طرأ في القرنين التاسع 
والعاشر على الثقافة العباسية العظيمة في العراق» الذي كانت إسبانيا 
منافسه السياسي» ولعنها كانت كايغة له من الناحية الثقافية. ولكن لم 
يمض وقت طويل حتى أخذت البذور المغربية والأندلسية تثمرء فكانت هذه 
الثمار هي التي قدر لها فيما بعد أن تُجنى ويعاد غرسها في بيئة ذات أصل 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


روماني. 

لقد ترك الوجود العربي في شبه الجزيرة طابعه على اللغفة بعمق 
وخصوصا من حيث المفردات. بحيث إنه لا يزال حتى اليوم أوضح أثر تركته 
هذه القرون السبعة. وهذا الآثر يتناول مختلف نواحي الحياة. من الزراعة 
إلى الققون والحرظه ومن act‏ إلى الان ومن الحرب إلى العم :قفي 
مجالات الدين والإدارة والحرف نجد كلمات مثل: المسجد 21/153518 dad‏ 
«Almirante «ll‏ القاضي (عمدة المدينة) Alquacil gl Alcalde‏ المشرف 
Alfaqui 4.24!! ,Falmedina 3544| c Las Almotaciem cca»! « Almojarife‏ . 
O5? Eabasouqae alatat ($544! ci Lus «Alhagib cas Ls «Alfaquin eal!‏ 
Alcahuete 31 521!‏ الخ. ومن الآمثلة على الكلمات الحربية التي شاعت كثيرا 
بالنظر لحالة الحرب المتوطنة مع المسيحيين نجد : الصائغة 5اعء3؛ الغارة 
28 . الدليل ehem (4 J| .Alcaide 25Lal , Arraez (445 J| Aldalil‏ 
الطلائع Alcazar p.28)| Rebate bbl! Alarde y2 pall «Atalaya‏ القصبة 
النفير عتتدصدء الرياز #دنتة» الفارس 411:22 فارس (وأصلها من 
,Almofire ail! .Winete (45145‏ الدرقة دع:4115: وكذلك نجد كثيرا غير 
هذه الكلمات. بعضها قديم وبطل استعماله؛ والبعض الآخر متداول جدا 
حتى الآن. وفى المفردات التجارية هنالك: الديوان (الجمرك) 2١۸2ء‏ 
المخزن .Alnomeda (34.41 510) 31 3L «Foco (3524! «tarifa 4a a5 Almae‏ 
التجارة 3:ةزناى . وفي مجال الأوزان والمقاييس والعملات نجد : الربعة دامسط, 
القفيز 2نطه0»: الفنيقة (الكيس الواسع) Adarme «à ;4JI .Alnud A1 .fanéga‏ . 
الرطل علء:ك؛ السكة هء06: مرابطي Maravedi‏ مثقال 21612621 » وغيرها. 
كذلك هنالك العديد من الكلمات التى تدل على أسماء المعادن والمنتجات 
ذات الأصل العربي» مثل: الزئبق E‏ البياض SL) cbt -Albaualde‏ 
الفيل وأصلها العربي ,Alcanfor j5alS!! Marfil (Jall af‏ الكحول [وامءاى: 
Annofaz (ule!‏ الغالية «Algalia‏ المسك ع1متنصساف» الأثمد عطءءء۸ وهنالك 
أسماء الألبسة والمواد ذات المنشا الشرقى مثل: الجبة aطدزاةء‏ البرنس 
"n glial! .Zaraquelles fagl yl Albornoz‏ والكلمة التي تدل على 
الخياط نفسه عءاةره؟ا4. لكن عنصر المفردات الدالة على الزراعة والسقاية 
غني أكثر من Noria 3 55e Ll | Acequia 33 Ll : o Luc‏ السد 4200» القادوس 


109 


تراث الإسلام 


15 2 ث: الجب c Alberca aS 4 (Aljibe‏ السانية (طاحونة على الماع) مدععطض 
cuu) All cAlmazara (c5) 3 «cal! | Tahona à 35» l5‏ 452 - 3-232( 
Almunia‏ وهي شائعة جزئيا في صقليةء وتعتبر شهادة حية على المستوى 
aeg cell gn cota‏ إلية العرب وعلى الأهمية اتكبيرة للزراعة ني 
الاقتصاد والحياة الاجتماعية لتلك البلاد . كذلك يوجد في الإسبانية الكثير 
من أسماء النباتات والثمار والخضراوات التى تعود إلى أصل عربىء مثل : 
gU «Azzoz 5 Jl .Alcachofa cà 5 5.‏ (برتقال) asi seed . Naranja‏ 
c Azafran (5l Lac 5Jl‏ السكر .Toronja à23 45 . Aciete c5] .Azucar‏ باذنجان 
(Arrayan (boa 1| «Albericoque (35-3 1. Berenjena‏ السوستة .Azucona‏ 
Alhuzema (za 41‏ , الزلفاء (شجيرة زهر) 40615 وكثير غيرها. وبين أسماء 
الحيوانات نجد : الذيب pall Adive‏ (القطامي) cotan‏ الحر (نوع من 
الطير) ١١١إه؟اةء‏ العقرب ١ء۸11‏ . ومن الكلمات البيتية نجد: «Jarra ò pa‏ 
طاسة 1522 الكوز ه2دهاكى الكلة 15اهمءآى: السجادة (وأصلها الخمرة) متسمقافض 
اللفاف c Azote de 4.4]! , Almadrague co-4! .Alifafe‏ الحاجة (الجوهرة) 
13ك... الخ. ونجد أن الكلمات المتعلقة بالآمور البيئية وفن العمارة كثيرة 
Arrobal (29S! Aleda truall : laia‏ البري (حي Barrio (aL! os‏ البناء 
Albanil‏ . العريف .Alhoz 55! .Alarife‏ الاخ .Azotea‏ !]4.2 )¢)44 
النوم) 2ه الأسطوان (مدخل البيت) .Faguam‏ الزلیج Azuleja‏ )3-59 
القاشاني لتزيين الجدران) Adobe ighi‏ وكثير من الكلمات المشابهة. 
كذلك نجد الكلمات الدالة على الألعاب (الشطرنج 2منلوزاه: والأدوات 
الموسيقية Sill. (Adufe C841 ,Atabol dadl Laud agal)‏ تعطينا لمحة عن 
حياة البلاد المرحة'. 1 

وهنالك خيط لغوي مهم آخر يتجلى في أسماء الأماكن الإسبانيةء التي 
لا تزال حتى اليوم مركبة من عناصر عربية. وكثيرا ما تكون هذه الأسماء 
عبارة عن كلمات مركبة من كلمات عامة شائعة مثل: قلعةء وادي» منزلء 
کو یکی ا را و او ع ما ی ا ا 
«Alcala Aalall :( cs‏ القليعة dal Alcolea‏ رباح» الوادي الک ا 
وادي الرمل 72هسة00120: القصر تدمةءاف. مدينة الربض 45260241 : مدينة 
Rabida ikasl J‏ وغير ذلك... 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


وفي حالات أخرى توجد كلمات يدخل عليها تحوير صوتي وتحوير في 
المعنى لا يمكن تمييزه بسهولة بالنسبة لمن ليس له إلمام كبير بالمفردات 
العربية وقواعد الأصوات الإيبيرية-العربيةء التى صاغها بشكل علمى لوبيز 
09 وشتايغر ٠ a Steiger‏ ويكفي أن تقول a3 Lia‏ بالإضافة إلى العمل 
الممتاز الذي ألفه دوزي-إنجلمان Dozy-Engelman‏ عن مجموعة الأصوات 
العربية التي دخلت إلى اللغات الإيبيريةء فقد استطاع آسين بالاسيوس أن 
يخصص كتابا خاصا لأسماء الأماكن العربية-الإسبانية. وتضمن أكثر من 
0 اسم شرح أصلها وبضع مئات من الأسماء غير المؤكدة”'. كما يجب 
ألا ننسى» إلى جانب التحولات اللغوية المباشرةء نماذج المعاني وأنماط 
العبارات» التي يبدو فيها الصرف العربي وقد تحول فعليا إلى اللغة ذات 
الأصل الروماني» وهي نماذج تعكس العملية الذهنية أو الصورة التي تتحكم 
بها. والمثال النموذجي. ولكن غير المؤكد هو الكلمة الشهيرة ly) Hidalgo‏ 
تعني سليل النعم؛ أو ابن نعمة) والتي يجب إرجاعهاء حسب الاشتقاق العربيء 
إلى اللفظة العربية «ابن» أي «صاحب» و «مال» بمعنى «رجل عنده خيرات» 
أي رجل غني!*. وقد اقترح كاسترو أمثلة أخرى مثل 201024 التي يمكن 
إرجاعها من حيث المعنى إلى الكلمة العربية «إخلاص» بمعنى «السر» 
الثقة: الأمانة: أو Verguenza‏ التي تحمل ظلا من معنى الكلمة العربية «عار». 
على أن هذا المجال دقيق جدا وفيه الكثير من التخمين بحيث يصعب 
الوصول فيه إلى نتائج مؤكدة بشكل مطلق. 

وقد اهتدى كاسترو نفسه-وهو المؤرخ الإسباني الذي حرصء برغم عدم 
تخصصه في الدراسات العربيةء على أن يتتبع بمنزلة شديدة كل تأثير من 
التأثيرات العربية في بلاده؛ وربما بالغ في ذلك أيضا-اهتدى إلى سلسلة 
كاملة من الظواهر المتعلقة بالحياة المادية والروحية. وبالعادات والدين, 
يظهر فيها تراث الإسلام بصورة واضحة: من الحمامات العامة التي كانت 
لا تزال منتشرة بصورة واسعة في إسبانيا المسيحية في القرن الثالث عشر 
ثم منعت لأسباب أخلاقية ودينيةء إلى طقوس غسل الموتى» ومن حجاب 
النساء إلى عادة الجلوس على الأرض على البسط والوسائد؛ ومن عبارات 
المجاملات الفروسية وإكرام الضيف التي تعتبر من الأمور الإسبانية المميزة 
اليوم (وضع البيت «تحت تصرف الضيف» تقديم الطعام الذي يتناوله 


تراث الإسلام 


الشخص للآخرين: وعادة تقبيل اليد)ء إلى عادات الترحيب والتمنيات 
الطيبة التي تتضمن اسم الله؛ ومن العبارات المستعملة في طلب الصدقة 
se diced eds‏ الط إلى فول ايان ieee al‏ 
اللباس النسائي» الذي كان يشاهد لدى أعلى الطبقات الاجتماعية حتى 
القرن الخامس عشرء أي حين كانت عملية الاسترداد Reconquista‏ 413 4.8455 
تقريبا. وكل هذه العوامل هي قطع متعددة مع لوحة فسيفساء يظهر 
فيها أن تعريب العادات الإسبانية قد صمد مدة طويلة بعد أفول السيطرة 
الإسلامية وسقوطها . وسوف نتحدث عن التأثيرات الأدبية فيما بعدء ولكننا 
نود أن نعود من المظاهر الخارجية للحياة والعادات الاجتماعية إلى أعماق 
الروح الفردية والجماعية» وهو موضوع تثيره مشكلة تأثير الإسلام في 
Gu tas‏ فی او اا فا کاک ایا ی وا 
هي عليه اليوم» تلك المسيحية التي كانت في بادئ الأمر مغلوبة وخاضعةء 
لم الخدت تخوض Lits cuti d isset e Toa Sale lua‏ 
حملت بدورها تأثيرات لا تمحى من الدين المنافس لها. 
Mei Aim antl goa las Sen gh Alu o ATI‏ رقف 
حقيقة معترف بها حتى بمعزل عن الدور المنسوب إليها في صراعها مع 
ااا ومن بحية ارك إذا رافق امارد مع كاسترو على أن Lilia easly‏ 
هو في أساسه تاريخ عقيدة» وحس ديني» وهو في الوقت نفسه تاريخ 
العظمة والبؤّس والشلل الناجمة عن تلك العقيدة». فإنه لا يسعنا إلا أن 
نعتبر التضاد 008ا2اء300615 دزهدداى الذي استمر عدة قرونء بين هذه العقيدة 
زمتاضين الخره عضرا اناميا هى سلورها وحكن فى ككويدها الخاص, 
قالكاتة ad cub caa Au La‏ الإتسان الإمبياتي» Ag] Dl‏ مح الناحية 
الفردية والاجتماعية؛ لا يضاهيها إلا مكان الإسلام في نفس الفرد المسلم 
وفي مجتمعه. 
ومن هذه المكانة الآأساسية تنشأ نتائج مماثلة لكل من هاتين العقيدتين 
الدينيتين. فلقد وصف «الإنسان الإسلامي» cll g 3 4G» Homo Islamicus‏ 
الله أو متمركز حول الله عتناهءءمءط1 وهذا ينطبق أيضا على «الإنسان 
الإسباني» Homo Ispanieus‏ (ونحن إنما نتحدث بالطبع عن الإسلام التقليدي 
Loa a‏ ل اة الج ٠وا‏ افر بان ااي رو هق جر 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


الاتصال بالأول؛ والاختلاف عنه؛ فلا يسع المرء إلا أن يتفق مرة أخرى مع 
كاسترو في أنه «منذ القرن التاسع وحتى القرن السابع عشرء كان محور 
التاريخ الإسبانيء بما فيه من إيجابية وأصالة وعظمة؛ وهو إيمان يسمو 
غلى الدانيوية: نش يوؤضفة ردا بطوليا على إيمان :معاد اآخر.. .19ل هذا 
التصوير للعلاقة بين الإسلام والتاريخ الإسباني اللاحق على أنها علاقة 
سبب بنتيجة؛ هو أمر يوافق عليه حتى أولئك الذين يقيمونه بصورة مختلفة. 
مثل سانشيز ألبورنوز 07١إ0طا4 «Sanchez‏ وتبقى الآن مسألة الإشارة إلى 
بعض مظاهره الرئيسية. 

يتألق «الحواري» يعقوب” ‏ ' 0y| peg‏ فقي غاليسيا Galicia‏ على رأس 
المسيحية الإسبانية في العصور الوسطى. ونحن لا نعلم إن كانت توجد أي 
آثار لمثل هذا التقديس قبل الفتح الإسلامي» غير أنه من المؤكد أن الفتح 
الإسلامي هو الذي أعطاه الحيوية وأعطاه صفة التمثال الواقي والدرع 
الذي يحفظ الدين المسيحي في شبه جزيرة إيبيريا. 

وكما شوهد «الديوسكوريون» C% Dioscuri‏ 
كذلك شوهد حواري الرب يقود المؤمنين إلى النصر على جواده الأبيض؛ 
وظهر معبده في تلك الزاوية من شبه الجزيرة حتى بالنسبة للمسلمين 
كرمز للمقاومة المسيحية. وربما كان كاسترو يذهب بعيدا في حدسه حين 
يعتبر أن هذه الشخصية والوظيفة التي كانت لها من دون شك في صياغة 
التدين الإسباني في العصور الوسطىء. قد يكون المقابل اللاشعوري للرسول 
(ص) بالنسبة للمسلمين. ولكن كل من يعرف حاجة الأفراد والشعوب «الميالة 
للخيال» إلى أن يعطوا أنفسهم موضوعا محسوسا للتبجيل والتقديس. 
شيئًا هو أقرب إليهم من آي تجريد لاهوتي» يدرك أن توازي الظاهرتين: أو 
ربما تأثيرهما المتبادل؛ يبدو فكرة معقولة ومحتملة. على أن الأمر الأقوى 
احتمالاء بل والمؤكد في رأيناء هو أن فكرة «الجهاد» الإسلامية (أي الحرب 
المقدسة) وتنظيم المجاهدين الذي يرتبط به تنظيم «الرباط» الإسلامي. 
كما أصبح يرتبط بهء بعد ذلك اسم المرابطين وحركتهم نقول إن فكرة 
الجهاد هذه؛ وما يرتبط بهاء قد أثرت في جوانب معينة في «الحرب المقدسة» 
المسيحية وعلى نشوء طوائف الفرسان الدينية في سانتياغو وكلاتراقا 
والكنتراء وهي الطوائف التي ذاع صيتها في السحلات التاريكية شروت 


(28%) 


ذات مرة فى روما القديمة 


تراث الإسلام 


الاسترداد Reconquista‏ . فإذا انتقلنا من الصراع المسلح إلى التأمل ‘gual‏ 
فإننا نجد أن تأثير الصوفية الإسلامية؛ (وحول هذا الموضوع انظر الفصل 
الثامن)؛ على التراث الشهير للصوفية الكاثوليكية الإسبانية؛ ليس بفرضية 
جريئة من صنع الهواةء بل هو ظاهرة آلقي عليها ضوء باهر من الدقة 
العلمية بفضل باحث متخصص هو آسين بالاسيوس”" الذي سنتعرض 
لعمله في هذا الخصوص (في الفصل الثامن)ء والواقع أن المسيحية الإسبانية 
قد استقت من عقيدة الخصم أفكارا ونظما وأحوالا فكرية. ومن الجائز أن 
اتجاهاتها الأصلية نحو عدم التسامح وسعيها الحثيث نحو الاحتوائية ووحدة 
المذهب «دذذلةروه10 قد قويت نتيجة تمثلها لبعض هذه التيارات الموجودة في 
of Lilo S05 of ay LiF ge ea pth OM aru‏ الأسلاة أصفى على 
«عقائد أهل الكتاب». أي المسيحية واليهودية؛ مكانة خاصة يحميها الشرع, 
وإن تكن ذات مرتبة أدنى في الدولةء ولم يدم التزمت والاضطهاد فترات 
طويلة إلا في أوقات الشدة وعدم الشعور بالأمان. أما قانون المسيحية 
فليس فيه أي مكان لأي دين آخر. لذا فقد انتقل بسرعة وبتطور منطقي. 
عندما انتصر على الإسلام: إلى التعصب والاضطهاد . ذلك هو تاريخ إسبانيا 
الديني المؤسف من القرن السابع عشر حتى القرن التاسع عشرء وحتى 
أبعد من ذلك. 

ولكن إذا كان الإسلام كدين قد أثر في مصير إسبانيا تأثيرا يصعب 
اعتباره إيجابياء فإن الحكم يختلف تمام الاختلاف حين يتعلق الأمر 
بالتأثيرات الثقافية والأدبية والفنية التي تغلغلت في الحضارة الإسبانية 
من العصور الوسطى حتى العصور الحديثة. وسوف نتطرق إلى كثير من 
هذه النواحي في فصول مقبلةء ولكن لابد من الإشارة إليها الآنء وخصوصا 
تجو من كرات odas gne] Aetas eda ll‏ إذ إن ملا خلدفه الحضتارة 
العربيةالإسلاحية لإسيانيا ف .هذى المجالات dàng lay Gag] analis‏ 
عنصرا خصبا من eH abu‏ للحضارة الغربية. فلقد ولد الأدب 
الإسباني» وكذلك جميع آداب اللغات الإيبيرية ذات الأصل الروماني» في 
القرون التي شهدت الوجود العربي في شبه الجزيرةء واستقى ذلك الأدب 
منه أفكارا ونقاط انطلاق وشكلا وصنعة فنية. وقد حدثت خلافات مثيرة 
حول هذا الموضوع في الماضيء وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا . فالملحمة 


114 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


التي يبدأ بها الأدب الكاستيلياني ملحمة السيد 010 10« عل ودمءه5: تتغنى 
حادكة وشخسية خويرةض السمراع بين o és qoia Sc Racal‏ 
الملحمة غير موجودة لدى العرب أنفسهم» كما هو متفق عليه لدى الجميع؛ 
C Mendez Pidal Jla yutineg Ribera | yous of pad‏ قد درسا أيضا هذه 
الناحية في العصر العربي واكتشفا فيها آثارا لمادة ملحمية قديمة جداء 
(كما في قصة الكونت أرتوباس (أرطباش) 110655 6م00 محفوظة في 
olg ess daB. piat‏ کات هة iD uic dus pa es Lal‏ 
إسباني قديم). وإذا كان العرب في هذه الحالة قد أخذوا من ذلك المصدر 
مادة واكتفوا بصياغتها على شكل قصة: فإن هناك تأثيرا في الاتجاه العكسي 
بين الأدبين والثقافتين في كل مجال من المجالات التي جرى فيها الاحتكاك 
بينهماء في الشعر الغنائي وفي الأقوال المأثورة وفي الدفاع عن العقيدة 
وف Sal s sua cadi‏ الاي ال فيلا اة اة 
ال ای ررد ب کارا کن ا راداو 
بشكل لا يمكن إنكاره بين شعر البلاد لملوك الطوائف كدتته1 عل 5ع7ع1, وهو 
وصفي ومتكلف, وبين الشعر الغنائي في قشتالة خلال القرنين السادس 
عشر والسابع عشرء عند غونغورا 8 ومدرسته. وفي قصص الحب 
الرومانسيةء وهي أجمل ما في الشعر الغنائي القشتالي في القرن الخامس 
عشرء يغلب العنصر العربي-الإسلامي في الشكل المزدوج لعمل مثل «قصائد 
««Romance Fronterizo 953 339 à‏ التي تمجد في سلسلة من الحلقات آخر 
أحداث Qe Abenamar j«» Vl cil 2.1233) Reconquista 313 LuMI oso‏ 
سقوط أنتقير: Conquista d'alkama a aL. c5 Perdita de Antiquera à‏ ... 
(est‏ وفي أشعار الموريسكيين Romance Morisc0o‏ (اللمة مريla Mora‏ 
8 والمسلمات الثلاث Tres Morillas‏ الشهيرة) التي تتضمن شخصيات 
E‏ :دور في السوادث الفازيهية لذلك الزسن. هنا يكون 
العالم المنافس مجرد موضوع للتصويرء إذ إننا لا نعرف شعرا ملحميا- 
غناتيا مقابلا لدى الجانب العربي» باستثناء حالة فريدة هي المرثاة العربية 
لبلنسية!*** (التي نعرفها في نصها أو تلخيصها القشتالي فقط)؛ وهي 
مرد ا يکن آن بكرن ههه pl nual Nig GLU aust oa‏ نكن 
القصص الإسباني. وأدب الأقوال المأثورة الشهير منذ القرن الثالث عشر 


تراث الإسلام 


حتى عصر النهضة وحتى بعد All‏ هو في معظمه من أصل عربيء أو هو 
علي a‏ المصادى العريية :وإن الم يكن عن الممكن تونيق 
هذه المصادر بنصوص محفوظة. ويتضح ذلك في أعمال كثيرة من 0206© 
11601 لدون خوان مانويل اعناضة11 1035 ده(1 إلى كتاب الحب الطيب 0نطنا 
e buen Amor‏ لرئيس أساقفة هيتا ومن أعمال الدفاع عن العقيدة لراموند 
Anselmo de Turmeda l.c 553 (635 Lad (Js (1 Romando Lullo Jst‏ 
المرتد. ومن قصة Historia del- Coballero Cifar Làr ( 14 LJ‏ إلى WLS‏ 
,Gracian 3 LA at Elcriticon‏ وكلها أعمال تدل على وجود مصادر شرقية 
(ألف ليلة وليلة والسندباد وحي بن يقظان لابن طفيل- وهو موضوع سنعالجه 
في الفصل الثامن-أو على الأرجح وجود مصدر عربي مشهور وهو «طوق 
الحمامة» لابن حزم... الخ) ويبقى الصدى الآخير للتراث المغربي يتردد في 
القرن الذهبي للأدب الإسباني في «سيدي حامد بن النجيلي»!”*) وهو 
المصدر الإسلامي المزعوم T Cervantes pudla peul‏ الأغاني duod]‏ في 
مسرحيات كالدرون. 

هذا التراث العربي العظيم الذي كان مبنيا في أول الأمر على المعرفة 
js ada cle ine aa all cler UL abi‏ تقل فی 
عهد ألفونسو C E‏ (1284-1252) وفي بلاطه. إذ كان الجهد النبيل 
والفن الذي بذله هذا الملك حاسما في تهيئّة ذلك القدر الهائل من التراث 
الشرقي للتأقلم ثقافيا في الغرب. وقد ألف هذا الملك بنفسه «أغاني 
ومع ناو" كانت تعد واحدة من أقدم روائع الشعر الغنائي الديني الإيبيري. 
وبفضل رعايته للمدونة الإسبانية الآولى مصدمدظ Primera cronica General de‏ 
قدم إضافة قيمة إلى علم التاريخ القشتالي. كذلك فإن شغفه الذي لا 
iH cases‏ الها ipa MESS a enel hil pma o coll axo‏ 
ad] ad‏ نيك ita p cdi ids og AUS‏ على بخصيها فى 
القصص والأقوال المأثورة الإسبانية اللاحقة. وقد ترجم أو أمر بترجمة 
dall Lese Lael dade iac‏ واخرى تداضم هن الدين اشر 
تعاليمه. ومن بين هذه الآخيرة «المعراج» 8دوطهآ3 عل 2له856, وهو نموذج 
abad iioi dias cile] ose dora‏ الور 
ALLS Wy‏ اللتين dolg Bonaventura de Siena Linuu9s |ygitaligs Lag cS‏ 


116 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


إلى إيطاليا وفرنسا مفاهيم عربية تتعلق بالإيمان بالأخرويات لعلها لم تكن 
مجهولة لدى دانتيء وربما كانت قد أسهمت في بناء «الكوميديا الإلهية» (إن 
sedat] foa aed‏ الشعبي المترجم يدهن نغروي dd el dcos‏ 
Asin aca coa Aaa‏ حول اطلاع دانتي على مصادر عربية علمية, 
fis‏ رسالة الغفران للمعري أو أعمال ابن عربي الصوفية والتيوصوفية)0 . 
(انظر الفصل السابع: للاطلاع على معالجة مفصلة لهذا الموضوع). 

إن انتشار الأفكار الأخروية الإسلامية؛ الثابت بالبراهينء في الغرب 
اللاتيني في القرنين الثالث عشر والرابع عشر (إذا تركنا جانبا المعرفة 
التى كان من الممكن أن تكون لدى دانتى عنها والتى كان بإمكانه الاستفادة 
مها هى الخد leat‏ البارزة الى عشفت عنيا الأبحاك الحديكة فى ذلك 
«التراث» الإسلامي الذي جاء إلى أوروبا عن طريق إسبانيا. وهنالك تأثير 
آخر أعظم من السابق وكان موضع نقاش كثير. هو تأثير شعر الموشحات 
(المقطعي)*”" العربي-الإسباني على الشعر الغنائي الإسباني الذي كان في 
طور النشوء سواء من حيث الشكل ومن حيث المضمون. هذه النقطة التي 
سبق أن ألمح إليها في القرن السادس عشر باربييري 82101612 وكذلك آندريس 
65 هي القرن الثامن عشر. هي موضع نقاش بين المتتخصصين في 
العربية والفيلولوجيين فى اللغة الإسبانية الشعبية منذ سنة 1912 .حين لفت 
iin LYI Ribera lyan)‏ لكتاب الأغاني لابن قزمان إلى ثنائية اللغة 
في إسبانيا الإسلامية, وإلى الزجل الذي كان ابن قزمان المبدع الأكبر فيه 
بلا منازع!'0) .كان شهره الزجلي (وفو شي ذلك الوقت التمودج العروك 
الوحيد لهذا الأسلوب, الذي انتشر فيما بعد في الغرب والشرق) تتناثر فيه 
كلمات اللعة الأسبانية الشعبية: وقد أظهرت بنيته القطية: وهي غبارة هع 
شكال وقواف :شعرية خنيه متدوعةمشابها غجييا معيغضن الأوزان الشغرية 
لشعراء البروفنسال الجوالين الأوائل: وعلى وجه التحديد ويليام دي بواتييه 
.Cercamon (55S zeug «Guillermo de Poitiers‏ وماركايرو. وقد أدت فرضية 
ريبيرا القائلة بانتقال هذه الأوزان المقطعية. وعنصرها الأساسي وهو القافية, 
«عبر جبال البرانس» إلى تأكيد وتعميق حدس أندريسء وتأكدت بدورها 
بنتيجة الأبحاث التي قام بها الفيلولوجي الشهير في اللغة الإسبانية الشعبية 
تيندز بيدال. ففي دراساته حول «الشعر العربي والشعر الأوروبي 0914م 


117 


تراث الإسلام 


äu Bulletin «المجلة الإسبانية» عناونصدم15]‎ c) «Arabe y Poesia Europea 
وفي مؤلف منفصل عام 1942( عمل على توسيع نطاق المقارنة بين‎ +8 
هذا النوع مخ الشعن العر وشعن البروفسال الشداكي قل اة‎ 
الناطقة باللغة الإسبانية الشعبية بأسرها. وبرهن على وجود أوزان الزجل‎ 
Cantigas de 33a] (3L T) الشعرية فى الشعر الفاكن الغاليكي اليرتفالى‎ 
وفى اللغة القشتالية‎ bite sud cad ا ألفها‎ ECT Amigo 
Villancico Sal الشعبية بعيد‎ ER URE cols lc من خلال‎ 
)08*(] والمقطوعة «ام0©. وفي اللغة الإيطالية القديمة (المدائح هوس‎ 
A aiu ots. PO sace oil (43 E a Qoa Sai 
«الفرضية العربية» المتعلقة بأصول القافية والأوزان الشعرية فى اللغة‎ 
zr esit] Le adl aufs isa tall ونان فى آوائل العرن‎ Maal 
وك اها اكا مون ار‎ a a 
ali (محشق ديوان ابن قزمان ومؤلف كتاب حول الشعر‎ Nyhl JSG fie 
وليفي-‎ 01:١14 60۳١2 الإسباني والشعراء المتجولين الأول وغارسيا غومز‎ 
وكذلك علماء الإسبانية القديمة مثل تلغرين‎ Levy - Provencal درو سال‎ 
($3 X354 Damaso Alonso كما أيدها داماسو ألونسو‎ Tellgren-Tuulio 941593 
مع كثير من التحفظات في التفاصيل‎ Q3 Roncaglia Lile S499 Monteverdi 
الدقيقة. ولكن لم يخل الأمر منذ البداية من مقاومة شديدة إلى حد ما‎ 
بها رصن اكه‎ Bali gb cused pled adel Tce pall aig! 
خاصة الحجج القائلة‎ bygas Errante وإيرانتي‎ Legentil | Liz 939 Spanke 
بالأضل العربي للعاطية مؤكدين السوارةها الافنرة رتاهر ية ارا‎ 
S.٧. 5)۲١ في الدراسات العربية. هو س.م. شتيرن‎ es فقد اتخد‎ 
مكنا معاركنا تافكرة الفاكلة إن العلذفة بيخ الأوزان الشغرية الأندالسية‎ 
Ses Seb gts yas tla r E used d ا‎ 
البرانس هي علاقة سبب بنتيجة220.‎ 
Gildea) All stall Loca Gal ox ین ا‎ cit إن‎ 
ريبيرا ومنندز بيدال» بل يوحي بوجوب إعادة النظر بها) يكتسب أهمية‎ 
أكبر إذا أدركنا أننا مدينون له إلى حد كبيرء باكتشاف أدى إلى تقدم كبير‎ 
في دراسة الموضوع: وفتح آفاقا جديدة حول العلاقة الأدبية كلها القائمة‎ 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


بين العالمين العربي والرومانسي في الأندلس. والحديث هنا هو عن الخرجة 
زاء وهي القفل الأخير للموشحات التي كانت تكتب في لغة رومانسية 
كليا أو جزئياء وتلحق بقطع شعرية غنائية في العربية (الفصحى أو المحلية 
الدارجة) والعبرية» وهذه القطع تقلد النماذج العربية في مجتمع إسبانيا 
الإسلامية ذي اللغات المتعددة. ومع اكتشاف هذه النصوص الجديدة(ة۶ 
يتضح أن هذه اللغة الرومانسية الإيبيرية الأصلية التي كانت تظهر أول 
الأمر في كلمات منفردة في أزجال ابن قزمان. كانت تستخدم على نطاق 
أوسع وتكون جزءا لا يتجزأ من الأبيات الأخيرة للموشحات (وهو شعر 
مقطعي باللغة الفصحى). وهذه الأبيات الأخيرة هي ذاتها قطع شعرية 
غنائية مركزة (صورة مصغرة عن أغاني 332.1( .(Cantigas de amigo)‏ تدخل 
ضمن البنية الأوسع للأغنية العربية أو العبرية. فهل هي أجزاء صغيرة من 
أشعار غنائية باللغة الرومانسية الأصلية؛ في إطار عربي؛ التقطها الشعراء 
العرب أو العبريون وأدمجوها في مقطوعاتهم التي يؤلفونها؟ أم أنها هي 
نفسها ابتكارات؛ ونتاج لوجود ازدواج لغوي معروفء. وإن كانت دائما تقلد 
شيئًا كان موجودا في السابق: وظل موجودا في الوقت نفسه مع الإنتاج 
الشعري الغنائي العبري-الإسلامي للأندلس؟ أيا ما كان الجواب فإن هذه 
of Kharjas «à s Say‏ الأبيات القطعية في اللغات السامية (التي يرجع 
أقدمها إلى القرن العاشر) تجبرنا على افتراض وجود إنتاج أصلي مواز 
باللغة الرومانسيةء كان أقدم من أي مصدر مكتوب معروف سابقاء بين آهل 
إسبانيا الإسلامية؛ الآمر الذي يخشى منه أن نعود مرة أخرى إلى القول 
باتجاه عكسي للتأثير. فبدلا من أن يكون عرب إسبانيا هم المخترعين 
للشعر المقطعي والمقفى. فإنهم يصبحون آخذين لهذه الأنماط من المؤثرات 
الرومانسية المحيطة بهم (ثم إنه توجد سوابق مماثلة في الشرق العربي 
نفسه. وهذا يفسر تشكك شتيرن العام حول انتقال الأوزان الشعرية والقواضي 
من العالم العربي إلى العالم الرومانسيء لأن ظهورها في بيئّة أندلسية 
يمكن أن يفسر كتطوير تلقائي حدث هناك لظاهرة أوروبية عامة. 

على أن هذه المسائل لا تزال معلقة ومن المشكوك فيه إمكانية الوصول 
إلى نتيجة مقبولة لدى الجميع”*". لكن تبقى حقيقة مهمة؛ هي أن هذا 
الشعر العربي الذي ظهر في إسبانياء والذي اتسم بالطابع المقطعي» وكانت 


119 


تراث الإسلام 


له شعبية واسعة (على خلاف الشعر المتمسك بالفصحىء الذي كان يستخدم 
اللغة والأوزان الشائعة لدى المتعلمين) يعطينا مفتاحا للتاريخ الأصلي» اللغوي 
«(Lass‏ لإسبانيا نفسها وللعالم الرومانسي كله. فإما أن العرب نقلوا للغرب 
ابتكارهم هذاء وإما أنهم جمعوا وطوروا في إنتاجهم المحلي الخاص تجديدات 
في الأوزان والأغراض ش الشعرية كانت قد ظهرت براعمها ا 
وهنالك موضوع وثيق الصلة بهذاء وهو مسألة التأثيرات العربية في الموسيقى 
الإسبانية (وسوف يناقش في الفصل العاشر-القسم الثاني). 

كذلك فإن من أعظم أفضال الحضارة العربية في إسبانيا وانتشارها 
الثقافي في أوروبا انتقال العلم والفلسفة العربيينء أي انتقال قسم كبير من 
علوم وفلسفة العالم القديم كما ورتها المسلمون وطوروها. وحتى لو كان من 
المبالغة أن نعزو لهذا الطريق العربي وحده فضل انتقال التراث القديم إلى 
الغرب اللاتيني (إذ كان هنالك أيضا طريق مباشرء عبر بيزنطة؛ جاء في 
بعض الأحيان قبل نقل العرب له عن طريق إسبانياء وليس بعده كما قال 
الكثيرون) فإنه من المؤكد أنه مع أفول القوة السياسية للعرب في إسبانيا 
فإن تراثهم العلمي الذي تركوه للغرب أصبحت له أبعاد هائلة: ضفي القرنين 
الثاني عشر والثالث عشر أصبحت برشلونة وطليطلة وإشبيلية؛. بعد أن 
فقدها الإسلام جميعهاء مراكز لنشاط مكثف للمترجمين من يهود وإسبانيين 
ومسيحيين من بلدان أوروبية أخرى. كان هؤلاء المترجمون يهدفون إلى 
استخراج كنوز المعرفة اليونانية المعربةء أي تلك الحركة الثقافية الكبرى 
التي حدثت في القرنين التاسع والعاشر حين استوعبت الثقافة العباسية, 
من خلال المترجمين السوريين (السريان) بصورة رئيسية؛ قسما مرموقا من 
العلوم والفلسفة الهلينية. ولقد كانت فترة نقل الثقافة اليونانية إلى الإسلام 
تلك في أوائل العصور الوسطىء كانت تناظر نقلا مماثلا للثقافة من الحضارة 
الإسلامية إلى الحضارة المسيحية من خلال جهود المترجمين على الأرض 
الإسبانية . وكان ذلك في كثير من الأحيان ثمرة جهد مشترا ك يجمع بين 
يهودي أو شخص قد اعتئق الإسلام يقوم بترجمة النص العربي إلى اللفة 
الرومانسيةء وبين مسيحي عالم» إسباني أو غير إسباني» كان ينقل الترجمة 
الحرفية الأولى إلى اللاتينية» وإن كان من الممكن أن تكون الخبرة اللغفوية 
المكتسبة بهذه الطريقة قد مكنت المترجم المسيحي في بعض الأحيان من 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


الترجمة بصورة مباشرة عن النص العربي. فنشأ عن هذا العمل؛ في منتصف 
القرن الثاني عشرء جماعة من المترجمين في طليطلة برعاية رئيس الأساقفة 
دون اقوت 25 Arbichop Don Raimando‏ وإن لم تكن هذه الجماعة قد 
ألفت تنظيما جماعيا بالمعنى الصحيح. فعدا ماركو الطليطلي كان يوجد 
بين زعماء هذه الجماعة الراقية الثنائي الإسباني الشهير دومنيكو 
غونديسالفي öl g> s Domenico Gundisalvi‏ الإشبيلي «Juan de Sevilla‏ وهما 
مثال نموذجي للتعاون الذي آشرنا إليهء ومن بين الأجانب هناك روبرت 
الريتنسي وعمناء 01 :2006 وأدلارد الباثي 018200 40150 وألبرت ودانييل 
مورلى öle zag Michael Scotus | 14535 S 1s | 5L a 9 Albert and D. Mola‏ 
Hermann de Dalmatie catal‏ وجيرارد الكريمو: ني «Gerard de Gremona‏ 
فمن خلال عمل هذه الجماعةء وبعد قرن آخر. من خلال عمل جماعة 
أخرى تعمل في إشبيليا لدى ألفونسو العاشر (الحكيم)؛ عرف الغرب الأعمال 
العلمية لأبقراط وإقليدس وبطليموس وجالينوس وغيرهم من العلماء اليونانء 
في الترجمات العربية ومراجعات الخوارزمي والبتاني والفرغاني وابن سينا 
والرازي والبطروجي* cys) PP ta yt‏ أجل مزيد من التفاصيل حول 
عملية نقل المعرفة العلمية هذه انظر الفصل العاشر (ب)ء القسم الثاني)” . 
وهكذا فإن «العلم العربي». الذي كان اعتماده على العلم الكلاسيكي المتأخر 
والكلاسيكي مفهوما بصورة واضحة؛ قد فاض على أوروبا وملأها خصبا. 
فكانت جميع قرون العصور الوسطى المتأخرة مشبعة به. وذلك بالرغم من 
أننا نلاحظ في القرن الرابع عشر لدى بترارك تمردا على سلطة «العرب» 
في الطب والعلوم الأخرى مثل علم التنجيم وعلم llall‏ وهي العلوم التي 
كان العرب يعتبرون حتى ذلك الوقت أساطينها الذين لا ينازعهم أحد. 
وقد اقترنت مع هذه الأطوار المتعاقبة للعلم القديم» الذي انتقل إلى الغرب 
عبر إسبانيا الإسلاميةء أطوار الفلسفة في ذلك التداخل الوثيق الذي كان 
يجمع في العصر الأوسطي بين هذين المبحثين. فقد لعب المترجمون من 
العرب واليهود والمسيحيين دورا ماء وإن يكن ثانوياء في نقل بعض كتب 
«أورجانون» أرسطو إلى الغرب» وكذلك في نقل الأعمال الأفلاطونية المحدثة 
وكانت أسماء الكندي والفارابي وابن سينا والغزالي ذات أهمية كبرى في 
هدم العملية: 


تراث الإسلام 


ولقد أعطت إسبانيا الإسلامية في فترة أفولها إلى الأرسططالية 
الإسلامية آخر ممثل شهير لهاء وهو ابن رشد )1198-1126( (انظر حول 
موضوع ابن رشد وتأثيره في الغرب الفصل الثامن: القسم الثاني). ولقد 
أشار الشقندي الذي تطرقنا إلى ذكره آنفا إلى أعمال الفيلسوف القرطبي 
الكبير فقال : إن ابن رشد تبرأ من كتبه الفلسفية: عندما رأى أن هذا العلم 
«مكروه في الأندلس» وغير مرغوب فيه لدى أسياده الموحدين. وفي عبارته 
هذه» التي يجب ألا نفهمها حرفياء يتكشف لنا مصير هذا الجهد الكبير 
للفكر التأملي العربي في محاولته التوفيق بين العقلانية الفلسفية وبين 
العقيدة التقليديةء ومن ثم هزيمته في الحقل الإسلامي الذي بقيت فيه 
منجزات ابن رشد» من الوجهة العمليةء بلا تأثير. أما شهرته التالية فتعود 
بصورة رئيسية إلى عمل المترجمين في الغرب المسيحي وما ترتب عليه من 
انتشار للحركة الرشدية؛ التي كانت علاقتها بالتفكير الأصلي لابن رشد 
طفيفة أو زائفة في كثير من الأحيانء وإن لم تخل من بعض الصلات 
الجريئة وحتى المنطقية بالمبادئ الحقيقية لمؤسسها. فمن المؤكد أن ابن 
رشد لم يكن منكرا فاجرا للدين؛ كما يظهر تقليديا في التراث الرشدي, 
وفي النزعة اللاتينية المضادة لهذا التراث بوجه خاص. فلقد كان مسلما 
مخلصا (دون أن يكون له أي تحامل ضد المسيحيةء وهذا أمر تاريخي 
ثابت)ء وكان يعتقد بإمكانية التوفيق على مستويين متميزين (ومن هنا 
جاءت نظرية الحقيقة المزدوجة المنسوبة إليه) بين الوحي الإلهي والتأمل 
العقلاني الذي كان لديه شعور واضح بقيمته؛ والذي دافع عنه ضد هجمات 
الغزالي. لقد كان آخر صوت للفكر الإسلامي في الغرب. حيث نال هذا 
ala duel jS‏ رو ی اما مو 

ولنختم هذه الصورة الرائعةء التي تمثل الحساب الختامي للتراث العربي 
الإسباني الإسلامي ووجوده المثمر في التربة الأوروبية بإشارة بسيطة إلى 
التراث الفني الذي سيعالج بالتفصيل في الفصل السادس. فمن الواضح 
جدا أن هذا الخصب النادر كان مدينا بالكثير إلى التربة التي جرت عليها 
Agel gl‏ وإلى تعدد العناصر التي كانت موجودة هناك والتي أثر بعضها 
في بعض. فلقد كان هنالك متسع من الوقت لدى موجة العرب والبربر لكي 
ترسيء بعد الفتح والدمارء نظاما مستقرا دينيا واجتماعيا وثقافيا. وهذا 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


النظام استطاع أن يمتص ويتمثل بصورة تدريجية عناصر مختلفة في العرق 
واللغة والثقافة المحلية من إيبيرية ولاتينية وقوطية ويهودية. ومن هذه كلها 
نشا ذلك التوفيق الرائع للحضارة العربية الإسبانية الذي فتن الرومانتيكية 
والذي يأبى إلا أن يفرض نفسه على أكثر محاولات التقييم العصرية رزانة. 

كان وجود الإسلام في البحر المتوسط خلال القرون الوسطى كلها 
تقريبا يعود إلى العنصر العربي» وهو العنصر المكون الأقدم والأكثر ديناميكية. 
La‏ البربر الذين سيكون لهم وزن كبير في التاريخ الإسلامي للمغرب ولإسبانيا 
نفسهاء فقد تمثلتهم العروبة وبعد مقاومة عنيفة في بادئ الأمر تقبلوا 
الحضارة العربية الإسلامية ونشروها. وقد أخذت هذه المكانة الرفيعة 
للشعب الأصلي في الانحدار في الشرق حوالي عام 000ام: ليحل مكانه 
العنصر التركي. فلم يعد الصليبيون مضطرين لمواجهة قوة عسكرية عربية 
بصورة رئيسية, بل قوة تركية وكرديةء واستمر تقدم القوة التركية وانتشارها 
في القرون التي تلت عام 000ام من السلاجقة إلى الأتابكة وأخيرا إلى 
العثمانيين. ومع هؤلاء الأخيرين بدأت المرحلة الثانية للهجوم الإسلامي 
والإمبريالية الإسلامية في البحر المتوسط. 

وفيما بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر نشأت في شرقي البحر 
الأبيض المتوسط دولة عربية أخيرة, كانت عربية في لغة رعاياها وتقافتهم 
إن لم تكن عربية في دماء ملوكها . هذه الدولة هي سلطنة المماليك السورية- 
المصرية. 

وفي غرب هذه الدولة ازدهرت دول للعرب البرير انيثقت نتيجة لتفكك 
إمبراطورية الموحدين: دولة الحفصيين في تونس. والمرينيين في مراكش. 
في الوقت الذي كانت فيه العروبة الأندلسية تخوض آخر معاركها الدفاعية 
اليائسة. ثم اختل هذا التوازن التقريبي بين الدول المسيحية والإسلامية 
على شواطيٌ البحر المتوسط في القرن الخامس عشر على أيدي العثمانيين 
الذين انطلقوا من الأناضولء ليكتسحوا آخر ما تبقى من بيزنطة ودمروا 
المعاقل اللاتينية في إيجة التي كانت قد أقيمت في القرن الثالث عشرء ثم 
احتلوا اليونان بصورة دائمة. وفي القرن السادس عشر استولت الإمبراطورية 
العثمانية على دولة المماليك. وصعدت صراعها البحري ضد البندقية, 
وانطلقت لتحقق على الأقل زعامة على المغرب» إن لم يكن لغزوه. وهناك لم 


تراث الإسلام 


تنجح إلا مراكش في الحفاظ على شكلها الأصلي المكون من عرب وبرير. 
ومن ليبيا حتى ما يدعى الجزائر اليوم أصبحت دول البربر خليطا عرقيا 
هن اقرب ر الاك راف تع شكليا التسطتطينية وفيها عتصر خرن كرك 
قوي. وفي الواقع كانت الموجة الإسلامية الثانية في ظل الحكم التركي هي 
التي اجتاحت شواطئ البحر المتوسط. وفي القرنين الثامن عشر والتاسع 
عشر انحدرت من نقطة الأوج التي بلغتها في القرنين السادس عشر والسابع 
عشرء لتستهلك نفسها أخيرا في نزاع «رجل أوروبا المريض»»؛ وعودة ظهور 
الدول القومية في قرننا هذا . 

فهل هنالك «تراث إسلامى» يعود إلى هذه الفترة الثانية9 وإذا كان 
موجووا كما هن عتاصرة القى يخالف منهاة نقد اميت الكخايات a slit)‏ 
الأوروبية المتعلقة بالإمبراطورية العثمانية إلى الإجابة بالنفيء يدفعها لذلك 
مبدأ القومية (الذي كان هذا التركيب الإسلامي الأخير المتجاوز للقوميات 
نفيا له)ء وتدفعها أيضا المبادئ المناظرة للدولة الحديثة. ولم تظهر بدايات 
النظر بصورة متوازنة إلى هذه الظاهرة وإلى النواحي الإيجابية التي لا 
شك في أنها موجودة بجانب النواحي السلبيةء إلا في فترة قريبة جدا من 
nati (a sb Las) Las‏ الأول) + ولكن جما آن هذه النظرة لا تتزاق في 
مرحلة طفولتها وتنتظر كمية هائلة من الأبحاث التي ينبغي القيام بها حتى 
من جل الاثيان باكتلوسات ge ull Leia decas! a‏ 
ole‏ فإن هذا ليس هو الوقت المناسب لتقييم هذا «التراث الثاني». ويكفي 
أ قلاحظ أن التوسع العربي شي العضور الوسطى كان يواجه ما إميراطورية 
كديية كانت قد شاخك بالمعل» مال بيزئطة:وإما قوى جديدة جرزت من 
جراء هجمات أوروبا البربرية؛ وكانت على مستوى اجتماعي وثقافي 
منخفضء أما ظهور الإمبراطورية العثمانية فقد تطابق زمنيا مع ولادة 
أوروبا الحديثةء وظهور دولة الأمة والفكر الفلسفي والعلمي الحديث. وكان 
التفوق الذي تميزت به الدولة العثمانية ينحصر في حقل التنظيم العسكري, 
وكذلك» في بادئ الأمر على الأقلء في التنظيم السياسي. 

أمام أوروبا الجديدة هذه كان لابد للاسلام في فترة المماليك والفترة 
العثمانية من أن يكون في موقف دفاعيء ولم تظهر الحركة الإسلامية 
العصرية التي حاولت أن تجعل النظرية الإسلامية السياسية والدينية تتماشى 


124 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


مع الظروف الحديثة؛ إلا في نهاية القرن التاسع عشر. وقد حدث ذلك في 
الأراضي العربيةء وليس في الأراضي التي يوجد فيها العنصر العرقي 
التركي. وكما قلنا سابقاء فإنه لا توجد لدينا المعرفة اللازمة لتكوين حكم 
يستتد إلى معلومات ثابتة حول المنجزات الثقافية للعالم الإسلامي في فترة 
المماليك والفترة العثمانية. فمما لا شك فيه أن مجالات كالعمارة والتصوير 
وصناعة الخزف وإنتاج الكتب وصنع السجاد كانت تقسم بشكل فني مميز 
له قيمة جمالية رائعةء (كما هو مبين في الفصل السادس)ء حيث يلاحظ 
مقلا of‏ القسم الأخير من الشرن qual dll‏ عش والشرن السادسن هشر 
يشكلان فترة ثانية أخذ فيها الغرب عن الشرق الإسلامي» في مجال الفنون 
الزخرفية (وكانت الأولى في القرن الحادي عشر حتى القرن الثالث عشر). 
ولم يدرس الأدب العربي لهذه الفترة إلا قليلاء ولكن لا يعقل آلا يوجد في 
هذا الإنتاج الأدبي الواسع بعض الكتاب من ذوي المكانة الرفيعة. على أن 
منجزات الأدب الفارسي في هذه الفترة معروفة أكثر. وقد برزت لغة عثمانية 
وبرز أدب عثماني يتميز بلغة رائعة في مرونتها وغناها من جراء تداخل 
اللغة التركية مع العناصر اللغوية العربية والفارسية. وثمة في الواقع كثير 
من الدلائل التي تدعو المرء إلى أن يشك في أن الرأي المبسط الذي يصف 
الفترة الواقعة بين الغزوات المغولية والأزمنة الحديثةء أعني فترة المماليك 
والعثمانيين في الشرق الأدنى وفترة الصفويين والمغول في الشرق الأكثر 
بعداء بأنها فترة ركود فكري وتفاهة ثقافية-هذا الرأي المبسط قد لا يمكن 
الدفاع عنه في المستقبل. على أنه لابد من القول بأن التراث الفعلي الذي 
خلفه الإسلام لأوروبا في هذه الفترة الثانية لا يمكن مقارنته بتراث الفترة 
الأولى؛ وهي الموضوع الأساسي لهذا الكتاب. ففي ذلك الوقت المتأخر كانت 
أوروبا عصر النهضة وعصر الإصلاح تكتسب وعيا بذاتها ويتملكها حب 
استطلاع عقلي لم يكن له أي نظير في الإسلام التقليديء الذي كان هو 
نفسه مهددا بالنزعة التوسعية السياسية والاقتصادية للأوروبيين. ولقد 
نوقشت نتائج ذلك بالنسبة للعلاقات بين الشرق والغرب في الفصل الأول 
ولكن مسألة التأثير المتبادل في هذه الفترة يجب أن تؤجل إلى أن تكتمل لنا 
gifs aN oa Sahara ts‏ 


فرانشيسكو غابرييلي 


Bibliography 


Only works of a general nature are given here, whereas items on particular 
problems are mentioned in the preceding notes. 

On the Mediterranean in general: H. Pirenne, Mahomet et Charlemagne 
(Paris - Brussels, 1937); A. Lewis, Naval Power and Trade in the Mediterranean, 
500-1100 (Princeton, 1951); E. Eickhoff, Seekrieg und Seepolitik zwischen 
Islam und Abendland (Berlin, 1966). On Islam and Byzantium: 

A. Vasiliev, Byzance et les Arabes (French version of the Russian original) 
(Brussels, 1935-68). On Islam, Sicily and Italy: M. Amari, Storia dei Musulmani 
di Sicilia (2nd edn., Catania, 1933-8); U. Rizzitano, ‘Gli Arabi in Italia, Settimane 
di studio del Centro italiano di studi sull’ Alto Medioevo XII, L’Occidente e 
l'Islam nell/Alto Medioevo (Spoleto, 1965), i. 93 114. On Islam in Spain: E. 
Lévi-Provencal; Histoire de l'Espagne musulmane (2nd edn., Paris, 1950-3) 
(three volumes, covering the whole of the Umayyad period); 

A. Castro, La realidad historica de Espanda. (Mexico City, 1954; Italian 
version Florance 1955); Cl. Sanchey Albornoz Espana Un engima hisorico, 
2nd edn. (Buenos aires, 1962); idem, ‘Espana y el Islam, Rivista de Occidente, 
xix (1929), and del Centro italiano.. XII (1965), i. 149 308, On the linguistic 
legacy of Arabic in the West, G. B. Pellegrini, Gli arabismi idem, ‘El Islam de 
Espana y el Occidente Settimane di studio nelle ligue neolatine (Brescia, 1972). 
On Turkish Islam in Europe see the general histories of the Ottoman Empire, 
for Greece in particular the although now outdated, general study by K. Sathas, 
Tourkokratoumene Hellas Athens 1869). 


Francesco Gabrieli 


126 


الحواشي 


(*) بالرغم من شهرة المستشرق غابربيلي ومن اطلاعه الأكيد على التاريخ العربي الإسلامي 
والسابق للاسلام: فإنه بسبب دوافع لعلها بعيدة عن الصلة مع العلم قد سمح لقلمه مع الأسف 
lass ob‏ عدة خطيئات تاريخية في عدة أسطر من الأحكام الاعتباطية. فإضفاء صفة التخلف 
على العصر الجاهلي أضحى اليوم من النظريات القديمة التي تجاوزها الزمن. وعصور ما قبل 
الإسلام تعطى الآن تقييما مختلفا كل الاختلاف. كما أن جعل الإسلام «ظاهرة محلية» تتحول إلى 
«دين كوني» إنما يكشف عن نظرة متعصبة فيها الكثير من ضيق الأفق حتى على مستوى الفكر 
المجرد. 

(*1) وهذا بدوره حكم من الأحكام التي تجاوزها الزمن بالنسبة لدور العرب الثقافي العالمي. 
فالحضارة العربية الإسلامية لى تعد في رأي العلماء مجرد نسحة باللفة العربية عن الثقافة 
الإغريقية ولا الهلينستية؛ والعرب المسلمون لم يعودوا مجرد نقلة (وحملة رسائل) بين العصر 
الكلاسيكي في العصور القديمة وعصر الغرب الحديث. والاعتراف للثقافة العربية الإسلامية 
بأصالتها 

و «خصوصيتها» وشخصيتها الفكرية وقيمها وابتكارها لم يعد موضع جدل... إلا لدى المكابرين. 
(*2) هذا التعبير هو الذي كان يطاقه الرومان قديما على البحر المتوسط, لأنهم كانوا مسيطرين 
على كل ضفافه تقريياء وقد حاول الدكتاتور الإيطالي موسوليني إحياءه في القرن العشرين 
واستخدمه في كثير من خطبه» ولكنه مني بهزائم شنيعة. 

(*3) الميروفانجيون هم أول أسرة مالكة في فرنسا انتهى حكمها عام ا75 (بعد سنة واحدة من 
انتهاء الأسرة الأموية في الشام) وقد أعقبهم الكارولنجيون ما بين عام 75١‏ و 987 ومن هؤلاء كان 
شارل مارتل (صاحب بواتييه) وكان شارلمان. 

(*4) هذه المقولة الشائعة في الأوساط الاستشراقية: رغم أنها نظرية قديمة وقد أصابها الكثير 
من التهديم إلا أنها لا تزال تظهر على الأقلام الغربية فإذا كانت دولة «الخلافة» وخاصة في 
العهد الأموي» قد قامت في مناطق كانت تسود في كثير منها النظم البيزنطية وقد أبقى الخلفاء 
على بعض هذه النظم (وبخاصة المالية) وعلى أصحابها الذين يطبقونها فإن الدولة الإسلامية قد 
طبعتها بطابعها الخاص تدريجياء ومن مراحل التغيير البارزة تعريب عبد الملك للدولة. وليس ثمة 
من يستطيع اليوم أن يثبت أن دولة الروم كانت «نموذج» التقليد للخلافة الأموية بل العباسية؛ ولا 
من يستطيع أن يطابق بين الخليفة الأموي والإمبراطور البيزنطي. 

(*5) الواقع أن الزحف العربي توقف عند أبواب كيليكية تاركا جبال الأمانوس وطوروس ضمن 
الأراضي العربية الإسلامية ثلاثة قرون ونصف القرن على الأقل؛ حتى عاد الزحف البيزنطي 
(ضد الحمدانيين) زمن الأسرة المقدونية في النصف الثاني من القرن الرابع فأخذ طرسوس ثم 
أنطاكية وأناخ في شمال وغرب حلب إلى أن أزاحته الموجة السلجوقية؛ ثم الصراع الصليبي عن 
البلاد كلها بل عن الأناضول كله أيضا. 

(*6) يتعلق الأمر هنا بالموقف العباسي: فإن العباسيين كانواء بعكس الأمويين؛ يعتبرون حدود 


127 


تراث الإسلام 


الدولة نهايات لها لا مراكز انطلاق. وقد حاولوا تحصينها بالقلاع والعواصم والثفور (لاسيما على 
جبهة الروم) وعلى السواحل؛ بدلا من أن ينطلقوا منها إلى ما وراءها لمتابعة سياسة التوسع 
الأموية. وقد استمرت الحدود العباسية-البيزنطية ممتدة وراء الثغور الشامية والجزرية وفي 
أرمينية على ما كانت في العهد الأموي» وأضحت الحروب عليها نوعا من التقاليد السنوية (في 
الصيف خاصة) لإظهار القوة وليس للفتح. ولم يحتل الروم بلاد الشام آبدا وإن استطاعوا في 
مناسبتين عابرتين التوغل السريع فيها حتى دمشق» ولكنهم بعد آواسط القرن الرابع استطاعوا 
التمركز في الزاوية الشمالية الغربية من الشام» باحتلال آنطاكية فقط وقد استردها السلاجقة 
منهم في أواخر القرن الخامس/الحادي عشر الميلادي قبيل الزحف الصليبي على البلاد. ومن 
جهة أخرى فإن العباسيينء بعكس الأمويين, أسسوا دولة قارية برية آسيوية شرقية: أما بنو أمية 
فكانت دولتهم قارية-بحرية تمركزت حول البحر المتوسطء. ولهذا بذلوا ما استطاعواء منذ عهد 
معاوية للسيطرة على هذا البحر ونجحوا بذلك بعد معركة ذات الصواري فلما سحق الأسطول 
الأموي عام 747 (قبيل سقوط الأمويين بثلاث سنوات لم يهتم العباسيون بالأسطول البحري ولا 
بالبحر المتوسط. وتركوا السيطرة عليه للروم حتى ظهرت قوة الأغالبة ثم قوة الفاطميين البحرية 
في هذا البحر فاقتسمت مع الروم تلك السيطرة مع ما يترتب عليها من قوة تجارية واسعة. 
(*7) مرة أخرى يعود الكاتب هنا إلى منطلقاته الفكرية الغربية الخاطئة. فلم يكن لدى العرب أي 
سبب يدعو للشعور بالنقص إن لم يكن لديهم بالعكس عقدة الشعور بالتفوق والأسباب كثيرة. أما 
الأعمال الفنية والنظم الإدارية التي يظهر فيها التشابه مع ما في بيزنطة منها فإن السبب فيه هو 
أن هذه الأعمال والنظم هي من تراث بلاد الشام ومصر نفسها وكان صناع هذه البلاد ورجالها 
هم الذين يعرفون أسرار تلك الأعمال ويبتكرون فيها ما شاءوا. 

ومن المجازفة القول «بالتقليد» الإسلامي للروم؛ وبخاصة جعل النظم الفاطمية صورة أخرى من 
النظم البيزنطية . ومثل ذلك يقال عما سوف يذكره «الكاتب فيما بعد عن تأثر الإسلام بالفن 
الديني والأدب المصقول وفن البلاطات والمراسم...». 

(8) قامت هذه الحركة في بيزنطة لرفض وجود الصور والتماثيل في المعابد والعبادات. ويجزم 
الكثير من المؤرخين بأنها إنما قامت تحت تأثير بساطة العبادة في المسجد الإسلامي. وقد تبنى 
الحركة بعض أباطرة بيزنطة واضطهدوا مخالفيهم فيها الاضطهاد الشديد إلى أن جاء أباطرة 
آخرون عادوا عن هذا الاتجاه. والفترة الزمنية لهذه الحركة كانت هى النصف الأول من القرن 
الثاني. 1 

)99( هي أسماء لجزر وأشباه جزر في اليونان حوالي منطقة أثينا. 

(*10) هو مسجد أبي أيوب الأنصاري الذي قتل هناك وما يزال المسجد قائما إلى اليوم. 

(11) هي أسماء لجزر وأشباه جزر في اليونان حوالي منطقة أثينا. 

(*12) لا يقصد بالإسلام المشرقي أو المغربي المعنى الديني بالطبع فالإسلام بهذا المعنى واحدء 
ولكن المعنى الحضاري» وذلك تعبيرا عن الخصائص المحلية التي تميزت بها ملامح الحضارة 
العربية الإسلامية في المشرق والمغرب والأندلس وإيران والهند وغيرها... 

(*13) يقصد بلاط الأمراء الكلبيين وهم مجموعة الأمراء من أسرة الحسن بن علي ابن الحسين 
الكلبي» الذين عرفت صقلية في عهدهم عصر الاستقلال الذاتي والازدهار والجهاد والنمو منذ 
سنة 336ه/947 عند ولاية الحسن ثم أخيه أحمد ثم أخيه علي بن الحسن إلى جابر بن علي ثم 
جعفر بن محمد بن الحسن وأخيه عبد الله بن محمد» ثم يوسف بن عبدالله وجعفر بن يوسف 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


وأخويه أحمد الأكبر وحسن الصمصام حتى انتهت الأسرة 053/445ام بسبب ضعفها وتنازع 
الأمراء الآخرين في صقلية وقد أدى ذلك كله إلى سقوط الجزيرة بأيدي النورمان. 

(*14) ابن القطاع هو: علي بن جعفر بن علي السعدي الصقلي )2515-433 / 1120-1041( à»‏ لغوي 
أديب مؤرخ له من الكتب كتاب تاريخ صقلية وكتاب لمح الملح وكتاب الدرة الخطرة والمختار من 
شعراء الجزيرةء عدا ١5‏ كتابا آخر في اللغة والأدب. (كتاب المختار هذا يسمى أحيانا الذخيرة من 
شعر شعراء الجزيرة وهو غير الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام الأندلسي الشاعر 
المتوفى سنة 403ه). 

(*15) هو عبد الجبار بن حمديس (527-446ه/132-1055١)‏ واحد من أشعر شعراء المغرب الإسلامي. 
ولد في صقلية, أواخر الحكم الإسلامي هناك ثم ترك الجزيرة وطاف المغرب والأندلس. وكثيرا 
ما كان يستحث الأمراء المسلمين على استعادة بلدة صقلية ويبكي فقدها . 

(*16) تشيلر دالكامو من أوائل الشعراء الإيطاليين الذين كتبوا بالإيطالية وينتمي إلى المدرسة 
الصقلية التي ازدهرت في أيام فريدريك الثاني من أمثال رينالدو داكويني. غويدوديلي كولون, 
جاكوبوموستاتشيء ماتسبو دي ريتشيو. وليس يعرف شيء كثير عن الشاعر دالكامو صاحب 
Rosa fresca Aulentissima 3 cai 339 1344008‏ وهى محاورة بين عاشقين يحاول كل منهما أن يتكلم 
بلغة آخذة بالكثير من الألفاظ الفرنسية. 1 

(*17) دخل العرب المسلمون شبه الجزيرة الإيطالية وكانوا يسمونها البر الطويل من الجنوب» عبر 
شبه جزيرة كالابريا خاصة ومن السواحل البحرية. إلا أن تأسيس أول إمارة إسلامية في ذلك 
البر إنما يعود إلى قوة بحرية إسلامية قدمت من كريت واستولت عام 219ه/834 على مدينة 
تارانت ثم على برنديزي عام 223ه/838 ثم وقعت مدينة باري في يد بعض الجند الإسلامي سنة 
9 فأسس أحد القواد المسلمين (المفرج بن سليمان) من هذه المدن إمارة أضاف إليها مدينتي 
أرنت وكالياري» وقد تسلم هذه الإمارة بعد مقتله قائد آخر اسمه سودان أرسل إلى الخليفة 
العباسي يطلب منه اعتباره من ولاته. ولم تدم هذه الولاية الإيطالية المسلمة أكثر من ثلاثين عاما 
لآن القوى الأخرى الإسلامية والإيطالية تعاونت على خنقها . ومختلف المواقع التي احتلها المسلمون 
في البر الإيطالي تكشف الطبيعة التجارية لهذا الفتح. 

(*18) قسطنطين الإفريقي: هو شخصية مجهولة الأصل والأحوال. ولد في تونس حوالي سنة 
9ه /015! وكان يتعاطى مع التجارة والأسفار تعلم العلوم ويدرس كتب الطب. وقد اتصل بأمير 
سالرنو وعرف لديه باسم قسطنطين الإفريقي. وبعد أن عاد فترة إلى تونس اعتكف في الدير 
المشهور بدير كاسينو (الذي دمر في الحرب العالمية الثانية) يترجم كتب الطب. ومع أنه لم يكن 
طبيبا ولا بارعا لا في العربية ولا في اللاتينية إلا أن كتبه المترجمة لاقت رواجا كبيرا واشتهر 
اسمه واعتبر بحق مؤسس مدرسة (سالرنو) الطبية. وتزيد مؤلفاته على 22 كتابا طبعت كلها ما 
بين سنتي 1536 و 1539 وقد آخذ على قسطنطين أنه كان ينسب الكتب المترجمة لنفسه ولعل 
السبب أنه كان يخشى لو نسبها لأصحابها المسلمين أن يحول التعصب المسيحي دون انتشارها. 
(*۱9) هو أبو الوليد إسماعيل بن محمد الشقندي المتوفى سنة ۱232/4629 وهو من شقندة أحد 
أرباض قرطبة. كان ذا حظوة عند خليفة الموحدين أبي يوسف يعقوب المنصور. عمل في القضاء 
لديه. وأما رسالته فقد أنشأها إثر مناقشة حرث. حول تفضبيل البزين: الأندلس والمغرب بحضرة 
عامل سبته أبي يحيى بن ابن زكريا الذي اقترح على طرفي المناقشة كتابة رسالتين يبين كل طرف 
في إحداهما فضائل قطره. وقد أورد نص الرسالة المقري في نفح الطيب وأوردها كذلك ابن 


129 


تراث الإسلام 


سعيد (انظر المقري ج 2 ص .)150-١26‏ 

(*20) هو موقع فيما بين غرناطة ووادي آش يقع عند منعطف من الطريق لا ترى غرناطة من بعده 
وهذا الاسم هو ترجمة للاسم الإسباني الذي يطلق على هذا الموقع وهو : Elsuspiro-del-Moro‏ 
والمورد هنا هو أبو عبدالله الصغيرء آخر الخارجين من غرناطة ويقولون إنه في هذا المكان تلفت 
إلى المدينة وصعد زفرة حرى لأنه لن يرى غرناطة من بعدها آبدا. 

(*21) الموريسكيون اسم يطلق على جميع من بقي في الأندلس من المسلمين بعد سقوط غرناطة 
سنة 1492 والكلمة مأخوذة من لفظ مورو 310:0 الذي يطلق في بعض النصوص الإسبانية على 
عرب إسبانيا أو مسلميها أو على المسلمين عامة. ويمكن أن نستعمل لها كلمة العارب أو المتعرب 
ولكنا فضلنا استخدام الكلمة الإسبانية ذاتها لأنها أضحت اسما علما ومصطلحا شائعا في 
الكتب العلمية. 

Q2)‏ كان الجغرافيون العرب يسمونها الكنتبرية. 

(*23) اسما النهرين لدى الجغرافيين العرب هما بالترتيب: الدويرة؛ أبره. 

(*24) صاحب هذه الحملة هو المجاهد العامري صاحب دانية في الأندلس؛ وكانت سنة 406ه/ 
5! وقد توفي مجاهد سنة 1044/2436 

(*25) لم نجد لهذه الكلمة ما يقابلها في اللغة الإسبانية ولعلها قد وضعت خطأ من الكاتب الذي 
لا يبدو أنه واسع المعرفة بهذه اللغة. ٠‏ 

(*26) رابطة هي المدينة التي كان يسكنها كولوميوس قبل سفره وكشفه آمريكاء وتقع قرب قادش 
على الساحل الجنوبي الغربي من إسبانيا. وفيها ترك كولومبوس ابنه ميفيل حين ذهب لمقابلة 
الملكين فرناندو وازابيلا والاستئذان بالسفر قبل الإبحار في بحر الظلمات. 

(*27) درس كاسترو الكلمة وقال إنها آتية من كلمتين: أبناء وتعني ابن بالإسبانية ودالغو. وهو 
يعتقد أنها آتية من الخمس أي أبناء الخمس بمعنى أصحاب الأمر والنهى. ولم ينته العلماء في 
هذا الاقتراح إلى شيء حاسم. أورد كاسترو تحليله هذا في كتابه الذي حمل أولا اسم: إسبانيا في 
تاريخها: المسلمون واليهود والنصارى. ثم طبع الكتاب معدلا منقحا بعنوان: الحقيقة التاريخية 
لإسبانيا. 

(*28) في النص الأصلي يذكر أنه «الرسول جيمس». وهو عند الإسبان سانتياغو أي القديس 
يعقوب (شانتياقوب) وقد أعطي اسمه لعدة مدن منها عاصمة تشيلي. وابن عذاري في «البيان 
المغرب» يذكر الاسم الأصلي وتحريفه: سانتايا قوب. l l‏ 

(*29) شخصيات وهمية أنقذت روما في بعض الحروب القديمة. 

(*30) يخلط الكاتب هنا ما بين واقع الإسلام وما بين الصورة التي يحملها الغرب عنه في التعمصب 
والاحتوائية. ومن هنا تأتي الغلطة الأخرى التي نجدها في مطلع الفقرة التالية والتي تعزو للدين 
الإسلامي أثرا سلبيا-وتحاول إلقاء عقابيل «التعصب المسيحي الإسباني» عليه. 

tly ales! Gpdtiews (1934-1858) Julian Ribera y Tarrago |p) .¢ (31)‏ في أعمال بلنسية 
وصار أستاذ العربية والحضارة الإسلامية في جامعة مدريد. ويعد من كبار علماء الاجتماع 
والتاريخ. اهتم بتاريخ الموسيقى والأناشيد والشعر في الأندلس. أما ميندس بيدال )1965-1868( 
فقد كان يدرس الفقه الروماني في جامعة مدريد . وصار سنة 1925 رئيس المجمع اللغوي الإسباني. 
وقد أشرف في أواخر حياته على إصدار تاريخ إسبانيا العام (في حوالي 30 جزءا منها الرابع 
والخامس والثامن والتاسع لتاريخ إسبانيا الإسلامي). وقد كتب الكثير من الأبحاث والمؤلفات 


الاسلام فى عالم البحر المتوسط 


حول الشعر العربي والإسباني. 

(*32) يقصد الكاتب: كتاب البيان الواضح في المسلم الفادح» وهوتاريخ بشكل أدبي لابن علقمة 
محمد البلنسي (509-428ه/15-1036١١):‏ وكان شاعرا ناثرا من طبقة عالية. وقد قص في كتابه 
هذا أخبار بلده بلنسية ووصف ما حاق بها من البلاء على يد السيد القمبيطور. 

وقد أورد المؤرخ ابن عذاري قطعا من هذا الكتاب في الجزء الثالث من كتابه البيان المغرب. 
(*33) ينقل الكاتب هنا معلوماته باختصار عن كتاب تاريخ الفكر الأندلسي ومؤلفه غونزالي 
بالنيشياء في الفصل الخاص بأثر الفكر الأندلسي في الفكر الأوروبي. ويمكن لمن شاء التوسع 
مراجعة هذا الكتاب وهو مترجم إلى العربية بقلم الدكتور حسين مؤنس. 

)34%( هو من يزعم سرفانتس أنه راوي قصة دون كيخوته. 

(*35) هو ألفونسو العاشرء ويعطى لقب الحكيم أو العالم لأن الاهتمام بنقل علوم العرب وآدابهم 
إلى إسبانيا النصرانية بلغ ذروته في عهده. جمع في بلاطه عددا من علماء النصارى واليهود 
والمسلمين. وأشرف بنفسه على توجيه أعمال الترجمة والتحرير والتلخيصء Lidig‏ في مرسيلية 
معهدا للدراسات بمعرفة (الرقوطي) الفيلسوف المسلم, ثم نقل هذا المعهد إلى إشبيلية. 

(*36) هي أغاني للسيدة العذارء ذات طابع ديني. 

(*37) الشعر المقطعي هو شعر الأغصان والأقفال الذي نعرفه باسم الموشحات. وقد ألف فيه ابن 
سناء الملك كتاب دار الطراز (طبع بتحقيق جودة الركابي-دمشق 1949). 

(*38) كلمة 02ده.آ آتية من اللاتينية Laudare‏ ومعناها المديح, وهي مدائح الفرنسيسكان في 
السيد المسيح والعذراء. 

(39) هذه الكلمة تعني لغة أويل؛ وهي في فرنساء والمراد بالكلمة لغة أهل شمال فرنسا. 
(*40) تعطى كلمة رومانس (وبالإسبانية رومانسيرو «نءءصدد:ه1) لمجموعات القصائد الشعبية 
العديدة التي ظهرت في العصر السابق لعصر الأدب الكلاسيكي في إسبانيا. وتحتوي القصائد 
على أقدم الأساطير الوطنية في قوالب شعرية غنائيةء بينها ay‏ الموتشحات الأندلسية نسب 
قوي وصلة كشفتها الأبحاث خلال نصف القرن الأخيرء ويتحدث البحث نفسه عنها. ويستخدم 
الباحثون كلمة رومانس أيضا للدلالة على اللغة اللاتينية الدارجة التى كتبت بها تلك القصائد 
وهي اللغة التي كانت مستخدمة في إسبانيا قبل ظهور اللغة الإسبانية الخاصة. 

وقد أبقينا على الكلمة كما هي في النص الذي استخدمها بالمعنيين لأنها أضحت من مصطلحات 
التاريخ الأدبي في الغرب؛ iet‏ ثنبه إليها لثلا يختلط معناها هنا مع معنى الرومانسية التي 
ظهرت متأخرة في القرن الثامن عشر. 

(*41) لنلاحظ هنا الملاحظة العامة بأن معلومات كاتب المقال» رغم شهرته؛ هي معلومات قديمة 
متخلفة لأن الأبحاث خلال السنوات الأخيرة؛ في هذا الموضوع قد تجاوزت كثيرا هذه الأمور التي 
(*42) هو ابن إسحق نور الدين البطروجيء ويعرف لدى الغرب باسم ذنائوهتاء7 اىء من كبار 
الفلكيين في الأندلس وهو من رجال النصف الثاني من القرن السادس (الثاني عشر الميلادي). 
وقد بنى كبلر أبحاثه الفلكية على أبحاث البطروجي. 

(*43) هو أبو إبراهيم بن يحيى النقاش الزرقالي القرطبيء وكان من أعظم أهل الفلك في العرب. 
وضع الجداول الفلكية؛ وله نظريات مهمة في حركات النجوم: كما ركب إسطرلابا خاصا به؛ 
واخترع آلة عرفت باسمه. وقد برز في طليطلة فيما بين سنتي 472-452ه/ 1080-106١‏ . 


الحسدود الخصوى للاسسلام 
في ايتا راسيا 


١-أفريقيا‏ جنوب الصحراء الكبرى: 

في جنوب الصحراء الكبرىء في الأراضي 
المتسعة الممتدة في السنغال في الغرب إلى الصومال 
في الشرقء هناك اليوم خمسون مليونا من المسلمين 
وبذا يكون للاسلام من الآتباع هناك ما يعادل أتباعه 
في شمال أفريقيا. إلا أنه يختلف عن الإسلام في 
شمال أفريقيا من حيث التركيب العرقي المعقد 
والانقطاع في التوزع الجغرافي. لذا فإن هذه 
الشعوب الإسلامية تتصف بتتوع أكبر في السمات 
المميزة لعقيدتها الإسلامية المحلية. ففي كثير من 
lue‏ كع مات م ا كير رجات 
قبلية واسعة لا تزال تدين بصورة رئيسية بالأديان 
الأفريقية التقليدية. وكثيرا ما يشكل المسلمون 
أقليات صغيرة ضمن مجموعات كبيرة غير مسلمة. 
وحتى في الأماكن التي تكون لهم فيها الغلبة العددية 
فإن القليل من البلدان التي يعيشون فيها هي اليوم 
دول إسلامية رسميا. وهكذا قفي قسم كبير من 
هذه المنطقة يجد الإسلام نفسه في حالة من 
الاحتكاك ومن المنافسة الديناميكيين مع ديانات 


تراث الإسلام 


33512) gii V رقم الله انوك‎ Eg Aid] otf aL D zoe din 
عامة بتلك الجاذبية التي كانت له في الماضي عندما كانت المسيحية مقترنة‎ 
dilata يزال يتقدم يصورة كايقة. وهذا‎ Val كي‎ LS ua Le coetus 
بصورة خاصة على الوضع في غرب آفريقياء وفي آثيوبياء حيث مما يشجع‎ 
ار واوا و الك اا مرن اا وما اه م‎ 
منذ قرون.‎ 

وفي بعض الأماكن. شاعت عناصر من الثقافة الإسلامية مثل الختان 
أو أساليب التنجيم والعرافة بين شعوب غير إسلامية؛ وأصبحت جزءا من 
أنظمتها الثقافية التقليدية. ففي كل مكان كيّف الإسلام نفسه مع الثقافة 
المحلية والبيئة الاجتماعية؛ وقد أدى ذلك فى بعض الحالات إلى نشوء 
تركيبات جديدة فريدة كما هو التحان هى التفافة السبوانخلية, على آن الارتباط 
بين العروية والإسلام لم يكن تماما إلا في السودان الشماليء حيث أصبحت 
اللغة العربية هي اللغة المحلية. خلاقا للبلاد الأخرى التي نحن بصددها 
هنا. أما في الأماكن الأخرى فبالرغم من وجود بعض التأكيد أحيانا على 
الهوية العربية: كان الإنطلام لا ينظر زليه على اله مقييدة خاصة بالعرب 
وحدهم» ولا تعد الولاءات الإسلامية والعريية شيئا واحدا . 

يعيش حوالي ثلثي المسلمين من سكان جنوب الصحراء الكبرى؛ في 
غرب أفريقياء حيث توجد في نيجيريا أكبر جماعة من المسلمين؛ في حين 
IS ie getty Magny etal gt‏ ل ركسي نون لم يكن 
الإسلام هو العقيدة الوحيدة فيها. وهنالك جماعات أصغر (عددا) في 
ليبيريا وغانا وتوغو. وفي أفريقيا الوسطى والشرقية والشمالية الشرقية 
نجد أن المسلمين هم الغالبية في السودان الشماليء ويكاد لا يوجد لهم 
منافسون في زنجبار وجمهورية الصومال. ثم إن العنصر الإسلامي قوي 
أيضا في أثيوبيا (وخصوصا في أرتيريا) وفي تنزانيا. حيث يوجد من 
المسلمين ما قد يوازي ثلث مجموع السكان في كل من هذه الدول. وهنالك 
جماعات إسلامية أصغر تعيش في كينيا وأوغندا ومالاوي وزامبيا والكونغو. 

وبالرغم من أن الحدود الإسلامية والحدود السياسية كانت متطابقة 
في الإمبراطوريات الإسلامية القديمة في عهد ما قبل الاستعمار في المنطقة. 
فلا يوجد اليوم إلا جمهوريتا الصومال وموريتانيا اللتان تأسستا كدولتين 


134 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


إسلاميتين رسمياء ولكنهما ليستا عضوين" في الجامعة العربية. ومن 
المتارقات ا ناجديؤرية السوداق:وفى عضرو فى الجافية العروية لم 2038 
als at o pi caa] gas cda‏ اکر اتات اا الت رین 
الكثيرين. 

ويلعب الإسلام خارج هذه الدول دورا على جانب كبير من الأهمية في 
السياسات الداخلية لكثير من البلدانء وبصورة خاصة في السنغال ومالي 
والنيجر ونيجيرياء وفي أثيوبياء وإلى درجة أقلء في تنزانياء وهو كذلك 
يخلن ورا هة اة هة الول رهي وراك دات فة اة اة 
که دا ااال اوو وى م فر ر كو و را 
هوية ومصلحة مشتركة تجمع بين المسلمين ذوي الأصول العرقية والانتماءات 
السياسية المختلفة. وذلك ضمن الظروف المتغايرة في حياة المدن. هذا 
الاعتراف بتضامن إسلامي أوسع: وهو بالطبع مرن جدا ويرتبط بالظروف 
الخاصة-يتجسد بصورة حية في اشتراك الآفريقيين الواسع في الحج إلى 
مكة وإلى العديد من المزارات المحلية الأقل شأنا. 

لقد أدى اعتناق الإسلام. بالإضافة إلى تأثيره على عادات اللباس 
والنواحى الأخرى للثقافة المادية. وبصورة خاصة على الهندسة المعمارية, 
Sa] ai eta] cl‏ قري اكع ااه اا ةا رر ا 
مجرى خياة الفرد من الوذ إلى اللتحد . ذلك E‏ متشابهة إلى 
درجة كبيرة لدى الجماعات المسلمة الكائنة في جنوب الصحراء الكبرى, 
I‏ هن الشات اة الى تمك عار اة ااا سام وباط ةة 
نفسها نجد آن التقويم الإسلامي بطقوسه الشعبيةء وخصوصا في رمضان؛ 
شهر الصيام» يعطي طابعا متجانسا لتنظيم الحياة في جماعات كانت بينها 
فى الماضى فروق كبيرة. وهنالك سمات متشابهة تتجاوز الاختلافات العرقية 
A atii,‏ ية هذه اتفه الراسة: وى هذه السات فى BÑ‏ 
التقليدية للتعليم الإسلامي» وإن كان ذلك لا يخلو من اختلافات مهمة في 
مدى سي الارن ا ان افا ل و اه ود 
شرب أفريقياء أوهرر شي الشمال الشرفي» يحيث تتمكن من إنتاج مؤلفات 
دينية وتاريحية باللئة العربية: 

وأما فيما يخص الحياة الاجتماعية فتتجلى السمات المتشابهة أوضح 


تراث الإسلام 


ما تكون في حياة الأسرة حيث تركت الشريعة الإسلامية/'"؛ بغير شك؛ أكبر 
أثر اجتماعي لها. فبالرغم من أن الزواج يقترن بعادات تعود إلى ما قبل 
الإسلام؛ مثل ثروة العروسء فإنه يتصف بسمات أساسية واحدة من السنغال 
إلى الصومال؛ ويستطيع الأزواج الجمع بين أربع زوجات في وقت واحد. 
والطلاق سهل بالنسبة للرجال لكنه صعب بالنسبة للنساء. وهنالك تقيد 
«بالعدة» أو فترة الانتظار التي تسبق الزواج الثاني وذلك بعد الطلاق أو 
موت الزوج. والأطفال ملك للزوج أو وريثه. وفي أمور الإرث تطبق عادة 
الشريعة الإسلامية من قبل المحاكم الشرعية الموجودة في كل مكانء ولكن 
بما لا يتعارض مع الآنماط التقليدية العريقة المتعلقة بحقوق الملكية. وبنفس 
الطريقة تقريبا تطبق قواعد الشريعة فيما يتعلق بالدية أو دفع التعويض 
عن جريمة القتل والأضرار الأخرىء لكنها كثيرا ما تعدل على ضوء النظم 
الاجتماعية التي تعود إلى ما قبل الإسلام. وهكذا نجد مثلا بين الصوماليين 
سلسلة كبيرة من أقرباء الأب يتحملون مسؤولية الدية في حالات القتل 
المتعمد» على حين أنه يتوجب على القاتل بموجب الشريعة الإسلاميةء أن 
يتحمل المسؤولية وحده. 

وأخيرا في السياسة؛ نجد أن مبادئىّ الحكم والمؤسسات السياسية 
الإسلامية قد طعمت. د متفاوتة: البنيات السياسية لتلك الممالك 
الأفريقية التقليدية التي اعتنقت الإسلام» وأفضل الأمثلة الباقية نجدها 
في دول الهوسا في نيجيريا الشمالية. وقد تقلص اليوم مجال تطبيق 
الشريعة الإسلاميةء كما هو الحال في البلاد الإسلامية الأخرىء وأصبح 
يقتصر على أمور الأسرة والأحوال الشخصيةء بحيث يشكل هذا شكل 
عودة إلى الوضع السابق لعهد الاستعمار وظروفه. 

لا نستطيع أن نقول الكثير هنا عن التاريخ الطويل لالإسلام في هذه 
المنطقة الواقعة إلى جنوب الصحراء الكبرى. إلا أنه يجب أن نلاحظ أن 
كلا من السودان الشرقي وآجزاء من شمال شرق أفريقيا كانت مفتوحة 
للتأثيرات الإسلامية في القرن السابع؛ في حين أن غرس الإسلام في شرق 
وغرب أفريقيا لا يمكن تتبعه بصورة موثوقة إلى ما قبل القرن العاشر. 
ففي ذلك الوقت كانت كل أفريقيا تقريبا الواقعة إلى جنوب الصحراء 
الكبرى قد أصبحت مفتوحة للدين الجديد من خلال الشبكة الواسعة من 


136 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


طرق القوافل التي كانت توصل عبر الصحراء الكبرى إلى الشمال؛ وضفي 
الشرق إلى موانيْ ساحل البحر الأحمر والمحيط الهندي. والواقع أن 
ارتباط الإسلام بالتجارة كان هو السبب الرئيسي لدخول هذا العدد الكبير 
من شعوب هذا الجزء من القارة في الإسلام: رغم أن الأرقاء. ظلوا خلال 
قرون وعبر مناطق واسعة أحد الموارد الرئيسية التي كان يبحث عنها التجار 
المسلمون”"'". ولم يلعب الفتح الخارجي للغزاة المسلمين دورا مهما إلا في 
السودان الشرقيء وهو الجزء الوحيد في المنطقة الذي لعب فيه الاستيطان 
العربي الواسع النطاق دورا حاسما في نشر الإسلا". وكان غزو الدول 
المحلية التي اعتنقت الإسلام للمجتمعات الوثنية عاملا مهما في السودان 
الغربي: وإلى حد ما في أثيوبياء وإن كان يبدو من المفارقات هنا أن يكون 
للامتداد الأخير للامبراطورية الأمهرية المسيحية في القرن التاسع عشر 
أثر أعمق وأكثر استمرارا على انتشار الإسلام. 

وفي الأماكن الأخرى وبصورة عامة؛ كان لعامل التجارة الإسلامية التأثير 
الأكبر. وهنا لم يكن الذين قاموا بالدور الحاسم في غرس الإسلام من 
العرب في معظم الحالات. ففي الفترة الأولى لدخول الإسلام إلى السودان 
الغربي يجب إعطاء الفضل الأكبر إلى البرير من أصحاب الجمال الذين 
كانت قوافلهم التجارية العظيمة تجوب دروب الصحراء؛ وفي الشمال الشرقي 
لمث الموماتيون من gal‏ الرحل ذورا مماكلة مجان rise fale‏ الال 
هجراتهم إلى الغرب والجنوب من أوطانهم السابقة في الركن الشمالي من 
القرن الأفريقي. وكانت هنالك أيضاء بالطبع؛ جماعات محلية أخرى مثل 
الهوسا وديولا في غرب أفريقيا الذين قاموا بعد اعتناقهم للاسلام فنشروا 
الدين كذلك من خلال علاقاتهم التجارية الواسعة؛ وعلى العكس من ذلك 
نجد في شرق أفريقيا أنه بالرغم من أن الذهب والعاج والرقيق والموارد 
الأخرى السهلة الاستثمار والموجودة في الداخل. قد وصلت إلى التجار 
المسلمين الساحليين؛ فإن هؤلاء التجار لم ينفذوا بأنفسهم إلى داخل البلاد 
بأعداد كبيرة حتى أواخر القرن الثامن عشر. 

ولقد كان لهؤلاء التجار المسلمين الأوائلء سواء أكانوا من العرب» أم من 
غير العرب المدفوعين بحماسة الداخلين جديدا إلى الدين؛ تأثير قوي في 
المجتمعات التي كانت وثيقة في أول الأمر والتي كانوا يمرون بها خلال 


137 


تراث الإسلام 


أسفارهم, وكثيرا ما كانوا يقيمون بين ظهرانيها . 

وبالرغم من أنهم لم يكونوا من الدعاة النشطين في المجال الديني؛ فإن 
عباداتهم الدينية الفامضة كانت تثير انتباها كبيراء وكانت معرفتهم بالثقافة 
الإسلامية واتصالاتهم التجارية الواسعة المدى تضفي عليهم وعلى الرجال 
الأتقياء الذين كانوا يسافرون معهم بريقا خاصا في نظر السكان المحليين. 
كفي الممنالك الوقية الكبيرة الذي {gall‏ شما كاف Gand 3 kao uL‏ خماية 
الملك تبين أن لديهم صفات خاصة يمكن الاستفادة منها. فهناك. مثلما 
سيصبح عليه الحال بالنسبة للاداريين الاستعماريين الأوائل الذين جاءوا 
بعدهم» وجد الملوك الوثنيون وموظفوهم من المناسب الاستفادة من هذه 
الأقلية التجارية الإسلامية في عدة أمور تتراوح بين استخدامهم في تحصيل 
الضرائب والمحاسبة والسلك الدبلوماسيء إلى ضمهم بين صفوف الحرس 
الملكي حيث أثبتوا جدارتهم نتيجة لعدم وجود روابط محلية لهم ولمعداتهم 
العسكرية وخبرتهم التي كانت متفوقة في معظم الأحيان. وفي أضعف 
الحالات. أصبح من الشائع لدى الملوك الوثنيين أن يزينوا بلاطاتهم بمن 
يقتنونهم من رجال بلاط مسلمين» والأهم من ذلك أن يجاملوا الدين الجديدء 
كما فعل منسا موسى من مالي (1337-1312) أو أسكيا محمد من سونغهاي 
(توفي عام 1528) من أجل دعم قوة الطقوس التقليدية المرتبطة بالملكية, 
وإن كان هذا قد أدى في بعض الأحيان إلى نتائج مؤسفة. فبعد أن أصبح 
الإسلام امتيازا ملكيا جديدا فإنه بالطبع كان يعطي الحاكم الطموح: كما 
قال غويلي). «عقيدة وعلما وسلاحا». وكان باستطاعته أن يقدم تبريرا 
قويا لفتح الممالك الوثنية المحيطة؛ ويساعد على ضمهم سياسيا فيما بعد. 
وكذلك فإن الزعماء المحاربين والمغامرين التجار الذين أصبحوا في الطليعة 
في ظروف التغير الاقتصادي والاجتماعيء والذين كانوا يسعون إلى إقامة 
وتدعيم ممالك جديدة وأسر مالكة جديدة في الأماكن التي لم يكن يوجد 
فيها أي منها في السابق؛ هؤلاء الزعماء كثيرا ما كانوا يلتفتون إلى الإسلام 
ليستقوا منه مبررا عقلانيا مناسبا للأوضاع الجديدة التي أوجدوها. ففي 
أثيوبياء كان رؤساء القبائل الصغار وقادة الحروب الطموحون الذين شجعهم 
التغير الاقتصادي في وسط «غالا» التي كانت جمهورية تقليديا في القرنين 
الثامن عشر والتاسع عش ركانوا يميلون إلى اعتناق الإسلام أو المسيحية 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


كأساس لسلطتهم الجديدة؛ التي كانت غير دستورية من وجهة نظر التقاليد. 

ومن العوامل التى دعمت تأثير هذه الاعتبارات النفعية التى سهلها 
اتقشار العقيدة الأسلامية: بساطة المتطلبات العقائدية للإسلام dau;‏ 
إزاء المعتقدات الدينية التقليدية والعرف المحليء الذي كان هو والشريعة 
مصدرين متوازيين للقانون التطبيقي. ولكن هذه السمات لم تحظ بإعجاب 
الحكام التقليديين أو الزعماء الجدد فقطء بل إن الدين الجديد كان بصورة 
عامة جذابا بوجه خاص باعتباره مصدرا لأساليب جديدة في أداء الطقوس» 
بالنسبة إلى أناس كانوا يفتشون دائما عن علاجات قوية خارقة للطبيعة 
نظرا لافتقارهم إلى أي تحكم علمي يذكر في بيئتهم أو مصيرهم. وهذه 
السمة كانت بدورها تزداد أهمية حيثما كانت الظروف الجديدة تخلق 
إمكانات جديدة للتقدم الاجتماعي وتوترات جديدة داخل المجتمع. 

رغم أن الأدلة المفصلة المتعلقة بالتأثير المتبادل لهذه العوامل في عملية 
دخول الإسلام إلى أفريقيا الواقعة إلى جنوب الصحراء الكبرى غير متوافرة 
بصورة عامةء فإن تفاعلها يمكن أن يظهر في بعض المناطق التي ينتشر 
فيها الإسلام اليوم. مثال ذلك أن التغيرات الاقتصادية؛ في هذا القرن: بين 
سكان كينيا الجيرياميين قد أدت إلى ظهور طبقة جديدة من المزارعين من 
ممولين وتجار محاصيل. هؤلاء المقاولون الناجحون قد أثاروا بالطبع غيرة 
وحسد جيرانهم الذين يقلون عنهم والذين ما زالوا يعملون في زراعة 
المحاصيل الضرورية لغذائهم اليومي: ولذا أصبحوا هدفا رئيسيا للسحر 
والشعوذة. ولكي يحموا أنفسهم تحولوا إلى الإسلام وأصبحوا يعرفون محليا 
«بالمسلمين المتطببين» لأن هذا يحميهم من المكر والكراهية اللذين يجلبهما 
النجاح ويمكنهم من الاستغناء عن الالتزامات التقليدية في اقتسام الطعام 
على أساس أنهم بصفتهم مسلمين يتوجب عليهم مراعاة قيود غذائية تقليدية 
من شأنها أن تعزلهم وتحميهم في آن واحد من جيرانهم الحسودين. وهناك 
أسباب قوية تدفعنا لآن نفترض أن دوافع من هذا النوع قد لعبت دورا 
حاسما في الانتشار التدريجي للاسلام في فترات وأماكن تنقصنا مثل 
هذه المعلومات التفصيلية حولها. على الرغم من أننا لا نملك أن نجزم 
بذلك. 

ولكن إذا كانت مثل هذه الاعتبارات قد شجعت الأفريقيين كثيرا على 


139 


تراث الإسلام 


التوجه نحو الإسلام كدواء لمصائب هذه الحياة. بحيث اعتبر هذا الدين 
الجديد في الواقع كمصدر جديد للقوى الخارقة اللازمة لمعالجة صعوبات 
الحياة اليومية ومصائبها على طريقة الدين الأفريقي التقليدي» فإننا يجب 
ألا ننسى أن العقائد الأخروية الأوسع التي يقدسها الإسلام إنما تمثل 
تحولا جذريا جديدا عن العقائد التقليدية. فالاعتقاد بحياة أخرى ينال 
فيها الإنسان الثواب والعقاب على أعماله التى ارتكبها فى هذه الحياة: هذا 
الاعتقاد غريب بصورة عامة عن الأديان الأفريقية التقليدية, ودخول هذا 
الاعتقاد مع الإسلام يعطي أساسا جديدا لتقييم الأخلاق. ويشكل مصدرا 
لكل من الاستسلام المستكين والسعي المناضل من أجل تحقيق رسالة. هذان 
التفسيران المتضادان وجدا من يدافع عنهما في التاريخ القديم للاسلام 
جنوب الصحراء الكبرى» ولا شك في أنهما سيجدان من يدافع عنهما في 
المستقيل أيضنا: 

وأخيرا فيما يتعلق بغرس الإسلام الفعلي» يجب أن نسجل الأثر المهم 
للتيارات المحلية السائدة والمتعلقة بحركة السكان وهجرتهم. فحيثما كان 
تدفق الهجرات القبلية يتطابق مع مسار انتشار الإسلام من خلال التجارة. 
كان هذا التطابق يدعم انتشار الإسلام. وهذا بالفعل ما حدث» بصورة 
dole‏ في غرب أفريقيا. 

وينطبق الآمر نفسه إلى حد بعيد في تاريخ شرقي السودانء وكذلك في 
شمال شرق أفريقيا. آما في شرقي أفريقيا فكانت حركة الهجرة تتجه إلى 
الانتقال من داخل البلاد إلى الساحل؛ أي بعكس اتجاه انتشار الإسلام, 
وبذا فقد أدت إلى حصره في تلك المنطقة الساحلية. فهنا في الواقع كان 
الإسلام الساحليء الذي ترمز إليه كلمة سواحيلي ذاتهاء عبارة عن مغناطيس 
يجذب العناصر القبلية من الداخل إلى مركزه الواقع على الساحلء حيث 
أصبح دين مدن لا يقتصر على فة قبلية واحدةء وأدى ذلك إلى نشوء ذلك 
التركيب الثقافي واللغوي الفريد الذي تمثله اللغة السواحلية اليوم والمؤلف 
من عناصر البانتو وعناصر عربية وفارسية. 

تتبع الأجزاء المختلفة لأفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى مذاهب 
مختلفة للشريعة؛ وذلك تبعا للمصادر الإسلامية المختلفة التي تأثرت بها . 
ضفي غرب أغريقيا يسود المذهب المالكي الذي نشرته في أول الأمر حركة 


140 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


الموحدين في القرن الحادي عشرء وهو أيضا المذهب الرئيسي في السودان 
الشمالىء إلا أن المذهب الحنفى أدخل إلى السودان الشمالى فى الفترة 
التركية المصرية [1884:0330)واعفين الشائونالرسبى المجاكه: وعى شال 
شرق» وشرق آفريقياء حيث يطغى التأثير الحضرمي» يسود المذهب الشافعي 
رغم أن جماعات من الأقلية تدين بمذاهب أخرى. 

كذلك فإن الطرق الدينية متعددة الانتشارء وقد كانت (الطريقة) القادرية 
أول طريقة أدخلت في جميع المناطق ولها أكبر عدد من الأتباع (فيما يتعلق 
ببدايات هذه الطرقء؛ انظر الفصل الثامن فيما بعد). وفي القرن السادس 
عشر أدخلت هذه الطريقة في السودان الغربي بواسطة مركز النيجر العلمي 
العظيم في تمبوكتو. وفي الفترة نفسها نقلت إلى (لاهور) التي كانت تحتل 
مكانا مماثلا في شمال شرق أفريقيا. وكان أروع تحقق لهذه الطريقة هو 
جهاد الهوسا في القرن التاسع عشر بوحي من عثمان دان فوديو (1754- 
7). وفي العقود الأولى من القرن الحالي كان أتباعها نشيطين أيضا في 
تنظيم المقاومة ضد المستعمرين الألمان في تنغانيقا في ظل القيادة الملهمة 
للشيخ الصومالي عويس بن محمد البراوي (1909-1846) الذي أدت تعاليمه 
وكتاباته الغزيرة إلى نشوء العويسية. وهي إحدى فروع الطريقة التي لا 
تزال حتى اليوم شائعة جدا في الصومال الجنوبي وفي أجزاء من الساحل 
الشرقي. أما أول جهاد قومي (1920-1900) بقيادة الشيخ محمد عبدالله 
حسن )١1920-1864(‏ ضد المستعمرين البريطانيين والآثيوبيين والإيطاليين 
لبلاد الصومال غلم يكن مرتبطا بالطريقة القادرية بل بالصالحية التي 
كانت تناوتها بضراوة: والتي كانت مشتقة من طريقة سيدي أحمد بن 
إدريس الفاسي المكية المعروفة بالطريقة الأحمدية. وفي الشمال نجد أيضا 
الطريقة اف وصاحيها محمد أحمد )1885-1843( الف بالمهدي» في 
السودان. وهذه الطريقة لم تكن مشتقة من أي طريقة أخرى بل كانت 
تتجاوز الحواجز المذهبية. وتخاطب جميع المسلمين في مقاومتهم للسيطرة 
الخارجية. ومع ذلك وبالرغم من الفوارق في انتماءات زعماء الجهاد إلى 
الطرق المختلفة والمواقف المتعارضة التي تقفها الطرق نفسها في مختلف 
الأراضي المستعمرة: فإن الدلائل الوثائقية تدل على أن هذه الحركات كانت 
في الواقع على اتصالء وأن الطرق التي كانت موجودة في غربي السودان 


141 


تراث الإسلام 


أسهمت في إلهام المهدي في السودان الشرقيء. كما كان هو بدوره مثالا 
رائعا يحتذى بالنسبة للشيخ الصومالي محمد عبدالله حسن. 

وضي جميع أنحاء أفريقيا الواقعة إلى جنوب الصحراء الكبرى نجد أننا 
مدينون لزعماء الطرق الدينية المحليين؛ بالكثير من الأدب الديني والتاريخي 
Sally grt‏ العرمية وبالليجات العامة اة ر الى ى حى اليو 
وما زالت للطرق الدينية حتى اليوم أهميتها بوصفها أساسا طائفيا للعبادة, 
وهي تشكل عوامل مهمة في السياسة. وخصوصا في السودان حيث أورد 
al gigs WI‏ ما يزيد على عشرين منها. وبعد ذلك أصبحت الطريقة 
التيجانية التي أسسها أحمد التيجاني من فاس (توفي ۱815) والطريقة 
المريدية لصاحبها الشيخ أحمد بامبا (توفي عام 1927)- الذي يوم ضريحه 
في طوبا في السنغال أفواج من الحجاج من غرب أفريقيا-منافستين حاميتين 
للطرق القديمة في السودان الغربي. وأدخلت الحركة الأحمدية الهندية في 
هذه المنطقة عنصرا جديدا للنزاع» في حين أن المهاجرين الجدد من الهند 
والباكستان إلى شرق أفريقيا يشكلون الجماعة الشيعية الوحيدة في أفريقيا 
الواقهة جنوب الصحراء الكبرى. l‏ 

وفي كثير من الأحيانء ثمة تأكيد قوي على تقديس الأولياء كوسطاء 
يلجأ المرء إليهم لتقريب المسافة البعيدة التي يعتقد أنها تفصل الإنسان عن 
الله وعن بركة الرسولء وإن كان هذا التأكيد لا يقترن دائما بالطرق الدينية. 
وينطبق هذا الأمربصورة خاصة على السودان الشرقي وشمال شرق أغريقيا 
حيث ينسجم تقديس الأولياء إلى حد كبير مع التأكيد التقليدي على نسب 
السلف» رغم أن جميع من يقدسون ليسوا مجرد أسلاف أسبفت عليهم 
صفة الأولياء. وتشكل بعض الفرق الدينية مثل طائفة «سيد برخدله» في 
الصومال الشمالي الذي تعتبر زيارة قبره ثلاث مرات ذات أهمية دينية 
تعادل زيارة مكة مرة واحدةء وطائفة الشيخ «حسين بلياله» في جنوب 
شرقي أثيوبيا-هذه الفرق تشكل المركز المحلي لممارسة شعائر الدين. وهذه 
الطوائف تمثل كل ما احتفظ به الإسلام الشعبي اليوم من ذكرى سلطنتي 
إيفات وبالي اللتين تصدتا في القرون الوسطى للمملكة الأمهرية المسيحية 
المتوسعة؛ وكادتا لفترة قصيرة في القرن السادس عشر أن تطيحا بها كليا. 

مثل هذه الطرق. ومعها شعائر الإسلام السحرية؛ تشكل بالنسبة للرجال 


142 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


والنساء على السواءء وسيلة لتلبية الحاجات المتكررة التي لا تشبعها العقائد 
الأخروية الرفيعة للاسلام. ومن نفس المنطلق فإن استبعاد النساء المألوفَ 
من الطقوس الرسمية الرئيسية للاسلام كان يترك فجوة تملؤها الطقوس 
المحلية المتعلقة بمسائل الأرواح» مثل أرواح بوري لدى قبائل الهوسا وطقوس 
الزار في أثيوبيا والسودان والصومال وطقوس البيبو على الساحل 
السواحيلي. هذه العبادات تشتمل على مجموعة كبيرة من الأرواح المألوفة 
التي تتدخل لكي تعبر بأمانة عن الظروف المتغيرة للمجتمع. وهكذا ففي 
أثناء الحكم العسكري للواء عبود كانت أرواح الجنود شائعة جدا في السودان: 
في حين أنه حينما شكل أول فريق قومي سوداني لكرة القدم أصبحت 
أرواح لاعبي كرة القدم هي الشائعة. وهذه الأرواح كان يعزى إليها البلاء 
والمرضء كما يعزى إليها علاج هذه الحالات. وكان هذا دائما يكلف زوج 
المرأة التي تسكنها الأرواح نفقات لا تسرء كما كان يؤدي في آخر المطاف 
إلى دخول المرأة في حلقة من حلقات تقمص الأرواح. وهذه الجمعيات 
تشكل منفذا للتعبير عن اهتمامات النساءء وكثيرا ما تؤدي وظيفة علاجية: 
في حين أن الوقوع في حالة التقمص من حين لآخر يمكن الزوجة المعزولة 
والواقعة في ضيق من أن تمارس ضغطا على زوجها حين تفشل الطرق 
الأخرى. ويميل العلماء المسلمون إلى التنديد بهذه الطقوس واعتبارها خارجة 
عن الدين» إلا أنه بما أن القرآن ينص على وجود الجن الأشرار الذين 
ترتبط بهم هذه الطقوس عادة؛ فإنه يصعب إيجاد أساس عقائدي حاسم 
اتحريم هذه الطقوس:. 

ها هنا نجد بالفعل دليلا آخر على غنى المصادر الإسلامية 
الفينومينولوجية؛ وعلى الإمكانيات التي يقدمها الدين الإسلامي للتسامح 
إزاء الطقوس التقليدية ما دامت يمكن أن تنسجم مع الإطار القرآني. 
وهذه المرونة وانعدام الانفلاق الضيق الأفق هما اللذان يفسران قبل كل 
شيء شعبية الإسلام لدى الأفريقيينء وتسمحان للموارد الثقافية الغنية 
لأفريقيا الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى بأن تلون أنماط الإسلام المتنوعة 
في هذه المنطقة. 


آي.م. لويس 


143 


Bibliography 


In addition to the works referred to in the footnotes to this chapter there are 
recommended for further reading: 

I. Cunnison, Baggara Arabs (Oxford, 1967); M. Dupire, Peuples nomades 
(Paris, 1962); H. J. Fisher, Ahmadiyyah: a Study in Contemporary Islam on the 
West African Coast (London, 1963); G. S. P. Freeman-Grenville, The Medieval 
History of the Tanganyika Coast (Oxford, 1962); P. M. Holt, The Mahdist State 
inthe Sudan 1881-1808 (Oxford, 1958); M. Last, The Sokoto Caliphate (London, 
1968); I. M. Lewis, 

The Modern History of Somaliland (London, 1965); 

V. Monteil ,L Islam noir (Paris, 1964); J. Rouch, La Religion et la magie 
soghay (Paris, 1960); M. G. Smith Government in Zazzau (London, 1960); J. 
S. Trimingham, Islam in Ethiopia (London, 1952); idem, Islam in West Africa 
(London, 1959); idem, Islam in East Africa (London, 1964); idem, 

The Influence of Islam upon Africa (London, 1968). 


I. M. Lewis 


144 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


Central Asia :qsdiut 9d! lı Î - 2‏ 
كانت الآفاق الشمالية للمسلمين الأوائل من الجيل الذي عاصر محمدا 
(ص) محاطة بالإمبراطوريتين العظيمتين للبيزنطيين والساسانيين. أما 
المناطق التي تقع خلفهماء أي السهوب التي كان المرء يستطيع أن ينتقل 
خلالها من جبال الكاربات حتى lol‏ بحيرة بايكال وأطراف العالم الصيني 
دون أن يصادف عقبات باستثناء الأنهار الكبيرة» فلم يكن يعرف عنها إلا 
أقل القليل. وقد رويت عن الرسول أحاديث عن الأتراك؛: مثل الحديث 
القائل «اتركوا الأتراك ما تركوكم!*7». وهنالك حديث قدسي يروى عن الله 
على شكل تهديدء «يقول الله تعالى إن لدي جندا سميتهم الترك وأسكنتهم 
المشرق فإذا غضبت على قوم سلطتهم عليهم» . هذه الأقوال غير صحيحة 
وقد روجت فيما بعد. حين احتك الأتراك مع العالم الإاسلاميء وجمعت في 
ومعاصريه أي معلومات عن المناطق الواقعة فيما وراء خراسان أو شرقي 
فارس فلابد أنها جاءت من الأساطير والقصص الشعبية التى كانت شائعة 
في أنحاء الشرق الأدنى في ذلك الوقت, والقرآن الكريم يذكر (السورة (1B‏ 
الآيات 96-93 الماردين غوغ (608) وماغوغ (58هه31) كقبيلتي يأجوج ومأجود!*6) 
ويذكر كيف أن ذا القرنين أو الإسكندر الكبير كان قد بنى في الشرق جدارا 

من الحديد والتحاس لصد هؤلاء البرايرة 9 . 

على أن آسيا الداخلية لم تكن مجهولة لدى البيزنطيين والساسانيين. 
لأنه كانت ثمة اتصالات دبلوماسية وعسكرية وتجارية بين هاتين 
الإمبراطوريتين العظيمتين في الشرق الأدنى وبين شعوب آسيا الوسطى 
قبل ظهور الإسلام بمدة طويلة. وقد حاول كل من الفرس واليونان تأمين 
تحالف مع المملكة القوية للأتراك الغربيين (أو 1ذك101-1. كما يسمون في 
المصادر الصينية) الذين كان مركز قوتهم يقع إلى شمال قرة شهر في 
منطقة زنجاريا الحديثة في تركستان الشرقية. ويذكرون مثال ذلك أن 
الحاكم duals «Sul‏ يبغو gÍ Yabghu‏ الزعيم القبلي إيشتمي 1٣1۲ء۴‏ بعد 
أن فشل في الحصول على امتيازات تجارية من الفرس» تفاوض مع 
الإميراطور الييزنطى جوستين الثانى )578-565( فجاءت 3939 دبلوماسية 
إلى معسكر يبغوء وكثير من معلوماتنا عن هؤلاء الأتراك الأوائل تأتينا من 


145 


تراث الإسلام 


روايات هؤلاء المبعوثين اليونان"'. والواقع أن تسهيل التجارة كان دائما 
أحد الأهداف الأساسية لدول الشرق الأدنى في تعاملها مع إمبراطوريات 
السهوب المتعاقبة. فقد كان الصغديون النشطون» وهم السكان الإيرانيون 
لمدن وادي زارافشان في ما وراء النهر يتاجرون على شكل واسع مع شعوب 
السهوب وقد أقاموا علاقة مع الصين. واقيمت مستعمرات تجارية صغدية 
في أماكن وصلت حتى منطقة لوب نور شرقي حوض تاريم. وفي أعقاب 
هؤلاء الصغديين وصلت ثقافة العالم الإيراني ومعتقداته-وهي العادات 
الساسانية في الاحتفالات الملكية والأديان مثل المانوية والمسيحية النسطورية- 
إلى شعوب آسيا الوسطى. وبفضل الصغديين أيضا حصل الأتراك الأيغوريون 
على حروفهم الأبجدية. وأصبحت الكتابة الأيغورية فيما بعد إحدى الوسائل 
الرئيسية لانتشار الثقافة في آسيا الوسطى. ومنذ أيام الصغديين فصاعدا 
أصبح التاجر والمبشر الديني شخصيتين نموذجيتين على المسرح الآسيوي 
الداخلي. ومن خلالهما أصبحت هذه المنطقة المغلقة والمنطوية على نفسها 
على اتصال بالثقافات الأرفع منهاء والموجودة في المناطق المجاورة في الشرق 
الأدنى والهند والصين. 

كانت أول مرة يعبر فيها العرب نهر جيحون Oxus‏ في عام 654: لكن فتح 
ما وراء النهر كان شاقا وطويلاء لأن الأمراء الإيرانيين المحليين قاوموا 
بقوة. كما كانوا في مناسبات عديدة يستنجدون بالأتراك وحتى بالصينيين 
لمساعدتهم على صد الفاتحين. وهكذا فقد تحالف غوراك أمير الصغد 
عام 730 مع خاقان الأتراك الغرييين؛ أو التورغشء سو لو (والاسم معروف 
من المصادر الصينية فقط) ضد العرب. ولم يستطع العرب استعادة سيطرتهم 
على ما وراء النهر إلا بعد قتل سو-لو وما تلا ذلك من تجزئة إمبراطورية 
التورغش. ولم يتوطد الإسلام هناك إلا في العصر العباسي الأول أي في 
النصف الثاني من القرن الثامن. وقام القائد العربي قتيبة بن مسلم بغزو 
المنطقة المجاورة خوارزم عند مصبات نهر جيحون في عام 72ء فدفعت 
الأسرة المالكة لخوارزم شاه الجزية ودخل الإسلام المنطقة. وأخيرا أوقف 
التقدم العربي نحو الشرق أمام الحواجز الجبلية المتمثلة بجبال البامير 
وتيان-شان. أما الرواية الواردة في بعض المصادر التاريخية عن تغلغل العرب 
في كشغر في تركستان الشرقية"'" فربما كان من الواجب رفضها. 


146 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


وفي الوقت الذي كان فيه جنود البصرة وخراسان العرب يكافحون في 
الأراضي الوعرة والمناخ القاسي لآسيا الوسطىء» كان جيش الكوفة يغير 
عبر جبال القوقاز باتجاه سهوب جنوب روسيا. وقد وصلوا إلى دريند أو 
باب الأيواب في داغستان منذ عام 643. وبعد بضع سنوات واجهوا الترك 
الخزر الذين كانوا قد أسسوا مملكة قوية في أحواض نهر الدون والفولغا 
lau]‏ وعاصمتهم في آتيل أو أيتيل 101 or‏ ان۸1 . وقد صمدت دولة الخرز 
حتى نهاية القرن العاشرء إلى أن دمرها فيه. على ما يبدوء الروس كRu‏ 
والإسكندنافيون. ولم تحقق الجيوش العربية نجاحا دائما في شمال 
Dal‏ رغم أن الدين انتشر بصورة سلمية هو والمسيحية واليهودية بين 
الخزر'". وإلى شمال الخزرء في أواسط الفولغا وحول التقائه مع نهر 
(كاماكان) يعيش شعب تركي آخر هو شعب البلغار. وكان البلغار قد أصبحوا 
مسلمين جزئيا في مطلع القرن العاشرء ولكن يبدو أنهم أخذوا الدين ليس 
عن طريق الخزر-الذين كانوا ينظرون إليهم نظرة عداء-ولكن من خوارزم 
وآسيا الوسطى. وكان البلغار أبعد الشعوب الإسلامية في أقصى الشمال؛ 
وكان وقوع بلادهم في خط عرض مرتفع؛ بحيث كان نهارها قصيرا وليلها 
طويلا في الشتاء. وعكس ذلك في الصيف. مؤديا إلى نشوء صعوبات تتعلق 
بتأدية الصلوات الخمس في أوقاتها الصحيحة؛ وتتعلق بصيام شهر رمضان. 
ولقد أشار الرحالون مثل ابن فضلان وابن بطوطة (انظر أدناه) إلى هذه 
الصعوبات» وظل علماء قازان” من المسلمين التتر يكتبون الرسائل حول 
المسائل الشرعية ومسائل العبادات المتعلقة بهذا الموضوع حتى القرن التاسع 

كانت السلعة الرئيسية التي كانت تقدمها سهوب أوراسيا للعرب: بالطبع» 
هي الرقيق. فمنذ السنوات الأولى للاسلام كان هنالك طلب كثير على 
الأرقاء الذين يقتنون في المنازل» وفي خلال القرن التاسع الميلادي نشأت 
الحاجة إلى الأرقاء المستخدمين في الأغراض العسكرية (أي الغلمان 
والمماليك) الذين أخذوا يحلون محل ما بقي من الفرسان العرب الأحرار 
القدماء والحرس الخراساني للعباسيين الأوائل. وكان الرجال من جميع 
الأجناس يُدعون إلى الخدمة.ء ولكن الأتراك كانوا يفضلون على غيرهم. 
ففي كتب الحرب و «مرايا الأمراء» للكتاب المسلمين: يعتبر الأتراك هم 


147 


تراث الإسلام 


الجنس العسكري الممتازء فقد كانوا فرسانا ورماة ممتازينء شجعانا وأوفياءء 
وقد تمرسوا على الصعوبات والمكاره من خلال حياتهم السابقة القاسية في 
السهوب. أي أن هؤلاء الكتاب كانوا ينسبون إليهم بعضا من صفات «الوحش 
النبيل». وهكذا يقول الجاحظ في رسالة حول الصفات البارزة للأتراك: 
«والأتراك قوم لا يعرفون الملق ولا الخلابة ولا النفاق ... مع شعور قوي 
بائتضامن الوفاءء'. 

كان الحصول على الرقيق إذن دافعا قويا وراء جميع الغارات العربية!*6) 
تقريبا في داخل السهوب. وفي السهوب الغربية كان الخزر يتعاملون بتجارة 
الرقيق» وكانت أسواق «أتيل» تصدر الرقيق عبر القوقاس وإلى خوارزم. 
ولابد أنه كان بين هؤلاء الرقيق أتراك من مختلف القبائل؛ بالإضافة إلى 
السلافيين والشعوب الأوغرية مثل البورطاسيين؛ إذا كان لنا أن نقرن هؤلاء 
الأخيرين بالموردافيين اللاحقين. وقد ازدهرت القوى المسيطرة على ما 
وراء النهر وخوارزم» في السهوب الشرقيةء من جراء التجارة. وكان الرقيق 
الأتراك يشكلون جزءا مهما من الجزية التى كانت تدفعها هذه القوى إلى 
a patel AN‏ العراق: وكاتك الحدود القن ils cavea ds ot‏ 
بالرياظات أو التعاظ المحصنة المزودة بالغزاة أو المقاملين المكظوهين من 
أجل الدين. ولم تكن هذه الرباطات مجرد مواقع دفاعية ضد هجمات 
البدو الرحلء بل كانت أيضا نقاط انطلاق الغزوات إلى داخل السهوب؛ 
وكانت أعداد كبيرة من الرقيق تجلب إلى هذه الرباطات وإلى المدن الواقعة 
على الحدود مثل إسفيجاب وشاه. ووصلت تجارة الرقيق في عهد الأسرة 
السامانية في بخارى (1005-819) إلى ذروة التنظيم. ica estés‏ 
السامانية تسيطر على تصدير الرقيق وتفرض ضريبة على عبور جيحون 
تتراوح بين 70 و ۱00 درهم عن كل واحد من الرقيق الآتراك. وتطلب بالإضافة 
إلى ذلك رخصة لمرور كل واحد من الغلمان عبر أراضيها '. وبعد أن يحدد 
مركز الرقيق ضمن النظام العسكري الإسلامي كان يستطيع الترقي إلى 
أعلى مراتب القيادة أو يمكن أن يصبح حاكما لولاية مستقلة. فقد كان 
سبكتكين المؤسس للسلطة الغزنوية في أفغانستان وشمال الهند (1186-977) 
بالأصل تركيا وثنيا من برسخان (قرغيزيا السوفييتية اليوم) أسرفي الحروب 
القبلية وبيع في الأراضي السامانية9". 


148 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


وقد استمرت حركة تجارة الرقيق على نطاق واسع حتى الغزوات المنغولية 
وبعدها. وقد نشأت مجموعة سلاطين المماليك”7 من الحرس الأرقاء 
للسلاطين الأيوبيين (أسس هذه السلالة صلاح الدين الشهير)ء وكانت هذه 
السلالة تشكل أرستقراطية عسكرية من الأرقاء حكم زعماؤها كسلاطين 
مستقلين في مصر وسوريا من سنة ١250‏ حتى الغزو التركي عام 1517. 
وبعد ذلك أصبحوا الطبقة الحاكمة في مصر حتى بداية القرن التاسع 

وبما أن الأقاليم الإسلامية الوسطى والشرقية كانت تحت سيطرة 
الخانات المنغوليين العظام في البداية ثم تحت سيطرة أتباعهم الإيلخانات, 
وكلا الفريقين معاد للمماليك, فقد كان لابد لمصادر الرق أن تكون هي 
السهوب الغربية بالنسبة للمماليك الذين كاثوا يستخدمون الطرق التجارية 
عبر الأناضول أو عبر المضائق. وكانت الأجيال الأولى للمماليك بصورة 
رئيسية من الأتراك التركمان والقبجاق من سهوب جنوبي روسياء ولكن منذ 
الجزء الأخير من القرن الرابع عشر فصاعدا أصبحت منطقة الشركس 
(سيركاسيا) في القوقاز المصدر الدائم لتزويد صفوف المماليك بالرجال”'. 

على أن الحروب والغارات التي كانت تشن بقصد الحصول على الرقيق 
لم تكن أبدا النشاط الوحيد على طول الحدود الإسلامية مع آسيا الوسطى. 
فقد كانت هنالك فترات طويلة من الاتصالات السلمية. وقد كان الاقتصاد 
الزراعي للواحات الخراسانية وواحات ما وراء النهر يتمم الاقتصاد الرعوي 
لمناطق السهوب» وكانت الإبل والأغنام تربى في أطراف السهوب من قبل 
قبائل تركية مثل قبيلتي أوغوز وقارلوق. وكانت هذه المواشي بالإضافة إلى 
glad‏ وجات الأليان pastas‏ بالتشجاك الزرافية والصحنة يروي 
الجغرافي ابن حوقل في القرن العاشر أن مدن سرخس في خراسان الشمالية 
كانت مستودعا للدواب؛ وتزود كلا من مدن ما وراء النهر وخراسان» ووجد 
رحالة بريطاني في أوائل القرن التاسع عشر وهو ج. ب. فريزر 26562 .1.8 
أنها كانت لا تزال سوقا كبيرا للخيول والمواشي الآتية els UP seul oua‏ 
تكن المنتجات تأتي إلى العالم الإسلامي من السهوب فقطء ولكن أيضا من 
المناطق الواقعة بعدها: من الغابات النفضية في روسيا الوسطىء» ومن 
غابات سيبيرياء وحتى من الشرق الأقصى. ويظهر هذا بوضوح في تعداد 


149 


تراث الإسلام 


المستوردات التي أوردها المقدسي الجغراضي (المتوفى عام 985). يقول/*8) 
إنها كانت تحضر من بلغار فراء السمور والسنجاب والفاقم والمنك وابن 
عرس والتعلب» بالإضافة إلى sole‏ القندس والآرنب البري المرقش والماعز 
البري. كذلك كان يستورد من هناك الحديد والسهام والمراكب المصنوعة 
من خشب البتولا والقبعات القرو وغراء السمك وأسنان السمك (الفظ): 
ونبات الخروع والعنبر وجلود الجياد المدبوغة والبندق والنسور والسيوف 
والدروع وخشب القبقب والرقيق الصقلبي (السلافي) والأغنام والماشية. 
ومقابل ذلك كانت خوارزم تصدر المنتجات الزراعية والمصنعة بما فيها 
الأعناب والزبيب والحلويات والسمسم والعباءات والسجاد والقماش الخشن 
والبروكار الساتائي من ثوعية تصلح للهداياء وأغطية من القماش لحمته 
من الحريرء والأقفال والملابس الملونة والأقواس التي لا يقوى على ثنيها إلا 
الأقوياء والجين والخميرة والسمك والقوارب'. 

لقد كانت هذه التجارة هي التي جعلت النقود الإسلامية تنتقل عبر 
الطرقات النهرية الروسية إلى شمال أوروبا. وهذه النقود التي كانت تتألف 
أساسا من دراهم فضية سامانية ضربت في القرنين التاسع والعاشر 
الميلاديينء وجدت بعشرات الآلاف في أنحاء روسيا والسواحل الإسكندنافية, 
ووجدت قطعتان منها حتى في أيسلندا . ثم إن الملك الإنجليزي أوفامن 
مرسيه (796-757) صك قطعته النقدية الذهبية الشهيرة على غرار الدينار 
SQUE‏ 

كان سكان السهوب يعملون كوسطاء تجاريين مع المناطق الشماليةء ولم 
يعرف أن رحالة أو تجارا مسلمين قد سافروا إلى تلك المناطق. ويبدو أن 
المعلومات المتفرقة الموجودة في المصادر الإسلامية قد جمعت من الذين 
زاروا المناطق المتوسطة مثل تميم بن بحر في أراضي أويغور التابعة لمنغوليا 
الخارجية؛ وابن فضلان في بلغار (انظر أدناه أيضا) أو أنها جمعت من 
المبعوثين والرحالة القادمين من الأجزاء البعيدة للعالم الإسلامي» مثل مندوبي 
كي-تان من شمال الصين؛ أو من الأويغور الذين جاءوا إلى محمود الغزنوي 
حوالي سنة 1027. فبالنسبة إلى المسلمين كانت الأراضي الواقعة باتجاه 
«بحر الظلمات» أي المحيط المتجمدء بعيدة ومخيفة. وكانوا يعرفون أنه 
توجد شعوب مثل (ويسو) و (يورا) تعيش إلى شمال بلغار. وهي تسافر عبر 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


الثلوج على زحافات أو أحذية ثلج وكانت تجارتهم مع البلغار (على الأقل 
بالنسبة إلى اليوريين) تجري بالمقايضة الخرساء. والويسيون هم بصورة 
عامة الفيس والفنلنديون واليوريون أو اليوغريون هم الشعوب الأوغرية مثل 
الأستياكيون والفوغوليون الذين كانوا يعيشون بين نهر بكورا وجبال 
PPL gill‏ وكان المسلمون يميزون بين الروس jl Rus‏ الفارنجيين (أي 
المغامرين الإسكندنافيين الذين استكشفوا المجاري النهرية الروسية والذين 
أطلقوا سفنهم في سواحل بحر الخزر. ونهبوا مدينة بردعة الإسلامية في 
أران عام 943) وبين السلافيين الغربيين في أوروبا الوسطى. (كان اسم 
الملك سفيتو بلوك الأول المورافي والذي حكم من 870 إلى 894 معروفا لدى 
المؤرخ المسعودي بعد بضعة عقود فقط) لكنهم كانوا يتجهون إلى الخلط بين 
سلافيي روسيا الشرقيين وبين الروس (الإسكندنافيين). والروايات 
الإسلامية مثل روايات «حدود العالم»” التي لا يعرف مؤلفها (كتبت بعد 
2 ) وروايات المروزي"" (نهاية القرن الحادي عشر أو بداية الثاني عشر) 
تذكر بين شعوب سيبيريا الشمالية: الغوريين أو القوريين» ويبدو أن موطنهم 
فيما وراء بحيرة بايكال في منطقة جبال خانقان» ولذا ربما كان أصلهم من 
لحوم البشر المتوحشين وأنهم يتكلمون لغة لا يفهمها غيرهم وأنهم يجامعون 
زوجاتهم على طريقة الحيوانات22) More animalium‏ . ومن هذہ المناطق 
الشمالية الشرقية التي كان يأتي العقار الثمين والترياق المضاد للسموم 
«الختو» ««إناط»! والكلمة تطلق في اللغة الصينية على عاج الفظ والنرول, 
ولكن ريما كانت تعني للمسلمين قرن الكركدن أو حتى عاج الماموث 
اا 2 

كانت علاقات بلاد ما وراء النهر مع العالم الصيني» كما ذكرنا آنفاء 
ينظرون إلى الصين كموطن البضائع الكمالية الدقيقة الصنع. يعلق الكاتب 
الثعالبي من نيسابور في القرن الحادي عشر على ذلك فيقول: «إن العرب 
كانوا يسمون كل إناء دقيق أو غريب الصنع وما شابه ذلك بغض النظر عن 
مصدره الحقيقي باسم الصيني لأن الأشياء الدقيقة الصنع من اختصاص 


تراث الإسلام 


الألوان وأقمشتهم المطرزة بخيوط الذهب ومعاطفهم المحمية من المطر 
بواسطة الشمع. ومناديل المائدة المصنوعة من الحرير الصخري ومراياهم 
المصنوعة من الفولاد“ . ولا شك فى أن بعض هذه المنتجات كانت تصل 
إلى المسلمين بواسطة الطريق البحري الذي يدور حول سواحل جنوب 
شرقى آسيا والهند. وكانت هناك فى القرن الثامن مستعمرة مزدهرة من 
التجار الأجانب في كانتون ومن بينهم التا-شي (العرب) والبو. زي (الفرس 
من سيراف؟) وكانت هاتان الفئتان قويتين إلى حد أنهما ثارتا في عام 758 
على السلطات الصينية. ومن المحتمل أن يكون خزف أسرة تانع المالكة 
الذي وجد في حفريات القصور العباسية في سامراء (وهي مركز الخلافة 
من 836 إلى 889): قد وصل إلى العراق عبر المحيط الهندي والخليج 
الفارسي29. على أنه يبدو من المحتمل أيضا أن البضائع الصينية كانت 
تأتي على الطريق الطويل والخطر جدا عبر آسيا الوسطىء كما هو الحال 
بالنسبة لبعض البضائع الخاصة بالتيبت مثل المسك وأذناب الياك والذهب؛ 
وكان الخزف الصينى All Chini faghfuri)‏ الإميراطور»» بين الهدايا 
التي أرسلها والي خراسان علي بن عيسى Polaka‏ إلى هارون الرشيد. 
وخلال الفترة التي كانت فيها الخلافة لا تزال في حالة توسع» ثم حين 
قامت الدول المحلية القوية مثل دولة السامانيين والغزنويين في العالم 
الإسلامي الشرقي (من القرن التاسع حتى الثاني عشر) لابد أنه كان هنالك 
عدد لا بأس به من الرحالة والمبعوثين المسلمين الذين تغلغلوا فى آسيا 
الداخلية. وعلى نطاق أضيق: كان التجار والدراويش والمبشرون المسلمون 
يسافرون إلى السهوب. وليس لدينا إلا معلومات محددة قليلة عن تلك 
الفثات» ولكن بقيت روايات عن بعض البعثات السياسية والدبلوماسية 
محفوظة بشكل مجزأ ضمن المؤلفات الجغرافية الكبيرة. وهكذا يرد ذكر 
بعثة أرسلت إلى الأتراك في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك (724- 
3. وفي عهد الخليفة الوائق (847-842) أرسل سلام الترجمان (ويقال إنه 
كان يعرف ثلاثين لغة) إلى جدار يأجوج ومأجوج للتآكد من رواية تقول إن 
السد الحاجز قد اخترق وليس غريبا أن تكون روايته مجرد قصة مبالغ 
فيها يرويها رحالة. ولا تزيد رواية الأديب والرحالة أبودلف مسعر بن 
مهلهل قيمة من الناحية التاريخية عن الرواية السابقة. ففي هذه الرواية 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


يتحدث عن رحلته عبر آسيا الوسطى بصحبة بعثة صينية عائدة من بلاط 
بخارى الساماني حوالي عام 940. فيصف مختلف القبائل التركية التي مر 
في أراضيها بما فيها البشناق والكيموك والأوغوز والقرغيز والقارلوق... 
الخ. وتتضمن التفاصيل التي ذكرها القصة المعروفة عن «حجر المطر» عند 
الأتراك (ترياق Gls cul (Yada - tash‏ كهان الشامان يستمطرون السماء 
بواسطته. ولكن رغم أن كثيرا مما رواه كان حقيقياء فإن من المستحيل أن 
نستدل من روایته علی مسار منطقي لرحلته . 

ومن جهة أخرى فإن رواية تميم بن بحر المطوع (المقاتل المتطوع من أجل 
الدين) ورحلته إلى الإيفوريين-وقد بقيت لسوء الحظ بشكل مختصر- أ عطت 
شارات هة هلق عض ISLAM‏ الغامضة لآنيا الروسطى: Linguae g‏ 
فيما يتصل بالعلاقة بين الأويغوريين وبين شعب تركي آخر ورد ذكره كثيرا 
وهو شعب التوقوز-أوغوز ''. وتتصف رواية تميم بالرزانة ولا تهتم بالتنميق 
الناجم عن ذكر العجائب. ومن المحتمل أن يكون قد قام برحلته في أوائل 
القرن التاسع: وأنه وصل إلى عاصمة الأويغور: قره بلاساغون على تهر 
أورخون في مونغوليا الخارجية. ومن بين الأمور العديدة التي يذكرها: 
اعتناق الأويغوريين الحماسي للمانوية وعلاقاتهم الوثيقة مع الأباطرة 
الصينيين. وأما رواية أحمد بن فضلان عن رحلته من خوارزم عبر 
السهوب إلى بلغار في عام 921 فهي ذات قيمة بالغةء إذ تعطينا معلومات 
ge‏ شعوب السهوب الفربية في الترن العاشر: ضفي ذلك الوضت كان ملوك 
البلغار الذين اعتنقوا الإسلام منذ عهد قريب يهدفون إلى تقوية الصلات 
مع الخلافة العباسية من أجل الحصولء إن أمكن: على العون ضد الأسياد 
الإقطاعيين الخزر الذين كانوا يفرضون سلطتهم على البلغار. كان لابد من 
القيام بالرحلة في الربيع والصيف, ولكن حتى مع هذا فقد بدأت قافلة ابن 
فضلان الرحلة في طقس بارد ومثلج. وفي هضبة أوست أورت بين الآرال 
وبحر قزوين قابلوا جماعة من الترك الأوغوز كانوا هائمين: «كالحمير 
المتوحشة». هؤلاء البدو الرحل كانوا لا يعرفون أي دين إلا أنهم كانوا يقدسون 
المياه الجارية. مما اضطر التجار المسلمين في القافلة أن يقوموا بالوضوء 
في وقت متأخر من الليل في منأى عن أنظار الأتراك. ولوحظ فيما بعد 
وجود تقديس مماثل للماء في الياسا أو قانون المنغول القبلي. وكان من 


تراث الإسلام 


عاداتهم أيضا إقامة تماثيل خشبية على قبر الرجل العظيم تمثل محاربين 
مقتولين قد يسهرون على خدمته في الحياة الأخرى؛ وهذه التماثيل تقابل 
الأعمدة الحجرية أو «البلبال» للأتراك الأورخونيين. كان ابن فضلان يعتقد 
أن الأوغوز متوحشون تعاماء:وإن كان قد هلق تعليقا حمننا خول كرهفهم 
للزنا واللواط. فشهادته تكاد تكون مادتنا الوحيدة عن تاريخ الفترة السابقة 
على الأتراك السلاجقة الذين انبثقوا من الأوغوزء والذين اجتاحوا في 
القرن الحادي عشر القسم الأكبر من الشرق الأوسط وأقاموا سلطنتهم 
الخاصة. وفي بلغار أبدى ابن فضلان تعجبه من ليالي الصيف القصيرة: 
ومن بعض الظواهر مثل الأنوار الشمالية. كان البلغار نصف بدو رحل 
ونصف مقيمين» لكن الإسلام لم يكن قد شاع بينهم» وروى أن البلغار الوثنيين 
كانوا يضحون برجال على جانب كبير من الذكاء من أجل الآلهةء وأن تآثير 
الكهنة الشامان كان لا يزال كبيرا فيهه/”. كذلك لاحظ أهمية التجارة بين 
البلغار. وقد ازدادت الصلات التجارية مع الأراضي الإسلامية الداخلية 
في القرن التالي. وفي بداية القرن الحادي عشر كان يمكن أن يكون لتاجر 
من نيسابور شريك في بلغار. وفي سنة 1024 نجد الملك البلغاري يرسل 
النقود من أجل إصلاح المساجد في واحة بيهق الخراسانية أو سبزاغار!9©. 
لقد سبق أن ذكرنا أننا لا نعرف إلا القليل عن كيفية اعتناق أتراك 
السهوب للأسلاخ. لكن ما أن جاء القرن السادس عشر حتى كانت جميع 
الشعوب التركية في أوراسيا قد أصبحت مسلمة:؛ باستثناء بعض الشوفاش 
وبعض التتر الياقوت والآلتاي الذين كانوا ما يزالون يؤمنون بالأرواح» بعد 
أن حل الإسلام مكان الأديان الأخرى التي كانت تنافسه مثل المسيحية 
والمانوية والبوذية. وكانت أعمال التبشير بالدين لا تتم على يد المؤسسة 
الدينية الرسميةء بل على أيدي الدراويش وغيرهم من المتحمسين للدين 
الذين كانوا يبشرون برسالة بسيطة قوامها نار جهنم: وهي رسالة كان 
سكان السهوب يفهمونها . واعتنقت الجماعة الشرقية من الأتراك القارلوق 
(الذين جاء منهم على الأغلب سلالة القره خانيين وهم ورثة السامانيين في 
بلاد ما وراء النهر) الإسلام في العقود الوسطى للقرن العاشر. وهناك 
واحد ممن كانوا “Boa pelt clan‏ اسمه: وهو آبو الحسن كلم ]في 910, 
ضفي بداية القرن الحادي عشر اعتنق uli sS us‏ السنوميوق D^ Ossa!‏ 


154 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


جماعة الأوغوزء بمن فيهم أسرة سلجوقء الدين الجديدء لكن انتشار الإسلام 
فيما أصبح يدعى خلال ذلك القرن بسهوب القبجاق كان بطيئًا . وحتى في 
نهاية القرن الثاني عشر كان قبجاق منطقة سيحون السفلى وثنيين في 
معظمهم. وكان الخوارزميون الشاهيون يجندونهم في جيوشهم» وكانت 
وحشيتهم تجعل الجنود الخوارزميين مكروهين في فارس . 

ونظرا إلى أن إدخال الدين إلى السهوب جرى بصورة رئيسية على أيدي 
الصوفية والأتقياءء وليس على أيدي العلماء المتشددين: فقد أظهر الإسلام 
هناك مرونة كبيرة من حيث المعتقدات والعبادات. ولقد اعتنق الأتراك 
بصورة عامة المذهب الحنفي المتسامح نسبيا . ويعلق ابن فضلان: الذي كان 
شافعياء على ذلك معرضا بعادة البلغار في معاقرة «البوظة» وهي شراب 
pores‏ من العسل والقمح. وبعد أربعة قرون لاحظ ابن بطوطةء الذي كان 
مالكياء شيوع عادة شرب «النبيذ» في السهوب» وهو شراب مخمر مصنوع 
من حب الدخن. كما أن الإسلام لم يقض فورا على المعتقدات المتعلقة 
بالأرواح لدى الأتراك» بل كان هنالك تدرج في استيعاب العقيدة الجديدة 
والتكيف معها في هذه المناطق الواقعة في أطراف العالم الإسلامي. كما 
كان عليه الحال في الهند وإندونيسيا وأفريقيا السوداء. فقد كان الأتراك 
يبدون لأحد الأولياء الصوفيين وهو أحمد يسوى (المتوفى عام :)١166‏ الذي 
كانوا يقدسون قبره في الحوض الأسفل من نهر سيحونء احتراما مساويا 
لذلك الذي كانوا يبدونه لكهنة الشامان الأتراك. بل إن العالم التركي الحديث 
فؤاد كوبرولو قد اهتدى إلى عناصر من الماضي الشاماني في الشعائر 
الدينية للطر يقة اليسوية التي أسسها OP) soot‏ 

وفي القرن الثامن عشر هاجر «الخيطان» أو القره خطاي البوذيون 
(والاسم الأخير هو الذي عرفوا به في العالم الإسلامي) باتجاه الغرب من 
شمال الصين وفتحوا بلاد ما وراء النهر. وقد أدى انتصارهم على السلطان 
السلجوقي. سنجرء إلى اعتقاد أوروبا المسيحية بأنه يوجد وراء البلاد 
الإسلامية ملك قوي مناهض للاسلام ولذا فقد افترض أنه مسيحي. 
وهذا الملك هو القسيس أو الراهب يوحنا الشهير. وفي القرن التالي أقام 
المغول إمبراطورية شاسعة عبر آسياء ووصلت على أثر ذلك موجة جديدة 
من التأثيرات السياسية والعرقية والثقافية إلى العالم الإسلامي من سهوب 


تراث الإسلام 


آسيا الداخلية والشرق الأقصى. وبفضل الكتبة الأوريغوريين الذين كانوا 
يعملون لدى المغولء وهم «البيتيكشيون». 

أصبحت الكتابة الأوريغورية معروفة فى الشرق الأدنى وإلى الغرب 
حتى مصر المملوكية. واستعملها العثمانيون في بعض الأحيان حتى القرن 
الخامس عشر. أما فى الغرب فظهرت الممارسات الصينية. ففى سنة 1294 
أدخل إيلخان كيخاتو المنغولي”" في فارس عملة ورقية على غرار العملة 
الصينية وأدى ذلك إلى نتائج اقتصادية وخيمة . وفي الحقل الفني استفاد 
التراث المحلي من اختلاط المؤثرات الصينية التي تتضح في أساليب التصوير 
والخزف وكان المغول قليلى العدد نسبيا فى الغرب» غير أن أعدادا كبيرة 
من الترك تدفقت من آسيا الوسطى مما أسرع في عملية صبغ مساحات 
شاسعة من الشرق الأوسط مثل الأناضول وما وراء النهر وأجزاء من فارس» 
بالصبغة التركية. أما في داخل السهوب نفسها فقد ترأس أحفاد ابن 
جنکیز خان» «جويشى»: اتحادين من اليدو والأتراك المغول وهما القبيلة 
الذهبية في جنوب روسيا والقبيلة البيضاء في غرب سيبيريا. واستمر 
الاتحاد الأول أكثر من قرنين. وبفضل اتصالاته التجارية مع الأناضول 
والمناطق الخاضعة للمماليك أصبح مندمجا إلى حد ما مع العالم الإسلامي 

Droa. y 
O32 

وتشكل روايات ابن بطوطة المراكشي» وهو أكثر الرحالة المسلمين سفرا 
وجرأة في العصور الوسطى. مصدرا مهما لتاريخ القبيلة الذهبية والسلالة 
الشقيقة للجغطائيين فى ما وراء النهر. فقد شملت رحلاته بلادا واسعة 
من غرب أفريقيا إلى الصين. ففي 1۱333-1332 عبر جنوب روسيا إلى عاصمة 
القبيلة الذهبية «سراى» m‏ نهر الفولغاء وكان سفره فى إحدى cal a‏ 
الكبيرة المغطاة بخيمة؛ والتي تعتبر وسيلة مألوفة للانتقال عبر السهوب 
منك أيام السكيثيين 5دمنطاتزطء5. ويؤكد ابن بطوطة أنه زار يلاد البلغار 
مدفوعا بالرغبة فى التأكد من أن ليالى الصيف هناك قصيرة بقدر ما 
روي gie‏ غير أنه من المتفق عليه أن liala dilg)‏ وهي من دون شك 
منقولة عن الروايات التي سمعها من البلغار في سراي. ثم سافر من الفولغا 
إلى خوارزم راكبا عربة تجرها الإبل. ووجد الرحلة خطرة وشاقة مثل سلفه 
saf‏ خضل . )6 
بن ن 


156 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


لقد ظل الدين والثقافة الإسلاميان يتغلغلان في السهوب الأوراسية 
إلى أن أوقفتهما الحركة التوسعية الروسية؛ وأجبرت الإسلام على اتخاذ 
موقف الدفاع في مناطق حوض الفولغا والقوفاز وسيبيريا. ولقد كان الإسلام 
في القرون السابقة قد تغلب على الأديان المنافسة؛ مثل المسيحية اللاتينية 
والتسطورية والمانوية» ولم يصمد أمام ديناميكيته إلا البوذية اللامية التي 
اعتنقها المغول. وهكذا كان التأثير الحضاري للاسلام عاملا رئيسيا في 

التطور التاريخي لآسيا الداخلية. 
كليفورد . !. بوزورث 


157 


Bibliography 


There is no single work specifically devoted to the Islamic frontiers in Centrtl 
Asia, but much useful background information can be derived from W. Barthold, 
Turkestan Down to the Mongol Invasion (3rd edn., London, 1968); idem, 
Histoire des Turcs d'Asie Centrale (Paris, 1945); R. Grousset, L'Empire des 
steppes (4th edn., Paris, 1952); and G. Hambly (ed.), Zentralassen (Fischer 
Weltgeschichte, Band 16) (Frankfurt, 1966). 

On Islamic trade connections with eastern Europe, see the outdated but still 
useful book of G. Jacob, Der nordisch-baltisch Handel der Araber im Mutelalter 
(Leipzig, 1887, reprinted Amsterdam, 1966), and R. Hennig, ‘Der Mittebal- 
terliche arabische Handelsverkehr in Osteuropa, Der Islam, xxii (1935), 239- 
64. Amongst the accounts left by Muslim travellers, for Ibn Fadlan, see A. Z. 
V. Togan, Ibn Fadlans Reisebericht (Abh. fur die Kunde des Morgenlandes, 
xxiv/3 (Leipzig, 1939), or M. Canard, ‘La Relation de voyage d’Ibn Fadlan 
chez les Bulgares de la Volga Annales de l'Institut, l'Etudes Orientales d'Alger, 
xvi (1958), 41 146; for Abu Dulaf, See G. Ferrand, Relations de voyages et 
textes geographiques arabes, persans et turcs relatifs a l'Extréme-Orient des 
VIIIe au XVIIIe siécles, i (Paris, 1913), 89-90, 208-31; and for Ibn Battuta, see 
H. A. R. Gibb's abridged translation, Travels in Asia and Africa 1325-54 
(London, 1929), and his full translation, the Travels of Ibn Battuta A. D. 1325- 
54, ii (Hakluyt Society, 2nd series, vol. cxvii) (Cambridge, 1959). 


C. E. bosworth 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


dead | — 3‏ 
إن الحدود الإسلامية للهند هي نفسها عامل مهم في تاريخ الإسلام 
السياسي والاجتماعي وإلى حد ما الديني. ففي الهند وجد الإسلام نفسه 
وجها لوجه مع دين من أقدم الآديان وحضارة من أقدم الحضارات في 
العالمء هما الهندوسية. وهناك أقام الإسلام لنفسه إمبراطوريات عظيمة 
في شبه القارة. وحفظ التراث الإسلامي الحنيف. كما فعل في مصر 
وشمال أفريقياء حين اجتاح المغول الأقاليم الداخلية للاسلام. وأخيرا فإن 
الهند هي أحد الأماكن التي شعر فيها الإسلام لأول مرة بتأثير الغرب 

السياسي والفكريء وبتأثير المؤسسات الغربية. 

وصل المسلمون إلى الهند على ثلاث موجات مميزة. فقد وصل العرب 
المسلمون إلى سواحل جنوبي الهند كدعاة للدين وتجار كما فعل أسلافهم 
الوثنيون قبلهم؛ ورغم أنهم جاءوا بأعداد قليلة فقد استمر وجودهم حتى 
القرن الخامس عشر. وما زالت المستوطنات التي أقامها هؤلاء الوافدون 
المسلمون مثل مستوطنة الموبلاء موجودة على ساحل مالابار. ويتمثل موقف 
الإسلام الفكري من بعض جوانب الحياة الهندوسية في ذلك الوقت” . في 
رواية تاجرين عربيين وهما سليمان (حوالي عام ا85) وأبو زيد حسن 
السيرافي (حوالي عام 916). 

كان بعض القادة في جيش عمر بن الخطاب قد خططوا لفتح الجزء من 
الهند الذي يعرف الآن بالسند (في الجزء الأسفل من نهر السند أو الأندوس)ء 
لكنه لم يشجع ذلك. ثم نظم الحجاج بن يوسف حملة ناجحة في عهد 
الأمويينء قادها محمد بن القاسم في عام ١١7م.‏ وقد نتج عن هذه الحملة 
ضم السند (مع جزء من البنجاب السفلي) إلى الخلافة الأموية. 

ثم انتقل هذا الإقليم إلى الإسماعيليين””' الذين احتفظوا به حتى 
هزمهم محمد بن سام الغوري عام ۱۱75ء وبعد ذلك أصبح ذلك الإقليم 
جزءا من سلطنة دلهي» وبذا انضم إلى التيار الرئيسي للقوة الإسلامية في 
الهند. 

كانت بلاد السند الإقليم الوحيد الذي حكمه العرب مباشرة أو الذي 
احتك بهم مباشرة. ورغم أنه كان إقليما بعيدا عن الخلافة فقد كان الطريق 
الرئيسي الذي انتقلت من خلاله العلوم الهندية إلى بغداد. وقد زار السند 


159 


تراث الإسلام 


العربية جغرافيون مسلمون كالمسعودي (توفي عام 956) وابن حوقل 
والأصطخري وتركوا أوصافا طريفة لهذا CPB‏ 

وسلكت الموجة الثالثة والآخيرة والمستمرة للفتح الإسلامي للهند والهجرة 
إليها طريق ممرات أفغانستان الشمالية الشرقية. وقد بدأت بغزوات محمود 
الغزنوي (1030-998) وتأسيس السلطة الغزنوية في البنجاب. وفي عهد 
الغزنويين أصبحت لاهور قاعدة أمامية للثقافة الإسلامية في الهند. وأخذ 
مسلمو البنجاب الغزنويون يتكلمون لغة مشابهة للبنجابية الحديثة وأغنوها 
بخليط قوي من الكلمات الفارسية. وقد تطورت هذه اللغة فيما بعد لتصبح 
اللغة الأوردية التي أصبحت اللغة الرئيسية الرابعة للعالم الإسلامي بعد 
العربية والفارسية والتركية“'. 

وتلا الغزنويين الغوريو. فقد آنهى محمد بن سام الغوري حكم الغزنويين 
في البنجاب عام ١186‏ واحتل هو وقواده في سلسلة من الغزوات القسم 
الأكبر من شمال الهند؛ وأسس دولة إسلامية هناك هي سلطنة دلهي (602- 
2ه/1555-1206). 

كان قطب الدين أيبك )1210-1206( gy‏ من مماليك محمد بن سام أول 
حاكم في سلالة «السلاطين المماليك», وهم من أصل تركي وثقافة فارسية. 
وقد دعم «ألتتمش» السلطنة (1236-1211) بقوة وأصبح بلاطه في دلهي 
مركزا مزدهرا للثقافة الإسلامية. ولقد كانت لألتتمش نزعات دينية وصوفية 
قويةء وبتشجيع منه توطدت الصوفية كقوة روحية بارزة في الهند خلال 
العصور الوسطىء وكانت تمثلها طريقتان صوفيتان: الطريقة السهروردية 
والطريقة الجشتية اللتان سيطرتا بأفكارهما على المذاهب الدينية في 
الإسلام الهندي. وكان آخر حاكم بين السلاطين المماليك هو بلبان -١266(‏ 
7) الذي وقف في وجه المغول على الحدود الهندية بعد أن دمروا بغداد 
ale‏ 1258 . وبالرغم من أن سلالته لم تدم طويلا بعده فإن السلطنة نفسها 
كانت وطيدة الجذور في التربة الهندية عند موته. 

وكانت الأسرة الحاكمة التالية. وهي أسرة الخليجيين (1320-1290): من 
أصل أفغاني. وقد حول علاء الدين (1316-1296): أقوى حكامهاء السلطنة 
إلى إمبراطورية إذ استولى على شبه القارة كلها تقريبا. ورغم أنه كان أميا 
فقد فرض التقيد بالمذهب الحنفي على أتباعه المسلمين. وفي ذلك الوقت 


160 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


وصل تأثير صوفية ابن عربي التوحيدية إلى الهند. ووصلت إلى حلول 
وسط مع بعض العناصر المحلية ذات الأصل الهندوسي. ووصل الشعر 
الهندي-الفارسي إلى قمته في أعمال أمير خسرو الذي تبدأ معه أيضا 
عملية التمازج بين الموسيقى الإسلامية والهندية. 

وكانت أسرة «تغلق» الحاكمة تركية لكنها اكتسبت الصيبغة الهندية بصورة 
جزئية. وقد سعى محمد بن تغلق لدى المستكفي العباسي في القاهرة 
للحصول على الولاية. وحصل عليها عام 1343ء وحاول أن يقيم علاقات مع 
حكام العالم الإسلامي الآخرين» لكنه خسر القسم الأكبر من الإمبراطورية 
في الهند على أيدي الحكام المتناحرين الذين أقاموا ممالك إقليمية كما 
استولت مملكة فجينا غاز الهندوسية على الجزء الجنوبي من (هضبة) 
الدكن. وكان محمد بن تغلق غير متوازن. غريب الطباع» بل شديد القسوة 
بطبعه» لكنه كان على جانب كبير من الثقافة ويهتم بالعقلانية ولا يثق 
بالصوفية. وقد زار الرحالة المغربي ابن بطوطة الهند أثناء حكمه وأعطي 
مناصب عليا في الدولة. وقد ترك لنا وصفا مهما للهند في ذلك العصر ”© . 
وكان الحاكم الذي جاء بعده وهو فيروز تغلق متديناء حكم الدولة حسب 
الشريعة الدينيةء وأصدر قانونا يهدف إلى إلغاء جميع العقوبات الجسدية 
المخالفة للشريعة ورعى الدراسات الدينية. وقي عهد خليفته محمد ابن 
فيروز صنف مؤلفان مهمان في الشريعة الإسلامية في الهند. هما «فقه 
فیروز شاهي» وفتاوی تاتا رخاني». 

على أن غزو تيمو لنك (1398) أضعف سلطنة دلهى إلى حد كبير. وكانت 
الأقاليم قد بدأت تنفصل عنها ونشأت في الأقاليم ممائك إقليمية كان 
لبعضها سمات ثقافية مميزة. وكانت البنغال» وهي من الأقاليم البعيدةء قد 
استقلت من قبل. وحكمتها عدة أسر حاكمة؛ منها واحدة أفريقية وأخرى 
عربية. وتطور الأدب البنغالي المحلي في عهد سلاطين البنغال في تيارين: 
أحدهما هندوسي والآخر إسلاميء وكثيرا ما كانا يلتقيان». وظهرت هندسة 
معمارية متناسبة مع المناخ الرطب والممطر للمنطقة. وقد لقي نشر الإسلام 
نجاحا في البنغال أكثر من أي مكان آخر من شبه القارة باستثناء الشمال 
الغربي. لكن البنغاليين ظلوا أقرب إلى أصلهم الهندوسي من الناحية الثقافية. 

أما في أقصى الشمال الغربي فقد جاء تأسيس شاه ميرزا سواتي 


161 


تراث الإسلام 


لدولة إسلامية عام 1346 واعتناق القسم الأكبر من سكان كشمير للاسلام 
تدريجيا-جاء ذلك نتيجة جهود ليست لها صلة بسلطنة لدلهي. ومن بين 
سلاطين كشميرء عرف سكندر «محطم الأوثان» بعدم التسامح» لكن ابنه 
زين العابدين (1470-1420) يذكر لا من أجل تسامحه فقط بل لتشجيعه 
للآداب وللمحاولات الأولى التي قام بها لإيجاد تفاهم فكري بين الحضارتين 
الإسلامية والهندوسية. وقد تطورت في كشميرء في ظل سلاطينها؛ أساليب 
دقيقة للحرف اليدوية وخصوصا ع الات اساد والأعمال الخشبية 
والتطريز. 

وقد استمرت دولة كوجرات البحرية من ا۱39 إلى ۱583 وكانت لها مع 
بقية العالم الإسلامي علاقات تجارية وعرقية أوثق من أي دولة إقليمية 
أخرى في الهند. وحين تعرضت للخطر البرتغالي كانت مستعدة لقتال 
البرتغاليين في البحر بالتعاون مع فصائل بحرية تابعة للأشرف قانصوه 
الغوري المملوكي (1517-1501).؛ ثم للسلطان العثماني سليمان القانوني (1520- 
6 )) من بعده. ونحن مدينون لقائد الحملة البحرية العثمانية الأخيرة 
بالوصف الذي قام به أحد الأتراك العثمانيين للأحداث المعاصرة وللوسط 
الاجتماعي الإسلامي في الهند“. وقد أقامت كوجرات نشاطات تجارية 
مزدهرة مع البلاد البحرية الإسلامية إلى أن بسط البرتغاليون سيطرتهم 
على المحيط الهندي. 

وحكمت أسرة «شرقي» المالكة جاونبور7”” في وادي نهر «الكنج» من 
GI! 1394‏ 1479« حين عادت إلى الاندماج في سلطنة دلهي. وكان حكامها 
يشجعون الفنون وخاصة الموسيقى» في حين أن عمارة المسجد اكتسبت 
اها Los sS‏ بإعظاء الأهمية اشرق الق كفك خن اة 
«مالوا» (1530-1041) فى وسط الهندء التى حكمتها أسرتان متعاقبتان» شيدت 
أكارا معمارية istis‏ " 1 

ونشأ نمط مميز من الثقافة الهندية الإسلامية في جنوبي الهند المعروفة 
باسم الدكن في ظل البهمانيين17) (1527-1347): وفي دولهم الخمس التي 
خلفتهم وهي غولكوندا وبيجابور وأحمد نكر وبرار وبيرار"”'. وكانت الأسر 
الحاكمة الثلاث الأولى وبعض السلاطبن البهمانيبن من الشيعةء وإن كانوا 
قد فشلوا في جعل أتباعهم المسلمين يعتنقون المذهب الشيعي. وكانت 


162 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


الحضارة الإسلامية الدكنية التي انفصلت مدة طويلة عن شمال الهند. 
أكثر تسامحا مع الهندوسء وأكثر تجاوبا مع التأثيرات اللغوية والاجتماعية 
المحلية. وكانت في مراحلها الأخيرة مرتبطة عاطفيا بفارس الصفوية, 
وربما كانت أقل رقيا من حضارة الشمال لكنها كانت أكثر لينا منها. وكان 
إنجازها الثقافي الرئيسي. بخلاف عمارتها المحلية. يتمثل في تطوير اللهجة 
الدكنية للغة الأوردية التي أنتجت أدبا غنيا وسليما من النثر والشعر قبل 
مدة طويلة من تحول الهند الشمالية إلى الأوردية كلغة أدبية. وقد نقلت 
العلاقات التجارية تأثير العمارة البهمانية إلى المسلمين على الساحل الشرقى 
لأفريقيا. 1 

ولقد تأسست الإمبراطورية المغولية التي تمثل أعلى ما وصلت إليه 
الهند الإسلامية من روعة وسلطة سياسية وازدهار ثقافي على يد بابر 
وهو من أتراك تيمور لنك في عام 1526 . وخلال حكمه وحكم خليفته همايون 
(1540-15300 , 1556-1555) كانت اللغتان التركية والفارسية تتنافسان لتصبحا 
اللغة الأدبية في الهندء لكن الغلبة كانت للفارسية. ونجد في مذكرات بابر 
التركية أرقى نموذج من النثر التركي الشاغاتي. وقد تعرض حكم همايون 
في الهند إلى تمرد ناجح قام به الباتان (الأفغان)ء وخلال فترة الانقطاع 
هذه (1555-1540) وضع «شيرشاه سوري» أسس نظام عوائد الأراضي ونظام 
المواصلات الذي قامت عليه الإدارة المغولية. وقد وسع أكبر (1605-1556), 
وهو شخصية فريدة من عدة نواح في الهند الإسلاميةء حدود الإمبراطورية 
بحيث ضم كل شمال ووسط الهند» وأدخل «الراجبوت» الهندوسيين 
العسكريين الذين كانوا حتى ذلك الوقت معادين للحكم الإسلامي في جيشه 
وإدارته. وشجع التزاوج مع الهندوسء وتحول عن الإسلام التقليدي إلى 
دينه الخاصء «الدين الإلهي» وهو نوع من عقيدة التوحيد المرتكزة على 
عبادة الشمس. وقام وزيره الهندوسي القدير راجا تودار مال بوضع نظام 
فعال لتحصيل عائدات الأراضي. وكانت الإدارة المدنية والعسكرية بيد 
طبقة من النبلاء غير وراثية تدعى «المنصبدان». 

ولقد حكم ابنه جاهنجير (1627-1605) وحفيده شاه جهان (1958-1628) 
إمبراطورية مزدهرة ذات روعة لا تضاهى. وكان جاهنجير ذواقة يتمتع 
بحس فني رفيع وقد كتب ترجمة ذاتية لحياته تشكل LAE‏ مهما في الأدب 


163 


تراث الإسلام 


التاريخي الرائع للعصر المغولي» وتجمع بين تراث الكتابة التاريخية في 
سلطنة دلهي وتراث الكتابة التاريخية في العصر التيموري. أما شاه جهان 
فكان بناء من الطراز الأول» شيد بعضا من أروع الآثار المعمارية في العالم 
من بينها تاج محل. 

وقد أقام سلاطين المغول علاقات واسعة مع الصفويين والعثمانيين 
والأوزبيك دون أن تكون هذه العلاقات مقترنة بطموح سياسي أو نزعات 
طائفية. وقد تدفقت عليهم الكفايات الإدارية والفكرية من فارس وآسيا 
الوسطى. وهذه الكفايات هي التي جعلت الهند الإسلامية تبقى ضمن 
التيار الرئيسي للثقافة الإسلامية. وقد ازدهر الشعرء الذي لم يكن يشجعه 
الصفويون: في البلاط المغولي» وفي هذه الفترة اتضحت السمات المميزة 
لمدرسة شعرية هندية-فارسية هي «السابكي الهندي» وإن كانت أصولها 
تعود إلى بنجاب الغزنويين. وفي فن إنشاء الرسائل الدبلوماسية والإدارية 
أو الشخضية كان كقية البلاطات:الغولية والعتمانية والصوفية يتناشسون 

وكان أورانجزيب آخر سلاطين المغول الكبار (1707-1658). وقد ارتقى 
العرش بعد حرب تنازع فيها على العرش مع إخوانه فأزالهم وخلع والده. 
وقي حكمه أصبحت شبه القارة كلها تقريبا تحت السيطرة المغوليةء ولكن 
ظهرت أيضا بدايات التدهور إذ إنه لم يستطع أن يصمد تمرد «المارثيين» 
الغزاة إلا بصورة مؤقتة. ولقد حكم أورانجزيب الدولة؛ Sis‏ فيروز GLAS‏ 
وفق مقتضيات الدين؛ وأعاد فرض الجزية على غير المسلمين بعد أن كان 
«أكبر» قد ألغاهاء واتخذ تدابير لرفاهية الصفوة المسلمة؛ وحكم باستقامة 
ونزاهة مثالية. وقد ألفت «الفتاوى الهندية» وهى مؤلف شامل للشريعة 
الحنفية. تحت رعايته. 1 

ولقد شاعت طريقتان صوفيتان: الطريقة النقشبندية والطريقة القادرية 
في عهد المغول الكبار. فقد جاء الشيخ أحمد سرهندي النقشبندي بمذهب 
توحيدي مفارق» كان بمنزلة رد فعل ضد مذهب وحدة الوجود Pantheistic‏ 
الذي يقول به المذهب التوحيدي !91,159 >( L«S .Onthological monism‏ 
عرضه الصوفي العربي الأندلسي ابن عربي (المتوضى عام 637ه/1240). 
ولكن الحركة النقشبندية قد ركزت اهتمامها على الجماعة الإسلامية وحده 


164 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


وأصبحت هذه سياسة للدولة في عهد أورانجزيب. أما الصوفية القادرية 
التي ازدهرت في ظل شاه جهان فكانت أقرب نسبيا إلى الطابع التوفيقي. 

وبموت أورانجزيب في عام 1707 بدأ الانحطاط الملحوظ للامبراطورية 
المغولية بشكل فجائي. فبرزت جماعات غير مسلمة متعددة واقتطعت لنفسها 
قطعا كبيرة من الإمبراطورية: المراثيون في الدكن والسيخ في البنجاب 
والراجبوت في أراضيهم والجات في وادي الجمنة. وأصبح الحكام المسلمون 
للمقاطعات الأخرى مستقلين: فلم يعترفوا إلا اسميا بسلطة إمبراطور دلهي 
الذي انحصر نفوذه بدلهي والمناطق المحيطة بها. وكان خلف أورانجزيب 
مجرد ألعوبة بيد صانعي الملوك الشيعيين وهم «أسياد برها 5انه8». وجلبت 
الغزوات الآتية من الشمال الغربي والتي قام بها نادر شاه الفارسي في سنة 
9 وأحمد شاه عبدلي الأفغاني بين سنتي ۱747 و ۱761 كوارث أشد على 
المغول. 

وفي القرن الثامن عشر. خلال الأيام العصيبةء حين كان البلاط عقيما 
والصفوة المختارة فى حالة انحطاطء برز فقيه دينى اسمه شاه ولى الله 
ate 1760-1702)‏ ری یکا ار کات ف ات ال ف 
بالعودة إلى أصول العقيدة والتسامح اللذين مهدا الطريق أمام الاتجاهات 
الحديثة في الإسلام الهندي. وكان موقفه في التفسير الضيق للشريعة 
وتأكيده على القرآن والأحاديث النبوية باعتبارهما المصدرين الأساسيين 
للشرع» وإدراكه بأن شريعة الإسلام يجب أن تعرض «بثوب جديد» وتوفيقه 
بين الاتجاه التقليدي والصوفية-هذه الأمور كانت علامات بارزة في تطور 
الفكر الديني في الهند الإسلامية. وقد تابع ابنه عبد العزيز عمله وأسس 
معهدا دينيا في دلهي لنشر تعاليم ولي الله. 

وفي أوائل القرن التاسع عشر, وبتأثير آفكار ولي الله نشطت حركة 
سميت باسم حركة المجاهدين. وهذه الحركة كانت موازية إلى حد بعيد 
لحركة محمد ابن عبد الوهاب في نجدء وربما كانت قد تأثرت بها . وقد 
أقامت حركة المجاهدين بقيادة سيد أحمد بريلوي شبكة تنظيمية بين 
الجماهير الإسلامية في شمالي الهند. ونادت بإلغاء العادات الاجتماعية 
ذات الصبغة الدينية المزيفة والمأخوذة عن الهندوسء ونددت بجميع أنواع 
الشرك بالله. وقد عاش أتباعها حياة متطهرة متزمتة؛ ودعوا إلى مثل تلك 


165 


تراث الإسلام 


الحياةء ثم قادوا الجهاد ضد السيخ. ورغم آنهم اقتطعوا لأنفسهم ولاية 
حكموها حكما دينياء فقد تحطمت حركتهم عندما هزم سيد أحمد على 
أيدي السيخء. وتوفي عام ا83ام. 

وفى تلك الأثناء. وفى الفوضى التى سادت فى شبه القارة فى أثناء 
dagen‏ قرة القول أففات شركة الهندالشرقية البريطائية بصرورة تدريجية 
إمبراطورية لنفسها . وهنالك ثلاثة معالم مهمة في تأسيس الحكم البريطاني 
في الهند. هي معركة بلاسي سنة (1757) وفيها هزم البريطانيون سراج 
الدولة حكام البنغال المغولي المستقل وأقاموا سلطتهم في تلك المقاطعة, 
وقيام الإمبراطور المغولي الضعيف شاه علم الثاني بمنح «الديواني» (عائدات 
الأرض) العائدة للمقاطعات الشمالية فى شمال الهند إلى شركة الهند 
الشرقية في عام 763٠ء‏ الأمر الذي lst‏ الشركة سلطة قانونية على 
مساحة واسعة من البلاد» وعصيان أو «تمرد سيبوي» لعام 1857 الذي أنهى 
حكم شركة الهند الشرقية وأدى إلى أن يستبدل به الحكم المباشر للبرلمان 
والتاج البريطانيين. 

لم تكن استجابة المسلمين للحكم البريطاني ومؤسساته إيجابية مثل 
استجابة الهندوس. فقد كانت حكومة شركة الهند الشرقية تقضل الهندوس 
على المسلمين. ففي مناطق توسعها الأولى في البنغال وضي أركوت والساحل 
الجنوبي الشرقي كان أعداؤها هم المسلمين. وكانت سياستها الإدارية في 
بعض المناطق. وخصوصا في البنغالء ضارة بالنسبة للمسلمين» إذ إن الحاكم 
العام كورنواليس والسيرجون شور أدخلا نظاما لعائدات الأرض يدعى 
باسم «التسوية النهائية»» هبط بالمزارعين والفلاحين المسلمين إلى مستوى 
العمال الزراعيين: وأوجد طبقة من أصحاب الأملاك الهندوس (زمندار) 
الذين انتعشوا على حساب الجماهير الإسلامية. وحين استولى البريطانيون 
على الهند كان المذهب الحنفي الذي عدله المغوليون هو قانون البلاد كلها. 
ولكن شركة الهند الشرقية جمعت بين التراث وبين عناصر من القانون 
العرفي البريطانيء لتشكل قانونا إنجليزيا-إسلاميا. أصبح مقصورا على 
الآحوال الشخصية كما تطبق على المسلمين. وفى سنة ١1835‏ أصبحت اللغة 
الاتجليزية هي اللعة الرسمية يدلا مخ القاوسية ,ولغ ممح ذلك بالتسية 
للهندوس سوى مجرد استبدال لغة أجنبية بأخرى.. أما المسلمون فلم يسبق 


166 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


لهم أن تعرضوا لمثل هذه المحنة من قبل. 

وفي القرن الثامن عشر كانت اللغة الأوردية قد حلت مكان الفارسية 
كلغة للشعر. وساعد البريطانيون في تطوير النثر الأوردي في بداية القرن 
التاسع عشرء وذلك بأن قدموا she MI‏ في كلية فورت ويليام في كلكتاء 
للأعمال المكتوبة باللغة النثرية البسيطة التي يستعملها الناس في مخاطبة 
بعضهم البعض لقضاء حاجاتهم اليومية. 1 l‏ 

وفي سنة 1859 قام سيد أحمد خان بجهود تهدف إلى التكيف مع الحكم 
البريطاني» وتطورت هذه الجهود بسرعة لتصبح حركة دينية وتربوية 
واجتماعية عصرية. ففي مجال السياسة تمكن من إقناع المسلمين باتخاذ 
سياسة الولاء. ومن أجل تعليم الشباب المسلمين أسس كلية في عليكرة 
أصبحت فيما بعد جامعةء وقد قدر لهذه الجامعة فيما بعد أن تكون مركزا 
لتخريج عدد كبير من الزعماء الفكريين والسياسيين المسلمين.. لكن أكثر 
إنجازات سيد أحمد خان حيوية كانت دينية. فمن بين المصادر الأريعة 
للشريعة الإسلامية لم يعتمد إلا على القرآن الذي فسره بطريقة دفاعية. 
وقد كان يشك بصحة الكثير من الأحاديث. وينكر قيمة الإجماع: وبدلا من 
القياس فقد اتبع ولي الله في تأكيده على الاجتهاد الذي اعتبره حقا لكل 
مسلم. وبالرغم من أن الكثير من أفكار سيد أحمد خان السياسة قد 
رفضت تفصيلا حتى من قبل أنصار التحديث الذين جاءوا بعده» فإنه قد 
ترك أثرا لا يمحى على التفكير والمعتقدات الدينية للأجيال الجديدة من 
الصفوة الإسلامية التي تشربت بالثقافة Vag yet‏ 

وفي مجال السياسة أثمرت سياسة الولاء التي كان ينادي بها وذلك في 
ale‏ 1870 حين غيرت الحكومة الهندية البريطانية موقفها من اا 
ولكن بعد إدخال ليبرالية غلادستون في الهند وتأسيس المؤتمر الوطني 
الهندي الذي كان يغلب عليه العنصر الذي كان يغلب عليه العنصر الهندوسي 
في عام ١885‏ شعر أحمد خان بالخطر الاقتصادي والسياسي الذي يتهدد 
الأقلية الإسلامية في الهند من قبل الأكثرية الهندوسية الطاغية. فأعطى 
السياسة الإسلامية في الهند وجهة مؤلفة من عنصرين: الاحتراس من 
الهندوس والولاء للبريطانيين. وفي التطور اللاحق للسياسة الإسلامية 
نجد أنه قد تعمق الجزء الأول ونبذ الجزء الثاني. وعندما توفي سيد أحمد 


167 


تراث الإسلام 


خان عام 1898 ترك وراءه جماعة إسلامية واعية سياسيا وتسير من الناحية 
التربوية في خطوات أولية نحو العصرية:؛ تتمتع بمراكز اقتصادية أفضل 
من أوضاعها في القرن السابع. وقد أصر خلفاء سيد أحمد خان السياسيون 
في المناورات السياسية الثلاثية بين الهندوس والمسلمين والبريطانيين؛ على 
تأمين ضمانات لجماعاتهم وعلى وجود هيئات منتخبة منفصلة للمسلمين. 
كان ذلك هو البند الرئيسي في برنامج الرابطة الإسلامية التي تأسست 
عام 1906. وفي بعض الأحيان كانت تحصل تحالفات تكتيكية مع المؤتمر 
الوطني الهندي» كما حدث خلال الحرب العالمية الأولى؛ وخصوصا أثناء 
حركة «الخلافة» (1924-1919) التي كانت تنادي بإعادة الأراضي التي خسرتها 
تركيا في الحرب الغالية (الآولى): ولكح بعد سدة 1924 انتهى التحالقه بين 
الوتهووالوائطة الأساذنية إلى غير وجمة وسبارت الوظنية الإشلامية 
على طريق يختلف عن طريق الوطنية الهندوسية. 

وفي سنة 1930 عرض الشاعر والفيلسوف المرموق محمد إقبال (1875- 
8) فكرة وطن منفصل للمسلمين في المناطق التي يشكلون فيها الأكثرية 
داخل شبه القارة. وفي 1937 قام محمد علي جناح بإحياء الرابطة الإسلامية, 
وخلال عشر سنوات جعلها ممثلة بشكل واسع جدا لوجهة نظر المسلمين 
القائلة بالانفصال السياسى عن الهندوس. وفى سنة 1940 اتخذت الرابطة 
الإسلامية قرارا يطلب إقامة دوقة إسلامية ذات سيادة في qal lei‏ 
توجد فيها أغلبية مسلمة في الشمال الغربي وفي البنفال. وقد طالب هذا 
القرار بالفعل «بباكستان» و هو اسم مؤلف من حروف موجودة في أسماء 
مناطق الأغلبية الإسلامية في الشمال الغربي: jus, oS cabe‏ 
والسند وبلوخستان. وقد استاء الهندوس استياء مريرا من فكرة باكستان؛ 
ولكن عندما قويت الحركة لقيت قبولا لدى الحكومة البريطانية وبعض 
السياسيين الهندوس. وبعد الحرب العالمية الثانية قررت الحكومة العمالية 
البريطانية أن تسلم مقاليد السلطة إلى الهنود وجرى تقسيم شبه القارة 
عام 1947 بعد كثير من المرارة. 

وجدت الهوية الإسلامية في شبه القارة فرصة جديدة للحياة مع تأسيس 
باكستان. لكن كان على الدولة الجديدة منذ البداية أن تواجه تحديات 
هائلة: فهنالك مسافة ١000‏ ميل تفصل بين جناحيها في الغرب والشرق*“ 


168 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


حيث توجد خلفيات مختلفة عرقيا ولغويا وثقافياء لا يجمع بينها إلا الدين 
والخوف من الهند» كما كان عليها أن تواجه أعمال الشغب في الهند وباكستان 
ale‏ 11947 التي نجم عنها انتقال وإعادة توطين ملايين الأشخاص. والموت 
الفجائي لزعيميها المؤسسين. محمد علي جناح في 1948 ولياقات علي خان 
في 1951 وعدم كفاءة القيادة السياسية التي أوصلت الدولة إلى حافة 
الفوضى بين ا195 و 1958ء وأخيرا خلافاتها مع الهند. وأهمها مسألة ضم 
دولة كشمير ذات الأغلبية العظمى المسلمةء وهي مشكلة أدت إلى حربين 
بين الهند وباكستان في 1948 9 1965. 

حصلت البلاد على استقرار كبير من جراء الثورة العسكرية التى قامت 
كن هاج 1958( والسمهوزية الثائية الى ايت إلى الوجود غام 1942 . يشبانة 
محمد أيوب خان بحيث إنه بحلول عام 1968 كانت باكستان تتقدم اقتصاديا 
أسرع من أي دولة نامية في العالم. إن أهمية باكستان في التاريخ الإسلامي 
الحديث تكمن في كونها تجد هويتها في الإسلام وفي تسميتها لنفسها 
دولة إسلامية. ولقد كان مؤسسو الباكستان من ذوي التفكير العلماني 
مهتمين بصورة أولية بحماية المصالح الإسلامية السواسية والاقتصانية 
التي كانوا يرونها مهددة في الهند إذا ظلت غير مقسمة؛ ولذلك كانوا 
يدينون لفكرة إنشاء باكستان بولاء لفظي ass‏ وكان علماء ديوباندء وهم 
النقيض الديني المحافظ لعلماء عليكرة منذ أواخر القرن التاسع عشرء 
مناهضين لفكرة باكستان. ولكن بعد قيام الدولة الجديدة اتخذها كثير من 
العلماء المحافظين موطنا لهم وكان أكثرهم نفوذا هو أبو العلاء المودودي 
الذي يدين بالمذهب الحرفي الظاهري Fundamentalist externalist‏ وقد انضم 
العلماء إلى السياسيين وأوجدوا فئّة ضاغطة تناضل ضد مفهوم الديمقراطية 
العلمانية ذات المظهر الإسلامي الاسميء التي تنادي بها الصفوة الحاكمة 
المتأثرة بالغفرب. هذا الصراع بين الآراء الدينية التقليدية والآراء العصرية 
ينعكس في سلسلة الحلول الوسطى التي تظهر في الوثائق الدستورية 
للباكستان والتي تعلن بوجه الإجمال أن السيادة لله ويمارسها شعب باكستان 
«ضمن الحدود التي يرسمها الله تعالى». وهذه الوثائق من سنة 1950 إلى 
سنة 1963 كانت تقر المبدأ القائل بأن قانون البلاد يجب ألا يتعارض مع 
القرآن والسنة. على أن العصريين المحافظين الدينيين قد اختلفوا في 


169 


تراث الإسلام 


تفسير هذه النصوص. فقد اعتبرها الفريق الأول بصورة صيغ نظرية في 
المحل الأولء لا ينبغي أن تترجم إلى الواقع إلا بأكبر قدر ممكن من التحفظ 
والمقاومةء في حين أن الفريق الآخر. وخصوصا المودودي وجماعته. فسرها 
ووسعها بهدف جعل البلاد دولة دينية كاملة. ولا يزال الصراع بين الاتجاهات 
العصرية والاتجاهات الدينية التقليدية قائما بغير حل. في باكستان: 
وما زالت الدراما التى تتمثل فى عملية تحديث دولة إسلامية. محتفظة 
BBL sya gab Le SSS‏ 

ومن ناحية أخرىء فإن تقسيم شبه القارة قد ترك الأقلية الإسلامية 
في جمهورية الهند. التي تشكل 10 من مجموع سكانهاء في وضع غير 
أمين... فهم غير موثوق بهم سياسياء ومرفوضون ومهملون اقتصادياء 
ومتخلفون تعليمياء لذا فإن مستقبلهم قاتم”. لكن للإسلام في الهند 
مزايا إيجابية. فحركة المودودي التي تهدد النزعة العصرية في باكستان 
هي مصدر للاستقرار والتنظيم الجماعي في الهند . وحكومات حزب المؤتمر 
الوطني الهندي؛ رغم عدم اكتراثها بالاهتمامات الخاصة بالجماهير 
الإسلامية. قد عينت أفرادا من المسلمين في أعلى مراكز الدولةء بما في 
ذلك مركز رئيس الجمهورية. لقد واجه الإسلام في شبه القارة تحديين 
خارجيين هددا هويتهء وهما: التحدي الهندوسي والتحدي الغربي. فالحضارة 
الهندوسيةء رغم بنيتها الطبقيةء أقدر على استيعاب العناصر الغربية وتمثلها 
أكثر من أي حضارة أخرى. ولقد كان الإسلام وحده هو الذي استطاع, 
بفضل توحيده الصارم وعزلته الطائفيةء أن يقاوم قوة الجذب التمثلية 
الهندوسية؛ لكن الاتصال والصراع بين الديانتين والحضارتين أديا إلى 
نشوء جماعات هامشية ضئيلة الحجم مثل البراهميين الحسينيين الذين 
تآثروا بالفئتين الإسماعيليتين الرئيسيتين في الهند. البهرة والخوجيينء 
كما أديا ضمن الهندوسية إلى نشوء حركة البهاكني الصوفية التوفيقية في 
القرن الثالث عشرء وإلى تشكيل ديانة السيخ التي أصبحت فيما بعد عدوا 
لدودا للاسلام. والواقع أن قدرا كبيرا من الصراع السياسي بين الهندوس 
والمسلمين في العصور الحديثةء إنما هو إرث الصراع الديني والثقافي 
الذي نشب في التاريخ الوسيط وأوائل التاريخ الحديث. 


عزيز أحمد 


170 


Bibliography 


A. Ahmad, Studies in Islamic Culture in the Indian Enviornment (Oxford, 
1966); W. Haig, and others, Cambridge History of india, vols. iii and iv 
(Cambridge, 1928-37); S. M. Ikram, Social History of the Muslims in Bengal 
(Dacca, 1959); R. C. Majumdar (ed.), The Delhi Sultanate (Bombay, 1960); M. 
Mujeeb, The Indian Muslims (London, 1967); I. H. Qureshi, The Muslim 
Community of the Indo-Pakistan Sub-Continent (The Hague, 1962); idem, The 
Struggle for Pakistan (Karachi, 1965); W. C. Smith, Modern Islam in India 
(London, 1946); M. Titus, Islam in India and Pakistan (Calcutta, 1959). 


Aziz Ahmad 


171 


تراث الإسلام 


4-إندونيسيا 

يحاول هذا الجزء رسم صورة مجملة للإسلام في إندونيسيا باعتباره 
ظاهرة متطورة تاريخيا ذات أهمية معاصرة عظمى. وسوف تتألف طريقة 
العرض من سلسلة من العبارات الموجزة نسبياء والتي كان المفروض أن 
يظهر كل منها كنتيجة لعرض مبرر بشكل مناسب» لكن من سوء الحظ لا 
يتسع المؤلف الحالي لمثل هذا العرض. على أنه لابد قبل ذلك من مقدمة 
على شكل بيان موجز حول تاريخ الإسلام الإندونيسي. إن هذا التاريخ, 
باعتباره سلسلة من الحوادث ذات المغزى» وكما ينظر إليه المسلمون 
الإندونيسيون (وهي نظرة تعتبر جزءا من نظرة الإندونيسيين المسلمين إلى 
أنفسهم) يؤلف عنصرا أساسيا من العناصر التي تشكل الأهمية المعاصرة 
للإسلام في إندونيسيا . ولما كان هذا التاريخ لم يدرس بصورة كافية مما 
جعله بالتالي غير معروف بصورة متوازنةء فإن ذلك يفسر دون شك تضارب 
الآراءء بين المسلمين الإندونيسيين وبين المختصين الإسلاميين من غير 
الإندونيسيين على حد سواء. حول خصائص الإسلام الإندونيسي. 

إن الإسلام هو إحدى موجات ثقافية ثلاث وصلت إلى إندونيسيا من 
الجهة الشمالية الغربية. وعملت على تشكيل حضارتها من جراء تغلغلها 
التدريجي في أجزاء كبيرة من الأرخبيل أو في الأرخبيل كله. وقد جاءت 
الموجة الإسلامية على أثر الموجة الهندوسية-البوذية وحلت مكانها . وبقيت 
آثار تلك الموجة الهندوسية-البوذية ظاهرة. وخصوصا في بالي7”"". ثم 
تبعت الموجة الإسلامية وعاشت معها مدة من الزمن موجة أوروبية جاءت 
عن طريق الهولنديين. لقد جاء الإسلام. شأنه في ذلك شأن الموجتين 
الثقافيتين الأخريين؛ في أعقاب التجارة وانتشر على جناحيها. وهذا ما 
يفسر جانبا مما أحرزه من نجاح ولكنه لا يفسر بالضرورة كل هذا النجاح. 
وأما تفسير الجانب الآخر من نجاحه فقد يكمن فيما أسفرت عنه المنافسة 
السياسية والتجارية بين الدول الغربية من نواتج فرعية في المجال الدينيء 
بقدر ما أثرت هذه النواتج الدينية في السكان الأصليين. فبدلا من اعتناق 
المسيحية.ء وبالتالي الخضوع لأي من القوى الأجنبية التي تتنافس في نشر 
مذاهبها الدينية المتنافسةء يقال إن الناس كانوا يفضلون الإسلام-الذي لم 
تكن له دولة كبرى ترعاه-كلما كانوا يشعرون بأن الوقت مناسب لاستبدال 


172 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


المعتقدات والعادات التي كانت تتداعى تحت وطأة الضغط الخارجي. 
ولإحلال شيء جديد محلها. هذه التفسيرات وغيرها لا تستند إلى مبررات 
(ثابتة). ذلك أنه يصعب تأكيدها بالرجوع إلى SYN‏ التاريخية؛ لكنها 
تنسجم مع الصورة العامة لانتشار الإسلام حسب ما نعرفه. فكثيرا ما قيل 
إن انتشار الإسلام يشبه بقعة الزيت: فهو تدريجي إلا أنه فعال. كذلك فإن 
الكثيرين قه أشادوا بالطبيعة السلمية لهذا الانتشان. وباتفعل كان قبول 
العقيدة الإسلامية. بقدر ما نعرف» عملية تدريجيةء وذلك يعود بصورة 
جزتية إلى عادة اعتناق الدين قبل تعلم أركانه. ولم يكن الاهتمام ينصب 
على إعادة النظر بطريقة نقدية في المعتقدات والمواقف. بقدر ما كان 
ينصب على التمثل الهادئ لعناصر العقيدة والسلوك»التي لابد أنها بدت 
في وقت ما متلائمة مع أسلوب الحياة الدارج» بما في ذلك أي عناصر 
ظلت باقية من الأنماط الدينية والفلسفية والقانونية السابقة. فإذا أمكن 
وف التيارات الآسناسية لهذه العملية يانها توظيعية فإنها تظهر كما كو 
كانت نموذجا للأسلوب الإندونيسي» وليست إسلامية بالمعنى الضيق. 
وبللقايل فإ هذا قد يساهد خلى تنسور أن إحدى الخصاخص اللميزة 
للإسلام الإندونيسي هي نضاله المستمر من أجل التخلص من الشوائب 
458 

وصل الإسلام إلى الشواطيّ الإندونيسية في نهاية القرن الثالث عشر 
الميلادي في شكل حركة متدرجة. على أثر توطده كقوة حاكمة في أجزاء 
كبيرة من الهند . ومما لا شك فيه أن الموطن الأول لقدومه كان من شمالي 
سوماطرة؛ ولكن هنالك خلافا لا ينتهي حول أي جزء من الهند dia sla‏ 
الإسلام. وقد كانت «ملقة»» الوثيقة الصلة بجزيرة جاواء مركزا رئيسيا 
die pL. dU‏ آوائل القرن الخامس عش قصاهداء وكان في جاوا جيوب 
إسلامية فى ساحلها الشمالى منذ القرن السادس عشرء ومنذ ذلك الحين 
ارشط القغار سا essit‏ الف E pad eile‏ ا EE‏ 
الدول ذات النفوذ السياسي التجاري. وكان البرتغاليون أولا ثم الهولنديون 
هم المشتركين الرئيسيين من الخارج في هذه المنافسات. وضي جاوا بصورة 
خاصة ترافقت حركة اعتناق الإسلام بالأحداث السياسية في فترات حاسمة, 
بحيث إن انتشاره يعطي سجلا دقيقا إلى حد ما لانهيار الإمبراطورية 


173 


تراث الإسلام 


الهندوسية. أما اعتناق الإسلام في الجزر الرئيسية الأخرى-سوماطرة 
وكلمنتان (بورنيو) وسولويزي (سيليبس)-فقد سار بصورة تدريجية وعلى 
شكل نوبات متقطعة. فحسب الظروف المختلفة كانت منطقة ما إما أن 
تصمد وتحافظ على تقاليدها الوثنية» وإما أن تستجيب بصورة تدريجية 
للاسلام أو أن تعتنق أيضاء في حالات نادرة: المسيحية. والنمط الرئيسي 
نفسه ينطبق مع فارق زمنيء على الجزر والأرخبيلات العديدة الصغرى. 
وحتى اليوم توجد فيها جيوب لم تعتنق الإسلام بعد. وهي دائما موجودة 
في الأجواء التاكية وائكل الحرن. 

وهناك بعض السمات المميزة لهذه العملية التى ينقصها التوثيق: والتى 
هي بالتالي محيرة إلى حد ما. l‏ | 

غفي أوائل القرن السابع عشر شهد شمال سوماطرة صراعا بين تصورين 
للاسلام: الصوفية (في خليط من العناصر الفلسفية والجمالية) والسنية. 
وهذا الصراع موثق جيدا خلافا لغيره. وتظهر الصورة العامة على الشكل 
الآتي: الصوفيون يدخلون أولا . ويبدو من المحتمل أن الطرق الصوفية قد 
لک دوا کیو اال هذا لدو xis ete Lucy caa‏ 
يذهبون» كان السنيون يأتون في أعقابهم. وفي النهاية تحل السنية عمليا 
سحل الصوكية i‏ دون أن GBH yaar cee gab‏ )73585 
شمالي سوماطرة وشمال سولويزي وجاوا الوسطى) بقيت الصوفية ولم 
تتلاش. وفي الوقت الحاضر أخذت تستيقظ مرة أخرى ولكن دورها لم 
يتحدد بعد. وفي النصف الأول من القرن التاسع عشرء يظهر الإسلام 
كسمن pua is‏ لوغ ماقا كدض الت وتن (zie) dli‏ 
dass] das LOSS id do Las a aaa uhi Duos ID d‏ 
Mita rens] dal cgailggll sili ca aM ado Aia‏ على ذلك هو 
حادثة ديبونيغورو2**7) في جاوا (1830-1820). وربما كان الوطنيون المحدثون 
قد بالغوا في أهمية هذه الحادثة عندما أعادوا كتابة تاريخ إندونيسيا. 
ولكن من الصعب أن ينكر أحد أن لادعاءاتهم أساسا من الصحة. 

وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشرء بدأت تظهر في الإسلام 
الإندونيسي نتائج الاتصالات ذات الفعالية المتزايدة مع بقية العالم الإسلاميء 
وخصوصا مع شبه القارة الهندية ثم أيضا مع المراكز الدينية في مكة 


174 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


والقاهرة. وتظهر الأعراض الأولى في التجاوب الإندونيسي مع الحركات 
الوليدة التي تهدف إلى الإصلاح وإلى إعادة تأكيد الذات» والتي ظهرت في 
سوريا ومصر ثم انتقلت إلى الهند. وقد أصبح هذا الاتجاه شيئًا فشيئًا 
جزءا من الوعي الوطني الناشيّ الذي أصبح له شكل تنظيمي في العقد 
الأول من القرن العشرين. وبهذا ننتهي من المقدمة التاريخية ليتحول المشهد 
إلى الوقت الحاضر. 

كان الإسلام هو العامل الثاني من حيث الأهمية في عملية توحيد الأمة 
والدولة الإندونيسيين بعد العامل الأول المتمثل بالحكم الاستعماري ورد 
الفعل الذي أثاره هذا الحكم. وبالنسبة لتماسك المجتمع الإندونيسي اليوم 
يعتبر الإسلام واحدا من عوامل متعددة: أحدها الوعي الوطني الحاد. 
وهذان العاملان لهما أهمية نسبية لا يمكن تحديدهاء كما أنهما يتنافسان 
فيما بينهما إلى حد ما. وفي الأزمنة والأمكنة التي كانا يوجدان فيها معاء 
وكان وجودهما يتخذ شكل صراع على السيطرةء كانت نتيجة هذا الصراع 
غير مؤكدة. فلا يمكن أن نقول بصورة مسبقة بأن الإسلام لابد أنه كاسب 
كل جولة. غير أن استمراره يظهر كحقيقة أساسية لا شك فيها. 

وبدلا من أن يمثل الإسلام أسلوبا كاملا للحياة عند الإندونيسيين؛ كما 
هو المفروضء فإنه يشكل عنصرا واحداء وإن يكن مهما دون شك في 
الثقافة الإندونيسية. وتتفاوت أهميته الفعلية من حيث المكان والزمان. 
ومن جهة أخرى فإن أهميته بالنسبة لشعور الإندونيسيين بهويتهم الاجتماعية 
والثقافية بارزة. فالمجتمع الإندونيسي وإلى حد كبير أيضا الثقافة 
الإندونيسية يظهران مطبوعين بالطابع الإسلامي. وعلى النقيض من ذلك 
فإن الإسلام لم يبرهن على أنه عامل رئيسي في تشكيل أنماط «السلطة 
والإدارة» على أي مستوىء سواء من الأزمنة السابقة للاستعمار وأثناء الفترة 
الاستعمارية أو بعد خروج الاستعمار. ولقد حدث فيما مضىء وما زال 
يحدث أحياناء أن أضيفت ألقاب شرفية (وبخاصة على الحكام) ذات طابع 
إسلامي» كما حدث على نطاق أضيق بكثيرء أن أضيفت الصبغة الشرعية 
على السلطة بطريقة إسلامية اسما. على أن واقع الحال هو أن الأهمية 
الفعلية للاسلام. حتى في مثل هذه الحالات: تكون إما ذات طبيعة انفعالية 
قصيرة المدى» وإما مجرد أهمية لفظية. أما الدور المساند الذي يمكن أن 


175 


تراث الإسلام 


تلعبه المؤسسة الدينية (من العلماء والقضاة وأئمة المساجد وزعماء الجمعيات 
الدينية) في أماكن أخرى إزاء الحاكم: فلا يكاد يظهر في البيئة الإندونيسية. 

وفي هذا المجال يشكل تطبيق الشريعة فصلا متميزا . فالمذهب الشافعي 
هو السائد في المنطقة. حسب المفاهيم الإسلامية للشريعة. على أن هذه 
الهيمنة لا تعني الشيء الكثير بالنسبة لقوة تأثير الشريعة الإسلامية. فمنذ 
اللحظة الأولى وحتى اليوم كانت الشريعة الإسلامية على خلاف مع أنظمة 
عديدة متنوعة وإن تكن مترابطة من القانون العرفي. وتلك هي الأنظمة 
التي كان معمولا بها عند مجيء الإسلام: والتي لا تزال مكانة مهمة جدا 
فى أغراض عديدة وفى أجزاء متعددة من الأرخبيل. وفوق كل هذا فقد 
s a deitas dista us Qus bL door AU uad‏ جاب العام 
القانونية والقضائية الفعالة؛ التي سنها الحكم الاستعماري: وهي الأحكام 
التي ما زال الكثير منها باقيا حتى اليوم. فقد سار انتشار الإسلام والحكم 
الاستعماري في مسارين متوازيين تقريبا لمدة طويلة من الزمن. وكانت 
النتيجة أن تطبيق الشريعة الإسلامية في إندونيسيا كان أميل إلى أن يكون 
محدودا جداء واقتصر في معظم الأحيان على قانون الأسرة. 

وهنالك مسألة أخرى تتصل بالمسألة السابقة. هي موضوع المؤسسات 
الإسلامية. فعملية إرساء المؤوسسات الإسلامية لم تتجاوز, تقليدياء أكثر 
من إقامة مزيج من الترتيبات التنظيمية مثل وظائف القضاة ذات التنظيم 
المتفاوت. ومركز العلماء المستقلين في مؤسساتهم العلمية (وكانوا يشفلون 
من حين لآخر وظيفة المفتي دون أن يقلدوا هذا المنصب بصورة رسمية)ء 
والأوضياء على كاف ر الان والوطفين الشلهين بالساسى Sorell‏ 
والمصليات Langgars Lloji gf‏ (أماكن للعبادة لا تقام فيها صلاة الجمعة) . 
وكما ذكرنا آنفا فإن الحكام المحليين: في الأزمنة السابقة للعهد الاستعماري 
وفي العهد الاستعماري أيضاء كانوا يتصرفون بحيث يجعلون مواققة الإسلام 
على تصرفاتهم مجرد مسألة شكلية: إن لم تكن زائدة: في معظم الحالات. 
وكان الاستثناء البارز الوحيد لهذا النمط هو الدور الذي كان يمارسه أثناء 
المراحل الأولى للتحول الإسلامي أولئك العلماء الذين صنف بعضهم فيما 
بعد بين الأولياء والدعاة إلى الإسلام: وأعني به دورهم في تأييد الأمراء 
الذين تحولوا إلى الإسلام مؤخرا. ولقد كان الحكم الاستعماري بصورة 


176 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


عامة حذرا من الإسلام: ولم يتغير هذا الوضع تغييرا حقيقيا حتى حين 
رسمت سياسة استعمارية مستنيرة-وإن كانت توسعية في الوقت نفسه-كان 
يوجهها شخص مثل س. سنوك هروغرونيه ءز0مع:11آآ C. Snouch‏ وهو أحد 
مؤسسي الدراسات الإسلامية الحديثة في الغرب. فكان الاستعمار يراقب 
المسلمين بعين يقظة. وقد أنشئت لهذه الرقابة» مع مرور الزمن مؤسسة 
خاصة إذ أصبح لها مكتب خاص وإن يكن صغيرا . وفي هذه الأثناء كان 
العنصر الإسلامي في الحركة الوطنية الوليدة قد بدأ بالمقابل يبحث عن 
أشكال تنظيميةء كوسيلة للتعبير عن نفسه بصورة أوضح في الحياة العامة 
وكذلك من أجل اكتساب القوة. وقد أدى الاحتلال الياباني. وخصوصا في 
جاواء إلى تطوير لمكتب الشؤون الإسلامية لم يلحظ الإندونيسيون وجهه 
المزدوج إلا ببطء: إذ أضحى شبكة من الأجهزة كان من المفروض أن تحافظ 
على اتصال وثيق مع الجماعات المسلمة؛ ولكنها كانت في الواقع أداة للدعاية, 
وتمارس ضغطا سياسيا يصاغ صياغة دينية. ولقد أعيد تشكيل هذا الجهاز 
إلى حد كبير منذ عهد الاستقلال؛ وأصبح مركزه وزارة الدين. وهذه الوزارة 
تقوم على وضع غير مستقر نوعا ماء إذ يفترض فيها من جهة أن تسهر على 
مصالح جميع الفئات الدينيةء ولكن معظم موظفيها من جهة أخرى هم من 
المسلمين كما ينتظر الكثيرون فى الجماعات المسلمة أن يملأ فجواتها 
exis Eel beta y d al Raus df Raten c Boi‏ 
وجود منفصل. 

كان الإسلام لفترة طويلة وفي أجزاء كبيرة من الأرخبيل في وضع يمكنه 
معه أن يقدم معظم إن لم يكن كل أنماط التجمعات والأنظمة التربوية. 
وكان النظام التربوي؛ الذي لم يأخذ شكلا منظما إلا بعد أن فات أوان 
المحافظة على التراثء يشمل جميع مستويات التعليم من الابتدائي حتى 
الجامعي. (وعلى كل من يرغب في التعليم الأعلى أن يذهب إلى مكة أو 
القاهرة). وقد تعرض هذا النظام التربوي لانتكاسات قاسية بتأثير النظام 
التربوي الاستعماري الذي كان يماثل نظام البلد الأم في أوروبا تماثلا تاما. 
ويبدو أنه من غير المحتمل أن يعود النظام الإسلامي مرة أخرى في ظل 
الاستقلال الوطني» آو على الأقل أن يعود دون إصلاح رئيسي. وهنالك 
سمة بارزة في التعليم الإسلامي التقليدي في إندونيسيا هي أنه لم يكن 


177 


تراث الإسلام 


يعتمد على المسجد كمركز لنشاطه. فقد كان للتعليم المتوسط والعالي بصورة 
خاصة مراكزه الخاصة. وهذه المراكزء رغم إطلاق الاسم العربي عليهاء 
وهو «مدرسة». تذكرنا بمثيلاتها الهندية («الأشرم» JSL Lasy gÏ (ashram‏ 
الفرق الصوهية الإيرانية أو التركيةء آكثر مما تذكرنا بالمسجد/الجامعة 
الإسلامي. 

فإذا انتقلنا الآن إلى أنماط التجمع؛ وجدنا أن التغيرات التي طرأت 
عليها ربما كانت أكثر تعقيدا. فكما هو الحال في جميع أنحاء العالم 
الإسلامي تتجه الجمعيات إلى أن تكون لها جوانب إسلامية ممتزجة بشتى 
الطرق مع أي جوانب أخرى. ففي الأيام الأولى لانتشار الإسلام في 
إندونيسيا كانت الطرق الدينيةء التي كان للكثير منها طابع صوفي واضح 
تلعب دورا مهماء وإن يكن غير محقق. فلابد أن بعض أشكال التنظيم كانت 
تدعم الانفجارات الثورية التي كانت تندلع من آن لآخر بين الحركات المعارضة 
لانتشار الحكم الاستعماري» وهي الحركات التي كانت تصطبغ بالصبغة 
الدينية بدرجات متفاوتة. وقد جاء بعد ذلك نمط تتظيمى «حديث» يهدف 
SL e‏ رو OI‏ ا و 
من أعمدتها. أما اليوم فنجد أن اتجاه السرية الدينيةء الذي يقال إنه 
إسلامي. يشكل جذور بعض ظواهر التجمع المعاصرة. 

أما في الفنون فلا يمكن اعتبار إندونيسيا تفرعا لتراث توطد في 
أماكن أخرى في العالم الإسلامي. سواء في الشرق الأدنى أو في شبه 
القارة الهندية. فلاندونيسيا تراثان فنيان أساسيان على الأقل؛ وهما غنيان 
جداء أحدهما ينتمي إلى الأصل الوثني القديم والآخر تأثر بالهندوسية 
والبوذية. وكلاهما يشمل فنونا عديدة مثل الموسيقى والنحت وفن العمارة 
والأدب (وهو أحيانا تراث شفهيء وأحيانا أخرى أدب مكتوب). ويمكن أن 
نضيف إلى ما سبقء التدوين التاريخيء سواء اتخذ الشكل الخرافي أو 
الأسطوري أم شكل السرد الزمني للأحداث. ويتخذ تأثير الإسلام-أو على 
الأصح تأثير عملية التحول إلى الإسلام-طابع العامل الذي يخفف من أثر 
أنواع التراث هذه في معظم الحالات. فلم يجلب الإسلام إلى هذه الفنون 
سوى تعديلات فعلية طفيفة نسبياء كما أن تأثيره كقوة دافعة جديدة كان 
أقل حتى من ذلك. صحيح أن شكل قبور المسلمين يطابق النمط الإسلامي 


178 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


العام المعروف» وكذلك الحال بالنسبة للقبور الأكثر تعقيداء والخاصة 
بالآولياء. ولكن المسجد إندونيسي الطابع تماما من حيث هندسة عمارته 
في الحالات النموذجية: إذ نجد فيه سقفا عاليا ذا طبقات» كما نجده من 
دون مئذنة في معظم الأحيان. (ويؤذن للصلاة بقرع طبل ضخم يسمى 
«بدوغ» (bedug‏ . 

وأما فى ميدان اللغة فبما أن اللغة العربية هى لغة القرآن ولغة الأدب 
الأسلافي الأساسي كلة .ويم آن الاسلامهها فيه السفيارة من شبعة 
من الاتصالات مع الخارج:ء وبما أنه كانت توجد مستعمرات للعرب الجنوبيين 
(الحضارمة) في أجزاء من الأرخبيلء فقد كان من الطبيعي لبعض اللغات 
الإندونيسية على الأقل أن تعبر عن تحول متكلميها إلى الإسلام من خلال 
قدر من التعرب اللغوي. ويتمثل ذلك بصورة خاصة في بعض لغات سوماطرة 
كالأتشهنييزية Achelnese‏ . فقد استعملت هذه eta‏ الأبجديةالعربية, 
وربما كان ذلك خلال تحولها من تراث شفهي إلى تراث مكتوب. ثم إنها 
أخذت إلى حد ما مفردات عربية عديدة. وكان من الطبيعي أن يقع الاختيار 
على المصطلحات الفنية المتعلقة بالفقه والفلسفة والدين: وكذلك الحال 
بالنسبة للكلمات الدالة على بعض المفاهيم المجردة. كما تسللت بعض الألفاظ 
العامة ومن الجائز أن الفرض الوحيد من استخدام بعضها كان مجرد 
التفاخر والمباهاة؛ وذلك نظرا لوجود مرادفات كافية في اللغة المعنية. والذي 
حدث هو أن اللغة الملايوية كانت. نسبياء من أكثر اللغات تأثراء وهذه اللغة 
هي التي أصبحت اللغة المشتركة في جميع المناطق الساحلية. وقد كان ذلك 
في البدء من أجل غايات تجارية ثم في النهاية من أجل التعبير السياسي 
أيضا. وتحت اسم اللغة الإندونيسية أصبحت الآن هي اللغة الرسمية للبلاد . 
وقد وضعت على سندان الوطنية وطوعت لتصبح الأداة المناسبة للتعبير عن 
جميع الأغراض. بما في ذلك الأدب. على أن تحقيقها لهذه المكانة قد 
اقترن بالإقلال من العنصر العربي فيها. فقد توقف استعمال الأبجدية 
العربية خلافا للأبجدية الجاوية مثلا-في جميع اللغات التي كانت تكتب 
بهاء واستبدلت بها الأبجدية اللاتينية. 

وبالنسبة للأدب فيجب أن نفترض أن براعم الأدب الإسلامي في 
إندونيسيا قد ملأت إلى حد ما فراغ الحاجة إلى المعلومات» وهي الحاجة 


179 


تراث الإسلام 


التي نشأت عن التحول إلى الإسلام. ومن جهة أخرى كان لابد للأدب 
الإسلامى أن يشق لنفسه مكانا عن طريق الحلول محل الأشكال الأدبية 
اة فى D edi‏ الى سبط s aL hea‏ العاف 
Wig Sued il‏ د Sous ots‏ الصلبة التي كان يبديها التراث 
المحلي» فيجب أن نفترضء (ويمكن أن نرى ذلك في الواقع هنا وهناك) أن 
عملية الحلول تلك كانت عملية بطيئة . وليس هنالك ما يدل على الاختلاط؛ 
بل كان الأمر عبارة عن أدبين في تنافس متبادل. من جهة أخرى فقد جرى 
الاختلاط في المجابهة بين التراثين الأدبيين المكتوبين. والمثال البارز على 
ذلك نجده في أدب جاوا. غفي ذلك الأدب أفسح التراث المستمرء المشبع 
بعناصر هندية؛ المجال لقدر من العناصر الإسلامية؛ ولكن دون أي تغيير 
جذري في خصائصه العامة. وهذا النوع من التمازج يكاد يكون معدوما في 
lily Goi UL‏ إذ إن منطقة باتاك «شرقي سوماطرة» قد قاومت 
عملية التحول الإسلامي إلى حد كبير. ولكن التمازج يظهر في البوغينية 
والمكاسرية وهما اللغتان الرئيسيتان في جنوب سيليبس» حيث يظهر التحول 
إلى الإسلام حتى في استعمال الكتابة العربية. وتظهر أوضح حالات التأثر 
التام بالأدب الإسلامي» مرة أخرى في اللغتين الأتشهينيزية والمالايوية. 
ففي هذه اللغات جميعا ازدهر تراث مكتوب: على شکل مخطوطات» خلال 
ثلاثة قرون على الأقل» منذ أوائل القرن السابع عشر حتى أوائل القرن 
العشرين. هذا all‏ الذي بدأه المتصوفة من الإندونيسيين والهنود؛ كما 
بدأه واحد على الأقل من المتحمسين لمناهضة الصوفية؛ كان من أصل 
هندي-هذا التراث كانت أصوله ترجع إلى الطريقة التي كان العلماء الأوائل 
يبثون بها الإسلام في عقول تلاميذهم. وتظهر طريقة عرضهم للموضوع, 
وهي طريقة توفيقية بالضرورة. في مخطوطات ممتلئة بملاحظات مبعثرة 
هنا وهتالق: ماخوذة أثناء اكساشرات ومختلظة يجمل تزاف ورا ما 
كانت تبدأ وتنتهي بصورة فجائية. وهي مخطوطات لابد أنها نسخت من 
أصول كانت في متتاول الأيدي. ومعظمها بالعربية. وبهذه الطريقة نفسها 
دخلت نصوص أساسية في التفسير والكلام والفقه في نطاق الاستعمالات 
اللغوية الإندونيسية. وكثيرا ما يوجد فيها ترجمة بين السطور إلى لغة من 
اللغات الإندونيسية. وبصورة عامة فإن هذا التراث من المخطوطات لا 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


يمكن أن يكون قد ترك مجالا كبيرا للأصالة الإندونيسية في الأمور المتعلقة 
بالفكر الديني. وحتى في الأمور المتعلقة بالتفضيل الظاهر لبعض المؤلفين 
على بعضهم الآخر فريما يجب الامتناع عن إصدار أحكام حول ما يفضله 
الإندونيسيون. فلا يمكن البت في مسألة أن هذه التفضيلات القائمة هي 
ناجمة عن اختيار واع أو أنها إنما تعود إلى هذه المصادر التي توافرت 
بالمصادفة في الأيام القديمة. وفي أواخر القرن التاسع عشر أخذت الكتب 
المطبوعة تحل مكان المخطوطات. وقد أنتجت المطابع في إندونيسيا 
والتي تستخدم الأحرف اللاتينيةء منذ بداية القرن» أعدادا متزايدة من 
الكراريس والكتيبات الصغيرة؛ وأحيانا من الكتب الكبيرة: المتعلقة بالمواضيع 
الإسلامية. وكان العامل الرئيسي في هذا المجال استجابة إندونيسيا إلى 
ما يسمى بحركة التحديث على النمط المصري-السوري وخصوصا الهندي. 
وهنالك عامل آخر يتجلى في ظهور وتطور الأحزاب السياسية الإسلامية 
وغيرها من المنظمات. وكل منها يؤدي إلى توسيع سوق الطلب على المعلومات. 
ولو نظرنا إلى هذا الإنتاج المتزايد من الناحية الكيفية فقد لا نجد فيه 
الكثير مما يمكن أن يعتبر مساويا لكتابات الكتاب الرئيسيين في الشرق 
الأدنى أو في الهند وباكستان. لكن ثمة من جهة أخرى أوجها للمقارنة 
بالنسبة للطريقة التي يعرض بها الكتاب القضايا المألوفة ويناقشونها . ولكي 
نختم هذا الجزء لعله من الضروري أن نذكر بصورة عابرة الأدب الإندونيسي 
المعاصر-من شعر وقصص قصيرة وروايات-الذي كتبه بالفعل كتاب مسلمون, 
إلا أنه لم يكن إسلاميا إلا من حيث الروح العامة المبهمة ومن حيث بعض 
الإشارات الواردة فيه. وقد لعب هذا الآدب دورا مهما خلال السنوات 
الأخيرة الحاسمة من النضال من أجل الاستقلال. 

إن لانتشار الإسلام في أنحاء إندونيسيا جانبا تجاريا كان سابقا على 
الجانب السياسي الذي اكتسبه من جراء تفاقم الاستعمار الأوروبي إلى حد 
بعيد . ويمكن أن يقال إن الإسلام وصل إلى إندونيسياء وبدأ ينتشر في 
إندونيسياء على جناحي التجارة. ولكن يجب أن نكون حذرين بالنسبة للنتائج 
التي نستخلصها من هذه القضية. فقد يكون الأمر كله مجرد مصادفة؛ ولا 
يتعين أن يكون في ذلك أي دليل على وجود أي علاقات جوهرية بين نظرة 
المسلمين إلى الحياة وبين التكوين العقلي المألوف لرجل الأعمال. 


تراث الإسلام 


إن أعداد المسامين في إندوئيسيا كبيرة إلى درجة آن الإندونيسيين 
يستطيعون بحق أن يفخروا بأنهم من أكبر الآمم من أصل مجموع السكان؛ 
البالغ عددهم 120 مليون نسمة هناك 90 مليونا من المسلمين. وهو قول 
نادرا ما يخالفهم فيه أحد مخالفة صريحة . فمع عدم وجود معلومات 
إحصائية حول هذا الموضوع يصعب مناقضة هذا الرقم أو تأييده. على أن 
لهذا الرقم دلالة عميقة جداء من ناحية معينة. فهو يعبر عن رغبة الكثيرين 
من الإندونيسيين في أن يكون للأمة الإندونيسية هوية إسلاميةء لكنه لا 
يعني» ولا يمكن أن يعني» أن نفس أعداد الإندونيسيين يرغبون بنفس الدرجة 
في أن تأخذ هذه الهوية طابعا رسميا” : إذ إن عدد الذين يرغبون صراحة 
في أن تكون إندونيسيا رسميا دولة إسلامية لا يبدو الآن كبيراء كما أن 
نفوذهم لا يبدو قويا. صحيح أن هناك بعض الفئّات من الإندونيسيين 
الذين يظهرون: بلباسهم (الأبيض) وسلوكهم العام: نماذج حية للتقوى 
الإسلامية؛ وهؤلاء يعرفون في جاوا باسم (ونج بوتيهان si (Wong Putihan‏ 
الناس البيض. على أنه بصورة عامة لا فرق بين الإندونيسيين وغيرهم من 
مسلمي البلاد الأخرى من حيث أداء الشعائر الدينيةء ولكنهم يتميزون 
بحماس ملحوظ للحج إلى مكة. وريما يعود ذلك إلى شعورهم بالمسافة. 
المادية والروحية؛ التي تفصلهم عن المراكز الحقيقية للاسلام. فللاسلام 
الإندونيسي طابع إندونيسي مميزء لكن هذا الطابع يتفاوت بدرجات وعلى 
أنحاء كثيرة حسب المكان. فغفي جاوا الوسطى حيث كان تأثير الهندوسية 
والبوذية عميقا جدا يظهر الإسلام كطبقة خارجية رقيقة تغطي نمطا 
ثقافيا سابقا مستمراء على أن هذا لا يمنع أغرادا من الناس من أن يكونوا 
مسلمين مخلصين. ومن جهة أخرى ففي منطقة هولو سونفاي في شمال 
شرق بنجرماسين إلى جنوب كلمنتان؛ لا نستطيع أن نتبين أي ثقافة محلية 
محددة, لأن معظم السكان من الوافدين الجدد نسبيا والقادمين من أماكن 
مختلفةء وفي هذه المنطقة يملأ الإسلام الفراغ الثقافي بطريقة تبدو عشوائية 
إلا أنه من الواضح أنها تفي بالغرض. 

ولدى إندونيسيا سياسة للدولة تقوم على خمس نقاط؛ وتعود إلى ell‏ 
التي سبقت الاستسلام الياباني سنة (1945) بقليل. وإحدى هذه النقاط هي 
التأكيد على ما يسمى «كي توهانان جانغ ماها-إيسا -قطة]! Ke Tuhanan Jang‏ 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


4» وهي جملة تصعب ترجمتها لشدة إيجازهاء ولكنها تؤكد أن الموجود 
الذي هو المطلق هو الله. وهي تشير بصورة واضحة إلى العقيدة الإسلامية, 
إلا أن ضيغتها وضعت عمدا على هذا الشكل العام حتى يوافق أتباع الأديان 
الأخرى بدورهم عليها. ومن الجدير بالذكر أنه عندما عرضت النقاط 
الكمس لأول هرة أظهن بعضن الزعماء السلمين كرددا في قبولها :على af‏ 
سواء أكان الأمر يبدو من قبيل تعدد المعاني أو الغموضء فإن النتيجة 
الحتمية هي حالة من الفوضى بين آراء مختلفة ومتصادمة أحيانا في 
السك الأسااسن: على أن هذا السك يري أن حدمن ركاه معسكر 
واحد في وجه tala‏ الآتية من المعسكرات الأيديولوجية الأخرى. ومن 
بين هذه المعسكرات نجد أن الحركة الوطنية بحد ذاتهاء تقل أهمية على 
نحو متزايد . أما المسيحية فهي رغم أهميتها كعامل اجتماعي يتولى الدفاع 
عن حاجات التنمية في البلادء فإنها لا تظهر حتى الآن بدور مميز كعقيدة 
قائمة بذاتها ولذاتها. 
والحقيقة البارزة هي أن إندونيسيا تظهر أمام العالم باعتبارها أمة 
إسلامية . وفي نفس الوقت فإن الإسلام الإندونيسي ليس مجرد صورة 
مطابقة للإسلام في أماكن أخرى: سواء أكان ذلك هو الإسلام في الهند. 
التي منها جاء الإسلام إلى إندونيسيا في البداية؛ أو الإسلام في أراضيه 
الأصلية التي كانت لمدة طويلة القطب الذي يهتدي به المسلمون الإندونيسيون. 
ولقد وجد من ظن أنه ثمة نوع من الالتباس والغموض في هذه النقطةء 
وهؤلاء هم من غير المسلمين من دون شك. ولكن إذا كان في الآمر التباس 
أو غموض فإنه لا يمكن أن يكون ظاهرة تقتصر على الوضع في إندونيسيا . 
فهذا الغموض أو الالتباس يمكن تتبعه في أشكال متنوعة وبصورة مستمرة: 
في أي مكان من العالم الإسلامي؛ وربما كان أوضح ظهورا في الأجزاء 
النائية. لكنه موجود بصورة أساسية في كل مكان؛ حتى في مراكز الإسلام 
الآصلية. والمسآلة بالنسبة للإسلام الإندونيسي توازي بصورة دقيقةء وتشبه 
إلى حد بعيد. الحوادث والظواهر الجارية في أجزاء أخرى من العالم 
الإسلامي» بما فيها البلاد التي تعتبر قلب الإسلام. 
س.أ. أو. فان نيووينهويجزه 


C.A.O. Van Nieuwenhuijze 


الحواشي 


(*) قبلت موريتانيا والصومال عضوين في الجامعة العربية بعد كتابة هذا البحث, الأولى موريتانيا 
الإسلامية سنة ۱973ء والثانية سنة 1974. 

(*1) يكرر الكتاب الغربيون دوما هذه النغمة في كل مناسبة؛ والواقع المعروف أن تجارة الرقيق في 
أوج ازدهارها كانت من أعمال القراصنة الإسبان والبرتغاليين ثم الإنجليز والهولنديين في القارة 
الأفريقية كلهاء منذ القرن السادس عشر حتى التاسع عشرء ولا يقدر عدد من استرقوا بأقل من 
مائة مليون هلك منهم بالمرض وعند النقل 70 بالمائة. أما الرق السابق لهذه الفترة فقد كان يدخل 
الأرقاء في الإسلام وعن طريق ذلك في المجتمعات الإسلامية؛ بمعنى أنه كان يذوب فيها باستمرار. 
وقد نجم عن ذلك أحيانا أن وصل إلى قمة الحكم باستمرار عناصر واسعة من الرقيق التركي؛ 
كابن طولون وطفتيكن» والزنجي مثل كافورء والسلافي والقوقازي ومنهم كان معظم سلاطين 
المماليك. ويمكن أن تضيف إلى هذا أن الإسلام كان روح المقاومة والنظام في المجتمعات الأفريقية 
خلال نضالها السياسي ضد الاستعمار منذ القرن الثامن عشر حتى الاستقلالات. 

(*2) ويروى هذا الحديث: تاركوا الترك ما تركوكم؛ وقد يضاف إليه: فإنهم أصحاب بأس شديد . 
ومثل هذا الحديث والحديث القدسي الآخر المروي بعده ليست من الأحاديث الصحيحة» وهي 
تروى خاصة اعتبارا من العصر galai‏ الثاني أيام سيطر الجند الترك على مصائر الخلافة 
العباسيةء وإنما يوردها المؤلفون الأتراك أو في معرض مديح الترك. انظر الحديث الأول مثلا 
لدى (تاريخ جهان كشاي للجويني) جا ص|اء ورسائل الجاحظ جا ص 76 و 58 وكتاب البلدان لابن 
الفقيه ص 316 ومعجم البلدان لياقوت ج5 ص 23 وانظر الحديث القدسي في كتاب ديوان لغة 
الترك للكشفري. 

(*3) هي الآيات الكريمة في سورة الكهف. وقد جاء فيها أن ذا القرنين بنى من دون قوم يأجوج 
ومأجوج سدا. (الآيات 92 حتى 97). وقد ورد ذكر القوم في سورة الأنبياء أيضا الآية 96. وأما ذو 
القرنين فقد أظهرت الدراسات الحديثة أنه ليس بالإسكندر المقدوني. 

(*4) لعلنا نشير هنا إلى أن القائد الفاتح الذي حقق أكبر النجاح على هذه الجبهة خلال 5ا سنة 
من القتال؛ وتوغل حتى المناطق القريبة من موسكو هو مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين زمن 
ولايته في أرمينية ولو أنه بقي على القيادة في تلك الجبهة لكان من المحتمل ألا تكون قضية 
فلسطين الحالية؛ فإن الخزر الذين تركهم دون إسلام قد دخلوا بعده مباشرة في اليهودية وشكلوا 
يهود روسيا الذين انتشروا في شرق آوروبا. وقد هاجر قسم منهم إلى نيويورك في القرن الماضي 
وقسم إلى فلسطين (اليهود الأشكنازيم). 

(*5) نجد في رسالة فضائل الأتراك (رسائل الجاحظ جا ص 62) الجملة الأولى فقط ونجد باقي 
الصفات في مقاطع أخرى منها «وليس في الأرض قوم إلا والتساند في الحروب ضار لهم إلا 
الآتراك...» وإنما شأنهم إحكام أمرهم فالاختلاف يقل بينهم (ج١‏ ص 55) وقد صاروا «للخلفاء 
وقاية وموئلا وجنة حصينة...» oo Ig)‏ 75( يقول الجاحظ هذا طبعا أيام المتوكل وقبل مقتل هذا 
الخليفة على أيديهم وسقوط مقام الخلافة بتدخلاتهم وتسلطهم. 


184 


الحدود القصوى للاسلام فى أفريقيا وآسيا 


(*6) لا نرى ضرورة لمعاودة الإشارة إلى ما في هذا الحكم المطلق من المجازفة الواسعة والتحامل. 
(*7) من المعروف أن سلاطين المماليك لم يكونوا سلالة أو أسرة؛ ولكنهم مماليك للسلاطين 
المماليك الذين سبقوهم في الحكم. وكان يتولى مملوك بارز من مماليك السلطان المتوفى برغم 
محاولات السلاطين إقرار نظام الوراثة لأبنائهم باستمرار. 

(*8) يمكن مراجعة ما كتبه المقدسي البشاري في كتابه : أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم, 
اعتبارا من صفحة 260 فما بعد. 

(*9) حدود العالم من المشرق إلى المغرب: مؤلف جغرافي بالفارسية. نشره مصورا عن الأصل 
المستشرق بارتولد سنة 1930 وهو مجهول المؤلف. وقد كتب حوالي سنة 372ه/982م لامير 
جوزجان في شمال شرقي أفغانستان. كشف عن مخطوطه في الأصل المستشرق طومانسكي سنة 
2 ومصادر المؤلف عربية. ويرى بارتولد أنه يعتمد على الجيهاني وعلى كتابات الأصطخري. 
وينقسم الكتاب إلى |6 فصلا صغيرا في كتابة عملية مقتضبة. 1 1 
(*10) هناك جغرافيان يحملان نسبة المروزي: الأول هو أبو العباس جعفر بن أحمد المروزي 
المتوفى حوالي سنة 887 وهو أديب له مصنف في الجغرافيا. والآخر. وهو المقصود هنا: شرف 
الزمان طاهر المروزي العالم بالطبيعيات والطبيب العربي المعروف. وقد عاش في أواخر عهد 
السلاجقة؛ وكان طبيبا في بلاطهم, وكتابه المقصود هنا لا يزال مخطوطا واسمه طبائع الحيوان 
ولكن القسم منه يتكلم عن الأجناس البشرية. وفيه روايات عن الشرق الأقصى (الصين) وعند 
الهند والتبت» وقد حفظ لنا روايات عديدة من الجيهاني. ويبدو أن الكتاب كتب ما بين أواخر 
القرن الخامس/الحادي عشر وأوائل السادس/الثاني عشر. فآخر تاريخ فيه يرجع إلى سنة 
514(. 

(11) هم الشعب الذين يعرفهم المؤرخون المسلمون باسم الأغز أو الغز والذين تزعمهم السلاجقة 
وتدفقوا بهم ضمن العالم الإسلامي والأناضول في القرن الخامس للهجرة (١ام)‏ وسموا أحيانا 
بالتركمان. ومعنى توقوز ‏ أو غز القبائل التسع؛ ولعلهم في الأصل تحالف قبائل تركية قديمة. 
S> (12+)‏ هذا الإيلخان فيما بين سنتي 690 . 694ه/ 295-1291ام. وهو من أسرة هولاكو المشهور 
نفسه الذي أسس الأسرة الإيلخانية في إيران وقد حكمت ما بين سنة 746-645ه/336-1256ام. 
(*13) ثمة في الواقع أن مرحلة واسعة ما بين العهد الأموي والعهد الإسماعيلي في هذا الإقليم 
من الهند؛ تمتد أكثر من مائة وخمسين سنة. وقد تبع فيها أولا الحكم العباسي ثم ظهر فيه نوع 
من الولاية الوراثية الإسلامية (لبني المهلب وبني برمك) ثم تحول بعد أن حكمه عمر بن عبد 
العزيز الهباري في أيام المتوكل إلى إمارات عربية صغيرة متناحرة. وأول داعية إسماعيلي وصل 
الهند هو الهيثم شقيق ابن حوشب داعية الفاطميين في اليمين وكان ذلك حوالي سنة 270ه. 
(*14) أهم ما جاء في التراث العربي عن الهند في هذه الفترة هو ما كتبه أبو الريجان محمد بن 
أحمد البيروني الذي عاش في السند أربعين سنةء وصنف كتابا يعتبر مرجعا في تاريخ الهند 
لعهده اسمه: تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة. وقد توفي سنة 440ه// 1048 
عن سبع وسبعين سنة. 

(*15) أسس هذه السلالة خواجة جهان وزير السلطان محمود التغلقي في بهار واود وقنوج وبرائج 
وحكمها من بعده أولاده حكما ناجحا وتركوا فيها آثارا ما تزال موجودة . وقد حكمت الآسرة من 
سنة 796 حتى 905ه/1500-1394 حتى دخلت في اتحاد مع سلاطين ملاوه. 

(*16) أسس هذه السلطنة حسن كانكو علاء الدين ظفر خان الأفغاني بعد أن تزعم الثورة ضد 


تراث الإسلام 


آخر بني تغلق واخرج قواتهم من الدكن.. 

(*17) هذه الإمارات قامت بها أسر عديدة: 

- العماد شاهيون (1572-1484/980-890) فى برار. 

- النظام شاهيون (1595-1490/1004-896 في أحمد نكر. 

- البريد شاهيون (1609-1492/1018-898) في بيدار. 

- العادل شاهيون (1668-1489/1097-895) فى بيجابور. 

- القطب شاهيون (1687-1512/1097-918) في غلكنده. 

وكان انقراضها جميعها تقريبا على يد أباطرة المفول. 

(*18) وذلك بالطبع قبل انفصال باكستان الأخير سنة 1974 إلى دولتي باكستان وبنغلاديش؛ وقد 
ظلت الهند تعمل بعد الاستقلال واستطاعت» مع أخطاء الحكم الباكستاني» أن تدعم حركة 
الانفصال في القسم الشرقي من الباكستان. حتى انتهت بالثورة ودعمتها الهند حربيا حتى أعلنت 
استقلالها وإقامة دولة بنغلاديش. 

(*19) هي الجزيرة الوحيدة تقريبا بين الجزر الإندونيسية الثلاثة آلاف التي لاتزال تدين بالديانة 
الهندوسية ‏ البوذية وتحتفظء. مع جمالها الطبيعي الرائع؛ بتقاليد الفن والرقص والنحت والمعابد 
لتلك الديانة. 

(*20) هو زعيم مسلم من زعماء جاوا وأمراء بعض المقاطعات فيها . ثار على الاستعمار الهولندي 
وقاتله بجيوشه ليطرده من إماراته. وانتصر عليه في معارك رهيبة متكررة. ولما هزم المستعمرون 
عسكريا لجأوا إلى الخديعة فبعثوا إلى الزعيم الثائر يفاوضونه في الجلاء عن إمارته. واطمآن 
الرجل وذهب للمفاوضات فألقوا القبض عليه والقوه في غيابة السجن حتى مات سنة 1855. 
ويعتبر ديبونيغورو في تاريخ إندونيسيا طليعة المقاومة الإندونئيسية للاستعمار. والسجن الذي 
قضى فيه ما زال بناء كبيرا قائما في بلدة سمرنغ ومخلفاته وبعض صوره موجودة في متحف 
هناك في منزل الحاكم يحج إليه الناس ويقرأون له الفاتحة. وكانت الثورة الكبرى بعده هي ثورة 
تيكوعمر وزوجته تيدين؛ في أواخر القرن التاسع عشر. وقد قتل تيكو في المعارك فتابعت زوجته 
ثورته مدة ثماني سنوات جندت فيها النساء للثورة حتى استشهدت بدورها سنة 1904. 

(21*) لعلنا نلاحظ ما لدى صاحب البحث من محاولات الدس على الإسلام في إندونيسيا: في 
العدد ‏ وفي التأثير ‏ وفي التطابق مع الدين الإسلامي. وذلك من خلال الظاهر العلمي ومن خلال 
الرغبة في التحلي بالدقة الشديدة. إنه يركز على الظواهر العابرة وعلى الأمور الخلافية وعلى 
الأفكار التحررية.. ويكشف ‏ كما نلاحظ في تعليقه السابق ‏ رغبته الكامنة في إبراز أي هوية 
دينية أخرى في تلك البلاد. 


186 


السياسة والحصرب 


لقد حكم المسلمون وخاضوا الحروب كما فعل 
المسيحيون وحرصواء شأنهم في ذلك شأن 
المسيحيين: على أن يجعلوا(" لدينهم دورا في كلا 
النشاطين. ولكن هنالك فروقا كبيرة في طبيعة 
هذا الدور وطريقته في كلتا الحالتين. فقد نادى 
مؤسس المسيحية أتباعه أن «أعطوا ما لقيصر 
لقيصر وما لله لله»-وخلال ثلاثة قرون نمت 
المسيحية كدين للمضطهدين إلى أن أصبح قيصر 
نفسه مسيحياء وبدأ سلسلة الإجراءات التي 
أصبحت الكنيسة بواسطتها مندمجة في الدولة, 
والدولة في الكنيسة. أما مؤسس الإسلام فقد جعل 
من نفسه قسطنطين("2. ففي حياته أصبح 
المسلمون جماعة سياسية ودينية كان الرسول 
سيدها المطلق-يحكم أرضا وشعباء ويقضي بين 
الناس ويجمع الضرائب ويقود الجيوش ويسير 
الدبلوماسية ويخوض الحرب. ولم تتعرض الأجيال 
الأولى من المسلمين إلى تجرية طويلة من 
الاضطهاد”” ولم تتمرن على مقاومة قوة غريبة 
ومعادية هي قوة الدولةء بل على العكس كانت دولتهم 
وقد تجلت لهم النعم الإلهية في هذه الدنيا ممثلة 
في النجاح والانتصار والإمبراطورية. 


187 


تراث الإسلام 


وإذنء فلم تنشاً أمام محمد (ص) وأصحابه مشكلة الاختيار بين الله 
وقيصرء أعني ذلك الفخ الذي لم يقع المسيح به وإنما وقع في حبائله الكثير 
من المسيحيين. ففي الإسلام لا يوجد «قيصر» بل يوجد الله وحده»ء وكان 
محمد (ص) رسوله الذي يعلم ويحكم باسمه. فكانت السلطة نفسهاء الصادرة 
عن المصدر نفسه؛ تدعم الرسول في كلتا المهمتين (مهمتي الدين والدولة). 
وكان الوحي ذاته يقدم محتوى المهمة الأولى وأساس الثانية. وعندما توفي 
محمد (ص) كانت مهمته الروحية والنبوية-وهي نشر رسالة الله-قد «cad‏ 
وبقي عمله الديني» ومعه العمل السياسي. وكان قوام هذا العمل هو نشر 
ر الله بين البشر وذلك عن طريق توسيع عضوية وسلطة الجماعة 
التي تعترف بذلك القانون وتؤيده. وكان لابد من وكيل أو خلف للرسول 
لقيادة هذه الجماعة. وتجمع الكلمة العربية «الخليفة» بين المعنيين. 

كان نظام «الخلافة» الإسلامي العظيم في البداية؛ أمرا مرتجلا. فقد 
عجل موت الرسول (ص)ء دون ترتيب أو تسمية من يخلفه؛ في حدوث أزمة 
في الجماعة المسلمة التي لم تزل في طور المهد. وكان هنالك خطر فادح 
من أن تتحلل الجماعة وتنقسم إلى أجزائها المكونة لها-فتختار القبائل 
رؤساء قبليين جددا وتعود إلى العادات وتضيع كلمة الله وُنسى. ولكن هذا 
الخطر زال بفضل العمل السريع والحازم لبضعة من صحابة الرسول 
المقربين. فقد جرى اختيار وقبول زعيم جديد. واتسع نطاق جماعة محمد 
في ظل حكمه وحكم خلفائه عن طريق الفتح والدخول في الدين لتصبح 
Lus‏ عالميا وإمبراطورية عالمية. ولابد أن المسلمين الأوائل قد اعتقدوا أن 
المسألة مسألة زمن-وليس زمنا طويلا-حتى ينضم العالم كله والإنسانية 
جمعاء إلى تلك الجماعة. 

والكلمة العربية المستعملة للدلالة على الجماعة هي الأمة. ولعلها مأخوذة 
من الكلمة العبرية)ء «عماه» الأمة. وتستعمل هذه الكلمة باللغة العربية 
الفصحى للدلالة على الكيانين العرقي D‏ وتطلق حتى على جماعات 
من الناس تريظ بيتهما صفة أو خاصة مشتركة. وقد وردت هذه الكلمة 
كثيرا في القرآن حيث استعملت للدلالة على المسيحيين: المسيحيين 
الصالحين» واليهود والعرب وأصحاب الفضيلة وكذلك على أتباع 
C72 235 (35 09 Jose Il‏ معاصرة حفظت في السيرة التقليدية لمحمد 


السياسه والحرب 


(ص) نجد أن جماعة المدينة تسمى «أمة واحدة من دون الناس». 

كانت للأمة الإسلامية die‏ البداية صفة مزدوجة. فقد كانت من جهة 
مجتمعا سياسيا- ا عني مشيخة قبلية تطورت بسرعة لتصبح دولة ثم 
إمبراطورية. ومن جهة أخرى كانت جماعة دينية أسسها رسول وحكمها 
خليفته. ففي أصولها كانت تتبع النموذج السياسي المقبول الوحيد وهو 
نموذج القبيلة العربية أو التحالف القبلي. وقد تعرض هذا النمط منذ حياة 
محمد (ص) لتغييرات مهمةء من حيث المحتوى ومحور الاهتمام. وقد توسعت 
هذه التغيرات وتسارعت كثيرا في ظل حكم الخلفاء. فقد كانت الخلافة 
نظام حكم حدده الإسلام؛ وحل الدين مكان القرابة كأساس للهوية الجماعية 
والولاءء وكما حل محل العرف أو أقره وبوصفه قانون الجماعة. وبينما كان 
شيخ القبيلة يحتل منصب الرئاسة على أساس الموافقة الطوعية للقبيلة 
وهي موافقة يمكن إلغاؤهاء فإن محمدا (ص) جاء إلى الحكم على أساس 
من الامتياز الديني المطلق واستمد سلطته ليس من الطرف المحكوم بل من 
الله. ولم يكن الخلفاء يدعون أنهم ورثوا الوظائف والامتيازات الروحية 
للنبوة. إلا أنهم كانوا الورثة الدينيين للرسول كرؤساء للأمة التي أنشأها 
وعليهم تقع مهمة إعلاء شريعة الله ونشرها بين البشر جميعا. وهذه الشريعة 
ذاتهاء كما صاغها كبار فقهاء الإسلام. تتطلب وتنظم منصب الخلافة 
الضروري من أجل نشر الإسلام وخير المسلمين (انظر أيضا أدناه حول 
الأمة. الفصل السابع (ب). القسم الثاني). 

وقد أصبح من التجديدات الشائعة حديثا التمييز بين «نظام الحكم» و 
«النظام الديني» في الإسلام. ولكن مهما كان مدى انطباق هذا التمييز على 
الإمبراطوريات الإسلامية اللاحقة-وحتى هذا كان موضع تساؤل-فإنه لم 
يكن على الإطلاق منطبقا على صدر الإسلام. ففي عهد الخلفاء الراشدين 
نجد أن الحكومة هي المؤسسة الدينية ولا يوجد غيرها. لقد وجد الغزاة 
الجرمان في الغرب دولة ودينا «سابقين لهم» هما الإمبراطورية الرومانية 
والكنيسة المسيحية؛ وكل منهما قد تطور في اتجاهات مختلفة بدءا من 
أصول متباينة. واحتفظ كل منهما بمؤسساته وطبقاته الحاكمة وقانونه. 
وقد اعترف الغزاة بكليهما وقبلوهما وعبروا عن أهدافهم وحاجاتهم أما 
العرب الفاتحون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقد جاؤوا بدينهم 


189 


تراث الإسلام 


وأوجدوا نظام حكم خاصا بهم لا فرق فيه بين الكنيسة والدولة لكونهما 
شيئا واحداء والرئيس المطلق لهذا النظام هو الخليفة. والواقع أنه لم يكن 
يوجد في المفهوم الإسلامي مقابل حقيقي لمثل تلك الأضداد: ديني ودنيوي» 
روحي وزمني» كهنوتي وعلماني» وحتى المقدس والمدنس» ولم يظهر مثل 
هذا التضاد إلا بعد وقت طويل جداء حبن استحدثت كلمات جديدة للتعبير 
عن مفاهيم جديدة: أما في العهد الأول للاسلام فلم تكن الثنائية التي تدل 
عليها تلك الكلمات معروفةء لذا لم يكن هنالك من كلمات للتعبير عنها. 
ولقد قيل إن الخليفة يجمع في آن واحد بين شخصيتي البابا والإمبراطور. 
على أن التشبيه مضلل. فلم تكن للخليفة وظائف بابوية أو حتى كهنوتية. 
ولم يكن يتلقى التعليم الرسمي لرجال الدين من العلماء. ولم يكن واجبه 
عرض الدین ولا تفسيره» بل كان واجبه هو دعمه وحمايته. وإيجاد الظروف 
التي من شأنها أن تمكن الناس من العيش حياة إسلامية صالحة في هذه 
الدنيا. وبذلك يعدون أنفسهم للحياة الآخرة. ولتحقيق ذلك يتوجب عليه أن 
يحافظ على القانون والنظام ضمن حدود الإسلام»ء وأن يدافع عن هذه 
الحدود ضد الهجمات الخارجية. وكان من واجبه-ما أمكنه ذلك-توسيع 
تلك الحدود؛ حتى يصل العالم كله. عندما يحين الوقت؛ إلى اعتناق الإسلام. 

وكان للخليفة ألقاب مختلفة. فهو opel! ale)‏ باعتباره الرئيس 
bul‏ ومن ثم فهو الذي يجب أن يؤمهم في الصلاة؛ وهذا هو اللقب الذي 
يفضله الفقهاء والقضاة حين يناقشون منصب الخلافة. وهو أمير المؤمنين 
باعتباره رئيس الدولة؛ وكان هذا اللقب هو المستعمل على صعيد المعاملات 
الرسمية:؛ إذ إنه يدل على السلطة السياسية والعسكرية. كذلك كان لقب 
الخليفة يستعمل على الصعيد الرسميء وهذا اللفظ؛ ومعه اللفظ المجرد 
المشتق من الخليفةء وهو الخلافةء هو الأكثر تداولا بين المؤرخين. 

وفي البداية كان الخليفة يلقب بخليفة رسول الله. أصبح فيما بعد 
يعرف بالصيغة الموجزة والقوية وهي «خليفة الله . ورغم معارضة الفقهاء 
فقد كان هذا اللقب شائعا جدا وإن كان ذلك بصورة غير رسمية. ومن 
الأمور التى تسترعى النظر أنه بينما تتحدث السياسة الغربية عن «المدينة» 
داكا رادرك af‏ الق سر اة دن jaa iss Sa‏ 
يعتبر الله هو المصدر النهائي للسلطة. فالجماعة أمة الله وممتلكاتها مال 


190 


السياسه والحرب 


الله. وكذلك الحال بالنسبة للجيش والغنائم الحربية. وأما أعداؤها فهم 
بالطبع؛ «أعداء الله . 

إن مؤسسة مركزية كالخلافة كان لا مفر لها من أن تتال اهتماما كبيرا 
من العلماء والمفكرين المسلمين. ففي الإسلام» كما في غيره»ء كان ثمة ناس 
يهتمون بملاحظة طبيعة السلطة السياسية وتعريفها وتنظيم ممارستها. 
وهذه المهمات كان يتولاها في الغرب اللاهوتيون والفلاسفة والسياسيون 
والمحامون الدستوريون وعلماء الاجتماع» كل بطريقته الخاصة. أما في 
العالم الإسلامي فهنالك حاجة إلى تصنيف آخر. فقد كانت أهم فئة من 
الكتاب المسلمين الذين اهتموا بمسألة الدولة. هي فئة الفقهاء السنيين. 
وبالنظر إلى طبيعة الفقه والشرع الإسلامي» فقد كانت طريقة تناولهم 
للموضوع فقهية وشرعية في الوقت نفسه. وكانت نقطة انطلاقهم رعاية 
الله للإنسان وتدخله في الأمور الإنسانية. وبالرغم من أن الإنسان حيوان 
سياسي» فهو بطبيعته يميل إلى الحرب والتدمير. وهو لا يستطيع بنفسه 
الوصول إلى معرفة الخير أو تحقيق وجود اجتماعي منظم. وهذه النواقص 
يعالجها الوحي والشرع الإلهي. فمن أجل دعم الشرع وتطبيقه لابد من 
حاكم أعلى: يكون منصبه إذن جزءا من التدبير الإلهي للبشرية. هذا الحاكم 
هو الخليفة: أو إذا أردنا أن نستعمل الكلمة المفضلة فى الكتابات الشرعية 
والفقهية؛ الإمام. وتعيين هذا الحاكم, والطافة الواحية ديد سيت 
واجب على الجماعة الإسلامية-فهو واجب ديني يعد عدم القيام به إثما 
وجريمة. وبما أنه لا يوجد إلا إله واحد وقانون إلهي واحد؛ يجب أن يكون 
هنالك حاكم أعلى واحد على الأرضء ليمثل الله ويطبق القانون. 

وقد اختلفت المدارس حول من يجب أن يكون الخليفة وحول كيفية 
اختياره. فهنالك اتفاق عام على أن الخليفة يجب أن يكون راشدا ذكرا حرا 
سليم العقل والجسم والخلق. حكيما شجاعاء وأن تكون لديه معرفة كافية 
بشريعة الله. وقد اتفق السنيون والشيعة على أنه يجب أن يكون من نسب 
الرسول*) لكنهم اختلفوا في تحديد هذا الشرط. فبالنسبة للسنيين يكفي 
أن يكون من قريشء قبيلة الرسول. وبالنسبة للشيعة فقد ضيق المجال 
وحصر في آل الرسول ثم في أسرتهء وآخيرا في ذريته المباشرة عن طريق 
ابنته فاطمة ‏ . 


191 


تراث الإسلام 


وقد نشأ خلاف أهم حول طريقة الاختيار. فقد أخذ الشيعة بالمبداً 
القائل بأن الإمام يشغل المنصب بأمر إلهي. لذلك لا يمكن أن يوجد إلا إمام 
واحد في dll‏ وكذلك لا يمكن أن يوجد إلا مرشح واحد يحق له أن 
يصبح خليفته؛ ويعرفه سلفه في العادة. أما السنة فقد أخذوا بمبداً الانتخاب 
على الطريقة المتبعة في اختيار القبيلة العربية لرئيسها الجديد . فأي مرشح 
تتوافر فيه الشروط اللازمة للترشيح يمكن أن ينتخب. وبالطبع لم يكن 
الناخبون هم جميع المسلمين» بل أولئك الذين يستطيعون بالنظر مركزهم 
وصفاتهم أن يقوموا بهذه المهمة-أي كبار الجماعة وأعيانها. ولم يحدد 
أبدا تركيب جمهور الناخبين ولا أعدادهم بصورة محددة ثابتةء ولا 
إجراءات الانتخاب. فكان بعض الفقهاء يتطلب موافقة جميع الناخبين 
المؤهلين. ولكن دون تحديد مؤهلاتهم. واكتفى آخرون بنصاب مؤلف من 
خمسة أو ثلاثة أو اثنين أو حتى ناخب واحد. وقد يكون هذا الناخب هو 
الخليفة الحاكم الذي يستطيع بذلك أن يسمي خليفة له. وهكذا فإن الناخب 
و الناخبين» بالنيابة عن الأمةء يعرضون الخلافة على المرشح» وفقا لنصوص 
القانونء ويعتبر قبول المرشح للمنصب عقدا قانونيا ملزما. ويعطى العقد 
طابعا رسميا عن طريق البيعة التي يرمز إليها بالمصافحة. ويلزم الخليفة 
بدعم الشرع والحفاظ على الآمةء وينبغي على الرعايا أن يطيعوا الخليفة 
وأن يساعدوه في هذين الواجبين. ويصبح العقد مُلقَى أو موقوفا إذا 
أصبح الخليفة عاجزا جسميا أو أخلاقيا عن القيام بواجباته؛ أو إذا حاول 
فرض ما يتعارض مع الدين وشريعة الإسلام. وهذه النقطة يعبر عنها في 
حديثين معروفين ينسبان للرسول:«لا طاعة في معصية» «ولا طاعة لمخلوق 
في معصية الخالق». ۰ 
هكذا كانت السالة هن التاهية GIS aes Gudea) Lely teal‏ ةا 
إلى حد مؤسف. فقد جاء الخلفاء الأربعة الأولء الذين يبجلم التراث 
الإسلامي بإطلاق اسم «الراشدين» عليهم. من الصفوة الإسلامية على 
أساس غير وراثي وفق طرق يمكن أن توصف بأنها انتخابية بالمعنى الشرعي 
السنيء لكن ثلاثة من الأربعة قتلواء والأخيران منهم قتلا في خلال حرب 
أهلية. وبعد ذلك أصبحت الخلافة عمليا وراثية في أسرتين متعاقبتين, 
أسرة الأمويين ثم أسرة العباسيين: اللتين كان نظام الحكومة وأسلوبه في 


192 


السياسه والحرب 


عهدهما أقرب إلى الإمبراطوريات المطلقة للعصور القديمة أكثر منه لنظام 
الجماعة الأبوي في المدينة. وهكذا ظل واجب الطاعة مفروضا على الرعاياء 
بل إنه ازداد PEE‏ التزام الخليفة بأن تتوافر فيه الشروط 
اللازمة لشغل المنصب وبأن ينفذ واجباته الملقاة عليه فقد أفرغ من معظم 


diis 

هذا القباين بين النظرية والتطبيق: اع بين معظلهات الشرع النبيلة 
يضاق المع ical‏ فل مض ااا كرون كل النظام السياشي 
راورن ااه اء ارهن لمانا اكان دكا سرا وسا 
لا علاقة له بالواقع: شانه في ذلك شان الحريات المدنية المكرسة في 
Glos‏ الدكتاتوريات الحديكة ,غير أوهةة القاركة مالع بها وقين Male‏ 
pV ells‏ اراو ن ن اف Sebast leas Il‏ 
ie sul‏ ف كرا اما الوا نیالنا 
متسر ا ی کی و ا د هديق تالجم بالصنيط عن 
ati aa]‏ الى تسل ن الل ااا لاسام مارات (Soi‏ 
الإستلامية: فمشكلة الفقهاء الذيق كنيوا في مسالة الحكم قى السلا 
كانت أعمق من المشكلة الناجمة عن سلوك حاكم فرد أو آخرء إذ كانت 
ied pel oli dhe‏ لسع الإبتلامي ككل متك آيام الوسول» وتو 
(dua old La‏ الع شا جا عن ada duels LEMS I ISAM‏ 
كما قدمها النبي. على أن الطعن في صلاحية نظام الحكم الذي عاش 
اللسلموق ى كا كان بتي اتن فى و راا a‏ ية ها La ging‏ 
acis‏ العلماء الستيون الذين كان pasas‏ تلولاك الذيقى سبنيا على السوايق 
toad a]‏ الحباعة وعلى ممارساتها. لذلك فقن كان الفقيه مصنطراء 
إلى خد غ إلى رين انكام الات سن eli de‏ عن اذه والتظاء 
Kalis Sas ad Legis Lal Legal a stad auda codi‏ اشن 
إل سا اة 

ی © واا اون غ فاون ی و اق اة 
capitis of asd Lael asd le Bs‏ اسای اول 
الا رف ارا الع اهبك فن الوادت الت ت من هار 
caudal Jotul‏ ولا الخيال الثاني رلا حتى اا لاحطة الهاي قرعم أن 


193 


تراث الإسلام 


جميع هذه النشاطات كان لها رجالها في العالم الإسلامي. فهذه الأمور 
بالنسبة للعلماء جزء من الشريعة؛ أي من شرع الله الإسلامي المقدس الذي 
لا يمكن للانسان على الأرض أن يلغيه أو يعدله. 

على أن (هذا الشرع) يمكن تفسيره: ويهذه الطريقة استطاع الفقهاء أن 
يحققوا نوعا من التوفيق بين الأمور النظرية والعملية. ففي الدولة الإسلامية 
التقليدية ظل رجال الدين يلتقون مع الحكام في أرض مشتركة للحوار. 
فبينما كانوا من جهة يستخدمون ما كان يمكن أن يكون لهم من نفوذ 
لتقريب أعمال الحكام من المثل العليا للإسلام فإنهم من جهة أخرى كانوا 
يحاولون» من خلال المهارة في التفسيرء آن يدخلوا الممارسات القائمة؛ بعد 
تحويرها بالشكل المناسب» ضمن شروحهم لشرع الله" . فالخلافة شورىء 
لكن الخليفة يمكن أن يسميه سلفه. والخليفة هو السيد المطلق الوحيد 
للإسلام كله؛ لكن الوزراء أو الولاة يجوز لهم أن يحصلوا على المنصب 
ويشغلوه عن طريق «الاستيلاء»» وتستطيع «جماعة من المتمردين» أن تمارس 
سلطة شرعية كحكام ومتحاربين. وبهذه الطريقة تمكن الفقهاء الشرعيون 
من مواجهة الحقائق الصعبةء وهي أن الخلافة قد أصبحت ملكية وراثية: 
وأن الخليفة في كثير من الأحيان مجرد ألعوبة؛ وأن وحدة الإسلام قد حل 
مكانها عدد من الدول المنفصلةء لكل منها سيادته. وتدخل أحيانا في صراع 
بعضها مع بعض. وقد انتهى الأمر بهذه الدول المنفصلة إلى أن طغت على 
الخلافة ذاتها. وقدم الفقهاء الشرعيون الواحد بعد الآخرء تنازلات. أخرى 
إزاء الواقع المتدهور إلى أن وصل الأمر إلى التخلي ضمنيا عن كل النظام 
المتعلق بالنظرية الدستورية الفقهية. واستحدثت وجهة نظر جديدة تقوم 
على المبدأً القائل بآن أي سلطة فعالة» بغض النظر عن الطريقة التي 
وصلت بها إلى الحكم والكيفية التي تمارس بها (الولاية). هي أفضل من 
العنف الفردي الذي لا يقيده رادع. وأصبح القول بأن «الظلم خير من 
الفوضى» شعارا شائعا بين الفقهاء. وكذلك القول بأن من «تَسئدَ سلطته 
وجبت طاعته». وكانت الشروط الوحيدة لذلك هي امتلاك القوة العسكرية 
الفعالة واحترام الإسلام» بالمعنى الواسع جدا للكلمة. وعندما وصلت الأمور 
إلى هذا الحد كان إسهام رجال الدين في الفكر السياسي لا يتجاوز التقوى 
والنصح التقليديين. أما التفسير الأكثر طرافة فقد جاء على أيدي الفلاسفة 


194 


السياسه والحرب 


والمؤرخين والأدباء ورجال الأعمال. 

لقد كان لدى هؤلاء الأخيرين الشيء الكثير مما ينبغي أن يلاحظ ويناقش. 
إذ إن تغييرات كبيرة كانت قد حصلت في نظام الحكم الإسلامي. فالخلافة 
المبنية على الشورى لم تدم أكثر من ثلاثين سنة. منذ وفاة محمد (ص) 
وتولي أبي بكر (ر) الخلافة عام 632 حتى مقتل علي (ر) والاعتراف بمعاوية 
عام ا66م. فمن أجل حل مشكلة الخلافة الصعبةء ولضمان استمرارية 
الحكم. سمى معاوية ابنه يزيد خليفة-معينا (وليا للعهد)-وأقنع الزعماء 
العرب بأن يقبلوا هذا التعيين. وبهذه الطريقة بدأت العملية التي أصبحت 
الخلافة بموجبها وراثية ضمن أسرة واحدة من الوجهة الواقعيةء وإن لم 
تكن قد أصبحت أبدا وراثية من الناحية النظرية. فقد ظل مبدأ الشورى 
قويا إلى الحد الكافي لمنع ظهور أي حكم معترف به للتوارث العائلي. وبدلا 
من ذلك فقد استمرء في عهد العباسيين كما في عهد الأمويينء ذلك 
العرف الذي يقوم الخليفة الحاكم بموجبه بتسمية أحد أبنائه أو أقربائه 
خليفة له. ويحصل على وعود بالبيعة له. وكثيرا ما كان الخليفة يسمي 
وريثين أو أكثر ليحكمواء الواحد بعد الآخر. وهذه المحاولات لتنظيم المستقبل 
نادرا ما كانت تنجح» وكانت في بعض الأحيان تؤدي إلى الكوارث. ففي 
الأزمان المتأخرةء حين كان الخليفة يقع تحت سيطرة وزرائه وقواده» كان 
هؤلاء هم الذين يعينون الخلفاء ويبدلونهم» وفقا لآأغراضهم ومنافساتهم. 

على أن هذه التغييرات في طبيعة الخلافة وفي نظام الحكم الإسلامي 
قد لفتت الأنظارء وكانت تلقى مقاومة. فقد واجه الأمويونء رغم أن المسلمين 
بصورة عامة قد قبلوهم. معارضة من مصدرين nage‏ اعترض كلاهما 
على حقهم بالخلافة. فمن جهة كان هنالك الخوارج الذين رفضوا المبدأين 
الملكي والوراثي» وكانوا يرون أن رئيس الأمة يجب أن يختار اختيارا حرا من 
المسلمين» وأن يبقى رئيسا ما داموا راغبين في ذلك. ويجب ألا تكون هنالك 
أي قيود تتعلق بالنسب أو المركز بالنسبة لمن يرشح لهذا المنصب سوى 
الجدارة. وجوابا على المبدأ السني القائل بأن الخليفة يجب أن يكون حرا 
عربيا قرشياء رد الخوارج بأن أي رجل بغض النظر عن مركزه أو أصله 
يمكن أن يكون خليفة إذا ما حظي بموافقة المؤمنين واحتفظ بهذه الموافقة. 

وعلى الطرف المضاد كان هنالك الشيعة الذين كانوا موافقين على وجوب 


195 


تراث الإسلام 


كون الخليفة حرا عربيا قرشياء لكنهم أصروا على أنه يجب أن يكون من آل 
الرسول. وهذا التحديد الضيق استبعد الأمويين لكنه شمل العباسيين الذين 
نجحوا آخر الأمر في انتزاع الخلافة منهم. وبعد ذلك حددت المقاومة 
الشيعية للحكم العباسي مطالب الشيعة بصورة أضيق؛ وقصرتها في الواقع 
على الذرية المباشرة للرسول من ابنته فاطمة وابن عمه وصهره علي LC‏ 

ورغم حركات المعارضة تلك وغيرها فقد بقي مبداً الوحدة-أي خلافة 
واحدة تشمل كل الإسلام-سليما مدة طويلة. ففي عهد الخلفاء الراشدين 
والأمويين كان الخليفة في الواقع هو السيد المطلق الوحيد في جميع البلاد 
التي فتحها المسلمون» وكان هو الذي يعين الولاة والقواد ويعزلهم. وأول 
خرق دائم لوحدة الخلافة وقع في عام 38اه/756م حين أصبح أمير أموي, 
ما أصبح فيما بعد إمارة مستقلةء خارج إمبراطورية الخلافة المشرقية. 

واستمرت عملية التجزئة السياسية تتوالى بسرعة. فقد بدأت فى 
«cal le VI‏ وهذا آمر طبيعى» وسرعان ما انتشرت نحو المركز. فبعد إسبانيا 
وقعت المغرب وتونس تحت حكم أسر مستقلة (ما بين أواخر القرن الثامن 
وأوائل التاسع). وظهرت دويلات أخرى في شرقي إيران (من أواخر القرن 
وسوريا والجزيرة العربية وحتى أجزاء من العراق في منتصف القرن 
العاشر”'ء ولم يبق لها (أي للخلافة العباسية) تحت سيطرتها الفعالة 
سوى العاصمة (بغداد) والمنطقة المحيطة بها. ومع الوقت لم يعد الخلفاء 
يحكمون حتى هذه (الرقعة الصغيرة)ء بل أصبحوا ألعوبة بأيدي قوادهم 
العسكريين. 

هذه الأسر الحاكمة المستقلة كانت ذات أصول متباينة. فبعضها-وهى 
عادة الأصغر والأضعف فيها-كانت من أصل محلي. TD‏ هذه الحالة كان 
يؤسسها أحيانا أعضاء الطبقات العليا من مالكى الأرض. وفى أحيان أكثر 
رؤساء القبائل؛ بل كان يؤسسها من آن لآخر قطاع الطرق وغيرهم من 
الخارجين على القانون. أما في الأعم الأغلب فقد كان مؤسسو الأسر 
الحاكمة من الضباط والجنود المرتزقة الذين كانوا يعينون فى منصب الولاية 


196 


السياسه والحرب 


لمنطقة ماء وكانوا مع الوقت ينجحون في جعل ولايتهم مستقلة في Gab‏ 
الأمر ثم وراثية. ففي إيران كان هؤلاء الولاة على الأغلب من أصل إيرانيء 
وكان حكمهم الذي يعتمد على الولاء المحلي يقترن بإحياء التراث الإيراني 
السياسي والاجتماعي والثقافي. وفي أماكن أخرى كان الحكام غرباء. من 
العرب في بادئ الأمرء ثم من الأتراك. وكانت سلطتهم» حتى عندما تكون 
خيرةء تقوم على الجند الأجانب بدلا من أي دعم محلي حقيقي» ولم تكن 
تمنحوية ياي [حياءامساكل (اللقراك اكعلي والتقليدي): 

أما الأمراء الأمويون في إسبانيا فقد أقاموا دولتهم متحدّين الخلافة 
(العباسية) وبقوا خارجها. وفي أماكن أخرى كان الأمراء الحاكمون في 
الإمبراطورية يكتفون بحقيقة الاستقلال ولم يصروا على النواحي الشكلية. 
وضي معظم الأحيان كانوا راغبين. بل متلهفين: على الاعتراف بالسيادة 
الاسمية للخليفة كرئيس للإسلام كله. وعلى أن يحصلوا منه على وثيقة 
تعيين مقابل ذلك. ومع الوقت أصبح الخليفة نوعا من السلطة التي تمنح 
الصبغة الشرعية الرسمية لإمارات أقيمت بوسائل هي أبعد ما تكون عن 
aa Es‏ كالغصيان والاغتساب والحرب م وكا المحتوض Biel‏ 
اا اة عى ا t Ci beso d‏ مل ات 
والسياسية؛ ولكنه كان فى العادة محدودا. 

$us 138 M اة وة اا‎ Ay a ESI ta LS 
مباشرة. وحين كان حكم من هذا النوع يدوم كان حكامه يسعون إلى التوصل‎ 
بطريقة من الطرق إلى توع من الصبوية مغ الخليفة ومعاونيه. على أنه كان‎ 
لهذه القاعدة شذوذ. فبعض المتمردين الذين كانوا يتأثرون بأفكار الشيعة‎ 
أو الخوارج لم يكوذوا يكتقون برقض ساطة الخليفة في منطقتهم» بل كانوا‎ 
يطعنون في حقه في الخلافة نفسها. وبالنسبة لهؤلاء لم تكن تنشاً مسألة‎ 
الاعتراف الرسمي المتبادل على الإطلاق: وإن لم يخل الأمر من قدر من‎ 
التعايش والتسامح الضمني المتبادل. ومثل هذا الحكم المتمرد كان يقوم‎ 
ويبقى-فيما عدا حالة كبيرة واحدة فقط-ضي المناطق النائية التي يصعب‎ 
آي تد لويس السنياسية الأنسمية وللرحدة‎ tal يكن‎ aly Leal] oaa 
الاجتماعية الحقيقية للعالم الإسلامي في ظل الخلافة السنية.‎ 

وتتمثل هذه الحالة الواحدة الشاذة عن القاعدة في الأسرة الحاكمة 


197 


تراث الإسلام 


الفاطمية التي كان توليها للحكم في تونس عام 909/297 انتصارا للحركة 
الثورية الكبيرة الثانية في الإسلام في العصور الوسطىء وذلك بعد الثورة 
الأولى التي أتت بالعباسيين إلى الحكم قبل ذلك بقرن ونصف القرن. وكان 
الفاطميون يختلفون نوعا ما عن القواد المحليين والجنود المتمردين والولاة 
الطموحين الذين كانوا يؤسسون الأسر الحاكمة في المشرق والمغرب. فقد 
كانوا رؤساء فرقة دينية رئيسية في الإسلام هي غرقة الشيعة الإسماعيلية. 
ومن هذا المنطلق فقد رخضوا الإذعان للسلطة الاسمية للعباسيين والذين 
نعتهم الفاطميون بالمغتصبين. فهم-كما قالوا-الأئمة بالوراثة واختيار الله 
وهم وحدهم أصحاب الحب الشرعي في الخلافة العالمية””'. وكانوا 
يهدفون»ء عن طريق الفتح والدعوة إلى الإسلامء إلى كسب الإسلام كله 
لقضيتهم» وإلى أن يطيحوا بالعباسيين مثلما أطاح العباسيون بالأمويين. 

ولقد كادوا أن ينجحوا تماما في تحقيق هذا الهدف. فبعد أن حكموا 
في شمال أفريقيا لمدة نصف قرن اتجهوا نحو الشرقء؛ وفي عام 358ه/ 
9م احتلوا مصر حيث بنوا عاصمة جديدة هي مدينة القاهرة. ومن مصر 
وسعوا سيطرتهم لتشمل فلسطين وسوريا وغربي الجزيرة العربية وجنوبيهاء 
بل شملت لفترة قصيرة بين سنتي 1057 9 1059 الموصل وبغداد نفسها. 
وكان هذا هو الأوج الذي وصلت إليه إمبراطوريتهم التي ما لبثت أن تضاءلت 
وأخذت في الانحطاطء إلى أن قضي على الخلافة الفاطمية عام 567 ه/ 
١م‏ وأعيدت مصر على يد صلاح الدين إلى السلطة العباسية والمذهب 
الى 

ولابد أن مستقبل الإسلام السني وكذلك الخلافة العباسية قد بدا 
خلال القرنين العاشر والحادي عشر في وضع مضطرب غير مستقر على 
الإطلاق. فقد كانت الخلافة الفاطمية المنافسة تحكم نصف العالم 
الإسلامي. وكانت تشكل تهديدا رئيسياء دينيا وسياسياء للنصف الباقي. 
وحتى في المناطق العباسية كان التشيع في حالة ازدهار ويزداد نفوذه ضفي 
عالم الأفكار وفي مراكز السلطة. وكان الخلفاء أنفسهم لفترة من الوقت 
تحت سيطرة أسرة من رجال البلاد الشيعيين الفرس(*". وفي أقصى 
الغرب حاول أمير قرطبة الأموي عندما رأى نفسه يواجه وضعا لم يسبق له 
مثيل وهو وجود خليفتين-واحد منشق في تونس وآخر تقليدي بعيد عن 


198 


السياسه والحرب 


الأول في بغداد-أن يحمي نفسه من التهديد الفاطمي بإعلان خلافته عام 
9 بعد ذلك أصبح هنالك ثلاثة خلفاء للاسلام لفترة من الوقت. وقد 
هبط العدد إلى اثنين عام ا۱03 بعد انهيار خلافة قرطبةء ثم إلى واحد هو 
الخليفة العباسي في بغداد» بعد آن دالت دولة الفاطميين عام 1171 .3165 
بذلك مبدأ الوحدة من جديد. 

هذه العودة كانت ترجع إلى عدة عوامل. كان أحدها الانحطاط الداخلي 
وانقسام الدولة والمذهب الفاطميين. وكان العامل الثاني ظهور نظام سياسي 
وعسكري جديد في المشرق. تحت حماية السلاطين الأتراك (السلاجقة). 

هذه الفترة تمثل نقطة الأوج لشكل جديد من أشكال السيادة في الإسلام. 
ضفي أثناء القرن التاسع أصبح حكم الأمراء-وهم ولاة على الأقاليم نظريا 
وحكام ينتمون إلى أسر مستقلة عمليا-أ صبحوا جزءا مقبولا في نمط الحكم 
الإسلامي. وقد اكتسب هذا النظام صفة الشرعية من جراء عرف أصبح 
متبعا عندتن» يقوم بمقتضاه الحاكم بإظهار الخضوع الرمزي للخليفة, 
الذي كان يعطيه وثيقة الولاية-أي رخصة للحكم في الواقع. وأخذ أجر مثل 
هذه الرخصة يزداد انخفاضا بالتدريج. ومع الزمن لم يعد الخليفة يمارس 
أي نوع من السلطة حتى في عاصمته: إذ انتقلت السلطة السياسية الحقيقية 
إلى أيدي سلسلة من القواد العسكريين (الأتراك)؛ وفي عام 935 نظم الوضع 
حين اتخذ أمين العاصية1"9" لنفسه لقب وأمين الآمراء» للدلالة على 
مركزه الأول بين بقية أمراء الإمبراطورية. وفي عام 946 أطلق البويهيون 
OY) a‏ على أنفسهم هذا اللقب يعد آن أصبحوا أسياد يغداد والعراق 
الجدد. وأصبح هذا اللقب في أيديهم عنوانا للسيادة على الإمبراطورية 
كلهاء متميزا عن لقب الخلافة؛ وأعلى منه في معظم النواحي العملية. ومن 
الجدير بالملاحظة أن البويهيين أحيوا أيضا اللقب الفارسي القديم 
«شاهنشاه» (ملك الملوك) واستعملوه بالإضافة إلى مقابله بالعربية «ملك 
الملوك». فإذا كان حكام الأقاليم ملوكا فإن حاكم العاصمة هو ملك الملوك. 

فمن الأقاليم حتى المركز كان هنالك نظام جديد للسلطة الحاكمة في 
طور الظهورء مقترن بسلطة الخليفة؛ ولكن له الأولوية في الأمور السياسية 
والعسكرية. وقد اكتملت هذه العملية في منتصف القرن الحادي عشرء مع 
تأسيس حكم الأتراك السلاجقة الذي شمل معظم جنوب غربي آسيا 


199 


تراث الإسلام 


وإقامتهم لنظام السلطنة. 

وكلمة «سلطان» في اللغة العربية اسم مجرد يفيد معنى السلطة أو 
الحكم. وكانت هذه الكلمة تستعمل منذ القديم لتفيد معنى الحكومة. ضفي 
مجتمع تكون فيه الدولة والحاكم كلمتين مترادفتين إلى حد ماء نجد أن 
هذه الكلمة أصبحت تطلق على من يمسك بالسلطة السياسية بالإضافة 
إلى وظيفة هذه السلطة..واستعملت أيضا بصورة غير رسمية للدلالة على 
الوزراء والولاة وغيرهم من الحكام» وحتى في بعض الأحيانء للدلالة على 
الخلفاء أنفسهم: من فاطميين وعباسيين. ولم يجن القرن العاشر حتى 
كانت تطلق بصورة عامة على الحكام المستقلين لتمييزهم عن الحكام الذين 
كانوا لا يزالون تعينهم وتعزلهم سلطة عليا. على أن استعمال هذه الكلمة 
ظل غير رسمي. وفي حين أنها ترد كثيرا من المصادر الأدبيةء كالرسائل 
مثلاء وضي قصائد المديح: فإنها لم ترد حتى ذلك الحين في الاستعمال 
الرسمي للنقود والنقوشء وإنما أصبحت رسمية لأول مرة في القرن الحادي 
عشر حين استعملها السلاجقة لقبا للزعيم الحاكم'. وفي البروتوكول 
السلجوقي اكتسبت كلمة «سلطان» معنى جديدا يتضمن ادعاء بحق جديد- 
لا يقل عن السيادة السياسية العليا على الإسلام كلهء ويوازي ويساوي على 
الأقل الأولوية الدينية للخليفة. 

وكان وضع الخلفاء بصورة عامة أفضل في عهد السلاطين «السلاجقة 
die “LSI‏ في عهد أمير الأمراء البويهي الشيعي. فقد كان السلاجقة 
سنيين مخلصين مدفوعين بشعور من يحمل رسالة دينية ورسالة حكم 
لإمبراطورية. فلم يكونواء مثل البويهيين: يعزلون الخلفاء كيفما اتفق» بل 
على العكس كانوا يعاملونهم ومنصبهم باحترام. لكنهم كانوا لا يقلون عنهم 
صرامة فيما يتعلق باحتفاظهم بالسلطة الحقيقية لأنفسهم. وكانوا أكثر 
صراحة بكثير في تأكيدهم على حقهم بذلك. وتظهر وجهة النظر السلجوقية 
معبرا عنها بوضوح في رسالة تعود إلى عام 528 ه ١١133/‏ موجهة من 
السلطان سنجر إلى وزير الخليفة: «لقد حصلنا من رب العالمين... على 
ملك العالم؛ ونلنا ذلك بالحق والوراثة: ومن والد أمير المؤمنين وجده... 
إن لدينا على ذلك عهدا وميثاقا»2 . 

بعبارة أخرى فإن السيادة في أسرة السلاجقة يمنحها الله لهم ويصادق 


السياسه والحرب 


عليها الخليفة كسلطة دينية. والسلطنة كالخلافة فريدة وشاملة. وكما لا 
يوجد إلا خليفة واحد» كرئيس ديني للجماعة الإسلاميةء كذلك لا يمكن 
أن يكون هنالك إلا سلطان واحد مسؤول عن النظام والأمن والحكومة في 
الإمبراطورية الإسلامية. هذا التقسيم للسلطة بين الخلافة والسلطنة أصبح 
متوطدا لدرجة أنه عندما حاول أحد الخلفاء؛ فى فترة ضعف السلاجقة: 
أن بارس سلظة نياسية سجقلة :فاق السلظان Lent duels Casey‏ 
على ما اعتبراه خرقا للامتيازات السلطانية. فالخليفة؛ في رأيهماء يجب 
أن يشغل نفسه بواجباته كإمام يصلي بالناس» وذلك أفضل وأشرف المهمات 
ويشكل حماية لحكام العالم: وغليه أن يترك مسائة الحكم إلى السلاطين 
الذين أوكلت لهم هذه المهمة( . 

ولم يغب ظهور هذه السيادة المزدوجة عن أذهان الذين كتبوا في أمور 
السياسة والدولة بالطبع فإن الشعور بالتغير يظهر أوضح ما يكون في 
كتابات آولئك الذين كانت معرفتهم بالسياسة عمليةء وبيروقراطية بصورة 
رئيسية. على أن هذا الوعي يمكن أن يلاحظ في أعمال علماء الكلام 
وحتى في أعمال الفقهاء. فبالنسبة للمفكرين المسلمين لم يكن التقسيم 
الأساسي هو ذلك التقسيم الغربي المألوف بين الأمور الدينية والعلمانية: إذ 
إن السلطنة أيضا كانت تعتبر مؤسسة دينية تقوم على الشريعة المقدسة 
وتحافظ عليها. كما أصبحت العلاقات بين الحكومة ورجال الدين المختصين 
أوثق بكثير في عهد السلاطين السلجوقيين وخلفائهم مما كانت عليه في 
ظل حكم الخلفاء. ولكن التمييز الحقيقي (بين السلطنة والخلافة) كما جاء 
في اتكتايات الإننلامية وخضوضا النارسيةوبين ترغين من dala‏ 
إحداهما نبوية والثانية ملكية. وهكذا قال كاتب فارسي من كتاب القرن 
الحادي عشر: «اعلم أن الله سبحانه قد أعطى سلطة للأنبياء وأخرى 
للملوك» وأنه فرض على أهل الأرض أن يمتثلوا للسلطتين وأن يعترفوا 
بالطريق القويم الذي وضعه الله»9). فالله يختار الرسول ويبعثه لينشر 
شرع الله ويقيمه. والحكومة التي يقيمها هي حكومة إلهية. أما الحكومة 
ay tt‏ فيجب أن يحكمها ملك يحصل على سلطته ويحافظ عليها 
بالوسائل السياسية والعسكرية. وامتلاكه لهذه السلطة يمنحه الحق في 
إصدار الأوامر ومعاقبة المسيئين. بصورة مستقلة عن شرع اللهء وإن تكن 


تراث الإسلام 


غير متعارضة معه. فإذا كان يعرف شرع الله ويطبقها بالعدل» فإن الله 
يبارك سلطته: :وعندها تحق عليه وعلى أشناغه «التعمكان»: نعمتا الدنيا 
والآخرة. ولا حاجة لرسول في كل عصرء ولم يآت أي رسول بعد محمد 
(Ue)‏ ولكن يجب أن يكون هنالك ملك بصورة دائمة لآنه من دون ملك تحل 
الفوضى مكان النظام. والواقع أن هذا العصر كان يفهم جيدا العلاقة بين 
التمسك بتعاليم الدين والاستقرار السياسيء وكثيرا ما كان يعبر عنها. 
وهي تتلخص في عبارة كثيرا ما كان المؤلفون المسلمون يستشهدون بهاء Lol‏ 
بوصفها من أمثلة الحكمة الفارسية القديمة؛ وإما بوصفها حديثا نبوياء 
وهي: «الإسلام (أو الدين) والحكم أخوان توأمان لا حياة لأحدهما من 
دون الآخر. فالإسلام هو الأساس والحكم هو الحارس. والشيء الذي 
لا أساس له ينهارء والشيء الذي لا حارس له يهلك:©. 

ولقد كان السلاجقة والسلاطين من بعدهم يؤكدون بقوة على دورهم 
باعتبارهم قوامين على الدين والشرع؛ وعلى ما يترتب على ذلك من التأييد 
الإلهي لسلطتهم في الحكم. ويرى بعض الكتاب أن للسلطانء إذا كان صالحاء 
الحق في نصيب من السلطة النبوية. على أن السلطة النبوية تكمن بصورة 
عامة في الشرع المقدسء ولذا فهي تكمن أيضا إلى حد ما في العلماء 
باعتبارهم قوامين على هذا الشرع. وهكذا كان القضاة. الذين يطبقون 
الشرع المقدسء يعدون نائبين عن الرسول. ولكن كانت هنالك محاكم أخرى 
وقضاة آخرون» يفرضون أوامر السلطان ويعاقبون من يخالفونه. وحتى 
هؤلاء القضاة لم يكن يعينهم الخليفةء بل كان السلطان الذي يستطيع هو 
وحده» باعتباره المالك للسلطة الحقيقيةء أن يقوم بالتعيين الفعلي» وبالتالي 
النافذ. ويهذه الطريقة نفسهاء ولهذا السبب نفسه: يختار السلطان الخليفة 
نفسه ويعينه-ثم يقسم يمين الولاء له باعتباره رئيس الجماعة والشخص 
الذي يتمثل فيه مبداً الوحدة السنية. وهكذا لم يكن التمييز بين الخلافة 
والسلطنة تمييزا بين ما هو ديني وما هو علماني» بقدر ما کان تمييزا كما 
قال بيجهوت 830006 بين الجانب «المهيب» والجانب «الفعال» في الحكومة, 
أي بين «أولئك الذين يشعر الشعب تجاههم بالتبجيلء وأولئك الذين 
بواسطتهم يتم الحكم والتدبير». فالخليفة كان يمثل السلطةء والسلطان 
يمثل القوة. والسلطان كان يمنح السلطة للخليفة؛ وهذا يفوضه بدوره 


السياسه والحرب 


(أن يمارسها). والخليفة يملك ولا يحكم» بينما السلطان يملك ويحكم. 

ولقد ظلت السلطنة الكبيرة للسلاجقة مدة من الزمن وهي تلقى الاحترام 
بوصفها مؤسسة سنية موحدة شاملة. وكان هناك ملوك آخرون يستعملون 
لقب السلطان بصورة غير رسميةء لكنهم كانوا يحجمون عن وضعه على 
نقودهم. على آنه مع انحلال وانقسام الإمبراطورية السلجوقية استعمل 
لقب «سلطان» على نحو أوسع وأكثر شيوعاء وأصبح هو اللقب السني 
الطبيعي لكل من ادعى بأنه رئيس للدولة ولم يعترف بأي سيد أعلى منه. 
وبهذا المعنى استعمل هذا اللقب حكام شمالي أفريقيا ومصر وتركيا وفارس 
والهند وبلاد أخرى. 

وفي عام 656ه/258ام قتل المغول الذين غزوا العراق آخر خليفة لبغداد 
(المستعصم بالله)ء وبهذا دفنوا شبح مؤسسة كانت ميتة بالفعل!*!0. وحتى 
عام 1517 ظلت سلسلة من الخلفاء الاسميين تشغل المنصب_ أو بالأحرى 
اللقب-في القاهرةء بوصفهم تابعين ماديا لسلاطين المماليك. فلم يكونوا 
ليمارسوا أي سلطة؛ ولم ينالوا إلا اعترافا محدودا خارج الأراضي الخاضعة 
لسيادة مصر. وبعد فتح العثمانيين لمصر أرسل آخرهم إلى إستانبول وعاد 
منها بعد بضع سنوات كمواطن عادي. وبعد ذلك لم يعد هنالك «s Lal.‏ 
وحكم السلاطين وحدهم كأسياد مطلقين للاسلام: فكان كل سلطان خليفة 
نفسه. وأصبحت كلمة الخليفة أحد الألقاب التي كان السلاطين يضيفونها 
إلى مجموعة ألقابهم: ولم يبق من معناها القديم إلا أقل القليل؛ أو لا شيء 
على الإطلاق؛ إلى أن بعثت من جديد في القرن الثامن عشر. 

على أنه رغم زوال الخلافة وتجزئة عالم الإسلام إلى عدد كبير من 
الكيانات السياسية المستقلة المنفصلة والمتحاربة في كثير من الأحيان؛ فقد 
بقي الشعور بالهوية والتماسك؛ وبأن المسلمين «أمة واحدة دون الناس»». 
قويا وفعالا . ورغم أن هذا الشعور كان أضعف من أن يحفظ الوحدة السياسية 
للعالم الإسلامي؛ فقد كان قويا إلى الحد الذي يكفي لكي يحول لمدة طويلة 
جدا دون ظهور كيانات سياسية دائمة ومستقرة داخل هذا العالم الإسلاميء 
سواء كانت وطنية أو إقليمية أو كانت منتمية إلى أسرة حاكمة واحدة. ولو 
قارنا ألقاب ملوك المسلمين بألقاب حكام العالم المسيحي لوجدنا بين هذه 
وتلك تضادا له دلالته. ففي أوروبا المسيحية؛ بالإضافة إلى وجود بابا واحد 


تراث الإسلام 


وإمبراطورين رومانيين؛ كان هنالك ملوك للفرنجة والقوط ولشعوب أخرى, 
ثم لفرنسا وإنجلترا ولبلاد أخرى فيما بعد. أما في الإسلام فالألقاب التي 
تشير إلى شعب معين نادرة. وحتى عند وجودها فإن أهميتها كانت ضئيلة. 
فألقاب السيادة الإقليمية تكاد تكون غير معروفة. بل كانت الألقاب التي 
يستخدمها الحكام المسلمون معقدة وذات مغزىء غير أنها لا تتضمن عادة 
أي إشارة إلى الأرض أو الشعب اللذين يبسط الحاكم سلطته عليهما. ففي 
الأزمنة التي سبقت المغول كان عدم الإشارة إلى هذه الناحية يعبر عن عدم 
استقرار الكيانات السياسية وتنوعها في ذلك الوقتء إذ كان يندر أن يتولى 
حاكمان متعاقبان-ناهيك عن أسرتين حاكمتين متعاقبتين-حكم إقليم واحد 
يظل على ما هو عليه بالضبط. ولكن هذه السمة ظلت مميزة حتى للفترة 
التي تلت المغول» حين أصبحت للبلدان حدود أكثر ثباتا وأنظمة حكم أكثر 
دواما. وفي بداية القرن السادس عشر كان ثمة ثلاث ملكيات في الشرق 
الأوسط يحكمها حكام يعرفون لدى العلماء المحدثين بسلطان تركيا وسلطان 
مصر وشاه فارس. ولم يستعمل الحكام أنفسهم أيا من هذه الألقاب. رغم 
أن جيرانهم كانوا يطلقون عليهم تلك الألقاب الثلاثة» مع بعض التعديل. 
ولما كان التحديد الوحيد المقبول لمدى سيادة الحاكم الإسلامي هو الإسلام 
نفسه. فقد كان هؤلاء الحكام الثلاثة كلهم يدعون من خلال ألقابهم» أنهم 
أسياد الإسلام أو المسلمين أو البلاد الإسلامية. أما اللقب الذي يدل على 
إقليم أو شعب معين فقد كان يؤدي إلى الازدراءء ولا يطلق إلا على الخصم 
للدلالة على طبيعة حكمه المحدودة والمحلية. وانطلاقا من هذه الروح نجد 
أنه في المراسلات بين السلطان التركي وشاه فارس كان كل منهما يشير إلى 
نفسه على أنه حاكم المسلمين» وإلى جاره على أنه سلطان الروم (الأتراك أو 
تركيا) أو شاه العجم (الفرس أو فارس). وبالطبع فقد كانت السيادات 
الإقليمية موجودة بالفعل» ودام بعضها مدة طويلة جدا. فقد كانت تركيا 
مركزا لأعظم الإمبراطوريات الإسلامية وأطولها دواماء وكانت شديدة 
الشعور بهويتها وولاتها ورسالتها. ومع ذلك فإن اسم تركيا لم يكن Lag pee‏ 
هناك حتى أخذ عن أوروبا واستعملته الجمهورية (التركية) بصورة رسمية 
Lat. 1923 ale‏ إيران ومصر فاسمان قديمان غنيان بالذكريات والارتباطات- 
غالأولى بلد ذو لغة وثقافة مميزتينء والثانية بلد تحددها بصورة حية 


204 


السياسه والحرب 


الجغرافيا والتاريخ؛ وبقيت عدة قرون قاعدة لسلطة إسلامية مستقلة. ومع 
ذلك فلم يظهر أي من الاسمين في المعاملات الرسمية لحكامهاء أو في 
عملتهم أو وثائقهم أو نقوشهم. وفي القرن التاسع عشر فقط بدأ المسلمون, 
بتأثير الآفكار الآوروبية وعلى غرارهاء يفكرون على أساس وجود أمة ذات 
شعب معين وإقليم ces‏ ويعيدون تجديد سيادتهم ومطامحهم على أساس 
هذا المنطلق. وحتى في عالم اليوم الذي يتميز بالدول/الأمم» هنالك إشارات 
تدل على عدم التصنيف الجديد بشكل تام وعلى توق لولاءات قديمة؛ كانت 
أكبر حجما ولكنها أقل تداخلا. 

هذا الشعور بالهوية المشتركةء الذي كان يكبح نمو الدول والأمم داخل 
الإسلامء قد سيطر أيضا على العلاقات بين الجماعة الإسلامية والخارج. 
فهنالك حديث يعزى إلى الرسول يقول فيه «الكفر أمة واحدة”. ورغم 
أن إسناد الحديث مشكوك فيه إلا أن الروح حقيقيةء وقد عبر عنها بصورة 
أقرب إلى الطابع الرسمي ذلك المبدأ القانوني الذي يقسم العالم بموجبه 
إلى «دار الإسلام» و «دار الحرب». فالأولى تتألف من البلاد التي يسود 
فيها قانون الإسلام-أي بصورة عامة الإمبراطورية الإسلامية. والثانية تضم 
بقية العالم. وبما أنه لا يوجد إلا إله واحد في السماءء كذلك لا يمكن أن 
يوجد أكثر من سيد واحد وقانون واحد في الأرض. ويتوجب على الدولة 
الإسلامية أن تحمي غير المؤمنين الخاضعين لحكمها. شريطة ألا يكونوا 
من المشركينء وأن يتبعوا أحد الأديان (الكتابية) المسموح بها . إلا أنه لا 
يجوز لها أن تعترف بالوجود الدائم لنظام حكم آخر خارج الإسلام. ولابدء 
بمضي الوقت» أن تدخل البشرية كلها في الإسلام أو تخضع للحكم 
الإسلامي» ولكن إلى أن يحين هذا الوقت» يتوجب على المسلمين أن يناضلوا 
حتى يتحقق ذلك. 

واسم هذا الواجب هو الجهاد الذي يعني الجهد أو الكفاح. والذي يقوم 
به يسمى مجاهدا. وترد في القرآن مرات عديدة بالمعنى العسكري الدال 
على شن الحرب ضد الكفار. ففي القرون الأولى للاسلام. خلال العصر 
العظيم للتوسع الديني والسياسي أصبح هذا هو معناها المألوف. فالجهاد 
هو الحرب المقدسة للإسلام. وهو فريضة دينية. وهو واجب اجتماعي 
للجماعة عنها ككل لكنه يصبح واجب كل مسلم في مناطق الحدود وساحات 


تراث الإسلام 


المعارك أو حيثما يقرر الحاكم أو السلطان أن الوقت قد حان للقيام به. وهو 
أيضا واجب دائم لا يسقط إلا حين يدخل العالم كله في الإسلام. 

إذن يوجد بين المسلمين وبقية العالم» حسب رأي الفقهاء التقليديين؛ 
حالة من الحرب تفرضها اعتبارات دينية وقانونيةء ولا تنتهي حالة الحرب 
هذه إلا عندما يدخل جميع العالم في الإسلام أو يخضع له. لذا فإن 
معاهدة سلام بين الدولة الإسلامية ودولة غير إسلامية كانت مستحيلة من 
الناحية الشرعية. فالحرب لا يمكن إنهاؤهاء وإنما يمكن إيقافها فقط 
لأسباب الضرورة ولأسباب ذرائعية. عن طريق الهدنة. وهذا الإجراء. في 
رأي الفقهاء. لا يمكن إلا أن يكون مؤقتاء ويجب ألا تزيد مدته على عشر 
سنوات. ويستطيع المسلمون في أي وقت التنصل منه من طرف واحدء وإن 
كانت الشريعة تفرض على المسلمين أن يحيطوا الطرف الآخر علما قبل 
استئنافهم للأعمال الحربية. وهنالك نصوص شرعية أخرى تنظم الشروع 
في الأعمال الحربية وإدارتها ومعاملة الأسرى وغير المحاربين. 
الشريعة الإسلامية؛ شكله الأساسي خلال القرن الأول ونصف القرن الثاني 
من العصر الإسلامي» حين كانت الجيوش المنتصرة للخلافة العالمية تزحف 
على فرنسا والصين والهند ولم يكن هنالك أي سبب يدعو إلى الشك في 
أن النصر النهائي للاسلام في جميع أنحاء العالم لم يكن أمرا محتوما 
فحسب. بل كان وشيكا. على أنه قد ظهرت بعد ذلك. في الأمور الدولية 
والدستورية؛ فجوة آخذة في الاتساع بين المبدأ الشرعي والواقع السياسي» 
وهي فجوة حاول السياسيون تجاهلها. وعمل الفقهاء كل ما في وسعهم 
لإخفائها. ففي الوقت الذي انقسمت فيه الخلافة العالمية إلى دول صغيرة: 
انتهى الجهاد الدائم والذي لا بد منه. وقامت علاقة من التسامح المتبادل 
بين العالم الإسلامي وبقية العالم. صحيح أن بقية العالم قد ظلت «دار 
الحرب». لكن غزو العالم كله تأجل من الزمن التاريخي إلى زمن «المهدي 
المنتظر» Messianic time‏ 725( أثناء ذلك قامت حدود مستقرة نوعا ما بين 
الاثنين كان فيها السلم وليس الحرب هو الوضع الطبيعي. وكان يحدث أن 
تعكر صفو السلم غزوات في البر أو البحرء وأن يتغير موضع الحدود بعنف 
من OST one‏ من جراء تجدد نزاع رئيسي. ولكن منذ العصور الوسطى 


206 


السياسه والحرب 


فخصاعدا كان المفهوم من تغيرات الحدود هو تراجع خطوط الحدود الخاصة 
بالحكم الإسلامي أو تقدمها. 

هذه التغييرات وما ترتب عليها من تطور في العلاقات السياسية 
والتجارية مع العالم غير الإسلامي خلق مشاكل جديدة تصدى الفقهاء 
لحلها. فكانت استجابتهم لهذا الموقف. كما في المجالات الأخرى» عن طريق 
التفسيرات البارعة. فوضعوا قيودا على واجب الجهاد وخففوه . وظلوا 
يقولون إن توقف الأعمال الحربية مع دار الحرب لا يتحقق إلا بهدنة محدودة 
لكن هذه الهدنة يمكن أن تجدد كلما دعت إلى ذلك الحاجةء ويذلك فإنها 
يمكن أن تصبح في الواقع حالة للسلم ينظمها القانون. وقد قال بعض 
الفقهاءء وإن لم يكن جميعهم» بحالة متوسطة بين دار الحرب ودار السلام 
هي دار الصلح أو دار العهد. وكانت هذه تتألف من الدول غير الإسلامية 
التي دخلت في علاقة تعاقدية مع الدولة الإسلامية تتعهد بموجبها بأن 
تعترف بالسيادة الإسلامية وتدفع الجزية لكنها تحتفظ باستقلالها وشكل 
حكمها الخاص. فعندما اختار الحكام المسلمون أن يعتبروا الهدايا جزية, 
فإنهم ومستشاريهم القانونيين استطاعوا أن يوسعوا نطاق العهد ليشمل 
عددا متنوعا من الاتفاقات السياسية والعسكرية والتجارية مع الدول غير 
الإسلامية. وقد أطلق على جواز المرور الذي يعطى «للحربي»-أي للشخص 
غير المسلم من «دار الحرب» الذي يزور البلاد الإسلامية-اسم «الأمان» 
وأطلق على حامله اسم «المستأمن». وكان يحق لكل مسلم حر راشد أن 
يعطي الأمان لشخص أو عدد قليل من الأشخاص. أما رئيس الدولة 
الإسلامية فكان يستطيع أن يعطي أمانا جماعيا لكيان أكبرء لمدينة مثلا أو 
لقطر أو لمؤسسة تجارية. وقد أدت ممارسة إعطاء الأمان إلى نمو 
الدبلوماسية والتجارة بين الإسلام والعالم المسيحي» وجعلت من الممكن 
ظهور جماعات مقيمة من التجار الأوروبيين في المدن الإسلامية. وكان 
ذلك يشكل بالنسبة للمسلمين الأساس القانوني الرئيسيء للاحتكاكات 
والاتصالات السلمية مع الدول المسيحية؛ إلى أن نظمت هذه الاتصالات, 
منذ أواخر الحروب الصليبية فصاعداء بشكل متزايد عن طريق الممارسة 
الأوروبية التجارية والدبلوماسية. 

وقد توسعت الإمبراطورية والجماعة الإسلامية بصورة رئيسية باتجاه 


207 


تراث الإسلام 


الغرب والشرق. أما في الشمال والجنوب فقد كانت سهول أوراسيا الخالية 
وصحارى وأدغال أفريقيا غير مغرية لمثل هذا التوسع.؛ ولذا كان تقدم 
الإسلام في هذه المناطق بطيئًا ومتأخرا (انظر الفصل الثالث «ا» و «2). 
فكان المجهود الرئيسي للفاتحين والمبشرين موجها نحو البلاد الأكثر سكانا 
والتي تعتبر مجزية أكثر من غيرها-إلى شمال أفريقيا وأوروبا غرباء وإلى 
آسيا الوسطى وتخوم الهند والصين عبر فارس شرقا. ومن الجهتين كان 
يوجد خصوم جبارون: في الغرب إمبراطوريات العالم المسيحي وممالكه. 
وفي الشرق إمبراطورية فارس العظيمة وما بعدها الشعوب المحاربة في 
السهول والغابات: 1 

ومنذ البداية تقريبا كان هنالك فرق جذري بين الصراعين. في الشرق 
والغرب. فالإمبراطورية الفارسية قد تداعت كلية أمام (eal Busta‏ 
وأخضعت جميع أراضيها وشعوبها للحكم الإسلامي. أما الحاجز البيزنطي 
أمام الزحف الإسلامي فقد اهتز ودفع إلى الخلف لكنه بقي صامدا . وظلت 
الإمبراطورية الرومانية المسيحية حيةء يحكمها قيصر في القسطنطينية. 
وحين كانت أساطيله وجيوشه تدافع عن مدينتهاء فإنها لم تكن تحافظ على 
بقايا الإمبراطورية البيزنطية فحسب. بل أيضا على أوروبا المسيحية من 
الغزو والفتح. 

لقد هتف المؤرخون الغربيون التقليديون للمنتصرين الفرنجة في بواتييه 
عام 732 باعتبارهم منقذي العالم المسيحي من الإسلام. على أن التاريخ 
الإسلامي يذكر الشيء الكثيرء تاريخيا وأسطورياء عن النضال الحاسم 
تحت أسوار القسطنطينية. وليس هناك من شك في أن وجهة النظر 
الإسلامية هي الأصح. فقد أخمد الفرنجة في بواتييه قوة كانت في النزع 
الأخير يعد أن وصلت إلى منتهاها واستهلكت. أما المدافعون عن 
القسطنطينية فقد قابلوا تلك القوة وأوقفوها حين كانت لا تزال فتية وقوية . 
كان الطريق إلى الراين عبر أوروبا الشرقية أقصر وأسهل من الطريق الذي 
اختاره العرب إلى ما وراء النهر. وكان فشلهم في احتلال القسطنطينية هو 
الذي أنقذ الإمبراطورية البيزنطيةء ومعها العالم المسيحي الغربي» من 
المصير الذي حل بإيران وآسيا الوسطى. 

كان للفتح الإسلامي وما نتج عنه من انهيار إيران سياسيا نتائج بالغة 


السياسه والحرب 


الأهمية ليس فقط بالنسبة للفرسء بل كذلك بالنسبة للإسلام نفسه. فمن 
سوريا ومصر وشمال أفريقيا كان الحكام البيزنطيون يستطيعون الانسحاب 
إلى بيزنطة تاركين رعاياهم السابقين تحت رعاية الأسياد الجدد. إلا أن 
مثل هذا الهروب لم يكن متاحا لحكام الإمبراطورية الفارسية التي انهارت. 
فعدا فة صغيرة هربت إلى الهند كان على الفرس أن يبقوا حيث كانواء وأن 
يتحملوا السيطرة الجديدةء وأن يجدوا لأنفسهم مكانا فيها قدر ما 
يستطيعون . ولذلك فليس من العجيب أن تكون طبقة النبلاء الفرس والطبقة 
الأرستقراطية الحاكمة وطبقة الكهنةء بما لديهم من المهارة والخبرة المختزنة, 
وبذكرياتهم الحديثة للعظمة التي فقدوهاء قد لعبوا دورا كبيرا في تطور 
المجتمع والثقافة الإسلاميين وفي الحكومة والمعارضة-حتى بالتمسبة إلى 
الدين الإسلامي-وذلك مع اضمحلال الأديان الفارسية القديمة ولجوء أتباعها 
إلى الإسلام هربا من الهزيمة واليأس. 

في الشرق كان الإسلام قد انتصر. فقد فتحت إيران كلهاء وذهبت 
إمبراطورية كسرىء» وكان دين زاردشت يحتضر. واكتسب الإسلام المواهب 
السياسية والحماسة الدينية للإيرانيين. وفيما وراء الحدود الشرقية لإيران 
كانت هنالك شعوب كثيرة وممالك عظيمة. ولكن ما من واحد منها OLS‏ 
يشكل تهديدا أو منافسة تذكر لرسالة محمد (ص) العالمية وللقانون العالمي 
لجماعته. فالهند والصينء خلال الفترة التي تكون فيها الإسلام: لم تتركا 
أثرهما على الوعي الإسلامي إلا من بعيد . إلا أنه عرف عنهما أن الشعوب 
فيهما وثنيون يعبدون آلهة متعددة وليس لهم دين موحى به. ولذا فهم 
مهيأون للدخول في الإسلام. والشيء نفسه ينطبق على شعوب السهوب» 
التي كانت محاربة؛ ولكن قابلة للتعلم!**. والتي أضافت إلى القضية 
الإسلامية؛ بعد أن اعتنقت الإسلام مصدرا جديدا للقوة. غفي الشرق كان 
يبدو أنه لا يوجد أي حد حقيقي لتوسع الإسلام. وكانت العملية مستمرة 
وغير قابلة للنكوص-وكان كل تقدم جديد يآتي بموارد جديدةء بشرية ومادية. 
من أجل التهيئة للتقدم التالي. 

أما في الغرب فقد كان الموقف مختلفا تمام الاختلاف. فالسكان 
المسيحيون في البلاد المفتوحة كان يشد أزرهم إدراكه لوجود عالم مسيحي 
حر وراء الحدودء لذا فقد تمكنوا من الصمود أكثر من الفرس أمام شدائد 


209 


تراث الإسلام 


الفتح وأمام اضطرارهم لمداهنته. فكانت عملية التحول إلى الإسلام في 
هذه البلاد أبطأ. وحتى يومنا هذا لا تزال توجد هناك أقليات مسيحية 
عديدة. ثم إن الأهم من ذلك هو الخطر والتحدي اللذان كانت تشكلهما 
الإمبراطورية المسيحية تجاه الإسلام نفسه. ففي الغرب» خلافا لما كان 
عليه الحال في الشرقء. اضطر الإسلام للاعتراف بخصم. بل بند له-وهو 
دين سماوي آخر ودولة عالمية-يتميز بشعور عميق بمهمته ورسالته للبشرية 
جمعاء. وبدلا من أن يكون أتباعه مهيئين لاعتناق الإسلام كانوا أنفسهم 
متلهفين لتحويل الآخرين إلى دينهم» ولم يكن نجاحهم في هذا المجال 
بالشيء الذي يستهان به. 

هذا الاختلاف في النوعية بين الحرب ضد العالم المسيحي والحروب 
على الجبهات الأخرى للاسلام سرعان ما أصبح معروفا. فالحروب على 
الجبهات الأخرى كانت مجرد مراحل في عملية تحويل الشعوب الوثنية إلى 
الإسلام بصورة مستمرة وحتمية؛ بينما كانت الحروب ضد العالم المسيحي 
كفاحا ضد نظام ديني وسياسي معاد كان ينكر من الأساس دور الإسلام 
العالمي. وكان يفعل ذلك بوسائل مألوفة ومفهومة في الوقت نفسه. وعلى 
الرغم من إيمان المسلمين بأن النصر النهائي مكتوب لهم حتماء فإن هذا 
الإيمان لم يستطع أن يخفي كلية أهمية هذا الصراع الممتد والطويل والمشكوك 
فيه بين الدينين والمجتمعين اللذين سبق أن وصفت مراحلهما العقائدية 
المتلاحقة مفصلة في الفصل الأول. ففي الكتابات الإسلامية يصبح العالم 
المسيحي دار الحرب بالمعنى الصحيح» والحرب ضد العالم المسيحي هي 
النمط النموذجي والأصلي للجهاد . 

يمكن تبين الصراع بين الإسلام والمسيحية؛ من الناحية العسكريةء في 
أربع مراحل متداخلة: مرحلتين للهجوم؛ ومرحلتين للهجوم المعاكس. وضي 
كل من هذه المراحل انتقلت أراض واسعة وآهلة بالسكان عن طريق الفتح 
من جهة لأخرىء» الأمر الذي آدى إلى نتائج عميقة آثرت في كليهما. 

بدأ الصدام بين الإسلام والمسيحية في حياة الرسول (ص). ففي المراحل 
الأولى لرسالته؛ حين كان الكفاح الأساسي موجها ضد الوثنية العربيةء كان 
موقفه من اليهود والمسيحيين وديا ويتصف بالاحترام. غير أن قيادة الجماعة 
جعلته يحتك ثم يصطدم بكليهما. في بادىّ الأمر كان اليهودء الممثلون بقوة 


السياسه والحرب 


في المدينةء هم العدو المباشرء في حين أن المسيحيين بقوا حلفاء يحتمل 
إدخالهم في الدين. وبعد ذلك» عندما أدى التوسع في نفوذ جماعة المدينة 
إلى تصادم المسلمين بالقبائل المسيحية في الجزيرة العربية وعلى الجبهات 
الشمالية انتهت العلاقات مع المسيحية؛ كما هو الحال بالنسبة لليهودية, 
إلى الحرب: 

#قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله 
ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية7”7) 
عن يد وهم صاغرون)4. «وقالت اليهود عزير ابن" الله وقالت النصارى 
المسيح ابن الله. ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل 
قاتلهم الله أنى يؤفكون» (القرآن الكريم السورة 9: الآيتان 30-29). هذه 
الآيات فسرت على أنها تلغي ما سبق من الوحي الذي كان يعبر عن موقف 
أكثر مودة وتشجيعا بالنسبة لغير المسلمين. ففيها الأساس القرآني للتعاليم 
الشرعية التي تفرض على المسلمين مقاتلة المسيحيين واليهود وغزوهم. 
فإذا رفضوا الإسلام فرضت عليهم عقوبات مالية واجتماعية. 

وتقول الروايات الإسلامية إنه في السنة السابعة للهجرة (628 ميلادية) 
أرسل الرسول رسالتين من المدينة إلى قيصر وكسرى_-الإمبراطورين الروماني 
والفارسي-يبلغهما فيهما برسالته ويدعوهما لقبول الإسلام أو لتحمل عواقب 
عدم الإيمان. على أن الاتجاه العام اليوم هو إلى اعتبار نص هاتين الرسالتين؛ 
وحتى قصة إرسالهما أمرا مشكوكا فيه. ولكن هاتين الرسالتين؛ مثلهما 
كمثل الكثير من الروايات الإسلاميةء تعكسان تقييما دقيقا وإن يكن لاحقا 
للوقائع. فالعلماء يختلفون فيما إذا كان محمد (ص) قد فكر حقا بفتح 
الإمبراطوريتين وإدخالهما في الإسلام. على أنه ما من شك في أنه بدأ 
العمليات التي كان من شأنهاء إلى حد كبيرء تحقيق ذلك. 

كانت خيبر أول فتح إسلامي» وهي واحة تبعد حوالي ۱00 ميل إلى 
شمالي المدينة على الطريق إلى الشام. وكان يسكنها اليهود. وبعضهم كان 
قد أخرج من المدينة. وفي عام 628 قاد محمد (ص) جيشا قوامه 1600 رجل 
ضد خيبر واستطاع أن يحتل الواحة خلال ستة أسابيع. وسمح لليهود بأن 
يحتفظوا بأهلهم ويمارسوا دينهم. وذهبت أراضيهم وممتلكاتهم للفاتحين؛ 
لكن سمح لهم بالبقاء في حقولهم وبفلاحتها مقابل دفع نصف المحصول 


تراث الإسلام 


للمالكين الجدد. 

وفي تاريخ لاحق طرد الخليفة عمرء يهود خيبر من واحتهم ويقال إنه 
فعل ذلك حتى لا يبقى سوى دين واحد هو الإسلام في أرض الجزيرة 
العربية المقدسة. على أن الترتيبات التي فرضها عليهم الرسول بالأصل 
أصبحت,. مع شيء من التغيير البسيطء؛ هي النمط المتبع في الفتوحات 
التالية. ولقد بدأ التوسع باتجاه الشمال؛ في الأراضي المسيحية في السنوات 
الأخيرة من حياة محمد (ص). وقد ضم خلفاؤه. تحت الحكم الإسلامي. 
مناطق واسعة من العالم المسيحي» بما في ذلك الأراضي الداخلية المسيحية 
في الشرق الأوسط وكل شمال أغريقيا وإسبانيا وأجزاء من فرنسا وإيطالياء 
ومعظم جزر البحر المتوسط. 

كآن:مسلمو العضنور 'الوسيظى يغزون الانتصاواك الشريفة والساحمة 
التي حققها العرب في العصر البطولي للاسلام إلى العناية الإلهية. فهي 
برهان على أن دينهم هو الدين الحق وأن الله معهم. أما في عصر التشكك 
فقد حاول المؤرخونء بنجاح متفاوت: أن يبحثوا عن تفسيرات دنيوية يمكن 

إننا لا نعرف إلا القليل عن التاريخ العسكري للفتوحات العربية. ومن 
القليل الذي نعرفه يتضح أنه خلافا لبناة الإمبراطوريات الآخرين» لم يكن 
لدى العرب أي وسيلة خاصة تكتيكية أو فنية من شأنها أن تجعلهم يتفوقون 
على خصومهم-فلم يكن عندهم ما يشبه الكتيبة المقدونية أو الفيلق الروماني 
أو جياد غزاة أمريكا ال طم Ce‏ أو القوة النارية للمستعمرين 
(الغربيين)". بل إنهم» باعتبارهم دخلاء جاءوا ليهاجموا الإمبراطوريتين 
العظيمتين في ذلك الوقت» كانوا-على العكس-يعانون من نقص في المهارات 
والتسلح» وكذلك في العددء ولم تكن لديهم خبرة قتالية في تشكيلات 
as Css‏ الأيام الأولى لم تكن لديهم معدات الحصار ولا أسلحة 
الحصارء ومن ثم كان كل ما يمكنهم هو أن يطوقوا المدن المحصنة, لا أن 
يحاصروها . ولم يكن لديهم أي أسطول. وحتى في البر لم يكن يوجد لديهم 
ما يقابل سلاح الفرسان المدرع والكتائب ءاءةإإمهاهء الموجودة لدى بيزنطة 
وبلاد الفرس. 

على أن هذه الأوضاع غير المؤاتية» رغم أهميتهاء يجب ألا يبالغ فيها. 


السياسه والحرب 


ضفي القرن السابع كانت الفجوة التكنولوجية التي تفصل بين دولة حضرية 
متمدنة وبين المحاربين من السهوب أو الصحراء لا تزال ضيقة ويمكن 
تجاوزها. وفي النواحي الأخرى كان لدى العرب بقدر ما عند أعدائهم من 
المعدات. 1 1 

لقد كانت لدى العرب بعض الميزات المهمة على أعداتهم: وهذه الميزات 
عوضت النقص الذي كانوا يعانون منه في الأسلحة والمهارات التخصصية, 
Vi lee dye Sl zal galla als c all od suds‏ وهي استخدام 
الجمل وبالتالي استخدام الصحراء. فرغم أن فائدة الجمل في القتال قليلة 
أو منعدمة فإن له أهمية قصوى في النقل-أي في حركة الرجال والمعدات 
والمؤن. فبهذه الوسيلة استطاع العرب أن يستخدموا الصحراء بنفس الطريقة 
التي استعملت بها الإمبراطوريات البحرية الحديثة البحر كخط مواصلات 
أمين بعيد عن متناول العدو أو معرفته. فعبر الصحراء كان باستطاعتهم 
تحقيق المفاجأة في الهجوم أو الآمان في التراجع. وكانوا يستطيعون التقدم 
أو الانسحاب أو أن يعززوا قواهم كما يشاؤون. وفي كل الأقاليم التي كانوا 
يفتحونها كانوا يقيمون مركز الحكومة على حافة الصحراء أو مراعي USN‏ 
مستخدمين مدينة موجودة بالفعل مثل دمشق ما كان ذلك ممكناء أو مؤسسين 
مدينة جديدة مثل الكوفة والفسطاط أو القيروان إذا تعذر ذلك. هذه المدن 
العسكرية هي بمنزلة مدن بومباي وكلكوتا وسنغافورة بالنسبة للامبراطورية 
Au pall‏ فهي مرافيّ الصحراء التي من خلالها كانت الأقاليم تخترق أولا 
ثم تفتح ثم تحكم لفترة من الوقت. 

والميزة الثانية كانت تتعلق بالروح المعنوية. فقد كان العرب محاربين في 
حرب مقدسة:؛ ممتلئين حماسة؛ يشد أزرهم إيمانهم بالعناية الإلهية. وكان 
هذا الإيمان يتعزز بكل نصر يحرزونه؛ وبالمكاسب التي يجلبها النصر. لقد 
كان خصومهم محترفين من ذوي التدريب العالي ومعظمهم من المرتزقة, 
كانوا مهرة (في الحرب) لكنهم غير مبالين ويفت في عضدهم الانشقاق 
الذي يحصل في صفوفهم والموقف العدائي للسكان المدنيين. وقد أخرج 
المقاتلون العرب» الذين لم يكونوا مقيدين باعتبارات المركز والطبقة أو 
الامتيازات: قوادا كانوا من البراعة بحيث لم تستطع المؤسسات العسكرية 
البيزنطية والفارسية أن تضاهيهم. ونحن نعلم آنه في ظروف مماثلة لهذه 


تراث الإسلام 


استطاع مجندو الثورة الفرنسية المهلهلون أن يلحقوا الهزيمة بالمحاربين 
القدماء في ملكيات القارة الأوروبية279. 

ومع احتفاظ العرب بميزاتهم هذه. فقد استطاعوا أن يحصلوا خلال 
فترة قصيرة قياسية على الأسلحة ويكتسبوا الأساليب التي كانت تنقصهم 
وأن يتقنوا استخدامها . كانت طريقة القتال في الجزيرة العربية قبل الإسلام 
رة اکر وار لیر وهر ارب ناس بقل راك مع ull‏ 
والغزو القبليينء لكنه لا يتناسب مع مقاتلة جيوش نظامية. ولقد جاء في 
كتب السيرة النبوية أن الرسول أدخل مفهوم «التعبئة». وقام في معركة بدر 
بترتيب أتباعه الذين لم يتجاوز عددهم بضع مئات في صفوف كان يرصها 
بنفسه. وقد فسرت الآية القرآنية #إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله 
Line‏ كأنهم بنيان مرضوص» (السورة 61:.الآية 4) على أنها مواشقة إلمية 
على حرب التشكيلات المرصوصة الصفوف3'' وسرعان ما تعلم العرب في 
حروبهم مع البيزنطيين والفرس أن يناوروا ويقاتلوا في تشكيلات منظمة 
كبيرة» وأن يقوموا «بالتعبئة» ويحافظوا عليهاء وأن يحصلوا على أحدث 
آلات الحرب المعروفة ويستعملوها. وأعجب ما في الأمر أنهم استطاعواء 
بمساعدة السكان المسيحيين في سوريا ومصر وشمال أفريقياء أن يبنوا 
أساطيل حربية ويزودوها بالجندء وبهذه الأساطيل استطاعوا أن يهزموا 
البحريات البيؤنطية وغيرها من البحريات السيحية شي مياه البحر المتوسشط 
الذي كان خاضعا لسيطرتهم مدة طويلة من الزمن. 

وقد قام العرب اعتمادا على قوتهم البحرية الجديدة بشن سلسلة هجمات 
برية وبحرية على القسطنطينية. واستطاعوا عام 674 أن يحتلوا شبه جزيرة 
سيزيكوس في بحر مرمرة وأن يؤسسوا قاعدة للعمليات انطلقوا منها بعد 
بضع سنوات لمهاجمة المدينة وحصارها خلال أشهر الربيع والصيف. وفي 
عام 678 هزموا هزيمة حاسمة في معركة بحرية كبيرة أمام أسوار المدينة 
واضطروا إلى الانسحاب» وكانت تلك أول هزيمة حقيقية يمنى بها المسلمون 
في حربهم المقدسة . وتبع ذلك فترة من الركود النسبي اقتصرت فيها 
الحرب بين الإمبراطوريتين الإسلامية والبيزنطية على غارات الحدود من 
أجل الأسرى والغنائم. 

وحصل تقدم جديد في العقود الأولى للقرن الثامن. ففي الشرق وصلت 


214 


السياسه والحرب 


الجيوش العربية إلى حوضي ما وراء النهر والسند . وفي الغرب بالتعاون مع 
أعدائهم البربر» عبروا مضيق جبل طارق وبدأوا فتح إسبانيا. وفي الوسط 
تولى الأموي مسلمة (ابن عبد الملك) إمارة الحدود وقام بسلسلة من الهجمات 
البرية ضد الأناضول-وقد توجت هذه المحاولات بأكبر محاولة قام بها 
العرب لاحتلال القسطنطينية؛ وذلك في الهجوم المشترك البري والبحري 
والذي جرى في سنتي 717-716. وهذه الحملة التي انتهت أيضا بالهزيمة 
والانسحاب» مشهورة في الفولكلور والأساطير الاسللامية وخصوصا في 
القصص والملاحم البطولية التالية للحرب المقدسة. فهذه القصص. بالإضافة 
إلى النبوءات التي أصبحت شائعة في ذلك الوقت؛ تعبر عن تغير موقف 
الإسلام من الحرب (LESH ics AL GI ut Lata ES,‏ شرحت من كرالك 
الماضي البطولي البعيدء والنصر الإسلامي النهائي أضحى ينتمي إلى 
اللمظيل baits call‏ ات اليد اطي ` 1 

بعد الانسحاب من القسطنطينية عام 717 استمرت جيوش المسلمين 
في الزحف. في كل من أقصى شرقي إمبراطوريتهم وأقصى غربيهاء لكنهم 
كانوا قد اقتربوا من نهاية توسعهم. ففي الغرب كان فتح صقلية 902-827 
النجاح الرئيسي الوحيد الذي أحرزوه. وفي الشرق توقفت القوة الإسلامية 
عند حدود الهند والصين. وكانت الجبهة البيزنطية هادئة نسبيا إلى أن قام 
أمير آخر عام 782( كان هذه المرة من الآسرة العباسيةء بقيادة جيش عبر 
الأناضول إلى البوسفور» حيث كسب معركة وفرض الجزية-ثم عاد من 
حيث أتى. وهذا النصر أعلى كثيرا من مركز الأمير الشاب هارون. ويقول 
أحد المؤرخين إن تلك المناسبة جعلت أباه الخليفة المهدي يجعله الوريث 
الثاني للخلافة ويطلق عليه لقب «الرشيد». 

كانت تلك آخر حملة رئيسية ترسلها الخلافة العربية باتجاه 
القسطنطينية التي تأجل فتحها-بالخطأاً كما تبين فيما بعد-حتى آخر الزمان. 
ولقد كانت هنالك أسباب عديدة لنهاية الجهاد. فقد كانت نار الحماسة 
التي اتصف بها الفاتحون الأولون قد خمدت. وتعطشهم إلى الغنائم أو 
الاستشهاد قد أشبع. وأصبح هناك بدل المحاربين الذين يخوضون حريا 
مقدسة جيوش نظامية لا تختلف كثيرا عن الجيوش التي كان العرب قد 
هزموها. وكان العباسيون قد نقلوا العاصمة باتجاه الشرقء وكانوا منهمكين 


تراث الإسلام 


في تحويل الخلافة إلى إمبراطورية شرقية. وأصبح اهتمامهم بالحرب 
عرضياء وحرصهم على حدودهم الغربية مقتصرا على الحد الأدنى. وقد 
تابعت دول إسلامية جديدة؛ قامت في بلدان البحر المتوسطء لفترة من 
الوقت» ذلك الكفاح. ولكن حتى هذه الدول أصبحت ترى مع بقية المسلمين 
أن العصر البطولي قد انتهى؛ وأن الحدود بين دار السلام ودار الحرب 
أصبحت ثابتة تقريباء وأن نوعا من الاعتراف بالدول غير المسلمة أمر لا 
مندوحة عنه. 

وفي تلك الأثناء كان الهجوم المعاكس المسيحي الكبير قد بدأ. والذي 
شجع عليه هو الضعف والتجزئة الواضحان في العالم الإسلامي. كانت 
الغزوات الجدية الأولى داخل الأراضي الإسلامية قد بدأت على أيدي 
شعوب وثنية-هي الخزر في الشرقء والفايكنغ في الغرب. على أن تلك 
الهجمات كانت مجرد حوادث ثانوية عابرة. وأهم منها بكثير كان استعادة 
المسيحية لقوتها وتصميمها المتزايد على استعادة الأراضي في الأطراف. 
ففي إسبانيا أخذت الإمارات المسيحية التي استطاعت أن تحافظ على 
بقائها بصورة قلقة في أقصى شمال شبه الجزيرة-أ خذت توطد ممتلكاتها 
وتوسعهاء وساعدها على ذلك هجمات الفرنجةء ومن بعدهم النورمانديون 
على الأراضي الإسلامية. وفي الشرق عادت الشعوب المسيحية من قوقازيين 
وجورجيين وأرمن ترفع رؤوسها من جديد» ونالت قدرا متزايدا من الحرية 
من حكامها المسلمين. وفي النصف الثاني من القرن العاشر تمكنت 
الإمبراطورية البيزنطية من شن سلسلة من الهجمات ضد المسلمين أدت 
إلى استعادة كريت وأنطاكية وسيساطء وإلى ضم أو إخضاع أجزاء من 
شمالي سورية وما بين النهرين؛ وإلى تقدم الجماعات المغيرة البيزنطية 
Lagi OP) ual i>‏ 

وخلال القرن الحادي عشر أصبح الزحف المسيحي ضد الإسلام في 
أوج نشاطه. ففي الشرق قاومت مملكة جورجيا الهجمات الإسلامية وظلت 
صامدة» ودخلت في عصر توسعها الكبير الذي سيطرت فيه على كل منطقة 
القوفاز من البحر الأسود حتى بحر قزوين. وفي إسبانيا والبرتغال وصل 
مد استعادة الأراضي المحتلة إلى طليطلة وكويمبرا . وفي البحر المتوسط 
استعاد الغزاة المسيحيون سردينية وصقلية من حكامها المسلمين. وأخيرا 


215 


السياسه والحرب 


في سنة ١1098‏ غزا مسيحيو أوروبا الغربية أجزاء من سوريا وفلسطين 
واحتلوها لفترة من الوقت؛ عبر سلسلة من الحملات عرفت في العالم 
المسيحي باسم الحروب الصليبية. 

على أن هذه الحروب لم تكن تعرف بهذا الاسم بين المسلمين. فقد كان 
العجيب كما لاحظ البعض. أن التأريخ العربي للحروب الصليبية: الذي كان 
غنيا وناضجا في نواح أخرىء لا ينم إلا عن قدر ضئيل من المعرفة أو حتى 
من الفضولء فيما يتعلق بالحركة التي أتت بهؤلاء الغزاة إلى الشرق. فكلمتا 
حرب صليبية 015206 ومحارب صليبي 070152065 لم تظهرا في الكتابات 
الإسلامية التي كانت معاصرة لهذه esa MI‏ ولم يكن لهما في الواقع ما 
يقابلهما باللغة العربية*”©. حتى ظهرتا في الكتابات العربية المسيحية 
في تاريخ لاحق إلى حد ما. فبالنسبة للمعاصرين من المسلمين كان 
الصليبيون هم الفرنجة أو الكفار ببساطة-أي أنهم فئّة أخرى بين البرابرة 
والكفار الكثيرين الذين كانوا يهاجمون العالم الإسلامي. ولا يميزهم عن 
غيرهم سوى وحشيتهم في الحرب التي جلبت لهم النجاح. 

sal‏ كتب الكثير عن تأثير الحروب الصليبية في أوروباء وقي الفصل 
الأول دار البحث حول تأثيرات الاتصالات التي رت في الفترة الصليبية 
على الصورة التي كونها الغرب عن الإسلام. ولكن ما كتب عن تأثير تلك 
الحروب والصراعات المتعلقة بها في البلدان الإسلامية هو أقل إلى حد ما. 
فلأول مرة منن البداية اضطر المسلمون على أثر الهزيمة العسكرية أن 
يتنازلوا عن مناطق واسعة من الأراضي الإسلامية القديمة لحكام مسيحيين؛ 
وأن يتركوا أعدادا كبيرة من السكان المسلمين تحت الحكم المسيحي. هاتان 
الحقيقتان قبلتا برباطة جأش تدعو إلى الإعجاب. ففي كل من الغرب 
والشرق كان الحكام المسلمون راغبين في التعامل مع جيرانهم الجدد» بل 
كانوا في بعض الأحيان يقيمون تحالفات معهم ضد إخوان لهم مسلمين. 
ونظرا إلى أن الفقهاء كانوا قد أثبتوا ضرورة الخضوع للطغاة-بوصفه التزاما 
من التزامات الشريعة المقدسة-فإنهم لم يجدوا صعوبة تذكر في التوسع 
بالحجة بحيث تشمل غير المؤمنين. إن «الطاعة واجبة لكل ذي سلطان» 
شريطة أن يسمح للمسلمين بممارسة دينهم وبطاعة الشريعة المقدسة. بل 
إن من الممكن في نظر بعض الفقهاءء اعتبار مملكة مثل هذا الحاكم؛ جزءا 


217 


تراث الإسلام 


من دار الإسلام. 

في أول الأمر استجاب العالم الإسلامي لفقدان بلاد الشام بلا مبالاة 
تكاد تكون كاملة. فالجهاد الأصلي كان قد انتهى منذ زمن طويل؛ وكذلك 
كانت روح الجهاد قد ضاعت ونسيت» وكان العصر عصر عنف وتغيرء 
تعرضت فيه البلاد الإسلامية لسلسلة كاملة من الهجمات والغزوات. من 
آسيا الوسطى وأفريقيا البربر ومن العالم المسيحي. وحتى في حلب ودمشق 
والقاهرة لم تثر خسارة فلسطين والساحل السوري إلا القليل من الاهتمام: 
وفي أمكنة أخرى لم تكد تلحظ على الإطلاق'. فالدول الجديدة التي 
أوجدها الصليبيون في سوريا المجزأة في ذلك الوقت وجدت مكانهاء تماما 
مثلما حدث بالنسبة لدول الأتراك في الشرقء في التوازن السياسي 
المحلي!*'". وقبل انقضاء فترة طويلة أخذت تدخل في نوع من المنافسات 
والتحالفات لم تكن للدين أو الأصل إلا صلة ضئيلة بها. 

لقد حققت حركة «استعادة» الأراضي المحتلة نصرا تاما ونهائيا في 
الغرب. فقد طرد الحكام المسلمون؛ ثم طرد بعدهم حتى الرعايا المسلمون, 
من إسبانيا والبرتغال» ولم ينقض وقت طويل حتى كان الإسبانيون 
والبرتغاليون المنتصرون ينزلون شواطئ شمال أفريقيا . وفي الشرق استطاع 
الصليبيون البقاء فترة من الزمن بفضل التعزيزات المتكررة من أوروبا-لكن 
ممتلكاتهم أخذت تضعف وتتضاءل من جراء الهجمات الإسلامية المتتالية 
إلى أن سقط آخر معقل للقوة اللاتينية في فلسطين» وهو مرفاً عكاء بيد 
المماليك عام 1291. 

ولم يبق الآن إلا أثران من آثار الصليبيين في الشرق: مملكة قبرص 
اللاتينية والمملكة الفرنسية-الأرمنية في كيليكيا. ومن الجدير بالذكر أن 
كلا الملكين لا يشار إليهما في البروتوكول الإسلامي باسم «ملك» بل بكلمة 
«متملك». أي ملك مزعوم أو مزيفء لأن كلا منهما يعد مغتصبا لأرض كانت 
إسلامية شرعا". وقد أعيدا البلدان فيما بعد إلى الإسلام: كيليكيا على 
أيدي المماليك: وبعدها بفترة من الوقت قبرص على أيدي العثمانيين. 

ولقد ظل شيء من الروح الصليبية في أوروبا فترة من الوقت» بعد ذلك 
فكانت هذه الروح هي الدافع إلى بعض الحملات الفاشلة ضد سلطنة 
المماليك في مصرء وضد القوة الجديدة والخطرة للأتراك العثمانيين. لكن 


السياسه والحرب 


أوروبا كانت قد فقدت اهتمامها بالصليبيات وكانت مشغولة بأمور أخرى. 
وبينما نسي المسيحيون الحرب الصليبية تذكر المسلمون الجهاد» ومرة أخرى 
شتوا حريا مقدسة من أجل الدين:أولا من أجل استعادة'ما استولى علية 
الغزاة الكفار والدفاع عنهء ثم في حالة النصرء إدخال رسالة الإسلام 
وسلطته إلى أراض جديدة وشعوب جديدة لم يسبق لها أن عرفتهما من 

كان تأثير الصليبيين في البلدان التي حكموها قرابة قرنين ضعيفا . فلم 
يكونوا أبدا أكثر من أقلية مسيطرة: تتألف من كاثوليك ينتمون إلى أوروبا 
الغربية-من بارونات ورجال دين وتجار. ومن ارتبط بهم من المستخدمين 
والأتباع. أما السواد الأعظم من السكان: بما في ذلك جميع القرى تقريباء 
فقد كانوا من السكان المحليين الذين يتألفون من المسلمين والمسيحيين 
الشرقيين وبعض اليهود . ولذلك فبعد رحيل الصليبيين أعيد إدماج هذه 
الأراضي في المجتمع الإسلامي دون أي صعوبة. 

على أن الحروب الصليبية تركت أثرا(”" لا يمحى من ناحيتين الأولى 
تدهور مركز الذميينء وهم رعايا الدولة الإسلامية من غير المسلمين. ففي 
الأيام الأولى من التوسع الإسلامي أخضع هؤلاء لعدد من القيود» معظمها 
احتياطات تهدف إلى حماية الحاميات الإسلامية في المناطق المفتوحة 
حديثا. ورغم أن بعض هذه القيود قد وصلت إلى حد أنها دونت في كتب 
aiall‏ فإنها لم تطبق بصرامة إلا نادرا'. وقد تمتع الذميون بصورة عامة 
بقدر كبير من الحرية الاجتماعية والاقتصادية بالإضافة إلى الحرية الدينية. 
إلا أن المرارة الناجمة عن الصراع الطويل مع العالم المسيحي ومتطلبات 
الأمن في المناطق ذات السكان المختلطينء في وقت كان الولاء الديني فيه 
يحتل المقام الأول فضلا عن سوابق الاضطهاد التي استتها الملوك ورجال 
الدين المسيحيون-كل هذه العوامل تضافرت لخلق موقف أقسى-فمنذ الأزمنة 
الصليبية فصاعدا أصبحت العلاقات بين المسلمين ومواطنيهم المسيحيين 
واليهود أكثر تباعدا وأشد صعوبة. فأصبح الذميون معزولين اجتماعيا 
وعرضة للتمييز وأحيانا-وإن يكن نادرا-للاضطهاد . 

والتغير الثابت الثاني هو في العلاقات مع أوروبا. فقبل القرن الحادي 
عشر كانت هذه العلاقات غير ذات أهمية. والتبادل في السفارات الذي 


219 


تراث الإسلام 


يستشهد به كثيرا بين شارلمان والخليفة هارون الرشيد لا يذكره إلا المؤرخ 
الفرنجي آينهارد 4تدطهزظ. فإذا كان قد حدث ذلك التبادل على الإطلاق؛ 
فقد كان أقل أهمية من أن يجذب انتباه المؤرخين المسلمين: ما داموا لم 
يتطرقوا إلى ذكره. وهنالك سفارة تالية أرسلتها برتا التوسكانى Bertha of‏ 
ele (ESTE 4I (JI tuscany‏ 8 مذكرها التوكين ا اک 
الطرائف. وحتى في أقصى غرب الإسلام: في شمال أفريقيا وإسبانيا كان 
التبادل الدبلوماسي مع أوروبا قليلا جدا . وهناك سفارة اليهودي الإسباني 
إبراهيم بن يعقوب الطرطوشيء الذي أرسله خليفة قرطبة إلى الإمبراطور 
أوتو في منتصف القرن العاشرء هي مصدر معظم معلومات المسلمين عن 
أوروبا الفرنجة في العصور الوسطى. وعلى الرغم من أن رواية إبراهيم 
المتعلقة بأسفاره قد ضاعت. فإنها تعرف من الاقتباسات المأخوذة منهاء 
والتي وردت في الكتابات الجغرافية العربية التي تلتها. 

ولقد نتجت عن عملية «استعادة» الأراضي وعن «الحروب الصليبية» 
معرفة جديدة بالغرب. وتحقق ذلك. بصورة خاصة. من خلال كتابات 
الجفرافيين المسلمين من أهل المغرب مثل الإدريسي (توفي )١169‏ في صقلية 
وابن سعيد الأآندلسي (توفي 1274) والآهم من ذلك أنها وسعت إلى حد 
كبير الاتصالات التجارية والشخصية:؛ التى كانت من قبل ضيقة النطاق 
إلى حد ماء بين المسلمين والمسيحيين الأوروبيين. فاثناء الحروب الصليبية 
استقر التجار الأوروبيون. وخصوصا الإيطاليين منهم: في مرافي الشام 
تحت الحكم اللاتيني. وهناك شكلوا جماعات منظمة تخضع لرؤسائهم» 
وتحكمها قوانينهم. ولم يترتب على استعادة المسلمين لهذه المرافىّ إنهاء 
نشاطات التجار الأوروبيين؛ بل على العكسء كان الحكام المسلمون حريصين 
على تشجيع هذه التجارة لأنها كانت مصدر فائدة لهم ولمن يعمل بها. ولم 
تنقض فترة طويلة حتى ظهرت مستعمرات للتجار الأوروبيين حتى في 
مصر وفي أماكن أخرى لم يسبق لها أن خضعت لحكم الصليبيين. 

ولقد كانت الترتيبات التي جرت مع المستعمرات الأوروبيةء من وجهة 
نظر الفقهاء المسلمينء نوعا من أنواع «الأمان» التقليدي» وكان للتجار المقيمين 
صفة «المستأمن». على أن نمط الاتفاقيات كان في الواقع نمطا أوروبيا 
على غرار المعاهدات التي كانت الجمهوريات التجارية الإيطالية قد أبرمتها 


السياسه والحرب 


مع الإمبراطورية البيزنطية والدول الصليبية. فقد كان مفهوم التعاقد الثنائي 
أو المعاهدة الثنائية بين حكومتين غريبا على الشريعة الإسلامية والممارسات 
السياسية الإسلامية. وكان تبني هذا المفهوم علامة على تزايد التأثير 
الأوروبي". وكان جوهر هذه المعاهدة الامتياز الممنوح من حاكم مسلم إلى 
دولة مسيحية؛ والذي يخول مواطني تلك الدولة أن يمارسوا التجارة ويقيموا 
في مملكته دون أن يتعرضوا للمعوقات التي يتعرض لها رعاياه من غير 
المسلمين. وقد حصلت دول أوروبية على عدد كبير من الاتفاقيات؛. من هذا 
وفي العصور العثمانية أصبحت هذه الامتيازات تعرف باسم الامتيازات 
الأجنبية ه1280دؤزمه0 وقد اشتق الاسم من عناوين الفصول (zl Capitula‏ 
قسمت إليها (المعاهدة) فى اللغة اللاتينية. 

وفي الوقت الذي ازدهرت فيه التجارة الأوروبية ونمت» تعرضت الأسلحة 
الأوروبية لسلسلة من الهزائم الفادحة. فقد طرد الصليبيون من جميع 
البلاد التي احتلوهاء وغنم المسلمون المهاجمون مساحات واسعة من الأراضي 
التى كانت لا تزال مسيحية حتى ذلك الوقت. وهكذا شنت مرة أخرى حرب 
مقدسة ضد العالم المسيحيء كتلك التي شنت في العهود الأولى للاسلام 
وفي هذه المرة وصل الزحف الإسلامي إلى قلب أوروبا. 

لم تنشأ الحركة التي هزمت الصليبيين من البلدان التي كانوا قد احتلوهاء 
ولا حتى من بين الشعوب التى احتلوها وهددوها. فقد جاء الدفع الجديد 
من مناطق أبعد في الشرق ومن قوة جديدة في الإسلام هي قوة الأتراك. 
429 سبق مجيئهم الحروب الصليبيةء وهو الذي أثارها. بمعنى ما. ولقد 
واجه المسلمون الأتراك لأول مرة على حدود آسيا الوسطى لإمبراطوريتهم: 
وأخذوا من وقت مبكر يستوردونهم كرقيق» ويستخدمونهم بصورة رئيسية 
في الخدمة كجنود . وأصبح هؤلاء الرقيق العسكريون يعرفون باسم الممالك 
لتميزهم عن العبيد الأكثر وضاعة والذين كانوا بصورة عامة من الأفريقيين 
ويستخدمون داخل البيت أو للعمل في الأرض. ورغم أن وضعهم من الناحية 
الرسمية هو وضع العبيد فقد أصبح المماليك يشكلون طبقة عسكرية ذات 
امتيازات خاصة ويتمتعون بسلطة كبيرة. ومتزايدة فى الدولة الإسلامية. 
كانوا يجندون وهم أطفال عن طريق الأسر أو الشراء ثم يدربون تدريبا 


تراث الإسلام 


قاسيا وطويلاء وكانوا يرتبطون بولاءات مشتركة قوية. ومنذ القرن التاسع 
(الميلادي) فصاعدا كان الخلفاء يعتمدون بصورة كلية على الجنود والقواد 
الأتراك الذين اكتسبوا من جراء ذلك سلطة عسكرية في أول الأمر ثم 
سلطة سياسية. فقد أصبح القواد ولاة. وأسس الولاة أسرا حاكمة. وظهر 
أول الحكام الأتراك في الإسلام في القرن التاسع (الميلادي)” . ومع 
مجيء القرن الحادي عشر لم يكن يوجد من الحكام؛ من آسيا الوسطى إلى 
مصر.ء إلا القليلون من غير الأتراك. 

ولقد كان مؤسسو معظم أنظمة الحكم التركية رجالا أصلهم من آسيا 
الوسطىء» دخلوا العالم الإسلامي كعبيد واعتنقوا الإسلام كجزء من تعليمهم 
ومع الزمن ارتقوا في سلم الرتب العسكرية حتى أصبحوا قوادا| .condottieri‏ 
ولم تعد لهم آي صلة بالقبائل التركية الحرة فيما وراء الحدود. تلك القبائل 
التي أخذوا منها وفصلوا عنها في طفولتهم. ولقد كان تحرك هؤلاء الأتراك 
الأحرار باتجاه الغرب. هو الذي قدر له. بعد وقت قصيرء أن يكون ذا 
تأثيرات هائلة في كل من الإسلام والمسيحية. 

والواقع أن الذي غزا أتراك آسيا الوسطىء لم يكن المسلمين بل كان 
الإسلام ذاته. فقد كان المتصوفون والمبشرون المتجولون؛ ومعظمهم من 
الأتراك» يتنقلون بين القبائل التي لم يتم إخضاعها فيما وراء النهرء ينشرون 
الدين البسيطء دين الكفاح الذي ازدهر على الحدود بين الإسلام والوقنية 
(انظر سابقاء الفصل الثالث «2»). 

وخلال القرن الحادي عشر وصلت الهجرة باتجاه الغرب» التي قامت 
بها شعوب السهوب إلى ذروتها. فقد زحفوا على طريقين رئيسيينء من 
شمال قزوين إلى جنوب روسيا وأوروبا الشرقيةء ومن جنوب قزوين إلى 
بلاد الإسلام. ويعرف الغزاة الشماليون بالقبجاق» وهو اسم القبيلة التركية 
المسيطرة بينهم. أما الجنوبيون فيعرفون بالسلاجقةء وهو اسم الأسرة التي 
حكمتهم وأسست إمبراطورية إسلامية جديدة هي السلطنة الكبرى. 

كان القبجاق الذين يعرفون آيضا باسم البولوفتسيين والكومان» منتشرين 
لفترة من الوقت في كل المنطقة الممتدة من نهر الأورال حتى حدود هنغاريا. 
وكانت هذه الأراضي إلى حد ما أراضي تركية قديمة حكمتها شعوب تركية 
مثل الخزر والبشناق وبلغار الفولغا. ومنذ منتصف القرن الحادي عشر 


السياسه والحرب 


(الميلادي) وحتى مجيء المغول في القرن الثالث عشر كانت هذه الأراضي 
تحت سيطرة القبجاق الذين استطاعواء حتى بعد الغزو المغولي» أن يستوعبوا 
في داخلهم أسيادهم المفول ويطبعوا حكم الخانات المغوليين فى بلدهم 
l «asi gulls‏ 

وقبل مجيء القبجاق كان الإسلام قد تقدم بعض الشيء بين الشعوب 
التركية لحوض الدون والفولغا. وبحلول القرن العاشر. كان معظم البلغارء 
الذين أسسوا مدينة ودولة عند ملتقى نهري الكاما والفولغاء قد أصبحوا 
من المسلمينء وقد نشطوا في نشر الإسلام بين جيرانهم. وفي سنة 886م 
حاولواء دون أن ينجحوا إدخال الأمير فلادييمير من كييف في الإسلام 
ولكنهم حققوا نجاحا أكثر بين القبائل التركية. 

أما القبجاق أنفسهم فكانوا لا يزالون وثنيين عندما هاجروا إلى أوروبا 
الشرقية؛ فأصبح بعضهم مسيحيين واندمجوا في الشعب الناطق باللفة 
Aya ul!‏ بينما أصبح آخرون مسلمين» وكان هؤلاء هم الذين قاموا بدور 
مسيطر في حكم الخانات المغولي على ضفاف الفولغا. 

ولأول مرة أعطى الغزو المغولي لأوروبا الشرقيةء في العقدين الثالث 
والرابع من القرن الثالت عشرء إظارا سياسيا لشعوب السهوب الذي كائ 
قد اجتمعوا في تلك المنطقة. فأقام المغول عاصمةء في «سراي» على نهر 
الفولغا الأسفلء وأسسوا أسرة حاكمة من نسل باتوخان؛ الذي فتح روسياء 
وهو حفيد جنكيز خان. كان المغول قليلي العدد وكانوا يعتمدون اعتمادا 
كبيرا على القبجاق. ومع الوقت» آخذوا لغتهم واندمجوا بهم. وقد عرفت 
دولتهم في المصطلح الروسي» وبالتالي الأوروبيء باسم القبيلة الذهبية 
«Golden horde‏ ويبدو أنه لا يوجد ما يقابل هذا الاسم في المصادر الشرفية 
التي تدعوهم بدولة خانات سهوب القبجاق. ومع تحول هذه الدولة إلى 
الإسلام في أواخر القرنين الثالث عشر والرابع عشرء أصبحت دولة إسلامية 
تسيطر على كل أوروبا الشرقيةء من البلطيق إلى البحر الأسود. وفي شبه 
جزيرة القرم وفي وديان الأنهار الكبيرة. وخصوصا على طول نهر الفولغاء 
أدت موجات الاستيطان والدخول في الدين إلى إيجاد شعب إسلامي ضخم 
ونشيط. يقطن مدنا مزدهرة مثل قازان وإستراخان وبقش سرايء وهي 
مدن أصبحت. بعد تفرق القبيلة الذهبية. عواصم لخانات مسلمة مستقلة. 


تراث الإسلام 


أما الغزاة الجنوبيون: بقيادة آل سلجوقء فكانوا مسلمين منن البداية. 
وباعتبار هؤلاء سلاطين كبارا أصبحوا يحكمون أراضي قلب الإسلام. وقد 
حقق السلاطين السلاجقة أكثر من مجرد إعادة الوحدة الإقليمية والسياسية 
المحطمة للإسلام. فقد حملوا إليه أيضاء من أطرافه البعيدة. حماسة 
دينية عميقةء على عكس التراخي وعدم الاكتراث اللذين كانا يميزان الفترة 
السابقة. وخلافا لإخوتهم الذين ذهبوا إلى بغداد وغيرها كمماليك وتربوا 
في جو المدن الإسلامية القديمة المرفهء فإن الأتراك الأحرار الذين جاءوا 
مع السلاجقة احتفظوا بالإيمان النضالي المتحمس الذي تتميز به المناطق 
النائيةء ويتميز به المحاربون في الحرب المقدسة. 

ولقد اقترن زحف الأتراك من آسيا الوسطى عبر إيران إلى ما بين 
النهرين بإحياء ديني عظيم» وعلى وجه التخصيص بإحياء المذهب السني 
القديم. وبينما كانت الجيوش التركية تطرد الكفار وتقمع المنشقين: بدأ 
الفقهاء ورجال الدين السنيون: الذين صارت علاقتهم مع الدولة ودية لأول 
مرة منن بداية الإسلام. يصوغون وينشرون اجتهادات تتضمن وجهة النظر 
الدينية الأصلية بالنسبة إلى المواقف المتجددة وغير المألوفة. ويمكن تبين 
شعور الأتراك بالسلطة وبأنهم أصحاب رسالة في عدد من النصوص» 
أكثرها مدعاة للاهتمام نص كتبه شخص تركي من «كشغر» حوالي ١072‏ 
في مقدمة كتاب عن اللغة التركية يقول فيه: «لقد رأيت أن الله قد جعل 
شمس الإمبراطورية تشرق في منازل الأتراك وجعل أفلاك السماء تدور 
حول مملكتهم. أعطاهم اسم الترك ومنحهم الملك وجعلهم ملوك العصر 
ووضع في أيديهم مقاليد الناس في هذا الزمان وفضلهم على 
البشرية....®'. 

في خلال القرون التي حدث فيها تعايش بين الإسلام والمسيحية على 
الحدود البيزنطيةء كانت الحرب المقدسة قد خمدت بين محاربي التخوم 
في الأراضي النائية فيما وراء النهر. ولكن كان من جراء مجيء شعوب 
الحدود تلك إلى الغرب أن استؤنفت الحرب المقدسة ضد العالم المسيحي 
على مقياس لم يعرف منذ الأيام الأولى للتوسع الإسلامي. ففي بلاد ما 
وراء القفقاس حاول السلاجقة أن يعيدوا السلطة الإسلامية على الجورجيين 
والأرمن. ولكن الأهم من ذلك بكثير كان الفتح التركي لشرقي الأناضول 


224 


السياسه والحرب 


ووسطهاء وهو المعقل الكبير للامبراطورية المسيحية اليونانية الذي صمد 
طويلا أمام الزحف الإسلامي. 

تم فتح الأناضول على يدي جماعات من محاربي التخوم” وتوطد 
هذا الغزو نتيجة لوفود القبائل البدوية المهاجرة. وحين كانت العملية قد 
بدات بالفعلء اوسل السلطان امير سلجوقيا تيكولى gel pal‏ 
الجديدة(**. وبينما كان محاربو التخوم يشقون طريقهم باتجاه الغرب» 
كان الضباط والإداريون يأتون من الشرق ليحكموا ويديروا البلاد التي 
كسبوها . وبفضل جهودهم قامت دولة تركية قوية في الأناضول وعاصمتها 
قونية؛ (أيكونيوم القديمة) وعرفت الأسرة السلجوقية التي حكمت هناك 
حتى بداية القرن الرابع عشر بأسرة سلاطين الروم" (أو سلاجقة الروم). 

وخلال الفترة التي تلت ذلك تعرضت البلاد الإسلامية في جنوب غربي 
آسيا لغزوين من الغرب والشرق. فقد أثر غزو الصليبيين في بلاد شرقي 
البحر المتوسظء ولكن سرعان ما أوقف وتم احتواؤهء ومن شرقي البحر 
المتوسطء بدأ الهجوم المضاد”**" على الحروب الصليبية على يد ضابط 
تركي طموح في خدمة السلاجقة يدعى زنكي» كان قد اقتطع لنفسه ولاية 
في ما بين النهرين وشمال سوريا. وقد تابعه بحماسة دينه وطموح سياسي 
ابنه نور الدينء واختتم هذا الهجوم المضاد خاتمة ناجحة نجاحا شبه تام 
على يد أحد ضباط نور Gell‏ وهو صلاح الدين الشهيرء الذي أسس 
أسرته الحاكمة الخاصة في مصر وسورياء وسدد ضربة كانت هي الضربة 
القاضية على الدول اللاتينية. كان صلاح الدين كرديا وقد اعتمد إلى حد 
ما على أبناء جلدته لكن حكمه وجيشه كانا من النمط التركي» وقد صبغهما 
كلاق يضبغة تركية تاد تكوخ كاملةوضت تضفية بغايا الغوة الصسليبية 
في فلسطين على أيدي حكام مصر من المماليك القبجاق خلال القرن 

على أن غزو المغول من الشرق كان أخطر بكثير. فلأول مرة منذ ظهور 
الإسلام تعرض المسامون لذل الغزو والسيطرة الوشيين في قلب بلاد الإسلام. 
فألغيت خلافة بغدادء وأدمجت آسيا الوسطى وفارس والأناضول المسلمة 
والعراق في إمبراطورية وثية كانت عاصمتها في شرقي آسياء وقد أضحت 
منذ سنة 1267 في بكين. ولقد بالغ بعضهم أحيانا في الأضرار التي لحقت 


تراث الإسلام 


بالبلاد الإسلامية (من جراء هذا الغزو المغولي) على أنه ما من شك في 
قسوة الضربة التي أصابت ثقة المسلمين بأنفسهم وفي تأثيرها المدمر على 
الحكومة والمجتمع الإسلاميين. بل لقد بدا لأول وهلة أن بقاء الإسلام 
نفسه كان موضع شكء حين كان خانات المغول في فارس يهددون آخر 
حصن في مصر ويتفاوضون مع القوى المسيحية في أوروبا من أجل التحالف 
ضد العدو الإسلامي المشترك. 

ولكن الخطر زال. فلم تسفر المفاوضات مع أوروبا عن شيء؛: وخلال 
قرن من الزمن كان الحكام المغول في غربي آسيا وأتباعهم قد اعتنقوا 
الإسلام. واتخذ معظمهم اللغة التركية والطابع التركي. وعندما نستعيد 
أحداث الماضي فإننا نجد أن مجيء المغول-وهم الهجرة الكبيرة الثانية: بعد 
الأتراك. من شعوب السهوب إلى جنوب غربي آسيا-يمكن اعتباره عنصر 
تقويةء وليس عنصر إضعاف. للقوة السياسية والعسكرية للإسلام. ققد 
كان للملكيات التي نشأت برعاية الأتراك والمغول المصطبغين بالصبغة التركية 
صفة الاستقرار والثبات والدوام. وهي صفات لم تكن متوافرة في الأزمنة 
السابقة؛ ويتجلى هذا في كل من مؤسساتهم السياسية وفي فعاليتهم 
العسكرية. وقد رأى المؤرخ العربي ابن خلدون في السيطرة شبه الكاملة 
للأتراك على الإسلام برهانا على عناية الله بشؤون المسلمين. 

ففي الوقت الذي أصبحت فيه الخلافة ضعيفة خائرة القوى وغير 
قادرة على الدقاع عن نفسها ضد الهجمات» فكان من لطف الله سبحانه أن 
تدارك الإيمان بإحياء رمقه وتلافي شمل المسلمين الديار المصرية يحفظ 
نظاعه وحداية سياجة بان بعت لهم سن هذه الطائمة الددركسية وقيائلها 
الغزيرة المتوافرة أمراء حامية وأنصار متوافية.. فيسترشح من يسترشح 
منهم لاقتعاد كرسي السلطان والقيام بأمور المسلمين عناية من الله تعالى 
سابقة ولطائف فى خلقه سارية20 . 

وى صر ا التركية استعاد العالم الإسلامي قدرته على الكفاح» 
وشن سلسلة جديدة من اعمال الجهاد تتجت عنها مكاسب إقليمية مهمة: 
بعضها دائم: للعالم الإسلامي. خفي الشرق حدث أهم تقدم إلى داخل 
الهند . ولقد كان الهجوم العربي على الهند في القرن الثامن غير حاسم ولم 
يتجاوز حوض السند . أما توطد الإسلام والسلطة الإسلامية في شبه القارة 


226 


السياسه والحرب 


الهندية فقد جاءا على أيدي مجموعة متعاقبة من الجنود والحكام الأتراك: 
من القرن الحادي عشر فصاعدا. 

وقي الغرب» كان هنالك زحفان رئيسيان إلى داخل أوروباء أحدهما قام 
به خانات «القبيلة الذهبية» وهم القبجاق المغولء والآخر قام به الأتراك 
العثمانيون. 

بدأت الدولة العثمانية كولاية لمحاربي التخوم؛ وكانت واحدة من عدة 
دول في الأناضول بعد تفكك سلطنة الروم السلجوقية. ولقد كان حاكمها 
الأول هو عثمان: الذي قيل إنه حكم من 299! إلى 326ام (726-699ه) ولم 
تكن هذه الولاية أكبر دول الأناضول ولا أقواها . لكنها كانت أقريها إلى 
الغرب» بالنسبة إلى حدود ما بقي من الإمبراطورية البيزنطية. وكان فيها 
أفضل فرص الحرب المقدسة؛ بحيث جذبت المتطوعين من جميع أنحاء 
الأناضول. وعندما استجاب العثمانيون لهذه الفرص تمكنوا من إقامة 
إمبراطورية عظيمة وحضارة ذات سلطان هائل. 

حقق محمد الفاتح (1446-1444, ا1481-145) في عام 1453 فتح 
القسطنطينية التي كانت الهدف الذي تنشده الجيوش الإسلامية خلال 
عدة قرون» وفي عهد سليمان القائد (1566-1520) كانت الإمبراطورية 
العثمانية قد وصلت إلى ذروة قوتها . ففي أوروبا زحفت الجيوش العثمانية, 
التي أصبحت مسيطرة على اليونان والبلقان» عبر هنغاريا وحاصرت فيينا 
عام 1529 . وفي الشرق كان الأسطول العثماني يتحدى البرتغاليين في المحيط 
الهندي. وفي الغرب وصلت القوة البحرية الإسلامية إلى غربي البحر 
المتوسط على أيدي حكام شمال أفريقيا المسلمين الذين أصبحوا الآن تحت 
السيادة العثمانيةء بل إن هذه القوة وصلت في بعض غاراتها إلى عرض 
المحيط حتى الجزر البريطانية وأيسلندا”. ومرة أخرى شكل الزحف 
الإسلامي خطرا مميتا على العالم المسيحي. فقد انتهت الحروب الصليبية 
ليحل الجهاد مكانها. وحين قال ريتشارد R. Knolles jJ‏ وهو مؤرخ 
الأتراك في عصر الملكة إليزابيث» بأن الإمبراطورية التركية هي «الرعب 
الحالي للعالم». كان يعبر في ذلك عن الشعور العام في أوروبا. 

لقد شبه الصدام بين أوروبا المسيحية والإسلام العثماني في بعض 
الأحيان بالمواجهة؛ في عصرنا الحاليء بين العالم الحر والسوفييت. ولهذا 


227 


تراث الإسلام 


التشبيه مزاياه. ففي الحالتين كان الغرب مهددا بإمبراطورية مناضلة 
ومتوسعةء تحفزها صفتان ملازمتان لكل دولة تستهدف القوة. هما شهوة 
الفتح والشعور بحمل رسالة. ويقويها إيمان متزمت بالصراع الدائم الذي 
سوف ينتهي بالنصر المحتوم. لكن من الواجب ألا نمضي في هذا التشبيه 
أبعد مما ينبغي. (ففي حالة الصراع بين أوروبا والأتراك) كان هناك ترفع 
وتزمت من كلا الجانبين- وكان الآتراك هم الجانب الأكثر تسامحا. ففي 
القرنين الخامس والسادس عشر كانت حركة اللاجئين-أي أولئك الذين 
كانوا يقترعون بأقدامهم. كما قال لينين في عبارته البليغة-من الغرب إلى 
الشرق وليسء كما في أيامناء من الشرق إلى الغرب. فهروب اليهود الإسبان 
إلى تركيا معروف للجميعء لكنه ليس الحالة الوحيدة على الإطلاق. وعندما 
انتهى الحكم العثماني في أوروباء كانت الأمم المسيحية التي حكمها العثمانيون 
خلال عدة قرون لا تزال هناك. بلغاتها وثقافاتها ودياناتها وحتى إلى حد ما 
بمؤسساتها-كل هذه الأمور بقيت سليمة وجاهزة لاستئناف وجودها الوطني 
المستقل. أما إسبانيا وصقلية فليس فيهما اليوم مسلمون أو ناطقون باللغة 
ui‏ .6993 

لم يكن اللاجئون المسلمون واليهود, ولا المسيحيون من ذوي الآراء الدينية 
والسياسية المنشقةء هم الأوروبيين الوحيدين الذين استفادوا من الحكم 
العثماني» إذ إن الفلاحين في المناطق التي غزيت قد تمتعواء بدورهم» 
بتحسن كبير في أوضاعهم. فقد جلبت الحكومة الإمبراطورية العثمانية 
الوحدة والآمن مكان الصراع والفوضىء كما ترتبت على الغزو نتائج اجتماعية 
واقتصادية مهمة. ففي خلال حروب الفتح قضي على قسم كبير من 
الأرستقراطية الوراثية القديمة المالكة للأراضي ومنحت أملاكها التي لم 
يعد لها مالك على شكل إقطاعات للجنود العثمانيين. على أن الإقطاعات 
في النظام العثماني كانت بصورة أساسية منحة تعطي صاحبها الحق في 
تحميل العائدات. وكانت من الناحية النظرية على الأقلء تمتد طوال الحياة 
أو لفترة أقصرء ولكن كان يسقط الحق فيها عندما يتوقف صاحبها عن 
القيام بالخدمة العسكرية. ولم تكن تنطوي على حقوق وراثية ولا سيادة 
إقطاعية . ومن جهة أخرى كان الفلاحون يتمتعون بنوع من الامتلاك الوراثي 
للأرض. وكان النظام العثماني يحمي هذا التملك من التفتيت ومن تركيز 


السياسه والحرب 


الملكية معا. وكان الفلاحون يتمتعون بقدر من الحرية في حقولهم أكبر 
بكثير من ذي قبل» وكانت الضرائب التي يدفعونها تقدر بصورة مخففة: 
وتجمع بطريقة إنسانية؛ وذلك بالمقارنة بما كان يجري في أنظمة الحكم 
السابقة والمجاورة. هذا الأمن والازدهار كان لهما دور كبير في جعل الفلاحين 
يتقبلون النواحي الأخرى الأقل جاذبية في الحكم العثماني: وهما يفسران 
إلى حد كبير الهدوء الطويل الذي ساد الولايات العثمانية حتى تفجرت 
الأفكار القومية التي جاءت من الغرب. فحتى القرن التاسع عشر كان 
الأوروبيون الذين يزورون البلقان يعلقون على أوضاع فلاحي البلقان الحسنة 
وعلى رضاهم عن هذه الأوضاع» وكانوا يجدونها أفضل من الأوضاع السائدة 
في بعض أنحاء أوروبا المسيحية”. وكان الفرق أوضح بكثير في القرنين 
الخامس عشر والسادس عشرء في عصر حركات التمرد الكبيرة التي كان 
يقوم بها الفلاحون في أوروبا. وحتى عملية .431 Deushrime 2r‏ 25"( 
عملية الجمع القسري للأولاد من بين الفلاحين المسيحيين من أجل تجنيدهم 
في الجيش العثماني وفي خدمة الدولة؛ لم تخل من نواح إيجابية. فبهذه 
الوسيلة كان أقل القرويين شأنا يستطيع أن يرتقي إلى أعلى المراكز وأكثرها 
نفوذا في الإمبراطورية (العثمانية). وقد ارتقى الكثيرون بالفعل وأحضروا 
أسرهم معهم-وهو شكل من أشكال المرونة الاجتماعية كان مستحيلا في 
المجتمعات الأرستقراطية للعالم المسيحي المعاصر للعثمانيين. 

كانت الأمبراطورية العشانيةبالأضاقة إلى كيا غو خر :وات 
سحر قوي: فقد كان المستاؤون والطموحون ينجذبون إليها بالفرص التي 
تناح لهم في ظل التسامح العثماني. وكان الفلاحون المسحوقون يتطلعون 
بأمل إلى أعداء أسيادهم. وحتى مارتن لوثر» في مؤلفه المسمى: «النصح 
بالصلاة ضد الأآتراك» الذي نشر عام 1541ء قد حذر بأن الفقراء المضطهدين 
على أيدي الأمراء وأصحاب الأملاك والمواطنين الجشعين يفضلون على 
الأرجح العيش في ظل الأتراك بدلا من المسيحيين من أمثال هؤلاء . 
صحيح أن فرسان أوروبا قد حاريوا بشجاعة ضد الأتراك؛ لكن فلاحيهم 
لم يكونوا يهتمون بانتصارهم. وحتى المدافعون عن النظام القائم كانوا 
يعجبون بالفعالية السياسية والعسكرية للإمبراطورية التركية. وكان جزء 
كبير من الآدب الغزير الذي أنتج في أوروبا حول التهديد التركي» يهتم 


229 


تراث الإسلام 


بمزايا النظام التركي والحكمة الكامنة في تقليده. 

كانت انتصارات سليمان القانوني أعلى نقطة وصل إليها Spill aM‏ 
وإن كان ذلك لم يدرك في ذلك الوقت. وبعد ذلك انسحبت الجيوش العثمانية 
من فيينا والأساطيل العثمانية من المحيط الهندي. وقد أخفت الواجهة 
المهيبة للقوة العسكرية والعثمانية: لفترة من الوقتء التدهور الحقيقى للقوة 
العثمانية. وفي هنغاريا Jou s db Loss td eal fel‏ 
وفي سنة 1683 كان في استطاعة الأتراك أن يقوموا بمحاولة ثانية لاحتلال 
فيينا. ولكن كان قد غات الأوان: وفي هذه المرة كانت هزيمة الأتراك نهائية 
وحاسمة. وأصبح الآن ضعف الدولة العثمانية؛ وليس قوتهاء هو الذي يسبب 
مشكلة لأوروباء وهي المشكلة التي كانت تعرف «بالمسألة الشرقية». 

واستمرت قوة الدين الإسلامي في الزحف في بعض أجزاء العالم 
وبصورة خاصة في أفريقيا الاستوائية وجنوب شرقي آسيا. 

أما في الغرى فقن واهه icis acabe Das aS Ludi‏ انتصارات 
العثمانيين قد حجبتها وأخرتها لفترة من الوقت ولكن لم تستطع أن تمنعها . 

لقد كانت استجابة العالم المسيحي الأوروبي للجهاد الكبير الأول هو 
عملية استعادة الأندلسء؛ والحروب Acad‏ أما الاستجابة للموجةالثانية 
للزحف الإسلامي فقد وصلت إلى مداها في التوسع الكبير لأوروبا الذي 
أصبح يعرف باسم الإمبريالية (للاطلاع على طريقة تأثير هذه الموجة من 
الإمبريالية في المواقف الأوروبية من الإسلام. خصوصا في القرن التاسع 
عشرء انظر فيما سبق؛ الفصل الأول). وقد بدأت الموجة؛ وهذا أمر طبيعي؛ 
في طرفي أوروباء في بلاد كانت هي نفسها خاضعة للحكم الإسلامي-أي 
في شبه جزيرة إيبيريا وروسياء ثم انتشرت حتى طغت على العالم الإسلامي 
كله تشرییا: 1 

لقد لامست الهجرات الكبيرة للآأتراك شمال أفريقيا مجرد الملامسة 
ولم تصل إلى إسبانيا أبدا . لذلك كانت تأثيرات السيطرة التركية في أقصى 
المغرب الإسلامي ضعيفة. غير أن شعبا آخرء هو شعب البربرء قام بدور 
مشابه لدور الأتراك. ففي أثناء القرنين الحادي عشر والثاني عشر أزاح 
بربر أفريقياء مثلما فعلت شعوب السهوب في آسياء أنظمة الحكم المتداعية 
للدول الإسلامية القائمة: وأقاموا نظاما سياسيا ودينيا جديدا . ولقد تمكن 


السياسه والحرب 


القواد البربر بفضل شجاعتهم العسكرية وتقواهم النضالية أن يقيموا دولا 
جديدة وقويةء وأن يستأنفوا الجهاد بحماس متجدد . وسرعان ما تدفقت 
هذه القوة من أفريقيا إلى إسبانيا حيث استطاعت لفترة من الوقت أن 
توقف زحف حركة «استعادة الأراضي» المسيحية. 

لكن ذلك لم يدم إلا فترة قصيرة. ففي المغرب لم يكن هناك دم جديد 
يعيد القوة إلى الإسلام»ء ولا تجديد للبنية السياسية والعسكرية مثل تجديد 
أنظمة الحكم المغولية. فبعد أن أقام البربر في المدن نسوا حماستهم وعادت 
القوة الإسلامية إلى التدهور. ففى ۱492 احتلت جيوش الملوك الكاثوليك 
آخر مركز للقوة الا ف إسبانياء وف هذه الأثناء كانت الضربة 
الأوروبية المعاكسة قد بدأت. 

كان البرتغال قد آتموا حركة استعادة بلادهم عام ۱267ء قبل إسبانيا 
بقرنين ونصف القرن تقريبا. وفي سنة 1415 نقلوا الحرب إلى معسكر 
العدو بعد احتلال «سبتة». وفي أثناء القرن الخامس عشر حاولوا بجهد 
وتصميم أن يثبتوا أنفسهم في المغرب بعد أن احتلوا لفترة قصيرة الدار 
البيضاء وطنجة. وقد انتهت المحاولة البرتغالية للتوسع في بر شمال أفريقيا 
بانتصار المغاربة في معركة القصر الكبير عام ١578‏ . وكذلك فإن claw!‏ 
في غمرة حماستهم «لاستعادة» البلادء تعقبوا أعداءهم المسلمين المنهزمين 
من أوروبا إلى أفريقياء واحتلوا بين سنتي 1497 و 1510 سلسلة من المدن 
على ساحل شمال أفريقيا من مليلة حتى طرابلس في الشرق. على أن هذه 
المغامرة بدورها لم تثمر. فقد كانت غاية الإسبان محدودة: ووقائية-هي 
ردع أي محاولة لإعادة المسلمين (إلى إسبانيا) وحماية شواطتهم وسفنهم 
من القراصنة المسلمين”” . ومع صمود القوة البحرية العثمانية في البحر 
المتوسطء تخلى الإسبان عن أي محاولة جديدة لغزو شمال أفريقياء واكتفوا 
مثل البرتغاليين بالاحتفاظ ببضع نقاط قوية فيها حاميات صغيرة. 

وجاءت الضربة المعاكسة الحقيقية التي وجهها الغرب إلى الشرق من 
جهة مختلفة تماما. فعندما وصل فاسكو داجاما إلى كلكوتا قال إنه أتى 
بحثا عن المسيحيين والتوابل. وكان هذا تلخيصا صادقا للدوافع التي أرسلت 
البرتغاليين إلى آسياء كما أنه يلخصء مع بعض التعديل؛ موقفهم من «الجهاد» 
الذي كانت رحلات «البرتغاليين» بمعنى من المعاني. جوابا متأخرا جدا 


تراث الإسلام 


عليه. كان الشعور الديني قويا لدى البرتغاليين الذين ذهبوا إلى الشرق؛ 
فكانت الرحلات الاستكشافية تعتبر نضالا دينياء أي استمرارا لحملة استعادة 
البلاد المحتلة والحروب الصليبيةء وكفاحا ضد العدو الإسلامي نفسه. 
وعندما وصل البرتغاليون إلى المياه الشرقية كان خصومهم هم القوى 
الإسلامية لمصر وتركيا وفارس والهند. وكانت هيمنة هذه القوى هي التي 
أطاحوا بها. وبعد البرتغاليين جاء الإسبان والفرنسيون والإنجليز 
والهولنديون» وقد أسسواء فيما بينهم. سيطرة أوروبية غربية على أفريقيا 
وجنوب آسيا دامت حتى القرن العشرين. 

هذا النمط نفسه من استرداد القوة واستعادة البلاد والهجوم المعاكس 
يمكن رؤيته في البلد الأوروبي الآخر الذي فتحه الإسلام في العصور 
الوسطى-آي في روسيا. فقد كانت السيطرة الإسلامية على روسياء قي 
عهد القبيلة الذهبية؛ أقصر مدةء وكان تأثيرها أضيق نطاقاء من الحكم 
المغربي في إسبانيا. ومع ذلك. وكما هو الحال بالنسبة للحكم التركي 
118 في اليونان والسيطرة المغربية في إسبانياء فقد ترك «النير 
التتري» أثرا عميقا في الذاكرة الروسية؛ وكذلك النضال من أجل إنهائه. 

بدأت روسيا تسترد قواها في الربع الأخير من القرن الرابع عشر. ففي 
عام 0 هزم ديميتري دونسکوي» مير موسكو الكبيرء التترء في معركة 
ضارية جرت في حقول كوليكو. ولم يكن هذا النصر حاسماء رغم أنه خلد 
في التاريخ والأساطير الروسية: إذ إن التتر بعد سنتين انطلقوا شمالا مرة 
أخرى» واجتاحوا الأراضي الروسية واحتلوا موسكو. حيث أعادوا فرض 
الجزية. وقد سددت ضرية قاتلة لقوة القبيلة الذهبية على يد غاز جديد 
من الشرق هو تيمورلنك الشهير الذي هاجمهم وهزمهم سنة 1395 . وخلال 
القرن الخامس عشر تفرق خانات القبيلة الذهبيةء وتوزعت ممتلكاتها على 
الخانات الثلاث المتنافسةء وهي قازان وإستراخان والقرم» بالإضافة إلى 
جماعات أخرى مستقلة في السهوب شرقي الفولغا والأورال. 

هذه التقسيمات مكنت إيفان الكبير”**). أمير موسكو. من أن يحرر 
نفسه»ء عام ۱480ء من كل جزية وتبعية . وكما فعل الإسبان والبرتغاليونء فقد 
انطلق الروس ليتعقبوا أسيادهم السابقين. وبعد صراع طويل ومرير ضد 
تتر الفولغا استطاع الروس في النهاية أن يحتلوا قازان عام 1552 . وكان هذا 


السياسه والحرب 


هو النصر الحاسم. فبعد أن أصبحت قازان بأيديهم كان من السهل عليهم 
نسبيا أن يزحفوا حتى الفولغا ويحتلوا إستراخان عام 1556. وبهذا النصر 
استطاع الروس أن يسيطروا على طريق تجارة الفولفا ووصلوا إلى بحر 
قزوين. وأصبح الظرف مناسبا للزحف الروسي الكبير في آسيا. 

وهكذا ففي الوقت الذي كانت فيه القوى البحرية لأوروبا الغربية تبحر 
حول أفريقيا وتوطد نفسها في جنوب آسيا وجنوبها الشرقيء تقدم الروس 
برا-إلى البحر الأسود وبحر قزوين وهضبة البامير والمحيط الهادي-وضموا 
الشعوب الإسلامية في القرم وداغستان وأذربيجان الشمالية والفولغا 
وقازاخستان وآسيا الوسطى ضمن ملكهم المترامي الأطراف. 

وكان مما ساعد التوسع الروسي والأوروبي الغربي في آسيا وأفريقياء 
التفوق الملموس في السلاح. ولم يصادف الروس آي قوة رئيسية في طريقهم 
شرقا. ولما كانت سفن الإمبراطوريات البحرية قد بنيت أصلا لتصمد أمام 
عواصف الأطلسيء وكان الهدف منها هو الحرب التي كانت تدور فيما بين 
هذه الدول ذاتهاء فقد كانت لها ميزة في المهارة البحرية وفي التسلح البحري 
لا يعادلها شيء لدى البلاد الآسيوية. وهكذا ففي أوروبا فقط استطاعت 
الإمبراطورية العثمانية» وهي لم S55‏ حتى في انحطاطهاء أقوى الدول 
الإسلامية» أن تقاوم بعناد زحف أوروبا المسيحية نحو البلقان وإيجة 
والقسطنطينية. 

وفي عام ۱606ء وبعد حرب غير حاسمة وقع العثمانيون والنمساويون 
معاهدة صلح في سيتغاتوروك على ضفتي غدير يقع على الحدود الفاصلة 
بين الإمبراطوريتين. وكانت هذه المعاهدة نقطة تحول. فلأول مرة انتهت 
الحرب لا بهدنة يفرضها الطرف المنتصر على الطرف المنهزم في إستامبول؛ 
بل بمعاهدة يجري التفاوض فيها بين الطرفينء ويوقعها طرفان متكافئان 
على الحدود . وفي هذه المعاهدة. ولأول مرة. لا يدعى عاهل هابسبورغ 
«ملك فيينا» كما كان الحال في الوثائق التركية السابقةء بل يعطى اللقب 
الإمبراطوري. وإذا كان القرن السابع عشر قد بدأ باعتراف بالمساواة: فإنه 
انتهى باعتراف بالهزيمة. فقد كان الفشل الثاني في فيينا والتراجع التركي 
السريع الذي تبعه. يعني نصرا واضحا لا لبس فيه للنمساويين وحلفائهم. 
وكانت معاهدة كرلوفيتش لعام ۱699 أول معاهدة توقعها تركيا كقوة مهزومة, 


تراث الإسلام 


كما كانت أول معاهدة احتاج فيها الوزراء الأتراك إلى وساطة الحكومات 
الصديقةء في الغرب» من أجل تخفيف نتائج الفشل العسكري بالوسائل 
الدبلوماسية. كان الأتراك قد نسوا استراتيجية الحرب المقدسة؛ وبدأوا 
يتعلمون سياسة المحافظة على البقاء وفن الدبلوماسية الجديد. 

لم يكن فن الدبلوماسية شيئًا جديدا بحد ذاته بالنسبة للمسلمين. 
فالرسول نفسه استقبل المبعوثين وأرسلهم» وقد سار على هذا التقليد الخلفاء 
والحكام المسلمون الآخرون. ومنذ عصور الحروب الصليبية كان المبعوثون 
من أوروبا المسيحية كثيرا ما يزورون البلاطات الإسلامية. إلا أن ممارسة 
الدبلوماسية وأغراضها كانت محدودة من الجهة الإسلامية. فلم تكن هنالك 
سفارات دائمة ومقيمة إلى أن بدأت الدول الأوروبية اعتبارا من القرن 
السادس عشر فصاعداء تقيمها في إستامبول. ولم يقم العثمانيون بمحاولات 
لإقامة سفارات دائمة في أوروبا حتى نهاية القرن الثامن عشر-بل إن الدول 
الإسلامية الأخرى قد تأخرت حتى عن ذلك. وبدلا من ذلك كانوا يفضلون 
الاعتمادء من أجل الحد الأدنى من التعامل الضروري مع حكومات غير 
oes Lal‏ على بعثات خاصة يرسلونها من حين إلى حين إلى بلد أوروبي أو 
آخرء كما كانوا يعتمدون على المبعوثين الأوروبيين في عاصمتهم. وكانت 
الغاية الرئيسية لهذا التبادل الدبلوماسي تجاريةء ضفي الواقع لم يكن هنالك 
إلا القليل للتفاوض بشآنه خارج الأمور التجارية. فقد كانت النزاعات 
السياسية تحل عن طريق الحرب؛ وكان المنتصر هو الذي يفرض الحل. أما 
العلاقات السياسية الأخرى بين المسلمين والدول المسيحية التي لا تدفع 
الجزية فكان يجب بقاؤها ضمن الحد الأدنى الذي لابد منه-وحتى هذا كان 
يترك إلى حد كبير لموظفي الدول الإسلامية غير المسلمين. «فالتحالف» 
الذي كثر الحديث عنه بين فرانسوا الأول (ملك فرنسا) وسليمان القانوني 
كان موجودا إلى حد كبير في خيال الأوروبيين. أما من الجانب التركي فلم 
يكن هنالك أكثر من مجرد تعاون تكتيكي محدود. يحتل المكان المحدود 
الذي يناسبه في الكتابات التاريخية التركية. 

لقد أدت مفاوضات معاهدة كارلوفيتش التي خففت فيها عقوبة الهزيمة 
بفضل المهارة الدبلوماسية للمبعوثين البريطانيين والهولنديين» إلى تنبيه 
الحكومة التركية لأول مرة إلى مجالات الدبلوماسية الدولية وإمكاناتها. 


234 


السياسه والحرب 


على أنه حتى بعد هذا الدرس كان التقدم بطيئًا. فالفضول الذي يدفع 
للتعرف على أوروبا كان محدودا جداء وكان التعامل مع الدبلوماسيين 
الأوروبيين لا يزال يوكل إلى رئيس التراجمة لدى الباب العالي؛ وكان هذا 
الول تاتا دوك ترق الاسيراظورية المقنانية معاهنات تسالم دمع القرق 
المسيحية حتى نهاية القرن الثامن عشر. فقد كانت تركيا في حالة حرب مع 
روسيا والنمسا. وبالنظر إلى أن السويد كانت بدورها في حالة حرب مع 
روسياء وانضمت إليها فيما بعد بروسياء فقد وقعت تركيا معاهدتين مع 
البلدين عامي 1789 و 1790. وقد شجب قاضي العسكر شانيزاد أفندي هذه 
البدعة في التحالف العسكري مع بلد مسيحي من حيث إنها مخالفة للشرع 
الشريف. واستشهد بالآية القرآنية: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي 
وعدوكم أولياء» (السورة 60 الآية )١‏ لكن المفتي العام نقض قوله؛ إذ استشهد 
بالحديث النبوي القائل «سينصر الله الإسلام بأقوام ليسوا منه24. 

وفي القرن الثامن عشر طرأ بعض التحسن على الأوضاع التركية. 
فبموجب معاهدة بساروفيتش alal‏ 1718 أجبرت تركيا على التخلي عن 
المزيد من الأراضي. ولكنها بعد ذلك وبفضل اختلافات أعدائها استطاعت 
أن تستعيد بعض هذه الأراضي. على أن هذا التحسن لم يطل آمده. فقي 
عام 1768 اندلعت الحرب مع روسياء وبعد سلسلة من الهزائم العسكرية 
والبحرية أجبرت تركيا على التوقيع على معاهدة «كوتشوك قاينا رجي» 
لعام 774٠ء‏ وفيها تخلى السلطان» من بين ما تخلى عنهء عن سيادته القديمة 
على تتر القرم» الذين أصبحوا «مستقلين» وتنازل للإمبراطورة الروسية 
عن حق حماية الكنيسة الروسية في إستامبولء تلك الكنيسة التي أصبحت 
محمية فعلية تحمي رعايا السلطان المسيحيين الأرثوذوكس. وتعويضا عن 
ذلك سمح للسلطان بممارسة سلطته الدينية باعتباره «الخليفة المحمدي 
الأعلى» على مسلمي القرم. وكانت هذه العبارة لا معنى لهاء وقد نسيت 
على أي حال عندما ضم الروس القرم بعد بضع سنوات. إلا أنها أدت إلى 
نتائج غير عادية ضمن العالم الإسلامي. 

كانت الخلافة الإسلامية الحقيقية قد انتهت منذ عدة قرون. صحيح 
أن السلطان العثماني كان يستعمل لقب الخليفة7”؛ غير أن الكثيرين من 
الحكام المسلمين الآخرين كانوا يستعملونه أيضاء وبعضهم كانوا من الحكام 


تراث الإسلام 


الثانويين. وكان من المألوف في ذلك العصر أن يستعمل لقب الخليفة كواحد 
من جملة ألقاب عديدة كان الحكام المسلمون يستعملونها ضمن حدودهم. 
ولكن ما من حاكم ادعى أو مارس أي سلطة دينية خارج حدوده؛ ولم تعرف 
سلطة od gS‏ أو يعترف بهاء في العالم الإسلامي. وكان حق السيطرة 
الدينية على تتر القرم؛ الذي ضمن في معاهدة «كوتشوك قاينارجي» في 
جانب die‏ وسيلة لإنقاذ ماء وجه السلطان» وفي جانب آخرء محاولة شبه 
يائسة لإبقاء نوع من الصلة بالقرم» وهي أول بلد إسلامي أصيل أجبر 
السلطان على التخلي عنهء إذ كانت الأراضي السابقة التي جرى التخلي 
عنها أراضي مسيحية لا يوجد فيها أكثر من أقلية حاكمة صغيرة من 
المسلمين. أما القرم فقد كانت أراضي إسلامية قديمة وسكانها من المسلمين. 
فكانت خسارتها ضرية مريرة. 

كما كانت كذلك الضربة الأولى في سلسلة من الضربات المماثلة التي 
أدت إلى إخضاع مناطق واسعة من العالم الإسلامي للحكم المسيحي؛ وتركت 
حاكمين إسلاميين فقط يحكمان دولتين مستقلتين لهما حجم معقول. وكان 
شاه فارسء أحد هذين الاثنين. شيعيا . فكان من الطبيعي أن يتطلع السنيون 
في كل مكان: بعد أن حرموا من زعمائهم: إلى آخر سلطان سني كبير 
ليستقوا منه النصح والتوجيه. 

وبعد بضع سنوات تأيدت نظرية الخلافة العثمانيةء التي اقترحت آول 
الأمر في معاهدة «كوتشوك قاينارجي». بحجة جديدةء هي القصة القائلة 
بأن آخر خليفة عباسي في القاهرة كان قد حول الخلاقة إلى سليم الأول 
العثماني الذي فتح مصر. وقيل إن هذا نقل الخلافة الإسلامية إلى آل 
عثمان الذين احتفظوا بها منن ذلك الحين. 

وقصة تحويل الخلافة هذه أسطورة بلا شكء ولذا لم يلق الادعاء 
العثماني بالحق في الخلافة إلا القليل من التأييد خلال القسم الأخير من 
القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر. إلا أنه اعتبارا من منتصف 
القرن التاسع عشر تقدمت الدعوة العثمانية بقوة متزايدة ولقيت قدرا 
متزايدا من القبول» خصوصا في أواسط آسيا الروسية والهند البريطانية. 
و dL dee‏ اة رة اجات الإسلامية الح كردت بها 
على حشد الروح المعنوية الإسلامية خلال تلك الفترة من السيطرة الأوروبية 


236 


السياسه والحرب 


الغربية والشرقية. 

وأخيرا ألغيت الخلافة العثمانية. مع مجيء الجمهورية!* التركية, 
عام 1924ء ولم تنجح المحاولات لإقامة خلافة جديدة. وفي هذه الأثناء 
كانت المواجهة بين الإسلام والعالم المسيحي قد اتخذت أشكالا جديدة, 
مختلفة جدا في مناطق السيطرة الأوروبية الغربية والشرقية. فقد تخلت 
أوروبا الغربية بسبب وهن العزيمة والإيمان وأخيرا القوة. عن تلك الأجزاء 
من العالم الإسلامي التي حكمتها. وتبقى بعض التأثيرات الاقتصادية 
والثقافيةء وإن كانت حتى هذه في طور التلاشي. واختفت التأثيرات 
السياسية والعسكرية كليا تقريبا. ومن جهة أخرى فإن أوروبا لم تحافظ 
على سيطرتها فقط بل زادتها قوة, وتوسعت لتشمل مناطق جديدة. فبعد 
تخليها عن المسيحية وجدت لنفسها عقيدة أخرىء. نضالية وقادرة على 
جمع الأنصار. تستطيع بها أن تتحدى أفكار الإسلام وقيمه ومعاييره. 

ولأول مرة منذ قرون عديدة يصبح الجزء الأكبر من العالم الإسلامي 
مؤلفا من دول مستقلة يتمتع حكامها بفرصة حقيقية للاختيار بين عدة 
خيارات. وسوف يتوقف مستقبل الإسلام. ومستقبل الكثير غيره. على 
الاختيار الذي يقومون به. 


برنارد لويس 


237 


Bibliography 


Sir T. Arnold, The Preaching of Islam (3rd edn., London, 1935); idem, The 
Caliphate (ed. Sylvia Haim, London, 1965); D. Ayalon, Gunpowder and 
Firearms in the Mamluk Kingdom (London, 1956); L. Beckmann, Die 
muslimischen Heere der Eroberungszeit (Hamburg, 1952); L. Caetani, Studi di 
storia orientale, iii (Milan, 1914); M. A. Cheira, La Lutte entre Arabes et 
Byzantins (Alexandria, 1947); Encyclopaedia of Islam, 2nd edn., articles 
‘Djaysh, Djihad, Harb);A.M. Fahmy, Muslim Sea- Power in the Eastern 
Mediterranean from the Seventh to the Tenth Century A. D. (Alexandria, 1950); 
J. N. Fries, Das Herresmesen der Araber zur Zeit der Omayyaden nach Tabari 
(Tubingen, 1921); L. Gardet, La Cité musulmane (Paris, 1954); H.A.R. Gibb 
and H. Bowen, Islamic Society and the West (London, 1950-7); M. Hamidullah, 
Muslim Conduct of State (2nd edn., Lahore, 1945); J. Hatschek, Der Musta' min 
(Berlin-Leipzig, 1919); W. Heffening, Das islamische Fremdenrecht (Hanover, 
1925); P. M. Holt, A K. S. Lambton, and B. Lewis (eds.), Cambridge History of 
Islam (Cambrige, 1970); M. Khadduri, War and Peace in the Law of Islam 
(Baltimore, 1955); W. Montogmery Watt, Islamic Political Thought : the Basic 
Concepts (Edinburgh, 1968); R. Pierre, Russian Central Asia 1867-1917 
(Berkeley-Los Angeles, 1960); E. I. J. Rosenthal, Political Thought in Medieval 
Islam (Cambridge, 1958); D. Santillana, Istituzioni di diritto musulmano, i 
(Rome, 1926); K. M. Setton (editor-in-chief), A History of the Crusades, i and 
ii (Philadelphia, 1955-62); D. Sourdel, Le Vizirat *abbaside de 749 à 936 
(Damascus, 1959-60); W. B. Stevenson, The Crusaders in the East (Cambridge, 
1907); E. Tyan, Institutions du droit public musulman (Paris-Beirut, 1953-6); 
A. Vasiliev, Byzance et les arabes (Brussels, 1935-50); D. Vaughan, Europe 
and the Turk: a Pattern of Alliances 1350-1700 (Liverpool, 1954). 


الحواشي 


(*) يستعمل الكاتب كلمة الدين هنا بالمعنى السامي والعقيدة البعيدة عن الدنيا وشؤون الحياة 
(وهي فكرة مسيحية) ولهذا يعتبر أنه بمشاكل السلطة والحكم والسياسة والحروب «توريط» 
للدين فيما لا شأن له به. 

وبديهي أن المفهوم الإسلامي للدين (وهو دين ودنيا) لا يتفق مع ذلك. 

(*1) يقصد الكاتب أن الرسول الأعظم (ص) كان هو نفسه رئيس الدولة ومن المعروف أن الإمبراطور 
قسطنطين هو أول إمبراطور اعتبر المسيحية سنة 312م دينا مقبولا مشروعا ضمن أديان الدولة 
الرومانية» وبالرغم من أن ثمة شكا كبيرا في أنه اعتنق هو نفسه المسيحية فإن الكنيسة قد 
كرسته منذ زمن طويل قديسا بسبب قراره هذا الذي أعطى الدين المسيحي (الشرعية)ء وكان 
نقطة الانقلاب في تاريخ المسيحية التي أصبحت فيما بعد دين الدولة الرسمي في الإمبراطورية 
الرومانية. وعلى آي حال فإن طريقة التعبير عند كاتب البحث خاطئة ولا علاقة شبه على 
الإطلاق ما بين قسطنطين. والرسول الأعظم. 

(*2) يقارن الكاتب هنا بين مدة الاضطهاد التي لقيها المسلمون الأول والتي استمرت ١3‏ سنة 
وانتهت بالهجرة ثم بفتح مكة سنة 8 للهجرة؛ وبين الاضطهاد للمسيحيين الذي استمر قرابة قرنين 
ونصف القرن (ما بين أواخر القرن الأول للميلاد وحتى مطالع القرن الرابع) . 

(*3) يبدو أن الكاتب يجهل أو يتجاهل أن العبرية ليست إلا إحدى اللهجات الكنعانية وأن الكنعانية 
والآرامية والعربية أخوات وأن جذور الكثير جدا من المفردات فيها جذور واحدة. وهكذا فليس من 
الكلام العلمي أن يقال إن كلمة «أمة» مأخوذة من العبرية فالكلمتان مأخوذتان من جذر واحد 
يرجع في الأصل إلى لفظ «الأم» التي تعني الانتماء إلى مولد واحد وبطن واحد مشترك؛ ولفظ 
«العم» التي تستعمل في العبرية بمعنى الشعب له في العربية ابن عم شبيه به هو لفظ عام وعموم. 
(4) الآيات المتعلقة بهذه الإشارة في القرآن الكريم تبلغ ا5 آية استعملت فيها كلمة «أمة» يضاف 
إليها 13 آية استعملت فيها الكلمة بالجمع: «آمم» ومن الصعب إيرادها جميعا. لكنا نلاحظ آن 
الكاتب لا يستوفي هنا المعاني التي أورد فيها القرآن هذه الكلمة فقد استعملت أيضا بمعنى 
الجماعة من الناس عامة ومن أهل دين معين؛ وبمعنى مذهب. وبمعنى النبي الذي يتبعه الناس. 
(*5) يشير الكتاب إلى الصحيفة «دستور المدينة» (انظر ابن هشام ج2 ص 123-119). 

(*6) لنلاحظ أن هذا اللقب «إمام» ظهر أول ما ظهر لدى الشيعة في أواسط وأواخر العصر 
الأموي ومطالع العصر العباسي لتسمية ولإبراز زعامة دينية أخرى ذات صلة نبوية وتقابل مكانة 
الخليفة (السني). وقد منح هذا اللقب لمن اعتبرتهم الفرق الشيعية المختلفة ورثة «لحق» الخلافة 
وزعامة المسلمين وبخاصة لأمير المؤمنين علي بن آبي طالب ولسلالته منذ الإمام محمد الباقر ثم 
«ابنه جعفر الصادق». وقد استعمل لإبراهيم الإمام بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس (وهو 
أخو أبي العباس والمنصور). ولقد منح اللقب بعد موته بزمن واستعمل اللقب نفسه محمد النفس 
الزكية (ابن عبدالله المحض) للوقوف في وجه المنصورء كما استعمله المنصور نفسه والرشيد. ثم 
استعمله أيضا المأمون يوم وقف في وجه أخيه «الخليفة» الأمين ثم درج استعماله لدى الفقهاء 


239 


تراث الإسلام 


السنة لقبا للخلفاء العباسيين واستعمله الخلفاء الفاطميون؛ في الوقت الذي ظلت فيه الفرقة 
الشيعية الأساسية (الاثنا عشرية) تستعمل اللقب للأثمة الاثني عشر. 

(*7) شاع استعمال اللقب بهذا الشكل لدى خلفاء الثلث الأخير من العصر الأموي. ولم يكن يحمل 
هذا المعنى لا في العصر الراشد ولا في صدر صدر العصر الأموي. 

يستحقها من المسلمين كافة. وقد عاش هذا الرأي وطبق وما يزال قائما في المذهب الإباضي. 

(:*9) لا نظن أن الكاتب قد عنى في ذكره الآل ثم الأسرة ثم الذرية الترتيب التاريخي لظهور هذه 
الأفكار. ففهم النص على هذا الأساس يوقع في الخطأ. والنظريات الشيعية حول الإمامة وإن 
تضمنت هذه التنويعات فى مدى القربى عن الرسول إلا أن ظهورها لم يكن بهذا الترتيب من 
الناحية الزمنية. 

(*10) لعله من الضروري أن نشير في هذا إلى أن الكاتب إنما ينطلق في بحثه من مواقع «غير 
إسلامية» وإن كانت مغلفة بالظاهر «الموضوعي» ولذلك تنتشر في سطوره هنا وهناك ‏ كما سوف 
نلاحظ هنا وفيما بعد الإشارات والصيغ والملاحظات التي قد تمس المساس الرفيق أو القاسي؛ 
مشاعر القارئ المسلم. ولما كان من المبالغة في التعليق والجدل تتبع كل ذلك والتنبيه إليه ومناقشته؛ 
لذلك فضلنا الاكتفاء بهذا التعليق التنبيهي العام؛ لاتخاذ الحذر عند تناول ما بث هذا الباحث 
)١1*(‏ بقيت حتى العصر العباسى الثانى جماعات شيعية لا تشترط التسلسل من نسل فاطمة: 
وتقول بإمامة محمد بن الحنفية ومن بعده. 

(*12) يقصد الباحث ظهور الخلافة الفاطمية في أفريقيا (تونس) ثم سيطرتها 358ه/ 969 على 
مصر وسورية ثم الحجازء وامتداد نفوذها إلى اليمن. 

(*13) لعلنا نسجل هنا الملاحظة المهمة. وهي أن الخلافة الفاطمية كانت تنظر إلى نفسها على 
أنها خلافة عالمية وليست خلافة للمسلمين فقط كالخلافة العباسية أو الأموية. الفاطميون من 
خلال منظورهم الديني كانوا يعتبرون أنفسهم خلفاء الأرض ويقسمون المسكونة إلى ١2‏ جزيرة ‏ 
إقليما ‏ ويعتبرون الأرض كلها مداهم ومنطقة حكمهم لا بلاد الإسلام فحسب. وقد أقاموا 
جهازهم الدعائي ونظموه على هذا الأساس المتصل بجذور العقيدة الإسماعيلية. 

(*14) يقصد الكاتب البويهيين. على أنهم لم يكونوا من رجال البلاط ولكنهم من الأمراء المتسلطين. 
)15%( لم یکن في بغداد من أمير للعاصمة. ولكن أهم الأمراء المسيطرين (وأولهم في تلك الفترة 
ابن رائق) هو الذي أخذ من الخليفة لقب أمير الأمراء. وبدأ بذلك عصرا قصير العمر لهذه 
المرتبة استمر فقط عشر سنوات (ما بين سنة 334-324) حين استطاع الأمير الديلمي المتسلط على 
العراق العجمي (غرب فارس) وهو من بني بويه؛ أن يمد نفوذه على بغداد نفسها ويبداً بذلك 
الدولة البويهية محتجزا لقب أمير الأمراء له ولأسرته ثم أضافوا إلى ذلك لقب الملك مع لقب 
مضاف إلى (الدولة). 

(*16) لم يكن البويهيون من الفرس ولكنهم من الديلم؛ الشعب الذي يسكن منطقة الجبال شمال 
غرب إيران. 

(*17) لقد استعمل السامانيون قبل السلاجقة لقب السلطان: ثم استعمله هؤلاء لأنفسهم قبل أن 
يمنح طغرل بك رسميا من الخليفة لقب سلطان المشرق والمغرب. 

(*18) مصطلح السلاجقة الكبار يطلق في العادة على سلاطين السلاجقة الأوائل: طغرل وألب 


240 


السياسه والحرب 


أرسلان وملكشاه. 

(*19) استعمل الكتاب المسلمون القدامى كلمة دولة بمعنى الحكومة؛ فدولة فلان تعني فترة 
حكمه. ولكنا آثرنا استخدام كلمة حكومة في هذا المجال للا يفهم من كلمة الدولة المعنى الحديث 
Lg‏ 

على أنها للعصر السلجوقي. فلم يكن السلاجقة هم الذين يعينون الخلفاء. وإنما كان ذلك في 
عصر المماليك بمصر. 

(:21) لنلاحظ أن خلفاء القرن الأخير من الخلافة العباسية كانوا قد تحرروا من النفوذ السلجوقي 
تماما وقد تحولت منطقة بغداد وجنوبي العراق إلى إمارة صغيرة يحكمها الخلفاء كحكم أي أمير 
من الأمراء الآخرين المتسلطين لإمارتهم؛ وميزته أن هؤلاء الأمراء الآخرين كانوا يخطبون باسمه 
على منابرهم ويتلقون منه ‏ دون أي سلطة ‏ وثيقة الشرعية بالحكم. 

(*22) نجد في القرآن الكريم بالمقابل «إن هذه أمتكم أمة واحدة Ulo‏ ربكم فاعبدون». الآية اومن 
سورة الأنبياء.ء ونجد كذلك في الآية الكريمة 52 من سورة (المؤمنون). 

(*23) مقابل هذه النظرة المتعصبة للغرب وللمسيحية ظهرت في الغرب نفسه حديثا نظرة معاكسة 
تعتبر معركة بواتييه (بلاط الشهداء) أشأم يوم في تاريخ فرنسا لأنها سجلت انتصار الغرب 
إلى أوروبا فترة من الوقت ثم أغلق. وذلك هو طريق القفقاس (دربندء بجوار بحر الخرز)؛ وقد 
اخترق هذا الطريق وعمل عليه حوالي ١5‏ سنة الخليفة الأموي الأخير مروان بن محمد؛ وكانت 
آخر غزواته من النجاح بحيث ساير نهر الفولغا ووصل قرب موسكو وعاد من ذلك بعشرات 
الألوف من الأسرى الخزر (يذكرون أنهم ۱00 آلف أسير)ء ولكن انهيار الحكم الأموي وقيام 
العباسيين ولجوء الحكم الجديد إلى الدفاع بدل الهجوم ووقوف الجبهة الإسلامية جنوب جبال 
القفقاس أغلق هذا الطريق نهائياء وكان من شأنه ‏ لو فتح ‏ أن يضع يد الدولة الإسلامية على 
طريق الحرير البري الشمالي بين الصين وأوروبا. 

(*25) يقصد الباحث هنا الشعوب التركية المختلفة التي اتصل بها الإسلام واتصلت به بصلات 
الحرب والتعاون على السواءء اعتبارا من القرن الهجري الأول. 

(*26) يقصد غزاة أمريكا من الإسبان والبرتغاليين بعد اكتشافهاء وقد كانت كل ملاحم غزوها 
على الجياد. 

(*27) يشير الباحث هنا إلى معركة فالمى سنة ١792‏ حين هاجمت الجيوش الأوروبية المتحالفة 
فرنسا ‏ الثورة. فدافعت الثورة عن نفسها بجيوش شعبية سيئة التسليح والتدريب ولكنها مملوءة 
بالحماسة وانتصرت؛ وأضحى النشيد الذي كانت تنشده بعض فرقها في تلك المعركة هو النشيد 
الوطني الفرنسي إلى اليوم (وهو المارسييز) . 

(*28) يشير الكاتب هنا إلى حصار المسلمين الأول للقسطنطينية الذي امتد من سنة 54 حتى سنة 
0 وقاده يزيد بن معاوية وانتهى بالانسحاب نتيجة استخدام الروم للسلاح الجديد الذي عرفه 
العرب باسم «النار الإغريقية» وهو مادة كيماوية ابتكرها بعض أهل الشام وقدمها للروم فكانت 
تلتصق بخشب السفن ثم تلقى عليها النار فتلتهب . وعلى آي حال فقد اضطر الإمبراطور البيزنطي 
قسطنطين الرابع» بنتيجة ذلك الحصار إلى آن يعقد مع العرب معاهدة صلح سنة 679 مدتها 


241 


تراث الإسلام 


ثلاثون عاما. 

(*29) لم تصل الجيوش البيزنطية إطلاقا حتى القدسء في التاريخ الإسلامي كله. وكانت أعمق 
هجمة للروم توغلت في أرض الشام هي الحملة التي قادها الإمبراطور حنا تزيمكس ووصلت 
حتى دمشق سنة 364/975ه ثم تراجعت ؛ وإن زعم صاحبها في رسالته لملك الآرمن أنه أخذ 
طبرية وعكا والناصرة. وكان في زعمه كاذبا ومع ذلك فإنه قال فيها: «ولولا هؤلاء الأفريقيون 
الملاعين (يقصد الفاطميين) لكنا ذهبنا بمعونة الرب إلى مدينة أورشليم وصلينا في الأماكن 
المقدسة... «بمعنى أنه لم يصل القدس». 

(*30) اصطلاح «الحروب الصليبية» إنما ظهر متأخرا جدا في أوروبا نفسها . وكلمة صليبي إنما 
كانت في الأصل صفة للمحاربين الذين وضعوا إشارة الصليب على ملابسهم وليست صفة 
للحروب. فطبيعي جدا ألا تظهر لدى المؤرخين الإسلاميين. أما عن إدراك المسلمين؛ في المشرق؛ 
لمعنى هذه الحروب وأنها حرب نصرانية ضد الإسلام فقد ثبت أنه كان موجودا منذ السنوات 
الأولى للغزو الصليبي. وقد أثبت مخطوط موجود في دار الكتب الظاهرية بدمشق اسمه كتاب 
الجهاد كان صاحبه أبو الحسن علي بن طاهر السلمي يدرسه في الجامع الأموي بدمشقء أن هذا 
الرجل الذي توفي سنة 498ه/03!! (أي بعد أقل من خمس سنوات من وصول الفرنجة إلى 
القدس سنة 1099) كان يعلم الناس أن هذا الغزو الفرنجي هو واحد من ثلاث شعب من الفزو 
النصراني لبلاد الإسلام: في الأندلس وفي صقلية وفي الشام. 

(*31) إن ما يشير إليه التعليق السابق من أن الناس في المشرق الإسلامي فهموا هجوم «الفرنج» 
على آنه هجوم من «الروم» الذين اعتاد الناس هجماتهم» إنما يستنتج من قول الشاعر الأبيوردي 
من قصيدة طويلة في احتلال الفرنج للقدس يقول فيها : 


وإخوانكم بالشام تضحي مقيلهم ظهور المذاكي أو بطون القشاعم 
فسومهم «الروم» adl ined ily Shpall‏ هل ااك 
دعوناكم والحرب ترنو ملحة إلينا بألحاظ النسور القشاعم 

تراقب فينا غارة يعربية تطيل عليها «الروم» عض الأباهم 


والقصيدة في الكامل ج 0| ص 285 . 286. 

على أننا يجب أن نلاحظ أن ردود الفعل وظهور المقاومة الإسلامية للفرنجة إن كانت قد تأخرت 
قليلا في المنطقة فإنما يعود ذلك إلى أنها كانت مسحوقة بالغزو السلجوقي من قبل وممزقة 
بتناحر هؤلاء السلاجقة أنفسهم فيما بينهم. مما جعل تنامي القوى الإسلامية ولقاءها بعضها مع 
بعض لا يتمان إلا بالتدريج البطيء. 

)324( يقصد الباحث ابن طولون الذي حكم مصر والشام ما بين سنتي 254 270ه. ثم حكم أبناؤه 
وأحفاده من بعده أكثر من عشرين سنة. 

)334( يقصد الترك الغز الذين حملوا اسم السلاجقة والتركمان. 

(*34) يقصد سليمان بن قتلمش (وهو جد أسرة سلاجقة الروم) ولم يرسله السلطان للفتح ولكنه 
كان ضمن زعامات المد الغزي التركي ثم كان على علاقة سيئة مع ابن عمه السلطان ثم ازدادت 
العلاقة سوءا ووصلت حتى انفصال أسرته واستقلالها الذاتي حين قتل هو نفسه على يد ابن عمه 
تتش أخي السلطان قرب حلب سنة 470ه . 077ام. 

(:35) الواقع أن المقاومة الإسلامية للفرنجة والهجوم المضاد عليهم بدآ في الشام وفي شمال 
العراق قبل زنكي ومن زعماتها القواد: مودودء برسقء إيلغازي وطفتكة. 


242 


السياسه والحرب 


(*36) على الرغم من دفاع الكاتب؛ في الجزءٍ الثاني من هذه الفقرة؛ عن الأتراك العثمانيين 
لتسامحهم النسبي» فإن تشبيهه لهم في أول الفقرة, بالسوفييت, وللعالم المسيحي الوسيط 
بالعالم الحرء لا يصدر عن نظرة موضوعية . فالتشبيه منذ بدايته باطل في كلتا الحالتين, 
وأسطورة «العالم الحر»؛ أصبحت مكشوفة للجميع؛ وصفة «الإمبريالية» التي نسبها إلى الإسلام 
(مع السوفييت) لم تظهر في أصلها إلا عند الغرب. 

(*37) تظهر كلمة (القراصنة) هناء كما ظهرت من قبل» إحدى نقاط التعصب الغربى ضد العرب 
والإسلام. فحركة البرتغال والإسبان ضد الأراضي العربية الإسلامية تدعى «استعادة» وحملات 
«وقائية» ضد «العدو». وأما ردود الفعل الإسلامية الدفاعية والانتقامية فتدعى «قرصنة». 
(*38) حكم امارة موسكو منذ القرن الرابع عشر مجموعة من الأمراء من أسرة دانيلوفيتش كاليتاء 
وحمل عدد منهم اسم ايفان. منهم ايفان الأول (الذي حكم بين 1340-1328) وابنه ايفان الثاني 
اللطيف (وقد حكم بين 1359-1353) ثم ايفان الثالث الكبير (المولود سنة 440! والمتوفى سنة 1505( 
وهو المذكور في النص. والذي دمر النفوذ التتري. وقد حكم منذ سنة ۱462 حتى وفاته؛ ثم جاء 
ايفان الرابع الرهيب (المولود سنة 1530 والمتوفى سنة 1584) وكان أول من اتخذ لقب قيصر. بعد 
أن وحد روسيا. وكان حكمه منذ سنة 1533 . وقد جاء من بعد هؤلاء قيصران آخران باسم ايفان 
قتل آخرهما وهو الرابع (1764-1740) على يد كاترين الثانية بعد أن عزل عن العرش. 

(*39) قضية إضافة السلاطين الأتراك لقب «الخليفة» إلى ألقابهم قد تحتاج إلى بعض الإيضاح 
هنا. فإن آخر خلفاء العباسيين في القاهرة: المتوكل على الله (الثالث) كان مع السلطان قانصوه 
الغوري» آخر سلاطين المماليك» حين هزم وقتل في مرج دابق سنة 1516 أمام السلطان سليم الأول 
العثماني. وقد تسامح هذا السلطان مع المتوكل بعد فتح مصر سنة 1517 ولكن السلوك المشين 
لهذا الخليفة الأخير دفع السلطان العثماني إلى إرساله إلى إستامبول حتى السلطان سليمان 
القانوني إلى مصر. فلما توفي سنة ۱543 لم يشعر أحد بانتهاء الخلافة العباسية من الوجود. 
وأول من ذكر تنازل المتوكل عن الخلافة للسلطان سليم هو المؤرخ الروماني (من رومانيا) Dhosson‏ 
في آواخر القرن الثامن عشر وذلك في کتابه الذي كتبه Tableau Generale de ¿yl gras Ard pall‏ 
L'empire Ottoman‏ (لوحةعامة للامبراطورية العثمانية). وقد ادعى المؤرخ أن المتوكل أخذ معه إلى 
إستامبول شعائر الخلافة (البردة وسيف عمر وبعض الشعرات من لحية الرسول (ص) وهذه 
الشعائر موجودة بالفعل هناك إلى اليوم ومن أيام السلطان سليم. لكن مجرد وجودها لا يعني 
التنازل الفعلي الذي لو كان واقعا لذكره السلطان في رسائله لابنه سليمان وذكره المؤرخون 
الآخرون ولكان السلاطين بعد ذلك قد حملوا اللقب واستخدموه في سلسلة ألقابهم التي تبلغ عدة 
أسطرء مع أننا لا نجد؛ أنهم أضافوا لألقابهم بعد فتح البلاد العربية سوى لقب «خادم الحرمين 
الشريفين» ولم يبدا سلاطين العثمانيين بالاتجاه نحو استخدام لقب «الخلافة» رسميا إلا في 
أواخر القرن الثامن عشرء حين بدأت قترة الهزائم بالنسبة إليهم وبالنسبة للدول الإسلامية 
الأخرى؛ وأرادوا ‏ وهم أكبر دولة إسلامية . أن يتخذوا منه سلطة روحية تعينهم في مواقفهم تجاه 
الدول الأوروبية وهجومها الشرس على العالم الإسلامي. وقد ظهر ذلك الاتجاه أول ما ظهر في 
معاهدة كوتشوك قاينارجي» ولم يؤكد السلاطين على هذا اللقب ولم يستخدموه الاستخدام 
السياسي الواسع إلا بعد ذلك بمائة سنة في عصر السلطان عبد الحميد الثاني (1909-1876). 
(*40) ألغى مصطفى كمال السلطنة العثمانية وأعلن الجمهورية سنة 922! ثم ألغيت الخلافة سنة 
4. وكان المجلس الوطني الكبير قد جرد السلطان الأخير وحيد الدين من السلطنة ١0(‏ أكتوبر 


243 


تراث الإسلام 
2) فلما لجأ إلى بعض السفن الإنجليزية اختار المجلس عبد المجيد بن السلطان عبد العزيز 


(ولي العهد) لمنصب الخلافة. ثم وافق المجلس (في 2 مارس 1924) على قانون بإلغاء الخلافة 
وإخراج آل عثمان من تركيا . 


244 


التطورات الاقتصادية 


يحتوي هذا الفصل على ثلاثة أمور: وصف 
لتراث الإسلام الزراعي في أوروبا الجنوبية. ووصف 
للتجارة بين البلاد الإسلامية في البحر المتوسط 
والعالم المسيحي اللاتيني في العصور الوسطى. 
مع إشارة إلى ذلك التراث الإسلامي المحير الذي 
يعزى إلى الإسلام في هذا المجال. وأخيرا محاولة 
لإقناع القارئ بألا يعتبر أن ضآلة التراث. كما 
حددناه في المجال السابق هي نتيجة لتخلف مزعوم 
في الحياة الاقتصادية للعالم الإسلامي/". ويجب 
الامقراف بشيكين في هذا المقامه ` 

dan يضفي على‎ ela oua ol gl 
طابعا فيه اهتمام زائد بالفترة الوسيطة وفيه تحيز‎ 
لأوروبا. مثال ذلك أنه لم يذكر أي شيء عن انتقال‎ 
طريقة ققية السكر من فصر إلى الضين الذي‎ 
ذكره ماركوبولوء أو عن انتشار زراعة البن من اليمن‎ 
إلى جاوا في القرن السابع عش كما أن الشجارة‎ 
التي كانت تجري عبر الحدود الجنوبية والشرقية‎ 
من العالم الإسلامي لا تذكر إلا بشكل عابر.‎ 

ثانيا: أن محاولة دراسة تاريخ اقتصاد سابق 
للمرحلة الصناعية بتحديد «منجزاته» أو بذكر 
«تأآثيراته» في اقتصاديات بلاد أخرىء لا تلقي في 


245 


تراث الإسلام 


الواقع ضوءا كبيرا على الموضوع؛ وأسباب ذلك مذكورة بصورة جزئية أو 
بصورة ضمنية فيما بعد. وقد أشرنا إلى هذه النقطة هنا من أجل تبرير 
صفة الاعتباطية التى توجد إلى حد ما فى محتويات هذا الفصل. 


Ty 
إن أحد الأسباب التى تحول دون معالجة قضايا التأثيرات الاقتصادية‎ 
وينطيق‎ Laud يضور مجدية هر ببساطة عدم كقاية اللعلومات التوافر»‎ 
هذا بشكل واضح جدا على تراث الإسلام التجاري» الذي سيناقش في هذا‎ 
الفصل فيما بعد. لكن ذلك النقص يظهر أيضا بالنسبة لتراث الإسلام‎ 
الزراعي في جنوب أوروباء ويمكن تحديد هذا التراث مؤقتا بأنه نقل بعض‎ 
النباتات الجديدة: ومصدرها الأصلي من داخل آسياء بالإضافة إلى إدخال‎ 

عدد من أساليب الري المأخوذة عن الشرق الأوسط. 

إن قاكمة النباتات التي يقال إن مسلمي العصور الوسطى الأوائل أدخلوها 
إلى جنوب أوروبا هي قائمة طويلة. ونجد على رأسها الآرز والقطن وقصب 
السكر: لكتها تضم آيضا البرتهال.والليمون وبضعة انواغ من النقضان fia)‏ 
الباذنجان) وحتى بعض أنواع الحبوب. والمشكلة الأساسية هي عدم وجود 
وصف محدد بشكل كاف لإدخال هذه النباتات إدخالا فعليا في مصادرنا. 
US‏ ق اول سائ أموى :شي إسباتيا اخطير فعه :«تيانات ضجيبة واشتجازا 
نبيلة» من الشام وغيرها . ولكن تلك كانت مسألة حنين إلى الوطن أكثر مما 
كانت مسألة علم اقتصاد. والنوع الوحيد المحدد من الفواكه. الذي ورد 
ذكره في هذا الصددء هو نوع خاص من الرمان. لذا يجب بصورة عامة 
استنتاج وصول النباتات الجديدة من وجود شواهد تثبت زراعتها في الفترة 
الإسلامية من جهة وعدم وجود مثل هذه الشواهد» في الفترة السابقة 
للإاسلام» من جهة أخرى. 

طبالنسية للقكرة الاسلانية توجد ماد موكرق .يهنا إلى حد ما 342 
لنا النباتات التي كانت تزرع. فبالإضافة إلى المعلومات المتناثرة في كتابات 
الجغرافيين المسلمين. فقد بقيت بعض الكتابات المتعلقة بعلم الزراعة في 
إسبانيا الإسلامية. وهذه الكتب تلقي ضوءا على زراعة العصور الوسطى 
يزيد بكثير عما نجده في ذلك الهراء الأدبي الذي يزخر به التراث الكلاسيكي 


246 


التطورات الاقتصاديه 


الموجود في البلاد الواقعة إلى الشرق. وهذا يعني أن المعلومات في هذه 
الحالة كما فى بقية الحالات بصورة عامةء متوافرة بالنسبة لإسبانيا أكثر 

وتوجد في الواقع حالات لا تتوافر فيها العلومات عن صظقلية إلا بالنسية 
إلى الفترة النورمانديةء أما الأوضاع في الفترة الإسلامية نفسها فلا 
مك qna Y] Lis saa‏ 

على أن علينا بصورة عامة ألا نشكو أكثر مما يجب من نوعية المعلومات 
اک کی ااا سرک اي ان خرف ان اود اا الأول 
في القائمة المذكورة آنفا-وهي الأرز والقطن وقصب السكر-أصبحت جزءا 
لا يتجزاً من الزراعة الأندلسيةء كما يظهر من «التقويم القرطبي» وهو 
تقويم يعود إلى منتصف القرن العاشر . 

على أن الإشكال إنما يكمن في المعلومات الخاصة بالفترة قبل الإسلامية. 
ذلك لأن قبولنا للرأي القائل بأن المسلمين هم الذين أدخلوا هذه النباتات: 
نهد بالضرورة على عد وی آي إشارة إلييا في الت اة غاي 
العهد الإسلامي» ولكن من الصعب أن نحكم بأن قلة الشواهد التي وصلت 
إلينا هق إسيانيا القوطية ونين سقلية البوؤتطية تبر يطريقة بشروعة 
العو aal a i Se ei‏ الى :إشارة Lal. Leal]‏ بالتسية للفخرة الرومانية 
فالمعلومات متوافرة بصورة أفضلء ولذا فإن الفرضية أقوى في هذه الحالة. 
وهكذا فإن الأرز يظهر بصورة متقطعة في الهلال الخصيبء ويظهر القطن 
توزعا مماثلا. ويبدو على أي حال أنه عرف أولا عن طريق الواردات الآتية 
من الهند. أما قصب السكر فلا يظهر على الإطلاق أيام الإمبراطورية 
الرومائية ولكن حت متا كن كوو المسادى صبامكة جرد apos qd Lai‏ 
بصورة كافية. والمثال على ذلك هو الرأي التقليدي عن دور العرب في نشر 
الحمضيات في عالم البحر المتوسط. ثم إنه لا يمكن استبعاد حدوث عملية 
نقل الزراعة في القرن أو القرنين السابقين للفتوحات العربية, دون أن 
تكون هذه النملية قد سجلت هي وثائق + وكل .ما يمك أن يقال إزاء ذلك هو 
أن الاحتمال فيما يبدو يرجح أن العرب هم أصحاب الفضل في ذلك. ذلك 
أولا: لأن الفتح الإسلامي والظروف التي ترتبت عليه. تشكل سياقا أكثر 
ملاءمة لانتقال الأساليب الزراعية عبر مسافات طويلة: وثانيا: لأن معظم 


247 


تراث الإسلام 


النباتات التي هي موضوع البحث تظهر في لهجات إسبانيا وصقلية (وبالتالي 
غالبا في لغات أوروبا الغربية ككل) بأسماء تكشف أصلها العربي المباشر, 
وإن لم يكن أصلها الأول. 

والعنصر الثاني في التراث الزراعي الإسلامي هو أساليب الري. وهنا 
نجد أن المعلومات تعاني من النواقص نفسهاء ويضاف إليها أن قدرة المستغلين 
بعلم الزراعة على المساعدة أقل بكثير في هذا المجال. إلا أنه من الواضح 
أن المسلمين لم يكونوا مسؤولين عن إدخال قناة الري والنواعيرء التي تعتمد 
على قوة تيار الماء؛ أو الطريقة البدائية لرفع الماء والمعروفة باسمها المصري 
(الشادوف). ذلك لأن الشواهد الأثرية أو الأدبية تدل على أن هذه الوسائل 
كلها كانت موجودة في إسبانيا ما قبل الإسلام. وحالة الناعورة التي تحركها 
الحيوانات هي الحالة الوحيدة التي لا يرد ذكرها في أي شواهد سابقة: 
ومن ثم فإن السكوت عنها يقدم مبررا للقول بأن المسلمين أدخلوا أسلوبا 
خاصا للري. وهذا بالطبع لا يعني استبعاد الفرضية التي رددها الكثيرون, 
والقائلة بأن المسلمين طوروا إلى حد كبير زراعة الري في إسبانيا وصقلية. 
ومن المحتمل جدا أن تكون قنوات الري التي استولى عليها المسيحيون عند 
«استرداد» الأراضي-ومنها مثلا تلك الموجودة في وادي نهر الآبروء أو على 
طول ساحل فالانسيا (بلنسية)؛ لقد شقها المسلمون أو توسعوا في استعمالها 
أو أعادوا بناءها على شكل «هيدروليكي» أعقد وأحسن. لكن هذه إنما هي 
فرضية ولمسط AS 3 tas‏ ۰ 

غير أن هنالك أسلوبا «هيدروليكيا» ينتمي بصورة واضحة نوعا ما إلى 
التراث الإسلاميء رغم أنه لا يظهر إلا نادرا في جنوب أوروباء وعندما 
يظهر فإنه يكون في سياق «حضري» أكثر منه زراعيا. هذا الأسلوب هو 
القناة (col pial!)‏ وهي مجرى للماء تحت الأرض يتكون عن طريق الربط 
بين سلسلة من الآبار ويستخدم في استنباط موارد المياه الجوفية في مواضع 
قد تكون على مسافات شاسعة. ويدل توزع القنوات في الوقت الحاضرء 
بالإضافة إلى المعلومات المستقاة من المصادر الأدبية والمتعلقة بتاريخهاء 
على أسلوب إيراني تنقل بين مناطق عديدة من آن لآخرء فالقنوات تظهر 
بصورة متفرقة في الجزيرة العربية. وقد أدخلت إلى مصر على مقياس 
صغير في أيام الأخمينيين*) 5م وهي تظهر في مناطق كثيرة 


248 


التطورات الاقتصاديه 


في شمال أفريقيا في الفترة الإسلامية. وفي إسبانيا تظهر بصورة ركئيسية 
في ضواحي مدريد: ولقد كان abes]‏ شبكة مجارى امياد الجوفية هذهو 
الذي جل مو اک وکود وی ا وو لی ارک جت مود اف 
سطحهاء وذلك قبل تحديد شبكات المياه في هذه المدينة في منتصف القرن 
الماضي. ويبدو من المحتمل جدا أن يكون المسلمون هم الذين أدخلوا هذا 
الأسلوب. فليس لمدريد أي تاريخ يذكر قبل الفترة الإسلامية (ولعل الاسم 
نفسه ذو أصل عربي ويتعلق بهذه الممرات المائية)*. على أنه يجب أن 
يلاحظ أن قنوات مدريد لم يرد ذكرها في الإشارات المذكورة في المصادر 
الإسلامية والمتعلقة بالمدينة». وأول ذكر لها يرد في وثائق حركة «استرداد 
الأراضي» المسيحية. | 

لقد حاولت آنفا أن أدرج بصورة مبدئية البنود الرئيسية للتراث الزراعي 
الذي تركه الإسلام لجنوب أوروباء على أن هذه المحاولة لن تكون لها فائدة 
تذكر إلا إذا أمكن الحديث عن الأهمية التاريخية لهذا التراث. فبالنسبة 
لأساليب الري يصعب أن نقول آي شيء على الإطلاق. ومن المعقول أن تكون 
قد أسهمت بشكل مهم في تكثيف الزراعة في جنوب أوروباء وربما امتد 
تأثيرها أبعد من ذلك (يقال إن آساليب الري في إسبانيا الإسلامية قد 
نتشرت ووصلت إلى روسيون”*” في منتصف العصور الوسطىء وقد ذكر 
أن قناة من صنع إسباني قد شوهدت في مكان بعيد كل البعد هو التشيلي) . 
ولعلها كانت من المستلزمات الضرورية لزراغة الآرز والقطن أو قصب السكر. 
لكن الفكرة القائلة بأن هذه الأساليب قد جلبت الاستبداد الشرقي إلى 
جنوب أوروبا لا يمكن أن تكون معقولة . 

Lao! cs ad alias‏ فى مجال القباقات يذى اهجية كبرت فى اة 
المباشرة. فقد أضاف بعض التنويع إلى غذاء جنوب أوروبا دون أن يؤثر ضفي 
أولوية الحبوب. وبقيت صقلية من أكبر مخازن القمح في البحر المتوسط. 
مثلما كانت في العهود الرومانية. وأصبحت الأندلس منطقة عجز بالنسبة 
للحبوب» وتعتمد على حبوب شمال أفريقيا في القرن العاشر والحبوب 
الصقلية في القرن السادس عشر. لكن هذا الاقتصاد كان يقوم على التصدير 
التقليدي للزيت والنبذ: وليس غلى زراعات جديدة أحضرها العرب. صحيح 
أنه كانت تصدر في بعض الفترات كميات كبيرة من قطن إشبيلية وأرز 


249 


تراث الإسلام 


فالانسيا (بلنسية) إلا أن هذه المحاصيل انتشرت في إسبانيا وصقليةء كما 
انتشرت في الشرق الأوسط نفسه» من خلال فجوات اقتصاد زراعي كان 
متطورا بالفعل. 

ولم يتغير النمط (الزراعي) بشكل عام إلا بعد انتشار هذه النباتات 
خارج المناطق التي أحضرها إليها العرب. وهكذا فقد كان الأرز أساس 
توسيع الزراعة لتشمل أجزاء واسعة من سهل لومبارديا“» وكان ذلك 
جزءا من العملية التي تحول بها هذا المستنقع النهري في القرن السادس 
عشر إلى واحدة من أولى المناطق الزراعية الرأسمالية المبكرة في أوروبا. 
على أنه لم تكن توجد في جنوب أوروبا إلا القليل من المناطق التي تتمتع 
بكل من الفراغ والخصب اللازمين لمثل هذا التطور غير المحدودء لاقتصاد 
يعتمد على المحاصيل الزراعية المريحة. وبالرغم من أن الأرز لعب دورا 
صغيرا في تطور زراعة المستوطنات الكبيرة في العالم الجديد» فإنه لم 
يصل أبدا إلى المكانة التي كانت له في السابق في الشرق الأقصى. وكان 
للقطن مستقبل أهم من كل النباتات التي أدخلها العرب: فقد أصبح قيما 
بعد» هو والفحم» أهم مادتين من المواد الخام التي قامت عليها الثورة 
الصناعية. وقد طور البرتغاليون زراعته في مرحلة مبكرة في مزارع جزر 
الرأس الأخضر م مم03 . لكن التوسع الهائل في زراعة القطن في 
الأمريكتين لم يحدث إلا في نهاية القرن الثامن عشرء حين كان هذا النبات 
قد هجن من أنواع محلية في العالم الجديد لدرجة أصبحت معها أي صلة 
له مع المسلمين في إسبانيا ضعيفة جدا. 

وعلى نقيض ذلك كانت أهمية زراعة قصب السكر واضحة وحاسمة: 
فهي مع عمل الرقيق الأسودء كونا أسس أول الإمبراطوريات الاستعمارية 
في العالم. وقد ظهرت أولى المستوطنات الزراعية من هذا النوع في القرن 
الخامس عشر في جزر الأطلسي البرتغالية: ومنها انتشرت في القرن 
السادس عشر إلى البرازيل وآقامها الإسبان في جزر الكناري وهسبنيولا . 
وبالطبع تلك قصة كان العرب في إسبانيا مجرد نقطة الانطلاق فيها . فمن 
المحتمل أنهم حملوا قصب السكر إلى أوروبا. لكن البقية هي ما فعله 
الآخرون به. فإنتاج السكر المتفوق هي الأندلس يظل شيا مختلقا كل 
الاختلاف عن اقتصاد المستوطنات الزراعية المكثف في جزر مورشييوس أو 


التطورات الاقتصاديه 


كوبا. ومع ذلك فإن المرء يستطيع أن يلمح شيئًا من الطابع الحديث المميز 
لزراعة قصب السكر حتى قبل وقت طويل من اتخاذ البرتغاليين له أساسا 
لإمبراطوريتهم الأطلسية. فبسبب اتساع نطاق العمل والري اللازمين من 
أجل زراعة قصب السكر يمكن إنتاجه في إطار زراعة الفلاحين وصناعة 
الكوخ. وأول ما يسمع عن تنقية السكر في الشرق الأوسط إنما كان في 
خوزستان في القرن الثامن الميلادي (الثاني الهجري). وعندما جاء الوقت 
الذي بدأ فيه الجغرافيون المسلمون بإلقاء بعض الضوء على اقتصاد العالم 
الإسلامي في القرن العاشرء كان قصب السكر يزرع في خوزستان كمحصول 
رئيسي وكان يصدر إلى معظم البلاد الإسلامية. وهو يظهر في الوقت 
نفسه في مصر حيث كان حجم مصافي السكر هو أهم معالم المنظر 
الصناعي لقاهرة العصور الوسطى. فالسكر كان أحد المنتجات القليلة 
لاقتصاد العصور الوسطى التي تستطيع أن توجد معها المستوطنة الزراعية 
والمعمل. لذا يمكن أن يقال بحق.وإن يكن بشيء من التجاوز-إن تراث الإسلام 
يقف من وراء كوبا في عهد كل من باتستا وكاسترو. 


basas bt 

وبر العراث التجارى اساك ذا شام امن أن lian aao‏ مكل هنذا 
a‏ لفكرةمن. العتير السريح طنمن بنية قابكة وسيشيرة إلى خد 
غير قليل. وسوف أبدأ بعرض موجز للعناصر الأساسية لهذه البنية؛ ثم 
أقوم بوصف التغير الجذري في ناحية المعاملات والمبادلات التي حدثت 
فيها في منتضف القرون الوسطي. والخيرا سوق ادوس ها إذا كان من 
الممكن بالفعل أن نحدد معالم أي تراث معين خلفه الإسلام. لأوروبا الغربية 
وة ا افير 

كانت الموارد موزعة في بعض جوانبها في تساو لافت للنظر في عالم 
البحر المتوسط خلال الآزمنة التاريخية, فهذا العالم: تتميز منطقته بتجائس 
خرف م dated b uut ecd‏ دمو غبار ة من سامدلة مين 
الأزاضى اتصالححة للزراعة البعلية تتخللها سلاسل خبلية متعددة وتقتاكن 
فا tia dud alas cab I alga‏ وفتاك. هن هذا الحزاء الضيق 
coil‏ يتحص رييخ السوؤد الشمالية والجدربية للمقاطق الكي تزرع فيها 


تراث الإسلام 


أشجار الزيتون لا يوجد في البيئة الطبيعية ما يفرض تمييزا حادا بين 
اقتصاد سوريا وبرقة وشمالي أفريقيا وأشباه الجزر الزراعية الشمالية 
وهذه الحقيقة لا تشجع على التجارة ضمن عالم البحر المتوسط من جهة؛ 
وهي في الوقت نفسه سبب للتطور المبكر للعديد من المبادلات التجارية. 
وأكثر هذه المبادلات التجارية ثباتا واستمراراء أو على الأقل أفضلها توثيقاء 
هي بالطبع تجارة التوابل مع الشرق. صحيح أن الطرق التي اتبعتها هذه 
التجارة كانت تتسم بقدر ملحوظ من عدم الاستقرار عبر التاريخء وانتهت 
باتباع طريق رأس الرجاء الصالح في القرنين السادس عشر والسابع عشرء 
لكن التجارة نفسهاء والتجارة المتبادلة معها من المعادن الثمينة. ظلت عاملا 
ثابتا. كذلك فإن التجارة في القصدير القادم من الملايو والقرن الأفريقي, 
والذهب السوداني؛ وتجارة الفراء والكهرمان من شمال أوروباء هذه التجارة 
كانت بدورها محاولة لمعالجة بعض جوانب النقص الناجمة عن التجانس 
في منطقة البحر المتوسطء وإن تكن هذه المحاولة أقل وضوحا. 

على أن صورة البحر المتوسط المتجانس تحتاج إلى ثلاثة تحفظات 
مهمة: التحفظ الأول نقطة جغرافية بديهيةء فإلى الشرق من تونس لا 
يتكرر النموذج المألوف للبحر المتوسط على الساحل الأفريقي» إلا في شبه 
جزيرة برقة ذات الزراعة غير المكتملة النمو. أما القسم الأكبر من هذا 
الساحل فهو صحراء سكانها مبعثرون ومعدمون لدرجة أنه ليس لها وزن 
تجاري في البحر المتوسط. 

ومن البديهي أن مصر تشكل استثناء من هذه القاعدة: كما تشكل نقطة 
التحفظ الثانية. وتكمن أهمية مصر في الجمع الفريد بين سمتين» الأولى 
هي أن عددا من العوامل تمكن مصر من تصدير فائض زراعي كبير: من 
هذه العوامل اقتصاد أساسه الري المكثف. ومحصول يمكن الاعتماد عليه 
أكثر من أي محصول آخر في البحر المتوسطء وتراث زراعي يرتكز على 
الاستثمار البيروقراطي المركزي. وسهولة غير عادية في المواصلات النهرية. 
والسمة الثانية هي أن مصر كانت مجبرة على التخلي عن قسم من فائضها 
الزراعي» وسبب هذا الإجبار هو افتقار البلد إلى عدد من الموارد الأساسية 
اللأخرى» وبصورة خاصة من الأخشاب والمعادن. فعبر التاريخ كان المصريون 
دوما مضطرين بسبب هذه النواقص إلى اللجوء إلى مزيج من الاستبدال 


التطورات الاقتصاديه 


والحرمان والاستيرادء فبالنسبة للأخشاب كانت مصر الإسلامية لا تزال 
لديها احتياطيات ضئيلة من السنط (الأقاسيا أو الصمغ) كانت تشكل 
احتكارا للدولة. وكانت الحياة اليومية منظمة بشكل يقلل من الحاجة إلى 
الخشب إلى الحد الأدنى-فكانوا يستخدمون تجهيزات سكنية بدلا من الأثاث 
الخشبي والروث بدلا من حطب الوقود. على أنه يبقى هناك اعتماد كبير 
على المستوردات وبصورة خاصة عبر البحر المتوسط. وبالنسبة للحديد 
فقد عالج المصريون المشكلة في الأصل بأن استمروا يعيشون في العصر 
البرونزي حتى مجيء البطالسة. وفي العصور الوسطى استعملوا الدلو 
المصنوع من الجلد والآقفال الخشبية؛ لكنهم كانوا أيضا يعتمدون بصورة 
كبيرة على الواردات من الهند وأوروبا الغفربية. وظلت بعض الخامات المحتوية 
على المعادن توجد في الجبال الواقعة شرقي النيل حتى الأزمنة الرومانية, 
ولكن التكلفة المتزايدة لاستثمارها في صحراء خالية من الوقود أو الماء 
أصبحت في الفترة الإسلامية عنصرا مثبطا لتشغيل أي منجم سوى مناجم 
الذهب المكتشفة حديثا. 

والتحفظ الثالث هو أنه حتى ضمن البحر المتوسط المتجانس نسبياء 
كان توزع الموارد الطبيعية غير متساو إلى الحد الذي كان يكفي لإيجاد قدر 
من التفاوت في الحظوظ بين إقليم وآخرء وهكذا نجد أن الأندلس وساحل 
جنوب تونس يظهران في العصور القديمة؛ وكذلك في العصور الوسطى, 
كمصدرين لزيت الزيتون؛ وصقلية كانت ولا تزال أحد مخازن القمح التقليدية 
للبحر المتوسط وشمال أفريقياء وكانت تصدر الجلود . وهنالك عاملان أديا 
بصورة خاصة إلى جعل هذا التخصص ممكنا . الأول هو المستوى المنخفض 
نسبيا لكلفة النقل البحري بالمقارنة مع النقل البري» وهكذا أصبح من 
الممكن قيام اقتصاد للبحر المتوسط بمعنى لم يكن من الممكن به قيام اقتصاد 
الأناضولء مثلا. والثاني هو زيادة الموارد البشرية للمنطقة؛ الأمر الذي أدى 
إلى تكثيف استثمارها لمواردها الطبيعية. والواقع أن المنطقة كانت تتجه 
طوال الأزمنة التاريخية لأن تصبح منطقة ذات كثافة سكانية لا منطقة 
مخلخلة السكان» ومنطقة زراعة كثيفة لا منطقة زراعة واسعة. ومنطقة 
دول إقليمية لا منطقة قبائل؛ وذلك في كل مكان لم يقف فيه الامتداد 
الصرف للجبل والصحراء عقبة في وجه مثل هذا التطور. ومن الواضح أن 


تراث الإسلام 


هذه عملية لا توجد لدينا عنها سوى معلومات مجزأة. فضلا عن أن العملية 
ذاتها كانت تنطوي على تراجع إلى الوراء مثلما تنطوي على تطور وتقدم» 
لكن الاتجاه العام ليس موضع شكء وهو يتمثل بوضوح في التضاد الذي 
نلحظه بين السهولة النسبية التي استطاع بها الفينيقيون واليونان: أن 
يتجاهلوا السكان الأصليين ولا يبالوا بهم لدى تأسيسهم مستعمراتهم في 
الأزمنة القديمة؛ وبين النشاط البحري والدبلوماسي المكثف الذي كان لازما 
لإنشاء الإمبراطوريتين التجاريتين للبندقية وجنوه في العصور الوسطى. 
وهناك اتجاه ديمغرافي (سكاني) مماثل أدى إلى تأثيرات غير متوازنة في 
قلب البلاد الشمالية للبحر المتوسط عبر القرون الوسطىء وهو اتجاه قد 
تتكشف لنا نتائجه في المعلومات المتوافرة من التجارة الإسلامية مع شمال 
آوروبا وروسيا. ففي القرنين التاسع والعاشر للميلاد لم تكن هذه التجارة 
متجانسة تماما. فقد كانت الطرق البحرية؛ فى الأطلسى والبحر المتوسط 
تنقل البضائع ذات الحجم الكبير مثل الأخشاب-بيتها al‏ يكن ذلك ممكنا 
في الطرق البرية-إلى إسبانيا وآسيا الوسطى. والأعجب من هذا هو أن 
القطاع الغربي للتجارة: لا تمثله في مخزون أوروبا من العملات المعدنية 
سوى بضع مئات من الألوف. إلا أن الأمر الذي يثير الاهتمام في هذا 
الخصوص هو صادرات الشمال لا وارداته. فهنا نجد أن السلع ذات الأولوية 
في جميع الطرق (التي سلكتها التجارة باستثناء حالة الأخشاب) كانت 
الحديد والرقيق والفراء. أما الحديد فهو غير مهم في هذا السياق لأن 
تشغيل المناجم يمكن أن يجري في أي بيئة اقتصادية . إلا أن تجارة الرقيق 
تشكل مؤشرا للتنظيم الاجتماعي والسياسي للشمالء فجذور تجارة الرقيق 
تكمن في الأراضي القبلية الداخلية؛ وفي الحرب التي تدور بين المجتمعات 
القبلية وض الغارات التي يشنها الآخرون ضدهم. Lal‏ حكام المجتمعات 
الفلاحية المتماسكة فهم عادة غير مستعدين أن يقدموا السلعة أي الرقيق 
من داخل أراضيهم. كذلك فإن تجارة الفراء تدل على مدى استمرار سيطرة 
الغابات؛ لا المزارع؛ على اقتصاد الأراضي الشمالية. والطريف في الأمر 
هو ما تلا ذلك من تفرع هذه التجارة الشمالية بين القطاعين الشرقي 
والغربي. إذ يبدو أن القطاع الشرقي قد حافظ على النمط القديم لعدة 
قرون» بينما يبدو أن القطاع الغربي قد تغير من ناحيتين مهمتين حوالي 


254 


التطورات الاقتصاديه 


القرن الثاني عشر. فأولا. قطعت جذور تجارة الرقيق القديمة, وبقيت 
عملية اقتناص الرقيق من خلال أعمال القرصنة خطرا في البحر المتوسط 
حتى القرن التاسع عشر. ولكن تجارة الرقيق عبر الطريق البري. كتلك 
التي كانت تعبر الصحراء طوال العصور الوسطىء كانت قد توقفت في 
أوروبا الغربية والوسطى منذ القرن الحادي عشر. فلم تعد غزوات شارلمان 
ضد القبائل السلافية الوثنية معقولة مع ظهور سلسلة من الممالك المسيحية 
في المنطقة. وفي القسم الأخير من العصور الوسطى-حين كان المماليك 
يسدون نقص صفوفهم من رقيق جنوب روسيا والقوفاز-لم تكن مثل هذه 
التجارة ممكنة أبعد من ذلك في اتجاه الغرب. وثانيا. أصبح تصدير 
المنسوجات الأوروبية سمة رئيسية للتجارة مع البلاد الإسلامية. وهكذا 
ففي النصف الثاني من القرن الثاني عشر حلت الأقمشة مكان المعادن 
الثمينة كسلعة أساسية يصدرها أهل جنوه إلى سورياء بينما كانت جنوه في 
الوقت نفسه تصدر كميات هائلة من الأقمشة إلى شمال أفريقيا. وبعض 
هذه الأقمشة كان محلياء لكن بعضه الآخر كان فلمنكيا أو إنجليزيا وهو 
أمر له دلالته . 

هذا التركيب (الاقتصادي) الذي استعرضناه هو من نواح متعددة تركيب 
ثابت مستقر إلى حد ملحوظ بل إن بعض عناصره تعود في الواقع إلى 
الأزمنة الفرعونية. لكن لم يكن ثمة استقرار مماثل في الوسائلء كان يتحقق 
من خلالها هذا التدفق المحتمل للسلع. ولنا أن نفترض أن مختلف شعوب 
البحر المتوسط قد ساهمت في تجارة البحر ذات المسافات الطويلة على 
أساس مستقر نوعا ما. ونستطيع أن نتصور في هذا الصدد تضادا بين 
البحر المتوسط والمجال الآخر الكبير للملاحة الإسلامية في الشمال الغربي 
للمحيط الهندي الذي كان يجري منذ الأزمنة الهلينستيةء بل بشكل مميز. 
فسواحل البحر المتوسط بصورة عامة مليئة بالسكان وفيها ما يكفي من 
الطعام والماء وأماكن الرسوء بينما لا يوجد ما يشبه الشواطى الشمالية 
الغربية المقفرة للمحيط الهندي إلا في ساحل أفريقيا الصحراوي. والواقع 
أن البحر المتوسط مكان مثالي للملاحة الساحلية أو لعادة التسكع من مرفاً 
إلى مرفاً ومن جزيرة إلى جزيرةء وهو ما يختلف كثيرا عن عبور الأعماق 
البعيدة للمحيط الهندي الذي كان يجري منن الأزمنة الهلينستية: بل إن 


تراث الإسلام 


sh uro cb dala gag iiaia]‏ يتعلق بموارده من الأخشاب: 
فقليل من مناطقه الآهلة هي التي تفتقر إلى قدر من الأخشاب يمكن 
استعماله في بناء السفن» في حين أن عرب المحيط الهندي كان عليهم 
بصورة عامة أن يبحروا إلى الهند أو إلى شرق أفريقيا من أجل هذه السلعة. 
لهذه الأسباب كلها فإن القسم الأكبرمن البحر المتوسط يساعد على الظهور 
التلقائي لحياة الملاحة المحلية بمستوى معين على الأقل. 

ومن جهة أخرىء فإن هذا النشاط الذي يكون خلفية للاقتصاد البحري 
لم يكن في الواقع كثيفا للدرجة التي قد يميل المرء إلى تخيلهاء فهو أقل 
كثافة بكثير مثلا مما كان على الشواطيّ الشمالية لأوروبا. والسبب هو أن 
البحر المتوسط يفتقر إلى المياه الضحلة. لذا فإنه يفتقر إلى السمك بالكميات 
التي تضارع كميات بحر الشمال والبلطيقء وبالتالي فإنه يفتقر إلى أساطيل 
الصيد الضخمة الموجودة في تلك المياه. (وأحد الأماكن القليلة التي تشذ 
عن هذا الوضع يقع في النهاية الشمالية من البحر الأدرياتيكي» حيث 
الموقع المناسب لمدينة البندقية. وهذا يعني أن الخطوة من اقتصاد الإعاشة 
البحري» إذا جاز أن نقول ذلك» إلى الإسهام في تجارة البحر المتوسط ذات 
المسافات الطويلة هي (خطوة) صعبة ومكلفة . فالاستعدادات اللازمة لتجارة 
المسافات الطويلة لا يتيحها أو يدعمها نمط النشاط المحلي الذي يكون 
خلفية للاقتصاد . وهكذا (لن يوجد) في أي وقت من الأوقات إلا القليل 
نسبيا من شعوب البحر المتوسط التي تقوم بالمحاولة. ومن الصعب جدا في 
العادة أن نلقي ضوءا على الأسباب التي تدعوهم إلى قبول هذا الدور أو 
رفضه. والعامل الأوضح والمباشرء هو التغير في توزع موارد الأخشاب, 
ليس في الواقع بالذي يعطي التفسير الكافي كما يتبادر إلى الذهن. فهو 
دون شك قد ساعد إلى حد ما على ظهور الأعمال التجارية الإيطالية في 
العصور الوسطىء وهو ما سنعرض له بعد قليل. على أنه من الأمور التي 
تلفت النظر أن موقع موارد أخشاب المحيط الهندي لم يمنع الحركة الكبيرة 
للملاحة العربية فى ذلك البحر. وفى البحر المتوسط نفسه فقد ازدهرت 
Aa Ait haath‏ المرم من حمليات اكيراك الأخشاب في فترة لاحقة. 
وحتى مصر كان لديها نقل بحري تجاري. 

ثم إنه قد يكون من الخطأ أن ننظر إلى دور التجارة ذات المسافات 


256 


التطورات الاقتصاديه 


الطويلة على أنه في ذاته دور مرغوب فيه. يقترن بالازدهار الاقتصادي 
العام للشعب موضوع البحث فقد يكون الحرمان أساسا للقيام بهذا الدور, 
لا يقل معقولية عن الازدهار. فالولايات المتحدة اليوم لا تملك نصيبها من 
النقل البحري التجاريء والسبب هو أن شركات الشحن البحري الأمريكية 
لا تستطيع أن تقدم كلا من الخدمة التنافسية في سوق الشحن البحري 
الدولي: والأجور التنافسية في سوق اليد العاملة المحلية. وبالمقابل ob‏ 
أكثر سكان تركيا الحديثة اشتغالا بالأعمال البحرية, وهم اللاز 12 هم 
أيضا أكثرهم جوعا للأرض. وبعبارة أخرى فإن الشحن البحري هو عمل 
للفقراء. وهذا يفسر امتناع بحارة البحر المتوسط التقليديين عن الذهاب 
إلى البحر في الصيف عندما يكونون قد وجدوا شيئًا أفضل يفعلونه في 
ills Y ule ils lo Ua if dallas c odi uera 2 yall‏ 345223 
آلية على التجار. فتدهور الشحن البحري العائد للبندقية وجنوه وراجوس 
في القسم الأخير من القرن السادس عشر لم يؤد إلى هبوط فوري في 
تجارة هذه المدنء وكان التجار اليهود الذين تذكرهم أوراق (الجنيزا)* في 
القاهرة يسافرون في سفن إسلامية أو مسيحية. لكن مثل هذا الفصل 
بين الدورين كان الاستثناء وليس القاعدة. ثم إنه كما أن الكثير من البحارة 
كانوا إلى حد ما فلاحين ناجحين؛ فكذلك كان كثير من التجار يفضلون إذا 
ما أتيحت لهم الفرصة أن يكونوا من أصحاب الأراضي. والواقع أن أي كاتو 
ÉL CATO‏ بأن مهنة التجارة كانت تنطوي على قدر من المخاطرة يصل 
إلى حد لا يمكن معه أن يختارها المرء طوعا كمصدر للرزق. هذا الرأي 
يلخص الكثير من تاريخ البحر المتوسط. فحتى أهل البندقية انتهوا 
بالانسحاب إلى الأرض الصلبة Terra. Firmo‏ بعد أن زالت ميزات فوتهم 
السياسية والبحرية؛ بمجيء الإنجليز والهولنديين في أواخر القرن السادس 
عشر ومطلع القرن السابع عشر. 

لكن نشاطات التجار والبحارة لم تكن تجرى أبدا في فراغ سياسي. 
فقد كان الحكام يؤثرون في الاقتصاد التجاري بطرق عديدة. فهم قد 
هنون عتهم كلية؛ مثلما كعلوا حين اخذوا ينشعون الأقيشة لاستعمالهم 
الخاص في دور الطراز التي كانت توجد في جميع أنحاء العالم الإسلامي 
(وفي صقلية النورماندية)ء أو كانوا يشتركون في هذا الاقتصاد بالتدخل 


257 


تراث الإسلام 


في السوق المفتوحة؛ فكانت أقمشة الطراز تباع أحيانا للجمهور. وكان 
حكام آق قويون لو AJAN‏ والحكام الصفويون يبيعون الحرير في بورصة 
الحرير لبيعة فى منوق إسغاتبول في الشرن النادس عشر. وكان الكثيرون 
من الحكام اللسلمين يملكون المبفن التجارية ويسيروتها: فقد آرسل وزير 
عثماني كبير سفينته الخاصة وعليها حمولة من الذرة إلى البندقية عام 
اكذا . وكثيرا ما كانت هذه المشاريع الاقتصادية تدعم بالقوة السياسية. 
جميع البضائع الداخلة إلى المدينة والخارجة منها. وكان الحكام في القرن 
الاس هتر وارك ار هاون ف القن الماد كق رن ا 
التوابل. وكانت الحكومات تسعى إلى تأمين مواردها من البضائع التي كانت 
قوتها العسكرية أو البحرية تعتمد عليها: فكان للفاطميين مكتب حكومي 
يتمتع بحق الأولوية فى كل كميات الأخشاب والحديد الواردة. وكان المماليك 
مهتمين إلى حد كبير بالمحافظة على تجارة الرقيق التي كانوا يعتمدون 
عليها من أجل التجنيد. وكان حكام الإمبراطورية العثمانية يعتبرون التجارة 
مع إنجاترا هي اواخر القرن السادس عشر بالدوجة الأولى غرصة لتامين 
حاحتهم من تصديز كوركول» وكان الام راهبون بالافتصاد من خلال 
محاباتهم للأصدقاء ومعاكستهم للأعداء. وبصورة عامة عن طريق لعبة 
سياسة القوة: فقد كان السماح بتصدير حبوب ترافية مسألة سياسية فى 
عهد ملوك تراقية في القرن الخامس قبل الميلاد بقدر ما كانت في عهد 
العثمانيين» وكان الحفصيون نادرا ما يسمحون بتصدير الحبوب التونسية 
إلى البندقية أو جنوه. ولكن حين كانوا يسمحون بذلك كانوا يتنازلون عن 
اقتصادية. وحاولت بيزنطة منع تصدير الأخشاب إلى مصر من أجل إضعاف 
وسليمان القانوني في القرن السادس عشر تقليص عائدات حاكم فارس 
T‏ حين كانت مخازن القمح الكبيرة في البحر المتوسط-وهي صقلية 


التطورات الاقتصاديه 


وتراقية ومصر-عنصرا ثابتا في تاريخ هذا البحرء فإن توزيع منتجاتها 
اهر اهي الاي الات او عا ن ف ااا 
pil‏ گان الام رها أو بحت مرها لم تكن مساح اجان أو أن الصا 
GIS ail‏ الحكام ةا كانت تخ قطاعا من انطيقة الحاقية لم يكن 
التحان ينتمون إليه. كذلك كإن الفقة الرحيدة خارح هذا القطاع من الحكلف 
all‏ كان لها آي كو سالفظة منغلمة على برياساث الحكومنات الاقتصناذية 
ipia bacc edi ds a‏ الشبري وهو اخ مدهو إلى المصييكقد 
cle Lol oa cuis lao dca La se auae colle‏ كان لبا كان 
Long 28 do Lacus‏ هان رزب ایرب فى الجر ارس 
Gall Anal‏ الكبيرة "في الدول القوية daicall Ka o axo ad Loa Sty‏ 
as coa All pL‏ الحيوب.فى سوق لا تقسدها مخاوف الحكومات: 
والرأي الذي نقدمه هنا لا يعني أن الحكومات كانت تعادي المصالح 
التجارية في ذاتهاء بل SLAY das cals‏ بها كلم يكن التجار يستمتعون 
US LS T‏ کا يدون من الوط علي 
d a ca culis aul‏ كنات فته هى يخن الجتيعات 
الشى تنوم على تواؤة دقيق فى العالم الضناقى الحديت: وبالطيع كان من 
المكن Lu adi‏ ال هة ان تاي مها الحاو وفى هذا الضدد 
pill abl gal cat gf snd‏ تكمى وزاء السياسات الاقتصادية زان تكمن وراء 
(Asa acad cible agg ade‏ هو الرقية كن جيم الزيد. من الصتراكب: 
وهذا الداقع ذو ديق فاتحكومة التى كو فى شائقة كبيرة او الت تكون 
عنيمة السؤولية إلى aos LiT aos‏ الاستخلال اكالى إلى درحة امكتفاد 
الموارد القاقبة للاغتصاذ دون التظر إلى هاكدات السقيبل: قد ق شرا 
las Los al‏ لقعا ومن galeas quil aga Cn ode Ago‏ 
تركب هن أن عتازل من بن عاف اها الا فين اتدل الصيزل phe‏ 
مزيد من العائدات في المستقبل قد تفعل أشياء كثيرة من أجل تشجيعهم. 
فالحكومة المكداتية فى القردين اللخاسن عشر والساسن غشر انهمكت فى 


259 


تراث الإسلام 


الدشارات كبيرة سو هذا uini aaa ll dote os gps Gf) pali‏ 
old cua‏ من لجل من ف لاك جديدةللأسراق: آنا أكمالياك 
فقد بدأوا بإيجاد شروط ملائمة من أجل إدارة المشاريع التجارية في المحيط 
الهاديء لكنهم انتهوا بالمصادرات واحتكارات الدولة. على أن تحديد الاتجاه 
الذي تسير فيه المصلحة المالية-أي مدى إسقاط الحكومات للمستقبل من 
حسابها-لم يكن مسألة تقع تحت سيطرة التجار على الإطلاق. وحتى حين 
aci ce aes Occ aC saa slt‏ كان من لمكن حا ها 
لاعتبارات سياسية؛ كما في المثل الذي ذكرناه آنفاء حين شجع سليمان 
القانوني تجارة الحرير وحماها لأغراض منها أنها كانت مصدرا مغريا 
لهذه العاكدات. لكنه مثل جستنيان كان مستعدا لأن يتحمل خسارة هذه 
العائدات كما يتعرض حاكم فارس للخسارة نفسها. 
والآنء Cal Jee‏ ظهور الإسلام إلى أي تغير جذري في بيئة الأعمال 
التجارية التي استعرضناها من قبل؟ الأمر المعقول أنه لابد قد أدى إلى 
بعض التغير. ولقد أكدت على أهمية الحكام في إعادة توزيع سلع البحر 
المتوسطء ومن ثم فإن حدوث تغيير في البيئة السياسية للمنطقة يرجح أن 
يكون كن آدى إلى اع ية .وار مال عاي متا هو اة 
الحصول على فائض مصر من الحبوب: فلقد فقدت القسطنطينية هذا 
الفائض مع الفتح العربي؛ ولم تستعده إلا حين أصبحت مصر مقاطعة 
عثمانية في القرن السادس عشر. وفي الاتجاه الآخر. فقد حاول الحكام 
البيزتطيون في الغروة الع فت المجوحات العربية أن يعوا كدير 
الأخشاب إلى البلاد الأسلامية. إلا أن السؤال الأهم يتعلق بهوية التجار. 
قفي القرنين الخامسس والسادس للفيلاة كانوا شرقيية تمن اليونان والبهود 
والمصريين ومن السوريين قبل كل شيء. وكانت مستعمراتهم قد امتدت 
حتى باريس وألمانيا الغربية. ولكن في القرنين الحادي عشر والثاني عشر 
للميلاد كان من الواضح أنهم فقدوا هذا المركز الذي انتزعه منهم تجار 
العالم المسيحي اللاتيني. فهل خسروه بسبب الفتوحات الإسلامية؟ من 
المؤكد أن المعلومات التي تدل على نشاطاتهم في القرون التي تلت ظهور 
الإسلام ضئيلة. لكن هذا قد لا يعبر عن هبوط في نشاطهم بل قد يكون 
ناجما عن ندرة لمعلومات عن تجارة البحر المتوسط عموما في هذه الفترة. 


260 


التطورات الاقتصاديه 


وكل ما يمكن أن يقال هو أن النظريات التي تحاول أن تفسر تضاؤل نشاطهم 
بأنه نتيجة لظهور الإسلام هي غير معقولة إن أخذت على أنها نوع من 
ممارسة الخيال التاريخيء كما أنها غير اقتصادية: إن نظرنا إليها على أنها 
تركيبات شد إلى RENT‏ المعروفة. 

كذلك يبدو أنه لا يوجد ما يبرر القول بأن ظهور الإسلام قد جعل 
الحكام أكثر حساسية إزاء مصائح التجان. قصحيح أن الدين الجديد قد 
نشأء حسبما ورد في تراثه ذاتهء في مدينة صحراوية كانت السلطة السياسية 
فيها بيد أوليغاركية تجارية*) إلى حد ما . لكن هذه الذكرى ظلت تسهم في 
التصور الديني للاسلام أكثر مما أثرت في تركيب السلطة في المجتمعات 
الإسلامية اللاحقة. وإذا كان البعض قد أكد أحيانا أهمية الصفة البرجوازية 
والتجارية الخاصة للمجتمع الإسلامي. في قرونه الأولى فمن الواجب ألا 
ندع هذا التأكيد يحجب عنا هذه النقطة. فالكتاب المسلمون في هذه الفترة 
يميلون بالفعل لأن يكونوا أكثر تعاطفا مع النشاط التجاري من كتاب أوروبا 
المسيحية (ولم يكن الأمر كذلك دائما: فالدفاع الكلاسيكي عن الأعمال 
المربحة قد وصل إلينا من موجز ورد في كتاب ألتّف من أجل تفنيد هذا 
ph d au als od s ecl o Pea‏ ارسي 
وهذا يؤدي بالفعل إلى نقطة مهمة: فالكثير من الأدب الإسلامي المبكر كتب 
في الواقع في بيئة تجارية. وهذا يفسر التباين بين ذلك الضمير الحساس 
الذي كان هؤلاء الكتاب ينظرون من خلاله (بسخط) إلى الثروات التي 
تجمع أثناء خدمة الحكومة؛ وبين الحماسة التي كانوا يمتدحون بها الربح 
التجاري كما يفسر السبب الذي جعل الفقه الإسلامي. خلافا للقانون 
ud raa‏ رجال dS cus quoad gall‏ لآن يجن الحيق 230434 
PLN Aus shes‏ ويفسر السبب الذي يجعل النصوص المالية لهذا الفقه 
تبدو في بعض الأحيان وكأنها من ثمرات الخيال القانوني لأناس لا يحبون 
أن تفرض عليهم ضرائب. ولكن هل يحق لنا أن ندهش حين نجد أدب 
التجار المسلمين يحتوي على قيم تجارية؛ مثلما يحتوي أدب رجال الدين 
المسيحي على قيم رجال الدينة وهل من سبب يدعو إلى الاقتراض بان 
التجار المسيحيين في العصور الوسطى المبكرة في أوروباء لو كانت لديهم 
عادة تأليف الكتب لكانوا أقل حرصا على تبرير أفعالهم من أقرانهم المسلمين؟ 


261 


تراث الإسلام 


إننا نواجه ها هناء بالطبع» مشكلة تاريخية حقيقة: فلماذا كان مقر الثقافة 
الدينية مختلفا إلى هذا الحد فى المجتمعين؟ لكن وجود هذه المشكلة لا 
يبرر الادعاء بأن القطاع التجاري للاقتصاد كان أهم من الناحية الاقتصادية: 
أو بأنه كان أقوى سياسياء في حالة الإسلام. ولقد وجد بالطبع بعض 
التجار الأفراد الذين ارتقوا إلى مراكز القوة في الدولةء وربما كان ذلك 
أكثر حدوثا في عهد العباسيين منه في عهد الأمويين. لكن هذه هي مسألة 
ترجع إلى أصولهم الاجتماعية؛ لا إلى قوتهم الطبقية. وهي لا تعني أن 
الانقلاب العباسي كان ثورة بورجوازيةء وكل ما تعنيه أن حكام الأسرة الحاكمة 
الجديدة الذين كانوا بالفعل أكثر استبداداء أكثر تحررا في اختيارهم 
لمعاونيهم» بل إن من الممكن» في الواقعء أن نرى في أدب البورجوازية التجارية 
تعبيرا قويا عن الاغتراب السياسي لهذه الطبقة: فهو يجمع بين إذعانهم 
لتصرفات الحكام الظالمة» وبين حرصهم على أن يتجنبوا بأي ثمن الفساد 
الأخلاقي الذي يجلبه الارتباط بهذا الظلم. 

في ضوء هذه الخلفية يجب أن ننظر إلى ما حدث على طول شواطقٌ؛ 
العالم المسيحي اللاتيني. وخصوصا في إيطالياء من ظهور عدد من المدن 
المستقلة أو شبه المستقلة التي كانت المصالح التجارية فيها هي التي تتحكم 
في السياسات. وتعود أول المعلومات الدالة على إسهامها في تجارة البحر 
eat afl daga‏ إلى القرن اتان Gris italy à ardt du‏ 
القرن الحادي عشر بالنسبة إلى جنوه وبيزا . والنتيجة المؤكدة لهذا التطور 
تظهر بوضوح في أن التوابل التي كانت تصل شمال أفريقيا الإسلامي في 
القرنين الثاني عشر والثالث عشر من البلاد الإسلامية في شرق البحر 
المتوسطء إنما كانت تأتي في معظمها عبر مراكز تجارية مثل جنوه ومارسيليا . 
ضفي هذه المدن كانت الطاقات البحرية والدبلوماسية مكرسة لتحقيق الأرباح 
التجاريةء إلى درجة لم يكن لها مثيل في أي دولة إقليمية في العصور 
الوسطى. وقد تبين أن هذا الجمع بين الطاقات قوي لدرجة أن البحر 
المتوسط أصبح بسرعة أشبه ما يكون ببحيرة إيطالية. وكان رمز هذه 
السيطرة-وفي بعض الأحيان تجسيدها-هو الدستور الجمهوري وسفينة 
القادس الشراعية الكبيرة ذات المجاذيف. وفي البر كان التاريخ الدستوري 
المبكر للبندقية يتعلق إلى حد كبير بتحويل مركز (الدوج)*''' إلى مجرد 


262 


التطورات الاقتصاديه 


موظف منتخب. ويبدأ تاريخ أمالفي. بالفعل؛ بانتفاضة ضد الحكم اللومباردي 
ales a] tt as alis S atado‏ ترون راك ل وت لخر 
التاسع بقليل؛ وتاريخ بيزا وجنوه في السنوات التي سبقت ازدهارهما التجاري 
في نياية القرن الحادى عشوهر اريخ قورة المتماغية وإقامة كوميوكات 
شعبية. ولقد أتاح ظهور مثل هذا النمط من سياسة الدول المدينة. قيام 
ald) Ae Sel,‏ ای ا ع Ji gills‏ 
يمكن أن يتحقق في دولة إقليمية. ويتضح ذلك إذا أجرينا مقارنة بين 
البندقية في العصور الوسطى» حيث كانت الحكومة في الواقع أشبه ما 
تكو i i atl‏ للبورجوازية وبين يلك العلاقة القامضة بين مالي 
paa‏ ان الام عقن راغا ق ان ادود 
وزارة الخارجية البريطانية. وكانت النقطة المركزية في البحر هي الدور 
المزدوج لسفينة القادس. وهنا أيضا كان التجديد تنظيميا وليس تكنولوجيا. 
فلقد كان التاريخ البحري للبحر المتوسط تسوده منذ العصور القديمة سفينة 
cad i‏ سدرعتها رسورلة ماووتها وطافنها القبيرمن التجذفين. وبالقابل 
كان التاريخ الاقتصادي للبحر تسوده السفينة الشراعية كليا. لذا فإن سفينة 
القادس التجارية لا يرد ذكرها إلا نادرا في أوراق الجينزا القاهرية مثلا. 
وبالمقابل فقد كانت سفينة القادس المستخدمة في البندقية وجنوه أداة 
موا یکو ارت ى الحو ارك الان اا اا ووك 
و ا جو کان كان den Bd aged‏ البعرية التجارية إلى 
أسطول حربي بأمر إداري فحسب. 

ولم تكن هذه الظاهرة بالشيء الجديد في البحر المتوسط. فقد كانت 
قرطاجة القديمة مثالا للقوة التجارية. شأنها شأن البندقية في العصور 
الوسطى. والواقع أن هذه النقطة التي حاولت أن أثبتها بعناء شديد» قد 
عبر عنها أشعياء "Isaiah‏ بإيجاز بارع حين أشار إلى صور بأنها مدينة 
«تجارها رؤساء أو أمراء» ثم إن هذه الظاهرة معروفة أيضا خارج نطاق 
ael‏ الوط S‏ كان نتاف شوج Plan‏ ف البلظيق في العضنون الوسظلى. 
Less AE a a s‏ 
نجد أيضا مثل ذلك في نجاح الهولنديينء وهم أول أمة تجارية؛ في المحيط 
الهندي في القرن السابع عشر. على أنه لم تكن هنالك ظواهر مماثلة في 


263 


تراث الإسلام 


البحر المتوسط منذ أن دمر الرومان قرطاجة. لذلك فإن من المشروع تماما 
أن نتساءل عن السبب الذي أدى إلى عودة هذه الظاهرة إلى الظهور في 
المنطقة خلال الفترة التي نحن بصددها . والواقع أنه لا يوجد جواب واضح 
عن هذا السؤال؛ وعلى أي حال فإن جوهر المسألة هو تاريخ أوروبا وليس 
تاريخ الإسلام. والملاحظة الموجزة التي سأقدمها فيما يلي لا يقصد منها 
إلا وضع المشكلة في إطار ماء قبل التطرق إلى نتائج هذا التطور بالنسبة 
للبحر المتوسط الإسلامي. 

إن نوع السياسة التي نحن بصددها هنا يمكن تفسيرها بمنتهى السهولة 
حين تحدث في مناطق معزولة جغرافيا عن الروابط السياسية والزراعية 
التي تتسم بها الدول الإقليمية. لذا فإن البحث عن أمثلة لها في التاريخ 
الإسلامي يجب أن يجري حيث كانت تجارات الترانزيت الدولية تعبر الأماكن 
الخالية الواسعة التي كانت تفصل بين مناطق الحياة المتحضرة: مثل هرمز 
في مدخل الخليج العربي. ومكة في الصحراء العربيةء وربما مدن صحراوية 
أخرى مثل ورغلة (في المغرب) في القرن العاشرء التي كان يحكمها مجلس 
من أعيانهاء أو فيما بعد مدن وادي مزاب الإباضية الخمس. وفي أقصى 
الطرف المضادء فإن آخر مكان يتوقع أن يجد فيه المرء هذه الظاهرة هو 
دولة إقليمية مثل إمبراطورية المماليك. حيث كانت الضخامة البحتة 
للاقتصاد الزراعي؛ والسيطرة الطاغية لنخبة المماليك العسكرية. تطفى 
حتما على المصالح التجارية. على أن هذه كلها أمور مألوفة فهي لا تفسر 
تفسيرا كاملا بمختلف الحالات-فقد كانت «عيذاب» مثل هرمز مثالا 
كلاسيكيا لمدينة وجدت لمجرد تسهيل عمليات تجارة الترانزيت لمسافات 
بعيدة عبر بيئة مقفرة. ولكن في حين أن مطالبات الحكام الإقليميين بهرمز 
كانت غير جدية تماماء فإن حكام مصر كانوا يتمسكون بعيذاب بقوة. ولكن 
إذا كانت هذه البديهية الجغرافية البسيطة لا تفسر الحالات الخاصة 
لسياسة التجارة في العالم الإسلامي فإنها تفسر بالفعل موقعها العام . 

على أنه يبقى لهذه النقطة بعض الصحة في حالة المدن اللاتينية. فقد 
كانت البندقية التي أسسها لاجئّون من البر الرئيسي على جزر من البحر 
الضحلء بمعزل عن الاقتصاد الزراعيء كما هي الحال بالنسبة لأمالفي 
ببرها الداخلي المؤلف من الجبال الجرداء. وهنا نشير مرة أخرى إلى أن 


264 


التطورات الاقتصاديه 


ظهور وحدات الكوميون في جنوب إيطاليا كان يرجع بصورة حاسمة إلى 
وجود فراغ سياسي ناجم عن عدم قيام أي سلطة إقليمية-لومباردية أو 
بيزنطية أو عربية-بإنشاء حكم دائم في المنطقة؛ تماما مثلما خسرت دورها 
القيادي في الحياة التجارية للبحر المتوسط عند تثبيت المملكة النورماندية. 
كذلك فإن نشوء جنوه وبيزا لم يكن ممكنا إلا بسبب تفكك مملكة لومبارديا 
بنظامها الضريبي المعقد. على أن وضع المدن الواقعة خارج رابطة السلطة 
الإقليمية لم يكن شيئًا منزلا (أو هبة إلهية) كما كانت الحال في الأمثلة 
الإسلامية؛ ثم إن هذه المدن لم تكن واقعة في الصحراءء بل كانت في 
d Sesto ei Diss andaba‏ ا blo saos onu‏ 
جميع النواحي في أوروبا الوسيطة. وهذا يساعد على كشف السبب في 
أهمية هذه الظاهرة؛ ولكنه في الوقت نفسه يزيد من صعوبة تفسير ظهورها . 
أما التطبيق الفعلي لقوة التجار في البحر المتوسط فقد كان أقرب إلى 
الطابع المباشرء وإن لم يكن موحدا. وكان أبسط أشكال هذه القوة وأقربها 
إلى الطابع المباشر يتجسد في السيطرة على البحر نفسه. وليس من الصعب 
تفسير هذه السيطرة. فحكام وأرستقراطيات الدول الإقليمية يحاربون في 
الي لا نف البحره Mf‏ إن إيحاد اسيظول حرق طالب اس رمعوبا 
للموارد النادرة في نوع من أنواع الحرب غريب عن مهاراتهم وقيمهم. ثم إنه 
نظر إلى أن أسطول أي حاكم إقليمي إنما يوجد من أجل أغراض تكاد تكون 
محصورة في الأغراض البحريةء قإن تكلفة وجوده لا يوازنها اقتصاديا 
الاستخدام المزدوج لسفن القادس الذي تتميز به المدن التجارية. وهكذا 
فإن الشيء الذي كان يأتي بصورة طبيعية بالنسبة للمدن التجارية كان 
بالنسبة للحكام الإقليميين صراعا مرهقا. وكان الاستثناء الوحيد لهذا هو 
الحالة التي كانت فيها السفن الحربية تتضاعف كمراكب قرصنة وهنالك 
حالات متعددة لهذا المزج بين القرصنة والسياسة في تاريخ البحر المتوسط 
الإسلامي. ومن أمثلتها نشاطات مجاهد العامري في سردينيا في أوائل 
القرن الحادي عشرء ونشاطات بحارة أمير برقة بعد ذلك بعدة عقود, 
وغارات حكام تونس التي دفعت المدن التجارية إلى القيام بهجمات مضادة 
في سنة 1087 وسنة 1390ء وإمارة منتشا في آسيا الصغرى في القرن الرابع 
MF”) tie‏ ودول البربر بالطبع. على أن الدولة الإقليمية أيا كان حجمها 


205 


تراث الإسلام 


تكون لها في العادة مصالح كثيرة تتعرض للضرر من جراء الاستخدام 
المنتظم لهذه الطريقة الخاصة في تمويل أسطول من الأساطيلء؛ ومن ثم 
فإن الحالات التي ذكرناها تتعلق بحكام صغار نسبيا. ثم إن نشاطاتهم 
كانت قصيرة المدى بالمقارنة مع نشاطات الكوميونات التجارية. 

وبالطبع لم يكن هناك ما يمنع أحد الحكام: إذا استقر عزمه. من تحدي 
المدن في أعالي البحار لو أراد ذلك حقا. ولكن الواقع أن الحكام الذين 
فعلوا ذلك لأي مدة طويلة كانوا قلائل؛ فقد كان للفاطميين عدة ترسانات 
بحرية في مصر لكن جهدهم أخذ يتضاءل. كما تنازل صلاح الدين عمليا 
عن البحر للجمهوريات التجارية. ولم يكن للمماليك أسطول جاهز للقتال 
وكانت عملياتهم البحرية القليلة في البحر المتوسط من عمل أساطيل صغيرة 
استخدمت لهذا الغرض بخاصة. وحتى السلطان بيبرس الأول؛ الذي أظهر 
تصميما كبيرا في الأمور البحرية لم يثابر في هذا الاتجاه. وبصورة عامة 
كان المماليك يميلون إلى الإقلال من خسائرهم ويدمرون المستوطنات 
الساحلية التي كانوا لا يستطيعون الدفاع عنها . ولقد كان العثمانيون وحدهم 
هم الذين قاموا بفضل تلك السلسلة المجيدة من الحكام التوسعيين الذين 
تعاقبوا في القرنين الخامس عشر والسادس عشرء بمحاولة مستمرة ومتصلة 
للسيطرة على البحار. وكانت النتيجة تدعو إلى الإعجاب حقا: فقد أغلق 
البحر الأسود في وجه الإيطاليين» وصفيت إمبراطوريتا البندقية وجنوه 
إلى حد كبيرء وحلت فترة قصيرة من الحكم العثماني في شمال أفريقيا. 
لكن ذلك كان جهدا خارقا بالنسبة إلى ما يتسنى لدولة إقليمية أن تثابر 
على بذله طوال فترة طويلة كهذه. وكان ذلك تحديا لسيطرة المدن التجارية 
لم يكن له نظير في العصور الوسطى. 

أما في البر فقد كان الوضع أكثر تعقيدا . فهنا كانت الحقيقة الأساسية 
هي عدم قدرة الجمهوريات التجارية على منافسة الدول الإقليمية من 
حيث القوة العسكرية الضارية. فقد كانت تفتقرء. ببساطة»ء إلى كمية الدخل 
والقوة البشرية المتوافرة للملوك والسلاطينء ويتضح الموقف الناتج عن 
ذلك في واحدة من أولى محاولات استخدام القوة التجارية في العالم 
الإسلامي. وهي الهجوم على مرها المهدية التونسي الذي قام بالقسم الأكبر 
منه سكان بيزا وجنوه في سنة ۱087ء كان الهجوم جوابا على القرصنة 


266 


التطورات الاقتصاديه 


الزيريةء وعلى إساءة معاملة التجار الإيطاليين في أراضي الحاكم 
الزيري“'. وقد سقطت المهدية دون مقاومة تذكر. لكن المهم هو عاقبة 
ذلك. فأولا يبدو أن مسألة إبقاء المهدية بأيدي الإيطاليين كانت غير واردة. 
ثانيا: توجد في أحد المصادر رواية مفادها أن الإيطاليين عرضوا المدينة 
على روجر الأولء حاكم صقلية النورماندي» على أن روجر كان منشغلا في 
صقلية وفضل أن يحترم الهدنة التي عقدها مع الحاكم الزيري. وثالثا: قام 
الإيطاليون بعد ذلك يإعادة تسليم المدينة مقابل تعويض ضخم وامتيازات 
تجارية. وتكشف هذه الحادثة بوضوح عن الاختيارات التي تصبح متاحة 
عند استخدام القوة البحرية من أجل تحقيق مصالح تجارية في البر. 
على أن النقطة الأولىء وهي عدم القدرة على هضم فتوحات إقليمية, 
مبالغ فيها في هذا المثال. ففي خاتمة المطاف أصبحت جزر كثيرة في 
البحر المتوسطء بما فيها جزر كبيرة مثل كريت وقبرص؛ ممتلكات مباشرة 
لأهل البندقية وجنوه. وفي البر كان للجمهوريات التجارية دور رئيسي في 
محاولات الاستيلاء على مرفأ دمياط المصري والتمسك بهء وذلك في 
القرن الثالث عشر. على أنه لم يكن هناك أي شيء مشابه» ولو من بعيدء 
لنشوء الهند البريطانية من خلال نشاطات شركة الهند الشرقية. فقد 
كانت رقعة من الأرض تسيطر عليها إحدى الجمهوريات التجارية وهي 
«المورة» التي استولت عليها البندقية عبارة عن حدث قصير في أواخر 
القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر. وبصورة عامة فقد كان 
لزاما على الجمهوريات التجارية؛ لكي تؤمن أفضل الظروف لنشاطها 
التجاري» آن تضمن وجود حكومات صديقة, أو إذا شئنا أن نعبر عن الوضع 
بشكل ساخرء أن تضمن وجود حكومات يمكن ابتزازها وإجبارها على التعاون 
عن طريق الاستعمال غير المكلف للقوة البحرية. ولا شك في أن تونس لو 
أصبحت نورماندية: معتمدة على القوة البحرية الإيطالية. لأمكنها أن تفي 
بهذا الغرض على أفضل وجه. على أن المثال الكلاسيكي لهذا الوضع هو 
بالطبع مملكة القدس اللاتينية. فوجود نظام حكم الأقلية الفرنجية الضعيفة 
في تركيبه؛ القائم ضد أرض داخلية إسلامية معادية؛ كان يشكل أفضل حل 
ممكن لمشكلة ترجمة القوة البحرية إلى نفوذ في البر, والانتفاع بمزايا 
الإمبراطورية دون تحمل تكاليفها. وكان الثمن المعتاد للدعم البحري لهذه 


207 


تراث الإسلام 


الأنظمة هو إعفاءات جمركية وحصانة من ولاية سلطات الفرنجة. وحدث 
شيء يختلف عن ذلك اختلافا طفيفا في كيليكيا حيث قام الأرمن المسيحيون 
بدور الفرنجةء وكان هذا النظام يسير سيرا جيداء ولكن في حالة ملوك 
قبرص اللوزنيين”**'" لم تكن استجابة الحكام للابتزاز ALBIS‏ الأمر الذي 
أدى في النهاية إلى احتلال جنوه للجزيرة بكاملها . 

ولكن جيوش الفرنجة لم تكن كبيرة بحيث تستطيع القيام بهذه المهمات, 
حتى لو كان من المرغوب فيه أن يوسع النظام بحيث يشمل كل البحر 
المتوسط اللاتيني. وحين كان الأمر مرغوبا فيه إلى حد كبيرء في حالة 
مصرء فقد فشلت المحاولات. وضاعت آخر الممتلكات السورية فى القرن 
L‏ فى البحر التوببط الاسلاقي كان على dallas all‏ 
في معظم الأحيان أن تقبل بوجود أنظمة إسلامية وطيدة الأركان. صحيح 
أن الإيطاليين كانوا لا يزالون يستطيعون احتكار التجارة من مرافئّ هذه 
المناطق وإليها إذا ما رغبوا في ill‏ لكن قوتهم في البر تضاءلت بسرعة 
حتى انعدمت. ومن هذا كانت القدرة النسبية للرحلات التي كان يقوم بها 
التجار المسيحيون إلى الداخل. صحيح أنهم كانوا أحيانا يتوغلون في الداخل 
إلى القيروان ودمشقء وإلى القاهرة بوجه خاص. ولكنهم حين كانوا يفعلون 
ذلك كانوا يتركون مجال القوة التجارية. ومن الأمور التفصيلية المهمة أن 
تجار البندقية الذين كانوا يتاجرون في قرى سورية في أواخر العصور 
الوسطى حصلوا على حق السفر باللباس «المحلي» من أجل سلامتهم. وكل 
ما بقي هنا كان الموارد الدبلوماسية للكوميونات (التجارية). ذلك لأن هذه 
الكوميوناتء خلافا للتجار الذين يرد ذكرهم في أوراق جينزا القاهريةء كان 
باستطاعتها على الأقل أن تتفاوض من أجل عقد معاهدات تهدف إلى 
توشيد بيكة لم تسقطع أن ثديرها تغييرا أهاسيا تضاحتها: كمعاهدة فع 
حاكم حلب كان من شأنها أن تزيد أسباب التوتر وتجعل سلوك السلطات 
المحلية أكثر قابلية للتنبؤ. لكنها لم تكن لتؤثر كثيرا في مستوى الرسوم 
الجمركية. أما ما حدث على الساحل نفسه فكان أكثر تنوعا. فقد كانت 
القوة البحرية تستعمل في بعض الأحيان بصورة فجة من أجل إرهاب 
الحكام المحليين الصغارء كما حدث في الغارة التي شنت على المهدية. 
وهكذا ففي منتصف القرن الرابع عشر هزم الإيطاليون حاكم أزمير التركي 


268 


التطورات الاقتصاديه 
وقتلوه وفرضوا على أخيه في بلدة أياصولوك القريبة معاهدة تقضي بقمع 
القرصنة وتفتح ولايته أمام التجار الإيطاليين. وفي نفس الوقت تقريبا 
انتهزت البندقية ضعف حاكم طرابلس المسلم في ليبيا لكي تستولي فعليا 
على أحواض الملح. وإلى الغرب من ليبيا استخدمت القوة البحرية من قبل 
جنوا من أجل فتح تونس وبوجيه وسبتة. وكانت البندقية تصدر الرصاص 
من تونس الحفصية من دون رسوم» وكان لكلتا المدينتين الحق في تموين 
أساطيلهما من المرافئْ الحفصية. 
ولقد كانت مصر هي التي لم يحقق فيهاء معدل التبادل بين القوة 
البحرية والامتيازات التجارية إلا أدنى فائدة لهء بل لقد تبين في الواقع أنه 
كان للقوة مفعول عكسي. فلم تصف الدفاعات البيروقراطية لمصر ضد 
تغلغل المشاريع التجارية الغربية إلا في الأربعينيات من القرن الماضي. 
وهكذا لم كن ينادق» الاسشكتدرية C aat) Naucio gub A B‏ 
مركزا للقوة التجارية؛ بل كانت أماكن للإقامة الإجبارية. ومن الجدير 
بالملاحظة أنها منذ القرن الخامس عشر كانت تقفل ليلا من الخارج. 
كذلك هناك رسالة تعود إلى القرن الثاني عشر تصف الأنظمة التي كان 
يخضع لها التجار في بيعهم لبضائعهم إلى السلطات مباشرة في مزادات 
منظمة رسميا-وهو ما يتعارض بوضوح مع وضع التجار الذين كانوا يستوردون 
البضائع إلى سبته في القرن الثالث عشرء وكانت لهم حرية التصرف فيها 
كما يشاؤون. وبالطبع فقد كان مستوى الرسوم الجمركية المصرية يميل لأن 
يكون عاليا. هذا الوضع يعكس مزيجا من التقاليد البيروقراطية المصرية 
والقوة العسكرية (باستثناء الفترة الفاطمية المتأخرة) كما يعكس أهمية 
مصر في توريد التوابل (واحتكارها له في عهد المماليك). وفي مقابل ذلك 
فقد كان النفوذ الأساسي للتجار الغربيين لا ينبع من القوة البحرية التي 
تسندهم» وإنما من اعتماد الحكومة المصرية عليهم من أجل الوفاء بحاجاتها 
من البضائع الاستراتيجية الأساسية. 
إن معنى نشوء المدن التجارية هو أن مواطنيها كانوا يستطيعون أن 
يقوموا عمليا بأي دور في الأعمال المتملقة بتجارة البحر المتوسط. على 
أنهم لم يكونوا يرغبون في القيام بذلك دائما. فمثلا نسمع عن اشتراك 
اثنين من اليهود مع مسلم في الإسكندرية في تجارة مرسيليا مع سبته في 


269 


تراث الإسلام 


القرن الثالث عشر. وأطرف حالة من هذا النوع هي وجود جماعة من 
التجار الشرقيين-أصلهم غير واضح دائماء ويبدو أنهم من أصول مختلفة- 
في المجموعات الأولى لسجلات الشهر العقاري في جنوا في منتصف القرن 
الثاني عشر. ويمكن تفسير الوضع الشاذ في حالة إخلال تاريخ الصراع 
الطبقي في المدينة والاتجاه الذي ربما كان عاما إذ ذاك للتنازل إلى غير 
اللاتيني عن قطاعات التجارة التي لم تكن المدن التجارية تعتقد أنها تستحق 
أن تستولي عليها؟"2. لكن الاتجاه العام نحو احتكار المدن التجارية لتجارة 
البحر المتوسط يبدو واضحا ونتيجته النهائية لا لبس فيها. 

وتظهر العملية أوضح ما تكون في تاريخ الجماعات اليهودية في البحر 
المتوسط. فبموجب الأوضاع القديمة كان البناء الاجتماعي للحياة اليهودية 
يشكل أساسا مناسبا جدا للاشتراك في التجارة البعيدة المدى. فقد كانوا 
يجمعون بين الاتصالات الدولية وبين حياة جماعية منظمة بشكل (Some‏ 
خلافا للبيئة الإسلامية أو المسيحية الأقل تنظيما بكثير. وتتجلى فوائد 
الانتماء إلى جماعة كهذه في أوراق الجينزا Gs GIS 128 .Geniza Papers‏ 
هذه الجماعة إدارتها الخاصةء وفيها موظفون تعينهم الجماعة يعملون 
لخدمة مصالحها. وكانت لديها الوسائل اللازمة لاتخاذ القرارات المتعلقة 
بالجماعة ولتنفيذ هذه القرارات» كما كانت لديها محاكمها الخاصة؛ وكانت 
تقدم عددا من الخدمات الاجتماعيةء التي تشمل قدرا كبيرا من التعليم, 
ولعل هذا شيء مهم من أجل مستقبل مجتمع تجاري. وبالطبع كان هنالك 
بعض الثمن الذي ينبغي دفعه مقابل الانتماء إلى الجماعات اليهودية: > 
فى دولة متسامحة كالإمبراطورية الفاطمية. وهذا ما يفسر ما ورد فى 
أوراق الجينزا 128م06 من إشارة إلى بائعي الكتان في تونس uidi‏ كاتا 
يستبدون بالمسلمين «ناهيك عن اليهود». فالمحاكم قد تتعمد تعطيل شؤونهم: 
والموظفون قد يزيدون من تعويق مصالحهم. وربما كان في اشتغال تجار 
الجينزا ببيع الكتانء بدلا من الحبوب» ما يدل على فطنتهم. وهو آمر يدل 
على الحكمة بالنسبة إلى أقلية دينيةء إذ تجنبوا سلعة كانت تثير أعمال 
الشغب. ومن جهة أخرى فإن تكلفة كون المرء مواطنا من الدرجة الثانية, 
لا تكاد تكون ذات أهمية تذكر في المجال الذي لا تكاد توجد فيه فوائد 
يجنيها المواطنون من الدرجة الأولى. وعلى كل حال فقد كان انعدام نفوذهم 


210 


التطورات الاقتصاديه 


على العملية السياسية على كل حال شيئًا مشتركا بينهم وبين التجار من 
جميع الأديان. والقيود التي كانت تحدد الأغراض التي يمكن أن تحققها 
التنظيمات الجماعية هي نفسها التي كانت تحدد قدرة التجارة بصورة 
عامة. فالانتماء إلى جماعة تقوم بدفع فدية أعضائها إذا ما وقعوا بأيدي 
Lala‏ 4 7 برقةء كان ميزة واضحة في عالم البحر المتوسط في الأيام 
التي سبقت ظهور وحدات الكوميون القادرة على إرسال بعثات تأديبية من 
أجل تدمير قواعد القراصنة. ولم يكن يهم كثيرا أن للتجار اليهود منافسين 
مسيحيين أو مسلمين ما دام هؤلاء المنافسون يفتقرون إلى القوة. 

إن نشوء وحدات الكوميون التجارية إنما كان في اللحظة التي وصل 
فيها إلى القوة التي كانت تفتقر إليها. وقد جرى استخدام له دلالته لهذه 
القوة في عام 945. حين منعت البندقية سفنها من نقل اليهود أو بضائعهم 
في شرقي البحر المتوسط وقد اضطر اليهودء من جراء نشوء وحدات 
الكوميون» إلى أن يتخلوا بصورة تدريجية عن أدوارهم كمتعهدين في تجارة 
البحر المتوسط ككل. بالطبع فقد بلغ هذا التطور ذروته بأن استحالت 
الجماعات اليهودية في أوروبا المسيحية إلى مجرد جماعات تتعاطى إقراض 
النقود-وهو العمل المربح الوحيد الذي كان تأثيره على مجتمع الكوميون 
الناشيّ يبلغ حدا من التدمير يستحيل معه على مواطني هذه الكوميونات 
أن يمارسوه. 

من هذا العرض تبين على الفور أن الإيطاليين عندما سيطروا على 
الحياة البحرية والتجارية للبحر المتوسط كان من المرجح أن يكتسبوا أيضا 
أي إضافات إسلامية إلى هذا التراث!''". ومن جهة أخرى فإن محاولة 
تحديد هذه الإضافات عمل شاق مثبط للهمم. فالبحر المتوسط منطقة 
يحدث فيها التفاعل في الممارسات البحرية والتجارية بسهولة وبصورة 
محيرة. والوثائق المتوافرة فيما يتعلق بمشاكل الأصل ليست في العادة 
Ps ada‏ ومن الممكن أن نتخذ من مسألة أصل الشراع ذي الشكل المثلث 
مثالا يوضح ذلك. فالأهمية التاريخية لهذا الشراع تكمن في تفوقه على 
الأشرعة المربعة التقليدية للبحر المتوسط في توجيه السفينة ضد اتجاه 
الريح. ولقد كان تهجينه بعناصر أخرى من التكنولوجيا البحرية للبحر 
المتوسط ثم لشمال شرقي الأطلسيء» يعتبر شرطا ضروريا لإمكانية القيام 


271 


تراث الإسلام 


بالرحلات الاستكشافية التي جرت في القرنين الخامس عشر والسادس 
عشر. ولقد كان مكانه الطبيعي هو المحيط الهندي» وأول ظهور موثق له في 
البحر المتوسط نراه في صورتين بيزنطيتين يعود تاريخهما إلى أواخر القرن 
التاسع الميلادي. نتيجة لذلك لم يتردد الباحثون كثيرا في أن نسبوا إدخال 
هذا الشراع في البحر المتوسط إلى العرب. لكن يوجد هنا صعوبتان Lag!‏ 
أهميتهما. فأولا: هناك نقص مزعج في المعلومات المتعلقة بوجود هذا 
الشراع في المحيط الهندي خلال الفترة السابقة للإسلام. وثانيا: تبين 
مؤخرا أن شيئا قريبا جدا من الشراع المثلث كان معروفا بالفعل في البحر 
المتوسط في العصور القديمة. 

وتزداد هذه الأمور تعقيدا حين يتعلق الأمر بالممارسة التجارية. فهذا 
الموضوع يعرض تقليديا من خلال سلسلة من الاشتقاقات اللفظية (مثل 
كلمة عصدده1 الفرنسية المشتقة من الكلمة العربية «ديوان»... الخ) تفسر 
بأنها تدل على أن كلمات كثيرة قد استعيرت7؟2. وهذا النوع من الاستنتاجات 
فيه شيء من التعسف-قما الذي نتعلمه بالضبط عن تاريخ البيض حين 
نعرف أن الإنجليز أخذوا كلمتهم التي تدل عليه من الدانمركيين؟ إن هناك 
في الواقع نوعين من المشاكل التي يجب أن نواجهها في معرض تأكيد مثل 
هذه الاستنتاجات أو إثبات وجود تأثير إسلامي بمعزل عن الاشتقاقات. 
المشكلة الأولى هي أن أول الشواهد (زمنيا) على ممارسة ماء لا يتضمن في 
ذاته إيضاحا للتاريخ الذي ظهرت فيه هذه الممارسة لأول مرةء وكما هو 
الحال بالنسبة للتراث الزراعيء فإن الحجة يجب أن تقوم على سكوت 
المصادر السابقة عن ذكر هذا الموضوع. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الندرة 
العامة للمعلومات المتعلقة بتجارة البحر المتوسط قبل ظهور الإيطاليين؛ فإن 
هذا السكوت لا يعنى شيئا كثيرا. فنقاط التشابه بين الأعمال المصرفية 
کر اا رار افا السيحى نتن عشي إلى os‏ 0 اط بن 
الاثنبن. لكن طبيعة هذه الصلة لا يمكن استنتاجها من كون الشواهد المتعلقة 
بالأعمال المصرفية أقدم في العالم الإسلامي منها في أوروباء وهو أمر لا 
يعدو أن يكون شيئًا عارضاء كذلك فإن عدم إمكان القطع بالحجة المماثلة 
المبنية على صمت المصادر القديمة؛ هو إحدى العقبات الرئيسية في وجه 
Lal‏ القاطع للراي الشائل إن شكل الشراكة العروف فى سياق إيطالي 


212 


التطورات الاقتصاديه 


Commenda AAS daug‏ مأخوذ من الكلمة الإسلامية المشابهة «قراض». 
أما النوع التالي من المشاكل فيمكن ضرب مثال له من الموضوع نفسه. 
فالشراكة Commenda els à a1‏ غير معروفة في القانون الروماني. 
على أنها يمكن أن تعتبر خليطا من نوعين من التدابير كانا معروفين من 
قبل في البحر المتوسطء هما القرض القائم على أساس عقد رهن السفينة 
والشراكة الاعتيادية. وريما كانت أوائل La Lic Ly Commenda JS! slike‏ 
بندا قانونيا معترفا به في المدن التجارية الإيطالية. قد نشأت من معرفة 
عادات العرب التجارية. ولكن-وهنا بيت القصيد-قد تكون أوثق اتصالا 
بالمرونة التي اتصفت بها الأشكال القانونية في هذه المدن من جراء كون 
اا افا جاع Asal dud cums‏ ویار کی کت کات 
الدن التعارية الأبطالية تتبع بيقة مناسية قريدة لتفرية ال تارات كى 
الممارسات التجاريةء لذا فإن مشكلة استبعاد إمكانية حدوت تطورات موازية 
تبون يشكل خاد, 


تالش 

إن التراث الإسلامي (الاقتصادي) الذي حددناه في هذا الفصل لم يكن 
تراثا ضخما جدا. فهو يتألف من عدد من العناصر التي نشرها المسلمون 
والتي كان من الممكن أن تحدث على أي Sle‏ لكن من المعقول أن نستنتج 
أنها تسارعت من جراء الفتوحات الإسلامية والنتائج التي ترتبت على هذه 
الفتوحات. وليس هنالك آي حالة من الابتكار الإسلامي الخاصء إذ يبدو 
آنه لا توجد أمثلة تدل على ذلك في الوقت الحاضر-أو على الأقل لا توجد 
أمثلة تتعلق بصلب تاريخ الاقتصاد في مقابل تاريخ الفن أو أنماط الزي. 
وفي هذه الفقرات الأخيرة أود أن أقنع القارئ بألا يستنتج مما سبق أن 
هذا ناشىئ عن تخلف اقتصادي مثير للجدل للمسلمين في العصور الوسطى. 

إن من الصعيح بالطيع أن اكسلمين لم يستبقوا التضر الاقخصادي 
ai ad‏ أي الراسمالية والمقدرة المستفرة A gy Sal cl SY (phe‏ 
وما شابه ذلك. ولكن إذا كان لابد من تسمية هذا بالتخلف فهو بالتأكيد 
غير مثير للجدل. فبهذا المعنى كانت جميع الثقافات غير الغربية متخلفة: 
ويمكن أن تفظر إلى التطوو الغرمي فلن BU CA aci ea gal ga aif‏ 


273 


تراث الإسلام 


للجدل. والجواب الصحيح الوحيد عن السؤال القائل: «لماذا لم يتمكن 
المسلمون من استباق هذا التطور؟» هو أن نسأل: لماذا يتوقع منهم أن يفعلوا 
ذلك؟ فليس ثمة من سبب يدعو إلى الافتراض بأنه كانت توجد عقدة 
خاصة في أحداث التاريخ الإسلامي لو أزيحت لأمكن لهذا التاريخ أن 
يتطابق مع النمط الأوروبي. والحقيقة هي أن المسار غير العادي لأوروبا 
الغربية هو الذي يحتاج إلى تفسيرء ولا يحتمل أن تؤدي دراسة التاريخ 
الاقتصادي للعالم الإسلامي إلى أكثر من إلقاء بعض الأضواء هنا 
وهناك على هذا الموضوع. 

وبالمثل كانت محاولة تعيين عامل محدد يكمن وراء التخلف الاقتصادي 
الإسلامي بهذا المعنى غير ناجحة. ولقد تكشف هذا مؤخرا بكثير من 
الدقة فى حالة خاصة بفضل جهود الأستاذ «رودنسون» وذلك فى معرض 
د اعا ن ات ات الا هة هو اتر اة 
في المجتمع الإسلامي'. والنقطة المركزية هنا هي المرونة في العلاقة بين 
التراث الديني الرسمي ومجموعة أنماط السلوك الواقعيةء ويظهر ذلك 
أوضح ما يكون حين تكون القيم نفسها متعارضة فيما بينهاء كما هو الحال 
بالنسبة إلى مسألة القدرية. فالقرآن يبين أن جميع الأحداث تحددها 
مشيئة الله. ولكنه يقول أيضا إن الناس مسؤولون عن أعمالهم. وقد ترك 
للمسلمينء شأنهم في ذلك Mon GENS GLE‏ أمر استنتاج ما يشاؤون 
من ذلك. والاستنتاج الذي يصلون إليه من ذلك لا يمكن أن يتحدد من 
حيث المبدأ بالقيم نفسها. وضي حالات أخرى قد تكون القيم ذاتها واضحة 
بما فيه الكفاية ولكنها ببساطة لم تطبق. فالقرآن يحرم الرباء لكن نتيجة 
هذا التحريم كانت تطوير سلسلة من الحيل الشرعية الملتوية تجري بموجبها 
أعمال الربا من تقليل حجم الائتمان في المجتمعات الإسلامية. 

ويمكن القول بوجه عام إن تراث أي دين عظيم يظهر مرونة هائلة 
التطبيق. فمحتوى التراث شديد التنوع؛ وقواعد تطبيقه شديدة المرونة, 
إلى حد أنه يمكن أن يستخدم لتبرير آي نوع من السلوك تقريبا"'. فقد 
كانت هناك أسباب مسيحية لإنشاء الآديرة وأسباب مسيحية لحلها . وبالمثل 
يبدو أن الكتاب المسلمين لم يعانوا أي صعوبة كبيرة في الدفاع عن السعي 
وراء الربح التجاري من خلال التراث الإسلامي. وذلك حين شعروا بالرغبة 


214 


التطورات الاقتصاديه 


في ذلك. أما مسألة أنهم قد شعروا بالرغبة في ذلك أو لم يشعروا بهاء 
فهي مسألة لا تفسر بسهولة بالرجوع إلى التراث. 

على أن هذا كله لا يعني أن نمتنع عن مقارنة مستوى القدرة الابتكارية 
للمجتمع الإسلامي الوسيط في الميدان الاقتصادي بمستواه في ثقافات 
أخرى؛ ومن المحتمل أن تظهر هنا مشكلة حقيقية متعلقة بالتخلف الإسلامي. 
وبما أن هذه القضايا ليست بسيطة ولم تدرس بشكل كاف فإني سأقتصر 
في ملاحظاتي» في هذه النقطة؛ على إبداء تحذيرين: 

التحذير الأول والأهم هو أن ما يبدو من عدم وجود قدرة ابتكارية 
إسلامية قد يكون انعكاسا لحالة معرفتنا أكثر منه انعكاسا لابتكارية 
المسلمين. فليس المستبعد كلية أن نتمكن في يوم من الأيام من أن نعزو إلى 
مسلمي العصور الوسطى مستوى من الابتكار يضارع مستوى الصين أو 
أوروبا في العصور الوسطى. ذلك لأن الوقائع ببساطة لم تتأكد حتى الآن. 

والتحذير الثاني هو أنه يجب ألا تقبل؛ دون نقد.ء الآراء التي تساق في 
كثير من الأحيان لأسباب أخرىء من أجل افتراض أن التاريخ الاقتصادي 
للعالم الإسلامي كان ذا طابع شديد التخلف. فأولا ليس هناك من سبب 
يدعو لأن نقبل» كواقع ثابت» الصور الشائعة لفترة أولى من الازدهار أعقبها 
انحطاط طويل وكثيب. ذلك لأن هذا الرأي يخلق تناسقا تاما بين التاريخ 
الاقتصادي والتاريخ الثقافي للاسلام. ولكن؛ كما أظهر تاريخ عصر النهضة: 
فإن من الخطأ في الغالب أن نحاول رؤية تاريخ جميع النشاطات ضفي عصر 
ما داخل إطار القالب الموحد نفسه. والأهم من ذلك أن الشواهد المتوافرة 
لدعم مثل هذا الرأي القائل بالاتجاه الطويل المدى في التاريخ الاقتصادي 
للعالم الإسلامي ليست ذات بال. فالحجة تستند إلى الفكرة القائلة بأن 
القرون الأولى للإسلام كانت تتميز باقتصاد تجاري متوسع لا يوجد ما 
يوازيه لا في أوروبا في ذلك العصرء ولا في التاريخ اللاحق للاسلام. ولكن 
كما قلت آنفا يتوجب علينا أن نأخذن بجدية شديدة احتمال أن تكون هذه 
الصور وهّمًا يفسر من خلال انتقال الثقافة الدينية. والافتراض المعقول 
هو بالتأكيد أن اقتصاديات البلاد الإسلامية قد توسعت وانكمشت عدة 
مرات منذ ظهور الإسلام. ولكن قليلا مما نعرفه اليوم يؤيد ذلك أو ينفيه. 
والسبب في ذلك يعود من جهة إلى أن التغيرات الدنيوية من هذا النوع لم 


215 


تراث الإسلام 


تدرس كثيراء كما يعود من جهة أخرى إلى أن نوعية الوثائق المتوافرة لدينا 
عادة تجعل دراسة هذه التغيرات أمرا بالغ الصعوبة . ويعود من جهة ثالثة 
إلى أننا نجد فيما كتب عن الموضوع أن العلاقة بين الوقائع التي تجمع 
والاستنتاجات التي تقدم أميل إلى أن تكون واهية. 

ومن السهولة بمكان أن نلاحظ بعض الكوارت الواضحة آكثر من غيرهاء 
مثل تأثير الغزوات المغولية في أجزاء من آسيا الوسطىء وظهور وباء «الموت 
الأسود» لأول مرة في سوريا ومصر. كذلك يمكن الدفاع عن الافتراض 
القائل بحصول هبوط مستمر في الاقتصاد في القسم الأخير من العصور 
الوسطى. ومن جهة أخرى فإن توسع الاقتصاد العثماني في القرنين الخامس 
عشر والسادس عشر يمثل حالة من الحالات النادرة في التاريخ الإسلاميء 
التي يمكن توثيق التغير الدنيوي فيها من مصادر منتظمة إلى حد معقول 
من المحفوظات. ويهذه المناسبة فإن حالتي كل من مصر والدولة العثمانية 
تسيران بصورة متوازية مع التاريخ الاقتصادي لأوروبا الغربية في الفترات 
نفسها. وبالتأكيد فإن المعلومات المجزأة المتوافرة فى الوقت الحاضر لا 
تقدم تأييدا قويا للفكرة القائلة بأن اقتصاد العالم a etal‏ تعرش 
لتدهور حوالي انتهاء فترة الألف عام الميلادية. صحيح أنه يوجد ما يدل 
على حدوث تمزق اقتصادي بعد القرن الحادي عشرء ولكن يوجد أيضا ما 
يدل على حدوثه قبل ذلك. فلابد من توافر أدلة أقوى من هذه لإثبات 
حدوث تغير حاسم نحو الأسو'. 

ثم إنه إذا كان الاتجاه العام للتاريخ الاقتصادي الإسلامي موضع شك 
فإننا نحتاج إلى أن نكون حذرين كذلك فيما يتعلق بفحص الحالات الخاصة 
للتخلف الاقتصادي الإسلامي التي قيل بوجودها. والمثال الواضح هناء 
باعتباره قد أثير من قبل في هذا الفصلء هو سلبية المسلمين من الناحية 
التجارية في البحر المتوسطء وكونهم قد عهدوا بالبحر إلى المؤسسات 
e‏ الإا és dolo SU asl i [en td‏ 
(وإن كان مدى تأثيره الإجمالي على اقتصاديات بلاد البحر المتوسط 
الابتلامية هو مسال Oe lae‏ 

ولكن هل يدل هذا على وجود علة في بنية الاقتصاد التجاري الإسلامي؟ 
till cs cya La Ad)‏ إلى هاف خی ية ال هلي أنه 


276 


التطورات الاقتصاديه 


اختلاف في الترشيد الاقتصادي”'. فسلبية المسلمين تجاريا في البحر 
المتوسط لم تكن قرارا اقتصاديا خاطئا؛ لأنها لم تكن قرارا «اقتصاديا» 
على الإطلاق؛ وإنما نشأت عن توزيع القوة التجارية في البحر المتوسط. 
وعن أن بعض فتئات التجار قد تمكنوا من تدعيم نشاطاتهم الاقتصادية 
سياسيا. وإذا كان التجار المسلمون قد أخفقواء فهم قد أخفقوا سياسيا. 
ولا نستطيع أن نثبت أنهم أخفقوا سياسياء ولم يكونوا مجرد متقبلين لسمة 
معينة في بيان مجتمعاتهم لم يكن لهم أي سلطان عليها (كما كان الحال 
بالفعل)ء إلا إذا استطعنا أن نشير إلى وجود حالات لهم فيها نفس فرص 
امتلاك القوة. التي توافرت لتجار المدن اللاتينيةء ولكنهم لم ينتهزوا هذه 
الفرص. وهكذا فإن المشاكل الصارخة للتخلف الاقتصادي الإسلامي لا 
تبدأ في الظهور إلا عند حدوث التقدم الاقتصادي لأوروبا بعد العصور 
الوسطىء وعجز العالم الإسلامي عن تمثل هذا التقدم إلا في أضيق الحدود. 
وحتى هنا فإنه يصعب جدا تحديد هذه المشاكل على أي صورة مقنعة. 
م.أ. كوك 


211 


Bibliography 


E. Ashtor, Histoire des prix et des salaires dans l'Orient médiéval (Paris, 
1969); F. Braudel, La Méditerranee et le monde méditerranéen à l'époque de 
Philippe II (2nd edn., Paris, 1966); M. A. Cook (ed.), Studies in the Economic 
History of the Middle East (London, 1970); T. F. Glick, Irrigation and Society 
in Medieval Valencia (Cambridge Mass., 1970); S. D. Goitein, A Mediterranean 
Society : the Jewish Communities of the Arab World as Portrayed in the 
Documents of the Cairo Genisa, I. Economic Foundations (Berkeley-Los 
Angeles, 1967); W. Heyd, Histoire du commerce du Levant au Moyen Age 
(Leipzig, 1885-6); A. E. Lieber, ‘Eastern Business Practices and Medieval 
European Commerce, je, The Economic History Review, xxi (1968); pp. 230- 
43; D. S. Richards (ed.), Islam and the Trade of Asia (Oxford, 1970); M. 
Rodinson, Islam et capitalisme (Paris, 1966); A. L. Udovitch, Partnership and 


Profit in Medieval Islam (Princeton, 1970). 


M.A. Cook 


278 


الحواشي 


(*) هذا التقويم هو من تآليف عريب بن سعيد القرطبي» المؤرخ الطبيب» وضعه سنة 349ه. ١96م.‏ 
وضاعت نسخته العربية ثم وقعت في يد المستشرق دوزي نسخة منه مكتوبة بالأحرف العبرية 
(وإن كانت لغتها هي العربية) فأخرج منها النص العربي وسماه تقويم قرطبة لسنة .96١‏ وكان ثمة 
تقويم آخر يعزى إلى ربيع بن زيد الأسقف سفير الخليفة عبد الرحمن الناصر إلى إمبراطور 
ألمانيا (واسمه الأصلي ريكيموندو). وقد وجدت نسخة لاتينية من تقويم الأسقف كان نشرها قبل 
ذلك المستشرق ليبريء فتبين للباحثين بعد نشر نص دوزي أن كتاب الأسقف ليس أكثر من ترجمة 
لكتاب عريب بن سعيد مع بعض الزيادات. 

(*1) هم أسرة فارسية أنشأها كورش 0/1115 حوالي سنة 550 قبل الميلاد. وقد استطاعت 
بالتدريج توحيد الشرق القديم بين أواسط القرن السادس ق.م؛ ونهاية القرن الرابع وانتهى 
حكمها سنة 330 ق.م بفتوحات الإسكندر وموت داريوس الثالث. 

(*2) لعل المؤلف يشير هنا إلى الاسم العربي القديم لمدريد وهو «مجريط» كان هذا الاسم مشتقا 
بصورة ما من كلمة «مجرى». 

(*3) روسيون «هاانوده۸ مقاطعة من مقاطعات فرنسا الجنوبية عند الجانب الشرقي من جبال 
zs dssdo‏ 

)45( يمتد هذا السهل في شمال إيطاليا ويرويه نهر آلبو. 

(*5) هو اسم أعطاه كريستوف كولومبوس للجزيرة التي نعرفها اليوم باسم هاييتي. 

(*6) وثائق الجنيزا المذكورة تزيد على مائة آلف من الأوراق القديمة تتوزعها الآن المتاحف ما بين 
الولايات المتحدة ولندن وليننغرادء وقد اكتشفت في حجرة خاصة من كنيس يهودي في مصر 
القديمة منذ أواخر القرن الماضي وتسربت بالتدريج إلى الخارج. 

(*7) (آق قويون لو) هم الأسرة التي حكمت ما بين أذربيجان حتى دياربكر في الفترة 908-780ه/ 
ilio siet c i By . 41502-1378‏ الصفويين. : 

(*8) الأوليغاركية. كلمة يونانية الأصل تعني حكم الأقلية من الأشخاص أو من الأسر في مجتمع 
ما. 

(*9) لم نستطع أن نعرف المعرفة الدقيقة أي كتاب يعني المؤلف بهذه الإشارة؟ ويبدو أننا يجب أن 
نبحث عنه في بعض الكتب الوعظية أو الدينية التي تهاجم التكالب على الحياة الدنيا. 

(*10) هذا الحكم غير صحيح علميا. فليس الفقه هو الذي حاول التماس الحيل ولكن المرابين 
كانوا يحاولون من خلال تفسيرات الفقهاء وتحديداتهم لمعنى الربا إيجاد الفرجات والثفرات 
لممارسته دون التعرض للاثم في نظرهم. 

)١١1*(‏ أي أمير البندقية واللقب في الأصل هو (دوق) و20 وكان يحمله في العصور الوسطى أعلى 
طبقة نبيلة. وهي أعلى من لقب أمير ومن لقب كونت. وهو نفس اللفظ الذي حور فيما بعد إلى 
الدوتشي (لقب موسوليني (Duce‏ . 

(*12) ورد هذا القول في سفر أشعيا (من العهد القديم) الإصحاح الثالث والعشرون (الآية 8). 


219 


تراث الإسلام 


(*13) من الغريب أن الباحث يطلق على أغمال الإمارات الإسلامية فقط صفة القرصنة؛ ويعتير 
العمليات الغربية بمقابل ردود فعل. وينسى أو يتناسى تكافل وتعاضد القرصنة والسياسة في 
الأعمال البيزنطية والفرنجية والنورماندية وغيرها في البحر المتوسطء كما يبدو أن الباحث 
يسقط من حسابه معنى الجهاد الذي كانت تحمله الكثير من التحركات البحرية الإسلامية 
لتحركات مجاهد والحسن بن علي الكلي في صقلية وغيرهما. 

(14) مرة أخرى نلاحظ أن من عادة كتاب الغرب القدامى والمحدثين أن ينعتوا الهجمات الإسلامية 
بكل مكان بالنعت السلبي فهي في البر غارات نهب وضي البحر قرصنة: ذلك أنهم لا يدرسون ولا 
يقرون لها بدوافعها الدينية والسياسية والاقتصادية التي كثيرا ما تكون أكثر سموا بكثير من ردود 
الفعل التي يقابلها بها الأعداء. 1 

(*15) أسرة لوزينيان هدمعنوسآ هي الأسرة الفرنجية التي طردها صلاح الدين من القدس بعد 
أسر الملك في لوزينيان في معركة حطين: وقد انتقل حكمها فيما بعد إلى جزيرة قبرص. 

(*16) نقراطيس هو الاسم لموقع قرب الإسكندريةء عند دمنهور. هو اليوم تلال نقراش. وكانت 
قد قامت عليه منذ القرن الثامن قبل الميلاد مدينة يونانية. خصصت لليونانيين الذين جاءوا مصر 
للمعونة في طرد الفرس منها وبقيت مزدهرة؛ وحتى أواخر العهد الروماني. ويبدو أن كاتب 
البحث يقصد راكوتيس وهو اسم البلدة التي قامت في موقعها الإسكندرية؛ إلا إن كان يقصد 
القيود التجارية التى كانت في نقراطيس الإغريقية. 

(*17) انظر التعليق السابق. ' 

(*18) هم أتباع كالفان (1564-1509) وهو أحد رجال الإصلاح الديني المعروفين في القرن السادس 
عشر. نشر مذهبه في فرنسا وسويسراء وقد أسس جمهورية دينية في جنيف. 


هذه هي الترجمة العربية للقسم الثاني من 
الطبعة الثانية من كتاب «تراث الإسلام» الذي ألفته 
جماعة من المستشرقينء تحت إشراف المستشرق 
الآلمانى جوزيف شاخت الأستاذ بجامعة كولومبيا 
في الولايات المتحدة سابقاء والمتوفى في الأول من 
أغسطس عام 1969 . وقد تولى إتمام تحرير الكتاب 
وإخراجه الأستاذ كليفورد إدموند بوزورث الأستاذ 
بجامعة مانشستر في إنجلترا . 

ونقول «القسم الثاني» وما هو بثان أو بثالث 
على الحقيقة إلا في هذه الترجمة العربية؛ OY‏ 
الكتاب في طبعته discs Bag Ae‏ واحد تقاسمنا 
ترجمته مع الأستاذ الدكتور محمد زهير السمهوري. 
فقام بترجمة الفصول الخمسة الأولى ونشرت في 
الكتاب الثامن من سلسلة «عالم المعرفة». وقمت 
وصاحبي السيد إحسان صدقي العمد بترجمة 
aasi daai‏ الباقية التي دا القارئ بين 
دفتي هذا المجلد والمجلد الذي يليه ك «قسم ثالث». 

وقد اشتركت مع صاحبي في الترجمة والمراجعة 
على السويةء فترجم كل منا قسمته من العمل؛ ثم 
تعاونا في المراجعة وإضافة التعليقات والشروح 
ومراجعة الأصول. 
(*) هذا التقديم كتبه المترجمون لهذا الفصل والفصول التالية له 
(التي سيضمها الجزءٍ الثاني الذي ستصدر السلسلة طبعته الثالثة 


في الشهر المقبل) حيث صدرت هذه الفصول في جزء مستقل في 
الطبعتين الأولى والثانية. 





تراث الإسلام 


وتفضل الأستاذ الدكتور محمود علي مكي الأستاذ بجامعة القاهرة 
فراجع علينا فصل الأدب. كما تفضل الأخ الدكتور محمد عبد الهادي أبو 
ريده الأستاذ بجامعة الكويت فراجع معنا فصل الفلسفة وعلم الكلام 
والتصوف. والقسم الخاص بالشريعة الإسلامية. 

وقد بذل كلاهما من الصدق في العمل والنصح في التوجيه ما يستحقان 
معه هنا أضدق الشكر والتقدير: 

وراجعنا الكثير من مغاليق فصل الموسيقى مع الأستاذ زكي المحسن من 
شوخ الغارفين يغوون الموسيقي العربية ف من وهو مث كوو على يها 
بذل من جهد أصدق الشكر. 

ورجعنا إلى صديقنا الأستاذ خوان بيرنيت الأستاذ بجامعة برشلونة في 
الكثير مما يتصل بالعلوم والرياضيات ولقينا منه أصدق المعاونة. 

وقد بذلنا في هذا العمل غاية ما وسعه جهدناء سواء في تحري أقصى 
ما يتيسر من الدقة في النقل من الإنجليزية إلى العربية أو في تجشم 
متاعب مراجعة كل نص على أصوله العربية. وهو أمر في غاية العسر لأن 
معظم Cibi‏ هذه الطبعة الثانية من كتاب «تراث الإسلام» من مستشرقي 
عصرناء هم ممن يعتمدون في الغالب على ما كتبه أو ترجمه السابقون من 
آهل الاستشراق القدامى في لغاتهم الأصليةء دون رجوع إلى الأصول العربية 
أو الفارسية أو التركية. وهذه هي طريقة معظم آهل الاستشراق في أيامناء 
فإذا أحالك واحد منهم إلى أصل ما كتبه أبو الحسن الأشعري مثلاء فالإحالة 
هنا على ترجمة قام بها مستشرق سابق عن الأصل العربي. ومن ثم فهو 
نفسه لا يستطيع الاستدلال على أصل النص الذي يورد. وعرفنا ذلك 
وعانيناه في أكثر من موضع من عملنا هذا. وقد يسر الله ووضعنا أيدينا 
على الأصول وأتينا بها. 

وقد أعاننا على التوفيق في تحري الدقة أننا نعرف كل أصحاب هذه 
الفصول معرفة شخصية:؛ وقرأنا فيما مضى معظم مؤلفاتهم: مما أعان 
على إدراك مراميهم. ونحمد الله على أننا نقدم للقارئ العربي نقلا أمينا 
صادقا لما تولينا القيام عليه من فصول هذا الكتاب» وأكملنا بالتعليقات ما 
رأينا من مواضع الاستدراك والنقص. 

والطبعة الأولى من كتاب «تراث الإسلام» تختلف إلى حد كبير عن هذه 


تقديم 


الطبعة الثانية. فبعض الفصول غير الفصول والكتاب بالتالي غير الكتاب, 
ومن ثم فإن القول بأن هذه طبعة ثانية من نفس الكتاب غير صحيح. فهذا 
كتاب آخر يحمل نفس العنوان» ولذا فإن القارئ العربي مرجو ألا يستغني 
بهذه الطبعة الثانية عن الطبعة الأولى التي صدرت عام ۱931ء وآعيد طبعها 
بعد ذلك عدة مرات. 

ومن حسن الحظ أنني اشتركت في نقل فصل من فصول الطبعة الأولى 
هذه مشتركا مع طائفة من الزملاء. ونشرنا الفصول التي قمنا بترجمتها 
في جزأين في القاهرة عام 1936. ثم ترجم شيئًا من بقية الطبعة الأولى 
الأستاذ الدكتور صالح أحمد العلي» ومن بعده ترجم الكتاب كله دفعة واحدة 
الأستاذ الدكتور جرجيس فتح الله المحامي. وقد أفدنا من هذه الأعمال 
كلها ورجعنا إليها فيما احتجنا إليه. 

إن الفصول المتعلقة بالعلوم والرياضيات ‏ في الطبعة الثانية . خاصة 
طيبة جداء وإن كانت تميل في جملتها إلى التقليل من فضل العرب على 
الغرب في هذه الناحية. وقد اجتهدنا في تعويض النقص بالتعليقات الضافية. 
ومن أسف أننا لم نجد من يصبر على تعب المراجعات معنا من هذه الأبواب 
من المشتغلين بتاريخ العلوم عندناء ولكننا استعنا بما كتبه بعض الباحثين 
العرب في تاريخ العلوم عند العرب من أمثال قدري طوقان وعمر فروخ 
وعبد الحليم منتصر وجرجيس قتح الله المحامي. كما رجعنا إلى مؤلفات 
جورج سارطون ويوليوس روشكا وأجناسيو جوبدي ومارتن بلسنر والدومييلي 
وجابرييل فران ومن إليهم. وخرجنا في النهاية بنتيجة طيبة. ومن أكثر ما 
أفادنا في ذلك كتابات بول كراوس فهي ما زالت الحجة الفاصلة فيما 
يتعلق ببدايات العلوم عند المسلمين. 

ولم نلح في التعليقات هنا على بيان فضل العرب» لأن العلوم كلها في 
أيامنا هذه تطورت خلال الثلاثين سنة الآخيرة تطورا أضعف الصلة بين 
الماضي والحاضر. ففي الطب متلا تلاشت معظم آثار الماضين بعد اكتشاف 
الآدوية الناجعة الحاسمة والجراحات الدقيقة. وهنا تضاءل كل أثر لأطباء 
الشرق والغرب في العصور الوسطى. حقا إن المكانة التاريخية لأبي بكر 
الرازي وأبي علي بن سينا وأبي نصر الفارابي ما زالت قائمة لم تنقض› 
ولكن طبهم الذي كان فتحا علميا في عصرهم لم يعد يصلح في طبابة 


تراث الإسلام 


اليوم التي أسهموا ولا شك بنصيب واف في تطويرها . وبهذه المناسبة نقول 
إننا لم نغال قط في تقدير أنفسنا وأعمالنا على عادة الكثيرين ممن يكتبون 
عن التراث العربي. لأننا لا نجد ما يدعو إلى المبالغة في الكلام فالحقائق 
نفسها أبلغ من كل كلام. 

وقد ذكرنا ونحن نترجم القسم الذي كتبه شاخت. ذلك الفصل البديع 
الذي كتبه عن القانون والمجتمع المركيز دافيد دي سانتيلانا في الطبعة 
الأولى من كتاب «تراث الإسلام» هذا . 

لقد كان سانتيلانا فقيها قانونيا عالمياء وكان من قضاة محكمة العدل 
في لاهاي. ومن منصته العالية هناك كتب ذلك الفصل المبدع الذي تجدونه 
في الترجمات العربية للطبعة الأولى من كتاب «تراث الإسلام». وضي رأينا 
أن ذلك الفصل الذي كتبه سانتيلانا ينبغي أن يحل محل ما كتبه شاخت في 
هذه الطيعة الثافية , | l‏ 

أما الفصل الذي كتبه لامبتون عن الفكر السياسي عند المسلمين فدراسة 
نظرية صرف. لا تفيد كثيرا في التعريف بالفكر السياسي الإسلامي. إذ إن 
آراء أبي يوسف القاضي وال ماوردي وابن طباطبا لا تمثل هذا الفكر بقدر ما 
تمثل آراء أصحابها. ومثل ذلك يقال عن آراء الغزالي وابن جماعة وابن 
تيمية. فالغزالي كان يفكر في السياسة تفكيرا دينياء وأهم ما كان يعنيه هو 
سلامة العقيدة في عصر ظالم مضطرب كثير الأخطار والفتن. فهو يضحي 
بالعدل مضطرا في سبيل سلامة (AMM‏ ويقبل الحاكم الفاسد الظالم ويدعو 
إلى طاعته مضطرا أيضا ما دام يحمي دار الإسلام؛ وهذه فكرة دينية لا 
سياسيةء وكذلك يقال عما يسميه هنا الفكر السياسي لابن جماعة وابن 
تيمية ومن جاء بعدهما. 

أما نحن فندرس الفكر السياسي عتد المسلمين على أساس من الواقع 
والممارسة الفعلية. فنبداً بالصحيفة التي كتبها رسول الله صلى الله عليه 
وسلم بُعيد استقراره في Ait!‏ وندرس كيف صدرت عن أسلوب شوري 
حرء وكيف كان تطبيقها أساسا لتسيير أمور الجماعة الإسلامية الأولى في 
المدينة. ثم ندرس انتخاب أبي بكر في سقيفة بني ساعدة وكيف تم» وماذا 
كان موقف جماعات المسلمين منه. ثم ندرس خطبة أبي بكر بعد ولايته. 
وهي في رآيتا وقيقة أساسية في تاريخ الفكر السياسى الاسالامي» لا لسلامة 


284 


تقديم 


المبادىّ التي قامت عليها بل لأن أبا بكر طبقها فعلا. وهذا التطبيق أصبح 
أساسا من أسس العمل السياسي في دولة الإسلام. وبعد ذلك ندرس ظهور 
الدولة وقيامها وشكلها وأداتهاء وسياسة عمر وآراءه. وما إلى ذلك ثم 
تكوين جماعة الشورى على يد عمر وما كان من أمرهم: وكيف انتهى الأمر 
باختيار عثمان. وندرس الفكر السياسي لعثمان ومن معه؛ وما كان لذلك 
من أصداء بين المسلمين؛ وأهمها آراء الخوارج والشيعة. وهكذا ندرس 
الفكر السياسي عند المسلمين من الواقع الممارس نفسه» لا من آراء نظرية 
لبعض المفكرين. لأننا نعلم أن آراء الماوردي مثلا لا تمثل الفكر السياسي 
الإسلامي في آيامهء وإنما تصور محاولة من شيخ كان يخدم البويهيين 
لتبرير أخطائهم وممارساتهم المخالفة للإسلام. وليس هذا رأينا وحدنا في 
أبي الحسن الماوردي وآرائهء بل كان هذا رأي معاصريه فيه. 

وقد أبدينا بعض هذه الآراء في التعليقات التي أضفناها إلى حاشية 
هذا القسم كما فعلنا مع غيره. 

وبعد. فهذه بعض أفكار أردنا أن نسوقها بين يدي الترجمة العربية 
للفصول التي نقلناها إلى العربية من كتاب «تراث الإسلام» بينا فيها 
منهجنا في النقل وأسلوبنا في التعليق عليه؛ وأبدينا كذلك آراءنا فيما نقلنا 
وفيمن كتبوه. وقررنا كذلك اعترافنا بالفضل لمن تفضلوا بمعاونتنا في هذا 
العمل الشاق. وقد كان شاقا فعلاء لأن الآراء كما هي في صورتها الإنجليزية 
غير واضحة في كثير من الأحيانء فكان علينا أن نبذل قصارى الجهد في 
التعرف على فكر المؤلف واتجاهه»ء وماذا يريد أن يقول. وكان لابد لنا من 
الرجوع إلى مصادره وأصوله نفسها تحريا للدقة في النقل. وفي حالة أو 
اثنتين اتصلنا بالمؤلف نفسه نستوضحه. 

على أي حال يستطيع القارئ أن يطمئن إلى أن ما أثبتناه في العربية, 
هو الذي أرادوا قوله في الإنجليزية. وقد أبدينا آراءنا في تعليقاتناء وبينا 
مواضع الخطأ حيث لاح لنا وجود خطأ. 

ولابد هنا من كلمات شكر تزجى إلى كل من عاون على إنجاز هذا العمل 
وإخراجه إلى الناس. وابتداء نوجه الشكر إلى المجلس الوطني للثقافة 
والفنون والآداب فى دولة الكويت» فهو صاحب الفضل فى إهداء هذه 
dl ia AL‏ المحرفة A‏ العرمى .وإلك مقار ا اة اة 


تراث الإسلام 


الدكتور فؤاد زكريا الذي قام بمراجعة الترجمة. كما نهدي الشكر إلى 
الأخوين الزميلين الدكتورين محمد عبد الهادي أبو ريده ومحمود علي مكي 
على ما بذلاه من جهد في المراجعة والتقويم. ونقدم الشكر كذلك إلى 
الزميل الأستاذ خوان بيرنيت على ما أكرمنا به من جميل عون فيما استفسرنا 
والله سبحانه هو الموفق في البداية والنهاية. نسأله تعالى العفو والهداية 

والعون والرعاية. 
المترجمان 


286 


الفسسن والعسارة 


أولا: العمسارة 

هناك طريقتان في النظر إلى تراث أمة من 
الأمم» فإما أن ينظر إليه من حيث تأثيره في غيرهء 
أو من ناحية منجزاته. والطريقة الأولى تكاد أن 
تكون غير ذات معنى في حالة العمارة الإسلامية. 
ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة بعضها يتصل بطبيعة 
العمارة نفسهاء وبعضها الآخر خاص بالإسلام ذاته. 
فقبل أن يخترع الناس التصوير وتوجد وسائل النقل 
Aas pul‏ كان تأثير فن معماري ما في آخر محدودا 
وبطيئًاء لأن فن العمارة مرتبط آكثر من غيره من 
الفنون بالبيئة التي ينشاً فيها. وبآهداف ووسائل 
هة ملوك دقاف دو كك اا ات لهذ 
القاعدة. كما هو الحال في بعض مناطق الحدود 
(المتاخمة للغرب) مثل وسط إسبانياء حيث نجد 
العمارة الإسلامية-وليس مجرد الوحدات الزخرفية- 
ذات أثر بعيد في العمائر المسيحية واليهودية خلال 
العصر الإسلامي في الأندلس Passy‏ 

ولكننا نستطيع القول بصورة عامة إن تأثير 
طراز معماري في غيره من الطرز المعمارية المعاصرة 
له حتى عصر النهضة:؛ كان لا يتعدى حدود البيئة 
الثقافية التي نشا فيهاء إلا بقدر ضئيل جدا . وحتى 


267 


تراث الإسلام 


في هذه الحالة نجد أن ذلك التأثير إنما كان نتيجة ظرف تاريخي فريد في 
نوعه. والأمر في هذا الشأن يختلف عندما يندثر أحد التقاليد المعمارية. 
ففي تاريخ العمارة الغربية حركات إحياء للماضي تحدث مرة بعد أخرى, 
كما توجد حالات عودة متكررة إلى أصول العمارة اليونانية الرومانية أو 
الوسطى. أما في حالة العمارة الإسلامية فيكاد يكون من المستحيل إيجاد 
تحديد دقيق لموقعها-أو موقع أي مرحلة من مراحلها الخاصة-داخل إطار 
الحياة والموت والبعث من جديد (وهو الإطار الذي تندرج ضمنه أنماط 
العمارة الأخرى). صحيح أنه. من ناحية التركيب الداخلي للعمارة في نطاق 
الثقافة نفسهاء حدث بالفعل إحياء لأشكال فنية قديمة في فترات كلاسيكية 
LaS Classical periods‏ حدث أيضا-لأسباب من بينها تأثير ذوق غربي مصطبغ 
بصبغة مشرقية-إحياء لأشكال تقليدية فعلية أو مفترضةء في عمارة الدارات 
(الفيلات) الفاقعة الألوان والمثقلة بالزينة التي بنيت في الإسكندرية في 
بداية هذا القرنء أو بصورة أكثر توفيقا في العمارة المغربية خلال الثلاثينيات 
الماضية؛ أو في طراز مسجد كوالالامبور الحديث الذي صممت عمارته 
على أساس اختيار من عدة طرز معمارية إسلامية تاريخية. ومع ذلك فلم 
تكن لأي من حركات البعث هذه من القوة والأهمية ما يعادل ما نجده في 
ذلك الحوار المستمر بين العمارة المغربية وبين ماضيها. وفي الحالات التي 
كان لمثل هذه الحركات تأثير فعلي (كما نجد في بعث بعض ملامح العمارة 
الصفوية في إيران, أو بعث العمارة المملوكية في مصر) فإن العلماء المعاصرين 
لم يستطيعوا إلى الآن تبيين هذا التأثير وتلك الأهمية على حقيقتها . 

أما من الناحية الخارجية أي فيما يتصل بمظهر تأثير العمارة الإسلامية 
القديم في العمارة الحديثةء فنلاحظ أن ذلك يتجلى في صور مختلفة, 
منها أخذ موضوعات معينة من العمارة الإسلامية كما نجد في حالات 
الكتابات الزخرفية: أو تقليد أشكالها القديمة؛ وهذا أمر شائع في جميع 
نواحي العالم الإسلامي؛ لكننا نلاحظ فيما يتعلق باقتباس بعض الزخارف 
الزهرية أو بعض الوحدات الزخرفية بصفة عامة؛ أن هذا التقليد لصور 
الكتابة مقتبس على الأغلب من زخارف الأقمشة والخزف واشتفال المعدن, 
لا من المنشآت المعمارية نفسها. وإذا استثنينا بعض مظاهر تأثير العمارة 
الإسلامية في الدولة البيزنطية وإيطاليا-واستثنينا كذلك العمارة الأندلسية 


الفن والعمارة 


بصورة عامة-فإنه لم يكن من السهل حتى القرن الثامن عشر أن نتبين أثرا 
حقيقيا للعمارة الإسلامية. أما في القرن الثامن عشر وما بعده؛ فإن تأثير 
المعمار الإسلامي في العمارة الغربية كان جزءا من افتتان الغرب بكل ما هو 
غريب» وهو أمر شاع في أوروبا في الفترة الكلاسية والرومانية المتأخرة. 
وأهم الأمثلة على هذا التأثير لم تكن في الغالب تزيد على ما يسمى 
.(Turqueries) SLS JL‏ غير أنه يظهر بوضوح في قصر برايتون الغريب 
الشكل. حيث يتجلى جو إسلامي فخم في العمارة الغربية. وقد استمر هذا 
الأثر ظاهرا في منشآت معمارية للسينما والمطاعم تحمل اسم الحمراء أو 
تاج محل بالإضافة إلى بعض زخارف المنشآت العامة. ونرى هذا التأثير 
الإسلامي في صورة بالغة السخف في المبنى الفريد من نوعه الممسمى قصر 
الذرة ORE)‏ المنسوب إلى ميتشيل فى ولاية داكوتا الجنوبية الأمريكية 
bL as cu (Mitchell, South Dakota)‏ 8 طراز قباب الشرق الأوسط 
مبنية على هيئة تقليد لأعواد الذرة. وهذه العادة في تزيين المباني بعناصر 
زخرفية غريبةء كان لها أثر بعيد في الأعمال الإنشائية المنسوبة إلى ياماساكي 
(Yamasaki)‏ الذي يقلد طراز Il‏ 33,5 اليابانية. ولكن هذه الأمثلة لك 
358 ولا يمكن أن ينكر إنسان أن معظم أعمال هذا الاتجاه غير مقتبسة 
من العمارة الإسلامية. 

فليست هناك إذن فائدة كبيرة ترجى من وراء البحث عن أثر كبير 
للعمارة الإسلامية-يقابل أثر الفنون الزخرفية الإسلامية-في التقاليد 
المعمارية الأخرى المعاصرة لها أو التي ظهرت فيما بعد. وعلى ذلك فتراث 
العمارة الإسلامية ينبغي أن نلتمسه في ما حققه المسلمون من أعمال 
معمارية. ومن الممكن أن نورد بيانا بتلك الخصائص الإنسانية أو الجمالية 
التي تعبر على أحسن وجه عما كان يتطلبه العالم الإسلامي في ذلك 
المجالء ونحدد تلك العمائر التي تعتبر غررا من روائع الحضارة الإسلامية. 
ومع ذلك فإن هذا النوع من قوائم الأعمال المعمارية ذات القيمة العظيمة. 
ربما لا يوفق في التحليل الأخيرء في تحديد القيمة الحقيقية للتراث التقافي. 
لأنه سيقيم تلك الأعمال بمقاييس غير إسلامية بناء على معيار تجريدي 
للقيم. وعلاوة على ذلك هناك أخطار فكرية جسيمة تتعرض لها المحاولات 
الرامية إلى ترتيب المبتكرات الفنية بحسب أهميتهاء وتتعرض لها كذلك 


289 


تراث الإسلام 


موازين التقييم عند مقارنة الثقافات ببعضها البعض. فإذا كان هناك تراث 
معماري معين لم يكن له تأثير طويل المدى؛ مدعم بالشواهد (على عكس 
الحال بالنسبة للتراث المعماري الكلاسي).؛ وإذا حاولنا أن نتجنب العمل 
الذي لا طائل وراءه من تصنيف الأعمال المعمارية بناء على ميزاتها النسبية, 
فماذا تكون في هذه الحالة حقيقة تراث تقليد معماري؟ إن هذا التراث, 
كما هو الحال بالنسبة للأدب» توليف فريدء أو سلسلة من التوليفات بين 
صور. وهذا التوليف نجح خلال الزمان والمكان الخاصين بثقافة معينة في 
التعبير عن شيء له قيمةء أو له ضرورةء في تلك الثقافة. ذلك أن بعض 
هذه التوليفات كما تبدو في مسجد قرية صغيرة على سبيل المتالء إنما هي 
مبتكرات شعبية تفتقر إلى النضج. وبعضها الآخر مثل قصر الحمراء تعتبر 
أعمالا عظيمة من إبداع الخيال الشاعري. وعلى هذا فإن تراث عمارة ماء 
إنما هو أشكال إنشائية ناطقة تعبر بأوضح صورة عما كانت تحتاج إليه 
ثقافة من الثقافات» وما كان يراود أهلها من أحلام؛ سواء أكان لها أثر جاوز 
حدودها أم لم يكن. وهذا التراث المعماري. شأنه شأن المتاع الموروث. قد 
يكون عديم الجدوىء وذا قيمة عاطفية فقط. وقد يكون إسهاما حافلا 
بالمعنى بصورة لا مثيل لها. على أن هناك في ما يتعلق بالإسلام. مجموعة 
من الظروف الخاصة تضعنا أمام سلسلة من المشاكل التي لها مغزى أوسع 
بكثير من الثقافة نفسهاء وأكبر من أي واحدة من العمائر التي أنشأتها تلك 
الثقافة. ولكي نفهم هذه المشاكل» لابد لنا من أن نحدد معنى التأثير الذي 
انعكس على العمارة من جراء الإنجازات الرائعة التي تحققت في القرنين 
الأول والثاني للهجرة (السابع والثامن للميلاد). اللذين تمكن المسلمون 
خلالهما من أن ينشئوا من العدم تقريبا حضارة إسلامية. 

إن الخاصية الرئيسية التي يوصف بها العالم الإسلامي هي» كما يقول 
الكثيرونء حقبة ثقافية في تطور جماعات متعددة ومتميزة من حيث الجنس 
والظروف الجغرافيةء وليست تعبيرا عن شعب واحد من الشعوب أو منطقة 
من المناطق. كذلك فإن من المتفق عليه؛ أن الإسلام إنما انتشر وتطور في 
alle‏ كان قد وصل إلى درجة غير عادية من التعقيد . وقد جرى التقليد 
عند مؤرخي الفنون على تقسيم ذلك العالم الإسلامي إلى قسمين: قسم 
تسوده الحضارة الهلينستية يقع غربي الفرات. وقسم إيراني إلى الشرق 


290 


الفن والعمارة 


منه. لكن الأبحاث الحديثة أظهرت أن مشاكل الفن الإسلامي أشد تعقيدا 
مما كان Gig Glas‏ استخدام وفهم الأشكال الفنية التي كانت سائدة قبل 
الإسلام في حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسطء لم تكن مختلفة 
من إقليم إلى آخر وحسب» بل اختلفت أيضا داخل تلك الأقاليم وفقا 
لمستويات اجتماعية وفكرية كثيرة. وبصورة عامة. كان هناك قبل ظهور 
الإسلام عدد من التقاليد المعمارية التي استخدمت فيها أساليب فنية 
مختلفة فيما بينها اختلافا واسعاء يتراوح بين أساليب قديمة جدا وبسيطة, 
حتى العقود والقباب شديدة التعقيدء وهذه الأساليب كانت تستخدم في 
أغراض شتى تبدأ من استعمالها في الطرق والحمامات العامة في المدن؛ 
وتنتهى عند معابد فريدة فى بابها لا يؤّمها إلا الخاصة. وهناك شك كبير 
sid ada‏ حول ما إذا كانت الثروة المعمارية والأساليب الفنية العالية التي 
استخدمت بمهارة في الشرق الأوسط حوالي سنة 8600( قد وضعت بالفعل 
في خدمة أغراض ووظائف معينة. ذلك أن القبة المفردة التي عرفتها 
العمارة الساسانية وبعض أشكال معينة من القاعات البازيليكية (أي الصليبية 
الهيئة)؛ ذات الحنيات التي تستخدم في العمارة المسيحيةء كل هذه الأشكال 
المعمارية يمكن أن تعتبر منشآت علمانية ودينية على حد سواءء ومن الجائز 
أن المعاصرين كانوا يحددون هوية المبنى (أعني كونه علمانيا أو دينيا) عن 
طريق الزخارف بقدر ما كانوا يحددونها عن طريق الأشكال المعمارية. 
والآمر المهم الذي يعنيناء هو أن يكون واضحا أن العمارة الإسلامية تكونت 
في عالم ذي ثروة معمارية هائلة فيما يتعلق بالأشكال والأساليب Aga)‏ 
ولكنها نشأت في tle‏ يمتاز أيضاء على ما يبدو بقدرة كبيرة على التصرف 
بمرونة في المعاني التي تعطى للأشكال والأساليب. 

والعامل الثاني المكون للعمارة الإسلامية هو الإسلام نفسه. ونلاحظ أن 
النقطة التي تستوقف النظر هناء هي أن الإسلام في فترات تكوينه لم يشأ 
ولم يطلب أن يكون له طابع معماري خاص. وعندما قبل الرسول" أن تكون 
الكعبة في مكة حرما وقبلة المسلمين؛ حولها بذلك إلى موقع فريد في بابه 
ورمزا للتجمع وقبلة ومركزا واتجاها. وهذا التفرد الذي تتميز به الكعبة, 
حال دون أن تتحول إلى نموذج نظري للعمارة الإسلاميةء كما حدث بالنسبة 
لقبر المسيح عند المسيحيين. فنحن لا نملك إلا شواهد قليلة ومبعثرة- 


291 


تراث الإسلام 


والكثير منها غير واضح وغير مؤكد-عن أثر واقعي لشكل الكعبة في المباني 
الأخرى. ثم إن طابعها الديني كان له أثر بعيد في أنه لم يكن لهيئتها تأثير 
مادي واضح في العمارة الإسلاميةء وإن كان يمكن القول أيضا إن عدم 
وجود هذا التأثير يرجع إلى هيئتها البسيطة؛ إذ هي مكعب غير منتظم 
يقوم وسط ساحة بيضاوية الشكلء» تتحدد هويته بناء على طريقة استخدام 
الشعائر التي تقام حولهء دون التفات إلى هيئة جمالية فيه. ومن ثم فلم 
تصبح الكعبة رمزا معماريا يضاهي ما نعرف من معابد المسيحية الكبرى أو 
حتى المعابد الزردشتية. ولا غرابة في تلك البساطة الأساسية لهيئة الكعبة 
إذ كانت هذه الهيئة من عمل العرب قبل الإسلام. 

لكن الشيء الأصيل في عمارة المسلمينء هو أن العقيدة الجديدةكما 
أوحي بها إلى الرسول؛ وكما عرفها خلفاؤه الأوائل-لم يحاول أصحابها ولا 
شعروا بالحاجة إلى أن يعبروا عن إيمانهم تعبيرا معماريا إنشائيا ذا فخامة. 
وكلمة مسجد (مكانا للعبادة) التي وردت في القرآن الكريم مراراء ريما 
وردت مرة واحدة بمعنى مبنى إسلامي» وحتى هذه الإشارة ليست واضحة 
المعنى كل الوضوح وذلك في الآية: #ولولا دقع الله الناس بعضهم ببعض 
لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراء ولينصرن 
الله من ينصره» إن الله لقوي عزيز4-سورة الحج رقم 22ء آية 40-ففي هذه 
الآية لا نرى أن المراد «بالمساجد» مساجد المسلمين» إلا أن هذا اللفظ وضع 
إلى جانب الصوامع وهي الكنائس في الأغلب» والبيع وهي معابد اليهودء 
والصلوات وهي المصليات الصغيرة التي كانت معروفة في العالم المسيحي. 
وحتى هذه الآية. يحتمل أن يكون ورود لفظ «مساجد» فيها جاء من قبيل 
الاستعمال البلاغي لأزواج من الألفاظ ذات المعنى الواحد» دون أن يكون 
المراد بها وجود نوع محدد من المباني. ذلك لأن مكان إقامة الصلوات عند 
المسلمين الأوائل. هو الذي عبر عنه الحديث النبوي الذي يقول «أينما 
أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد27. ويبدو واضحا أنه لم يوضع لمساجد 
العقيدة الإسلامية شكل مادي خاص نشاً عن العقيدة نفسهاء كما لم يكن 
هناك رمز مادي ملموس يميز العقيدة الجديدة. ولفظ مصلى يشير ببساطة 
فيما يبدو إلى مساحة خارج المدينة كان يؤمها الرسول مع أصحابه للصلاة 
فقط في مناسبات معينة . ولا أجد بين يدي شاهدا يدل على أن المصلى 


202 


الفن والعمارة 


كانت له صورة معمارية خاصة به. لقد كان الإسلام في نشأته الأولى 
عقيدة صافية مجردة من الماديات» قامت دون حاجة إلى رجال دين أو مبنى 
ذي هيئة خاصة أو رمز معين. ومن المفيد أن نالاحظ حتى وقت متأخر في 
أوائل القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي)ء أن ابن خلدون يذكر 
في الفصل الذي أداره في مقدمته على «المساجد والبيوت العظيمة في 
a‏ اد وک ت 
المقدس7). أما ما نعرفه من مساجد أخرى فيتحدث عنه عند تناوله المدن 
أو مسألة السلطة الشرعية وغير الشرعية9 . 

ويتضمن الإسلام كذلك عددا من العبادات» فهناك أوقات معينة للصلوات 
يؤديها المسلم وحده أو جماعة. وهناك الأذان والقبلة والوضوء بشرائطه. 
وكانت أيام الجمع تعتبر أياما تظهر الجماعة الإسلامية فيها قوتها ووحدتها 
لنفسها ولغيرها. وكان الرسول يقف على منبر أو درج في تلك المناسبات 
وهو متكي على حرية . وهذه العبادات كان يمكن أن تؤدى في بيت النبيء 
ولكنها لم تلبث أن أخذت طابعا عاما ونظاما معينا لأدائهاء وإن لم تكن قد 
أصبحت بعد شعائرية. وكانت تلك العبادات أيضا أعمالا من شأنها توحيد 
أمة الإسلام وتمييزها عن غيرها من الأمم. واعتبرت شواهد على الشخصية 
المميزة للمسلمين, وتحديدا لنظام العبادات؛ ولكنها لم ترتبط بهيئة معمارية. 

وربما كشف المزيد من البحث. وبخاصة الحفائر الأثرية في جزيرة 
العرب يوما ماء عن أشياء تغير الرأي القائل بأن الجزيرة العربية كانت 
خالية تماما من أي منشآت معمارية قبل ظهور الإسلام وفي أثناء عقود 
نشأته الأولى. ولكن في الوقت الراهن ليس أمامنا إلا أن نبدأ من هذه 
النقطة (أي من الفرض القائل بخلو الجزيرة من كل منشأة معمارية قبيل 
الإسلام). وهذه الحقيقة تضطرنا إلى مواجهة مسألة العمارة الإسلامية 
في صورة تفاعل بين عقيدة جديدة ونظام حياة لم يكن له أي خلفية معمارية 
من Age‏ وبين تقليد معماري بالغ التعقيد والتطور في الشرق الأدنى والأوسط 
من جهة أخرى. والمشكلة على هذه الصورة ليست خاصة بالإسلام وحده 
بل إن الفن المسيحي قد واجهها قبل ذلك بقرون. لكننا نجد بالنسبة 
للمسيحية أنها لم تكن في حاجة إلى أن تعبر معماريا إلا عن عدد قليل جدا 
من الأغراض تطلبتها تلك العقيدة. ووجدت السبيل إلى ذلك في عدد وافر 


293 


تراث الإسلام 


من الأشكال والمصطلحات والحاجات المعمارية-ومع ذلك فقد استغرقت 
هذه العملية ثلاثة قرون-في حين أننا نجد في حالة العمارة الإسلامية: أن 
كل مطالب الحياة كان لابد أن نجد لها صورا معمارية؛ وتمكنت من الوصول 
إلى ذلك في بضع عشرات من السنين وحسب. ففي أيام الوليد بن عبد 
الملك (96.86ه/715-705م) توصل المسلمون قيما يبدو إلى تعبير أو طراز 
معماري يتفق مع حاجات مجتمعهم. ويتضح ذلك بصورة جلية فيما يتعلق 
بالعمارة الدينية على الأقل. أما درجة تقبل الناس لهذا التعبير المعماري 
الرسمي الشائع فأمر قابل للمناقشة: إذ يبدو أن المنشثين المعماريين 
استخدموا أشكالا قديمة نتجت عنها تناقضات تراكمت مع الزمن: مما دعا 
الخليفة المهدي إلى أن يأمر عام |6اه/778م بنزع المقاصير من مساجد 
الجماعات» وتقصير المنابر إلى المقدار الذي كان عليه مسجد الرسول 
صلى الله عليه وسلم في المدينة"'. وهناك مشكلة أكثر تعقيدا من هذه 
تتعلق بالطريقة التي نشا عنها طراز معماري مدني ذو شخصية إسلامية. 
وبالرغم من وجود عدد كبير من نماذج العمارة المدنية التي حفظت لنا من 
النصف الأول من القرن الثامن الميلادي (أواخر القرن الأول وأوائل القرن 
الثاني للهجرة)؛ فإنه يصعب تحديد الصفة الإسلامية في أي جزء من 
أجزاء هذه العمارة, لأننا لا نملك أي دليل على المنشآت غير الإسلامية 
التي كانت تقام في ذلك العصر. 

والأسباب التي أدت إلى السرعة والنجاح اللذين تم بهما ظهور طراز 
معماري إسلامي» ترجع في المقام الأول إلى الحاجة التي شعر بها خلفاء 
مثل عمر بن الخطاب وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك وولاتهم 
في الأمصار (وهو شعور يدعو إلى العجب حقا)؛ إلى إظهار حقيقة الوجود 
الإسلامي في صورة مادية تختلف عما يحيط بهاء وتتميز مع ذلك بهيئّة 
إسلامية مفهومة!''". وتعتبر هذه النقطة على جانب كبير من الأهمية عندما 
نحاول أن نقدر تراث الإسلام المعماري. فبالنسبة لمؤرخ العمارة. يمكن 
استخدام قيام العمارة الإسلامية في توضيح ظاهرة قلما ثلاحظ» وهي 
كيف يخلق طراز معماري نفسه في هيئة متميزة ثقافيا. أما بالنسبة لمؤرخ 
الإسلام فإنها تصور ما اختارته الثقافة الإسلامية وما رفضته؛ وعن طريق 
ما أخذت وما رفضت,ء أنشأت لنفسها صورة خاصة بها اجتهدت الثقافة 


294 


الفن والعمارة 


في إبرازها-لكن مجرد ظهور عمارة إسلامية-وربما مجرد ظهور ثقافة 
إسلامية-يطرح مسألة أهم وأطرف بكثير من المسألة السابقة. وهذه المسألة 
يمكن أن تعرض على النحو التالي: وهو أن الأشكال والأساليب الفنية التي 
cad La oai‏ أت كلها من Sally Sia] sub col‏ 
التنوع» ولكن حيث إن ثقافة الإسلام نفسها كانت منذ البداية وحدة قائمة 
بذاتهاء فهل كانت العمارة التى أنشئت من هذه العناصر نوعا من اللغة 
المعمارية التوظيقية المصطبغة, كلغة الإسبرانتو2'), لم تكن لها جذورء وإثما 
استخدمت أو كان لها معنى لأسباب عملية فحسب؟ أم أن من المستحيل أن 
نتكلم عن عمارة إسلاميةء بحيث يتحتم على المرء أن يقصر فهمه لهذا 
الاصطلاح على القول بأن هناك عددا محددا من الطرز المعمارية الإقليمية 
المنفصل بعضها عن بعض؛ لم تصبح إسلامية إلا بطريقة عرضية؟ وآخر 
هذه الاحتمالات هو: هل حدث بالفعل تعديل إنشائي في كل أساليب العمارة 
في المناطق التي سادتها حضارة الإسلام» على نحو جعل من الميسور ظهور 
عمارة إسلامية ذات معنى كامل وجذور إسلامية عميقة عن طريق تغييرات 
محددة» أدخلت على عدد كبير من الطرز المعمارية التى يختلف بعضها عن 
on‏ 

يبدو لى أن هذه هى التساؤلات الحاسمة التى تثيرها دراسة تراث 
الا ag ca E‏ فا لات لا na Lal aues‏ شق الجمارة السيعية 
الأولى؛ وإنما في العمارة التي نشأت في عصر النهضة وعصر الفن 
الباروكي/”'". حيث أدخلت بالمثل أنواع معينة من التغيير على العديد من 
الأساليب المعمارية المختلفة. ومع هذا فلابد لنا من أن نسلم بأننا لا 
نستطيع الآن إلا أن نقوم بمجرد محاولة للإجابة عن تلك التساؤلات» لأن 
مستوى الدراسة في ميدان الفن الإسلامي لم يصل إلى الدرجة التي تمكن 
النظريات والأفكار العامة من أن تجد لها مكانا مقبولا فيما بين آراء فيها 
لغو ظاهرء وتخمينات لا يقوم عليها دليل. والواقع أننا نقدم بقية أجزاء هذا 
الفصل دون أن نكون واثقين إن كان هذا الموقف المتطرف أم ذاك هو الذي 
ينطبق على المحاولة التي نقوم بها. وسنحاول أول الأمر أن نحدد الملامح 
المعمارية العامة المميزة التي أنشئت في القرن الثاني الهجري/الثامن الميلاديء 
ثم صقلت خلال القرنين الثالث والرابع للهجرة/التاسع والعاشر للميلاد. 


295 


تراث الإسلام 


وهي الملامح التي كانت نقطة البداية لمعظم التطورات المعمارية التي جاءت 
بعد ذلك. ومن ثم سنتناول بعض الموضوعات الرئيسية التي تضمنتها هذه 
السمات العامة. ونضرب أمثلة لتطورها ومعناها التالى. وفى آخر الأمر 
مشحاول ANSE Ula RS ear ase Gi‏ اة ها 

منذ أن وضع جان سوفاجيه (اءعة۷٠ة5‏ .[) دراسته عن المسجد الآموي 
في المدينة-وبصرف النظر عن التعديلات التي قد يكون من الواجب إدخالها 
على Sas UR al aM ads‏ الاتفاق على أن الفن الإسلامي المعماري الجديد 
اتخن أهم أشكاله المميزة خلال العقدين الأخيرين من القرن الأول الهجري. 
وهما العقدان الأولان من القرن الثامن الميلادي؛ وأشهر أمثلة هذا الطراز 
الإسلامي الأول هو الجامع الأموي في دمشق الذي ما زال محفوظا بحالة 
جيدة: وإن كان فيه من الملامح الفريدة ما يجعل من الصعب النظر إليه على 
أنه نموذج كامل لذلك الطراز. وقد أصبح هذا الطراز المعماري الإسلامي 
الأول هو الطراز السائد خلال أربعة قرون على الأقل» وتنتشر الروائع التي 
تنتمي إليه في جميع أرجاء العالم الإسلامي؛ من الأندلس حيث نجد جامع 
قرطبة الشهيرء إلى مصر حيث نجد جامع ابن طولون وجامعي الأزهر 
والحاكم» إلى العراق حيث توجد جوامع سامراء العظيمة. ويكاد يكون في 
حكم المؤكد أن معظم المساجد الإيرانية الأولى تنتمي إلى نفس الطرازء 
بالرغم من أن النماذج المتبقية منها لا تعرف في معظم الآحيان إلا من 
النصوص المكتوبةء أو عن طريق المصادر الأثرية الجزئية. وهذا الطراز 
يمكن أن يسمى بحق «طراز البناء القائم على الأعمدة» «(Hypostyle)‏ لأن 
ميزته الرئيسية تكمن في إيجاد الفراغ باستعمال ماهر وإن يكن بسيطا 
للغاية. لعنصر معماري واحد وهو البلاطةء ويراد بها المساحة الواقعة بين 
حاملين (إما أعمدة أو دعامات). وهناك صور تكوينية مختلفة لهذا الشكل 
تنشأ من تعديلات في أوضاع الأعمدة. وقد لجأ العرب إلى استعمال الكثير 
من هذه التعديلات بالفعل. وأمكن في إطار هذا التكوين المرن إدخال عدد 
من الملامح الثابتة-قليلا أو كثيرا-على عمارة المساجد. كالصحون ذات 
الأشجار أو الخالية منهاء والمآذن والمحاريب التي كانت في بعض الأحيان 
تنشاً قبلها قباب للتشريف آو التجميل» وبلاطات محورية؛ أو مقاصير 
مخصصة لصلاة الأمراء تقام في العادة إلى جانب المحراب» أو نافورات أو 


296 


الفن والعمارة 


بركء أو أبواب أو بوابات؛ وإن تكن هذه الأخيرة قد نشأت بعد مضي بعض 
الوقت. أما الميضأة فكانت في معظم نماذج المساجد الأولى هذه توضع 
خارج المسجد . ولكل من هذه العناصر المعمارية تاريخها ومشاكلها. ولم يتم 
التوصل إلى تحليل مرض إلا للقليل منها. ولا داعي لأن نقوم بدراسة كهذه 
في هذا البحثء لكن ينبغي أن نؤكد على أن المحراب وحده هو الذي أصبح 
في زمن قصير شكلا مطلوبا لأسباب رمزية أو شعائرية: أما بقية عناصر 
المسجد فترك إنشاؤها لاختيار الناس. 

كذلك كان موضوع تزيين المسجد من الداخل متروكا للاختيار. فأحيانا 
تكون الزخارف غنية كما في جامع دمشق. أو تكون تابعة للخطوط المعمارية 
كما نرى في جامع ابن طولون. ونجدها في جامع قرطبة أو الأزهر مقصورة 
على مساحات قليلة من المسجدء في حين أننا لا نجد لها أثرا في جوامع 
سامراء ومساجد إسلامية صغيرة أخرى. وباستثناء عدد قليل من المساجد 
الأولى-مثل الجامع الأموي بدمشق las‏ وربما مسجد المدينة-نجد أن هذه 
الزخرفة لم تكن تحمل سوى معنى تصويري مباشر محدود؛ بمعنى أن 
الأشكال الزخرفية التي يمكن تبينها كانت تستخدم بقدر ما نستطيع اليوم 
أن نحكم في تجميل أو إبراز بعض أجزاء المبنى: ولكنها كأشكال زخرقفية؛ لا 
تؤدي وظائف معينة أو تحقق أغراضا تخدم شؤون العقيدة, كما هو الحال 
في الزخارف المصاحبة للعمارة الدينية المسيحية والبوذية والوثنية. وعندما 
iod] a i SS‏ 
وكانت مثل هذه المعاني تقتصر على التعبير عن التقوى» وذلك في الأغلب 
غن طريق نقش آيات من القران ن الكريم تناسب المعنى المطلوب» أو تقتصر 
على مسائل فنية أهمها تسجيل تاريخ إنشاء المسجد أو توسيعه. ولما كانت 
هذه الزخارف المكتوبة توجد داخل مبنى المسجد. فقد كانت تعبر بالنسبة 
إلى جميع العصور عن تقى الرجال الذين وردت أسماؤهم فيهاء ولكنها 
كانت تستخدم أيضا كعناصر زخرفية داخلة في تكوين المبنى. 

على أنه يمكن القول بصفة عامة إن المساحة الواسعة لبيت صلاة المسجد 
وصحنه» كانت أوضح الملامح التي تميزه. ولابد لنا من تفسيرها. ومن 
تقويمها في الوقت ذاته بوصفها إنجازا معماريا. وحتى إذا لاحظنا أن تلك 
القاعة ذات الأعمدة لها مشابه في ردهات معابد إيران المسماة باسم 


227 


تراث الإسلام 


عبادانات (303235م3) وبعض أجزاء المعايد المصرية القديمة أو أنواع معينة 
من أروقة الخطابة الرومانية (كسدهه5): فإنه يبدو لي أن مجال الشك قليل 
في أن صحون المساجد ذات الأعمدة لم تتأثر بأي طراز معماري آخر سابق 
عليهاء وإنما كان هذا الطراز ابتكارا إسلاميا خالصا. وهناك حجج كثيرة 
تدعم هذا الاستنتاج؛ وبخاصة أن هذا الطراز وتطوراته الأولى حدثت في 
المدن الجديدة التي أنشأها المسلمون في العراق؛ حين لم تكن توجد منشآت 
معمارية لها أروقة ذات أعمدة تشبه ما أنشأه المسلمون. وربما كانت هناك 
حجة أهم من هذهء وهي أن الحاجات أو المطالب التي أدت إلى إنشاء 
المسجد. كان لا يمكن أن تفي بها المنشآت المعمارية التي كانت قائمة عند 
ظهور الإسلام. فهذه الأغراض لم تكن في المكان الأول أغراضا دينية 
بمعنى أنه لم تكن هناك ضرورة إلى إقامة طقوس ظاهرة الملامح أو عبادات 
لن المجلفين بإنشاء ill ull foe‏ فبك سروى pple (pill cil lis‏ 
إنشاء مسجد الكوفة؛ كانت أرضه لا تزال غير مبلطة: وكان المصلون يشكون 
من أن الغبار يثور في أثناء الصلاة. مما كان يشوب نظافة المصلين ويؤثر 
في صحتهم. بل إن المسجد كان المركز الاجتماعي لكل أنواع النشاط العام 
والخاضن. وقد احتف 'لنا الكتاب القدامى يقضص غريبة تضون بخوادث 
ذات أهمية سياسية كبرىء أو وقائع غير ذات شأن وربما أشياء سوقية, 
وقعت في المساجد . وعلى ذلك فقد كانت المساجد منشآت لخدمة الجماعة 
الإسلامية بكل ما يتضمنه هذا التعبير من معنى؛ ومع ذلك» فبقدر ما كان 
التقليد الروماني العظيم للعمارة الضخمة ذات الهدف الاجتماعي لا يزال 
متبعا-وذلك على الأقل في المناطق الواقعة غربي الفرات-فإن أشكاله لم 
تكن تصلع لاستعمال السلمين الواقديق إلى هته الناطق digas.‏ تسيب 
رئيسي هو أن أنواع النشاط التي كانت تمارس في المسجد تختلف عن تلك 
التي كانت تزاوّل في أروقة الخطابة الرومانية أو الإغريقية (agora |yg> Sl)‏ 
ذلك أن المساجد كان استخدامها مقصورا على الأمة الإسلامية أي جماعة 
المؤمنين. وفي المدن القديمة بصورة خاصة مثل دمشق وبيت المقدس» حيث 
كان المسلمون أقلية في أول الأمر. كان لابد لمنشآتهم المعمارية من أن تكون 
صالحة لاجتماع كل المسلمين: للقيام بأوجه النشاط المتعددة الخاصة بهم 
وتكون في الوقت نفسه ذات أشكال تميزهم عن غير المسلمين بشكل ظاهر. 


298 


الفن والعمارة 


وهكذا فإن المسجد الإسلامي ظهر تلبية لحاجة مزدوجةء هي الحاجة إلى 
مكان عام يسع الجماعة الإسلامية وحدهاء والحاجة إلى مكان يتميز عن 
غيره من الأمكنة المسيحية والزردشتية أو اليهودية؛ وهكذا فإن المسجد لم 
يكن نتيجة مباشرة لطبيعة الفتوح الإسلامية التي أدت في أول الأمر على 
الأقل إلى :وضع السلدين :قن ضورة أخلية: أو جهلكهم يسكدون في مدان 
منفصلة (خاصة بهم). وفي كلتا الحالتينء لم يكن من الممكن استخدام 
المباني القديمة أو تقليدها. صحيح أنه وجدت حالات تم فيها تحويل بعض 
gf a Ust‏ المعابد الدينية الأخرى إلى مسناجك» لكن الشيء الذي يدهو إلى 
الدهشة هو أن ذلك لم يحدث إلا في القليل النادر. وفي حالات مثل دمشق 
Calg‏ اادد جوت clipa ES eds cll cadi ius cg‏ 
اتخذها المبنى بعد تحويله؛ لم تكن تشبه في شيء التركيب الروماني أو 
الهلينستي الأصلي. ولكن الأمثلة المشابهة لذلك نادرة. 

وهكذا لم تكن في العالم الذي فتحه المسلمون منشآت معمارية حية 
يمكن للمسلمين استعمالها مباشرة أو بتعديلات طفيفة لخدمة مطالبهم 
المحددة. ولم تقع سوى حالات قليلة حولت منشآت معمارية كاملة يعود 
بناؤها إلى ما قبل الإسلام إلى منشآت إسلامية . وفي نفس الوقت كانت 
التفاصيل الإنشائية الخاصة بعمارة المساجد الأولى تعود كلها إلى أصول 
نشأت قبل الإسلام. فالعقد والدعامة والعامود وترتيب البلاطات وطريقة 
عمل السقوف وإنشاء الأبراج والأساليب الفنية لعمل الزخارف كانت جميعها 
موجودة قبل الإسلام؛ وفي بعض الأحيان أخذ بعضها من عمائر قديمة. بل 
إن ابتكارات بارزة كالعقود المزدوجة والعقود الملفصصة المستخدمة في جامع 
ab 3‏ أو الدعامات الضخمة المبنية من الآجر في جامع سامراءء ليست 
سوى تعديلات» أي تغييرات لمواضع التركيز والاهتمام فيها . فالطابع الفريد 
للمسجد الإسلامي المميز ببهو الأعمدة, لا يتمثل في التحسينات الفنية 
الصغيرة التي ربما تكون قد أدخلت على أساليب الإنشاء القديمةء ولكنه 
يتمثل في أنه نجح في خلق تعبير معماري جديد عن طريق تشكيل وتنظيم 
العناصر التركيبية والإنشائية التي وجدت في العمائر القديمة؛ ولم تستغرق 
العملية إلا عشرات قليلة من السنين؛ وكانت مراكزها الركيسية في العراق 
والشام. ومن الطبيعي أن هذا الإنجاز يدل. بمعنى معين؛ على إمكانات 


299 


تراث الإسلام 


تستلفت النظر للأسلوب المعماري الذي يرجع إلى الهلينستية والرومانية. 
ولكن يشهد أيضا بتلك الطريقة الفذة التي تمكنت بها الجماعة الإسلامية 
الأولى الوثيقة الترابط» من المحافظة على شخصيتها والتعبير عنها تعبيرا 
معماريا منظورا وذلك باستعمال نفس العناصر الموجودة في حضارات الشرق 
الأدنى السابقة عليها. l‏ 

وبالإضافة إلى المعنى التاريخي لمسجد الصحن ذي الأعمدة. كانت له 
دلالة أخرىء ذلك لأن المسلمين عندما ركزوا جهودهم على تنظيم المساحة 
الداخلية للمسجد. بحيث تناسب الحاجات المتغيرة لجماعة في طور التوسع 
جعلوا من المسجد منشأة ذات مرونة ظاهرة وذلك بفضل بساطة تكوينه 
التي أتاحت إمكانية توسيعه أو تضييقه. ففي قرطبة مثلا أضيفت ثلاث 
زيادات إلى الجامع الأصلي» وتوجد مثل هذه الزيادات أيضا في جوامع 
الكوفة والبصرة وبغداد والقاهرة. أما المثال الوحيد الذي يمكن إثباته لحالة 
تضييق بين امباني الكبرى على الأقلء فهو المسجد الأقصى في القدس'. 
ومن الناحية النظرية تعتبر إمكانية تعديل شكل بما يتفق وحاجات الجماعة 
ظاهرة حديثة بصورة ملحوظة لم تكن معروفة في العمائر السابقة أو 
المعاصرة. أما من الناحية الجمالية فمن الواجب» على الأرجح» أن نعدها 
أقل نجاحاء لأنها جعلت من المستحيل قيام الواجهات والهيئات الفخمة 
والتنظيم المعماري الذي هو السبب الأكبر في القيمة التي اكتسبها كثير من 
المعابد الرومانية والكاتدرائيات القوطية. ومع هذا فلابد أن نذكر أن الغرض 
من مسجد الصحن ذي الأعمدة لم يكن جماليا بصورة عامةء ولم تؤد 
الظروف المحلية الخاصة إلى إقامة منشأة معمارية موحدة إلا في مبان 
غير عادية مثل مبنى الجامع الأموي بدمشق. والواقع أن بساطة أشكال 
المساجد الإسلامية الأولى وروح الجد التي تسودهاء تصوران بصورة بارعة 
صلابة العزم التي امتاز بها الإسلام في عصوره الأولى. وكذلك نظرة 
الإسلام العقائدية المتمثلة في أن الإنسان لابد له أن يعبد الله عبادة مباشرة 
دون توسط رجال دين أو أسرار غامضة. وفي البلاد الإسلامية التي يميل 
أهلها إلى المحافظة كالمغرب الأقصى نجد أن البهو ذا الأعمدة ظل لعدة 
قرون الشكل المعماري الوحيد المستعمل في إنشاء المساجد . بينما نجد في 
الغالب بالنسبة للبلاد التي فتحها المسلمون حديثا أو تحولت إلى الإسلام 


الفن والعمارة 


فيما بعد» مثل الأناضول والهندء أن البهو ذا الأعمدة كان الصورة الأولى 
التي بني عليها المسجد. وأن هذه الصورة ترمز دون شك لأنقى خصائص 
الإسلام» ولكنها كانت من البساطة بحيث أمكن فيما بعد تطويعها لأي 
تقليد معماري. 

أما العمارة الدنيوية فكانت شيئًا مختلفا كل الاختلاف. فلم يكن هناك 
طراز معماري عربي أو إسلامي مبكر يمكن اتباعه. وباستثناء ما عرف عن 
المسلمين من عزوف عن حياة الترف والبذخ يصاحبه ارتياب مشوب بالإعجاب 
أحيانا إزاء الأساليب الأجنبية» فلم يكن هناك تحريم ديني أو معارضة 
فكرية لاستخدام أي شكل من أشكال العمارة الدنيوية. وعلى العكس من 
ذلك فإننا نجد أن نفس التطلع إلى العيش ضي المدن: الذي كان يميز الأجيال 
الإسلامية الأولى. كان يتطلب تلقائيا اتخاذ أساليب في العمارة لم تكن 
معروفة أو خاصة بالحياة في جزيرة العرب قبل الإسلام. والواقع أننا لا 
نعرف إلا القليل؟'؟ عن الشكل الذي اتخذه هذا الاتجاه من الناحية المعمارية. 
ويحتمل أن يكون ذلك الشكل والظروف التي أحاطت به قد اختلفت من 
إقليم إلى آخر. وعلى ذلك فليس من الممكن أن نحددء بناء على الخلفية 
المعمارية البسيطة للحياة الإسلامية؛ أسلوبا يتسم بأنه «إسلامي» في 
مقابل أسلوب معين سابق على الإسلام؛ كما لا يمكننا أن نقول بظهور 
نمط معماري جديد مماثل لنمط المسجد. 

وتختلف الصورة عندما ننتقل بعيدا عن العالم اليومي للناس» من منازل 
وشوارع وأسوار وحمامات وقنوات وأسواق» لنصل إلى مباني الأمراء. هنا 
نجد آنفسنا آمام مفارقة عجيبةء فبينما يمكن التحقق من مواقع نحو 
ثمانين مبنى كانت في الغالب قصورا إسلامية أولى» فإن النصوص لا 
تذكر سوى أكثر قليلا من عشرة من المباني التي توصف بأنها كانت فريدة 
على أي نحو. ولا نملك شواهد معاصرة تعرقنا بالمنشآت الضخمة التي 
اكتشفت في خربة المفجر وقصير عمره. وجبل سيسء وقصر الحير الشرقي 
وقصر الحير الغربي والأخيضر”'. 

وربما كان السبب في ذلك يعود إلى أن أصحاب النصوص المكتوبة لم 
تتوافر لهم المعلومات الكافية عن هذه المباني؛ أو أن تلك المباني كانت من 
نمط شائع إلى درجة لم تكن تدعو معها حاجة إلى ذكرهاء وقد يرجع ذلك 


تراث الإسلام 


إلى أنها كانت منشآت قنية خاصة ولا تكون جزءا من التاريخ الإسلامي 
الرسمي في عصوره الأولى: كما كتبه المدونون الأوائل. ولسنا في حاجة إلى 
الاهتمام في هذا البحث بمناقشة الفروض والتفسيرات المختلفة التي يمكن 
أن تكتب حول تلك السلسلة غير العادية من مباني الأمراءء وذلك فيما عدا 
ales‏ هي أنه على الرغم من أن تلك المنشآت كانت كلها ذات أنماط 
متشابهة؛ فإن معرفتنا بها تجمعت من أنواع شتى من الأصول. فلدينا من 
ناحية قصور بني أمية في بادية الشام» التي لم نعرفها إلا عن طريق 
الحفائر الأثريةء ولدينا في الطرف المقابل تلك المباني التي أقيمت في 
بغداد والتي لا نعرفها إلا من النصوص. وفيما بين هذين الطرفين نجد 
منشآت أخرى كمباني سامراء في العراق ومدينة الزهراء في الأندلس؛: 
وهي أبنية توافرت لدينا عنها معلومات غير كاملة مستقاة من النصوص 
والآثار“. وعندما ندرك أن المصادر الأثرية (الأركيولوجية) لم تنشر قط 
نشرا صحيحاء وأن هناك نصوصا كثيرة ليست واضحة بالقدر الكافي, 
يتضح لنا أنه من العسير الوصول إلى تعريف وثيق لطراز تلك القصورء وأن 
استنتاجاتنا لابد أن تكون من قبيل المحاولات ليس غير. 

وبصورة عامة يمكننا أن نتبين ثلاثة موضوعات رئيسية في فن عمارة 
القصور الإسلامية الأولىء لم يكن أي منها إسلاميا خالصا في نشأته. 
ولكنها جميعا قبلت فيما يبدو على أنها أجزاء من نسيج الحياة الدنيوية 
للأمراء. والموضوع الأول هو الفصل فصلا تاما بين منشأة الأمير والعالم 
المحيط بهاء وهو فصل ربما نجد أصوله في عمارة الدارة-الفيلا-المدينية 
(an2طurb )V¡11a‏ والدارة الريفية Je Q9 UIS cj (Villa rustica)‏ 
الرومان القدماء" . ويتجلى هذا الفصل في أكثر صوره تطرفاء في القصور 
الفخمة التي أنشأها أمراء بني أمية في مواضع خافية عن الأعين في 
ممتلكاتهم التي كانت تقع في جميع أرجاء بادية الشام. كما يتضح في 
سامراء أو في القصر الشديد التحصين في الكوفة. وينفرد القصر الأول 
الذي أنشئ في بغداد بأنه لم يكن بعيدا عن الناس كل البعدء لكن يلاحظ 
في ذلك أن كل مخطط مدينة بغداد كان يحمل طابعا شبيها بطابع القصور, 
ولم يظل جزؤها الأوسطء وهو القصر ذاته مستخدما مدة طويلة. وأول 
نتيجة لبعد تلك القصور عن الناس هي أن السمة المميزة للقصر من الخارج 


الفن والعمارة 


هي أسواره ذاته؛ المزينة بالأبراج» وربما بواباته المهيبة. والنتيجة الثانية 
الأهم هي أن داخل القصر يبدو كما لو كان أسطورة وذلك لأن القصر 
البعيد المنال عن معظم الناسء والذي كان في كثير من الأحيان يتحول إلى 
مدينة كبيرة مسورة داخل المدينة. يصبح مصدرا لأقاصيص وحكايات 
ومغامرات» وكل أنواع الحوادث الغامضة التي يصعب فيها الفصل بين ما 
هو حقيقي وما هو من نسج الخيال. ولا تبقى إلا بوابة القصر رابطا ماديا 
بين حياتي القصر الواقعية والأسطورية. 

والموضوع الثاني من موضوعات هذه القصور يعتبر أكثر تحديدا . فكما 
هو الحال بالنسبة للمساجد-وباستثناء بغداد ومجموعة صغيرة من المنشآت 
الأموية التي أقيمت تقليدا للقلاع الرومانية-لم تكن القصور الإسلامية 
الأولى منظمة تنظيما كبيراء كما أنها لم تكن منشآت معمارية مخططة 
حقيقياء وإنما كانت تتكون من سلسلة من الوحدات المكتفية بذاتهاء والتي 
يمكن تعديلها أو زيادتها أو إزالتها أو إحلال غيرها محلها حسب تغير 
الحاجة والمزاج. وضمن تلك الوحدات نجد مساجد ومصليات وحمامات 
وقاعات استقبال مختلفة الأشكال والمستويات؛ وأبهاء ذوات نافورات وحدائق 
وبوابات وخمائل خاصةء وعدد اكبيرا من أجنحة السكن وأقسام للخدمات 
المختلفة. وكل واحدة من هذه الوحدات يمكن أن تقوم بنفسها كمتشأة 
معمارية منفصلة fis)‏ الحمام المفرد في قصير عمره) أو كخلية في تكوين 
كبير. ولم تكن أي من هذه الوحدات فيما يبدو ابتكارا إسلامياء بل ريما 
كانت أصولها رومانية أو إيرانية. والنقطة المهمة في هذا الموضوع هي أن 
القصر لم يكن يمثل وحدة مخططة ومنظمة على أساس جمالي» وإنما كان 
سلسلة من العناصر المنفصلة التي لم يكن يربط بينها سوى عدد صغير من 
النشاطات المألوفة التى كانت تميز حياة الأمير. ويدخل فى ذلك قاعات 
الاستقبال؛ التي PEE T.‏ يبلغ رجا كيو هادية ين الشخامة بالإضافة 
إلى غرف اللهو والمرح والتسلية والشراب والاستحمام والغناء وغيرها. 

والموضوع الثالث والأخير. هو أن القصر كان يمثل ميدانا أوسع بكثير 
من المسجد لتشجيع الزخرفة. فكانت تستعمل فيه الفسيفساء والتصاوير 
الملونة والمنحوتات الحجرية أو الجصية. من أجل تحقيق أهداف زخرفية أو 
تصويرية بلغت من التنوع المذهل حدا جعل الناس-بعد اكتشاف قصير عمره: 


تراث الإسلام 


والمشتى/”2. وحتى خربة المفجر-يشكون في مبدأ الأمر إن كانت تنتمي إلى 
sal he‏ وي :ذلك ها و بين ا ها وااو ا هو 
عه قليل من الكروة الزخرطية التي امعازت بها فصر الإسلامة الأولى 
لأثنا ينغي أن تشخيل تاك القصون بكامل زينتها من الأقمشة الغالية والكقيات 
الكمينة الت جتيعها الأمراك من شن تواحي الدفيك aja (ua diy‏ 
اأ الى رها اتر مو يه dre‏ هال Les cud‏ 
aal e y cll oap a‏ اسا لامر اف والطر راشان 
التصاوير المجلوبة من أصقاع عديدة وعصور مختلفة. أما عملية جمع ذلك 
AA a cL‏ لرن إلى النتانيب ويقخاظ ان ما 
کی کے blais uaa fos‏ آل ا هو ال ان هذا 
التحول قد حدث بالفعلء لأننا نجد في الأجزاء الباقية من قصور سامراء 
guts Sally ya Sng‏ معينا مخ الأسلوب الكلابي هن الشكل: 
ومع هذا فإن ذلك ميدان فسيح لأبحاث تقوم على الحدس والتخمين أكثر 
su Disce Da deaf e‏ ا 

هذه Gale St‏ لوجر صن اكعن EAN‏ الآرل ريمال تكن فد 
clas Loli ysl Bales ata pe Lila uad‏ وتغنها يمكن أن 
كزودنا يسدصن الخروطظ أو النترق الق مط اد اعا آن تخ بهو 
مفيدة العمائر التي ظهرت بعد ذلك. وأحد هذه الخيوط هو السهولة غير 
العادية التي تم بها إيجاد غمارة إسلامية: ومن أسباب هذه السهولة دون 
شك أن عمارة القرون السارعة كانت تطوع تسيا تلع اا رة اکى 
تظلبها الإسلام: وساك:فيما ببدوسبي ill ST‏ هو أن القرطن الأساسي 
للعمارة الاسلائية الدنية ل digna JUS ule A aL Lu cg‏ 
إيجادهاء بل يتمثل في als A uaa cob a ces yat‏ ن ما اة 
ات کن و اتات ال اف ل ج ان ا هة 
al lo db aa AS e od de Lan e boat c‏ س 
وعبادات تفرضها العقيدة. كذلك فإن القصر كان مرتبطا بأداء نشاطات 
أخرى وعقد اجتماعات وتحقيق ألوان من المسرات» وهي نشاطات لا يرتبط 
آي منها بصورة معمارية معينة ارتباطا ضروريا. والنتيجة التي تترتب 
RNN LE‏ ا واا ليس 


304 


الفن والعمارة 


مجموعة من الأشكال» وليس أسلوباء بل هو طريقة لتحويل الأساليب» 
وصفة أو مجموعة من الصفات تفرض على مجموعة متباينة من الأشكال؛ 
ويمكن أن نسميها «جوا معماريا خاصا». 

وهناك نتيجة ثانية هي أنه بينما كانت العمارة الدينية مقيدة من حيث 
أشكالها وأغراضهاء ola‏ الفن الدنيوي. وبخاصة في بناء القصور لم يكن 
كذلك. ومن هنا فإن الاستنتاج الذي يمكن أن نتوصل إليه حتى فيما يتعلق 
بالعمارة الإسلامية الأولى. هو أن روح العمارة الدنيوية كان غالبا وقدم 
للمعماريين دون شك ميدانا أوسع للتطور مما قدمته العمارة الدينية. فقد 
غدا هذا الميدان بسهولة البوتقة التي انصهرت فيها تلك العناصر المعمارية 
المتنوعة بغير حدودء التي استمدتها الحضارة الجديدة من التراث الماضي 
للبلدان التي فتحها المسلمونء بحيث أمكن صب هذه العناصر في قالب 
يمكن أن نسميه إسلاميا على التخصيص . وأخيرا فإن الزخرفة المعمارية 
برغم أنها كانت مقيدة إلى حد ما في عمارة المساجدء قد لعبت دورا كبيرا 
في المنشآت الأولى للعمارة الإسلامية. وقد دخلت فيها أساليب فنية كثيرة 
وموضوعات شتى؛ وعلى ذلك فإنني أود أن أبحث في تطور العمارة الإسلامية 
التي قامت بعد ذلك عن طريق دراسة تلك الخيوط الثلاثة التي كان لها 
أكبر الأثر في ذلك التطور. وهي الزخرفةء واستلهام العمارة الإسلامية 
لأشكالها من مصادر دنيوية؛ وتحويلها للأشكال التي وجدتها. 

من الممكن القول إن الغالبية العظمى من مبتكرات العمارة الإسلامية 
المهمة والأكثر أصالة. قد صدرت عن حاجات وأذواق مغايرة لتلك التى 
ف ن ا ا Gebel‏ سيوف ينها 
NR‏ ا el‏ قل ارشاطا بالأمنالاد مومطالب: فة وتا 
نبحث في موضوعات الفنون الدنيوية قلابد أن نتعلم كيف نميز بين أنواع 
الموضوعات الإسلامية الخاصة وبين تلك العناصر التي كان العالم الإسلامي 
يشترك فيها مع حضارات أخرى قائمة أو بائدة. ولكن هذا الأمر مع الأسف 
غير متيسر في المجال المتاح لنا هناء ولذا فلابد لنا من أن نقصر كلامنا 
على دراسة عدد قليل من المباني وعلى الاستنتاجات التي يمكن أن تخرج 
بها من تلك الدراسة. 

وكان القصر الملكي أو الأميري هو أكثر مبنى يحمل طابع العمارة الدنيوية 


تراث الإسلام 


غير أننا نلاحظ أن القصور التي أنشئت بعد القرن الثالث الهجري/التاسع 
call‏ كانت أقل قدرة على البقاء من تلك القصور التي بنيت في القرون 
الأرك للعنضاية الاي ولذ فى الخرافب الأكزية والأوصاف الأددية 
هي أفضل وسيلة نملكها لمعرفة قصور القاهرة في القرن الخامس الهجري/ 
الحادي عشر الميلاديء ولمعرفة المنشآت المغولية التي بنيت بأشكال مبالغ 
فيها وعلى عجل في أذربيجان أو قرب سمرقند, أو القصور العديدة التي 
أنشئت في المدن والأرياف في المغفرب وصقلية في وادي الفرات في القرن 
السابع الهجري/الثالث عشر ميلاديء وفي الأناضول وإيران كلها وفي 
العصور الأولى للهند الإسلامية. لكننا ينبغي أن نستثني من هذه الخرائب 
والأوصاف الأدبية ذلك الب العظيم Mian‏ زا عى ر الحا رک 
غرناطة©". ومع أنه من غير المأمون اتخاذ أثر واحد يقع في أقصى غرب 
العالم الإسلامي أساسا للحكم على الحضارة المعمارية الدنيوية الإسلامية 
بأسرهاء فإننا سنحاول عن طريق قصر الحمراء أن نتبين بعض الملامح 
الظاهرة للقصر الإسلامي في العصور الوسطى المتأخرة. 

يقوم قصر الحمراء على تل يطل على المدينة. وهو محاط بالأسوار وله 
طابع مبنى محصن. مع أن الحقيقة هي أن الجزء الأوطاً من المبنى الكبير 
فحسب يمكن أن يقال إنه أنشىّ لغرض حربي. والحمراء بموقعها ومظهرها 
المحصن تعتبر نموذجا لتقليد معماري يرجع إلى العصور الإسلامية الأولى. 
فهو جزء من المدينة ولكنه لا يقوم فيها تماما. وهو لا يكون فقط جزءا من 
التقليد الذي أطلقنا عليه اسم القصر الريفي المحصن, بل إنه تأثر بتطور 
معماري ظهر بعد ذلك وهو القلعة؛ أي الحصن الذي يقام في المدينة. 
وأصل هذه القلاع غير واضح. والراجح أن عوامل وأصولا كثيرة منفصلة 
اشتركت في تكوينهاء منها: تقليد إيراني قديم قبل الإسلامء ونمو طبقة 
العسكريين المتميزين الذين ينتمون إلى أجناس بشرية مختلفة عن سكان 
المدينة؛ وبالإضافة إلى شعور عام بعدم الأمان واكب ازدياد قوة المدن وأهلها . 
ومهما كانت الأسباب التي أدت إلى ظهور القلعة فإنها غدت ابتداء من 
القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي المظهر المميز لمعظم المدن؛ مع 
اختلافات إقليمية في أشكال هذه القلاع. ففي بعض الأحيان نجد القلعة 
قائمة على موقع مشرف يستوقف النظرء كما هو الحال في قلعة حلب 


306 


الفن والعمارة 


وقلعة القاهرة. ونجدها في أحيان أخرى لا تكاد تظهر بين مباني المدينة 
مثلما يلاحظ في قلعة دمشق. ولم تأخذ القلعة قط الصفات الأسطورية 
التي أضفيت على القصور الملكية الأولى:. مع أن بعض المصادر المكتوبة 
والمخلفات الأثرية القليلة تشير إلى أن كثيرا من القلاع كانت تحتوي على 
العديد من مرافق الحياة المنزلية. وتؤكد هذه القلاع أهمية النماذج العسكرية 
في تطور العمارةء وذلك فيما يتعلق بتجديدات فنية مثل إقامة العقود, 
وتخطيط البوابات والأبراج المشتقة كلها من عمارة القلاع. 

وإذا كانت السمة الأولى التي تميز الحمراء تتمثل في الحصن الذي 
يمكن ربطه بتقليدين منفصلين من تقاليد العمارة الدنيويةء فإن سمتها 
الثانية تتمثل في أن مساحتها الكبيرة لا تشغلها وحدة معمارية واحدة, 
ولكنها تضم سلسلة من الوحدات المعمارية. وبعض هذه الوحدات حدائق 
فيها خمائل أو قصور ريفيةء أقيمت بشكل فني على سفح الجبلء وتعتبر 
هذه الحدائق جزءا من تقليد إسلامي يمتد حتى إيران والهند . وأشهر 
ما بقي لنا من وحدات قصر الحمراء وحدتا بهو السباع وبهو الريحانء 
حيث نجد مجموعات من الغرف المربعة والمستطيلة تقوم حول أبهاء فخمة. 
ويبدو أن إضافة زيادات إلى المبنى الأصلى كانت تقليدا مميزا للمنشآت 
اة اوم Sl NAL gpa las wlth sa Dant Lio ssi ad‏ 
التي أنشئت في العصور المتأخرة. وترجع أصول طريقة الإضافات هذه إلى 
القصور الكبيرة التي بنيت في سامراء. 

وأهم ما يلاحظ في منشآت الحمراء هو أن عددا قليلا جدا من القاعات 
والأبهاء يمكن الوقوف على الغرض الذي أنشيّ من أجله من الناحية المعمارية. 
إذ يبدو أن انفصالا عجيبا وقع بين المبنى والوظيفة التي كان يؤديها . فكأنما 
الأشكال الفردية التى يمكن تمييزها بألفاظ اصطلاحية معمارية. مثل 
الأبهاء والظلات اكرضوغة على اعمتد 8 والقاهات اكريعة أو الستطيلة وما 
إليهاء كانت أشكالا عامة تخدم أغراضا شتى من قاعات الاستقبال التقليدية 
إلى ألوان مختلفة من التسلية. وفي هذه النقطة, كما في جانبها العسكري, 
تمثل الحمراء ظاهرة معمارية تنطبق على العالم الإسلامي كله. مثال ذلك 
أن العدد الكبير من الخمائل والقصور الصغيرة المعروفة في القاهرة 
وإستانبول وقونيه وأصفهان» كانت أيضا وحدات معمارية تقليدية بسيطة 


307 


تراث الإسلام 


(وهذه في العادة تكون عبارة عن وحدة ذات قبة) لا تدل بنفسها على أن 
لها وظيفة محددةء ومن الممكن كذلك أن تستخدم في أغراض شتى. وقد 
يبدو للوهلة الأولى أن هذه الأشكال المعمارية تختلف كل الاختلاف عما 
نجده في معظم آثار العمارة الغربية, إلا أن تلك الميزة الإسلامية التي 
نجدها في عمارة العصور الوسطى (أي ميزة إنشاء غرف وأبهاء لأغراض 
شتى) تشبه إلى حد بعيد ما يعرف في عمارة اليوم باسم الغرف المتعددة 
الأغراض. ولكن لكي نتأكد من هذا الرأي فإن هذه النقطة ما زالت بحاجة 
إلى مزيد من الدراسة. وبخاصة فيما يتعلق بمعرفة معاني الألفاظ 
والمصطلحات, لأن من الأهمية بمكان أن نعرف على وجه الدقة المصطلحات 
التى كانت تطلق فى عصر واحد على أجزاء القصر المختلفة. 

ها السمة a uL‏ الثالثة التي تميز الحمراءء فهي الأهمية الكبرى 
التي أعطيت لزخرفتها . وسنعود في الفصل التالي إلى الحديث عن المظاهر 
الفنية لهذه الزخرفة؛ لكن النقطة المهمة هناء هي أن الزخرفة تكوّن أكثر 
العناصر تأثيرا في النفس عندما يتأمل المرء المبنى من الداخل. فالطابع 
الفخم لموضوعات زخرفة القصور وأساليبها الفنية, سواء في إيران أو آسيا 
الوسطى أو تركيا واضحة تتحدث عن نفسها . والسؤال الذي لابد أن نوجهه 
هناء هو ما إذا كان لهذه الزخرفة هدف آخر غير التجميلء وما إذا كانت 
أهدافها تقتصر على الناحية الجمالية والزخرفة المترفة. والفضل فى 
محاولة الإجابة عن هذا التساؤل يرجع إلى يسة ف: بارجيوهن 7 
(Bargebohr‏ الذي تضمن تفسيرا لهذه الظاهرة مستمدا من قصر الحمراء. 
alls‏ 53 من الممكن القول بأن جانبا كبيرا من هذه الزخارف-من نافورة 
بهو السباع» إلى القباب الرائعة ذات المقرنصات القائمة على أعمدة ودعامات 
دقيقة نحيلة-ترتبط بأسطورة تدور طوال العصور الوسطى حول شخصية 
سليمان النبي الملك. فالإحساس الذي تبعثه فينا هذه الزخارف بأننا إزاء 
فردوس ينتمي إلى عالم ينفصل عن عالمناء والحدائق: والحيل الزخرفية 
والأشكال الباهرة؛ كل هذا ريما كان محاولات للتعبير؛ من خلال أشكال 
أرضية: عن الرؤية الرائعة لما صنعته الجن لسليمان الحكيم وملكة سب . 
ولا نستطيع في حدود بحثنا هذا أن نعدد الأمثلة الكثيرة القائمة في جميع 
أرجاء العالم الإسلامي والتي تؤيد هذا التفسير. لكن ما أريد أن أؤكده 


الفن والعمارة 


هناء هو أن الأسطورة السليمانية لم تكن ابتكارا إسلامياء بل كانت بصفة 
عامة ظاهرة شائعة في العصور الوسطىء وظلت قائمة في الغرب حتى 
عصر الباروك. وبهذا المعنى يمكن القول إن فخامة عمارة القصور الإسلامية. 
كما هو الحال بالنسبة للنسيج الذي صنعه المسلمون والمشغولات الفنية 
التي أبدعوهاء كان لها جميعا أثر فني واسع جاوز حدود عالم الإسلام, 
ويمكن أن تعد آثارها نماذج كبرى للفن في العصور الوسطى بوجه عام. 
ومع ذلك فليس من الصواب أن نضرب أمثلة للعمارة الدنيوية الإسلامية 
من خلال القصور وحدهاء لأننا نجد في عدد من الميادين الأخرى أن ما 
ii‏ المسلمون: وإن كان أقل استرعاء للنظر؛ كان أكثر تميزا إلى حد بعيد: 
وأكثر ما يهمنا هو طابع الفخامة الذي أضفى على الكثير من المنشآت ذات 
الأغراض المدنية العادية. كالمدارس والدكاكين والفنادقء والمارستانات, 
ومواضع الاستراحة على طول الطرق التجارية؛ والحمامات وأسبلة المياه 
في الشوارع: وحتى مخازن البضاقع الكبيرة المعروفة بالوكاكل77©. فقد 
أنشئت لهذه المرافق واجهات ضخمة وزخارف فخمة؛ واستخدمت فيها 
أحدث أساليب الإنشاء وأدق الحيل الفنية المعروفةء كما هي الحال مثلا في 
الخانات أو منازل القوافل الفخمة التي بنيت في الأناضول في القرن السابع 
الهجري/الثالث عشر الميلادي2". وينبغي أن نلتمس أسباب هذا التطور 
في عدد من الخصائص الاجتماعية والدينية التي يتميز بها العالم الإسلامي. 
كالأهمية التي أضفاها الإسلام على العمل إلى جانب الإيمان» مما شجع 
الناس على القيام بنشاط اجتماعي» وكذلك القوة التي وصلت إليها طبقات 
المياسير (البورجوازية) في المدن الإسلامية؛ بما لها من ذوق ومن حاجات 
خاصة) وقیام نظام الأوقاف أو الحبوس الذي حث الناس على إقامة 
منشآت خيرية ومؤسسات اقتصادية عديدةء كان يباركها الدين ويحميها 
من المصادرةء ناهيك عن ميل الناس في العصوى الوسطى إلى استغلال 
Ae all 2 a‏ وبا تفلي الأشتكان 
التي استخدمت في هذه الأنواع المختلفة من المباني بصرف النظر عن 
وظائفها. فالواجهات مثلاء وهي أول ما تقع عليه العين من المبنى وأكثر 
أجزائه ظهوراء تجعل من المستحيلء إلا في أحوال نادرة؛ أن نميز مسجدا 
من فندق (خان) أو مدرسة. فهنا أيضا نرى أن النشاط الإنساني الذي كان 


309 


تراث الإسلام 


يمارس في المبنى-والذي نتعرف عليه اليوم من خلال الكتابات المنقوشة 
على المباني المهملة؛ أو عن طريق اختلافات يسيرة جدا في الشكل والهيئة- 
هذا النشاط كان السمة الفعلية الميؤة للميتى» أما شعله الظاهر وخطة 
إنشائه وزخارفه فكانت مجرد مظهر للثراء والاستهلاك المظهري في عصرها 
دون هدف وظيفي ضروري أو علامة تعرفنا بحقيقته. ولكن. وبصرف 
النظر عن هذه الملامح الفريدة الخاصة بالعمارة الإسلامية؛ فإن الأمر 
الذي يهمنا هو أنه منذ أيام الإمبراطورية الرومانية لم نشهد تطورا يماثل 
هذه الملامح في الإنشاء المعماري الضخم لأغراض مدنية شتى. وبالرغم 
من أن هناك عددا من الأمثلة على وجود تخطيط منظم لمدن تفي بهذه 
الوظاكف (كما تجن في سمرقتن وأصفهان وإسكاتبؤل) فإن معظم المدن كان 
نموها دون نظام وحيثما اتفق. وفي العمارة الدينية نفسهاء كان ظهور 
الواجهات الضخمة ابتداء من القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي200, 
وكذلك نمو القباب التي كانت تنشأ فوق بلاطة المحراب؛ وتعدد المآذن 
المثقلة بالزينةء إضافة إلى النمو العظيم للروضات» كل ذلك كان من شأنه 
آن يزيد من شهرة البمن او الرجال الدئ أنشاره بوساكل اقرب إلئ ينا 
يحدث في الفن الدنيوي منها إلى الفن الديني؛ فلا مبالغة إذن في أن 
يذهب ينا elei‏ اخول يان العهارة الاسللامية يتو ذا ةة 
دنيوية واعيةء في إطار فن العصور الوسطى الذي ينظر إليه الكثيرون 
على أنه يدور حول محور الدين. 

وقد أوضحنا فيما سبق أن الزخرفة كان لها منذ البداية الأولى دور 
كبير في العمارة الإسلاميةء وبخاصة في المنشآت المدنية. واستمر الاهتمام 
بالزخرفة على طول القرونء حتى أننا نجد في الحقيقة أن وفرة الزخارف 
التي تخفي المبنى نفسه في بعض الأحيان هي التي ميزت العمارة الإسلامية 
اكد وكين إتشاء قب المبجرة كي القدامى ,عام :هار لقي elamis‏ 
الإيرانية في العصر الصفوي. وبالنسبة لتطور الزخارف الجصية واستعمال 
أساليب غير عادية في ترتيب وضع الآجر بحيث يكون أشكالا زخرفية!"©, 
نجد أن كثيرا من هذه الأعمال الفنية ابتكار فني أصيل في ميدان الزخرفة 
المعمارية الإسلامية. كما تتضمن تلك الأعمال موضوعات زخرفية فريدة 
في بابها وجديرة بالدراسة. ولكن ما أريد أن أناقشه هنا هو ناحية مختلفة, 


الفن والعمارة 


وربما أكثر أصالة في هذه الزخرفةء وهي الطريقة التي كان يربط بها بين 
(ull‏ وزخرفته. لأننا من خلال ذلك نعرض واحدة من مشاكل العمارة 
الإسلامية التي دار حولها أكبر قدر من الجدل. 

نستطيع أن نتبين في القباب القائمة عند محراب جامع قرطبةء ارتباطا 
وتآلفا غير عادي بين القبة وعناصر معمارية مثل الضلوع أو العروق كان 
التي تدعم القبة فيما يبدوء والتي دلل العلماء على أنها تكوّن جزءا جماليا 
مع القبة نفسها . وتصاحب الضلوع أي العروق دائما مثلثات كروية (وعطعهنناو5) 
في أعلى أركان المبنى» وهي وحدة متميزة وضرورية لحمل القبة التي لا 
تحمل شيئًا في هذه AM‏ في حبن آن العقود انفغصصة (Polylobed arches)‏ 
قد قسمت إلى عقود مكسورة”؛ وأعيد تكوينها. وبعد قرن من الزمان 
وجدنا في القبة الشمالية لجامع أصفهان الكبير. تقسيما غير عادي 
للدعامات يتفق مع كل جزء من البناء القائم فوقهاء مما يعطي صورة نوع 
الشبكة المعمارية التي تملأ ثقوبها بآجر حافل بالزخارف. ومع ذلك فهنا 
أيضا يبدو. من وجهة نظر علم الإستاتيكا ءعناهاءء آن المعماري صنع كتلة 
واحدةء بدلا من أن يقيم سلسلة من الأشكال المتآلفة والمتوازنة بين أجزاء 
منفصل بعضها عن بعض في المبنى . ومنذ أقدم الأشكال التي وجدناها 
لاستخدام المقرنصات التي تشاهد في روضة تيم ٠۳‏ وفي التكوينات الفخمة 
القائمة في العمارة الإيرانية الصفويةء وفي الواجهات القاهرية والقباب 
الأندلسيةء يبدو لنا أن المقرنص هو نوع أو حيلة فنية تقوم على استخدام 
عدد صغير من الأشكال المثلثة الأبعاد ملتصق بعضها ببعض بحيث تبدو 
في هيئة زخرفية تستعمل في الأفاريز. وتظهر المقرنصات أحيانا دون 
هدقف إنشائي» وإن كانت وفي نفس الوقت تبدو وكأنها عملت من وحي 
التصميم المعماري للمبنى» ونجدها في بعض الأحيان توجه النظر إلى 
أجزائه الرئيسية. 

هذه الأمثلة الثلاثة-مَبئَيان أثريان محددان وعنصر معماري-كانت كلها 
سمات مبهمة القيمة من ناحية أنها جميعا كانت ذات معنى بالنسبة إلى 
إنشاء المبنى-أو على الأقل يمكن أن يكون لها معنى-ومع ذلك hi ola‏ منها لا 
يبدو وكأنه من عناصر الإنشاء. ففيها مزج فريد بين المعنى الإنشائي والقيمة 
الزخرفية؛ غير أن الأهمية الخاصة بكل من هذين العنصرين يمكن أن 


تراث الإسلام 


تتفاوت تفاوتا ملحوظا من حالة إلى أخرى. وهناك طرق متعددة لتفسير 
هذه الظاهرة الإسلامية المنتشرة في كل مكانء والمناقشة فيها ما زالت 
مفتوحة. وتوجد لكل من هذه الطرق حجج وجيهةء ولكنها جميعا غير 
مقنعة تمام الإقناع. فمن الممكن القول إن هذه الأمثلة تصور في المقام الأول 
حلولا لمشاكل إنشائية تحولت من الإنشاء إلى الزخرفة. ويمكن القول كذلك 
بأن الدافع الزخرفي كان هو الأساسء وأنه في حالات ida à A SL ul‏ 
حدث أن أعطيت قيمة إنشائية لأشكال كانت زخرفية أساسا؛ كما حصل 
في الآأندلس في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي. وفي إيران ومصر 
في القرنين الخامس والسادس للهجرة/الحادي عشر والثاني عشر للميلاد . 
وربما استطعنا القول-تماشيا مع آرائنا السابقة حول العمارة الدنيوية-إن 
هذا التطور الخاص في الزخرقة المعمارية الإسلامية إنما هو مثال آخر 
لذلك الغموض أو الإبهام الشكليء الذي لا ينبغي فيه أن نحكم على الأشكال 
المنظورة للعمارة بناء على علاقتها المتغيرة بذلك التضاد الذي قال به 
فتروفيوس7" بين الإنشاء ABS My‏ وإنما ينبغي الحكم عليها بناء على 
الأثر الذي تعطيه لأي مبنى واحد أو وحدة واضحة من المبنى. وفي الحالة 
الثانية يمكن أن يصبح التضاد بين الزخرفة والإنشاء مشكلة Adsl‏ مثلها 
في ذلك مثل سوء الفهم الذي ينشأ عن البناء الصوتي لكلمة أو الخطأ في 
ترجمة عبارة من العبارات. f‏ ۰ 

وما زلنا في حاجة إلى كثير من التفكير والبحث النظريين حتى يمكن 
تأكيد هذا التفسير الأخير. على أن هذا التفسيرء من حيث إنه فرضء له 
ميزات متعددة: فهو يضع مسألة الزخرفة المعمارية في سياقها الثقافي 
والزمني بدلا من الحكم عليها بناء على معيار خارجي ما. وهو يفسر 
التناقض الظاهر في استعمال موضوعات معمارية دون أن تكون لها وظيفة 
معماريةء كما يفسر تحول الجدران ووسائل تدعيم المبنى إلى لوحات زخرفية 
كالنسجيات المنقوشة:؛ أو إلى تصاوير عن طريق اللون والأشكال الزخرفية. 
وهو أيضا يضطرنا إلى أن ننظر بإمعان أكثر إلى الأثر الكلي الذي يحدثه 
فن معماري معينء لا إلى أجزائه المختلفةء وأن نستنتج عند النظر إلى عمل 
فني» لا إلى عمل صغير ذي طابع خاصء أن أهمية العمل الفني ككل تزيد 
على أهمية مجموع الوحدات التي يتألف منها. وبهذه الطريقة يمكن مثلا 


الفن والعمارة 


أن نفسر تفسيرا صحيحا القباب ذات المقرنصات الموجودة في الحمراء 
على أنها سماوات تدور. إذ إن الضوء الخارجى عندما يتحرك حول قاعدة 
اا قان ميا اا Bas cdi DSL a aca yc Lin iet‏ 
لحظة وأخرىء ولا يأخذ قط صورة واحدة مع أنه ثابت في مكانه. مثله في 
ذلك مثل السماوات . وهكذا فإن السياق المعماري للأشكال الزخرفية 
هو الذي يعطي معنى للزخرفة.ء ولكن لا يمكن أن نتصور القباب الثابتة على 
أنها تدور إلا لأنها زخرفت بطريقة معينة. وفي هذا المثال الخاص هناك 
بطبيعة الحال نصوص مكتوبة على المبنى تجعل ذلك التفسير معقولا . 
أما في حالة الأمثلة الأخرى فيظل علينا أن نتعلم كيف «نقرأ» المنشآت 
المعمارية ونتفهمها بطريقة صحيحة. 

وعلى ذلك فإن النقطة الأساسية التي تركز عليها فيما يتعلق بالزخرفة 
المعمارية. هي أن هذه الزخرفة: إذا ما نظر إليها في سياقها الكامل؛ لا 
على أنها مجموعة من الموضوعات والأشكال الزخرفية. كانت هي التي 
تعطي معنى للبناء كله. وذلك بصرف النظر عن المزايا الجمالية التي قد 
يحس بها الذوق الأجنبي في الزخرفة ذات الألوان الباهرة في العمارة 
الإسلامية. أما حقيقة ذلك المعنى في كل حالة من الزخرفة المعمارية فما 
زالت أمرا قابلا للجدلء لأننا في الحقيقة أمام شيء يشبه اللغتين المينوية 
(الكريتية) والحيثية. حيث نجد عبارات وتركيبات واضحة؛ ولكن اللغة ككل 
ما زالت غير مفهومة فهما تاما. 

ولقد حاولناء في معالجتنا للأصل الدنيوي للعمارة؛ وفي بحثنا للزخرفة 
المعمارية؛ أن نعرف منجزات العمارة الإسلامية؛ لا من خلال خصائص 
وأشكال محددة بدقةء بل من خلال سلسلة من المواقف. مثل تغلب الفاعلية 
غلى الشكل: وإضفاء ذوب من القخامة غلى غدد كيين جدا من الوظاكئف» 
والاستعاضة جزئيا عن ثنائية المبنى والزخرفة؛ بكيان تركيبي واحد ريما 
كان معناه الدقيق يتغير من عصر إلى عصر.ء ومن إقليم إلى إقليمء ومن 
مبنى لآخرء على أنحاء لم تتضح لنا بعد. وهذه المنجزات يبدو أنها كانت 
أصيلة بصورة خاصة ومنبثقة من العالم الإسلامي نفسهء وهي تصلح لأن 
تكون نقطة بداية معقولة لدراسة موجزة للموضوع الآخير الذي آريد أن 
أعرض له هناء وهو تغير أساليب الأشكال غير الإسلامية التي دخلت في 


تراث الإسلام 


العمارة الأسلامية: 

وربما كان علينا أن نذكر القارئ بأن هذا الموضوع نشاً عن حقيقة أن 
العمارة الإسلامية كان لابد من أن تنشاً بوصفها ظاهرة فريدة متميزة 
بذاتهاء انبثقت عن مجموع كبير معقد من الأشكال السابقة عليها أو المعاصرة 
لها. ولهذه العمارة سمة أخرى تسترعي النظر. هي أن التوليفات المعمارية 
التي تكونت خلال القرنين أو الثلاثة الأولى لتاريخ الإسلام لم تكن هي 
القوة الدافعة البسيطة الأولى التي نشأت عنها كل التطورات المعمارية 
اللاحقة؛ وإنما كانت في ذاتها مجرد مثل واحد لقدرة فريدة لدى المسلمين 
على تحويل عناصر شكلية أو وظيفية عديدة أخرى إلى شيء إسلامي؛ مع 
الاعتراف بأن هذه التوليفات كانت أول أمثلة هذه القدرة الفريدة وأقواها 
تأثيرا. وقد حدث هذا التحويل على مستويات مختلفة على مر القرون. 
وأبسط صورة له هي تحوير أشكال معمارية غير إسلامية لخدمة أهداف 
إسلامية. وهذا هو الذي حدث على الأرجح في إيران في القرن الخامس 
الهجري/الحادي عشر الميلاديء عندما أخذ المسلمون الإيوان الذي كان 
موجودا قبل الإسلامء (الإيوان قاعة ذات سقف يقوم على عقد. يفضي 
مباشرة إلى فناء مكشوف) وجعلوه العنصر الأساسي للمساجد ولأشكال 
كثيرة أخرى من المباني. وهناك ظاهرة مماثلة حدثت في تركيا العثمانية, 
حيث نجد طرازا من المنشآت محورة القباب» يتطور بتأثير من كنيسة آيا 
(Hagia Sophia) Lago‏ بحيث نشأت عنه مساجد إستانيول العظيمة. وكان 
الأمر مختلفا بعض الشيء في الهند. حيث أدخلت نماذج متعددة من الشرق 
الأوسط وتكيفت بحسب مطالب وسائل البناء المحلية. وأعطت في النهاية 
للمنشآت المعمارية شكلا مختلطا أو هجينا . وقد أحرز هذا الشكل المختلط؛ 
في المباني التي صممت بعناية كبيرة مثل مبنى «تاج محل». نجاحا يفوق 
بكثير ما أحرزه في المباني الأخرى التي يغلب عليها الطابع المحلي العادي. 

هذه الأمثلة إنما هي مجرد نماذج لقدرة المسلمين الهائلة على تطويع 
الأشكال المستمدة من أقاليم عديدة مختلفة؛ بحيث تلبي حاجات الإسلام. 
بل إن الأهم من ذلك هو تلك الوظائف التي أصبحت إسلامية عند مرحلة 
ines‏ كما هو الحال بالنسبة للضريح” الذي يتعارض وجوده نفسه مع 
قواعد العقيدة . والأمر الذي جعل للضريح شكلا معماريا مميزا للعمارة 


314 


الفن والعمارة 


الإسلامية هو أن ظهوره لم يكن بوصفه مؤثرا آتيا من خارج عالم الإسلام 
ولكنه كان استجابة لمطلب آحست به الجماعة الإسلامية أو بمض قطاعاتهاء 
مع أن هناك آمثلة لطقوس قديمة جدا تحولت إلى طقوس إسلاميةء وأن 
الأشكال التي اتخذتها تلك الأضرحة يمكن ربطها بأشكال لأضرحة سابقة 
على الإسلام. هذه القدرة على إعطاء معنى إسلامي منسجم مع طبيعة 
الإسلام»ء لعدد كبير من الطرز الفنية المتنوعة هو ما نود أن نسميه ب 
«الطريقة الإسلامية». وبفضل وجود تاريخ لطريقة إسلامية؛ إلى جانب 
تاريخ الطرز المعمارية المحددةء اكتسبت العمارة الإسلامية سمة من أكثر 
سماتها تفردا. 

على أن أي محاولة لعرض ما حققه المسلمون من العمارة في ثلاث 
قارات خلال ألف من السنين في بضع صفحات,. لابد أن تترك قدرا كبيرا 
من أعمال هذه العمارة جانبا. ولقد كان من الممكن أن نورد مناقشة أشمل 
للخصائص الجمالية أو لفن الزخرفة الأصلية الخاصة بالعمارة الإسلامية. 
ای ی الإنشاء المعماري الإسلامي التي تعتبر وقفا 
على عالم الإسلام. ولكني أعتقد أن هذه اا ا 
دراسة ذات معنى» ما لم نتبين بشكل محدد طبيعة العمارة وهدفها داخل 
الإطار العام للثقافة الإسلامية. ذلك لأن مجرد وجود حضارة إسلامية 
واستمرارها في بلاد واسعة ومختلفةء يطرح بطريقة فريدة مسائل مثل 
العمارة الإسلامية. ويبدو أن أهم النتائج التي توصلنا إليها oU‏ الأولى 
هي أن ذلك الشيء الذي أعطى طابعا إسلاميا لعمارة المسلمينء أقل ظهورا 
للعيان فى الأشكال المرئية المحسوسة منه فى ما كان للمسلمين من نشاطات 
إنسائية مقضلة باكتشات العمازية ذلك لآن الأشكال oux‏ ولا كاد يكون 
هناك شيء مشترك بين جامع قرطبة وجامع السليمانية في إستانبول أو 
مسجد بيبي خانوم Ll Jloct (Sy. 413 ou (L8 (Bibi Khanum)‏ 
والصلوات التي تقام في تلك المباني هي التي جعلتها كلها إسلامية. ومن 
النتائج الأساسية التي تترتب على هذه النقطة أن الأشكال المعمارية نفسها 
اتجهت إلى أن تصبح أشكالا عامة دون أن تكتسب إلا نادرا أغراضا ومعاني 
خاصة. وبهذه الطريقة وحدها كان من الممكن للمسلمين أن يفوا بحاجاتهم 
الإسلامية في أراض مختلفة شاسعة ذات أساليب معمارية متنوعة. وربما 


تراث الإسلام 


حديثة بشكا واضح. 

أما النتيجة الثانية فهي أظهر من الأولى وأوضح. ولو أنه يترتب عليها 
شىء أقل وضوحا . إذ يكاد يكون من المؤكد أن أسبابا مختلفة أدت إلى تطور 
العمارة الدنيوية بدرجة أكبر من ناحية الأصالة من تطور العمارة الدينية- 
P‏ هده الأسباب عدم وجود تنظيم دينى فى الإسلام يشيه الكنيسة 
البح ةر قى يطبيعة الها أن العقيدة كان لها أخرهي اشكال من 
المباني مثل الأضرحة أو الروضات. وحتى في كثير من أشكال العمارة 
الحضرية كما بينا. ومع ذلك فإن غلبة العنصر غير الروحي يتجلى على 
سبيل المثال فى خلو الأدب الإسلامى من عبارات عن بيوت الله تشبه تلك 
التي كتبها رجل مثل بروكوبيوس (ساوهه8:0) أو سوجر (Suger)‏ عن الكنائس, 
في حين يشيع في الشعر والنثر العربي والفارسي» الكلام عن القصور وما 
يدور حولها من أساطير. وعلى أساس غلبة العنصر الدنيوي على العنصر 
الزخرفة المعمارية. وقد نتجت عن ذلك مشكلة غريبة؛ وهى أنه لما كان جزء 
كبير من عمارة القصور بخاصة:, يعتبر إنشاء خاصا لا تقع عليه أعين 
معظم الناسء وقلما كان يبنى إلا للمتعة العابرة. فهل يمكن على هذا الأساس 
أن نعتبره فنا ثانويا في الحضارة الإسلامية بشكل عام» مثله في ذلك مثل 
المنمنمات”” حتى لو كان فنا إبداعيا بدرجة كبيرة؟ وهل نستطيع أن نستنتج 
الأساسى فى حضارة الإاسلام وهو العقيدة نفسها وجميع ما يصاحيها من 
المظاهر الاجتماعيةء لم يستطع أن يكون مصدرا رئيسيا لإنشاء عمارة 
فخمة ذات معنى روحي كامل؟ أو هل ينبغي علينا بدلا من ذلك أن نعتبر 
هذه العمارة وثيقة تاريخية رئيسية وتعبيرا عن المظهر الدنيوي لقوة الإسلام؟ 
لا يزال أمامنا وقت طويل حتى نتمكن من الإجابة عن تلك التساؤلات. 
ولابد من القيام بأبحاث مطولة قبل أن نحاول التوصل إلى هذه الإجابات. 
لكننا سنجد في التحليل النهائي, أنه ريما كان أعظم منجزات العمارة 
الإسلامية هو أنها قدمت صورة للحضارة الإسلامية موازية للصور التى 
قدمتها لها النصوص الأدبية ومختلفة عنهاء فأثبتت بذلك أن هذه الحضارة 


316 


الفن والعمارة 


كانت أكثر تعقيدا وعمقا بكثير مما يظن في العادة. 

وفع ذلك فليس يكقى أن تنظر إلى العمارة الإسلافية على أثها مصندر 
لفهم الثقافة الإسلامية؛ يتسم بثراء غريد: وإن كان قد انتفع به في نطاق 
ضوى يندا بل إن عطي ميجر نا حكن seca OS add cis‏ 
الإاسلاميةء وإن كانت قد نبعت من نفس المصادر التي نشأت عنها العمارة 
eee‏ الور اترم dl LEE‏ وا وره کی سبو اک 
تنوعا بشكل ظاهرء وأعطت معاني جديدة لأشكال كانت معروفة وشائعة 
كما أعطت معاني قديمة لمبتكرات جديدة في الأشكال. وإذا كان الفهم 
الدقيق ی کل کل seil ilit c dead all GUT na‏ 
العام للحضارة الإسلامية: فإن وجود هته الغمارة يمكن أن يقني Lisga‏ 
للتملياك العمارية تحب عة 


أوليج جرابار 


317 


لبو راديا 


إن عاتب المراجع الواردة فى النضن» فإن اكراجع القاتية تملع لأن 
موا فان اها الاه ون جرت اولي 
مؤلفات ذات طابع عام تشمل في العادة قائمة واسعة للمراجع» في حين 
تضم المجموعة الثانية كتبا وأبحاثا في موضوعات محددة. 


: sl 
P. Brown ب. براون‎ - 
(Indian Architectures (Islamic period الإسلامي)‎ aall) العمارة الهندية‎ 
| .)1942 (بومبي‎ 
D. Hill -د.هل:‎ 
O. Grabar أ. جرابار:‎ 
Islamic Architecture and its Decoration العمارة الإسلامية وزخرقتها‎ 
.)1967 (لندن‎ 
J.D. Hoag ج. د. هوج‎ - 
Western Islamic Architecture العمارة الغربية الإسلامية‎ 


. 1963 نيويورك‎ 
G. Marcais جورج مارسيه‎ - 
L. Architecture musllimane (aS yl cs, (48 العمارة الإسلامية‎ 


d'occident 
.)1952 (باريس‎ 
A.U. Pope -أ.يو. بوب‎ 
Persian Architecture العمارة الفارسية‎ 
.)1965 (نيويورك‎ 
G. A. Pugachenkova أ. بوغاشينكوفا‎ ٠ z- 
Iskurstvo Turkmenistana الفن التر كماني‎ 


الفن والعمارة 


.)1967 (موسكو‎ 
B. Unsal ب. أنسال‎ - 
Turkish Islamic Architecture العمارة التركية الإسلامية‎ 
.)1959 (لندن‎ 
M. Useinov (and others) أوسينوف وآخرون‎ IX 
Istoriia Arhitekturg Azerbaydjana في أذربيجان‎ à تاريخ العمار‎ 
.)1963 (موسكو‎ 

+ hat 
D. Brandenburg E د . برانددبير.‎ - 
Islamische Baukunst in Agypten فن اليناء الإسلامي في مصر‎ 
.)1966 (برلين‎ 
K.A.C. Creswell .سي . كريزويل‎ [TE 
Early Muslim Architecture العمارة الإسلامية الأولى‎ 
.)1969 مجلدان (طبعة جديدة أكسفورد‎ 
نفس المؤلف‎ - 
Muslim Architecture of Egypt العمارة الإسلامية في مصر‎ 
.)1959-1952 مجلدان (أكسفورد‎ 
A. Godard -أ. جودار‎ 
M.B. Smith Capes مب‎ 
(Athar - e Iran) مقالات مختلفة في مجلد أثاري إيران‎ 
.1949-1936 
L. Golombek ل. غولوميك‎ - 
The Timurid Shrine at Gazur Gan. Lk )jle الروضة التيمورية في‎ 
.)1969 (تورنتو‎ 
O. Grabar أوليغ جرابار‎ - 
The Formation of Islamic art تكن الفن الإسلامي‎ 
.)1973 (نيوهافن‎ 
M.E. Masson and others أي . ماسون وآخرون‎ c 


319 


تر 


ث الاسلام 


روضان إشراثانا Mavzolei Ishrathana‏ 
(طشقند 1958). 

- آ. يو. بوب A.U. Pope‏ 
(محررا) 

دراسة عامة للفن الفارسي A. Survey of Persian art‏ 
6 مجلدات (لندن 1940-1939). 

J. Sauvaget جان سوفاجيه‎ - 

المسجد الأمو: ي في المدينة La Mosquee Ommeyyade de Medine‏ 
(باريس 1947). 

D. Wilber د . ويلبر‎ - 


The Architecture of Islamic عمارة إيران الإسلامية فى العصر الإيلخانى‎ 
Iran, the Ilkhanid Period 


- (1955 (4a ys) 


الفن والعمارة 


ثانيا: الفنون الزضرفيسة والتصويسر 
( شخصيتها ومجالها) 

كلما تحدثنا عن التراث الفريد الذي خلفته الحضارة الإسلامية للعالم 
في صورة فنونها المتنوعةء فإننا نسلم بأن هذا التراث من الناحية الجمالية 
يكون وحدة شاملة متصلة أجزاؤها بعضها ببعض. وريما كنا على علم 
بالاختلافات الشكلية التي وجدت في الأقاليم المتنوعة التي تضمها الساحة 
الشاسعة لعالم الإسلام: ولكننا نظل نؤيد أساسا الرأي القائل بأن هذه 
الوحدة تربط أجزاءها بعضها إلى بعض خصائصُ عامة ذات طابع غالب 
موحد» وهذا الاستنتاج كان من الممكن أن يكون قضية مسلما بها قبل جيلين 
وحتى إلى زمن آقرب» وقد تجلى في مختلف المعارض الكبيرة التي أقيمت 
للفن الإسلامي لأول مرة في لندن عام ۱885ء واستمرت حتى معرض 
الإسكندرية عام ۱926ء والتي كان أجملها هو الذي أقيم في ميونيخ عام 
0.. وعلى عكس ذلك نجد أن المعارض الكبرى التي أقيمت في العقود 
الأخيرة. خصصت لبلاد معينة من عالم الإسلام» مثل إيران وتركيا والهند 
وباكستانء وقدمت فيها هذه الدول نماذج من فتونها منذ أقدم الأزمنة. 
وهكذا نجد آن المعرض الذي أقيم في لندن عام 1931( اهتم في المقام الأول 
بإبراز المصنوعات البرونزية التي وجدت في إقليم لورستان» والقطع الفنية 
التي ترجع إلى عهد الأخمينيين (330-559 ق م). وتميز معرض ليننجراد 
الذي أقيم عام 1935 بالعرض الفريد للفن الساساني. وبعد ذلك بثلاثين 
عاما أقيم في باريس ۱961 معرض آخر أطلق عليه اسم يدل على co‏ 
«سبعة آلاف سنة من الفن في إيران» مع أنه ضم معروضات تنتمي إلى 
حضارات مختلفةء بل إن الرأي يختلف حول ما إذا كنا نستطيع بحق أن 
نسمي المعروضات التي ترجع إلى الألوف الأولى من هذه الفترة فنونا 
«إيرانية». 

ونتيجة لذلك نجد اليوم أن مفهوم الفن الإسلامي نفسه موضع تساؤل 
جاد في بعض الأحيان: ويكون هذا التساؤل في العادة مضمرا أو صريحا. 
ويرجع ذلك إلى واحد من سببين رئيسيين: فمن جهة أصبحنا اليوم على 
علم أكثر بالطابع المميز للفنون في المناطق الجغرافية والثقافية الكبرى, 
حتى أننا في بعض الآحيان نتنبه إلى ظواهر تفردها النسبي أكثر مما نتنبه 


تراث الإسلام 


إلى العلاقات المتبادلة بينها وبين المناطق الأخرىء ولاسيما إذا كانت هذه 
ilie Sagas 2,5. lali‏ ووتملال ذلك يوضيع فى هن التصوير qoos‏ 
والتركي والوددي شي الشرتين الخاشروالسادي حشر للهجرةارالسادس عشر 
والسابع عشر للميلاد . ولا يعود ذلك وحسب إلى أن مقارنة الشكل والروح 
داخل هذه المدارس الفنية تؤيد غيم يبدو القاكلين باختلافها بعضها مع 
بعضء ولكن العامل الأقوى يكمن في أن اثنين على الأقل من هذه المناطق 
تمثلان فترة الإنجاز الكبير الذي حققته هاتان المنطقتان في ميدان التصويرء 
ومن ثم فإن هناك ميلا إلى النظر إليهما كل على حدة. وقد نتج هذا 
الاتجاه إلى التخصيص أيضا من ظهور جيل جديد من العلماء في بلاد 
الإسلام المختلفة اليوم» يبحثون باهتمام بالغ في تراثهم الفني الإقليمي 
الخاص. ونشأ معظم هؤلاء في عصر علماني الفكر. تغلب عليه الروح 
القومية؛ ومن هنا فإن معظمهم ينظرون إلى ماضيهم» على اعتبار أنه إنجاز 
قومي في المقام الأولء لم تقم فيه العوامل الدينية والثقافية والإسلامية 
العامة إلا بدور صغير. ولهذا فإن أولئك العلماء ومعهم عدد من زملائهم 
الغربيين المتأثرين بهم يتحدثون عن بلدهم وحسبء سواء كان ذلك البلد 
الهند أو الأندلس أو حتى أزبكستان. 

ومع ذلك فهناك أسباب عديدة تبرز الاستمرار في الأخذ بوجهة النظر 
التقليدية. إذ على الرغم من الاختلافات التي يمكن وصفها بأنها اختلافات 
في «اللهجة المحلية». فإن جميع الفنون في «دار الإسلام» تتكلم نفس اللغة 
أساسا. ومثال ذلك أن المقارنة بين أعمال الخزف في مراكز مختلفة شديدة 
cae Lal‏ مثل إيران وبلاد الشام ومصرء أو منطقة جنوب الفولجا أو في 
منازل القطيع الذهبي في مناطق القرجيز في القرن الثامن الهجري/ 
الرابع عشر الميلاديء تثبت لنا هذه النقطة بغاية الوضوح. بل إنه بعد 
نصف قرن من البحث الدولي المركزء لا يزال مستحيلا في كثير من الأحيان 
التعرف على الاختلافات الإقليمية. بل إن أحدا لا يستطيع أن يعين البلد 
الذي كتبت فيه المصاحف الكثيرة المزينة بالزخارف حتى عام 390ه/000ام: 
أو يميز بين قطع الزجاج الصخري المنحونة في مصر والعراق في القرنين 
الرابع والخامس للهجرة/العاشر والحادي عشر للميلادء أو يميز بين قطع 
a KA‏ عيكة كسودن في uad‏ الفشرة: أو يفرق بين التسوجات 


الفن والعمارة 


الحريرية التي صنعت في هذين البلدين خلال القرنين السابع والثامن 
للهجرة/الثالث عشر والرابع عشر للميلاد. وهناك مثال آخر يؤيد هذه 
النقطةء هو أن عددا من المخطوطات المزدانة بالتصاوير الفارسية التي 
تعود إلى النصف الأول من القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلاديء 
aS eaa‏ ي الت العامة و اها تل امد واخ ر 
ليس هناك سوى دلائل قليلة على ذلك بحسب علمنا) بل لأن العلماء لم 
يستطيعوا حتى الآن أن يحددوا موضعا معينا من إيران يمكن أن تكون قد 
صنعت فيه“ . وهذا يوضح بصورة مؤكدة وجود صناعة يدوية عريقة 
استلهمت من مصدر واحدء تستعمل في الإنتاج الفني أساليب متشابهة, 
يمكننا أن نفترض أنها كانت موجودة في كل حرفة على وجه التقريب في 
العالم الإسلامي. ونجد في حالات أخرى أن نسبة العمل الفني إلى مكان 
ما من عالم الإسلامء لا تقوم على أي دلائل من الأسلوب الفني» بل هي 
ناتجة عن قراءة الكتابات المثبتة على الأعمال الفنيةء بالإضافة إلى وسائل 
التقنية الحديثة التى استعين بها منذ زمن قريب. وأخيرا فلا بد أن نلاحظ 
ا اة ا ا a a‏ وااتميشاغات إلى دريحة انها 
تتجلى حتى بعد أن تكون المنطقة التي صنعت فيهاء مثل الأندلس أو صقليةء 
قد عادث إلى السيظزة النيسية بحبيع كير الاتهاه الذقى فى ASU‏ 
المذكورة تغييرا كاملا. وهكذا يتضح أن الإسلام كان له أثر قوي جداء بل 
كانت له قوة حيوية انعكست على جميع الفنون التي نشأت في عالم الإسلام. 

Sly‏ مع إقرارنا بهذه الحقيقة. ينبغي أن نؤكد مرة ثانية أن هناك 
بطبيعة الحال اختلافات توجد تحت مظلة الحضارة الإسلامية العالمية. ولا 
يعنينا الآن أن نتحدت عن التغييرات الأسلوبية التى حدثت من عصر لعصرء 
آ و ااا ت فی العرنين الى حت عقاوق الطيعات الاحتبناضية: 
وهي سمة لم تبدأ في تبنيها إلا في وقتنا هذا وعلى نحو بطيء. إذ يبدو أنه 
كانه هناك ف راقن مقتات من الغمل القدى تفيل بها كن الأغانيم TN‏ 
من عالم الإسلام. 

فقد طورت مصر في منتصف القرن السادس الهجري/الثاني عشر 
الميلادي أسلوبا في التقسيم الهندسي للزخارف يقوم على وحدات اتخذت 
في أول الأمر أشكالا نجميةء ثم انتقل هذا الأسلوب بسهولة إلى الشمال 


تراث الإسلام 


الأفريقي والأندلس ثم إلى الأناضول والأقاليم الأوروبية من تركيا. أما في 
شرق العالم الإسلامي» وبخاصة في إيران والهند فلا نجد سوى نماذج 
قليلة من هذه الأشكال النجميةء وفي مقابل ذلك طورت إيران أشكالا من 
المورقات الانسيابية: أو أشكالا زهرية على هيئة غصون الشجر تغطي بها 
مسطحات كالبّسط وصفحات المخطوطات والأبواب وجوانب Lag tits‏ 
إلى ذلك. ولا يزال السبب في هذا الانقسام الفني بين الشرق والغرب 
الإسلاميين غامضا. وكل ما نستطيع استنتاجه بحذر هو أن أسلوب التفكير 
الأكثر عقلانية عند أهل السنة كان يفضل على ما يبدو أسلويا مستقيماء 
أشد صرامة؛ ومرسوما بحساب دقيق» في حين أن الروح الصوفية كما 
نجدها في إيرانء اتخذت طريقة تجريدية ذات خطوط متموجةء تساعد 
مع ذلك: بهيئتها المنتظمة؛ على تصوير الطريقة التي يمكن بها فهم تجربة 
باطنة تجل عن التعبير. 

وعندما نمضي في التعمق أكثر لفهم المظاهر المختلفة للفن الإسلامي: 
فإن حقيقة عجيبة تتبين لناء وهي أن القرنين السادس والسابع للهجرة / 
الثاني عشر والثالث عشر للميلادء كانا العصر الكبير لصناعة الأواني 
الفخارية والمعادن في إيرانء وذلك بعد فترة طويلة من تحقيق أجمل المبتكرات 
في أعمال الزجاج في القرنين الرابع والخامس للهجرة/العاشر والحادي 
عشر للميلادء في حين أن أرقى أعمال التصوير ومبتكراته الأصلية؛ لم 
تظهر إلا فيما بين 957-730ه/550-1330ام: أما أحسن أنواع البسط والسجاد 
فظهرت بعد ذلك خلال القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر للهجرة / 
السادس عشر وأوائل السابع عشر للميلاد. ومن ناحية أخرى نجد أننا 
عندما ننظر إلى أداة واحدة من أدوات التعبير الفني» كالآنية الفخارية. 
نلاحظ أن القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي» شهد ازدهار هذه الصنعة 
في العراق»ء كما ازدهرت في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي في 
شرق إيران وما وراء النهرء في حين أن ازدهار هذا الفن لم يتم في مصر إلا 
في القرن الخامس وأوائل القرن السادس للهجرة/الحادي عشر وأوائل 
الثاني عشر للميلاد . أما في إيران وبلاد الشام فلم يتم ذلك إلا في أواخر 
القرنين السادس والسابع للهجرة/الثاني عشر والثالث عشر للميلاد . وكان 
ازدهاره في الأندلس خلال القرنين الثامن والتاسع للهجرة/الرابع عشر 


324 


الفن والعمارة 


والخامين Saal das‏ وق d oi a‏ الناشر للوجرة/السااين 
شر اللاي slghl Lol‏ الأشدى aal‏ كارع ظيورها على شكل مقط 
فالعاج كان يحفر في الأتدلس في النصف الثاني من القرن الرابع وأوائل 
القن a‏ والحادى عشر البلادنين رفي مضع في 
القرن السادس الهجري/الثاني عشر 62341« في حين أن نحت اليشب 
Lac $ (Jade)‏ تصاوير منه ظهر في الهند في القرنين الحادي عشر والثاني 
عشر للهجرة/السابع عشر والثامن عشر للميلاد. 

(ien Liceo يمك‎ de cef roe ergo oti audit 
الموضوع بطبيعة الحال-هي أننا لا نستطيع أن نتكلم عن عصر واحد كبير‎ 
ازدهرت فيه كل الصناعات الفنية الإسلامية أو معظمها. كما لا توجد قمة‎ 
تشمل العالم الإسلامي كله في صتاعة ما. ونجد على العموم أن‎ dale 
siepe dd Ba Lo dad] ba Ms dee cedi gat 
وهو الازدهار الذي يتمثل في استتباب السلام؛ والرخاء الاقتصاديء ورعاية‎ 
خاصة من الأمراء للفن. وحتى في البلاد ذات القدرة الابتكارية العظيمة:‎ 
ie lcs espe dele Blood ode a a d atus cj 
مراكز إبداع تختلف من وقت لآخر. ولنعبر عن ذلك تعبيرا عمليا فنقول‎ 
pae برج محر هط لقن اراي لان اخ‎ d JEN haa فلن‎ 
يكرح تلقاتيا من ايدان مبتكرات‎ Byun dle Dial ada وإضكلاء‎ Qua 
كبا أن لك ند ومن‎ conus ار ا‎ atus qos (ooi نو‎ osa 
العسير المقارنة بين المبتكرات العظيمة التي أبدعها بلد من البلدان مستخدما‎ 
هذه المبتكرات تنتمي في أغلب الأحيان إلى عصور‎ QM فيها مواد مختلفة:‎ 
مختلفةء وهي بذلك تعبر عن روح مغايرة. أما إذا كانت القطع الفنية كلها‎ 
اک تی ا‎ asta ll ont lease Lit io das luit a 
مختلفةء وربما انتمت أيضا إلى عصور مختلفة.‎ 

هذا الموقف أدى إلى اتخاذ موقف تجزيئي من الفن الإسلامي» موجه 
إما إلى قطاع جغرافي ضيق من العالم الإسلامي ذي حدود تاريخية واسعة 
أو ضيقة؛ أو موجه إلى موضوع معين له حدود جغرافية أوسع. وكان من 
نتيجة ذلك أن أصبح لدينا مختصون في الفن الإسلامي الإيراني أو المصري 
pana yf idea y dS ulus dl I‏ في العمارة أو ااتمتمات أو 


تراث الإسلام 


السجاد أو الخزف أو الزجاج في العالم الإسلامي كله. وهنا نجد كل باحث 
من هؤلاء وأولئك ممتازا في ناحية مخصصة دون غيرهاء ومن ثم ضاعت 
خطوط الربط بين اتجاهات الفن ومدارسه في عالم الإسلام. ولكن من 
حسن الحظ أن لدينا حاليا عددا من المؤلفات التاريخية العامة للفن 
الإسلامي» (وإن كانت هناك قلة منها يمكن الاستفناء عنهاء بالرغم مما 
فيها من صور (Alem‏ وهناك غيرها في مرحلة الإعداد. فإذا كان الأمر 
كذلك فليس من الضروري أن نقدم هنا عرضا لمادة الزخارف الإسلامية 
مرتبة تاريخية. 

والآن وقد ذكرنا ذلك كلهء فلا بد أن نضيف أنه تسود أذهان المهتمين 
بالفن الإسلامي؛ من غير المحترفينء فكرة راسخة بوجود طابع إسلامي 
عام يتخطى حدود الملامح الفردية التي أخرجها كل بلد وعصر. ويرى 
هؤلاء بشكل محدد-وهم محقون في ذلك-أن الموضوعات المشتركة للفن 
الإسلامي. هي الأشكال النباتية سواء أكانت مصورة في هيئة زهور واقعية, 
أو في هيئة توريق تجريديء. وهي أيضا أشكال هندسية تصورها الناس 
لأول وهلة في العالم الإسلامي وفهموها أول الأمر على أنها فواكه!'” أو 
أشياء أخرى. وأخيرا هي الكتابات الفنية التي استخدمت نقوشا. وهذه 
بالفعل هي الموضوعات الأساسية تلفن الإسلامي التي تسود الفن الديني أو 
الدنيوي على حد سواءء وعلى هذا الأساس فإنها تتطلب مزيدا من المناقشة. 

لكن ما الذي يجعل الزخارف الزهرية أوالهندسية أو الكتابات المنقوشة 
شيئا غريدا في ذاته محببا إلى النفس وحاضرا في الذهن دواماء وما الذي 
يجعلها «إسلامية» الطابعة لنبداً بالإجابة عن التساؤل الأخير فنقول: من 
الواضح أن الذي يجعلها إسلامية؛ ليس هو ندرة الأشكال الآدمية والحيوانية 
فيهاء إذ إن هذه الأشكال توجد فعلاء وبخاصة في السجاد والمشغولات 
المعدنية والخزفيات: دون أن يقلل وجودها من مظهرها الإسلامي. وحتى 
عندما تظهر الأشكال الإنسانية في الزخرفة فإنها في العادة لا تحمل لابج 
الشرق الأوسط بوضوح.: إذ تكون هذه الرسوم في معظم الأحيان ذات 
مظهر غير محدد., لأنها تمثل أمراء متوجين ولا تمثل الناس العاديين 
المدثرين بالقفطان والعمامة. بل إن ملامح الوجوه لا تساعد كثيرا على 
تمييز الأشخاص. لأن وجود اللحية والحواجب الكثيفة ليس له دلالة خاصة. 


326 


الفن والعمارة 


وضي حالات كثيرة نجد أن الملامح البدنية مضللة بالنسبة لغير المتمرس: 
لآن ملامح الوجه وبخاصة العيون المائلة تبدو شبيهة بوجوه أهل الشرق 
الأقصىء في حين أن هذه الملامح في واقع الأمرمن مميزات التتر والأتراك 
المغول القادمين من أواسط آسيا والذين تغنى الشعراء بجمالهم حتى غدا 
مضرب الأمثال. 

ولكن» هل يمكن القول إن الخط العربي الذي يوجد في كل مكان يتضمن 
رسالة إسلامية؟ من المؤكد أن هذا العنصر في الزخرفة يساعد على إيجاد 
جو إسلامي: إلا آنه من قير المحتمل آن يكو محتواه إسلاميا بالضرورة, 
كالكرمن لك «النقوش الخطية» لين يكايات ذات qp 3M gris cla‏ 
نقوش في هيئة حروف عربية:؛ أو تكرار لكلمات مألوفة تعبر عن التمنيات 
الطيبة. وحتى في الحالات التي تتضمن فيها هذه الخطوط معنى أصيلا 
فإن ذلك المعنى لا يكون إسلاميا بالمفهوم الديني؛ وربما كان أمثالا دنيوية/, 
وكثيرا ما نجدها عبارة عن كلمات إهداء كتبت لتسر الملك أو الأمير راعي 
الفنون. ومما له دلالة أبلغ» أن هذه النقوش الكتابية لم يقصد منها أن تكون 
عنصرا أساسيا بالضرورة؛ إذ تبدو على سجادات الصلاة الإيرانية ولكنها 
قلما تبدو على القطع الفنية التركية المختلفة من هذا الطراز. بل إنها لا 
تظهر أصلا في القطع التي نجدها في الهند أو القوقاز أو في وسط آسيا. 
وهناك علاوة على ذلك شواهد كثيرة على أن متل هذه الكتابات» عندما 
كانت تستخدم على أفضل نحو في موضعها الصحيح» لم تكن تقراً حتى إن 
كانت تتضمن آيات فرآنية. 

ولما كانت هذه مسألة مهمة. فسنضرب لها أمثلة ثلاثة: الأول من العصور 
الإسلامية الأولى» والثانى من العصور الإسلامية المتأخرة. والثالث من 
شترج ترس کی تصخر اتی یت فی بت ااا عام راف 
تعد أقدم أثر معماري إسلامي» وواحدا من أكثرها جلالة عند المسلمين. 
وكان الناس من منذ عهد الوليد بن عبد الملك (96.86ه/715-705م): متفقين 
في الرأي على أنها أنشئت تذكرة لعروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى 
السماء. حيث تذهب الروايات المتواترة إلى أن المعراج كان من ذلك الموضع. 
ومع ذلك فهناك نقش كتابي طويلء يبين أن القبة تذكار بني لتخليد انتصار 
الإسلام على الديانتين اليهودية والمسيحية” . وبعد ذلك بخمسمائة عام 


327 


تراث الإسلام 


كتبت عبارة إهداء على إبريق من النحاس مكفت بالفضة صنع لصاحب 
الموصل بدر الدين لؤلؤ (656-631ه/1259-1233م)7”/. وهذه العبارة لا تتضمن 
أخطاء في الإملاء فقط. وبخاصة في الاسم» بل هناك خطأ آخر يتمثل في 
إطلاق لقب يكاد يكون مهينا على الحاكم وهو «أبو المظالم». ومع وجود 
تلك الإهانة التي يتضمنها النص المكتوب, فإنه يتبين لنا بناء على نقش 
أولي على الجدران أن الإبريق النحاسي المذكور قد قبل ووضع في الخزائن 
السلطانية. وأخيرا فإن النقش الكبير المكتوب الذي عمل على عجل على 
مدخل مسجد فاخر بني حديثا في عاصعة غربية, يضمن حرفا قش 
بصورة خاطئة تؤدي إلى تغيير في النص القرآني؛ وهنا أيضا نجد أن أحدا 
لم يقرأ ذلك النص الفخم ويعترض عليه؛ ابتداء من الإمام المتخرج في 
الأزهر وانتهاء بالملحقين الثقافيين في السفارات الإسلامية المختلفة في 
atl (te gt gh Lasts alls ote a skal alt‏ قساه التفوش 
المكتوبة كان هو السائد طوال التاريخ الإسلامي» وأن الرسائل اللفظية التي 
كانت تبعث بها هذه النصوص نادرا ما كانت العقول تتلقاها عن وعي. 
ومع ذلك فإن هذه النقوش تتضمن رسائل غير لفظيةء كانت مفهومة 
لكل المسلمين؛ ولو كان النقش بالحروف الكوفية التي تصعب قراءتها حتى 
ilf oy ul cunas le‏ الكتوب بالحروف العربية المبجلة التي 
هي أداة التعبير عن القرآنء كان يثير في النفس أصدق مشاعر NR,‏ 
a BNE N‏ عضرو الآمة الاساامياةة ومن 
هنا فإن الكتابة يمكن أن يكون لها معنى رمزي؛ ومن الطبيعي والحالة هذه 
أن تنقش بوصفها السمة الرمزية الوحيدةء على العملات وعلى راية الدولة 
في واحدةء على الأقل؛ من الدول الإسلامية شديدة التمسك بالتراث؛ وهي 
الماك الع السود [alas‏ لم يكن هتات کون كناب مباشن ول كنا 
أن نستنتج وجود رسالة تؤديها رموز إسلامية معينة شبيهة بتلك التي تتضمنها 
الكتابة العربية؟ منذ بضع عشرات من السنين أي في ale‏ 1928 كتب 
المستشرق البريطاني (ye YLae (Sir Thomas Arnold) 1495)) julegt pou‏ 
الرموز والإسلاه”. وبالرغم من أن هذا المقال ضم قدرا محدودا من المادة 
Ayala!‏ إلا أن الكاتب توصلء بناء على تجربته العامة؛ إلى نتيجة مؤداها 
أن الإسلامء خلافا للديانات الأخرىء» لم يطور لغة خاصة به. كذلك فإن 


الفن والعمارة 


الأستاذ رودي GUS Cal 5.0 (Rudi Paret) Col‏ «الرمز في Symbolik) «aY!‏ 
دنذا؟] 065) ١958-‏ -لم يعط الرمزية دورا مهما في الفن الإسلامي. ولكن يبدو 
مع ذلك أن الموقف ليس سلبيا تماماء كما فهم هذان العالمان الكبيران» وإن 
كانت هذه المسألة تظل دائما غير واضحة. 
فلننظر في مثال إسلامي خالص» وهو رمز لله تعالى أي للفظ الجلالة 
ذاته. وهذا الرمزء فضلا عن ذلك يحمل كل معاني القداسة؛ لأنه مبني على 
آية قرآنية وردت في سورة النور (رقم 24:آية 35) ونصها : «الله نور السماوات 
والأرضء مثل نوره كمشكاة فيها مصباح: المصباح في زجاجة:؛ الزجاجة 
كآنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية 
يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارء نور على نورء يهدي الله لنوره من 
ce Ls‏ ويضرب الله الأمثال للناس» والله بكل شيء عليم». ومع أن لغة هذه 
الآية واضحة كل الوضوح. إلا أن استخراج رمز معتمد على هذه السورة: لم 
يحدث إلا في القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي. وربما تم ذلك 
بتأثير من رسالة صغيرة كتبها الإمام الغزالي بعنوان «مشكاة الأنوار»» مقتبسا 
عنوانها من الآية السابقة. هذا الرمز يظهر بصورة خاصة في إيران والعراق 
والشام ومصر. ولكنه لا يظهر إطلاقا في البلاد الواقعة شرق هذه البلدان 
أو غربها أو جنوبها. وقد وجد في القرنين السابع والثامن للهجرة/ الثالث 
عشر والرابع عشر للميلاد وحسب. كما أن استعماله لم يكن على نطاق 
واسع؛ إذ اقتصر في الغالب على زينة المحاريبء وإذا كان هذا الرمز لم 
يستعمل إلا في تلك الحدود الضيقة فإن ذلك لم يكن بسبب معارضة دينية, 
أو لظهور رمز آخر كان من الممكن أن يحل محله؛ بل إن اختفاء هذا الرمز 
يرجع إلى موقف الارتياب الذي كان المسلمون يتخذونه إزاء مثل هذه الرموز 
dale ias‏ (وهذا الموقف هو الذي جعل توماس أرنولد ورودي باريت 
يقطعان الأآمل في وجود أي رمز من هذا النوع). كما يرجع إلى عامل 
متأصل هو عامل تدمير الذات الذي أصاب الكثير من مظاهر الفن 
الإسلامي. كما أصاب الأدب أيضا. فقد كانت القاعدة العامة أنه إذا أراد 
رجل من أهل الفن أن يدخل تحسينا على رسم ماء فإنه لا يفعل ذلك عن 
طريق إدخال أفكار جديدة صادرة عن خيالهء واستخدام عبقريته في مزج 
العناصر الجديدة والقديمة معاء بل كان جهده ينصرف إلى توسيع المفاهيم 


329 


تراث الإسلام 


الموجودة بالفعل. وفي حالة «رمز النور» (المشكاة) كان ذلك يعني أن قاعدة 
المشكاة أصبحت تزين بسخاء بزخارف زهريةء وكذلك غير لون المساحة 
الواقعة بين السلاسل التي تعلق منهاء وأضيف حامل شموع أسفل صورة 
المشكاة على جانبي المصباح» وذلك تقليدا لما كان متبعا بالفعل في هندسة 
المحاريب. وقد أدى ذلك إلى إلقاء ظل من الغموض على الموضوع الأصلي؛ 
حتى ضاع معناه المقصود شيئًا فشيئًا . وأوضح دليل على ذلك هو أن المصباح 
لم يلبث أن تحول إلى زهرية. هذا إذا لم تحل محله زخرفة؛ أو يستبدل به 
في بعض الأحيان إبريق معلقء جاءت فكرته من تشريع الوضوء قبل الصلاة. 

ونخلص مما تقدم؛ إلى أن الرمز في الفن الإسلامي» وإن كان قد وجد 
واستخدم في بعض الأحيانء إلا أنه لم يستمر طويلا في أداء رسالتهء مثله 
في ذلك مثل النقوش الكتابية. فقد تحولت هذه الرسالة إلى زخرفة خالصة 
خلت نتيجة لذلك من أي معنى مفهوم مباشرةء وانضمت إلى الزهور والتوريق 
والأشكال النجمية التي لم يكن لها ابتداءً رسالة معينة. ومما يؤيد هذا 
الرأي أنه عندما كان يختفي رمز ما نهائيا فإن إطاره المعمول بإتقان (أي 
حامله) يستمر. وبعبارة أخرى. فإن الهيئة الخارجية أو طريقة تقديم الرمز 
كانت على ما يبدو مما يسمى عادة بالمعنى الباطن للرمز أو رسالته. 

ولما كانت هذه ناحية مهمة من نواحي الفن الإسلامي؛ فيبدو أن من 
الضروري هنا أن نوضحها بمثالين آخرين. وربما كان أهم شاهد نستطيع 
الاعتماد عليه في إطار الفن الإيرانيء هو الاستعمال الواسع لنظام المبنى 
a E call all ues‏ ففي هذا المبنى نجد إيوانا عاليا واسعا ومكشوفا 
فل یگل جائ وا تت افا اطي كانت خط ذا اا اة 
للبيت الإيرانيء كما يمكن إدخال تعديل عليها لاستخدامها في القصور 
adis‏ أنه كانت (Caravanserai) ACN ellen allan Sa, Wel‏ 
في حين أنه لا معنى لاستخدامها في داخل الأضرحة (كما نجد في ضريح 
جازر جاه طهعمدده© قرب هراة/*. كما كان هذا التصميم غير مناسب البتة 
للمساجد الجامعةء حيث نجد أن الإيوان الرئيسي كان مرتبطا بالقبة الكبيرة 
الواقعة فوق البلاطة أمام المحراب» وهو شكل مقتبس من عمارة القصور 
الساسانية. وكانت نتيجة استخدام هذا الشكل في المساجدء إفسادا لهيئة 
ذلك الجزء من المسجد الذي يجتمع فيه المصلون بعضهم إلى بعض؛ ذلك أن 


الفن والعمارة 


الدعامات الثقيلة التي تحمل القبة حجبت وسط المبنى عن الجناحين» في 
حين كان يوجد وراءها مساحة واسعة لا حاجة إليهاء أنشئت لتطيل البوائك 
الجانبية لتعطي عمقا في جوانب الإيوان. وهنا نلاحظ مرة أخرى أن 
المحتوى أو وظيفة المسجد قد ضحي بها في سبيل شكل خارجي صرف. 
مهما كان توافق هذا الشكل الخارجي وروعته. 

وتجد هذه الظاهرة تأييدا آخر عن طريق دليل مقنع تطور وأخذ صورته 
النهائية في مصرء ونعني به تجليد الكتب أو تسفيرها .كما يقال في المصطلح 
الخاص بهذه المهنة الفنية. ويتميز هذا التجليد في «لسان» خماسي الأضلاع 
يضاف إلى الجلدة الأخيرةء ويثْنَى تحت الجلدة الأولى للكتاب في حالة 
عدم الاستعمال. ويظن عادة أن المخطوط بهذه الطريقة يتماسك بصورة 
أفضلء ولكن حيث إنه لا يوجد ضغط يستلزم هذا اللسانء فإن ذلك لا يبدو 
هو السبب في ابتكاره. وجدير بالملاحظة هنا أن الأوروبيين لم يأخذوا 
صنعة اللسان هذه في تجليد الكتب» وإن كانوا قد أخذوا فكرة الطبقة 
الأساسية المثقلة بالصمغ الموجودة في فن التجليد عند المسلمين. لتحل 
محل لوح الخشب الذي كان يوضع تحت الجلد ليقويه ويحفظ الكتاب في 
الغرب في العصور الوسطى. وهكذا فإن التعليل التقليدي لهذه الظاهرة لا 
يقنع كثيرا . والذي حدث هو أننا نجد في تجليد المخطوطات القبطية 
الأولى شريطا طويلا من الجلد مثبتا في لسان كان يصنع على نفس الهيئة؛ 
ولهذا يمكن ضم الكتاب بعضه إلى بعض في حالة السفر مثلا. وقد وجدت 
في نجع حمادي بمصر مخطوطات غنوصية7”/ gil ool cys (Gnostic)‏ 
الميلادي مجلدة بهذه الطريقة. ثم إن شريط الجلد الذي لا يتميز بجمال 
استغني عنه فيما بعد. فأصبح اللسان غير ضروري. ولذلك لا نجد شيئًا 
من هذه الآألسنة والأحزمة الجلدية في المخطوطات القبطية التي وجدت 
في دير القديس ميخائيل في صحراء الفيومء والتي ترجع إلى القرنين 
التاسع والعاشر الميلاديين» والمحفوظة حاليا في مكتبة بييربونت مورجان 
.)Pierpont Morgan)‏ لکن بالنظر إلى التقديس الكبير الذي أحاط المسلمون 
المصاحف بهء فقد احتفظ باللسان التقليدي في فن التجليد الإسلاميء 
وإن استغنى عن الحزام الجلدي الذي لم يكن له لزوم في المصاحف التي 
تحفظ في مكتبات المدن. وهكذا نجد أمامنا شكلا فنيا آخر لا وظيفة لهء 


تراث الإسلام 


ولكنه لا يزال موجودا في جميع أرجاء العالم الإسلامي حتى اليوم. 

ويبدو من المعقول؛ أن نستنتج أن العنصر الإسلامي الحاسم. أي السمة 
التي كانت لها فتنة جمالية بعيدة الأثرفي الناظرين من داخل العالم الإسلامي 
آو من خارجه»ء ربما كان عاملا مميزا مشتركا يوجد في كل الفنون التي 
شهدتها تلك المنطقة الإسلامية الواسعة. ولما كان اهتمامنا منصرفا هنا 
إلى الفنون الزخرفية والتصويرء فإننا لابد أن نستخلص هذا العامل المميز 
من هذين الفثين قبل غيرهماء بالرغم من أننا نعلم أنه لابد أن يكون موجودا 
بالمثل في العمارة. 

Ls fs];‏ أخذنا هذا الهدف في اعتبارناء فإننا نجد أن بعض الظواهر 
التي كان يرد ذكرها في أحيان كثيرة على أنها تمثل العناصر الأساسية في 
الفن الإسلامي؛ يمكن أن تستبعد . مثال ذلك أننا نستطيع استبعاد الهيئة 
المسطحة ذات البعدين لأنه توجد فطع فنية كثيرة ذات تصميم فني كامل 
(أي ذي ثلاثة أبعاد: طول وعرض وارتفاع) محفورة في مواد مختلفة. مثل 
أعمال الجص البارز في الفن الإيراني التي تكون مجموعة جديرة بالاهتمام 
بصورة خاصة. ولا يمكن كذلك أن نعتبر الزخرفة المتكررة بلا نهاية الطابع 
المميز للفن الإسلامي» لأن لدينا عددا كبيرا من القطع الزخرفية محدودة 
المساحة وذات بداية ونهاية. مثال ذلك أن الزخارف التي توجد في eed‏ 
محددة تختلف تصميماتها في الزوايا عما هي عليه في الوسط. بحيث 
لا يمكن القول بوجود تكرار لا نهاية له لنفس الرسم. وتوجد أيضا حارف 
غنية بالحركةء كما توجد زخارف ثابتة كل الثبات . وبينما نجد أن هناك 
تفضيلا واضحا لاستعمال مواد بسيطة كالطفل والزجاج والنحاس والبرونز 
والصوف والقطنء فإن المسلمين استعملوا في فنهم كذلك وعلى نطاق واسع 
معادن نفيسةء وأحجارا شبه كريمةء والرخام والعاج والحرير. وحقيقة إن 
اللون كان عنصرا مهما في الفن الإسلاميء غير أن الألوان الباهتة التي 
تبدو على الطفل والخشب والمعادن العادية كانت كثيرة أيضا. وأخيرا لابد 
أن نستبعد الاستنتاج القائل إن الفن الإسلامي فن يستخدم الرسوم الزخرفية 
المجردة وحسب. لأنه توجد أعمال فنية تمثل آشكالا حيةء وبصورة رئيسية 
في التصوير وفي الفنون الزخرفية. وبخاصة فيما يتصل با موضوعات الفنية 
التي تتعلق بالأمراء أو التي تستخدم فيها عناصر حيوانية. 


الفن والعمارة 


وبينما نجد أن كل هذه الظواهر ذات أهمية رئيسية فإن أحدا منها 
ليس له طابع ale‏ وعليه قلا يوجد بينها ما يمكن أن يوصف بأنه العامل 
الحاسم. وهذا يترك ناحية واحدة وحسب مفتوحة للبحث» وهي التناسق 
العام والتوازن القائم بين الأجزاء وكمال التكوين الفني كله. وهذه الناحية 
تتوافر بحق في كل أعمال الفن الإسلاميء الأمر الذي يحملنا على اعتبارها 
أهم العناصر الإسلامية جميعا. وقد وصف الإمام الغزالي طبيعة هذه 
الناحية وصفا جيدا حوالي سنة 500 ه/106ام: وذلك في النص التالي 
المقتبس من كتابه «كيمياء eo iD aal‏ شيءء كجماله وحسنه في أن 
یکر کات الا د اکر که کا كان Los‏ ماوت اة حا 
فهو في غاية الجمال... والخط الحسن كل ما يجمع ما يليق بالخط من 
تناسب الحروف وتوازيها واستقامة ترتيبها وحسن انتظامها. ولكل شيء 
كمال يليق به. وقد يليق بغير «ضد». فحسن كل شيء في كماله الذي يليق 
به. فلا يحسن الإنسان بما يحسن به الفرّسء ولا يحسن الخط بما يحسن 
به الصوت. ولا تحسن الأواني بما تحسن به الثياب وكذلك جميع 
Oli‏ 

هذا الاستنتاج الذي بيناه ينبغي أن يدعم عن طريق اعتبارين آخرين؛ 
الأول أنه لكي يمكن توافر تناسق في التصميم لابد أن يوجد تصميم أصلا. 
ومن هنا ينبغي التأكيد على أن الأشياء غير المزخرفة نادرة بحق في الفن 
الإسلامي. حتى أن الفخار الرخيص غير المزجج (الخالي من الطلاء المينائي) 
يتضمن دائما شيئا من الزخرفة. وضي بعض الأحيان نجد أن جزءا كبيرا 
من هذه الزخارف قد عمل بطريقة الطبع أو الوحدات المصبوبة. أما الاعتبار 
الثاني فيتمثل في أن مقولات الحكم الجمالي: فيما يتعلق بالمصورين كما 
ذكرها ميرزا محمد حيدر دوغلات (حوالي سنة 958-906ه/551-1500ام) 
هي الرقة والتناسقء اللذان يضمان قيما أخرى كالنعومة والطلاوة والرقة 
والوقع اللطيف والنظافة والصفاء والصقل والمتانة. في حين أن مصطلحات 
مثل «غير متناسق» (لا تمائلي) أو «فج» هي التي تعبر عن ضآلة قيمة العمل 
الفني . والواقع أن اللوحات الغربية والشبيهة بالرسم الفكاهي» لم تظهر 
في التصوير الإسلامي إلا في وقت متأخر نسبياء أي في القرنين الحادي 
عشر والثاني عشر للهجرة/السابع عشر والثامن عشر للميلادء وذلك في 


تراث الإسلام 


المنمنمات التركية؛ وبدرجة أقل في المنمنمات الفارسية المعاصرة لها. كما 
لا نجد تكوينات متحركة بحرية؛ أو مشكلة بصورة غير منتظمة: إلا فى 
الرسوم المعروفة بالصينيات -Chinoiserie de Signs‏ 1 

فهل هناك أي دليل يرينا كيف أحسن المشاهد المسلم بذلك العنصر 
الأساسي من التناسق الداخلي؟ على الرغم من صعوبة العثور على شواهد 
تتيح إصدار حكم في هذا الموضوع؛ فإن المسلمين كما يبدو توصلوا إلى هذا 
الإحساس على مستويات متعددة. ففي المستوى الأول (الذي قد يعده 
الميتافيزيقي أدنى المستويات): نجد «الجاذبية الجمالية». وفي هذا يقول 
جمال الدين الرومي :«كل ما كان جميلا رائق الحسن فقد صنع من أجل 
الإحساس السليم الذي يدركه ويتذوقه». (المثنوي ج-اء البيت 2383) . لأن 
الأمر هنا كما يقول الغزالى «كل ما إدراكه لذة وراحة فهو محبوب عند 
Bis sus dl asa hena‏ الجمال والتناسقء هي الدافع الذي أدى 
أصلا إلى صنع العمل الفني الذي جعل مثل هذا العمل موضع إقبال المشترين 
له عندما يتم صنعه. وما زال هذا إلى اليوم هو أساس جاذبية العمل عنذ 
الذواقة. 

وعلى المستوى الثاني؛ نجد أن التصميم يلبي حاجة نفسية. فهو يخاطب 
الحساسية الإنسانية التي يزعجها ما يحيط بها من المناظر الطبيعية التي 
لم تمسها يد التهذيب, والمشاهد المغفزعة, وأحيانا المعالم التي تبدو لرائيها 
كهيئات الأشباح:؛ والتي لا ترتاح إلى المشاهد غير الجذابة في شوارع القرى 
والمدن المتداخلة ذات الالتواءات والمنعطفات. فيكون الرد على ذلك كله هو 
التناسق الشكلي الخطي الذي تكون خطوطه مستقيمة في حالة الأعمال 
المعمارية والحدائق. ثم يزداد جمالا بإغنائه بالألوان التي تعتبر دواء شافيا 
من الملل والرتابة الشاملة المنبعثة عن امتداد الرمل أو الصخر في كل مكان. 
ويتبين المرء مدى الحاجة البالغة إلى رؤية الألوان» في ذلك القدر العظيم 
من الخزف الغني بالطلاء المينائي ذي البريق المعدني. كما يتجلى في صورة 
أدعى إلى الدهشة في التغطية المعمارية للجدران بأشكال شتى» كما نرى 
فى الآجر الابرات وا سوسا الغيشانى,والقق الا ارت من الطن 
sedi‏ تومت ابا ر asdf us‏ اا او اون 
في مصر والشام» وفي استخدام الزليج (مربعات القيشاني الملونة) في 


334 


الفن والعمارة 


الأندلس والمغرب. وإذا كانت هذه الأمثلة التي ذكرناها تدخل في نطاق 
الجهود الخاصة التي تبذل من أجل تمجيد جماعة أو أمير. فإن نفس 
الشغف بالألوان يتجلى بوضوح في الأعمال التي كانت تصنع لاستمتاع 
الأفراد. بل تتجلى أيضا في أشياء أخرى مثل تسفير الكتب بالجلدء وبخاصة 
تلك التي عملت في القرون الثامن والتاسع والعاشر للهجرة/الرابع عشر 
والخامس عشر والسادس عشر للميلاد. في مصر والشام وإيران وتركياء 
أو في مصنوعات من النحاس الأصفر أو البرونز مطعمة بالنحاس ومكفتة 
بالفضة ومموهة بالذهب وملونة بالميناء السوداء (النيل Nieto‏ ?© على أن 
أبلغ استعمالات الألوان دلالة هو أقرب هذه الاستعمالات إلى الطابع 
الشخصي_.وأعني به الملابس. وقد أبرز هذه الناحية سولومون. دوف جويتين 
(S.D. Goitein)‏ في تحليله للألوان والأصباغ التي كان يستعملها الرجال 
والنساء في ملابسهم» والتي ورد ذكرها في وثائق الجنيزة في مصر القديمة 
(الفسطاط).؛ في القرنين الخامس والسادس للهجرة/الحادي عشر والثاني 
عشر للميلاد. وبخاصة عندما يتحدث عن «التعدد الهائل في الألوان التي 
كانت تستخدم في تلك العصورء والتي كانت تجعل الإنسان في العصور 
الوسطى يبدو كالطيور الاستوائية وهي تصدح بين الأشجار, بآلوان متداخلةء 
وأشكال لامعة براقة. ذات أطياف متغيرة وخطوط وتموجات ° . 

وفي نفس الوقت أشار هذا العلأمة الفذ إلى التناسق العام في مظهر 
الناس» مما جعلهم يتحرون الانسجام بين الملابس الغنية بالآلوان وما يناسبها 
من نعال وعمائم. 

وإذا كان الشخص العادي يكتفي بهذين التأثيرين اللذين يحدثهماء وهما 
الجاذبية الجمالية والاستجابة لحاجة نفسية؛ فإن أناسا آخرين من ذوي 
الطبائع التأملية والدينية. قد يشعرون بسرور داخلي من خلال النظر إلى 
الفن بطريقة أعمق. ومن هنا نجد نظرة أخرى إلى الفنء يمكن أن نسميها 
نظرة أخلاقيةء ترى الفن على أنه صورة للفضيلة. وكان القاضي أحمد 
يقول: «إن صفاء الكتابة ينبع من صفاء القلوب». والقاضي أحمد هذا 
صاحب تأليف إيراني عن الخطاطين ومصوري الكتب في أوائل القرن 
الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي. وهو يسند ذلك الرأي إلى 
مصدر رفيع ويقول: «إن غرض علي المرتضى (وال مراد الخليفة علي ابن أبي 


تراث الإسلام 


طالب) كرم الله وجهه من تجويد الكتابة لم يكن ابتكار الحروف والنقطء 
ولكنه كان يرمي من ورائها إلى تحقيق الهدفين الأساسيين وهما الصفاء 
PaL aat,‏ 

وهذا الرأي يعبر عن موقف كان أبو حامد الغزالي قد اتخذه قبل ذلك 
بخمسمائة rale‏ وعبر عنه بقوله: «فمن رأى... حسن نقش النقاش وبناء 
البناء انكشف له من هذه الأفعال صفاتها الجميلة الباطنة التي يرجع 
حاملها عند البحث إلى العلم والقدرة/2: ونتيجة لذلك فإننا نجد أن 
تراجم الفنانين والمصورين تصفهم أحيانا كثيرة بأنهم كانوا نماذج من التقى 
الوادع» بالرغم من أن موقفهم من الدين موضع شك» في حين أن زملاءهم 
الذين ارتحلوا كثيرا وعاشوا حياة عنيفة؛ كان ينظر إليهم بغير رضا. وعلى 
ذلك فإن المثل الأعلى للفنان أو الصانع الماهر المسلم لا صلة له بالفنان 
البوهيمي الذي نعرفه من العصر الرومانسي. 

على أن أعلى مستوى في تأمل الفن يتمثل عند أولئك الذين ينظرون 
إليه نظرة ميتافيزيقية. وخاصة الصوفيين منهم. وهذه النظرة تصل إلى 
استبصار أسمىء يتجاوز بكثير المظهر السطحي للأشياء. ويتمثل ذلك في 
قول الغزالي: «إن الجمال ينقسم إلى جمال الصورة الظاهرة المدركة بعين 
wi pil‏ وإلى جمال الصورة الباطنة المدركة بعين القلب ونور البصيرة. 
والأول يدركه الصبيان والبهائم: والثاني يدركه أرباب القلوب ولا يشاركهم 
فيه من لا يعلم إلا ظاهرا من الحياة الدنيا. وكل جمال فهو محبوب عند 
Vicious‏ كان مدركا بالقلب فهو محبوب القلب!!!؟). وفي هذه 
النظرة إلى الفنء تتحول القطعة الفنية إلى مفتاح أو مدخل لإدراك حقائق 
أسمىء كما يتبين ذلك في قول جلال الدين الرومي: «إن الشخص العادي 
يرى في العقل طينا متشكلا فقط. في حين أن الآخرين ينظرون إلى الطين 
على أنه حافل بالمعرفة والآعمال» (المثنوي ج 6: بيت 1144). وقد عبر جلال 
الدين الرومي عن الفكرة نفسها في صور شتىء كما نرى في الأبيات التالية: 

- هل يرسم أي رسام صورة جميلة حبا في الصورة نفسهاء دون أن يأمل 
في المنفعة من ورائها؟ 

- وهل يصنع الفخاري جرة على عجل» حبا في الجرة نفسهاء دون 
تفكير في الماء؟ 


336 


الفن والعمارة 


- وهل يكتب خطاط كتابة فنية. حبا في الكتابة ذاتهاء دون أن تكون 
القراءة هى غايته منها؟ 

إن الصو الكاهرة إا عبات لكي هرك الصمؤرة الباظدة: والهنورة 
الأخيرة تشكلت من أجل إدراك صورة باطنية أخرى على قدر نفاذ بصيرتك. 

- فالصورة الأولى إنما تعمل من أجل الوصول إلى الثانية. مثل ارتقاء 
درجات سلم. (المثنوي ج 4: الأبيات 2892-2881( - 

في هذه النظرة يصبح التوازي بين الصنعة البشرية والصنعة الإلهية 
أمرا بالغ الدلالةء إذ إنه وسيلة لإدراك أسرار عالية. فلننظر الآن في أبيات 
أخرى لجلال الدين الرومي : 

- إذا قلت إن الشرور أيضا من عنده؛ (وهو حق) فكيف يقال إن في ذلك 
واا l‏ 

- وحتى عندما تحدث هذه الشرور فإن ذلك يكون دليلا على كماله. 
وسأقص عليك أيها الفاضل؛ قصة توضح ذلك: 

- قام مصور بصنع نوعين من الصور» صورة جميلةء وصورة خالية من 
الجمال. 

- فكلا النوعين من الصور دليل على قدرته؛ فالصور القبيحة ليست 
دليلا على قبحه إنما هي دليل على فضله. 

- فهو يصور القبح الشنيع قبحا فحسب. ويحيطه بكل ما يمكن تصوره 
من القبح. 

- ولكي يتجلى كمال صنعته؛ فإن من ينكر قدرته؛ ينبغي أن يلام. 

- وإذا كان الله سبحانه وتعالى لا يستطيع خلق الشيء القبيح» فإن في 
ذلك مساسا بقدرته. ومن هنا فهو خالق كل من الكافر والمؤمن. 

(المشنوي ج 2: الأبيات 2542-2535) . 

واستطرادا لهذه الفكرة. يصبح الكمال الفني امتدادا ونظيرا للانسان 
الكامل. وهذا الإنسان في رأي محيي الدين بن عربي (638-560ه/65| -١‏ 
0ام) «يجمع في نفسه صورة الله وصورة العالم. وهو وحده الذي تتجلى 
فيه الذات الإلهية بكل الصفات والأسماء (بما فيها الجمال). وهو المرآة 
التي تنكشف له فيها ذاته. ونحن أنفسنا الصفات التي نصف بها اللهء 


ووجودنا ما هو إلا تحقيق ices‏ 


337 


تراث الإسلام 


وأيا كانت الطريقة التي تتخذ للنظر إلى العمل الفنيء سواء أكانت 
تعتمد على تجربة واحدة؛ أو تمت على مستويات شتى. وسواء أكانت لقاء 
واعيا أم مجرد إحساس غامضء فإن الصورة الخارجية المتوافقة؛ التي 
تبهر النظرء كانت دائما هي التي تحمل رسالة الفن» خاصة أن الرمز أو 
الاتصال اللفظي لم يكن يقوم كما رأينا إلا بدور ثانوي. ولا أهمية هنا 
لكون التوريق وصور الزهور والأشكال الهندسية والكتابات المنقوشة بل 
حتى صور الحيوان والإنسان يشوبها قدر من تكرار المظهر وتماثله؛ مما 
جعلها تدخل بسهولة في إطار أشكال محددة لا تتغير. ونفس الخاصية 
يمكن أن تلاحظ في جانب كبير من الأدب بموضوعاته التقليدية الثابتةء 
واتجاه البشر العام إلى أن يتوافقوا مع الأنماط المثالية سواء أكان ملكا أم 
وزيرا أم كاتبا أم أديبا أم فقيها. والواقع أن اتجاه الفن الإسلامي إلى 
المحافظة على انسجام نمطي عام» جعل هذا الفن وكأنه لغة مشتركة يفهمها 
آهل عالم الإسلام بسهولةء ويستمتعون بها ويقلدونها في كل مكانء وكان 
لهذا الفن جاذبية أوسع من جاذبية اللغة العربية نفسها أو حتى الحروف 
aly Ay pall‏ يكن يفوقه إلا الدين. ومن هنا جاء تأثيره الشامل في جماعة 
تسود الأمية أفرادهاء وتتميز بالتقشف العام في حياتهاء la‏ ذلك 
خساسة اتفعالياء وهي جماعة تحاول داكما آن تجد طريقها إلى الخلاض 
(من متاعب الدنيا) دون تدخل من قديس أو وساطة من كهنوت. 

ومع أن الفن الإسلامي كان يبدو عندما بلغ أنضج عصوره.؛ وكأنه شيء 
لا مثيل له؛ فإنه في الحقيقة تكوّن من أصول شتى؛ بل تضمن عناصر 
حضارية مناقضة لروح الإسلام أحيانا ولطبيعته. فإن المسلمين. عندما 
طوروا فنهم» بذلوا جهودا كبيرة لاستبعاد كل أثر للرموز التي تشير إلى 
أديان سابقة على الإسلام. وكانت هناك وسائل وأساليب شتى تعبر بها 
العقيدة الجديدة عن انتصارهاء ولكن ذلك التعبير لم يكن ليتم باتخاذ أي 
رمز ظاهر للأديان التي حل محلها الإسلام في البلاد التي دخلهاء كرمزي 
الصليب وموقد النار . ومع ذلك فقد كانت توجد قبل الأديان السابقة 
على الإسلام» أديان أخرى أقدم منهاء وبخاصة تلك الأساطير السحيقة في 
القدم» والمفاهيم السحرية التي كانت قائمة منذ عصر ما قبل التاريخ. وقد 
دلت الأبحاث الحديثة على أنه إلى جانب الموضوعات الرئيسية الثابتة ذات 


الفن والعمارة 


المظهر الهادئ في الفن الإسلاميء وبالإضافة إلى الكتابات المنقوشة بخطوط 
غنية جميلة والتصاوير التي تمثل الأمراء. كانت توجد أيضا موضوعات 
قديمة تعبر عن المأثور الشعبي العالمي وعن القوى الطبيعية والخارفة للطبيعة 
التي تصور في هيئة رمزية في مشاهد القتال وأشكال الحيوانات وغير 
ذلك من الرموز القديمة!4) . ومهما كان الوعي بطبيعة هذه الرموز-والأرجح 
أنه كان وعيا غير محدود. شديد الفموض-فإنه يظل من الصحيح أن الناس 
ظلوا يعتقدون أنها تمثل قوى ينبغي مواجهتها. ويخافون من تأثيرها . غير 
أن الفنان المسلم تمكن بنجاح من أن يتمثل تلك الرموز ويدخلها ضمن 
المصطلح الفني الإسلامي الشائع؛ وبذلك خفيت عن الآنظارء وبدت وكأنها 
مجرد رسوم أخرى لا ضرر فيها وذات هيئة جمالية جذابة؛ رسمت بمهارة 
على إناء من الفخار أو على حلية معدنية. 

ومن الطبيعي أن يكون أثر الإقليم الذي صنع فيه العمل الفني. أظهر 
من أي أثر آخر. ومن هناء فقد عادت الموضوعات الملكية التي ترجع إلى 
عصور الساسانيين والأخمينيين إلى الظهور في القرنين السادس والسابع 
للهجرة/ الثاني عشر والثالث عشر للميلاد. وإذا ذهبنا إلى أبعد من ذلك 
في التاريخ الإيراني» فإننا نجد آنية فخارية تحمل رسوم حيوانات» وترجع 
إلى ما قبل التاريخ: وبعد ألف أو ألفين من السنين تظهر من جديد في الفن 
الإسلاميء وإن كانت أشكالها تجافي المفاهيم الإسلامية. فأشكال الحيوانات 
التي رسمت بنفس هيئتها الظلية (5616 ءناءدهط511) التي كانت تبدو عليها 
في فخار ما قبل التاريخ؛ استعملت مرة أخرى في أكثر فترات العصور 
الوسطى تطورا وتقدما. بل إننا نجد أن مشاكل وأساليب تصويرية غريبة 
وقديمة تظهر من جديد فجأة وتتجلى ويعاد استعمالها بصورة يبدو تفسيرها 
مستحيلا . وهذه الظاهرة تكشف لنا عن وجود طبقة تحتية تتضمن مفاهيم 
غابرةء كان الإسلام من القوة بحيث استطاع مواجهتها وإدماجها في aia‏ 
إلى الفن الإسلامي. وعلى ذلك فبالرغم من الأشكال الجديدة التي اتخذها 
الفن الإسلاميء» والتي تمثل لغة فنية مستحدتة واسعة الانتشارء فإننا لابد 
أن نقرر أنه كان في هذا الفن خط محافظ ثابت» وإن كان ذلك الخط قد 
أغفل في كثير من الأحيان بسبب عملية تجريد الأشكال والصور من معانيها 
القديمة وتحييدهاء وهي عملية تمثل إحدى طرق صبغ ذلك الفن بالصبغة 


339 


تراث الإسلام 


الإسلامية. 

وهكذا يتجلى الفن الإسلامي في صورة فن له جذور تقليدية كثيرة 
بالرغم من تجديداته الكثيرة في موضوعاته؛ وفي تركيب هذه الموضوعات 
وإغنائها. ومع أن هذا الفن قام على أشكال محايدة: وتميز بالاعتدال فإنه 
كان في المقام الأول مرتبطا بالإنسانء ولم يقتصر على ذلك» بل كانت له 
أيضا وظيفة ورسالة محددتانء وإن لم تكن هذه الرسالة رسالة لفظية. 
والشيء الذي يعطي ذلك الفن مزيدا من العظمة؛ هو أنه يعلو على تعقيدات 
الحياة البشرية وإحباطاتها ومظاهر التعاسة فيها بطريقة يمكن أن توصف 
Lab‏ وقورة ومفرحة في آن معا. ثم أن الأشكال الفنية المتكررة لا تقوم 
بدور الحيوانات في القصص الخرافي» حيث لا تكون تلك الحيوانات إلا 
بشرا متنكرين؛ وإنما تمارس تلك الأشكال فاعليتها وتتكلم لغتها الخاصة 
الشفافة الهامسة. ولكنها مع ذلك نجحت في أن تجمل الناس يصغون إليها 
ويتأملونها مشدوهين» وكأنهم تحت تأثير منوم مغناطيسيء سواء في داخل 
«دار الإسلام» أو في خارجهاء وهذه القدرة هي التي تعطي الفن الإسلامي 
ظابعة التخاض الفريد: 


ريتشارد إتنجهاوزن 


340 


Nan ys yadan 


أولا: مراجع تتناول مراحل كبيرة من تاريخ الفن الإسلامي: 


- ريتشارد إتنجهاوزن R. Ettinghausen‏ 
«التصوير العرد بي» (Arab Painting)‏ 
لندن 1962. 

O. Grabar أوليغ جرابار‎ - 


«الفن الفارسى قبل الغزو المغكولى وبعده» 
(Persian Art before and after the Mongol Conquest)‏ 


- نفس المؤّلف 
(The Visual Arts, 1050-1350) «1350-1050 (a 3.5 41 (3s all»‏ 
بحث نشر في تاريخ كيمبردج لإيران: القسم الخاص بالعصرين 
السلجوقي والمغولي. 

(The Cambridge History of Iran) 
J.A. Boyle ds igi» 
-659-626 | 5 (1968 (كيمبردج‎ 
D. Hill د. هل:‎ - 
O. Grabar أوليج جرابار‎ 


«العمارة الإسلامية وزخرقتها من سنة 1500-800» 

(Islamic Architecture and its Decoration A. D. 800-1500) 
.1964 لندن‎ 
E. Kuhnel إيرنست كونل:‎ - 
معنى طراز من الزخرفة وتطوره»‎ Gay gill 

(Die Arabeske, Sinn und Wandlung eines Ornaments) 

3L 5.8‏ 1949. 
- نفس المؤّلف 


341 


تراث الإسلام 


(Islamic Art and Architecture) «الفن الإسلامى والعمارة الإسلامية»‎ 


ترجمته إلى الإنجليزية كاثرين واطسون (Katherine Watson)‏ 
لندن 1966. 
- جورج مارسيه G. Marcais‏ 


«فن الإسلام (الفنون والطرز والأساليب الفنية)» 
(L" Art de l'Islam (Arts, Styles and Techniques)‏ 
باريس 1946. 
- ك. أوتو-دورن K. Otto - Dorn‏ 
الفن الإسلامي (الفن العالمي أصوله التاريخية والاجتماعية والدينية: 
الثقافات غير الأوروبية) 
(Kunst des Islam (Kunst der welt, inhre geschichtlichen, und religiosen‏ 
Grundlagen; Die aussereuropasichen Kulturen)‏ 
بادن بادن ۱964 . 
- دومنيك وجانين سوردل D. and J. Courdel‏ 
حضارة الإسلام التقليدية (ضمن مجموعة الحضارات الكبرى) 
La civilisation de l'Islamclassique Les Grand Civilisations)‏ 
باريس 1968. 
- هنري تراس H. Terrasse‏ 
«الإسلام في الأندلس.ء لقاء مع الغرب» 
(Islam d'Espagne. Une rencontre de l'Occident)‏ 


باريس 1958. 
ثانيا: مراجع حول مشاكل الفن الإسلامي: 
c‏ أجا-أوجلو M. Aga - Oglu‏ 
«ملاحظات عن شخصية الفن الإسلامى» 
(Remarks on the Character of Islamic Art)‏ 


بحث نشر فى مجلة الفن (The Art Bulletin)‏ 
مجلد 36 )1954( 5 | 202-175 
- ن. برونوف N. Brunov‏ 


342 


الفن والعمارة 


(Uber einige allgemeine Probleme der Kunst des Islam) 
(Der Islam) بحث نشر في مجلة الإسلام‎ 
131-121 (5 (1928) 17 مجلد‎ 
E.C. Dodd أي. سي. دود‎ - 
«صورة الكلمة» مالاحظات حول التصوير الديني في الإسلام‎ 
(The Image of the World, Notes on 
the Religious Iconography of Islam) 


بحث نشر في مجلة بيريتوس (Berytus)‏ 
مجلد 18 (1969) ص 79-35. 

- ريتشارد إتنجهاوزن R. Ettinghausen‏ 
«شخصية الفن الإسلامي» (The Character of Islamic Art)‏ 
بحث نشر فى كتاب «تراث العرب» (The Arab Heritage)‏ 


حرره نبيه أمين فارس 

(برنستون 1944) ص 267-241. 

- ارنست كونل E. Kuhnel‏ 
«الفن الإسلامى» (Islamische Kunst)‏ 
کناب تقر شمن سا dodi co‏ 

(ست محاضرات للاتحاد الألمانى الشرقى) 

برلين-ليبزج 1935. 1 | 


.67-50 ص‎ 
C. J. Lamm سي. ج. لام‎ - 
(The Spirit of Moslem Art) «روح الفن الإسلامي»‎ 


بحث نشر في مجلة كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول في القاهرة؛ المجلد 
الثالث (مايو 1935) ص 7-1. 1 
- لوي ماسيئنون L. Massignon‏ 
«طرائق العمل الفنى عند الشعوب الإسلامية» 
(Les Methodes de realisation artistique des EE de l'Islam)‏ 


.160-149 ,53-47 y (1921) 2 aloes (Syria) مجلة سوريا‎ 


343 


تراث الإسلام 


نالشا: أضر فون السزخسرضة والستتصويسر عسسند المسلمين في 
الفسنون الأوروبيسسة 

خلال ما يزيد على ألف وثلاثمائة عام كان بين عالم الإسلام والعالم 
الأوروبي مواجهة شبه دائمة. وكانت العلاقات بينهما تتسم بالتفاعل النشط. 
وفي كثير من الأحيان بالتوتر. لكن بالرغم من موقف الإنكار العنيف الذي 
كان الغرب يقفه من الدين الإسلامي ومن Pages‏ وهو موقف لا يزال 
dal caeci io i Mas casali crt alo i as dites csl‏ الى 
كانت مستمرة بينهما والتي بلغت أوجها في الحروب الصليبية وفي فتوح 
الآأتراك العثمانيين في أوروباء فإن الغرب لم يحمل قط غير شعور الإعجاب 
بفنون البلاد الإسلامية. ولم يقتصر الأمر على مجرد قبول تلك الفنون 
بطريظة سلبيقيل إن إمجاب الخرب بالقتون الاسلامرة جلى فى ادال La‏ 
ad aud‏ اکى أك ر داه كرا وجا جوا اعا جلك atad‏ 
دينية أو دنيوية. ويظهر ذلك الإعجاب أيضا في اقتباس الغرب فنون الشرق 
بصورة أو بأخرى. 

ولم يكن هذا التأثير مقصورا على الأقاليم التي ينتظر أن يكون فيها 
مجال للالتقاء الروحي العميق بين الجانبين: والتي حدث فيها بالفعل التقاء 
كهذاء ففي آقاليم الحدود نجد ذلك الأثر متمثلا في التصاوير المستعربية 
وأعمال الحفر الإيطالية على العاج بالإضافة إلى العملة ذات اللغتين التي 
نجدها في إسبانيا وآمالفي وسالرنو* . وقد وجدت في بلاد شمال أوروبا 
انان وكمسون الك قمافة مرخ الغملات الأسلامية ها بين كاملة وناخصية 
وبعضها صنعت منه حلي. وترجع هذه العملات إلى الفترة الواقعة بين 
أواخر الغرن الثاتي وأواكل الغرن الشامسن للبهرة/ اواكل pal coca‏ 
وأوائل القرن الحادي عشر للميلاد. وهي تظهر أنه كانت لهذه الآقاليم 
علاقات تجارية طويلة المدى مع العالم الإسلامي. واكتشف في جزيرة 
جوتلاند (60:1550) السويدية وحدها أكثر من ثلاثين ألف قطعة من العملات 
الإسلامية. ضربها ملوك الدولة السامانية التي قامت في شرقي إيران 
وبلاد ما وراء النهر. كما وجدت قطع أخرى كثيرة من العملات الإسلامية 
في جزر أخرى وعلى طول شواطيٌ بحر D aal‏ 

ويتأكد لدينا تأثير الشرق الأدنى في الشمال الأقصى الأوروبي بحقيقة 


344 


الفن والعمارة 


أخرى. هي أن واحدة من أقدم البسط#** الشرقية الباقية. والتي يرجع 
تاريخ صنعها إلى أوائل القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي؛ 
وجدت فى كنيسة قرية ماربى ((813:5) بشمال السويدء كما أن هناك نوعا 
كاملا gas] cya‏ الإبكترنافية الأنسجة الشرقية الى يعوه ينضها 
إلى cl de € pedal ast‏ ايام وقيقة كيلة الكسر مكل انرجا اقام 
المزخرف بالميناء الذي يرجع إلى القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلاديء 
وجدت في السويد . وعندما نذكر أن هذا التأثير غطى أوسع مساحة ممكنة 
فلابد أن نضيف كذلك أنه شمل كثيرا من مواد الفن إن لم يكن قد شملها 
كلها... ونالاحظ من ناحية أخرى أن ذلك التأثير كان في العادة متقطعاء 
ولم يكن ضخما وملموسا كما حدث بالنسبة لتأثير الفن الصيني على 
الغرب خلال القرن الثامن عشر. وعلى ذلك فليس من قبيل المصادفة ألا 
يوجد للفنون الإسلامية التي افتبسها الغرب اسم عام يطلق عليها مثل لفظ 
«شينوازري)» ci) Chinoiserie‏ الصينيات) مع أنه كان هناك في أوروبا 
منذ القرن الخامس عشر وحتى القرن الثامن عشر من الاهتمام بالأشياء 
المستوردة من تركياء ما جعل الناس يتخذون لها اسما عاما يعرف «بالتركيات» 
eas . (Turquerie)‏ فإنه على الرغم من أن كثيرا من ظواهر هذا التأثير 
الثقافي قد لوحظت,. بل كتب في البعض منهاء فإنها لم تعالج معالجة 
منهجية Male ea Ib Joc Vg‏ 

وقبل أن نقدم عرضا موجزا قصيرا لهذا الموضوع؛ وهو أقصى ما يمكن 
عمله هناء لابد لنا أولا من أن نحاول أن نفهم لماذا لقيت الفنون الشرقية 
هذا القبول في الغرب. وأول نقطة تذكر في هذا الشأن هي نقطة سالبة: 
بمعنى أنه لم يوجد فن تصوير إسلامي خاصء أو فن تشيع فيه رموز دينية 
خاصة يمكن أن تجرح إحساس العقلية المسيحية. فالأشكال الرقيقة البريئة 
التي اتخذها التصوير الإسلامي في هيئة حيوانات وطيور وتوريقات مع 
بعض تصاوير آدمية بين الحين والحينء جعلت الأشياء التي تحمل هذه 
التصاوير مقبولة تماما حتى عند استخدامها في تدثير بقايا قديس أو 
فرشها على درج مذبح كنيسةء ولم يستثن من ذلك شيء حتى الكتابات 
العربية التي كانت تستعمل على نطاق واسع» والتي نجدها في الهالة التي 
تحيط برأس المادونا (أي صورة السيدة مريم العذراء) كما نجدها على 


345 


تراث الإسلام 


أطراف الأثواب التي يلبسها القديسون (في التصاوير) وعلى أبواب 
الكاتدرائيات» وعلى كل سطح آخر يمكن الرسم عليه2”. ومع أن الكتابة 
العربية كان لها معنى رمزي في عالم الإسلام؛ وأن بعض النصوص عبارة 
عن أدعية دينية يتكرر فيها اسم الله فإن أهل الغرب لم يفهموها على هذا 
النحو. ولما كانت هذه الكتايات قد وجدت منقوشة على شخصيات من 
الكتاب المقدسء بما في ذلك الكاهن اليهودي الأكبرء فربما كانت الحروف 
العربية قد فسرت على أنها كتابات عبرية قديمة: أو على الأقل على أنها 
هي الحروف التي كانت تستخدمها شخصيات العهد الجديد والقديسون 
المسيحيون. وعلى هذا النحو نظروا إليها على أنها تختلف عن الحروف 
العبرية التي كان يستعملها اليهود المعاصرون لهم والذين كان تقدير المسيحيين 
لهم ضئيلاء ومن هنا بدت تلك الكتابات العربية جليلة لدرجة جعلتها جديرة 
OL‏ تضمن في إطار مسيحي. 

وهناك سبب أكثر إيجابية لقبول المواد الفنية الإسلامية. وهو قيمتها 
الجمالية الواضحة التي تتمثل في تناسقها وفخامتها وما تحفل به في كثير 
من الأحيان من غنى في الألوان. وهناك ميزة أخرى تتجلى بصورة خاصة 
في العصور الأولىء وهي الدرجة العالية من الإتقان الفني الواضح في 
ينتجه الغرب في تلك العصور. ناهيك عن طرافتها الغريبةء بالإضافة إلى 
المقدسة وبشخصيات دينية معينةء ولقد اتخذ رد الفعل لدى الغرب أشكالا 
شتى. فقي بعض الأحيان كانت المصنوعات الإسلامية تؤخذ كما هي دون 
إدخال أي تغيير عليها. مع استعداد لتهيئتها على نحو يوافق الأغراض 
الغربية.ويدخل فى هذه المجموعة تلك الأعداد الكبيرة من البسط الشرقية 
المستوردة التي كانت دون شك أكثر المصنوعات الإسلامية وفرة في الغرب, 
وهناك مصنوعات إسلامية أخرى ذات قيمة ثقافية أكبرء وإن كانت أقل 
بكثير من ناحية العدد» لم تكن تؤخذ كما هي» وإنما كانت تعدل لتخدم 
آغراضا معينةء وتكيف بما يتفق والذوق الغربي في الأشكال «(Formgefuhl)‏ 
وهكذا فإن قطعة نسيج يمكن أن تستخدم بطانة لتجليد مخطوط فاخر, 
ومن الممكن أن يرسم عليها شكل في وضعها الجديد على نحو يبدو رسمها 


346 


الفن والعمارة 


معه وكأنه أصيلء وتتراءى للعين بعد ذلك وكأنها بطانة لجلدة الكتاب صنعت 
ها اكرون ,و aad atit deo‏ تمتخو الكل قرس ع 
ومع ذلك فهي تبدو لنا أيضا في التصاوير الموجودة في داخل المباني تؤدي 
pid adis‏ کو کیل JEn odds; i‏ 
paige Blaine aes Aad thes‏ 
القرن السايع عشر. ومع أن زخرفته قائمة على الوحدات التي توجد في 
بسط «هولباين» (دزهطاه8) ذات الأشكال الصغيرة: فإنه يختلف عن القطع 
الكثيرة المعروفة في تلك المجموعة التركية إلى حد أنه يظهر وكأنه تفريغ 
غربي جديد لهذا النوع القديم. 

وأكثر التحويرات إبداعية وتطورا تتجلى في تلك الحالات التي كانت 
d‏ الوضوعات الشرفية سكل بالفدل فى سس اة الإنذافية القربية 
وتصبح بذلك قوة فاعلة حافزة إلى المزيد من الإبداع. ففي لوحة «القوّادة» 
(The Procuress)‏ التي رسمها oll (Jan Vermeer) 03) dax in ola‏ .8392 في 
متحف دريزدن YHL abl öh blus gf a (Dresden Gallery)‏ 
iG uult] sse n aa a‏ 
«glial‏ ووساعن على dess‏ طابع اللوحة كلها”. وبين تأثيرات الفنون 
الإسلامية ذات المدى الأوسع حتى مما سبقء ما نجده في تصاوير البندقية 
الكثيرة الغنية بالآلوان» التي يعتقد أن صناعتها على هذا الشكل جاءت 
a‏ الشرقية ال Lea) Auli elisa‏ 
كان من العسير إثيات هذه الحقيقة: ولكن هناك تأثيرا أكثر وضوحا وشمولاء 
يتجلى في أعماق اثنين من عظماء المصوّرين: (Rembrandt) Paal peal ya‏ 
كان يحاول قن كتير من الأحيان shams‏ جو شرقن ladies‏ كا edens easi‏ 
تتعلق بالكتاب المقدسء مع أنه من العسير أن نعين أشكالا محددة في تلك 
اللوحات بخلاف ما كان يرسمه فيها من عمامات وطيالسة تركية ضخمة. 
غير أن قطع النسيج الحريرية اللامعة تساعد على بعث الجو الشرقيء كما 
كان يساعد على ذلك تكوين الصورة على الطريقة المسماة في الفن الغربي 
باسم نور cle 9 «(Chiaroscuro) 79) La‏ أي حال فإن ولع رامبرانت 
od dd tesi‏ دة عا فصل كر فا جد ركاف 
عن رخزمه الحعيعية في أن يضرف فى هتار فك الحهارة الفريية 


347 


تراث الإسلام 


المغرية. ويتجلى التأثير الشرقي بصورة أوضح في الاندماج الفني للرسام 
الفرنسي «ديلاكروا»!”" (Delacroix)‏ في الحضارة الإسلامية. وخاصة في 
طابعها المغربي-وهو تأثير كانت فوته ترجع إلى كونه مبنيا على ملاحظة 
ودراسة حقيقيةء فلوحاته وبشكل خاص مخططاته (Sketches) åy ppal‏ 
لها قيمة وثائقية حقيقيةء وهنا نجد أننا أمام عمل كامل تكون فيه الناحية 
الإسلامية جانبا مهما مندمجا كل الاندماج في مخيلة فنان غربي. 

وهناك ظاهرة أخرى تختلف عن تلك وتتمثل في ظهور شخوص عربية 
وإسلامية بعمائمها وملابسها التقليدية في عدد لا يحصى من لوحات 
عصور القيضةوالباررات زالركركر الفنية, ويظهر :ها بصورة خاصة 
في مناظر وفود ملوك المجوس الثلاثة لمتابعة السيد المسيح أو في تصوير 
شخوص من الكتاب المقدس مثل الملك شاؤول أو الملك أحشويرش 
ALII calS5 . (Ahasuerus)‏ | الصغيرة المصنوعة من الخزف والتى تمثل 
رجالا ونساء من الأتراك ظاهرة شائعة في القرن الثامن عشر. PTT‏ 
القرن أيضا كان الناس يصنعون صورة مسجد تركي في الرياض التي كان 
الأمراء ينشئونهاء كما كانوا يستسيغون أنغام الموسيقى العسكرية التركية. 
ويبدأ ظهور الأشكال الشرقية في الملاحظات التي سجلها الفنانون الغربيون 
خلال زياراتهم لبلاد المشرق الإسلامي. ولدينا من هذه الأشكال سلسلة 
daas‏ بالرسومات التخطيطية التى 52 «جنتيله (Gentile Bellini) «yl‏ 
أثناء EENE IE E EAE‏ وتوظمبر 480] .وقد ضمت 
هذه السلسلة فيما بعد فنانين معروفين أمثال «ملكيور لوركس» Melchior)‏ 
ceuo glag» (Lorichs‏ فاف 89 (Jean Baptiste Vanmour)‏ . وهذان 
الرسامان: بالإضافة إلى مصممي كتب الأزياء المطولة حفظوا لنا من الضياع 
مشاهد ماضية كثيرة. وأشكالا إنسانية كانت توجد في المدن الشرقية. 
وأمثال هذه الموضوعات كانت ترسم بأيدي رسامين رسميين كانوا يرافقون 
البعثات الدبلوماسية؛ ثم يكملها المصورون الذين شاهدوا ما كان يوجد 
أحيانا فى المدن الغريية من أنماط شرقية. 

فإذا انتقلنا الآن إلى الموضوعات الفنية الفعلية (التي انتقلت تأثيرات 
الفن الإسلامي عن طريقها) فإن النسيج لابد أن يحتل مكان الصدارة؛ لأنه 
كان يرد إلى أوروبا من الشرق منذ البداية وترك فيها أثرا لا يممحى. ويكفي 


348 


الفن والعمارة 


لتبين هذه الحقيقة أن ننظر في المصطلحات الكثيرة المشتقة من ألفاظ أو 
أسماء أماكن إسلامية مثل: قطن (00805) وديوان (ديفان (Divan‏ وصفة 
(صوفا (Sofa‏ ومطرح (Matress (pus pilo Ai pa)‏ . والدمشقي (دمسك 
(Damask‏ والموصلي (Muslin call)‏ والبغدادي بلداشين منطعههلة91)8 . 
وأمثال هذه الأصناف لابد أن يكون استيرادها إلى الغرب قد بدأ بعيد قيام 
الدولة الإسلاميةء إن لم تكن قد عرفت طريقها إلى الغرب قبل هذا التاريخ. 
وتدل على ذلك مجموعة كبيرة من الأقمشة الحريرية التي كانت تصنع في 
القرن الثاني الهجريء» الثامن الميلادي في بلدة زندنة قرب بخارىء والتي 
وصلت إلى الغرب في تاريخ مبكرء لكي تستخدم» في ذلك مثل أقمشة 
أخرى 8S‏ 3 في تدثير أو تغليف البقايا المقدسة في كنائس فرنسا وبلجيكا 
asas‏ ولابد من القول إن ضخامة عدد من قطع النسيج التي جلبت 
ses Y all l‏ إلى pei decline GY Adal‏ كانت أكبر الصناعات 
في عالم الإسلام. بحيث كانت تقدم للناس كل ما يحتاجون إليه من ثياب 
وتقدم لهم كذلك أهم لوازم البيت كالأغطية والمساند والوسائد والبسط 
والستر والخيام. ولما كانت قطع النسيج متينة يسهل طيهاء فإنها لم تكن 
عسيرة على النقل. فإذا ما وصلت إلى بلاد الغرب. استخدمت في أغراض 
ثانوية في العادة. مثال ذلك أن نسيجا إسلاميا صنع في وقت مبكر وعليه 
رسم إيراني لطائر. استخدم غطاء لنقاب السيدة العذراء ويوجد الآن في 
كنيسة شارتر (قرب باريس). ومع ذلك ففي بعض الأحيان كانت قطع 
النسيج هذه ينظر إليها نظرة تبجيل؛ وكانت تربط أحياناء بطريقة خاطئة 
بأشخاص ينتمون إلى عصور تاريخية سابقة. ويتمثل ذلك في نقاب القديسة 
(Anne) of‏ المحفوظ في زجاجة من البندقية يرجع تاريخها إلى القرن 
الخامس عشرء وموجودة في كنيسة آبت a (Apt)‏ بلدة فوكلوز (Vaucluse)‏ 
بفرنسا. وفي هذه الحالة نتبين استحالة صحة التاريخ الذي يزعمون أن 
هذه القطعة المنسوجة قد صنعت فيهء وكذلك ما يقال من وظيفتها الأولى. 
وذلك لأنها تحمل كتابة عربية تتضمن شهادة الإسلام واسمي الخليفة 
الفاطمي المستعلي (495-487ه/101-1094ام) ووزيره الأفضلء وعليها أيضا 
ما يفيد أنها صنعت في دمياط بمصر سنة 489 أو 490ه/1096 أو 1097 


Uy. aj‏ كانت هذه القطعة قد نسجت قبل سقوط بيت المقدس في أيدي 


349 


تراث الإسلام 


الصليبيين وهزيمة الأفضل بن بدر الجمالي في عسقلانء فمن الجائز جدا 
أنها قد جلبت إلى أوروبا بواسطة نبلاء بلدة آبت الإقطاعيين أو أسقفها 
الذين اشتركوا في الحملة الصليبية الأولى: والذين كانوا يأخذون معهم 
لدى عودتهم إلى بلادهم بعض الأشياء القيمة ليقدموها إلى كنائسهم على 
سبيل الشكر بمناسبة عودتهم سالمين؛ كما كان يفعل الكثير من الصليبيين. 

وأقدم قطعة نسيج حريرية ذات تصاوير وعليها اسم يمكن تحديد 
تاريخهء واستخدمت في شيء يتصل بالكنيسة أصلها من شرقي إيران. 
ولابد أن تكون قد صنعت قبل عام 350ه/ 961م وهي السنة التي قتل فيها 
القائد التركي الذي ورد اسمه عليها . وكانت هذه القطعة من قبل في كنيسة 
«سان 92 PR ca 53 ô pall (Saint Josse - sur- Mer) « j-xa- o y‏ وهي 
اليوم محفوظة في متحف اللوفر في باريس. ومن ناحية أخرى فإن أقدم 
قطعة حرير مصورة تحمل اسم مدينة إسلامية توجد اليوم ضمن ذخائر 
دير سان ايزيدورو (15100:0 ه55) في مدينة ليون (دمع.1آ) بشمال إسبانيا. 
وتاريخها متأخر بعض الشيء عن تاريخ القطعة الأولى: أي حوالي القرن 
الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي/”*'. ونقرأ على هذه القطعة أنها 
صنعت في بغداد. لكن من الممكن أن تكون محاكاة أندلسية لأصل عراقي. 
فمع أن الكثير من قطع النسيج وصلت إلى أوروبا من بلاد بعيدةء فإن ما 
وجد منها في الكنائس الإسبانية يكون في العادة مجلوبا من مركز صناعي 
أندلسي كوه وذلك ما نتبينه في قا اا المسماة «حجاب الخليفة 
هشام الثاني المؤيد» (403-366ه/013-976ا1م) والتي يمكن أن تكون جزءا من 
ثوب قدم إلى كنيسة سان إستبانء في بلدة سان إستبان دي جرماج San)‏ 
(Esteban de Gormaz‏ كغنمية حرب. وهذا ينطبق آيضا على قطع النسيج 
الموحدية الكبيرة التي ترجع إلى القرن السادس الهجري الثاني عشر 
الميلادي . وفي مقابل هذه الاستعمالات الكنسية للأنسجة الإسلامية 
نجد مثالا لقطعة نسيج أخرى تتصف بمظهر أكثر فخامة ولها مغزى لا يقل 
عن مغزى قطع النسيج الكنسيةء يتمثل في التاريخ الدنيوي الطويل لعباءة 
الاحتفالات التي صنعت أول الأمر للملك النورماندي رجار الثاني في بلرم 
بصقلية عام 133 ام: وأصبحت بعد ذلك تلبس على اعتبار أنها ثوب التتويج 
لآباطرة الإمبراطورية الرومانية المقدسة حتى سنة 806ام. وهذه العباءة 


الفن والعمارة 


ثوب كبير نصف دائري يحمل رسما مكررا مرتين لأسد يفترس جملاء وهو 
تصوير رمزي عميق لاستيلاء النورماند على أرض عربية. وأصل هذا الثوب 
من صنع نساج مسلم كان يعمل في خدمة الملك المسيحي الجديد» ويتضح 
من الكتابة العربية المدونة عليه بحروف كبيرة. ويظهر هذا الثوب المنسوج 
في وظيفته الجديدة؛ في (Albrecht Durer) 55533 c3 jl Less A 5l‏ 
تمذل شازمان متدخرا يطريقة حافية إلى حد فا يكوب التتويج ن7 : 
وابتداء من القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي وحتى القرن 
العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي ظهر استخدام جديد للأقمشة 
المجلوبة من الأندلس ومصر وفارس وتركيا . وكانت هذه الأقمشة قد بدأت 
تصل إلى أوروبا في قطع كبيرة يمكن أن تصنع منها ملابس فاخرة تؤدى 
بها الصلوات المسيحية. ويعتبر جمال النموذج المستورد أهم من تصميم 
الملابس» الذي كان أحيانا غير ناشب على الإطلاق للغرض الذي استعمل 
من أجلهء ومن هنا فإننا نجد أثوابا دينية تتضمن إهداء إلى حاكم مسلم» أو 
تحمل سطورا من قصيدة غزلية أو حتى صورة لمجلس شراب . 

وخلال القرنين السادس والسابع للهجرة/ 

الثاني عشر والثالث عشر للميلاد. ظهر تطور جديد وهو أن النسيج 
الإسلامي أصبح نموذجا ينسج النساجون الأوروبيون على منواله مع 
التصرف. وإن كان ذلك التصرف محدودا. ففي أول الأمر آخذ نموذج 
الرسم الساساني على النسيج» الذي يمثل دوائر مع زوجين من الحيوان 
وقلد في مدينتي (Lucca) IS 9J‏ وریجنزبورغ (Regensburg)‏ . وتبع ذلك اقتباس 
التكوينات ذات الهيئة البيضاوية: ونماذج رسوم مربعات القاشاني الهندسية: 


التي كانت تسج بأشكال مدجنية مقتيسة من رسوم PO s‏ 


وبعد ذلك 
يبدو أن الصناع الأتراك والإيطاليين أثر بعضهم فى بعض وذلك عندما 
أخذوا ينشئون نماذجهم في تصوير القماش بوحدات زهرية وعلى هيئة 
الخرشوف على نطاق واسع. وهناك مجموعة خاصة من قطع النسيج 
تتكون من تلفيعات حريرية طويلة (562175) كانت تدخل فى ملابس الثبلاء 
البولنديين في القرن الثامن عشر. وقد جاء النموذج الذي نقلت عنه من 
إيران في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي» ولكن هذه 
التلتيعات كانت تجلب هي الغالب من إستاتيول بواسطة التجان البولشديية 


تراث الإسلام 


والأرمنء الذين كان لهم دور في تاريخ الفن البولنديء باعتبارهم وسطاء 
مهمين بين الشرق والغرب. ولم يلبث أن أدى ازدياد الطلب على هذا النوع 
من التلفيعات إلى صنع نماذج منها في بولندا على هيئّة أبسط دون أن 
تفقد طابعها الغريب. وظلت تصنع في تلك البلاد وتلبي حاجة السوق فيها 
حتى نهاية القرن الثامن Shing OP tue‏ تأثير متأخر للنسيج الإسلامي 
ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في تصميمات ويليام 


)92( 
موريس `. 


أا اط اقا ت عا هة برها رفا قاتا بذاك من فون الس 
ركا ترت فان الساقضة الأحراك هم الذين اتا بالبسط الشرفية إلى 
الشرق الأدنى في القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي» وذلك 
عندما تحركوا غربا من موطنهم في أواسط آسيا. ونماذج هذه البسط 
eli‏ كير ممروظة د رکا فرت درن ذف کو یرای کین 
قي القرئين السادس والسايع للهجرة/الثاثي عشر Galil‏ عشر للميلاد . 
وضي نهاية هذه المدة نعرف أن البسط وصلت إلى إيطالياء لأنها بدأت تظهر 
في ذلك الوقت في أعداد متزايدة باستمرار في التصاوير الإيطالية وضي 
dios dae alit cdi ots Leda Ld Laus‏ الشيدة العذراء مرسوطة 
على الأرض داخل الأماكن التي كانت تقام فيها الطقوس والصلوات:. أو 
نراها مدلاة من النوافذ كزينة زاهية تعرض على الناس في أيام الأعياد. 
ونجد هذه البسط في أول الآمر تحمل رسم حيوان أو حيوانين أو طائر أو 
طائرين في سلسلة من المثمنات داخل مربعات. وبعد ذلك منذ منتصف 
القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي» بدأت تظهر فيها وحدات 
Aaa yd‏ وهديدسية خا تسق واخدت هذه تزداد إتقافا,:وكانت جميع اسيل 
الأولى تركية؛ Laf‏ البسط المصرية المصنوعة في القاهرة فقد بدأت تصل 
إلى أورويا كي النصت: الثاكن من ple pil Hayat wath Gath‏ 
الملا وف ان cad‏ ساني عقر هما وتاك امعط 
الإيرانيةء وأخيرا جاءت إلى أوروبا بسط مصنوعة من القوقاز والهند. 
ويستدل من اللوحات المرسومة على أن هذه البسط أصبحت تؤدي وظيفة 
olia una 3] iade,‏ المرائد زاظاق عليها ف الوفاكق الايطائية 
(Tapedi da desco) ,JSWI daa 9i (Tapedi da tavola) «34 5Lll da cas»‏ . 4.35 


الفن والعمارة 


وصلت نماذج من هذه البسط إلى أوروبا في أعداد كبيرة» ومن أمثلة ذلك 
أن أيرل لایسیستر Seu! ASU Gye Lyte GIS 6! (Earl of Leicester)‏ 
ترك عند موته ما لا يقل عن ستة وأربعين بساطا تركياء بعضها ذو حجم 
كبير جداء ولكن لا يوجد بينها سوى بساط فارسي واحد وهو أمر له مغزاه. 
laf as‏ الترح psal‏ الوجرى) الاس غت ااي قمر ا هة 
بالا ج on eds Debo utes O‏ ا 
ن مسو AT od‏ من هذ| الترع الغضل شن ولك اهر إلى 
Ael ca gll oda cll gil 39 pauS-(Wolsey) e599 clas’ Ua‏ 
الأولى لهذا النوع من الهدايا الدبلوماسية” . ولاشك في أنه كان للبسط 
E E HU cauda $us der‏ مھا کان ES‏ 
que YI‏ سواء أكانوا من بيت الهابسبيرج o lalai gf (Hapsburg)‏ 
gl Dcus aH] Goss y JL cya Fil aT oaagaall Lon RETO 2,1‏ 
مجردء al el‏ من المياسير من الطبقة الوسطى. ويتبين قدرها الرفيع في 
أنها كانت تستخدم في مناسبات التتويج وغيرها من مناسبات الاحتفالات 
المهمة؛ وأصبحت في عداد ما يسمى اليوم «رمز المكانة الاجتماعية-(5ده5 
[مطمز5)» . 

وقد عرف الموردون من أهل الشرق الإسلامي كيف يروجون لهذه السلعة 
من سلع الترفء كما عرفوا كيف يشبعون رغبات الناس في اقتناتها . فهم لم 
يكتفوا بجلب أجمل القطع إلى السوق الأوروبيةء بل كانوا في بعض الأحيان 
يغيرون هيئة البساط وحجمه»ء وربما كان ذلك بناء على طلب خاص تلبية 
TUN EI IEEE I T.‏ د کان ااا 
E‏ ا d d asta‏ ها اس ان اساج اط اا ن 
العصر العثماني يصنعون بسطا مدورة أو مربعة أو على هيئة صليب . 
وفي إحدى الحالات ذهب عقاد فارسي إلى حد أنه صنع قطعة ثياب بنفس 
الطاريظة eg Hl Ae‏ البسسة ويظهراذيها طن الب رويط 
زخارف من النوع الشائع في البسط تتكون من وحدات زهرية. وهناك 
مجموعة أخرى من البسط تحمل في نسيجها شعارات الأسر النبيلة. ومن 
الواضص elis eda. Lai] dccus oa 1T‏ على dla‏ كاهو مكل قلت التي 
صنعت في كاشان عام ١101ه/602ام:‏ بطلب من الملك سيجسموند الثالث 


تراث الإسلام 


ملك بولندا T (Vasa . Sigismund III)‏ هذه الحالة نعرف قيمة أثمان البسط 
بما في ذلك التكاليف الإضافية لعقد شعارات النبالة في نسيجها. ففي 
نماذج من هذه البسط ترجع إلى أوائل القرن الحادي عشر اليجري/ 
السابع عشر للميلادء نجد زوجين من شارات الأسر النبيلة منسوجين على 
هذه النماذج؛ مما يدل على أن تلك البسط صنعت تذكارا لمصاهرة تمت بين 
أسرتين نبيلتين. وقد صنع بساط cis files‏ على طلب من الأسقف اللاتيني 
لمدينة لفوف («٥۷ا)‏ البولندية بين سنتي ۱614, 1633ء في حين أن سيدا 
آخر ممن صنعت لهم تلك البسط كان رئيسا لفئّة من الحرفيين؛ ومثال ذلك 
أن شركة المصنوعات الجلدية (الأحزمة في cull (Girdlere Company-gyaJ‏ 
أن يصنع لها في لاهور عام ۱634 بساط يحمل شعارها. ولا تزال توجد من 
هذه البسط عشرون قطعة في مجموعة تحمل شعارات النبل» عشرة منها 
صنعت في أوشاق بتركياء وست في إيران واثنتان في كل من القاهرة 
KORAT‏ 

ولما كانت هناك كمية كبيرة متوافرة من هذه البسط الشرقية الجميلة, 
فقد كان من المستحيل عمليا بالنسبة للبسط الأوروبية المصنوعة على منوالها 
أن تنجح في منافستها . وبالفعل فقد وجدت نماذج مقلدة؛ ولكن لم تبذل 
جهود كبيرة للحصول على ترخيص لصنع هذه البسط إلا في ale‏ 1604 
عندما منح شخص يدعى السيد فورتيه (:ع10:0) ترخيصا لصناعة البسطء 
وأصبح لقبه «متعهد صناعة البسط» لصاحب الجلالةء المتخصص في 
البسط ذات الطراز التركي عن رة اشرو ركان اهن eal usi‏ 
الغربية التي أخذت تنافس الشرق في هذه الصناعة مصنع السجاد 
(Savonnerie)‏ الذي أنشأه بيير دي (Pierre du Pont) css‏ عام 605ام. وكان 
طبيعيا أن يحاول هذا المصنع في البداية تقليد أشكال البسط التركية. وقد 
سارت في هذا الطريق بلاد آوروبية آخرىء لكن نظرا للأعداد الوافرة من 
البسط التي كانت ترد من الشرق في أشكال متعددة؛ وريما بأسعار أرخص» 
فإن تلك المحاولات كانت قليلة الجدوىء الأمر الذي جعلها إما أن تتوقف 
بعد وقت قصير كما حدث لمصنع وستمنستر الذي دام من عام ۱750 إلى 
ale‏ 11755 أو تتحول إلى صناعة الطرز الغربية. 

ووجدت في بولندا حالة خاصة7*: ففي حوالي سنة 1643 شرعت 


354 


الفن والعمارة 


جماعة عرفت باسم «هتمان ستانسلاف کونیسبولسکكq« Heman Stanislaw)‏ 
(Koniecpolski‏ في إنشاء مصانع في برودي cals (Brody)‏ تنتج الأقمشة 
والبسط. وكان الغرض الأساسي من إقامتها هو تقليد النماذج الإيطالية, 
ولك ن لما كانت البسط الواردة من إيطاليا وإسبانيا غير متوافرةء فقد اتخذت 
تلك المصانع النماذج الشرقية الفارسية والتركية في هذه الصناعة. وكانت 
الأشكال المستخدمة أول الأمر قريبة من الأشكال الأصلية:؛ إلا أنها أصبحت 
خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر أبسط وأكثر ثباتا. حتى غدت في 
نهاية المطاف أشبه بالصناعات الشعبية. ولم تكن هذه المصانع البولندية 
وحيدة في ذلك المضمارء فخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أقبل 
الفلاحون في إسبانيا وإيطاليا بل في بروسيا الشرقية على صنع قطع من 
البسط تتردد فيها أصداء لنماذج أصلية شرقية؛ وفي بعض الأحيان كان 
تقليد هذه القطع يتم بأمانة cas PP a‏ ملامح أخرى للنماذج الشرقية 
ظهرت بعد ذلك في تصميمات ويليام موريسء وإن كان الاعتماد على الأصول 
الشرقية هنا يظهر بصورة مقصودة ويصدر عن إحساس ذاتي Mealy‏ 
وعلى الرغم من أهمية صناعة المعادن الإسلامية في العصور الوسطى 
فقد كان لها فيما يبدو تأثير أقل في الفنون في أوروبا. وربما يرجع ذلك 
إلى أن القطع المعدنية المفردة كانت في العادة ثقيلة إلى درجة لم يتمكن 
معها الحاج الغربي المتعب أو المحارب الصليبي من حملها معه عند عودته 
إلى بلاده. ومع ذلك فهناك دلائل على وجود قطع من المصنوعات المعدنية 
الإسلامية في أوروباء وعلى ما خلفته من أثر. وأقدم هذه النماذج وأشهرها 
هو تمثال العنقاء البرونزي الموجود في بيزا. ويعتبر هذا التمثال واحدا من 
المشغولات المعدنية الممتازة من العصر الفاطمي في مصر. وحدث في وقت 
ssh‏ ريما في ان الما مقر ان ا عا ةمه دة اة 
شهيرة أخرى من العصور الوسطى من مجموعة مقتنيات ملكية غربية 
وذلك في ظروف غير معروفة لدينا الآن. وأيا كانت هذه الظروف فإن 
القطعة المعدنية التي تعرف باسم «معمدة القديس لويس» (ع0 عتعاقتامة8 
ely clas 3 3 Dus culos 43 (Saint Louis‏ يكن لأسلوبها في الزخرفة أثر في 
aoda asap diat, ces sa] oda]‏ ف 
على الرغم من ظهور أسطورة حوالي نهاية القرن الثامن عشر تربط القديس 


تراث الإسلام 


لويس الذي اشتهر في الحروب الصليبية بهذا الطست الكبير المطعم بالميناء 
الذي كان قد صنع أصلا في مصر أو الشام حوالي سنة 700ه/299-1300. 
وحدث ارتباط بين الحروب الصليبية وقطعة معدنية مستوردة ممائلة هي 
عبارة عن طست امتلكه لمدة طويلة أدواق آرنبيرج (Arenberg)‏ ومحفوظ 
الآن في متحف فرير للف (101) (Freer Gallery of Art)‏ . وقد صنع هذا الطست 
لخصم الصليبيين المسلم السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب قبيل 
منتصف القرن السابع الهجري/الثالث عشر للميلاد. وفي إحدى مراحل 
تاريخه دخل في المجموعات الفنية الخاصة بالأدواق في وقت غير معروف 
الآن؛ بالرغم من أن الرنك المنقوش على القاعدة يبين أن ذلك لابد أن يكون 
قد تم في تاريخ لا يتعدى القرن السابع عشر. 

وبخلاف هذه القطع الفنية الكبيرة المشهورة التي لم يكن لها مع ذلك 
تأثير؛ نجد أن بعض القطع الأصغر حجما كان لها تأثير محدد . وفي بعض 
الأحيان نجد أن النموذج الآصلي لهذه القطع غير معروف إلا عن طريق 
القطع التي صنعت على منواله. وأقدم مجموعة من هذا الطراز تتمثل في 
الأواني الرومانية الطراز Romanesque)‏ التي صنعت على هيئة حيوانات, 
والتي ترجع إلى القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي. ويطلق عليها 
عادة اسم الأواني المائية ذات الأشكال الحيوانية «أكوامانيلز» (وهاتهةتمههم) 
وكانت تستعمل لصب الماء. ولا يمكن الشك في أن هذه القطع قد صنعت 
على نماذج إسلامية شرقية؛ لأنها وجدت في الشرق الإسلامي قبل أن 
توجد في أوروباء وكان لها في أوروبا نفس السمات الوظيفية الشرقية 
كوجود أنابيب لدخول الماء وخروجه. ووجود مقابض مشكلة في هيئّة 
حيوانات: كما كانت تحمل نفس أشكال المخلوقات العجيبة "BETTY‏ من 
الشرق الإسلامي. فضلا عن أن أسلوب زخرفتها واحد في الحالتين!92". 
كما ترجع للعصور الوسطى أيضا مجموعة من القطع المعدنية الفرنسية 
التي تعود إلى النصف الثاني من القرن الثالث عشر للميلاد. وهي عبارة 
عن طسوت من النحاس المطعم بالميناء. وكانت هذه الأواني تصنع أزواجا 
في ليموج (gemellions) «gól gl» euls yeg Lad ås (Limoges)‏ 2-35 
بتكوينات ووحدات زخرفية ذات طابع إسلامي ظاهرء تبدو معه من إيحاء 
قطع إسلامية مماثلة2"9. وهناك كذلك الإسطرلابات التي كانت تعمل 


356 


الفن والعمارة 


بكثرة في الشرق الإسلامي» ثم تقلد تقليدا دقيقا في أوروبا'. ولحسن 
الحظ أن هذه الأدوات الفلكية تكون ممهورة ومؤرخة أحيانا بحيث نستطيع 
أن نتتبع انتشارها بسهولة... 

وحوالي نهاية القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلاديء أي في 
الفترة التي شاع فيها استعمال فن تطعيم المعادن في الشرق الإسلاميء 
أصبح تأثير فن صياغة المعادن الإسلامي أوسع انتشارا في أوروبا. وتمثل 
ذلك في ظهور عدد كبير من الطسوت والقصاع والأطباق الكبيرة والأباريق 
والشمعدانات مصنوعة بهذه الطريقة في البندقيةء ويحتمل أيضا في بعض 
cya‏ لاطا لخر ر اتر ظهوورها طوال الصف الأول من الشرن 
التالي©"2. وجميع هذه الأواني مصنوعة من نحاس شديد البريق؛ كان 
يصاغ صياغة دقيقة ويطلى بالفضة. وفي بعض الأحيان كانت تلك الأواني 
تمهر بإمضاءات أعضاء جماعة صغيرة من الصناع. إلا أن هذه القطع 
الفنية لم تكن تؤرخ قط. وكانت تسمى في العادة باسم «صنعة العجم» 
(Azziminwork Lips 5S!)‏ )09 تسمية مشتقة من المصطلح العربي «أعجمي» 
للدلالة على غير العرب وخاصة الفرسى9"9). وهذه الحقيقة يؤيدها واحد 
من معلمي هذه الصنعة الذي كان كرديا2'"2. وظلت هذه القطع الفنية 
تشتهر لزمن طويل بآثها من عمل صتاع من الشرق الإسلامي انتقلوا إلى 
البندقية وعملوا فيها. ولكن هذا الافتراض دحض حديثاء بعد الوقوف على 
قواعد نقابات البندقية الصارمة المتشددة التي كانت تجعل ذلك أمرا غير 
ممكن. وعلى ذلك فريما كانت تلك القطع من عمل صناع مسلمين أعدوها 
للتصديرء ويحتمل أن يكون ذلك قد حدث في إيران. ولعل هذا الاحتمال 
يفسر لنا كيف كانت واحدة من هذه القطع ممهورة بلغتين. وهو أمر فريد 
في بابه بين القطع الفنية الشرقية7”'". ومع ذلك فلا شك في أن هذه 
المجموعة من الصناع كان لها تأثير قوي على الإنتاج الفني في شمال 
إيطالياء حيث نجد أن الصناع كانوا يقلدون الطريقة الفنية الشرقية في 
صنع أشياء لها نفس هيئة القطعة المستوردة بصفة ale‏ ولكن مع زيادة 
في أشكال المورقات الغربية والزخارف القائمة على خطوط. ويحتمل أيضا 
أن تكون الرسوم الشرقية هي النموذج أو على الأقل مصدر الإلهام لست 
قطع فنية من النحاس محفورة برسوم دائرية بيضاء على خلفية سوداء. 


357 


تراث الإسلام 


وهذه الرسوم عبارة عن نماذج لأشكال خيوط متداخلة تعود على وجه 
التقريب إلى الفترة الواقعة بين عامي 1483 و 1499ء ويرجع أصلها إلى 
میلان. وکانت في الغالب من صنع أحد آتباع لیوناردو دافنشى(ھل 02100ء1 
«(Vinci‏ الذي ريما يكون قد عمل تصاميم فنية على مثال تصاميم 
أستاذه"''. وحوالي سنة 1507 قلدت هذه الرسوم بدورها في هيئة أعمال 
حفر على الخشب بواسطة فنان كبير آخر Albrecht) 5595 cea jd s‏ 
عناظ) الذي يشير إليها في يومياته عن رحلته إلى الأراضي المنخفضة 
باسم عقد-مههم!''2. ومع براعة صنع هذه الأشكال الزخرفية التي صنعت 
في أوروبا فإنها تبدو أقل من شبيهاتها من النماذج المعمولة بطريقة «صنعة 
tua di (Lg f) egeo‏ ادا تاا رف انریا عا کس 
نظام الخطوط الفاتحة اللون الدقيقة المكفتة بالفضة ذات العرض الواحد 
ف dl apiid dc)‏ در كاتا هی الوضوعات الركيسية للتخرفة 
وترسم إلى ile‏ مجموعة أخرى من اللوضوهات الزخرضية الأكثر قتامة 
ورقة وكثافة. وهي خصائص لا تظهر في النماذج الإيطالية أو الألمانية 
ال صشعت على متواليا: وهةه القساميم الزخرفية بالإشافة إلى الزخارف 
diosa]‏ باسم «توكينبيوتة» 000 أي الأشياء التي غنمت من 
lL 59‏ هي التماذج الأولى التي صفع على متوائها الطراز الواسع الانتشار 
المسمى (Mauresques) a D iS ous yam‏ الذي بدأ صنعه في عام 0 كما 
جاء في الكتاب الذي «(Francesco Pellegrino) 943 seule gSiuuui! 3 dali‏ 
عن الحفر فى الخشب عندما كان يشتغل فى فونتانيلو (Fontainebleau)‏ . 
وتظهر تلك التصاميم هي كتاب عنوائه: دزهرة علم التطريز على الطريقة 
العربية والإيطالية» )114( . La Fleur de la science de broderie, facon arabicque)‏ 
(et Ytalique‏ وهي تحتوي على نماذج من الزخارف ذات لون أسود ومسطحة 
على dus f ola datar Dias Las sali Stall‏ بيضاء اجنو 
Dc M es gag cay dinis alg ciao Ladle cya lun ay‏ 
3iuisaalid as 53253 Los 44255 31 odis ou La pads‏ 
0م أخذ الطباعون في باريس وليون بفرنسا هذه الفكرة. كما اقتبسها 
الصناع الذين كانوا يرسمون التصميمات للصناعة والذين كانوا يعملون في 
إيطاليا وفرنسا وسويسرا وألمانيا والفلاندرز''. ومع ذلك فإن التوريقات 


الفن والعمارة 


لم تلبث أن فقدت خطوطها الدقيقة الصافية وبعديها المحددين؛ وأصبحت 
أكثر تعقيداء ولو أنها ظلت تنم دائما عن أصلها الشرقي الإسلامي. وأبرز 
الفنانين الذين عملوا وفقا لتلك الطريقة هم: بيتر فلوتنر (Peter Flotner)‏ 
ومانويل دويتش öltäll g (Jean de Gourmont) ga z3 93 l> g (Manuel Deutsch)‏ 
المجهول الاسم الذي عرض أعماله ناشر من مدينة أنتورب (Antwerp)‏ 
Cajus cunda docct T‏ کو وا E ad do‏ 
le‏ هولبين الأصفى © (lS (Hans Holbein the Younger) a‏ ينتمي إلى هذه 
المجموعة, لأنه وضع تصميمات نقوش مورقات في سنة 1537. ورغم أن 
هذا الأسلوب لم يدم إلا وقتا محدوداء فإنه يعتبر أقرب محاولة لاقتباس 
أسلوب إسلامي حقيقي واستخدامه في الوسط الغربي. ولم تكن هذه 
ie iaceo atis‏ اي اي داعا وت فاا وا 
OY «ea lius‏ هذه الزخارف المعروفة باسم «موريسك» (وعناو5ع:1ة]3): والتي 
كانت تقترب اقترابا شديدا من المورقات الشرقية الإسلامية. قد NES‏ 
على أشياء كثيرة مما كان يستخدم في الحياة اليومية: وإن كانت ذات 
مستوى فني رفيع وجذاب. وتراوحت هذه الأشياء بين طاولة النردء والآلات 
الموسيقية والدروع؛ مثل تلك التي صنعت في البندقية لأسقف سالزيورج 
(Salzburg)‏ . 

وغلى الو موان انار مل ان ران لهد على عا 
ما فن ا جه ر ال Bond stad‏ ف رات ا اروا من 
الشرق الإسلامى فى أعداد قليلة. ونجد دليلا على ذلك فى طراز الصحاف 
a‏ ى عا ع ا ا 
مستديرة مطلية بالميناء الخزفي, كانت توضع نظرا لتأثير ألوانها في الكنائس 
الإيطاليةء إما في الواجهة الأمامية لمبنى الكنيسة أو في برج الأجراس”''. 
ولما كانت هذه القطع (التي تضمها مباني الكنائس) لا تتيسر للباحثين 
بسهولة فإنها لم تدرس قط دراسة منهجية. لكن الأرجح أن خزفا مجلوبا 
من بلاد إسلامية مختلفةء وخاصة مصرء كان يوضع في مكان الصدارة. 
وممايدل على أن أواني الفخار كانت تستعمل أيضا استعمالا مباشراء 
وو cule‏ اررق شي ads‏ ان لرن اسا ا د 
عشر الميلادي» وهي بيضاء اللون محفورةء ولا تزال قطعة منها محفوظة 


359 


تراث الإسلام 


ومعروفة باسم كأس القربان (08116) بكنيسة القديس جيرولامو (امنة5 
وسةاه). وكانت في الأصل موجودة في كنيسة القديسة أناستاسيا S.)‏ 
uas (Anastasia‏ الآن في المتحف المقدس في الفاتيكان'. وفي القرن 
الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي كان الخزف الأندلسي ذو البريق المعدني 
موضع تقدير كبير في كل من أوروبا والشرق الإسلامي. وقد وجدت قطع 
كاملة منه في الغرب حتى في صقلية وشلزويج-هولشتين (ع1دوعاطء5 
«(Holstein‏ بينما اكتشفت منه قطع كثيرة في أكوام القمامة في الفسطاط 
بمصر. ومن هنا لا ندهش إذا علمنا أن الأطباق والصحون والزهريات 
الخزفية ذات البريق المعدني» المصنوعة في بلنسية والمزينة بشارات النبلء 
قد أصبحت في القرن التاسع وأوائل العاشر للهجرة /الخامس عشر وأوائل 
السادس عشر للميلاد» رموزا لارتفاع المكانة الاجتماعية يتمناها الجميع, 
ولم يقتصر اقتناؤها على الأسر الإسبانية؛ بل حازها أيضا ا 
الذوق الرفيع من الأوروبيين أمثال : أدواق بيرغندياء وآل مديتة يتشي في فلورنساء 
وملوك نابولي بل البابا Ling!) stall gal‏ كائ سباشر بصورة اكير 
مارسه الفخار الإسلامي. وخاصة الأنواع الأندلسية منه المطلية بالقصدير 
المزجج يما يسمى بالسجرافيتو (58:37700) أي الزخارف ذات البريق المعدني. 
وقد وجدت هذه الأنواع والزخارف في صناعة الفخار الإيطالي الناشئة 
التي لم تلبث أن بلغت شأوا غير عادي من الازدهار" "'. وكانت بعض 
أشكال الزخارف على الآنية الخزفية مثل القصاع الصغيرةء والزهريات. 
والقدورء وأواني العقاقير المسماة «البرللي» (نااءعنهطلة أي البراميل الصغيرة) 
بالإضافة إلى وحدات زخرفية معينة قد اقتبست بالفعلء كما أن المؤثرات 
الفنية الخاصة بأساليب الزخرقة التي نشأت أصلا في الشرق الإسلامي 
ثم تطورت في الأندلس» قد أضيفت إليها تحسينات جديدة في المراكز 
الصناعية الإيطالية المختلفة. ومع ذلك فلم يمض وقت طويل حتى أخذت 
زخرفة هذه الأواني أشكال صور بشرية غريبة تماما عن الشرق» مما أدى 
إلى ظهور طراز غربي محدد من الفخار. 

أما الزجاج الإسلاميء فنظرا إلى أنه أكثر قابلية للكسر من الفخارء 
فإنه لم يوجد إلا في أماكن آوروبية قليلة في العصور الوسطىء» مع أن 
اكتشاف آنية زجاجية إسلامية في السويد وجنوب روسيا بل في الصين, 


360 


الفن والعمارة 


يدل على أن بعد المسافة لم يحل دائما دون نقل هذه الأواني. وكانت تلك 
الأواني في العادة تستقر أخيرا في الكاتدرائيات والكنائس والأديرة. وضي 
بعض الأحيان كان يظن أنها هدايا من الصليبيين أو من شارلمان نفسه زيادة 
في التعظيم”'. وأشهر ذخائر الكنائس من الآنية الزجاجية في الوقت 
الحاضر توجد في كنيسة القديس أصطفان في فيناء وهي عبارة عن قارورة 
جاج عا اة اة اا رس رکا آل حراك faens eke‏ 
0مم. ويقال إن هذه القارورة تضم ترابا من أرض بيت لحم مشبع بدماء 
الشهداء. والزخرقة الغنية في هذه القطعة التي عملت لسلطان غير معروف 
رسمت بطريقة تتنافى إلى حد ما مع الجو الديني» لأنها تضم موضوعات 
دنيوية مختلفة؛ بينها فريق من السمار والموسيقيين جالسين على حافة 
الماء'. وقد وجدت أيضا قطع من هذه في مجموعات خاصة:؛ وأشهرها 
قطعة (كان ينبغي ألا تظل موجودة استنادا إلى أسطورة معروفة). هي كوب 
شامي كبير ذو شفة (beaker)‏ ميت أخواتي هام 838فا/40ام iral gag‏ 
باسم «حظ إدينهول Jgäig . (Luck of Edenhall)‏ الأسطورة إن هذه الكأس 
قد تحطمت في ظروف محزنة؛ وقد وصف شاعران ظروف تحطيمهاء 
أولهما لودفيك أوهلاند (0صهلط] عةلسة) ومن بعده لونجفيلو 
(:1101عه123)10). وهناك قطع أخرى نعرفها عن طريق قوائم المتاحف. 
مثال ذلك ما نجده فى القائمة الخاصة بمقتنيات شارل الخامس ملك 
à .(1380-1379) Las Je‏ نقراً في هذه القائمة «ثلاث أوان من الزجاج على 
الطراز الدمشقي». بالإضافة إلى طست وزجاجة سراج. وقطع زجاجية 
أخرى من نفس المكان (أي من دمشق). ونجد في القرن التالي أن القائمة 
الخاصة بمقتنيات بيروكوزيمو دي ميدتشي (ك1ل»11 عل مسسزوه0 وو ذط) حافلة 
كذلك بأشكال مماثلة من الزجاج الدمشقي2229. 

وقد اكتشفت بعض هذه القطع من الزجاج الشامي في أماكن شتى من 
الأراضي المقدسة؛ ومن ثم فليس مما يدعو إلى الدهشة أن تكون الحفائر 
قد كشفت عن ثقافات أخرى من هذه القطع في أنقاض قلعة «مونت 
P csi ga‏ (:0ه810) الصليبية التي خربت في سنة |67ه/272ام. وبحسب 
ما نعلم فإن زخارف تلك القطع كانت معظمها تحمل كتابات جميعها ذات 
تعبيرات إسلامية24". لكن وجدت هناك خمس قطع أخرى يبدو أيضا أنها 


361 


تراث الإسلام 


شامية. وبالرغم من أن زخرفة هذه القطع منفذة بطريقة الطلاء بالميناء 
التقليدية: إلا أن موضوعاتها كانت غربية خالصة. وهذه الزخارف لا تتضمن 
شارات النبل الأوروبية وحسب» بل تشمل كذلك نماذج قصور إمبراطور 
الدولة الرومانية المقدسةء والسيدة العذراء حاملة طفلها وجالسة على عرش 
وأدعية لاتينية موجهة إلى السيدة (Dominn Mater) el‏ بل وإمضاء رئيس 
أحد الأديرة الإيطالية ويدعى الدير .(Aldrevandinus) 127 igen‏ وهذه 
القطع تكون حلقة الوصل تربطها بصناعة الزجاج التي ظهرت في البندقية 
فيما بعد. وكما هو معروف فإن صناع البندقية كانوا يستخدمون الطريقة 
الشرقية في الطلاء بالميناء. وقاموا أيضا بنقل بعض أشكال الزخرفة 
adu]‏ اة الأسلوب الشرقي الدائم الانتشارء الذي يتمثل في 
استخدام صفوف من اللآلىْء وفي رسم زخارف قشرية. 

أما الأشياء المصنوعة من الزجاج الصخري والعاج فريما بدت من الندرة 
بحيث لا نجد لها أهمية في هذا العرض. ومع ذلك فهي تساهم أيضا في 
تفهمنا للموضوع الذي ندرسه؛ فجميع هذه الأشياء تقريبا معروفة لدينا 
عن طريق القطع المحفوظة في الغرب. وخاصة في المنشآت الكنسية. أما 
المصادر الإسلامية فلا نعرف منها شيئا عن استخدام العاج. ففي حالة 
أبواق الصيد العاجية المسماة «أوليفانت» ca a (Oliphant)‏ أوروبية مختلفة 
بقيت لنا حوالي ثلاثين قطعة عليها زخارف إسلامية محفورة. وهذه القطع 
هي التي بقيت من عدد أكبر بكثيرء وتدلنا السجلات القديمة على أن تسعة 
من تلك القرون العاجية cS (Corna Eburnea)‏ تستخدم في ونشستر 
(Speyer) pales ya Iiug Lasa g (Winchester)‏ وأربعة في كل من سالزبوري 
(Salisbary)‏ وليموج (Limoges)‏ وهكذا نجد أن نصف القطع التي ما زالت 
محفوظة ترجع إلى أصل إسلامي”'. والنقطة الثانية التي نود أن ننبه 
إليهاء سبق أن أشرنا إليها آنفاء وهي أنه على الرغم من أن قطع العاج 
والزجاج الصخري كانت أول الأمر تصنع لأغراض دنيوية فإنها كلها تقريبا 
استخدمت بعد ذلك في أغراض دينية”'. وهذه في العادة أصبحت تستخدم 
آنية لحفظ المخلفات المقدسة (أو ارتبطت بها)ء كما تدل على ذلك الزجاجات 
المحفوظة في ذخائر كنيسة القديس مرقص osallis g (Saint Marc)‏ 
لورنزو (San Lorenzo)‏ في فلورنساء حيث نجد واحدة منها تحتوي على أثر 


362 


الفن والعمارة 


ديني يعادل في مكانته الدم المقدسء كما أن قطع الزجاج الصخري أصبحت 
تنسب إليها معان تخدم التعاليم المسيحية. ونظرا لصلابة تلك القطع ونفاذ 
الضوء فيها فقد غدت ترمز إلى سر ولادة العذراء. وكان هذا التصور على 
سبيل المثال في ذهن القديس بريد جيت-(8110860 .:5) الذي نسب إلى السيد 
المسيح قوله «كسيت باللحم دون خطيئة أو شهوة؛ ودخلت رحم العذراء كما 
تنفذ الشمس من خلال حجر كريم»239. 

بل إن صنعة ثانوية مثل فن تجليد الكتب تحمل أيضا طابع المسلمين. 
فلدينا أول الأمر التحسينات الفنية (في هذه الصنعة) التي تعلمتها أوروبا 
من جيرانها الشرقيين. واشتملت هذه التحسينات على إحلال الورق المقوى 
محل الخشب مادة داخلية لجلد الكتاب» والكتابة المذهبة على الجلد وخاصة 
بواسطة أداة محماة. وفي الحالة الأخيرة (آي في حالة الكتابة المذهبة)ء 
لدينا دليل حقيقي يؤكد أسبقية المسلمين على أوروبا في هذا الفن. إذ 
يظهر أول ذكر لعملية تذهيب من هذا النوع في كتاب مغربي يتناول فنون 
صناعة الكتبء ألف في الفترة الواقعة بين سنتي )0502-454./ 108-1062 (a1‏ 
في حين أن أول تجليد استعمل فيه التذهيب بأداة محماة. عمل لسلطان 
من الموحدين في المغرب يرجع تاريخه إلى عام 654ه/256ام. ومن ناحية 
أخرى نجد أن أقدم استعمال غربي لهذا الفن كان في إيطالياء ويعود 
تاريخه إلى عام 863ه/1459١!21*1.‏ ولا يمكن فهم هذه الصنعة في أعظم 
مراحلها إبداعاء وهي النصف الثاني من القرن السادس عشر دون أن 
يدخل في الاعتبار فن تسفير الكتب عند المسلمين. 

وتمثل تصاوير المنمنمات آخر الفنون الإسلامية التي تركت طابعها في 
الغرب. وهنا نجد أن فن عصر سلاطين المغول الكبار في الهند كان أول ما 
ترك أثرا ملحوظا في الغرب. إذ نرى صورة نصفية للسلطان جهانكير ومعه 
صقر واقف على رسغه الآيمن مثبتة على ظهر رصيعة (ميدالية) ميلانية 
مطلية بالميناء. وتعتبر هذه الرصيعة حتى الآن أقدم شاهد ألقي عليه 
الضوء على ذلك التأثير الثقافي. ولدينا شاهد آخر من داخل الرسم نفسه 
يدل على أن نموذج الصورة لابد أن يكون قد تم قبل سنة 014اه/605ام؛ 
وهي السنة التي تولى فيها السلطان أبو المظفر نور الدين محمد جهانكير 
الحكم”'. وكان الرسم إذ ذاك محفورا قرب المساحة البيضاوية من تلك 


363 


تراث الإسلام 


الرصيعة التي كان المقصود منها دون شك أن تكون هدية دبلوماسية لذلك 
السلطان الذي كان مولعا بجمع ما سمي بالقطع الغربية الثمينة Western)‏ 
(Object de vertu‏ بالإضافة إلى جمع المنمنمات. وهناك دليل ذو مغزى أعمق: 
وهو أن المصور المشهور رامبرانت كانت لديه مجموعة تضم أكثر من أربع 
وعشرين لوحة مغوليةء بل دكنية (نسبة إلى منطقة الدكن في وسط الهند) 
نقلها بأسلوبه الفني jamal‏ وذلك قبل أن يضطر إلى بيعها عام 1656 039 
وهذه الصور التي على المنمنمات: هي في الغالب تصاوير أشخاص من أهل 
البلاط. ولم تستطع طريقة رامبرانت الفنية في التصوير المسماة بطريقة 
نور الظلام (Chiaroscuro)‏ وهي أسلوب غريب بطبيعة الحال عن أصل تلك 
الصورء لم تستطع هذه الطريقة ذاتها أن تغير الشخصية الأصلية للرسم. 
إذ ما زلنا نستطيع تبين بعض موضوعات تلك اللوحات2*9. وهذه اللوحات 
التي عملها رامبرانت على عجل وفي مهارة بنفس الوقت, ريما كان المقصود 
منها أن تؤلف مجموعة من التصاوير ذات الموضوعات الشرقية تستعمل 
فيما بعد. على أن الذي يهمنا هنا في هذه اللوحات أكثر من اهتمامنا 
بالنفاذ إلى أساليب رامبرانت الفنية في العمل» هو افتتان هذا الفنان بتلك 
التصاوير التي لابد أن تكون قد اجتذبته بسبب طابعها الغريب. ولم يقتصر 
الأمرفي هذا المجال على رامبرانت: بل إن «ديللاكروا» نسخ أيضا منمنمات 
من البلاد الإسلامية. حيث نقل صور شخوص لا من الفن الهندي وحسب» 
ولكن من التصاوير الفارسية أيضا. ويبدو أن تلك كانت هي المرة الأولى 
التي تفتن اللوحات الفارسية فيها أستاذا كبيرا من أساتذة التصوير في 
الغرب. ويظهر التأثير الطاغي للتصوير في مجال آخر مختلف عن ذلك كل 
الاختلاف. وإن كنا لا نعرف مصادر انتقال هذا التأثير إلى ذلك المجال. 
فهناك عدد من الآلات ذاتية الحركة من عصر الباروكء؛ تمثلت أول الأمر 
فى الساعات التى لابد أن تكون قد اقتبست آخر الأمر عن كتاب فى 
AS poll AT‏ الذاتية (Pe joel‏ الذي ألف كتابه هذا حوالي عام n‏ 
6ام. ويضم هذا الكتاب صورا شبيهة لهذا النوع من الآلات المعقدة 
المصنوعة بطريقة فنية والحافلة بالمفاجآت العجيبة**'). وقد حمل سفير 
لهارون الرشيد ساعة من هذا الطراز قبل ذلك بزمن بعيد إلى بلاط شارلمان. 
وبعد ذلك بزمن حلت الساعات-التي تتحرك بواسطة عجلات في أوروبا- 


364 


الفن والعمارة 


محل الساعات الأولى التي كانت تتحرك بآليات تعتمد على الطاقة المائية, 
والتي اقتبسها العرب عن علماء الطبيعة الإسكندرانيين ثم طوروها فيما 
بعد. 

هذا العرض الذي قدمناه يمكن أن يشبه بضوء كشاف أضاء بعض 
جوانب منظر واسع» فآظهر عددا معينا من التفاصيل بوضوح» وترك تفاصيل 
أخرى يلفها ضباب قاتم أو غارقة في الظلام. ومع ذلك فيبدو أنه يكفي 
(في هذا المجال) أن نقدم لمحات معينة عن طبيعة اللقاء بين أوروبا والعالم 
الإسلامي. وقد أمكن التدليل على وجود عصرين كبيرين تم فيهما ذلك 
اللقاء: العصر الأول من القرن الخامس إلى القرن السابع الهجري/الحادي 
عشر إلى الثالث عشر للميلاد. والعصر الثاني هو الفترة التي تبدأ من 
نهاية القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي. وتمتد حتى القرن 
العاشر للهجرة/ السادس عشر للميلاد . والعصر الأول هو بطبيعة الحال 
فترة الحروب الصليبية. وعلى الرغم من أننا لا نملك معلومات كثيرة عن 
الطريقة التي نقلت بها الموضوعات الفنية من الشرق إلى الغرب خلال هذه 
الفترة, ail‏ كاد يكون من المؤّكد أن تلك الأحداث البعيدة المدى ساعدت 
كثيرا على نقل السلع. أما الفترة الثانية فهي عصر النهضة الذي ساعدت 
فيه حرية الروح الجديدة والوعي الجديد بالعالم» على التغلب على التحيزات 
القديمة. وكانت هناك بطبيعة الحال عصور أخرى للتبادل الثقافي حتى 
قبل الفترة الصليبيةء ولكن هذا التبادل لم يكن ينطوي آبدا على هذا القدر 
الكبير المتنوع من المواد. 

ونخرج من هذا العرض بنتيجة ثابتة هي أن مناطق العالم الإسلامي 
التي كانت المنابع الأولى للاستيراد من الشرق واستلهام فنونه. كانت تقع 
في منطقة البحر الأبيض المتوسط. أي مصر والشام والأندلس والمغرب ثم 
تركيا بعد ذلك. أما بلاد مثل إيران والهند فقد لعبت دورا أقل. كما أن 
مناطق هامشية أخرى مثل القوقاز وآسيا الوسطى كان لها دور أقل من 
الأخيرة في ذلك المجال. ومما له دلالة بالنسبة لهذه العلاقات أن البسط 
القوقازية يندر أن نجد لها أثرا في اللوحات الغربية. وأن سجادات آسيا 
الوسطى لم تصل إلى أوروبا إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. 

والنقطة الثالثة تختص بجوانب الفنون التي اتخذت نماذج لصنع القطع 


365 


تراث الإسلام 


الفنية. وهنا نجد أمرا ذا مغزى, هو أن ما كان يقتبس بطريقة خلاقة؛ لكي 
يطور فيما بعد» لم يكن في العادة القطع نفسها وأشكالها ووظائفهاء ولو أن 
ذلك حدث في بعض الأحيانء كما في حالة القطع المعدنية من الطراز 
الأعجمي Mie‏ (الزمينا 2منمن2ه). لكن الذي قدره الغرب وحاول تقليده 
هو نماذج التصاوير. وذلك ينطبق بصورة خاصة على تصاوير الحيوانات 
وهيئة ترتيبها كما وجدت على قطع النسيج التي ترجع إلى العصور الوسطى, 
بالإضافة إلى ما كان عليها من المورقات وأشكال العقد التي أعجبت الفنانين 
في عصر النهضة. وبعبارة أخرى فإن الغرب كان لديه منذ البداية وعي 
غريزي بما كان يشكل الطبيعة الأساسية للفن الإسلامي ألا وهو قدرته 
على زخرقة المساحات بتصاوير وأشكال تروق للنفس. 

والنقطة الرابعة تتعلق بطريقة إدماج الأشكال الشرقية (في الفن الغربي) . 
ولا يمكن مقارنة هذه الطريقة بالعملية التى أدت إلى ظهور كلمات معينة 
ذات أصول عربية إسلامية في اللغات (dsl‏ فهذه الأخيرة تشبه المتاع 
alise ids oT La dol ds SS aestas ae ipa caldi‏ 
الاقتباس الفني تختلف كذلك عن التحدي المستمر الذي كانت تمارسه 
فنون العصور القديمة على فنون عصر النهضة. فالذي نواجهه هنا (في 
حالة تآثير فنون الشرق الإسلامي على قنون الغرب) هو أقرب إلى أن يكون 
عملية هضم متقطعة تم عن طريقها تمثّل بعض النماذج في مجموع الكيان 
الفني العام ولم تلبث هذه النماذج أن فقدت هويتها الأصلية. 

وإذن ماذا كانت قيمة ذلك اللقاء هنا؟ لابد من الاعتراف بأنه على 
الرغم من أن عرضنا هذا ضم أسماء فنانين مشهورين من أمثال ليوناردو 
ola «(Durer) 559359 (Holbein) (LJ (Leonardo)‏ تأثير المشرق الإسلامي 
في الفن في أوروبا لم يكن حيويا في مجموعه. لقد أغنى الفن الإسلامي 
سوق الفن في أوروباء وأعطاه في بعض الأحيان طعما خاصاء غير أنه لم 
يحدث قط أن اتخذت قنون الغرب نفس اتجاه الفنون الإسلامية وانتهت 
إلى نفس النتائج؛ olg‏ كان يمكن أن نستثني من ذلك أعمال رامبرانت 
وديلاكروا . ذلك أن اللقاء بين الشرق والغرب كان متقطعا ومحدود المدى 
JS obit ied Ma coats LA Apo Moa rosas aea‏ 
التي عرضها لم ترق للذوق الغربي إلى درجة تؤدي إلى إثارة أعمق عواطفه. 


366 


الفن والعمارة 


بل إن هذه الأشكال لم تلق في الغرب القبول بسهولة قط؛ وذلك نظرا لأنها 
لم تكن قريبة أو متفقة مع المفاهيم الغربية في التصوير والنحت. وظلت 
تلك الأشكال بصفة عامة أشياء تثير حب الاستطلاع: تودع في خزائن 
الكنائس دون أن تصبح نماذج ملهمة تمس الروح الغربي. ونلاحظ أن رقة 
الشكل التي جعلت من الممكن للغرب أن يتقبل الفن الشرقي أول الأمرء 
كانت عائقا له في إحداث تأثير أعمق. وكان جزء كبير من الإنتاج راجعا 
إلى المهارة اليدوية الفائقة للصناع الذين لم يتمكن الغرب من رؤيتهم في 
ورشهم» ومن هنا لم يكن هذا الإنتاج ينطوي على إنجازات تقنية كبرى كان 
من الممكن أن تأسر لب أهل الغرب. 

وربما كان عدم انسجام ذلك الفن مع الذوق الأوروبي يتجلى في أعلى 
صوره في مجموعة القطع الفنية التي كان لها أطول وأوسع تأثير في 
أوروباء وهي البسط الشرقية. وهنا نجد أن استعمال هذه البسط في 
الشرق يختلف اختلافا بينا عن استعمالها في الغرب. ففي الشرق يجلس 
الإنسان ويستريح على البساطء ويكون قريبا بجسمه ونظره منه. بحيث 
يمكن دراسة الرسوم التي يشملها ويتأملها بإمعان» خاصة أن البساط لا 
يكون مزدحما بأثاث ضخم من مادة أخرى. أما في الغرب فإن البساط لا 
يلقى مثل هذا التدقيق. فالمرء يجلس على كرسي عال في غرفة مليئة 
بالمناضد والأرائك الوثيرة التي تحجب رؤية البساط الواسع الذي يغطي 
الأرضء في حين أن التصاوير أو النسجيات المصورة: أو ورق الحائط ذا 
الوحدات الزخرفية تزيد من صرف انتباه الأوروبي عن البساطء وبالرغم 
من أن استعمال البساط الشرقى غطاء للمائدة يمكن الإنسان من رؤية 
iat MS ef pu prac‏ الببيظ على تجن 
غير مألوف تماما بالنسبة لعادات أهل الشرق. وكان من الطبيعي نتيجة 
لهذا التناقض في الروح أن الغرب لم يقدر قط على إبداع إنتاج مماثل من 
البسط يمكنه منافسة البساط الشرقي بصورة ناجىة(*. 

ويمكن أن يتضح موقف الغرب من الأشياء الشرقية إذا أدخلنا في 
حسابنا تأثير الحقائق السياسية في هذا المجال. ونحن نشير هنا إلى 
الحروب التركية التي أجبرت أوروبا منذ القرن السادس عشر فصاعدا 
على الاعتراف بالقوة الشرقية الهائلة والتفاهم معها . ونتج عن ذلك اتصال 


367 


تراث الإسلام 


أوثق وأثر أطول مدى في بعض الأحيان على فنون الغرب. وكانت لمعركة 
abut‏ )9 (منصدمع]) عام ١57ام‏ تأثير استمر أكثر من قرن. وتجلى هذا 
التأثير في التصوير وأعمال النحت وحفر الرسوم على المعدن (الكليشيهات 
au V» (etchinge‏ على قطع الورق الكبيرة. كما تجلى في أثاث الكنائس 
وأدواتها. وعندما ضعفت الدولة العثمانية في القرن الثامن عشرء أصبح 
الآتراك أقل مهابة وأصبحوا يصورون في هيئة أشكال خزفية رقيقة:؛ أو 
يثيرون الإعجاب في كتب الأزياء. ومع ذلك فإن صورة الشرق الإسلامي 
كقوة سياسية ظلت لمدة طويلة حقيقة حاضرة في الأذهان الغربية. ولم يكن 
للفنون أثر ممائل في طول المدى أو في تنوع الاستجابات. بل إن شخصية 
فنية تقبل التأثير ولا تنفر منه مثل ديلاكروا لم تجتذبه فنون الشرق في أول 
الأمر عندما زار طنجة والغرب الأقصى والجزائر عام ۱832 . آما الذي آثر 
فيه تأثيرا بالغا فهو النماذج البشرية وكل «الجو» الذي وجده هناك» مع ما 
يزخر به من حياة البشر والحيوانات» وهو الأمر الذي عبر عنه بالعبارة 
التالية «ذلك العنصر الحي المهيب الذي يؤكد نفسه» عتاقطمص The living‏ 
lS Ley yg «sublime‏ اتجاه الفن الإسلامي إلى التدهورء الذي أثر في العالم 
العربي بصورة diols‏ قد أسهم في اتخاذ الغرب لهذا الموقتف العنصري 
الواضح. ولكن الأمر لم يقتصر على أهل الفن: بل شمل أيضا أهل العلم 
الذين ظلوا غير مدركين لجمال الفن المشرقي. إذ بقيت أربع مجلدات كبيرة 
حافلة بتصاوير ورسوم فارسية رائعة من القرنين الثامن والتاسع للهجرة/ 
الرابع عشر والخامس عشر للميلاد: بقيت مجهولة حتى عام 6 عندما 
اكتشفت بمناسبة تنظيم معرض خاص في توبنجن osa cols g . (Tubingen)‏ 
المجلدات الأربعة محفوظة في مكتبة الدولة البروسية منن عام 817ا 
ولكنها لم تدرج في الفهارس قبل ذلك لأنهاء لم تكن تحمل أي نصوص دينية 
أو أدبية. وهكذا فإن تطور البحث في تاريخ الفن الإسلامي لم يبدأ إلا في 
أوائل القرن العشرين. ونشأ عن ذلك فهم جديد وعميق لهذا الفن؛ وساعد 
ذلك على تثقيف الجمهور عن طريق عرض القطع الفنية الإسلامية البارزة 
في المتاحفء وتنظيم العديد من المعارض الكبيرة والصغيرة للفن الإسلامي 
في جميع أرجاء العالم الغربي. 


ريتشارد إتنجهاوزن 


368 


Val ji galaa 


كل الكتب والمقالات المهمة التي نشرت حتى أول يناير 1960 واردة في 
كتاب: ك. أ . سي. Hors adl (K.A.C. Creswell) (oos) S‏ 

«ببليوجرافية العمارة والفنون والصنع الإسلامية حتى أول يناير 1960( 
القاهرة |196. 

A bibliography of Architecture, Arts, and Crafts of Islam to Ist January) 
(1960 

الأعمدة: 1297 1326 . وهي مجموعة هناك تحت العناوين التالية: الأثر 
على الغرب (General) tale iLe gi ga «(Influence on the west)‏ العمارة 
(Ceramics) wLa jad| (Bookbinding) A| iua (Architecture)‏ المعادن 
.(Painting) agua! «Metal‏ النسيج «(Woodwork) (cà! | JUse i (Textiles)‏ 
الحروف العربية والخط الكوفي. 

(Arabic Figures and Cufic Letters) 

وفيما يلي تقدم قائمة بأحدث المؤلفات والمقاللات الأخرى: 

J.A. lazard, L’Orient et la peinture francaise au XIX ‘siécle, dEugéne 
Delacroix à Auguste Renoir (Paris, 1930); G. Amardel, ‘Les Faiences a reflets 
in Bulletin de la commission archéologique métalliques fabriquées à Narbonne, 
de Narbonne, xii (1912), 421 - 35; Sir Thomas Arnold, ‘Islamic Art and its 
in The Legacy of Islam, eds. Sir Thomas Influence on Painting in Europe, 
Arnold and Alfred Guillaume (Oxford, 1931), pp. 151 - 4; G. Ballardini, ‘Alcuni 
influenza mongolo - persiana nelle faenze del secolo decimosesto, cenni sull 
in Faenza, vii (1919), 49-59, and pls. III-VII; idem, ‘Elementi orientali nella 
in Faenza, v (1917), 39-42 and pl. III; J. decorazione delle maioliche primitive, 
Baltrusaitis, Le Moyen age fqntqstiaue: antiquités et exotismes dans lart gothique 


(Paris, 1955); W. Bode, ‘Die Anfange der Majolikakunst in Florenz unter dem 


369 


تراث الإسلام 


in Fahrbuch der kgl. Preuszischen Einfluss der hispanomoresken Majoliken, 
Kunstsammfungen, xxix (1908), 276-98; L. Bréhier, *Les Thémes décoratifs 
in Etudes dArt, i des tissus dorient et leur imitation dans la sculpture romane, 
in Mitteilungen (Alger, 1945), 25 - 63; B[ucher], ‘Die Gurtelfabrik zu Sluck, 
der k. k. Oesterreich. Museums fur Kunst und Industrie, N. F., X (1895), 481- 
2; H. Buchthal, *A Note on Islamic Enamelled Metalwork and its Influence in 
in Ars Islamica, xi-xii (1946), 195-8; A. H. Christie, ‘Islamic the Latin West, 
in The Legacy of Islam, Minor Arts and their Influence upon European Works 
Ist edn., pp. 108-51; idem, ‘The Development of Ornament from Arabic Script, 
in Burlington Magazine, xl (1922), 287-92; Mrs. R. L. Devonshire Quelques 
Influences islamiques sur les arts de IEurope (Cairo, 1935); C. Diehl, *La Peinture 
in Revue de lart ancien et moderne orientaliste en italie au temps de la renaissance 
xix (1906), 5-16 and 143-56; K. Erdmann, Arabische Schriftzeichen als 
Ornamente in der abendlandischen Kunst des Mittelalters, Mainz Akademie 
der Wissenschaften und der Literature, Geistes-und sozial Wissenschaftliche 
Klasse, Abhandlung, Nr.9 (1953) (also vol. 1954, pp. 467-513); idem, Europa 
und der Orientteppich (Berlin-Mainz, 1962); idem, Seven Hundred Years of 
Oriental Carpets, ed. Hanna Erdmann, translated by M. H. Beattie and Hildegard 
Herzog (Berkeley and Los Angeles, 1970) (see in particular the chapters: Early 
Carpets in Western Paintings, Oriental Carpets in paintings of the Renaissance 
and the Baroque, Carpets with European Blazons, Spanish Carpets , European 
Peasant Carpets); R. Ettinghausen, ‘Foundation- Moulded Leatherwork - a Rare 
in Studies in Islamic Art and Egyptian Technique also used in Britain, 
Architecture in Honour of Professor K. A. C. Creswell (The American University 
in Cairo Press, 1965), pp. 63-71; idem, ‘Near Eastern Book Covers and their 
Influence on European Bindings. A Report on the Exhibition “History of 
at the Baltimore Museum of Art, 1957- 58', Ars Orientalis, iii Bookbinding 
in (1959), 113-31; A. Geijer, ‘Oriental Textiles in Scandinavian Versions, 


Festschrift fiir Ernst Kuhnel (Berlin, 1959), pp. 323-35; Gerspach, ‘Die alte 


370 


الفن والعمارة 


1892 in Orientalische Teppiche (Vienna, Teppichfabrication in Paris, 

[- 96], 2 pp.; H. A. R. Gibb, ‘The Influence of Islamic Culture on Medieval 
Europe, Bulletin of the John Rylands Library, xxxviii (1955-6), 82-98; H. Goetz, 
*Oriental Types and Scenes in Renaissance and Baroque Painting, in the 
Burlington Magazine, Ixxiii (1938), 50-62 and 105-15; idem, ‘Persians and 
Persian Costumes in Dutch Painting of the Seventeenth Centurey, in The Art 
Bulletin, xx (1938), 280-90; T. Gottlieb, *Venezianer Einbande des XV. 
Jahrhunderts nach persischen Mustern, Kunst und Kunsthandwerk, xvi (1913), 
153-76; A. Graban, ‘Elements sassanides et islamiques dans enluminures des 
manuscrits espagnoles du haut moyen age, in LArt de la fin delantiquité et du 
moyen age (Paris, 1968), i1. 663-8; idem, “Le Succés des arts orentaux a la cour 
byzantine sous les Macédoniens, in ibid. i. 265-90; W. Hein, ‘Islamische Glaser, 
Syrische emaillierte Glaser und ihre Rezeption vou der Grunder Zeit bis Gallé. 
Mosche-eampeln und ihre Nachahmungen, Joseph Brocard. Ludwig Lobmeyr, 
Anonyme Glaser. Glaser aus Russland. Emile Gallé, in Weltkulturen und 
Moderne Kunst (for full title, see below, p. 320), pp. 80-8; G. F. Hill, *On the 
Early Use of the Arabic Numerals in Europe, in Archaeologia, lxii (1910), 137- 
90; idem, The Development of Arabic Numerals in Europe, exhibited in sixty- 
four tables (Oxford, 1915), 125pp.; W. L. Hillburgh, “Dinanderie Ewers with 
Venetian-Saracenic Decoration, in Burlington Magazine, Ixxix (1941), 17-22; 
H. L. (= H. Ludwig), ‘Die Iznik-Kopien von Théodore Deck und seinen 
Zeitgenossen, in Weltkulturen und Moderne Kunst, pp. 66-8; idem, ‘Graphik, 
in Weltkulturen umd Moderne Kunst, pp. 134-8; idem, 'Odalisken, in 
Weltkulturen und Moderne Kunst, p. 122; idem, ‘Paul Dresler, in Weltkulturen 
und Moderne Kunst, pp. 74-6 (followed by ‘Persische-spanische Vorbilder und 
ihre Nachahmungen, Alhambra-Vasen, Metallarbeiten, pp. 76-80); 
*Pfauenmotive, in Weltkulturen und Moderne Kunst, pp. 94-6; D. R. Howell, 
‘al Khadr and Christian Icons, in Ars Orientalis, vii (1968), 4I-5I; R. A. 
Jairazbhoy, Oriental Influences in Western Art (Bombay, 1965); idem, “The 


371 


تراث الإسلام 


Decorative Use of Arabic Lettering in the West, in The Islamic Review, xliv 
(November, 1956), 23-9; A. F. Kendrick, ‘The Italian Silk Fabrics of the 
Fourteenth Century, in Magaxine of Fine Arts (1906), pp. 202-II and 415-23; 
E. Kuhnel, *Oriente y occidente en el arte medieval, Archivo Espanol de Arte, 
xv (1942), 92-6; idem, ‘Persische Einflusse in der Malerei des Abendlandes, in 
Forschungen und Fortschrifte, vii (1931), 250-I; S. Lane-Poole, *A Venetian 
Azzimina of the Sixteenth Century, in Magazine of Art, ix (1886), 450-3; H. 
Lavoix, 'Les Arts musulmans: de lornamcntation arabe dans les oeuvres des 
maitres italiens, Gazette des Beaux-Arts, 2e période, xvi (1877), 15-29; idem, 
‘Les Azziministes, in Gazette des Beaux-Arts, Ier période, xii (1862), 64-74; J. 
de Loewenstein, *A propos d'un tableau de W. Schellinks sinspirant des 
miniatures mongholers' in Arts asiatiques, v (1958), 293-8; A. de Longpérier, 
‘De lemploi des caracteres arabes dans lornamentation chez les peuples chrétiens 
de loccident, in Revue Archéologique, 2e année (1845), 696-706; H. Ludwig, 
*Aspekte zur Orientalischen Ornamentik und zur Kunst des 20. Jahrhunderts, 
in Weltkulturen und Moderne Kunst, pp. 123-33; ‘Orientalische Motive in 
Buchpublikationen, in Weltkulturen und Moderne Kunst, pp. 138-43; L. Magne, 
Le Palais de Justice de Poitiers: étude sur lart francaise au XIVe et au XVe 
siécle, Librairie centrale des Beaux-Arts (Paris, 1904), 172pp., with 37 plates; 
E. Male, Etudes sur lart à lépoque romane, in Revue de Paris, 28e année (1921), 
491-513 and 711-32; T. Mankowski, ‘Influence of Islamic Art in Poland, Ars 
Islamica, ii (1935), 93-117; G. Margais, *Sur linscription arabe de la cathédrale 
du Puy, in Comptes Rendus de lAcademie des Inscriptions et Belles-Lettres 
(1938), 156-62; Marquet de Vasselot, ‘Ornamentation inspirée des caractérés 
coufiques dans les manuscrits de Citeaux, in Bulletin de la Société Nationale 
des Antiquaires de Frange (1925), 226-8; U. Martens, ‘Oriental-isierende 
Architekture in Berlin, in Weltkulturen und Moderne Kunst, pp. 59-65 
(Einrichtungsgegenstande, pp. 63-5; Theaterdekorationen, p. 65); P. W. Meister, 


*Orientalische Textilien und die europaische Mode, in Weltkulturen und 


372 


الفن والعمارة 


Moderne Kunst, pp. 97-101; F. de Mély, *Intaille avec caractéres coufiques au 
reliquaire de la vraie Croix à Journai, in Bulletin de la Société Nationale des 
Antiquaires de France (1926), 187-9; E. Meyer, ‘Romanische Bronzen und ihre 
islamischen Vorbilder in Festschrift fur Ernst Kuhnel (Berlin, 1959), pp. 317- 
22; L. M. Michon, ‘Influence de lart oriental sur la reliure française au début du 
XVIe siècle, in Bulletin de la Société Nationale des Antiquaires de France (1938), 
195; L. Olschki, ‘Asiatic Exotism in Italian art of the Early Renaissance, in The 
Arts Bulletin, ii (1944), 95-106; R. Pinkham, ‘William De Morgans islamische 
und ostliche Quellen, in Weltkulturen und Moderne Kunst, pp. 69-74; P. Post, 
*Orientalische Einflusse auf die europaische Panzerung der Mittelalters, 
Zeitschrift fur historische Waffen- und Kostumkunde, N. F., ii (1928), 239-40; 
A. Poulet, J. Mailey, V. K. Ostoia, M. Glaze, A. St. Clair, J. M. Dennis, J. 
Parker, E. Winternitz, and M. H. Heckscher, ‘Turquerie, in Bulletin, The 
Metropolitan Museum of Art, xxvi (Jan., 1968), 225-39; S. Reich, ‘Une 
inscription mamlouke sur un dessin italien du quinziéme siécle, in Bulletin de 
Institut dEgypte, xxii (1940), 123-31; A. Renan, ‘La Peinture orientaliste, 
Gazette des Beaux-Arts, 3e période, xi (1894), 43-53; D. S. Rice, “Arabic 
inscriptions on a Brass Basin made for HughIV de Lusignan, Studi orientalistici 
in onore di Giorgio Levi della Vida (Rome, 1956), ii. 390-402; A. Riegal, ‘Die 
Beziehungen der orientalischen Teppichfabrication zu dem europaisch 
Abendlande, in Mitteilungen des k.k. Oesterreich. Museums fur Kunst und 
Industrie, N.F., iii (1890), 210-11 and 234-41; Et. Sabbe, ‘LImportation des 
tissus orientaux en Europe occidentale au haut moyen age (IXe et Xe siécles), 
in Revue Belge de Philologie et dHistoire, xiv (1935), 810-48 and 1261-88; F. 
Sarre, ‘Der Import orientalischer keramik nach Italien im Mittelalter und in der 
Renaissance, in Forschungen und Fortschritte, xi (1933), 423-4; idem, “Ein neues 
Blatt von Rembrandts indischen Zeichnungen, in Jahrbuch der kgl. Preuszischen 
Kunstsammlungen, xxx (1909), 283-90; idem, ‘Rembrandt Zeichnungen nach 


indischislamischen Miniaturen, in Jahrbuch der kgl. preuszichen 


373 


تراث الإسلام 


Kunstsammlungen, xxv (1904), 143-58; ‘The Connexion between the Pottery 
of Miletus and the Florentine Maiolica of the Fifteenth Century, in Transactions 
of the Oriental Ceramic Society [1931-1932] (1933), 16-19 and pls. II-IV; F. 
Saxl, ‘Probleme der Planetenkinderbilden, Kunstchronik und Kunstmark, N.F., 
xxx (1919), 1013-21, M. Shapiro, *The Angel with the Ram in Abrahams 
Sacrifice: A Parallel in Western and Islamic Art, in Ars Islamica, x (1943), 
134-47; H. Schmidt, ‘Rembrandt der islamische Orient und die Antike, in 
Festschrift fur Ernst Kuhnel, pp. 336-49; J. H. Schmidt, ‘Turkish Brocades and 
Italian Imitations, in The Art Bulletin, xv (1933), 374-83; T. Sehmer, Das 
Geheimnis der Gabriels-Kapelle zu Salzburg. Ein einmaliges harmonisches 
Nebeneinander von Klassisch italienischer Renaissance und ebenso reiner 
islamischer Fliesen Kunst (Innsbruck-Munich, 1972); D. G. Shepherd, ‘A 
thirteenth-century textile, in Bulletin of the Cleveland Museum of Art, xxxv 
(1948), III - 12; D. E. Smith and L. C. Karpinski, The Hindu-Arabic Numerals 
(Boston, 1911), 160 pp.; M. L. Solon, ‘The Lustred Tile Pavement of the Palais 
de Justice of Poitiers, in Burlington Magazine, xii (1907), 83-6; G. Soulier, 
‘Les caractéres coufiques dans la peinture toscane, in Gazette des Beaux-Arts, 
5e période, ix (1924), 347-58; Les Influences orientales dans la peinture toscane 
(Paris, 1924); K. M. Swoboda, 'Beruhrungen der christlich-abendlandischen 
Kunst mit der des Islam, Weiner Kunstwissenschaftliche Blatter, Alte und Neue 
Kunst, i (1952), 7-33; J.-L. Vaudoyer, 'LOrientalisme en Europe du XVIIIe 
siécle, Gazette des Beaux-Arts, 4e période, vi (1911), 89-102; Volbach, über 
die Verwendung eines fruhmittelalterlichen orientalischen motives in der 
romanischen kunst des Abendlandes, in Amtliche Berichte aus den Koniglichen 
Kunstsammlungen, xlii (1919), col. 143-50 and Abb. 73-6; idem, Weltkulturen 
und Moderne Kunst. Die Begegnung der europaischen Kunst und Musik im 19. 
und 20. Jahrhundert mit Asien, Afrika, Ozeanien, Afro-und Indo-Amerika, ed. 
S. Wichmann, (Ausstellung veraustalter von organisations Komitee fur die spiele 


der xx. Olympiade) (Munchen, 1972); S. Wichmann, ‘Das Rosensprenggefass 


374 


الفن والعمارة 


in seiner Stellung zwischen Orient und Okzident um 1900', in ibid., pp. 91-3; 
idem, 'Lusterglaser des Art nouveau in der Begegnung mit dem Orient, in 


Weltkilturen und Moderne Kunst, pp. 89-91. 


375 


العواصش و المراجع 


الفصل 2١‏ ول 
)١(‏ ويقصد بذلك موقعة بلاط الشهداء 732م. 
(2) انظر Expositio totius mundi et gentium XX ed. J. Rouge (Paris GUS‏ 1960( - 


Cf. Summary of events in : E. Levi - Provengal Histoir de l'Espagne (55 انظر موجز الأحداث‎ (3) 
. Musulmane (3 ed. Paris-Leiden 1950) I, 225 ff 
- (4) R.W. Southern: Western views of Islam in the Middle Ages. (Cambridge, Mass, 1962) pp. 28 ff 
(5) Karl der Grosse, I, 4, 205 ed. K. Bartsch (Quedlinburg and Leipzig 1857) p. 111 Cf. H. Adolf: 
. Christendom and Islam in the Middle Ages 
New Light on “Grail Stone and “Hidden Host, Speculum, XXXII, (1957) 103-15, at p. 105. 
(6) Cf. Y. and Ch. Pellat, L'idée chez les Sarrasins des Chansons de geste Studia Islamica, XXII 
(1965), 5-42. 
U. Monnoret de Villard, Lo Studio dell'Islam in Europa nel XII e nel XIII seculo, SES pòl (7) 
- studio e Testi ex (Vatican 1944) pp. 2. ff 
Migne; Patrologio Latina, CL XXXIX, 2-651 145! (8) 
.Cf. Southern, pp. 38 ff GUS : SS! Gala) ESS! Least bail, 
. Dom J. Leclercq, Pierre le Venerable (Abbaye St. Wandrille, 1946) pp. 242 f وتاب‎ 
(9) Cf. especially, M. Th. d’Alverny, Deux traductions latines du Coran au Moyen Age, Archives 
d'histoire doctrinale et litteraire du Moyen Age, xxii-xxiii (1947-8), 69-131, and J. Kritzeck, Peter 
the Venerable and Islam (Princeton, 1964) 
(10) Cf. L. Minio-Paluello, * Aristotele dal mondo arabo a quello latino L'Occidente e l'Islam 
nell'alto Medioevo (Settimane di studio del Centro italiano sull'alto Medioevo XII, 2-8 Apr. 1964; 
Spoleto 1965), ii, 37-603 
Millénaire d, (11) Cf. among others M-Th. d'Alverny, *L'introduction d'Avicenne en Occident, 
Avicenne, Revue du Caire, no. 141 (June 1951), 130-9; idem, *Notes sure les traductions médiévales 
d'Avicenne, Archives d'historire doctrinal et littéraire du Moyen Age, xix (1952), 337-58; M. 
Steinschneider, Die europaischen Übersetzungen aus dem Arabischem bis Mitte des 17. 
Fahrhunderts (Leipzig, 1904-5, reprinted Graz, 1956), pp. 16-32 
(12) Opus majus, ed. Bridges ii 227f quoted by R de Vaux, Notes et textes sur l'Avicennisme latin 
aux confines XII ieme stecles (Paris. 1934, Bibliothéque 
thomiste. XX). p. 58, n. 9. 
(13) Cf. J. Jolivet, ‘Abélard et le philosophe (Occident et Islam au XII ieme siécle)’, Revue de 


377 


تراث الإسلام 


histoire des religions, clxiv (1963), 181-9. It is a striking fact that Abelard, exasperated by his 
difficulties with the theologians of his country, was thinking of settling on Muslim soil, where he 
could earn his livign and enjoy a legal status, even though he would be living among enemies of 
Christ. (Abelard, Historia calamitatum, ed. J. Monfrin (Paris 1959), pp. 97f; of R. Roques, Structures 
théologiques de la gnose à Richard de Saint-Victor (Paris, 1962) 

(14) Monneret de Villard, op. cit., p. 36, cf. p. 37, n. 5 

(15) Cf. E. Cerulli, II ‘Libro della Scalala questine delle fonti arabo-spagnole della Divina 

- Commedia (Vatican, 1949), pp. 417 ff 

(16) Ed, Thomas Erpenius, Historia saracenia (Leiden, 1625), following al-Makin's Chronicle 

(17) A. Schaube, Handelsgeschichte der romischen Volker des Mittelmeergebiets bis zum Ende der 
- kreuzzuge (Munich-Berlin 1906), pp. 30f 

(18) Ibid., p. 36. 

(19) Ibid., pp. 33, 296 f.; cf. J. Le Goff. Marchands et banquiers du Moyen Age (Paris, 1956), p. 75 
and R. S. Lopez 'L'importanza del mondo Islamico nella vita 

economica europea Occidente el'Islam nell'alto Medioevo, i. 433-60 at p. 460. 

(20) Histoire anonyme de la premiere Croisades, ed. and tr. Louis Brehier (Les lassiques 

de l'histoire de France au Moyen Age, Paris, 1924), pp. 50, 3. 

(21) Cf. I. Grousset, Histoire des Croisades (Paris, 1936), iii. 28f 

(22) As early as the second half of the thirteenth century the Novellino put forward as a paragon 
who, during a truce, admonished Christians, ‘Saladino... soldano, nobilissimo signore, prode e largo 
and, sickened by their disdain of the poor and by their irreverence towards their own religion, took 
up arms again, whereas in other circumstances he would have become a Christian (§XXV. ed. E. 

- Sicardi, Strasbourg, n.d., pp. 52f.). It should be noted that the story had been told earlier 

(23) This poem, the work of an anonymous Flemish author, survives only in substantial fragments. 
extract from Journal des Savants (Paris, May-Aug. 1893); See Gaston Paris, ‘La légende de Saladin, 
S. Dupare-Quioc,, Le Cycle de la Croisade (Paris, 1955), pp. 128-30; and N. Daniel, Islam and the 
West, the Making of an Image (Edinburgh, 1960), pp, 199-200. 

(24) Duparc-Quioc, op. cit., pp. 128-30; of Daniel, op. cit., p. 199 

(25) Cf. D. C. Munro, ‘The Western Attitude toward Islam during the Period of the 

Crusades, Speculum, vi (1931), 329-43, at p. 339. 

(26) Cf. F. Kantorowicz, Kaiser Friedrich de Zweite (Berlin, 1927-31, reprinted Dusseldorf-Munich 
1963) i, 122, 170f, 321 ff., etc 

(27) Ibid. 455; L. Massignon, ‘La légende de tribus impostoribus et les origines islamiques Revue de 
l'histoire des religions, Ixxxii (1930), 74-8, reprinted in idem, Opera Minora (Beirut, 1963), i. 82-5; 
Southern, op. cit., p. 75 n. 16. 

(28) Cf. Daniel, op. cit., pp. 195 ff. et passim 


(29) Cf. now H. Goetz, ‘Der Orient der Kreuzzuge in Wolframs Parzival, Archive fur 


378 


الهوامش والمراجع 


Kulturgeschichte. xlix (1967), 1-24; M. Plessner. *Orientalistische Bemerkungen zu 
religionshistorischen Deutungen von Wolframs. Parzival, Medium Aevum, xxxvi, (1967), 66-253. 
(30) The Journey of William of Rubruck, tr. from the Latin by W. W. Rockhill (London, Hakluyt 
Society, 1900) 

(31) Inferno, IV, 129, 143f 

(32) Cf. Southern, op. cit., pp. 77 ff 

(33) Ibid, pp. 75f 

(34) Cf. II. Schipperges, Ideologie und Historigraphic des Arab-ismus (Wiesbaden, 1961). 

(35) Petrarch, Senila, XXI, Ep. 2; Opera (Basel, 1581), p. 913, Cf. E. Cerulli, ‘Petrarca e gli Arabi in 
. Studi in onore di A 

Schiaffini - Rivista di cultura classica e mediovale. vii (1965), 331-6. 


(36) انظر فيما يتعلق بكل ذلك الكتاب السايق Southern, pp. 86 ff : S24!‏ - 


(37) J. Burchard, Liber notarum, ed. E. Celani (Citta di Castelio, 1907 13), i. 547 f., French 

- translation by J. Turmel (Paris, 1932), pp. 175ff 

(38) J.R. Hale in The Cambridge Modern History, i. The Renaissance (Cambridge, 1975, 265). 

(39) V. J. Parry, in The Cambridge Modern History, i. 403 

(40) Cf. Daniel, Islam, Europe and Empire (Edinburgh, 1966), pp. 12f 

(41) J. Burckhardt, dieKulture der Renaissance in Italien (Basle, 1860), English translation (London, 
1944), p, 60. 

(42) Cf. R, Schwoebel, The Shadow of the Crescent, the Renaissance Image of the Turk (1453-1517) 
- (Nieuwkoop, 1967) pp. 148, 189, etc 

(43) Cf. Voltaire, Siècle de Louis XIV; ch. XIV; F. Grenard, Grandeur et décadence de l'Asie (Paris, 
1939), p. 130. 

(44) Schwoebel, op. cit., p. 188, cf. p. 180. 

(45) Cf., for example, Machiavelli, The Prince, ch. XIX, for a comparison between the Ottoman 
form of government and that of the Mamelukes, the latter being compared with the Papacy as an 
instance of elective monarchy. Cf. also ch. IV and Discorsi sulla prima Deca di Tito Livio, bk. II, 

. foreword 

(46) Schwoebel, op. cit., p. 178. 

(47) Cf., for example, G. Levi della Vida, ‘Fonti orientali dell’ Isabella ariostesca in his Anedotti e 
svaghi arabi e non arabi Milan-Naples, 1959), pp. 90-170. 

(48) Segraisiana, quoted by G. Lanson in Théatre choisi de Racine (7th edn. Paris, 1910), p. 437. 
(49) Cf. J. Fuck, Die arabishen Studien in Europa bis in den Anfang des 20. Fuhrhunderts (Leipzig, 
1955), pp. 36 ff. Concerning G. Postel, see also more particularly F. Secret, Les Kabbalistes 
.chrétiens de la Renaissance (Paris, 1964), pp. 171 ff. et passim 

(50) See M. Abdel-Halim, Antoine Galland, sa vie et son oeuvre (Paris, 1964) 


379 


تراث الإسلام 


(51) See M. L. Dufrenoy, L'Orient romanesque en France, 1704-1789 (Montreal, 1946-7), 2 vols 

(52) Histoire critique des créances et des coutumes des nations du Levant, par le sieus de Moni 

. (Frankfort, 1684), ch. XV; cf 

Simon’s Letters choises (Amsterdam, 1730), iii, 245 f., 258 f., Feand J. Steinmann, Richard Simon et 

les origines de l’exegese biblique (Paris, 1960), pp. 157 f. 

(53) De religione mahommedica libri duo (1st edn., Utrecht, 1705; 2nd edn. 1717) 

(54) Cf. T. W. Arnold, article ‘Toleration (Muhammadan)’, in J. Hastings, Encyclopedia of Religion 

and Ethics, xii (Edinburgh, 1921. 9-365) 

(55) See Voltaire, Robertson, Herder. Cf. Schipperges, Ideologie und Historiographie des 

Arabismus, pp. 29, 34. The subject was dealt with to the fullest possible extent by the Spanish Jesuit 

Juan Andrés (1740-1817) in his book Origen, progresos y estado de toda la literatura (Italian edn., 

Parma, 1782-98; Spanish tr. 1784-1806) 

(56) Daniel, Islam and the West, p. 288. 

(57) An oscillation in his point of view, of which Muslims and Orientalists alike have seldom been 

aware. Compare, for instance, the tragedy of Mahomet with chapters VI, XXVII, and XLIV of Essai 

sur les Moeurs 

(58) Fück, op. cit., pp. 24-108. 

(59) Cf. Hazard, La Crise de la conscience européenne (1680-1715) Paris 1935), i, 22. 

(60) M. Petrochi, *Il mitto di Maometto in Boulainvillers, Rivista storica italiana, Ix(1948), 367-77. 

(61) Daniel, Islam, Europe and Empire, pp. 14f 

(62) Esprit de lois, iii. 9. 

(63) Anastasius or Memoirs of a Modern Greek (London, 1819), ch. XXXII, French translation by 

J. A. Buchon (Paris, 1844), p. 419. 

(64) Middle Eastern Studies, iv (1968), 296-315, Cf. B. Lewis, 'Some English Travellers in the East 

. and Daniel, op. cit., pp. 13-20 ff 

(65) Confessions, Bk. IV 

(66) Hazard, op. cit., i. 20, 23 f 

(67) Cf. Fück, op. cit., pp. 135 40; R. Schwab, La Renaissance orientale (Paris, 1950), pp. 208 f 
انظر ديوانه: الديوان الغربي‎ )68( 

See his West- ostlicher Divan. Noten und Abhandlungen, Einleitung. 

(69) Lichtenberger, Introduction to the editon with French translation of the 12th Cent. (Paris, 1940). 

Cf. Schwab, op. cit., p. 386. 

(70) Fück, op. cit., p. 141 

(71) Fück, op. cit., pp. 140 58; H. Dehérain, Silvestre de Sacy, ses contemporains et ses disciples 

(Paris, 1938). 

(72) Cf. v.v. Barthold La Decouverte de l'Asie, French translation (Paris, 1947), pp. 264 ff.; J. Fuck, 


Ocerki op. cit., pp. 155, 195, 195 ff.; B. M. Dancig, 'Iz istorii izuceniya bliznegio Vostoka v Rossii 


الهوامش والمراجع 


po istoru russkogo vostokovedenyia, iv (Moscow, 1969), 3-38; I. Yu Krackovski, Ocerki po istoru 

russkoy arabistiki (Moscow Leningrad, 1950), pp. 73 ff., German translation by O. Mehlitz, Die 

. russische Arabistik, Umrisseihrer Entwicklung (Leipzig, 1957); pp. 69 ff 

(73) Daniel in his Islam, Europe and Empire gives more precise information and quotations than 

anyone else. With regard to expltnations, however, his work needs emending in accordance with A. 

. Hourani's suggestions in his review in Middle Eastern Studies, iv (1968), 325 f 

(74) Of outstanding significance is Les Sociétes Secrétes chez les Musulmans (Paris - Lyons, 1899) 

. by Father Rouquette of the Lyons Society of African Missions 

(75) With Some hesitancy, Renan tends towards this view. See especially the famous lecture he gave 

at the Sorbonne on 29 Mar. 1883, L'Islamisme et la science (Paris, 1883). This tendency is taken to 

its extreme in a book eloquently entitled La Pathologie de 1'Islam et les moyens de le détrure (Paris, 

1897) by a militant anti-semitic Greek who called himself D. Kimon and who was also the author of 

an anti-Jewish book, La Politique israelite, étude psychologige (Paris, 1889). 

(76) Cf. J.J. Wardenburg, L'Islam dans le miroir de l'Occident (Paris- The Hague, 1963), pp. 6-120. 

(77) Geschichte der herrschenden Ideen des Islams (Leipzig, 1868, reprinted Hildesheim, 1961), p. 

xvii 

(78) ثمة حالة نموذجية لوجهة النظر هذه في كتاب: محمد اسرائيل والمسيح (باريس 1956( بقلم 
اللاهوتي ش.ج. لودي. 

Already typical of this view is the book Mahomet, Israél et le Christ (Pais, 1956) by the theologian Ch. 

J. Ledit. 

(79) The first congress of Islamic studies with asociological trend was held at Brussels in 1961 

(Colloque sur la sociologie musulmane, 11-14 septembre, 1961, Actes, Brussels, n.d 

(80) Cf. C1. Cahen's ‘Histoire économique et sociale de l'Orient musulman médieval Studia Islamic, 

iii (1955), 93 115, in which he lays down a programme for future studies. The first symposium 

specifically devoted to the médieval, modern. and contemporary economic history of the Muslim 

world was held in London in 1967. Some of the pioneers, whose view-points are largely at variance, 

. have been Jean Sauvaget, Bernard Lewis, and Claude Caheu 

(81) Particularly enlightening is Bichr Farés's article, *Des difficultés d'ordre linguistique, culturel et 

Revue des études social que rencontre un écrivain arabe moderne, spécialement en Egypte 

islamiques, x (1936), 221-42. The difficulties which literary men face are equally valid for research 

- workers in the social sciences 

(82) This was not given its due weight by the Egyptian sociologist A. Abdel-Malek in his criticism 

of European orientalism where, however, there are many things of value (L’Orientalisme en crise 

Diogenes, xliv (1964), 103-40); cf. the rejoin ders by Cahen in a letter to Diogenes, xlix (1965), 135- 

8, and F. Gabrieli, ‘Apology for Orientalism Diogenes, | (1965), 128-36. 

(83) Confirmation is already to be found in a book by an en-lightened non-professional scholar, F. 


Grenard, Grandeur et décadence de l'Asie (Paris, 1939). The same trend is apparent in B. Lewis's 


"The Mongols, the Turks and 


the Muslim Polity Transactions of the Royal Historical Society, 5th series, xviii (1968), 49-68. 


الفصل الثاني 
(I)‏ ثمة مراجع كثيرة جدا وأبحاث حول نظرية بيرين هذه انظر مثلا: 
H.F. Havigurst: The Pirenne Thesis. Analisis Criticism and Revision (Boston 1958)‏ 
F. Gabrielli: Greeks and Arabs in the Central Mediterranean Las) tail‏ 
Dumborton Oaks Papers XVIII (1964), 59-66.‏ 
Sl Eickhoff ES T‏ في الببليوغرافيا في نهاية المبحث. 
Cl. Cahen : “Yia - t-il eu des Rahdanites‏ )2( 
Revue des études juives, 4th series, III, (1964), 466-505.‏ 
مقال : كلودكاهن. هل كان ثمة رهدانية؟ 
H.A. Gibb, Arab-Byzantine Relations under the Umayyad Caliphate, Dumborton Daks XII. ¡il (3)‏ 
)1958( 33-219. 
H. Grégoire and R. Gooseens, ‘By zantinisches Epos and arabischer Ritterroman Zeitscrift der‏ )4( 
deutschen Morgenlan-dischen Gesellschaft, N. F. xiii (1934), 32-213.‏ 
G.C. Miles, ‘The Circulation of Islamic Coinage of the 8th-12th Centuries in Greece Atti del‏ )5( 
Congresso Internazionale di Numismatica (Rome, 1961), ii 98-485.‏ 
Hesperis, xxv Idem, ‘The Arab Mosque in Athens, (1956) 44-329.‏ )6( 
F. Rivista Studi Orientali, xxxv (1961), 53-245. Gabrieli, Ibn Hawqal e gli Arabi di Sicilla‏ )7( 
See, on this and other similar points touched on concerning linguistics in this chapter, G. B.‏ )8( 
in Settimane Pellegrini, *L'elemento arabo nelle lingue neolatine, con particolare riguardo all'Italia‏ 
nell’ Alto Islam nell /de studio del Centro Italiana de studi sull’Alto Medioevo XII, L’Occidente el‏ 
Medioevo (Spoleto, 1965), ii. 790-697.‏ 
U. Rizzitano, Notizie bioliografiche su Ibn al-Qattab il Siciliano, Rendi-Conti Limcei-ser, 8-ix‏ )9( 
.94-260 ,)1954( 
G. Musca, L’Emirato di Bari (847-871) 2nd edn., Bari‏ )10( 
Cl. Cahen, ‘Un texte peu connu relatif au commerce oriental d’ Amalfi au X siécle (1954)‏ )11( 
Archivio Storico per le Province Napoletane, N. S. xxxiv‏ 
F. Gabrieli, ‘La Cultura araba e la scuola medica salernitana Rivista di Studi Salernitani, i‏ )12( 
.7-21 ,)1968( 
E. Garcia Gomez, La trayectoria omeya y la civilizacion de Cordoba, as an introduction to the‏ )13( 
Spanish version (Mtdrid, 1950) of the Histoire de l'Espagne musulmane of Lévi-Provengal (see‏ 
bibliography), the most acute and brilliant synthesis of the historical role of the Umayyads of Spain‏ 
G. Settimane di studio del Centro Italiano... Levi Della Vide, ‘I Mozarabi' tra Occidente e Islam‏ )14( 


(1965), ii. 95-667. 


الهوامش والمراجع 


(15) Dozy-Engelmann, Glossaire des mots espagnols et portugais dérivés de l'arabe (Leiden-Paris, 
1869); Pellegrini, ‘L’Elemento arob...;. 705-19. 
(16) D. Revue Hispanique, ix (1902); A. Steiger, Contribucion Lopes ‘Toponimia arabe de Portugal 
a la fonética del hispano-arabe y de los arabismos en et ibero-romanico y el siciliano (Madrid, 1932). 
(17) M. Asin Palacios, Contribucion a la Toponimia arabe de Espatta (Madrid-Granade, 1940). 
(18) A. Castro, The Structure of Spanish History (Princeton, 1954), p. 128 
(19) M. Asin Palacios, Huellas del Islam (Madrid, 1941) (Averroes and Saint Thomas, Ibn ‘Abbad of 
Ronda and Saint John of the Cross, etc.). 
(20) E. Cerulli, Il *Libro della Scala e la questione delle fonti arabo-spagnole della Divinia 
Commedia (Vatican, 1949), with an extensive bibliography. 
(21) J. Ribera y Tarrago, El Cancionero de Abencuzman, now in Disertaciones y Opusculos 
(Madrid, 1928), i. 92-3. 
(22) A. R. Nykl, Hispano-Arabic Poetry and its relations with the old Provencal Tronbadours 
(Baltimore, 1964). 
(23) E. Li Gotti, La tesi araba sulle origini della lirica romanza (Florence, 1955); Oriente e Occidente 
nel Medio Evo (Atti del Convegno Volta della Accademia dei Lincei, May-June 1956, Rome, 1957), 
pp. 294-359 (papers by Garcia Gomez and Roncaglia on ‘The Hispano -Arabic Lyrics and the 
- (and discussions emergence of Romance Lyricism 
(24) S. Stern, *Esistono dei rapporti letterari tra il mondo islamico e I’ Europa occidentale nell’ Alto 
Medioevo? Settimane di studio del Centro Italiano... (1965), ii, 66-639. 

(25) درست مؤخرا وبخاصة من غارسيا غوميز. انظر: 
Las jarchas ronances de‏ 
la serie arabe en su marco (Madrid 1965).‏ 
A. Gonzalez Palencia, Noticias sobre don Ramundo, arzobispa de Toledo, now in the volume‏ )26( 
Moros y Christianos en la Espana medival (Madrid, 1945), pp. 76.101.‏ 
General recapitulations are in F. Wustenfield, *Die Übersetzungen arabischer Werke in das‏ )27( 
Abhandl. Gottinger Gesellschaft der Wissenschaften, xxii (1877); R. Lemay, ‘Dans Lateinische‏ 
Annales: Economies, Civilisations, ,| jel'Espagne du XII siécle: les traductions de l'arabe au latin‏ 


. xviii (1963), pp. 639 65. Individual studies exist on almost all the translators 


(28) F. Gabrieli, *Il Petrarca e gli Arabi Rivista di cultura classica e medicale, vii, (1965). 94-487. 


الفصل الثالث 
J.N.D. Anderson: Islamic Law in Africa (London, 1954) : il (1)‏ 
(2) انظر: 8007111 .77 .158 وكتايه قواخل الصحراء القديمة (لندن 1933(: 
Caravans of the Old Sahara.‏ 


)3( انظر: يوسف فضل حسن: العرب والسودان (آدنبره 1967( : 


تراث الإسلام 


The Arabs and the Sudan (Edinburgh 1967). 
.)1952 انظر كتابه: الإسلام في أفريقيا الغربية الفرنسية (باريس‎ )4( 
.)1966 انظر: أ. م. لويس: الإسلام في أغريقيا الاستوائتية (لندن‎ )5( 
Islam in Sudan .)1949 الإسلام في السودان (لندن‎ (6) 
J.M. Abun-Nasr. ıدحلا آبو النصر: طريقة صوفية في العالم‎ $t (7) 
The Tijaniyya, A Sufi Order in Modern World (London 1956). 
(8) See I. Goldziher, Muhammedanische Studien (Halle, 189 90), i. 270 1, Excursus VI, "Traditionen 
English translation by S. M. Stern, Muslim Studies, i (London, (1967). 6-245). uber Turken 
(9) See Encyclopaedia of Islam, 1st edn., article * Yadjudj wa Madjudj (by A. J. Wensinck 
(10) R. Gunusset: L'Empire des steppes 4 éd. (Paris 1952) pp. 30-128) 
(11) See on this general topic, H. A. R. Gibb, The Arab Conquests in Central Asia (London, 1923), 
and idem, The Arab Invasion of Kashgar in A. D. 715, Bulletin of the School of Oriental Studies, ii, 
(1932). 74-467 
(12) See D. M. Dunlop, The History of the Jewish Khazars (Princeton, 1954), pp. 46 ff 
(13) See Encyclopaedia of islam 2nd edn. article ‘Bulgar (by I. Hrbek). 
(14) Cited in the chapter of C. E. Bosworth, ‘The Turks in the Islamic World before the Selgups, 
Fundamenta Turcicae Philogiae, iii (Wiesbaden, 1970) 
(15) Idem, The Ghaznavids, their Empire in Afghanistan and Eastern Iran 994-1040 (Edinburgh, 
1963), pp. 9-208. 
(16) Ibid., pp. 41-39 
(17) See D. Ayalon, ‘The Circassians in the Mamluk Army; Journal of the American Oriental 
Society, Ixix (135-47. 
(18) Cited in Bosworth, The Ghaznavids pp. 5-154. 
(19) W. Barthold, Turkestan Down to the Mongol Invasion, 3rd edn. by C. E. Bosworth (London, 
1968), pp. 235-69 
(20) See R. Hennig, ‘Der mittelalterliche arabische Handelsverkehr in Osteuropa Der Islam, xxii 
(1935), 247-8; C. E. Blunt 
in Anglo-Saxon Coins, Studies presented to F. M. Stenton (London, 1961), pp. The Coinage of Offa 
1-50, 45. 
(21) See the information collected by J. Marquart in his article, ‘Ein arabischer Bericht uber den 
Ungarische Jahrbucher, iv arktischen (uralischen) Lander aus dem 10. Jahrhundert, (1924). 334-261. 
(22) Hudud al-’alam, translated by V. Minorsky, 2nd edn. by C. E. Bosworth (London, 1970, pp. 97, 
283-4; V. Minorsky, Sharaf al-Zaman Tahir Marvazi on China, the Turks and India (London, 1942, 
pp. 26, 105-6, 161. The Quri are perhaps to be identified with the modern Buryat Khori tribe living 
to the east and south of Lake Baikal 
(23) See on Khutuww, A. Z. V. Togan, Ibn Fadlans Reisebericht (Leipzig, 1939), pp. 216-217, 
. Excursus 74 b 


384 


الهوامش والمراجع 


(24) Al-Tha'alibi, Lata'if-al-ma'arif, translated by C. E. Bosworth 
The Book of Curious and Entertaining Information (Edinburgh, 1968), p. 141. 
(25) See P. Kahle, ‘Chinese Porcelain in the Lands of Islam Opera Minora (leiden, 1956), pp. 61- 
326. 
(26) Abu'I-Fadl Bayhaqi, Ta'riki Masudi, ed. Q. Ghani and A. A. Fayyad (Tehran 1324/1945),p. 
417. 
(27) Abu Dulaf's First Epistle, on his Central Asian travels, is translated into French by G. (27) 
Ferrand in his Relations de voyages et textes geographiques arabes, persans et turcs relatifs a 
l'Extréme- Orient des VIIIe au XVIIIe siécles, i (Paris, 1913), and into German by A. Von Rohr- 
Saur, Des Abu Dulaf Bericht uber, seince Rise nach, Turkestan, China und Indian (Born, 1039) 
(28) See V. Minorsky, ‘Tamim ibn Bahr's Journey to the Uighurs Bulletin of the School of Oriental 
and African Studies, xii, (1948). 305-275. 
انظر طبعة: رحلة ابن فضلان المذكورة سايقا (طيعة توغان في ليبزغ سنة 1939( والتي تحوي‎ )29( 
عددا من الهوامش والتعليقات المهمة.‎ 
Bosworth, The Ghasnawids P. 149. : JAM (30) 
.255 بارتولد-تركستان ص‎ )31( 
انظر: أيضا كتاب بارتولد تاريخ الترك في آسيا الوسطى:‎ )32( 
See: Histoire des Turcs d'Asie Centrale (Paris 1945) pp. 109 ff. 
(33) L Influence du Chamanisme turco-mongole sur les ordres mystiques musulmans (Istanbul, 
1929). 
(34) See K. Jahn, ‘Das iranische papiergeld Archiv Orientalni, x (1938), 308-40, and idem, ‘Paper 
Currency in Iran Journal of Asian History, iv, (1970). 101-40. 
(35) See the standard work of B. Spuler, Die Goldene Horde, die Mongolen im Russland 1223-1502 
(Leipzig, 1943). 
(36) See the translation of H. A. R. Gibb, The Travels of Ibn Battuta A. D. 1325-54, ii (Cambridge, 
- 1959), pp. 409 ff 
©. سليمان (التاجر) وأبو زيد حسن السيرافي: أخبار الصين والهند (الترجمة الفرنسية بقلم‎ )37( 
. )۱922 رحلة التاجر العربي سلیمان-باریس‎ : ۴4 
C. Barbien Pavet de Courteille, de :plaڊ المسعودي-مروج الذهب (طبعة مع الترجمة الفرنسة‎ (38) 
Meynard 
مجلدات (باريس ا1877-186) ترجمة فرنسية منقحة بقلم 24 .0 3 مجلدات باريس سنة‎ 9 
.1962 
4مجلدات‎ C. Defremery B. R. Sanguinelti : olay 44.04 pall dom ul ابن بطوطة-رحلته (طبعة-مع‎ )39( 
(باريس 1858-1853) ورحالات في آسيا وأفريقيا مترجمة ومنتقاة من قبل م616 .11.4.8 (لندن‎ 
مجلدات (ط. جمعية هاكليوت السلسلة الثانية‎ 3 The travels of Ibn وترجمة كاملة بقلم جب‎ ) 9 
.)15 المجلد‎ 
«ولهذه الرحلة طبعات عربية عديدة».‎ 


تراث الإسلام 


)40( سيدي علي رئيس guai‏ (کاتبي-رومي)ء مرآة الممالك (ط. أحمد جودت-استانيول 1895) 
الترجمة الإنجليزية Gait) A. Vambery «là:‏ 1899( 

(41) J.M.S. The Refroms and Religious Ideas of sir Sayyid Ahmad Khan في كتابه‎ Baljon 
(ط. ليدن 1949) وانظر عزيز أحمد فى كتايه:‎ 

Islamic Modernism in India and Pakistan 1 

(ط. لندن 1967) فيما يتعلق بالتاريخ اللاحق لحركة التحديث الإسلامي في شبه القارة. 
Religion and Polities in Pakistan 44LiS (2 Leonard Binder 13 (42)‏ 
à 1; Berbeley and Los Angelos ..l5)‏ 1961( . 
F.1.J. Islam in the Modern National State „eull Rosenthal OLS 9‏ )| . کمبردج سنة ۱965) صفحات 
153-125 . 
)43( س. The Destiny of Indian Muslems : 43US (4 coya le‏ )1:1( 1965( - 
(44) أن ال 0 بالمائة الباقين مقسمون إلى أربع فثات رئيسية. أقدمها وثنية من أنواع متعددة تمثل 
نموذجا لأقدم المراحل المعروفة من الحضارة الإندونيسية. ثم هنالك ما يسمى البوذية الشيوائية 
Shiwaism-Buddhism‏ وهي شكل من أشكال التدين لجزيرة بالي كما صيغ تحت التأثيرات الهندية. 
وهذا المذهب, المتأصل بعمق ثقافيا واجتماعيا وأيضا سياسيا إلى حد ماء يكشف عن حيوية 
دائمة؛ ولكن لا يبدو فيه اتجاه لأن ينتشر. وهناك ثالثا التدين الفلسفي حسب التقاليد الصينية: 
وهو محصور في الصينيين بإندونيسا . وهناك رابعا أقوى الفئات gay!‏ وهي المسيحية بأشكالها 
المختلفة. والواقع أن المسيحية: بعد أن تخلصت بنجاح من وصمة أنها دين الرجل الأبيض؛ 
أصبحت اليوم قوة اجتماعية وسياسية في البلاد تتجاوز بكثير نسبتها العددية. ويبدو أيضا أنها 
تزداد في العدد. 


الفصل الرابسع 
)1( د . سنتيانا فی کتابه Leo) . Y) I Istitutiozioni di diretto musulmano,‏ 1925( 4( رقم 23). 
(2) اقتيس هذا النص Ann K.S. Lambton (e‏ : فى ales (53 Quis Custodiet Cuatodes : Some Lgizes‏ 
Reflections on the Persian Theory of Government studia Islamica V. 1956, pp. 129-130. . 13-129 din‏ 
Ml a Gy‏ طبع ibl] oii‏ 
Abbas Ighbal : Vizarat dar ahd-i Salatin-i buwurg-i Saljugqi‏ 

(ط. طهران 1959) الصفحات 302 فما بعد. 
)3( ابن الراوندي-راحة الصدور (ط. محمد إقبال-ليدن ا۱92) ص 334. 
W. Barthold Turkeston down to Mongol Invasion Lca,i hòl‏ (الطبعة الثالثة؛ لندن 1968) الصفحتان 
347-346 . 
4) البهيقي-تاريخي بيهقي (ط . خاشم غني وعلي اكبر فياض-طهران 1324 /1946) ص 99 مترجمة 
لدى we? CE. Bosworth‏ كتابه: The Ghaz navids‏ (ط . ادنيرة سنة 1963 ) ص 63. 
la pal (5)‏ اقفاظيوس بر بتي كتايه: 

(ط. ليدن ١916‏ الصفحات )102-10١‏ بعاءاء5 Streitschrift des Gazali gegen die Batinja‏ 
(6) ظهرت (للجهاد) في العصر الحديث (تفسيرات) اعتذارية كلها تخالف التقليد الفقهي الكلاسيكي 


386 


الهوامش والمراجع 


وتفسر الجهاد على أنه مجرد فرض دفاعي. وبعضها تفسره أيضا على أنه مجرد صراع أخلاقي. 
)7( هذه الكلمة تخصصت فيما بعد فصارت تعني ضريبة الرأس على الرعايا غير المسلمين. في 
الدولة الإسلامية. ومن المحتمل أنها في القرآن الكريم كان لها المعنى الأكثر عمومية من الدفع أو 
المكافأة. 
(8) إن المعنى الدقيق لهذه الجملة كان موضع خلاف بين العلماء المحدثين (ثم يورد الكاتب 
ترجمتها لدى ريجيس بلاشير بالفرنسية ولدى ر. باريه بالألمانية ووف. رونتال (بالإنجليزية) ولدى 
iA yall) M.J. Kister‏ وم. برافمان بالإنجليزية) ثم يقول: وأيا كان معنى البعض فإن المفسرين 
والفقهاء فسروه على أنه ضريبةء وتحديد للطريقة التي تدفع بها . 
(9) اعتبرت التقاليد الإسلامية أن العزيز عزز الوارد في الكتاب المقدس. ومعنى هذه الآية قد 
حير العلماء المحدثين. وآخر التفسيرات؛ غير المحتملة. هو تفسير بول كازانوفا في بحثه يعنوان 
إدريس والعزيز A14 CCV. dol J. Asiatique T,‏ 1924 الصفحات 360-356) الذي يوحد فيه ما 
بين العزيز وعازائيل وهو ملاك هابط في الأدب اللاهوتي اليهودي. 
(10) انظر: 

G.H. Bousquet : Observations sur la nature et les causes de la Conquete Arabe 
Studia Islamica VI, (1956) P. 48. (فى مجلة‎ 
W.H. Mc Neil iاتسÎلا حول هذه النقطة قد يجدر أن نسجل ملاحظة ذكية قدمها‎ ü 1) 
يقول: «من المهم أن نبرز أن الصلاة اليومية كان لابد أن يكون لها على الجيش في المعركة التأثير‎ 
النفسي نفسه الذي يؤّديه الآمر السري في التدريب العسكري. الحركات المعنية وقراءات الصلاة‎ 
التي تجري بشكل منسق خمس مرات يوميا يجب أن تغرس (في أصحابها) مشاعر التضامن‎ 
عادات الطاعة للقائد الذي كان في الآيام الآولى هو الإمام للصلاة أيضا.‎ TD داخل الصفوف‎ 
إن هذه التمارين تقهر دون شك الضعف المزمن لأي مخالف بدوي-(كما تكبح) التمرد الناجم عن‎ 
التتافس القبلي أو الفردي. علاوة على أن القناعة بأن الموت في سبيل الله يضمن الدخول رأسا‎ 
إلى الجنة يشكل دفعة لكل هجمة محارب»‎ 
J.H. Mc Neil : Jai ماك‎ 

The Rise of the west (Chicago 1963) p. 468, N 2 11). 

(12) ابن خلدون-المقدمة (طبعة كاترميرع6:6دمء:ة00) (باريس 1858) ١‏ اص 66 والترجمة الإنجليزية 
بقلم 53 os M (1958 51555543) F. Rosenthal (JL355;‏ 77 
)13( ابن الأثير (-الكامل-) c (1876-1851 (45) (C.J. Torenberg dJ)‏ 0 ص 3-192( CAS‏ في مطالع 
القرن الثالث عشر يصف كيف وصل أوائل اللاجئين من فلسطين إلى بغداد» وحكى عن اضطراباتهم 
واستغاثاتهم للنجدة فلم يستجب لهم أحد ويمكن أن يرى فقد المعلومات أيضا (حول ذلك) لدى 
شاعر que‏ كان يبكي سقوط القدس وتقاعس المسلمين عن الدفاع عنها فتحدث عن هجوم 
«الروم» البيزنطيين على المسلمين. 
)14( القلقشندي-صبح الأعشى (ط. القاهرة ۱240-۱231)ء )1922-1913( ج8: ص .52-5١‏ 
(15) انظر كلود كاهن-مادة الصليبيات في الموسوعة الإسلامية (الطبعة الثانية). 
)16( يجب أن يسجل أن الحاكم الوحيد الذي اضطهده الذميون: وهو الخليفة العباسي المتوكل 
(فتل سنة 247 ه/ا86) كان مبتكر الشارة الصفراء المشهورة التي كان يطلب من Jai‏ الذمة 
ارتداؤها على ثيابهم. حول هذه النقطة انظر بحث و5055 .58 


387 


تراث الإسلام 


The Social Izolation of Ahl adh-Dhimma 
.76 ص‎ (1949 XL c 593) P. Hirschler Memorial Book «Ls في‎ 
مما يستحق أن يسجل أنه حتى حين كانت مثل هذه المعاهدات تصبح النموذج العادي‎ )17( 
للعلاقات بين الدول المسلمة والمسيحية فإن ذلك لم يكن يحدث فى العلاقات بين الحكومات‎ 
الإسلامية بعضها مع بعض. وهكذا فإن المجموعات التركية من تاشت الدولة العثمانية تحتوي‎ 
على معاهدات مع الدول المسيحية فحسب. فهي لم تكن تحوي, قبل القرن التاسع عشرء اتفاقات‎ 
مع فارس أو المفول في الهند أو مع القوى الإسلامية الأخرى. حتى صلح «أماصية» الشهير‎ 
الحاسم والمعقود سنة 1555 بين تركيا وفارس لا يظهر في المجموعة, وإنما يوجد فقط على شكل‎ 
رسائل متبادلة بين السطان والشاه.‎ 
.2 ص‎ )١941 محمود كشفري-ديوان لغات الترك (طبعة مصورة-أنقرة سنة‎ )۱8( 
وهو واحد من الأسماء القليلة التي استعملها الحكام المسلمون. والتي ترتبط‎ eal هذا‎ )19( 
بالمعنى الإقليمي أو المحلي (الجغرافي)ء يحتاج إلى ملاحظة تفسره. ففي الأصل كان سلطان‎ 
قونية حاكما إقليميا تابعا للسلطان السلجوقي الأكبر. وكان لقب سلطان الروم اعتراضا رسميا‎ 
بهذا الأمر الواقع. واستمرار الاحتفاظ بهذا اللقب يرجع في جانب منه دون شك إلى نزعة‎ 
محافظة عادية؛ كما يرجع في جانب آخر إلى الرغبة في استمرار قوة الاسم الكبير لروما. وكلمة‎ 
الروم في الاستعمال الإسلامي تعني روما الشرقية أي إمبراطورية بيزنطة ويجب أن يفهم اللقب‎ 
السلجوقي بالمعنى الأرضي الجغرافي وليس بالمعنى العرقي. والواقع أن هذا الاسم 3 في بعض‎ 
الآحيان على شكل: «سلطان بلاد الروم».‎ 
. ابن خلدون-كتاب العبر (ط. بولاق ۱867) ج5؛ ص ا37‎ )20( 
D. Ayalon. The wafidia in the Mameluk Kingdom, Islamic Culture, xxv (1951) p. 90. Least انظر‎ 
في سنة ۱627 هاجم «القرصان» (حسب قول المؤّلف) الجزائريون أيسلندا وأخذوا عدة مئات‎ (21) 
الكاتب الأيسلندي المعاصر‎ LS cya Tyrkjaranssage من الأسرى وقد خلدت تلك الغزوة في كتاب‎ 
في كتابات الكتاب الأيسلنديين الآخرين.‎ LS Bhorn Jonsson of Skardsa 
M. Leo : do Bulgarie et son peuple sous la domunation Ottomane : 45} لمعرفة بعض الأمثلة‎ )22( 
tels que les ont ous les voyageurs Anglo-Saxons (1586-1878) (Sifia, 1949) pp. 135 
Vermanung Tum gebet wider den Turcken, : 144! (23) 
Lutheranism and the Turkish (15225 4JLa فى‎ K.M. Setton 0 Sits الذي‎ 
.16١ المجلد (سالونيك سنة 1965) ص‎ Balkan Studies Àlz-a |, a 
OlgiasDarothy Vaughan GUS Lani وانظر‎ 
Europ and the Turks : a Pattern of Alliances 1350-1700 (Liverpool, 1954) pp. 25 H., 155. 
Lai وانظر‎ ١2 جودت» تاريخ (إستانيول 1892-1891/1309) المجلد‎ (24) 
T.N.H. Reform and the conduct of Ottoman Diplomacy in the Reign of Siplo salim 111, 1789-1807 
(Journal of the Amer Oriental Society, (1963), 310. 


الفصل الخاسس 
(I)‏ إنني مدين بصورة خاصة: في نقد هذا الفصل وفي التحرير الأخير له إلى كل من: 


الهوامش والمراجع 


الدكتور 8:66 والأستاذ 2001 .1.31 الدكتور نزءلهز5 .21.1 السيد والسيدة عهناد1] .0.8 السيدة .1( 
Keddie‏ الدكتور 1005م3.آ الدكتور F.H. STEWART su! H.M. Rabie‏ الأستاذ Sl A. Tietze‏ 
.J. WANSBROUCH‏ 
(2) وحتى هنا فإن البحث لم يأخذ في الاعتبار أن يكون شاملا. فإني لم أناقش دور المسلمين في 
إدخال صناعة الورق إلى أوروباء أو ما هو أقل تأكيدا وأعني إدخال غنم المرنيوس (الفنم ذي 
الصوف الناعم). 1 
(3) كان الرز يزرع في أنحاء الشرق الأوسط كلها بطريقة محدودة إلا في منطقة «كسكر» العراقية 
وعلى طول الساحل القزويني فقطء حيث كانت زراعته كثيفة إلى حد كبير وزراعة القطن كانت 
كذلك متفرقة ولكنهاء على كل حال لم تكن لتتحدى أولية الكتان حتى جاءت العصور الحديثة. 
وكانت زراعة قصب السكر وحدها هي التي سجلت درجة عالية من الكثافة. حيث كان أكبر إنتاج 
له يتركز في خوزستان (الأهواز) وبعض أجزاء مصر. 
)4( ربما كانت المتطلبات التنظيمية لأنظمة الري تقدم تفسيرا لأصول الاستبدادية الشرقية. غير 
أن فائدتها في تفسير توزيعها الجغرافي في العصور التاريخية أقل بكثير. والري في الشرق 
الأوسط هو بصورة عامة أكثر تجزثة من أن يحتاج إلى مثل هذه البنيات الفوقية» فحتى في مصر 
يبدو أن نظام الري كان قادرا على العمل مع غياب الحكم المركزي وهو أمر كان كثير الحدوث. 
ولقد كان النظام العراقي أقل تماسكاء ولكن هذا أدى-من الوجهة التاريخية-إلى انهيار نظام الري 
بقدر ما أدى إلى إقامة نظام استبدادي فعلي. والواقع أن المتطلبات التنظيمية لأي نظام غي الري 
يمكن تحقيقها عن طريق التعاون مثلما يمكن تحقيقها عن طريق التسلط والسيطرة. وتمثل 
بلنسية (في الأندلس) حالة لها دلالتها في هذا الصدد. 
K.A. Wittfegel, Orientol Despotism (New Haven, 1957).‏ 
(5) ثمة استثناء هو تجارة الحرير مع الصين فإن فقدان دودة الحرير في حوض البحر المتوسط 
قبل القرن السادس الميلادي كان ناجما عن التكتم الصيني وليس عن نقص طبيعي في المنطقة. 
ولهذا فإن هذه التجارة قد استبدل بها بعد ذلك (القرن) عدد من مراكز الإنتاج في ايران مداخل 
منطقة البحر المتوسط وكانت من الكثرة بحيث إن مصر في القرن الحادي عشر أضحت تستورد 
الحرير بصورة رئيسية من إسبانيا وصقلية. 1 
(6) إن تداول النقود الإسلامية في أوروبا الأوسطية يتأيد بالمصادر الأدبية والوثائقية التي تنتمي 
إلى القرون من الثامن حتى الحادي عشر. 
(7) إن تقنيات التعدين نفسها معقدة في كثير من الأحيان ولكنها Lal‏ تتطلب من الاقتصاد 
المحلي شيئًا أكثر من الطعام والماء والوقود . قارن ذلك بصناعة البترول الحديثة في العربية 
السعودية. 
(8) إن هذا على آي حال» دليل يستنتج مما يشبه الصمت في أقدم المصادر حول تصدير 
الأقمشة إلى البحر المتوسط الإسلامي ولكن ليس واضحا في المجلة إلى أي درجة يكون أمرا 
له دلالته. 
(9) ما يدعى باسم (الجنيزا) القاهرة هو نوع من المجمع لمهملات من الأوراق تخص يهود القاهرة 
وهي تحوي الكثير من المادة حول التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لفترة ما بين القرنين الحادي 
عشر والثالث عشر. والدراسة لهذه المادة من قبل الأستاذ غويتاين-وهى المذكورة فى مصادر 
البحث-هي أهم الإسهامات الملموسة التي ظهرت حتى الآن حول التاريخ الاقتصادي للعالم الإسلامي 


389 


تراث الإسلام 


الأوسطي. 

(10) كانت جنوة في أواسط القرن الثاني عشر الميلادي محكومة من قبل أقلية صغيرة من الأسر 
النبيلة تستخدم ia‏ في احتكار التجارة الشامية الرابحة. أما التجارة الأفريقية فكانت بالعكس 
مفتوحة إلى حد معقول» إذ كانت تصلح لتجار صغار ولا يوليها الأرستقراطيون أي اهتمام خاص 
وفي هذا المجال الأخير بعينه كان دور الشرقيين أوضح ما يكونء وحوالي نهاية القرن سقط 
النظام الأرستقراطي وقام النظام الذي تلاه والذي كان أوسع قاعدة يجعل التجارة مع سوريا 
مفتوحة لكل مواطن من جنوه. ومن المنطقي أن يكون هذا التطور قد «سيس» تجارات أخرىء وأن 
تكون الطبقة الوسطى قد استخدمت الفترة الجديدة التي كسبتها لاستبعاد منافسيها الشرقيين. 
)1١(‏ وأي سلعة جديدة قد يمكن أن تظهر في العالم الإسلامي. وهذا ينطبق بصورة خاصة على 
الطرز في الأقمشة فالأقمشة الإسلامية Sarcen‏ كانت تستورد إلى إيطاليا ومما له دلالته أن 
تقليدها الإيطالي صار فيما بعد يصدر إلى أنحاء المتوسط الإسلامي حيث صار يدعى «سارا 
(12) قارن هذا بما يستنتج من الشواهد القاطعة الدالة على وجود تأثيرات هنا وهناك للنقود ضي 
الأراضي المجاورة لدار الإسلام وحتى فيما هو أبعد منها جغرافيا ومثال ذلك أن العملة المعدنية 
الإنجليزية تقلد دينارا عباسيا لسنة 774. 

(13) من أجل معرفة اشتقاق هذه الكلمات؛ ومن أجل عرض لموضوع تراث الإسلام التجاري أكثر 
خصبا مما هو معروض هناء انظر البحث الحديث الذي كتبه :أازه.1 .4.5 والمذكور في الببليوغرافيا 
(في ختام البحث). 

(14) إن مادة هذه الفقرة مأخوذة من كتاب الأستاذ رودنسون «الإسلام والرأسمالية». انظر أيضا 
ملاحظاته حول الموضوع في الصفحات 5 وما بعدها (من النص الفرنسي) والكتاب مترجم إلى 
العربية بقلم نزيه الحكيم «طبع بيروت». 

(15) هذه النقطة تنطبق بالطبع على الاقتصاد أكثر من انطباقها على الحياة السياسية في سياق 
التاريخ الإسلامي. 

(16) للاطلاع على وجهة نظر أخرى ومناقشة أوضح للموضوع انظر بحث الأستاذ عيساوي في 
الكتاب الذي طبع بإشراف د . س. ريتشاردز والموجود في الببليوغرافيا. 

(17) قارن ذلك بواقعة أن العثمانيين اقتبسوا استخدام الأسلحة النارية في ميدان المعارك بينما 
المماليك لم يفعلوا ذلك. وليس ثمة من سبب واضح يبين لماذا كانت جيوش العثمانيين المختارة أقل 
محافظة تجاه هذا الابتكار البغيض من ال مماليك. ولكن ثمة فرق واضح في بنية القوى عند 
الطرفين ففي حالة المماليك كانت الجيوش المختارة هي التي تحكم في الواقع بينما في حالة 
العثمانيين غالحكم كان للأسرة وكان السلاح الناري بالنسبة لها أداة سياسية. 


الفصل الساد س 

)1( إن موضوع العمارة المدجنية في مجموعه بحاجة إلى دراسة تاريخية وبحث منهجي. وإلى أن 
يتم ذلك انظر الفصل الذي كتبه جورج G. Margais 441s yLe‏ في كتاب: «العمارة في الغرب الإسلامي» 
(باريس 1954( 52 361 L Architecture Musulmane d’occident Lares Leg‏ وهناك جدل حاد حول 
الأفر المحتمل العمارة الاسلامية على العمازة القوطية وبحت على راز العمارة الشريه بالروماتي. 


390 


الهوامش والمراجع 


وانظر من بين الأبحاث الحديثة مقال: أ. يو. بوب A.U. Pope‏ «مساهمات ممكنة في نشوء العمارة 
القوطية» وهو بحث نشر في كتاب «مقالات في تاريخ الفن الآسيوي « Beitrage Zur Kunstgeschichte)‏ 
LS 12 9 (Asiens‏ تذكاري cali‏ تكريما للأثري الآلماني إيرنست ديتس 2162[ أوء870-إستانيول 1963 
وف راا ان مكل .هذا العاثير إذا وبعد يعر تانر ررر مق السائل اككر مما يحل لامر انی 
يجعلنا لا نناقشه هنا المؤلف .. 
a alal Romanesque daat Lesi òg‏ الأصل بعبارة الطراز الشبيه بالرومانى. والمراد هنا 
طراز شبيه بالطراز الروماني Kom Style‏ الذي كان سائدا في آوروبا قبل الطراز القوطي 
cna cus cs aude s eara iud loeo rar] Sota‏ راا 
tei @)‏ 1 جروبيه عانم :8 معناضر إسلامية هن oh Udit Solas‏ العضور الوسنظى»: 
(Elementi Islamici salle Architettura Vêiêta dêl mediaevo)‏ 
بحث نشر فى مجلة المركز الدولي للدراسات المعمارية في بلاديو مجلد 8 )1966( 
(Bolletino del Centro Internazionale di Studi d' Architettura) 1‏ 
وكذلك بحث ج. مايلز 31115 .6 بعنوان : 
«الدولة البيزنطية والعرب» (Byzantium and the Arabs)‏ 
وقد نشر ضمن أوراق دامبارتون أوكس 
(Dumbarton Oaks Papers)‏ 
مجلد 18 )1964( 
وانظر أيضا: ر. أ. جيرازبهوي (R.A. Jairazbhoy)‏ «التآثيرات الشرقية فى الفن الغربى» 
(نيويورك ۱965) ص 49 وما بعدها حول مجموعة واحدة مA1t)j (Oriental kiipéies in Western‏ 


الآمثلة. 
(3) يذهب المؤلف هنا إلى أن اتخاذ الكعبة قبلة للمسلمين تم بناء على قبول الرسول صلى الله 
عليه وسلم» ولكن الصحيح أن هذا قد حدث بناء على نص قرآني. - المعريان - 


(4) لا ندري إن كان المؤلف قد أصاب في هذه الملاحظة؛ لأن الحقيقة أن المسجد مكانا للعبادة 
الإسلامية ورد في القرآن الكريم أكثر من مرة. ومثال ذلك الآية 29 من سورة الأعراف(7): 
«وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين». 

والآية 31 من نفس السورة: «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد, وكلوا واشربوا ولا تسرفواء 
إن الله لا يحب المسرفين». 

والآية ١108‏ من سورة التوبة (9): «لسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه». 
والآية ١14‏ من سورة البقرة (2): «ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في 
خرابها أولتك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خاتفين». 

والآية 187 من نفس السورة «ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد». 

والآية ١8‏ من سورة التوبة: «إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى 
الزكاة ولم يخش إلا الله». والآية 8| من سورة الجن (72): «وآن المساجد لله فلا تدعو مع الله 
dai‏ - المعربان - 

(5) انظر نص الحديث الكامل الذي يروى عن أبي ذر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في 
مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري جا صء 70 (باب أول مسجد وضع في الأرض). 

- المعربان - 


391 


تراث الإسلام 


)6( على قدر ما نعلم من السيرة:؛ لا نذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلتقي بأصحابه في 
مكان فسيح من الأرض خارج المدينة للصلاة. أما أن المصلى كان أرضا فسيحة خارج بعض المدن 
الإسلامية الكبرى يجتمع فيها الناس للصلوات الجامعة وصلاة الاستسقاء وما إلى ذلك فهو 
معروف. وفي قرطبة في الأندلس مثلا اشتهر أمر مصلى المصارة إلى الجنوب من قرطبة قرب 


مكان قصر الإماراة. - obo‏ - 
(7) إشارة إلى ما جاء في الحديث الشريف: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا 
والمسجد الحرام والمسجد الأقصى) مختصر صحيح مسلم جا ص 206. - المعريان - 


(8) ابن خلدون: المقدمة ترجمة فرانز روزنثال (نيويورك 1958) ج2 ص 249 وما بعدها. 
(9) انظر: كارل هانریخ بیکر idly CH. Becker‏ في Die Kanzel im Kultus des) «4ye us| 3.5L‏ 
(alten Islam‏ بحث نشر في كتاب «دراسات مستشرقية مهداة إلى ثيودور نولدكه» (جيسين 1906) 
جا :صن 6351-331 
(Orientalische Studien Theodor Noldeke gewidmet)‏ 
ثم أعيد نشره في مجموعة أبحاث بيكر المسماة «دراسات (Islam Studien) åW)‏ ليبزج 1924- 
2 جا ص 471-450. وانظر أيضا: صمويل دافيد جويتين (داءغذه0 .5.2) «أصل صلاة الجمعة 
عند المسلمين وطبيعتها». 
(The Origin and Nature of the Muslim Friday Worship)‏ 
بحث نشر في مجلة العالم (y (1959) 49 los (The Muslim World) (Lay‏ 195-183( 4335 
أعيد نشره في كتاب «دراسات في تاريخ الإسلام ونظمه». 
(Studies in Islamic History and Institutions)‏ 
ليدن 1966 ص !!! وما بعدها. 
(10) انظر تاريخ الطبري طبعة دي خويا وآخرين (ليدن 1906-1879) ج3 ص 486 وقد اعتمدنا في 
المتن عبارة الطبري. 
JM (11)‏ : أوليج Ges Byzantium & the Arab petty ddail aal O. Grabar phil y>‏ 45 
ضمن مجموعة أبحاث داميارتون أوكس læs Dumbarton Oaks Papers‏ 38 )1964( - 
(12) لغة الأسبرانتو هي محاولة قامت في آوروباء في آوائل القرن العشرين,ء لإيجاد لغة توفق بين 
عدد من اللغات الأوروبية وكان واضعوها يأملون أن يؤدي شيوع استخدامها إلى إزالة الخلافات 
بين الأوروبيين؛ ولكن الفكرة أخفقت (المراجع) . 
(13) الفن الباروكي: تقليد هني ساد في القرن السابع عشر بخاصة؛ وهو يتميز في الجملة بدقة 
الزخرفة وغرابتها أحيانا وياصطناع الأشكال الملتوية في العمارة والإفراط في الزخارف والتصاوير 
المتسوقة فى الجدراق gg BAAN gl‏ 
Sæl (J. Sayvaget) UN ole (14)‏ الأموي في المدينة. 
(La Mosque Omeyyade de Medine). 1947 (us yLs‏ 
وانظر أيضا: أوليج جرابار (0:8662 .0) «مسجد دمشق وأصول عمارة المسجد». 
(La Mosquee de Damas et les origines de la Mosquee)‏ 
(Synthronon, Bibliotheque des Cahiers Archeologiques 3 Lead! csLusl S AuiSe icy gig pits Ales‏ 
مجلد 2 Gus yls)‏ 1968( ص 114-107 . 
)١5(‏ ر. إتينجهاوزن (2ء5نامطعه8]1 .1) التصوير العربي (yo (1962) Caui>) (Arab Painting)‏ 62 وما 


392 


الهوامش والمراجع 


بعدها. وانظر أيضا: ك. أوتو-دورن) (مده010-2 .>1) الفن الإسلامي Oab-Yyab (Kunst des Islam)‏ 
4 ص 30 وما بعدها. 
(16) لم يثبت قط أن المسلمين أخذوا العقود المزدوجة التي نجدها في جامع قرطبة عن أصل غير 
إسلامي. وما يقال من أنها اقتباس عن عقود سقاية شقوبية (Sejovia)‏ ثبت أنه غير ممكن 
لاختلاف التركيب المعماري للاثنين. وقد تحدثنا عن ذلك في مقال عن تطور العمارة الإسلامية 
نشر في العدد الأول من مجلة كلية الآداب بجامعة عين شمس. وكذلك أكده أحمد فكري في كتابه 
المسمى «المدخل إلى فهم العمارة الإسلامية». eui Gini‏ ` 
(17) ر. و. هوملتون ١ه)انسه8‏ .۸.۷ التاريخ الإنشائي للمسجد الأقصى 
The Structural history of the Aqsa mosque‏ 

القدس 1949 . ومن الجائز أنه قد تمت أعمال تضييق ممائلة فى مساجد أصغر كما فى قصر 
الحير الشرقي في بادية الشام. 1 1 
(۱8) انظر آومبرتو مونيريه دي U. Monneret de villard pL‏ مقدمة لدراسة العمارة الإسلامية. 

Introduzione allo studis dell archedogia islamica 
اليندقية 1966 وهي محاولة جزئية لجمع الوثائق الخاصة بهذه المشاكل المعمارية.‎ 
لا نملك حتى الآن قائمة ميسرة للمواقع التي قامت فيها المنشآت المعمارية المدنية الإسلامية‎ )19( 
آسهم حاليا في إعداد قائمة من هذا النوع تلحق بكتابي عن قصر الحير. ويقوم‎ Lig الأولى.‎ 
الدكتور ك. بريش ( 8:15 .>1) الذي يعمل في متحف برلين بوضع قائمة مماثلة تلحق بتقريره عن‎ 
حفائره في جبل سيس. وإلى أن يتم ذلك تعتبر أحسن مادة عن العمارة المدنية الإسلامية الأولى‎ 
هي التي تضمنتها الملاحظات والمراجع المتصلة بكتاب مونيريه دي فيار الذي نشر بعد موته.‎ 

- ملش - 

أما خربة المفجر: فتقع على بعد خمسة كيلو مترات إلى الشمال من أريحا وقد بنى هشام بن عبد 
الملك فيها قصرا ليكون مشتى له ويضم مسجدا وحمامات وبركة مزدانة بالرسوم. وغرف القصر 
أرضها مكسوة بالفسيفساء وفيها رسوم تمثل الطيور والغزلان وثمر البرتقال. 
وقصير عمره وهو قصر أموي في بادية الأردن أنشيّ في عهد الوليد بن عبد الملك. ويبدو أن 
الغرض منه كان استعماله استراحة في رحلات الصيد وكذلك للاستجمام. 
جبل سيس: جبل متفرع من مرتفعات جبل العرب في سوريا وتوجد فيه مجموعتان من الأبنية 
تعودان إلى عهد الوليد بن عبد الملك-أواخر القرن الأول الهجري. 
قصر الحير الشرقي: يقع على بعد مائة كيلو متر شرقي تدمر في سوريا. وهو عبارة عن قصرين 
أحدهما صغير والآخر كبير ويعودان إلى عهد هشام بن عبد الملك وقد بني عام 10 اه-728م. 
قصر الحير الغربي: ola‏ هشام بن عبد الملك أيضا عام 9ه-727م على بعد ثمانين كيلومترا 
جنوب غرب تدمر. وكان يوجد في موضعه آثار من العهد الروماني والبيزنطي. 
الأخيضر: حصن عظيم لا تزال أطلاله باقية إلى اليوم في صحراء العراق على بعد حوالي أربعين 
كيلو مترا من كربلاء. وهناك اختلاف في تاريخ بنائه وقد ذهب جر 35,3 G.L. Bell J‏ إلى أنه يعود 
إلى العصر الأموي وأنه كان يقوم في موضع دومة الحيرة. - المعربان - 
(20) بالإضافة إلى المؤلفات المذكورة في قائمة مراجعنا. انظر أيضا المقالات المتنوعة التي كتبها: 
J. Lassner pi a‏ وبخاصة مقاله المعروف بعنوان مانسيون (Massignon and Baghdad) : s|1249‏ 
Sally‏ نشر في مجلة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للشرق: 


393 


تراث الإسلام 


(Journal of the Economic and Social History of the Orient) 
مجلد 9 (1966) وكذلك المقال المسمى: «المنشآت البلدية والمساجد»:‎ 
(Municipal Entities and Mosques) 
.)1967( ١0 المنشور فى نفس المجلة. المجلد‎ 
وتوجد إشارات كاملة حول المراجع في الكتاب الذي نشره نفس المؤلف بعنوان «تخطيط بغداد‎ 
- 1970 255 (The Topography of Baghdad) 
في كتابه‎ (K. Brisch) (à وفيما يتصل بمدينة الزهراء انظر قائمة المراجع التي وضعها ك.‎ 
. ص 67 وما يليها‎ ١968 المسمى «فن الشرق» 5ادع0 و06 :5هن1 الجزء الخامس‎ 
«ازدهار الفنون المستوحاة من قصور الأمراء فى‎ 0. Grabar jb (9l 9 A. Grabar yLil > .1 (21) 
1 نهاية الألف الأولى الميلادية».‎ 
«L Essor des Arts inspires par les cours princieres a la fin du premier millenaire 
.)1965 بحث ألقي في ندوة الغرب والإسلام خلال العصور الوسطى العالمية. (سبوليتو‎ 
- (C. Occidente el, Islam nell'alto medioevo - Spoleto-1965) 
المشتى: قصر أموي يقع على بعد حوالي أربعين كيلو مترا جنوب شرقي عمان في الأردن.‎ Q2) 
ويعود بناؤّه إلى الفترة الواقعة بين سنتي 3 , 32اه - 750-740م. وتخطيطه مربع وطول ضلعه‎ 
مترا كما يحيط به سور مزود بأبراج نصف دائرية ويتألف من بيت أمامي ذي ردهة وحجرات‎ 4 
جانبية وصحن كبير يتوسطه حوض ماء. وإلى يمين مدخله قاعة بحائطها الجنوبي تجويف يدل‎ 
على أنها كانت مسجدا . وتقسيمه بوجه عام يشبه تقسيم البناء في قصور الغساسنة واللخميين‎ 
 نابرعملا بالشام والعراق. (عن أرنست كونل: الفن الإسلامي ص 22, 23 ترجمة أحمد موسى)‎ 
لا يمكننا هنا أن نورد قائمة كاملة بالمراجع عن هذا £523 نظرا لضيق المجال. لآن هذه‎ )23( 
المراجع مبعثرة في رقعة واسعة ومن العسير الحصول عليها. ويمكن أن نقترح كنقطة بداية‎ 
للأبحاث في المستقبل جمع المصادر الخاصة بالعمارة في الجزائر وهي متيسرة دون كبير عناء‎ 
في كتابه «المغرب الأوسط في‎ (L. Golvin( بفضل الدراسات الحديثة التي قام بها ل. جولفان‎ 
عصر الزيريين».‎ 
(Le Maghreb Central à l’époque des Zirides) Lud 3 yalall JBT باریس ۱957-وفیما يتصل بأوصاف‎ - 
في المقام الأول خطط المقريزي (بولاق 1270ه-854ام) أما العمائر الإيرانية فيمكن الحصول على‎ 
معلومات عنها في مؤلفات عديدة من تأليف: ج. أ . بوجا شينكوفا‎ G.A. Pugachenkova): Läsa] g 
العمارة-الآوزباكستانية‎ & Ulstoriia Iskusstv Uzbekistana) U IS Aua sla amig (1965 Suuga) 
في تقارير الحفائر الفرنسية والإيطالية عن أفغانستان وفي تقارير الحفائر الألمانية عن إيران.‎ 
(برلين 1968( 4.489 أحكام‎ (The Alhambra) «1 s»! F.P. Bargebuhr انظر: ف. ب بارجيور‎ (24) 
مثيرة لكنها موضع جدلء وإن كانت هذه الآراء لا تلغي تماما ما قاله المؤلف في بحث سابق آخر‎ 
في هذا الموضوع بعنوان «قصر الحمراء في القرن الحادي عشر.‎ 
(The Alhambra Palace of the Eleventh century) 
وقد نشر هذا البحث في مجلة معاهد واربورج وكدرتواد‎ 
Journal of the Warburg and Courtauld Institutes. 
. 258-192 مجلد ۱9, ۱956 ص‎ 
كما نجد أحسن وصف لهذا الأثر المعماري الكبير في مؤلفات عديدة مثل:‎ 


394 


الهوامش والمراجع 


ل. توريس بلباس L. Torres Balbas‏ الحمراء وجنة العريف Alhambra yel Creneralife‏ 1.2 (مدريد 
si (1953‏ في كتاب الفن الإسباني (Ars Hispaniae)‏ المجلد الرايع. مدريد 1949). 
(25) د .ن ويلبر :1.21.7711 الحدائق الفارسية وقصورها. 
(Persian Gardens and Garden Pavilions)‏ 

(روتلاند-فيرمونت؛ 1962( - 
(26) ربما كان هذا تكلفا زائداء لأن كل صور الجمال والفن في قصور المسلمين إنما هي مستوحاة 
من ما ورد في القرآن الكريم من صور النعيم في الدار الآخرة. من خضرة وأنهار وغرف مزدانة 
ومؤثثة بأجمل الآثاث وأكثره فخامة. 
(27) الوكالة في المصطلح التجاري في عالم الإسلام في العصور الوسطى ليست هي مايعرف 
اليوم بالتوكيل التجاري؛ وإنما هي مخازن تجارية كبرى يباع فيها كل شيء ويملكها تاجر واحد أو 
آسرة واحدة. - المعريان - 
)28( ك. إردمان E٣۵٣١‏ .× «منازل القوافل فى الأناضول» 

(Das Anatolische Karavanseray) 

-caJ51l-1961 cds 
على الطرقات عند مصادر المياه لإيواء رجال القوافل‎ Las ويراد بمنازل القوافل الخانات التي‎ 
التجارية وتوفير الراحة لهم. والمصطلح الذي يستعمله ابن بطوطه في هذا المجال هو «الزاوية».‎ 

-المعربان - 
(29) أوليج. جرابار :6:65 .0 «عمارة المدن في الشرق الأوسط المساجد» 
The Architecture of the Middle Eastern city. The case of the Mosque‏ 
وهو موضوع نشر في كتاب «المساجد في مدن الشرق الأوسط». 
(Mosque in Middle Eastern Cities)‏ 
نشر بإشراف آي لابيدوس 5دالنمهآ .1 
(بيركلي 1969( 
وانظر أيضا: مقاله عن تصوير المقامات فى القرن الثالث عشر الميلادي 
(The illustrated Maqamat of the Thirteenth Century) 1‏ 
وقد نشرت هذه المقالة في كتاب «المدينة الإسلامية» الذي أشرف عليه آلبرت حوراني و سم 
Hourani and S. M. Stern (43) às‏ .11.ى (أكسفورد 1970). 
(30) إن أقدم الأمثلة على الواجهات الفخمة التي يمكن التأريخ لها هوباب اصطفن مسجد 
قرطبة الذي يرجع إلى القرن الثالث الهجري- التاسع الميلادي؛ وروضة تيم (:11) في آسيا الوسطى 
التي يرجع تاريخها إلى عام 366ه-976م وانظر عنها ج. . شينكوفا 0172[معطعدعو0ط .0.4 الروضات 
العربية. طشقند 1963 (Mavzolei Arab - ata)‏ - 
(31) د . ويلبر :771156 .12 «تطور الفسيفساء القيشاني في العمارة الإسلامية في إيران». 
(Development of Mosaic Faience in Islamic Architecture in Iran)‏ 
مجلة الفن الإسلامي: o (1939) | uS Lal adsl (Ars Islamica)‏ 47-16. ولمزيد من الملاحظات 
العامة انظر: 
د . هل 81:11 .2 أو. جرابار همه .0 «العمارة الإسلامية وزخارفها» از لصة عتداءعغتطععة عنصماك]1 
Decoration‏ لندن 965| . 


395 


تراث الإسلام 


(32) العقد المكسور 6:ذ,رط Arc‏ هو عقد يتكون من تلاقي قوسي عقدين كبيرين» فينشاً من تلاقي 
المنحنيين عقد مدبب الرأس وهو فى العادة أقوى من العقد المستدير 
- المعربان - l‏ 

(33) لايزال ينقصنا إلى ox‏ بصورة تامة أي نوع من الدراسات الهندسية للمنشآت الإيرانية. 
والعمل العلمي الوحيد الذي يمكن الانتفاع به نجده في ما نشره م. ب. سميث طانتم5 .11.8 من 
بحث نموذجي عن بارسيان (82:5120) «مواد لمجموعة الأصول عن العمارة الإيرانية الإسلامية 
الأولى». 1 

(Material for a Corpus of early Iranian Islamic Architecture) 
41-7 (a (1937) الرايع‎ A11! (Ars Islamica) وذلك في مجلة الفن الإسلامي‎ 
نسبة إلى المهندس المعماري الروماني ماركوس فيتروفيوس بوليو‎ )34( 

Marcus Vitruvius Pollio 

عاش في القرن الأول قبل الميلاد. وقد وضع كتابا في (De architectura) (lszss 3 Leall‏ 
يتألف من عشرة مجلدات تتناول تخطيط المدن والعمارة بوجه عام وزخرقتها . 


obo -‏ - 
(35) يلاحظ أن الحمراء لا قباب فيهاء وإنما تبدو للناظر إليها من الداخل وكأنها قبة وعلى هذا 
المعنى يمكن فهم ما يريده الكاتب. - المعريان - 


(36) جارسيا جوميز (Ibn Zamrak) «45 (4! G. Gomez‏ (مدريد 1943(- 
د . إميليو لافونتى الكانتارا D. Emilio Lafuente y Alcantra‏ 
«الكتايات العربية في ja) (Inscripciones Arabes de Granada) Ab L pè‏ 1859) -المؤلف .. 
)37( أوليج جرابار أقدم المنشآت الإسلامية التذكارية 
(The earliest Islamic Commemorative Structures) O. Grabar‏ 
«بحث نشر في مجلة الفن الشرقي alo! (Ars Orientalis)‏ السادس )١1967(‏ ص 46-7. 
(38) ليس في قواعد الإسلام ما ينص على تحريم إقامة الأضرحة. ولكن المسلمين من باب التقوى 
والزهد في الدنيا جروا على آلا يقام لإنسان ضريح أو نصب تذكاري أو ما إلى ذلك. - المعريان 
(39) المنمنمات: الصور والأشكال الصغيرة التي ترسم على هوامش المخطوطات. -المعريان - 
)40( ب. و. روبنسون «٥ء«ناهR‏ .8.۷ المنمنمات الفارسية المصورة من المجموعات الموجودة فى 
الجزر البريطانية. 
Persian Miniature Painting from Collections in the British Isles‏ 
لندن» متحف فيكتوريا وآلبرت ٠867‏ ص 85 وكذلك الصفحات ۱07 , ۱١۱‏ , 3١1-إرمال.‏ فراد 
Irma. L. Fraad‏ - 
رıتارد‏ |تiنجjjgl Richard Ettinghausen‏ 
«التصاوير السلطانية على الطريقة الفارسية» وقد نشرت في كتاب: T)‏ مارس ۱972 ص 48- 
66( . 
(41) ف. سار F. Sarre‏ أي. هيرزفلد E. Herzfeld‏ رحلة أثرية في منطقة دجلة والفرات. 
(Archaologische Reise im Euphrat - und Tigris - Gebiet)‏ 
(برلين )1920-191١‏ ج2 ص 258-255-وعن هذا الكتاب أخذ المؤلف هذه الفكرة. 
(42) ل. L. Volov cà5153‏ 


396 


الهوامش والمراجع 


الكتابات الكوفية المموهة بالفضة المنقوشة على الفخار الساماني 
(Plaited Kufic on Samanid Epigraphic Pottery)‏ 
stes (Ars Orientalis) 34! (9 dle.‏ 6 )1966( 5( 133- 
(43) أوليج جرابار: ::02202 .0 «قبة الصخرة الأموية في القدس» 
(The Umayya Dome of the Rock in Jerusalem)‏ 
مجلة الفن الشرقي (yo (1959) 3 sles (Ars Orientalis)‏ 62-32 
(44) يذكر المؤلف في الأصل أن ابتداء حكم بدر الدين لؤلؤ كان عام 231١م‏ والصحيح ما أثبتناه في 
الأصل. إذ تذكر معظم المصادر الإسلامية أن بدر الدين لول تسلطن عام 631ه/233ام: وإن كان 
نفوذه قد بدا يتعاظم في دولة أتابكة الموصل منذ عام 615ه_/218ام. 
انظر ابن الأثير: الكامل في التاريخ. والذهبي: العبرء والعماد الحنبلي: شذرات الذهب حوادث 
ale‏ 2631+ - المعربان - 
(45) انظر: د. س. رايس 
«الأواني النحاسية الخاصة ببدر الدين لؤلؤ». 
(The Brasses of Badr al-Din Lu'lu)‏ 
مجلة مدرسة الأبحاث الشرقية والأفريقية. 
(Bulletin of the School of Oriental and African Studies)‏ 

مجلد )١950( ١3‏ ص 633. - cala‏ - 
وإذا صحت قراءة النقش الخطي» فإن ما ذهب إليه المؤلف من حكم يعتبر استنتاجا ظاهرياء إذ 
لا نعتقد أن كاتب العيارة قد قصد بلقب أبي المظالم إهانة بدر الدين لؤلؤ الذي يصفه ابن كثير 
«بالملك الرحيم وأن الناس تأسفوا على وفاته لحسن سيرته وجودة معدلته» مما يرجح أن الكاتب 
قصد عكس ما ذهب إليه المؤلف وهو أن بدرا هذا كان يلجأ إليه المظلومون ليزيل ظلاماتهم: فلقب 

لذلك آبو المظالم (وربما كانت «آبو المظاليم») . 
انظر: ابن كثير: البداية والنهاية ج 13 ص 214. - المعربان - 
(46) لا يشير المؤلف هنا إلى اسم العاصمة الغريية أو المسجد المقام فيها . وإن كانت مالاحظته 
تبين للهيئات المسؤولة عن إقامة مثل هذه المنشآت الإسلامية أهمية التأكد من صحة جميع ما 
يكتب فيها من كتابات منقوشة. 
- المعربان - 

)47( نشر هذا المقال في مجلة بيرلنجتون 

The Burlington Magazine 
. ۱56-۱55 عدد 53 (۱923) ص‎ 
«ضريح تيمور في جازرجاه»‎ L. Golombek ل. غولوميك‎ )48( 

(The Timurid Shrine at Gazur Gah) 

- تورونتو 1969-يرد الإيوان في عدة مواضع من الكتاب المذكور. 
(49) الغنوصية: لفظ مشتق من كلمة غنوصيص (0515م0) آي المعرفة بالشؤون الروحية. وقد 
أطلقت الغنوصية على حركة فلسفية ودينية نشأت في العصر الهلينستي. وأساسها أن الخلاص 
يتم بالمعرفة آكثر مما يتم بالإيمان والأعمال الخيرة. ويقول الغنوصيون بالثنائية. أي بالتمييز بين 
الخير والشر. وأدمجوا في تعاليمهم شيئا من السحر والشعوذة. وقد نبذت الغنوصية المسيحية 


397 


تراث الإسلام 


الأولى أي الأسس اليهودية للمسيحية وكذلك العهد القديم» ونادت في القرن الثاني الميلادي بأن 
الخلاص يتم عن طريق الحكمة. وانتهى الأمر بهذه الحركة إلى إدماجها في المانوية. وكان 
للغنوصية أثرها في المسيحية مما حمل الكنيسة على إلغاء الكتب الخاصة بتلك الحركة. 
المعربان - 
(50) ل. برونشتين L. Bronstien‏ «بعض المشاكل التاريخية التي أثارتها مجموعة من قطع الفخار 
الإيرانية الإسلامية». 
(Some Historical Problems Raised by a Group of Iranian Islamic Potteries).‏ 
(51) كيمياء السعادة: أحد المؤلفات التي وضعها الغزالي في نطاق اهتماماته-الصوفية. وقد ألف 
الكتاب بالفارسية وهو عبارة عن مختصر موجز لجزء من كتابه المعروف إحياء علوم الدين. وقد 
ترجم كيمياء السعادة إلى الأردية والعربية وغيرها. انظر مادة الغزالي (Al- Ghazali)‏ في دائرة 
المعارف الإسلامية ط2. ج 2 ص |۱04 .-المعربان ۔ 
(52) اقتيس المؤّلف الأصل نقلا عن الترجمة الألمانية التي قام بهاه. slas ES H. Ritter‏ 
السعادة للغزالي: 
(Das Elixier der Gluckseligkeit Ubertragen).‏ 
Jena Lo)‏ 1923) ص 48! والفقرات المنقولة تفع في cà‏ 141 , 142, 158. 
۔ وانظر أيضا: ر. ايتتجهاوزن R. Ettinghausen‏ 
Al-Ghazali on Beauty «, JLe-!5 (41 x1»‏ 
مقال نشر فى (Art and Thought) «yag Ka» ales‏ 
في العدد الذي نشر تكريما لذكرى أناندا ك. كومار اسوامي (Ananda. K. Coomaraswamy)‏ 439 
أشرف على تحرير هذا العدد B12۲٩۲۸۲ Iyer) pol hL.‏ .))-لندن 947-ص ۱65-۱60 . 
وكذلك مقال أناندا ك. كوماراسوامى: «مالاحظات على فلسفة الفن الفارسي» 
(Notes on The Philosophy of Persian Art) 1‏ 
نشر في مجلة الفن الإسلامي ١6 ,15 ġlakbatl (Ars Islamica)‏ (1951) ص 128-125 . - المؤلف - 
وقد نقلنا أصل النص هنا من إحياء علوم الدين للغزالي ج4 ص 299 وذلك في الكتاب (الفصل) 
الذي تحدث فيه عن المحبة والشوق والأنس والرضا. 
-المعربان ‏ 
)53( ل. بنيون «ملإصاظ سآ ج. ف. س. ولكنسون 711115508 .1.17.5 ب. 43 B. Gray‏ »233-223 
المنمئمات الفارسية». 
(Persian Miniature Painting) . 191-189 | 25-1933 (..-‏ 
وکان» أي شرویدر E. Schroeder‏ آول من اعترف بأهمية هذه المصطلحات الفنية. انظر مقاله 
بعنوان: «التصوير الفارسي» (Persian Painting)‏ الذي نشر في مجلة بارناسوس 231035505 مجلد 12 
)1940( ص 33. 
(54) جلال الدين الرومي: )604 72ه/273-1207ام) محمد بن محمد بن الحسينء جلال الدين. 
صوضي مشهور تنسب إليه الطريقة الجلالية أو المولوية الشائعة بين الترك. عرف بالبلخي نسبة 
إلى مسقط رأسه» وبالقونوي نسبة إلى قونيه التي أقام بهاء وبالرومي نسبة إلى بلاد الروم (آسيا 
الصغرى) التي تقع قونيه فيها . وكان جلال الدين إلى جانب توفره على علوم الدين شاعرا مجيدا 
بالفارسية والتركية والعربية. ولم يلبث أن انصرف إلى التصوف وهو في الأربعين من عمره. 


398 


الهوامش والمراجع 


اشتهر بمؤلفه «المشوي» وهو ملحمة شعرية كبيرة تضم 26600 بيتا باللغة الفارسية مع بعض أبيات 
بالعربية. ولها مقدمة بالعربية أيضا. ويشتمل المثنوي على مجموعة من القصص والأساطير 
والتأملات والحكم والمواعظ ذات إطار من الرموز والمبهمات التي يتميز بها الشعر الصوفي. وتقع 
في ستة أجزاء. - المعربان - 

(55) هذه الفقرة والتي تليها مقتبسة من ديوان «مثنوي» لجلال الدين الرومي نشره مع ترجمة 
R.A. Nicholson gpl. Í dgu) i ddl‏ 


- المؤلف‎ - (1960-1925 (1) Gibb Memorial Series-5 JS 5l cs ALaLus في‎ 

Li.‏ الترجمة العربية لهذا النص فمنقولة عن الترجمة التي قام بها الدكتور محمد عبد السلام 
كفافي للجزء الأول من المشوي ص 542, 543 (بيروت 1961). -المعربان - 

)56( الغزالي: إحياء علوم الدين ج 4 ص 296. - المعريان - 

fal : Niello (57)‏ وهو خليط معدني فاحم اللون تملاً به خطوط الرسوم المنقوشة على الصفائح 
المعدنية. - المعريان - 


)58( س. د . جويتين هنعاذه0 .2.5 «الصناعات الرئيسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط كما 
تتبين في وثائق «جنيزه القاهرة». 
(The Main Industries of Mediterranean Area as Reflected in the Records of the Cairo Genizay‏ 
مجلة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للشرق 
(Journal of Economic and Social History of the Orient)‏ 

- cal$1l-. 181-180 | 5 (1961) 4 alza 
أما وثائق الجنيزه هذه فقد عثر عليها في مستودع ملحق بالکنیس اليهودي القديم الذي كان‎ 
موجودا في مصر القديمة (الفسطاط). وتم اكتشاف هذه الوثائق عندما هدم الكنيس القديم‎ 
ويبلغ عدد هذه الوثائق حوالي عشرة آلاف وثيقة كتبت معظمها‎ .1890 ,1889 ele وأعيد بناوّه‎ 
بالعربية وبعضها بالعبرية. وهي تصور وضع اليهود في الدولة الإسلامية في عصور مختلفة. كما‎ 
تضم الكثير من المعلومات عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية لتلك العصور. وتشمل أيضا رسائل‎ 
وعقودا تجارية وسجلات محاكم وفتاوي وحسابات تلقي ضوءا على جانب من التاريخ الاجتماعي‎ 
والاقتصادي للفاطميين والأيوبيين والمماليك. وإن كان القسم الأكبر من تلك الوثائق هو عبارة عن‎ 
رسائل تتعلق بالتجارة مع الهند وبعض بلدان حوض البحر المتوسط. وما زالت هذه الوثائق موضع‎ 
دراسة مستفيضة منن اكتشافها حتى الآن. انظر: س. د. جويتين: مادة جنيزه (2ندء6) دائرة‎ 

المعارف الاسلامية ط2 ج 2 ص 987, 988. - المعريان - 
(59) القاضي أحمد بن ميرمنشي: «الخطاطون والمصورون» 

(Calligraphers and Painters) i 
مع مقدمة كتبها ب.ن.‎ V. Minorsky ورسالة ترجمها من الفارسية إلى الروسية ف. مينورسكي‎ 
B.N. Zakheder زاكهودر‎ 
(واشنطون ۱959) ص ا5.‎ 1. Minorsky ثم ترجمها من الروسية إلى الإنجليزية :ت. مينورسكي‎ - 
.304 ,303 الغزالي: إحياء علوم الدين ج4 ص‎ (60) 


اختصر المؤلف عبارة الغزالي هنا وقد أكملناها من مصدرها. -olyat‏ 
(61) الغزالي: إحياء علوم الدين ج4 ص 303 وقد أورد المؤلف الأصل مختصرا ورأينا إكمال الفقرة 
من مصدرها ليستقيم معناها ويتجلى جمال كلام الغزالي. - المعريان - 


399 


تراث الإسلام 


TE o» (62)‏ نقلا عن كتاب الطواسين للحلاج الذي نشره لوي ماسينون o2 b L. Massignon‏ 
1913 ص ١29‏ . وهذه الفقرة المترجمة استشهد بها: ر.آ. نيكلسون فى المقال الذي كتبه عن 
الإنسان الكامل في دائرة المعارف الإسلامية طا (لندن-ليدن 1934-3)-المۇلف. 
وقد نقلت الترجمة عن الترجمة العربية لدائرة المعارف الإسلامية طا ج 3 ص 49. وابن عربي: 
هو محمد بن علي بن محمد المعروف بمحيي الدين بن عربي. صوفي متجول وفيلسوف من أئمة 
المتكلمين. ولد في مرسية في الأندلس. وأمضى معظم عمره في التجوال بين البلاد؛ وقضى عدة 
سنين في الحجاز واستقر أخيرا في دمشق وتوفي فيها. له نحو أربعمائة كتاب ورسالة: أهمها: 
الفتوحات المكية. وفصوص الحكم اللذان عبر فيهما عن مذهبه الصوفي في وحدة الوجود ووحدة 
oua‏ والحقيقة المحمدية والإنسان الكامل تعبيرا يمتزج فيه النظر الفلسفي بالذوق الصوفي. 
- المعريان - 
)63( في (the fire alter) Jue I‏ أي مذبح النار. وهوهنا موقد النار الشعار الذي كان يرمز إلى النور 
في معتقدات أتباع زرادشت في فارس القديمة. واستمر هذا الشعار زمن الساسانيين الذين أزال 
المسلمون دولتهم. وكان موقد النار جزءا أساسيا في بيوت النار التي أقيمت في تلك البلاد. وقد 
ضرب موقد النار هذا على الوجه الخلفي للنقود الساسانية على شكل مذبح. ويمثل على جانبيه 
سادنان من سدنة تلك البيوت. - المعريان - 
(64) و. هارتنر: (:عماءة11 ./11) «الأشكال الفلكية لمنازل القمر فى التصاوير الهندسية والإسلامية» 
(The Pseudo - Pislistety Nodes of the Moon's Orbit in Hindu and Islamic Iconographies)‏ . 
بحث نشر فى مجلة الفن الإسلامى alæa (Ars Islamica)‏ 5 (1938) ص ١154-1١13‏ -ريتشارد إتنجهاوزن 
We. Bitingfhsosen‏ في «الكأس الطويلة العنق» في متحف كليفلاند للفن: أصله وزخرفته. 
(“The Wade Cup in the Cleveland Museum of art, its Origin and Decorations)‏ 
بحث (Ars Orientalis) (53 M cyàll Aloe (9. AS‏ 
alza -‏ 2 )1957( ص 366-327. 1 
- س . كمان: «سقتصصة" .5 «الرموز القديمة في الفن الحديث فى أفغانستان» مجلة الفن الشرقى: 
مجلد 2 (۱957) ص 34-5. 1 1 
(Ancient Symbols in Modern Afghanistan)‏ 
- و. هارتنر (۴۲« ا82 )W.‏ ر. اتنجهاوزن )R. Ettinghausen)‏ «الآسد المظفر. قصة حياة رمز 
(The Conquering Lion, the life cycle of a symbol)‏ 

مجلة alza Oriens (3 AJ‏ 17 )1964( ص ۱7۱-۱6١‏ . 
- أي. باير: :5.826 «الأسود ذوات الرأس الآدمي والطيور ذوات النصف النسائي في الفن الإسلامي 
الوسيط». E‏ 1 
(Sphinxes and Harpies in Medieval Islamic Art).‏ 

ملاحظات ودراسات شرفية رقم 9 all)‏ | 1965( - 
(65) عرض المجادلات التي جرت بين الإسلام Aol yal g‏ نورمان. دانيال اعنصةط .11 في كتابه 

المسمى «الإسلام والغرب. aW ay (Islam and the West the, Making of an Image) «3 j puo gagi g‏ 
كيف كون الغرب فكرته عن الإسلام (أدنيره 1960) وانظر أيضا جوستاف. فون جرونباوم G.E. ۷٥١‏ 
Grunebaum‏ الإسلام الوسيط. دراسة في التوجيه الثقاضي. 


(Medieval Islam, a study in cultural Orientation). 


400 


الهوامش والمراجع 


(شيكاجو 1946) ص 47-45 وانظر أيضا ما جاء في الفصل الأول من هذا الكتاب. 
)66( ج. سي . e G.C. Miles }LLa‏ البرشلوني» (Bonnome de Barcelone)‏ 
دراسات مستشرقية مهداة إلى ذكرى ليفى بروفنسال (باريس )١1962‏ ج2 ص 693-683 (والمقال 
مذيل بمراجع كاملة) وانظر أيضا: نفس المؤلف: «العملة الأموية في الأندلس» 
(The Coinage of the Umayyads of Spain)‏ 
(نيوروك 1950) ص 540-539. وانظر أيضا : جامع (Corpus Nummorum Italicorum 3L Y! cba‏ 
مجلد ١8‏ ص 2 وما يليها لوحة (أمالفي) ص 307 وما بعدها. واللوحتان ۱8, ۱9 (سالرنو) د. 
سبينللى 11[اعمنزم5 .2 «عملات كوفية ضربت لملوك اللومبارديين والنورمان والسويف في مملكة 
صقلية». „LL‏ ۱844). 
(Monete Cufiche battute da principe Longob ardi, Normanni e Suevi nel regno delle due Sicilie)‏ 
وكذلك : ب. ھ. B.M. Lagumina Liag>Y‏ 
فهرس النميات الموجودة في مكتب إقليم بالرمو فيرزي 1892). 
(Catalogo delle monete esistente nella Biblioteca Comunale di Palermo - Virzi 1892).‏ 
والكتابان الأخيران خاصان بالنورمان في صقلية. 
Alas] 32$ M. Stenberger >> tS e (67)‏ الذي عثر عليه في جوتلاند والذي يرجع إلى عصر 
الأردمانيين (الفايكنج). 
(Die Schatzfunde Gotlands der Wikingerzeit)‏ 
منشورات الأكاديمية الملكية للأبحاث التاريخية والقديمة (ستكهولم 1958( مجلد | ص 247, 250- 
254, |532-35. 
(68) استخدمنا كلمة البسط للدلالة على ("à Carpets‏ حين استعملنا كلمة السجاد لتقابل كلمة 
„aaa ll Jol gè (Rugs)‏ 
(69) آ. A. Geijer pæla‏ «منسوجات شرقية في صور إسكندنافية» 
(Oriental Textiles in Scandinavian Versions)‏ 
بحث نشر فى كتاب «من عالم الفن الإسلامي» 
(Aus der Welt der islamischen kunst) i‏ 
وهو كتاب الذكرى المهدى إلى إرنست كونل (ا#سداه»ا:ومة) بمناسبة عيد ميلاده الخامس والسبعين 
في ۱957-0 (يرلين 1959( 5 | 335-323- 
(70) هذه فيما نرى هي الترجمة المناسبة للفظ lat! Ie (8 (Chinoiserie)‏ أما فيما عدا ذلك 
فاللفظ يعني في الاستعمال الفرنسي الشيء غير المفهوم أو المعقد. 
المعريان ‏ 
)71( إن أقرب المؤلفات إلى ما نشير إليه هنا من دراسة شاملة هي التي وضعها في السنوات 
الأخيرة د. أ. جيرازبهوي :11:20 .2.4 بعنوان التأثيرات الشرقية في الفن الغربي. 
(Oriental Influences in Western Art)‏ 
(بومبىء كلكتا 1965). 
a (72)‏ دي. 43,2435 ela» A. de Longperier‏ الحروف العربية في الزخرفة عند الشعوب 
المسيحية الغربية». 


L^ Emploi des caracteres arabes dans L'ornamentation chez les peuples chretiens de L'occident)) 


401 


تراث الإسلام 


- ((Revue archeologique 
بحث نشر في المجلة الأثرية.‎ 
.706-696 مجلد 2 )1845( ص‎ 
المؤلفات التي كتبت في هذا الموضوع في بحت عنوانه «الحروف‎ K. E٣٣١ وقد درس ك . آردمان‎ 
العربية المستعملة في الزخرفة في الفن الغربي في العصور الوسطى».‎ 
(Arabische Schriftzeichen als Ornaments in der abendlandischen kunst des Mittelalters). 
وهوبحث نشر في رسائل القسم الروحي والعلوم الاجتماعية التابع لأكاديمية العلوم والآداب في‎ 
. 513-467 ,9 ماينز 1953 أرقام‎ 
(Akademie der wissenschaften und der literatur in Mainz) 
«بيزنطة والعرب: علاقاتهما في كريت ومنطقة بحر إيجه».‎ 0. Miles وانظر أيضا: ج سي . مايلز‎ 
(Byzantium and the Arabs relations in Crete and the Aegean Area). 
| sl49 (Dumbarton Oaks Papers) 32-2 (yo (1964) 18 بحث نشر في «أوراق داميارتون أوكس» مجلد‎ 
على حد تعبير مايلز) وهذا اللفظ‎ (Kafesque) ما تكون هذه الكتابات غير كوفية (أو كوفيسك‎ 
أطلقه مايلز على المضاهاة الخالية من المعنى لأشكال الخط الكوفي الزخرفي الذي يسميه النسخ‎ 
(نسخيك عناووعط71351) ولكن هذه الحروف الخالية من المعنى تبدو وكأنها كتابة زخرذطية. وللاطلاع‎ 
5( على نموذج كامل من نماذج القرن الخامس عشر حول هذا الموضوع انظر مقال: س. رايخ‎ 
ءاء8) «كتابة مملوكية في رسم إيطالي من القرن الخامس عشر».‎ 
(Une Inscription mamlouke sur un dessin italien du gümdieme siecle). 1 
.127 بحث نشر في مجلة معهد مصرء مجلد 22 (1940) ص‎ 
(Bulletin de L'Institut d' Egypte). 
جان فيرمير : 1675-1632 . رسام هولندي شهيرء عرف برسوماته المتقنة التي كان يعكف على‎ )73( 
عملها في صبر وتؤدة. واجه العديد من الصعوبات المالية في حياته. ولم تقدر لوحاته حق قدرها‎ 
إلا منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر. تحتفظ المتاحف والمعارض الفنية بحوالي خمس‎ 
القوادة. الخادمة تصب الحليب» ديانا مع صویحباتهاء‎ l وثلاثين لوحة فنية من أعماله بينها:‎ 
البنت النائمةء درس الموسيقى. المرآة والجرة. الجندي والبنت الضاحكة. البنت والناي وغيرها.‎ 
- انظر مادة فيرمير: دائرة المعارف البريطانية. - المعريان‎ 
ك. أردمان (مسمصلءظ .>1) أوروبا والسجاد الشرقى.‎ )74( 
(Europa und der Orientteppich) 1 
.33 ص 57 وشكل‎ .١962 برلين-ماينز‎ 
رامبرانت: 1619-1606؛ مصور وحفار هولندي شهير: عانى في أواخر حياته من الفقر والإفلاس.‎ (75) 
أنتج حوالي سيعمائة لوحة بالإضافة إلى مجموعة رائعة من أعمال النقش. أهم لوحاته: سيدة‎ 
- عجوزء حارس الليل؛ درس التشريح. - المعربان‎ 
أي تركيز النور في بقعة من اللوحة وترك الأشياء الباقية فيها في الظلال.‎ (76) 
يوجين ديلاكروا: 1863-1798 أشهر رسام رومانسي فرنسي في القرن التاسع عشر. وقد تأثر‎ )77( 
في أعماله الفنية بالصور التي آثارتها في خياله شاعرية دانتي وشكسبير والتاريخ الوسيط‎ 
والانطباعات الشرقية. وقد زار عام 2 الجزائر وإسبانيا والمغفرب ورسم العديد من المشاهد‎ 
التي أثارت خياله. ومن هنا كانت لوحاته ذات قيمة تاريخية كما جاء بعضها انعكاسا لآراثه‎ 


402 


الهوامش والمراجع 


السياسية. ومن أشهر لوحاته مذبحة في القلعة (المماليك)ء الحرية تقود الشعب. النساء الجزائريات. 
aM agua icto! aie cl gba ad Casca dis‏ رها انظ ر ماد اروا کي 
دائرة المعارف البريطانية. 1 
(78) الرکوکو 51e (Rococo)‏ فني يتميز بالإسراف في المحسنات الزخرفية من أشكال آدمية 
وتوريقات وأقمشة وتصاوير ملائكة في هيئة أطفال وقد شاع الطراز في فرنسا وإيطاليا في 
أواخر القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر. 
(79) في الأصل ماجي stag (Magi)‏ بهذا اللفظ ملوك المجوس الذين تحكي الأسطورة المسيحية 
أنهم أتوا من الشرق لمبايعة السيد المسيح وهو في مهده. s‏ 
المعربان - 
)80( هھ. اريك Harbeck‏ .11 «ملكيور لوركس» (Melchior Lorichs)‏ هامبورج ۱9۱۱. 
ر. فان لوتر R. Van. Luttervelt cda‏ 
تصاوير الأتراك عند جان بابتست فانمور ومدرسته 
(De Turkse Schilderijen Van J. B. Vanmour en zijn School)‏ 
إستانبول 1958. 
)81( هناك ألفاظ وأسماء عديدة أخرى للأقمشة وأثاث البيت ذات أصل عربى فى اللغات 
الأوروبية والديوان هنا: هو المجلس السلطاني أو المجلس بصفة عامة وهو قاعة اجتماع أو 
استقبال كبيرة ويستعمل لفظ ديفان في الغرب. 
والصفة: بمعنى الأريكة بيت صيفى مسقوف أو أريكة أو مقعد فى مكان مظلل وفى الاستعمال 
العام معناها الكرسي الكبير الوثير. 1 1 
والدمشقي: قماش حريري مشجر منسوب إلى دمشق وهو المعروف عندنا بالدمقس. 
والموصلي: نسيج من القطن أو الحرير منسوب إلى الموصل. 
والبغدادي: قماش منسوب إلى بغداد واللفظ الإنجليزي هنا دذط881020 مشتق من اللفظ الإيطالي 
gag (Baldachino)‏ تحريف للفظ بغدادي. 1 
)82( د. ج. شيبرد ole 3 yl» W.B. Henning ga «cs. $ D.G. Shepherd‏ الزندنيجي» Zandaniji)‏ 
(Identified‏ 
بحث نشر في كتاب «من عالم الفن الإسلامي» الذي ألف تكريما للأستاذ أرنست كونل ص 40-15. 
cala» Y. Delaporte Gp m (83)‏ السيدة العذراء». 
(Le Voile de Notre Dame)‏ 
شارفر ۱927 ص ۱2 اللوحتان 6, 7. 
ريتشارد إيتنجهاوزن o1! R. Ettinghausen‏ والآثار الإسلامية. 
(Islamic art and Archaeology)‏ 
فصل في كتاب «ثقافة الشرق الأوسط ومجتمعه» أشرف على تحريره ت. T. Cuyler g WLS‏ 
8 (برنستون ١95١‏ ص ١8‏ شكل 4). 
(84) جورج (G. Marcais) deu jla‏ وجاستون فيت 7160 .6) «نقاب القديسة آن في كنيسة آبت». 
(Voile de sainte Anne d' Apt)‏ 
بحث نشر في «آثار ومذكرات مؤسسة بيو». 


(Monuments et Memoires Fondation Piot) 


A03 


تراث الإسلام 


المجلد 34 (1934) ص ۱94-177 . 


R. Guest cau (539) H.A. Elsberg البيزبيرج‎ ds 
(Veil of Saint Anne) «نقاب القديسة آن»‎ 
(The Burlington Magazine) بحث نشر في مجلة بيرلنجتون‎ 


مجلد 68 )1936( 5 | 145-140 . 
R. Guest ceru (93959. A.F. Kendrick «l.S .c8 . 1 (85)‏ 
«قطعة نسيج حريرية صنعت في بغداد» 
(A Silk Fabric Woven at Baghdad)‏ 
بحث نشر فى مجلة بيرلنجتون مجلد 49 )1926( 5( 267-261- 
ف.ل. ماي EL. May‏ قطع النسيج الحريرية في إسبانيا من القرن الثامن إلى القرن الخامس 
(Silk Textiles of Spain Eighth to Fifteenth Century)‏ 
نيويورك (۱957) ص 25-24 . 
(86) انظر كتاب ماي go Sl aLa (May)‏ ۱7-۱4 . 
د . ج-شيبرد D.G. Shepherd‏ «قطعة حريرية أندلسية مؤّخرة» 
(A Dated Hispano - Islamic Silk)‏ 
بحث نشر فى مجلة الفن الشرقى (Ars Orientalis)‏ 
alza‏ 2 )1957( ص 382-373 . 1 
(87) ه. فيلتز 11112 .11 «شارات ورموز الدولة الرومانية المقدسة» 
(Die Insignien und Kleinodien des Neiligen Romischen Reiches)‏ 
فيينا-ميونيخ 4 اللوحتان 23, 24 والنص الذي يشرحها مقابل ص 9. 
(88) د . س رايس «رداء قداس فيرمو الموجود في كنيسة القديس ثوماس آبيكيت» 
(The Fermo Chasuble of st. Thomas-a- Becket)‏ 
بحث نشر في مجلة: أخبار لندن المصورة 
(The Illustrated London News)‏ 
العدد 235 (1959-10-3) ص 358-356 . 
م. دريجر M. Dreger‏ 
«الأقمشة» Die Stoffe‏ 
فصل في الكتاب الذي وضعه: ف. سار (عتتة5 .15) ف. ر. مارتن R.F. Martin‏ بعنوان: معرض روائع 
الفن الإسلامي في ميونيخ ele‏ 1910. 
(Die Ausstellung Von Meisterwerken Muhammedanischer Knust in Munchen 1910)‏ 
cS Ls 9UI‏ : 182, 195, 201, 202, 219. 
)89( 1 . ه كريستى 0:56 .4.11 «الفنون الفرعية الإسلامية وتأثيرها على الفنون الأوروبية». 
فصل في كتاب تراث الإسلام JS& |b (The Legacy of Islam)‏ 48. 
أو فون . فالکه ٭)له۴ 70 .0 «تاريخ فن نسيج الحرير» 
Kunstgeschichte der Seidenweberei‏ 


الجزء الثاني. (برلين 1913) الأشكال ,274-26١‏ 296-293 (إيطاليا) 316-308 (ريجنزبورغ) 379-371 


404 


الهوامش والمراجع 


(أسبانيا) |352-35, 355-354 (نماذج للتأثير الصيني). 
)90( نفس المصدر: أشكال: ,50١‏ 522, 528, ا53, 549, 604, 605, 607. 
91 مانكوفسكي T. Mankowski‏ 51 الفن الإسلامي في بولندا 
Influence of Islamic Art in Poland‏ 
بحث نشر فى مجلة الفن الإسلامى (Art Islamica)‏ مجلد 2 (1935) ص 133-105. 
elabi» L.F. Day 4d -c5 . (92)‏ ر وفنه» 
(William Morris and his Art)‏ 
لندن 1899 الأشكال الموجودة في صفحتي 20, 25. 
ر. واتكنسون R. Watkinson‏ «ويليام موريس صاحب التصميمات» 
(William Morris as Designer)‏ 
لندن ۱967 الأشكال: 6, 53, 63, ا7. - المؤلف - 
ويليام موريس 1896-1834 فنان وشاعر وكاتب إنجليزي مشهورء درس الرسم على روسيتي» واشتغل 
بالطباعة أيضا. أسس aS 4 1861 ale‏ لإنتاج الآثاث والتحف. ساهمت في إنعاش الذوق الفني. 
واستعمل في مصنعه الطرق الإنتاجية التي كانت معروفة في القرون الوسطى؛ كما تأثر بطابع 
العصور الوسيطة في حكاياته الشعرية وأهمها الفردوس PL‏ وله من الأعمال الآدبية. قصة 
حياة جيسون id pas‏ حلم جون بول الاشتراكية نشأتها وتطورها . 
- المعربان - 
(93) ك. أردمان مسعصلء8 .× «آوروبا والسجاد الشرقى» ص .17-1١!‏ 
(94) ك. أردمان K. Erdmann‏ «سبعمائة عام من تاریخ السجاذ الشرقي» مساهمة في تاريخه 
والأبحاث الخاصة به. 
(Siebenhundert Jabre Orientteppich zu seiner)‏ 
Geschichte und Erforschung)‏ 
5553.5 1966( 5( 221-220. 
(95) ك. أردمان: سيعمائة عام من تاريخ السجاد الشرقي ص 69, 232-227. 
K. Erdman, Siebenhundert Jahre Orientteppich‏ 
(96) نفس المؤّلف» آوروبا والسجاد الشرقي ص 64-63« 
(97) مانكوفسكى 2190108511 تأثير الفن الإسلامى فى بولندا 
Influence of Islamic Art in Poland i 1‏ 
ص . 105-98 
T (98)‏ ه. كرو 007 .11.© «ويليام موريس مصمما» 
William Morris, Designer‏ 
لندن 134 انظر كتاب واتكنسون السابق الذكر 
«وليام موريس صاحب التصميمات» حول نفس الموضوع. 
(99) المعمدة: هي الحوض أو الطست الذي يوجد في الكنائس ويوضع فيه ماء التعميد. 
D.S. Rice (yasl (s . 5 (100)‏ «معمدة القديس لويس» 
(Le Baptistere de Saint Louis)‏ 


باریس ۱953-ص9. 


A05 


تراث الإسلام 


(۱0۱) ماکس فان بیرشيم ۳٤۲1ء8 M. Van.‏ (نقوش عربية) 
(Arabische Inschriften)‏ 
نشر هذا الموضوع في الكتاب الذي آلفه: ف. سار F. Sarre‏ 
ف. ر. مارتن صتائة31 .7.15 بعنوان «معرض روائع الفن الإسلامي» 
(Die Ausstellung Von Meisterwerken Muhammedanischer Kunst)‏ 
جا ص 6, 8 
)102( الطراز الروماني: Romanesque‏ هو طراز معماري يتميز بضخامة الجدران والعقود المدورة 
وقد ساد أوروبا خلال الفترة التي انقضت بين عصور الطرز الكلاسيكية والعصر القوطي. 
-المعريان ‏ 
O. von Falke a&1la (553 . 9f (103)‏ أي. E. Myer j3Ls‏ 
«أدوات برونزية من العصور Cys Bronzegerate des Mittlalters «laugh!‏ 1935 . 
- ك. آردمان K. E۳٣١‏ آنية صب إسلامية من القرن الحادي عشر الميلادي Islamische Giessgefasse‏ 
des 11 Jahrhundrets‏ 
مجلة بانتیون Ge (1938) 22 sles pantheon‏ 251+ 
- أي. ماير E. Myer‏ «قطع برونزية من الطراز الروماني ونماذجها الأصلية الإسلامية» 
(Romanische Bronzen und ihre islamischen Volbilder)‏ 
بحث نشر في كتاب «من عالم الفن الإسلامي» المهدى إلى أرنست كونل. 
Aus der Welt der islamischen Kunnel‏ 
ص17 322-3. 
H. Buchthal : Jlid.9s . (104)‏ 
«مالاحظة على صناعة المعادن الإسلامية المطلية بالميناء وأثرها على الغرب اللاتيني» 
(A note on Islamic enamelled Metalwork and its Influence in the Latin West)‏ 
بحث نشر في مجلة «فن الإسلام» (Ars Islamica)‏ 
مجلد ||۱, ۱2 (۱946؛ ص ۱98-۱95 . 
(۱05) ر. و. ت. جونتر e۲ط†Gun N.71.‏ .۴ «إسطرلابات العالم» 
أكسفورد 1932 The Astrolabes of the World.‏ 
DJ. Price (asl ys Eq‏ «قائمة دولية بالإسطرلابات» 
(An International Checklist of Astrolabes)‏ 
نشرت في المحفوظات الدولية لتاريخ العلوم 
(Archives Internationales D. Histoire des Sciences)‏ 
alza‏ 33-32 )1955( 5 | 264-243, 381-363 . 
ل . ماير :1.2.34 صناع الإسطرلابات المسلمون وأعمالهم 
(Islamic Astrolabists and their Works)‏ 
جنيف 1956. 
o-‏ نفس المؤلف: «صناع الإسطرلابات المسلمون: بعض المواد الجديدة» 


(Islamic Astrolabists: Some New Material) 


بحث نشر في كتاب «من عالم الفن الإسلامي» المهدى إلى آرنست iss‏ ص 296-293 . 


406 


الهوامش والمراجع 


(۱06) ل. أ. ماير ۴ر٧‏ .1.4 «صناع الأدوات المعدنية المسلمون وأعمالهم» 
(Islamic Metalworkers and their works)‏ 
جنيف ۱959 من أمثال: علاء الدين البيرجندي» ومحمد بدرء ومحمود الكردي؛ ومحمدء وقاسم 
وعمرء وزين الدين. 
وهناك مناقشة نقدية جديدة لهذه المسألة في الكتاب الذي وضعه: ه. هوث بعنوان: «الطلاء 
(Lacquer of the west) «23! 58 AL‏ 
شيكاغو 1969 š‏ 
- نفس المؤّلف : المسلمون فى البندقية (in Venedig Sarazenen«)‏ 
مقال نشر في كتاب الذكرى المهدى إلى هاينز لادنورف (كولونيا-فيينا 1970) ص 68-58. 
)107( المؤلف مصيب في القول إن لفظ أعجمي يعني غير العربي وخاصة الفارسي ولكن هذا في 
الشرق وحسب. أما في الأندلس فإن هذا اللفظ كان يطلق على غير العرب من سكان الأندلس؛ 
وكذلك كانت تسمى لغتهم عجمية أهل الأندلس. 
- المعريان - 
)108( اسم هذا الرجل كما يبدو المعلم محمود الكردي. وليس بالضرورة أن يكون كرديا استنادا 
إلى لقبه إذ ربما يكون ذلك مجرد لقب. وهناك الكثير من الأسر الملقبة بمثل هذه الألقاب التي لا 
تدل بالضرورة على أصل حقيق. - المعريان - 
B.W. Robinson (55:42:95 . 9 .c3 (109)‏ 
أشغال المعدن الشرقية في مجموعة جامبية-بيري 
(oriental Metalwork in the Gambier - Perry Collection) 1‏ 
Burlington Magazine (sz us dle.‏ 
3.1 109 )1967( 5( 171-170 
œ olah A.M. Hind ia e. i (110)‏ تنشرا من المجموعة ذات العقد» الست محلات بنقوش 
على طراز تصاميم ليوناردو دافنشي. 
بحث نشر في مجلة بيرلنجتون مجلد ١2‏ (1908) ص ا4. 
Two Unpublished Platesof the Series of six "Knots, Engraved after Designs by Mound da Vinci‏ 
۔ ر. بيرلنر هذا:ء8 .2< الأطباق المطعمة بالزخارف من القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن 
(Ornamentale vorlageblatter des 15 bis 18 Jahrahunderts)‏ 
(ليبزج 6 ) لوحة 23 والنص ص 12. 
ò (111)‏ شيرر مع:عطء5 .7 «دورر» (مجموعة الخالدين من أهل الفن) 
(Durer - klassiker der Kunst)‏ 
المجلد 4 ط2 (شتوتجارد-ليبزج 1906( csl». SUI‏ 225-223. 
8 أي بانوضسكي E. Panofsky‏ «آلبریخت دورر» (برونستون 1943( جا ص ۱21۱ء ج2 ص 44 رفم 360 . 
las (112)‏ في الأصل ولعل الأصح Lass (Turkenbeute) Lia‏ كان الاسم الذي استعمله الموؤلف 
مصطلحا على تلك الصورة. -المعربان ‏ 
Mauresque «Lua a (113)‏ مصطلح في كل لغات الغرب معناه العربي أو الإسلامي نسبة إلى 
)M2ue(‏ وهو الصورة الفرنسية للفظ (0إمص) الذي استعمله الإسبان للدلالة على العرب أو 


A07 


تراث الإسلام 


المسلمين. ويرجع هذا اللفظ في أصله البعيد إلى أنه كان يستعمل للدلالة على أهل الشمال 
الأفريقي. وكانت هناك ولايتان على الساحل المغربي تسمى كل منهما موريتانيا .-المعربان ‏ 
(۱۱4) ب. جیسین ۸ء[ .۴ «تاريخ زخارف نماذج الفنون اليدوية منذ العصور الوسطى» 
(Der Ornamentstich Geschichte der Vorlagen des Kunsthandwerke seit dem Mittelalter)‏ 
برلین ۱920 ص 63. 
. نفس المؤّلف: أساتنة فن الزخرفة (Meister des ornamentstichs)‏ 
الجزء الأول (برلين دون تاريخ) اللوحتان: 134, 135. 
- ر. بیرلنر ۲۲ا8 R۸.‏ «صفحات عن نماذج الزخرفة» 
(Ornamentale Vorlageblatter)‏ 
جا ص 82-79 ج2 ص 34 . 
Jessen Crimi (115)‏ (تاريخ زخارف نماذج الفنون اليدوية منذ العصور الوسطى ص 66-63 , 103 
نفس المؤلف «أساتذة فن الزخرفة» Ic‏ اللوحات 85-83, 91 98, 137-136 , 173-170 
وانظر أيضا بيرلنئر: «صفحات عن نماذج الزخرفة» جا اللوحات 99-83, ج3 ص 38-35 . 
(116) هانز هولبين الأصغر: (1543-1497م) رسام ومصمم ألماني شهير. كان يعمل الرسومات 
والتصاميم للطباعين والصناع ليصنعوا قطعا فنية على منوالها. اشتهر برسومه وصوره المستوحاة 
من الأحداث التاريخية بالإضافة إلى الخيال وأبرز أعماله الفنية. رقصة الموت» خريف الإنسان:» 
انتصار قيصرء فينوس» توماس مورء السفراء؛ وغيرها . 
- المعريان - 
Ot (117)‏ (الأرديني) G.B. (allardini)‏ «بومبوسا وقطع البتشيني التي Pamposa e i suoi) .« lass‏ 
(bacini‏ 
مجلة الخزف (yo (1936) 24 sles (faenza)‏ 128-121 (معظم النماذج هنا مصرية). 
TUE‏ بيافاتي Faenza (335!) latl yui Bacini di Pisa «ljo (oà) aleve» E. Biavati‏ 
مجلد 38 )1952( ص 94-92 (معظم النماذج هنا بيزنطية وواحد منها على الأقل فارسي) . 
-c3 . 9 (118)‏ فولباخ طعدط[ه/ .777.15 «المخلفات المقدسة وأوعيتها الشرقية في روما» 
(Reliquie et reliquiari orientali in Roma)‏ 

348-347 (> 1937 ASL! Abul! 30 sles (Arte oBolletino d) ¢,43! dle. 
ويمتلك الفاتيكان قطعة خزفية ثانية كانت تستخدم للمخلفات المقدسة. وهي نموذج لقطعة‎ 
مصرية من القرنين الثالث والرابع للهجرة. التاسع والعاشر للميلاد مصنوعة من فخار صيني‎ 
الطراز يعرف بالخزف المطرطش المزين ببقع ملونة غير منتظمة (ع:772 135060م5) نفس المصدر‎ 


.348 ص‎ 
Lustre) upadl «الأوانى الخزفية الإسبانية ذات البريق‎ A.W. Frothingham a loeis 53 . و‎ .Î (119) 
(Ware of Spain 


- نيويورك ا95١-الأشكال‏ 58, 69, 82, 109,88 , 120, 123. 


0) ب.را B. Rackham‏ »» الخزف الإيطالى» 
Bs 2 PROS‏ 
لندن 933| ص |, 2, 8, 82 (Guide to Italian Maiolica).‏ 


Catalogue of Italian Maiolica) 


A08 


الهوامش والمراجع 


لندن 1940ء قارن ذلك بما أورده فروتنجهام في كتابه الوارد في التعليق السابق في مواضع مختلفة 
منه وانظر كذلك خوسيه مارتنيز أورتيز-خايمه دي Jose Martinez Ortiz-Jaime de) | Là! ji | LS a‏ 
11 ءاهءS)‏ «مجموعة الخزفيات الموجودة فى متحف اليلدية التاريخى فى بلنسية» مجموعة 
بطرنة منيش» بلنسية 1962. o‏ 
(Coleccion Ceramica del Museo Historico Municip al de Valencia, ciclo Paterna- Manises)‏ 
)١21(‏ سي. ج. لام CJ. Lamm‏ 
«زجاج العصور الوسطى» (Mittelalterliche Glaser)‏ 
برلين 0ج | لوحات 274 (رقم 1(. 275 (رقم 2 329 (رقم ا) ج2 لوحات 96 (رقما 1 , 3( 127 
ررقم .)١‏ 
)122( نفس المصدر السابق جا لوحة 368 (رقم 3( ج2 لوحة 158 (رقم 3( 
G. Schmoranz j3l ja s Ro‏ «أواني الزجاج الشرقية القديمة» 
(Altorientasische Glassgefasse)‏ - 
فيينا ١898‏ ص 30-29 اللوحات 4, 4]. 
)123( لام gb» Lamm‏ العصور الوسطى». 
جا لوحة 329 (رقم 2( ج2 لوحة 127 )5 .Q‏ 
)124( نفس المصدر الوارد فى التعليق السابق. 
ج2 لوحة 494 (رقم 68( Bey‏ 495 (رقم .)7١‏ 
)125( قلعة صليبية كانت تقع على التلال التي تتحكم بصور وقد احتلها الظاهر بيبرس. 
(۱26) نفس المصدر جا لوحة 326 (رقم 12( ج2 لوحة 126 و (رقم 2). 
)127( لام: 2 نفس المصدر جا ص 246, 278, 279« ج2 لوحة 99. 
(E. Kunnel) : BS coa ji (128)‏ «أبواق الصيد العربية». 
- بحث نشر في الكتاب السنوي لمتحف برلين. 
(“Die sarazenischen Olifanthorner, ys in Jahrbuch der Berliner Museen)‏ 
جا (1959) ص 33 هامشه رقم «i‏ 
نفس المؤلف: «القطع الإسلامية المنحوتة من العاج» 
Die islamischen Elfenbienskulpturen‏ 
برلين |197. 
(۱29) هذه هي المرة الثانية التي يشير فيها المؤلف إلى آن القطع الفنية الإسلامية المصدرة إلى 
أوروبا كانت تنتهي في الغالب إلى استعمال كنائسي. ونعتقد أن هذا غير صواب لأن القطع الفنية 
الإسلامية كانت تستعمل في كل مناحي الحياة في أوروبا. ولكن معظم ما بقي إلى أيامنا منها هو 
الذي حفظ في الكنائس وريما كان ذلك أقله. 
- المعربان - 
)130( م. مایس M. Meiss‏ «استخدام الضوء كشكل ورمز في بعض تصاوير القرن الخامس عشر». 
(Light as form and symbol in some fifteenth century Painting)‏ 
بحث (The Art Bulletin) c àll Alzea (58. LÀ‏ مجلد 27 )1945( ص 177. 
)131( ريتشارد R. Ettinghausen ¢)} 9l gi]‏ 
«جلود الكتب الشرقية وتأثيرها على فن التجليد في أوروباء. 


409 


تراث الإسلام 


(Near Eastern Book Covers and their Influence on European Bindings). 
122-121 (52 (1959) 3 sles (Ars Orientalis) مجلة الفن الشرقی‎ 
(Two Renaissance Bindings) «ug! pene (53 tube! cya cle $3» A.R.A. Hobson (55255. 1. . 1 


بحث نشر في مجلة جامع الكتب (The Book Collector)‏ 
المجلد السابع 1958( ص 266-265. 
(The Connoisseur) à1 931 Als A. Royal Gift A Kls isa» T. Hackenbroch | 9 3 iS La . cs (132)‏ 
مجلد ۱74 (۱970) ص ۱57-۱52 . 
(133) ف. سار .1 «رسوم راميرانت نقلا عن منمنمات هندية إسلامية» 
(Rembrandts Zeich nungen nach indisch-Islamischen Miniaturen)‏ 
بحث نشر في الكتاب السنوي لدورية جمعية الفنون الملكية البروسية. 
(Jahrbuch der Konigl. Preussischen Kunstsammlungen) 1‏ 
مجلد 25 (۱904) ص ۱58-۱43 . 
نفس المؤلف: «صفحة جديدة من رسوم رامبرانت الهندية» 
(Ein neues Biatt Von Rembrandts in zeichnungen)‏ 
نفس المجلة. مجلد 30 (1909) ص 283 -290: وعثر حديثا على قطعة أخرى من النسخ السبع 
الضائعة التي عملها رامبرانت من المنمنمات الهندية (انظر الموسم السابع عشر بعد الماكتين 
لجمعية سوذبى من أكتوبر 1960 (Sotheby's 217th Season) (1961 5415s (Jl‏ 
لندن-نیویورك ۱96۱ .5( 138. 
وقد ظهرت في هذا المرسم تحت عنوان «شاه جاهان يتحدث مع بيزاره» 
(Shah Jahan Talking to his Falconer)‏ 
على الرغم من أن كلا من السلطان وبيزاره الذي يظهر أنه كان أميرا من الأسرة الحاكمة كان في 
الأصل مرسوما في لوحة منفصلة ثم جمعت الصورتان فى لوحة واحدة عملها راميرانت. 
(134) ر. سكوليه ee Delacroix) |g )SMas Crass R. Bühler‏ 
باريس 1۱963 . انظر اللوحة الملونة مقابيل ص 192. 
€ ماير غريف J. Meier - Graefe‏ «يوجين ديلاكروا. مساهمة في تحlیJ Beitrage zu Seiner) «aia‏ 
(Analyse‏ 
ميونيخ-من دون تاريخ. ص 162 (نسخ منقولة من المنمنمات الهندية) 
ر. هيو «laySMas» R. Huyghe‏ 
نيويورك-لندن ۱963ء اللوحتان ۱00, ۱0۱ (نسخ منقولة عن منمنمات فارسية). 
)135( الجزري: أبو المعز بن إسماعيل بن الرزاز ألف LES‏ عظيم الشأن في الميكانيكا والساعات 
يعتبر من أفضل ما عرف في العالم الإسلامي. واسم كتايه «الحيل أو الجامع بين العلم والعمل» 
ألفه للملك الصالح أبي الفتح بن قرة أرسلان بديار بكر. وقد ارتفع فيه إلى مرتبة كبار المخترعين 
- المعريان ‏ 
)136( و. بورن 8٥۲١‏ .۷ «آلات الحركة الذاتية الأوروبية الأولى» 


(Early European Automatons 1) 


410 


الهوامش والمراجع 


مجلة الذواقة (تناءةوزمهم00 ع1) مجلد ١00‏ (1937) ص 129-123. 
Erdmann cyLes yf (137)‏ «أوروبا والسجاد الشرقى» 

(Europa und her Orientteppich) 1‏ 
IZ , T3. ,112 445‏ 
(138) معركة ليبانتو: معركة بحرية كبيرة جرت في السابع من أكتوبر عام 1م بین القوات 
البحرية العثمانية واتحاد القوى البحرية المسيحية وذلك في خليج كورنث في اليونان. وقد أسفرت 
هذه المعركة عن هزيمة القوات البحرية العثمانية: وكان لذلك أثر بعيد في مستقبل القوى البحرية 
المسيطرة على البحر الأبيض المتوسط. 

- المعربان - 


All 


المؤلفان في سطور: 
جوزيف شاخت 


* عمل أستاذا فى جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة. 


* توفي أول أغسطس عام 1969. 


كليفورد إدموند لوزورث 


* ولد بانجلترا سنة 928ام. 


* حصل على الدكتوراه من جامعة أدنبره فى الدراسات الشرقية. 
* عمل استاذا للتاريخ بجامعة سانت آدنروز بأسكتلنداء في الفترة )56- 


7م . 


* ترس قسم الدراسات الشرقية بجامعة مانشستر في الفترة (67- 


.(1983 
يعد واحدا من‎ #* 
qr Ote Dil Aaa 

الوقت الحالى. 
الرئيسيين على تحرير 
الموسوعة الإسلامية Islamic‏ 
Encyclopedia‏ . 

* منحته هيئة اليونسكو 
في gale‏ 1998ء جائزة «ابن 
سينا» الفضية:, تقديرا 
لدراساته حول التاريخ آسيا 
الوسطى. 

المترجمون في سطور 

د.محمد زهير 
السمهوري 

* ولد في فلسطين عام 





تراث الاسلام 
الجزء الثانى 
تأليف: شاخت وبوزورث 


ترجمة: د. حسين مؤنس 
مراجعة: د. فؤاد زكريا 


413 


1931 

* تخرج في كلية الآداب (لغة إنجليزية) جامعة دمشق عام 958ام. 

* حصل على درجة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي من جامهة ليدز 
بانجلترا عام 966ام. 

* قام بالتدريس في كلتي الآداب بجامعتي دمشق والكويت. 

* له العديد من الأبحاث والمقاولات-باللغتين العربية والإنجليزية-منشورة 
في المجلات. ومذاعة في الإذاعة. كما ترجم بعض الدراسات إلى اللغة 
العربية. 


د. حسين مؤنس 

* تخرج في كلية الآداب-جامعة القاهرة عام 1934ء ونال درجة الدكتوراه 
في التاريخ الإسلامي من جامعة زيريخ عام 1943« 

* تدرج في وظائف هيئة التدريس بجامعة القاهرة إلى أن عين أستاذ 
كرسي التاريخ الإسلامي بها عام 1954. 

* عين مديرا لمعهد الدراسات الإسلامية في مدريد عام 1957. 

* عمل أساتذا للتاريخ الإسلامي. ورئيسا لقسم التاريخ بجامعة الكويت 
حتى عام 1977. 

* شغل منصب رئيس تحرير مجلة «الهلال» بالقاهرة. 

* كان عضوا في عدة جمعيات ولجان علمية وثقافية في مصر والكويت 
وغيرهما من البلدان العربية والإسلامية. 

* له العديد من المؤّلفات والبحوث العلمية والأديبة باللغات العربية 
والإنجليزية والفرنسية والإسبانية. 

* أسهم في تحرير الكثير من الصحف والمجلات العربية. 


إحسان صدقى العمد 
* ولد في نابلس بفلسطين عام 1932. 
بجامعة القاهرة-بتقدير جيد جدا. 


* حصل عام 1972 على درجة الماجستير في الآداب من قسم التاريخ 


414 


بجامعة الكويت؛ وكانت رسالته عن الحجاج بن يوسف الثقفي. 
* حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي عن المؤرخ البلاذري 
من جامعة الكويت. 
* اشتغل فى تدريس الاجتماعيات مدة خمس سنوات فى مدارس الكويت. 
* التحق ale‏ 0 بالإذاعة الكويتية محررا لنشرات الأخبار. 
* كتب عدة مقالات تاريخية وأدبية في بعض المجالات. 


المراجعان في سطور: 

د. شاكر مصطفى 

* من مواليد الجمهورية العربية السورية. 

* حصل على الدكتوراه في الآداب. 

* عمل في التدريس الثانوي والجامعي في سورياء وفي السلك السياسي 
ممثلا لبلاده عشر سنوات في السودان وكولومبيا والبرازيل. 

* عمل وزيرا للاعلام في سوريا (1966-65). 

* عمل أستاذا ورئيسا لقسم التاريخ بجامعة الكويت. 

* له العديد من المولفات تجاوز الثلاثين في التاريخ والآدب» بالإضافة 
إلى مئات من الأبحاث العلمية. 


د. فؤاد زكريا 

* ولد في بور سعيد-ديسمبر 1927. 

Slog 11949 ole 3 salad] aate ISH AUS, Aad guid ob et + 
درجتي الماجستير (1952) والدكتوراه (1956) في الفلسفة من جامعة عين‎ 

عمل ااا رقا اقم اة اة عن کن حت pli‏ 

.1974 

uaa (ph CA bao i aaa 

# عمق :مسقنا | الشؤون: القافة والطلوم الإنسانية في اللجدة اتوطنية 
لليونسكو بالقاهرة؛ كما شارك فى عدة مؤتمرات لمنظمة اليونسكوء وقد 
LED cael‏ تركيس القيقة الاستفازية لدراسة الثقافة الغربية: 


415 


* من أعماله المنشورة: اسبينوزا ونظرية المعرفة؛ الإنسان والحضارة, 
التعبير الموسيقي» مشكلات الفكر والثقافة؛ ترجمة ودراسة لجمهورية 
أغلاطون: وللتساعية الرابعة لأفلوطين. 

* ترجم مؤلفات متعددة منها : «العقل والثورة» (ماركيوز)؛ و«الفن والمجتمع 
عبر التاريخ» في مجلدين-هوزرا . 

* له الكثير من المقالات والدراسات المنشورة فى الصحف ومجلات 
E ali‏ ۰ 


Alb 





\ LUI | Nery ے‎ 

هذه هي الطبعة الثالثة للجزء الأول من كتاب «تراث الإسلام» الذي يقدم 
رؤية بحثية للجهد الحضاري الذي أسهم به الإسلام عبر تاريخه. وقد رأت 
السلسلة أن تعيد طبع جزئه الثاني في الشهر المقبل. وتنبع أهمية هذا 
الكتاب من أن العلماء الذين قاموا على تأليفه يتمتعون بقدر وافر من التميز 
والأستاذية في مجالات بحثهم: مما يجعلنا نجزم بأن الكتاب يمثل إضافة 
لها قيمتها للمكتبة العربية. من خلال ما يقدمه أصحابه من معلومات ثرية 
مشفوعة بالتحليل والتفسير للتفاعل العظيم بين العقيدة الإسلامية وأحداث 
التاريخ. الذي أنتج للإنسانية تراثا خالداتغلفل في نسيج الحضارة العالمية. 

لكن القارئ سيلاحظ؛ ولا شك أن هؤلاء العلماء الأجلاء الذين حرروا 
فصول هذا المكتاب بتمكن وافتدار؛ ينطلقون فيما يصدرونه عن الحضارة 
الإسلامية من أحكام من منظور قد لايتفق كل الاتفاق مع رؤيتنا نحن 
لحضارتناء لأنهم قبل كل شيء علماء أجانب نشأوا وترعرعوافي ظل حضارة 
فغايرة: ْ ْ 

ولا يخالجنا أي شك في أن إعادة نشر هذا الكتاب القيم ستفتح الطريق 
أمام علمائنا ومتخصصيناء لكي يواجهوا مثل هذه الأفكار رأيا برأي وحجة 
بحجة؛ واثقين من رؤيتنا الثقافية المتاسمحة التي تؤمن بأنه لا يكفي أن 
نعرف الكثير عن أنفسناء ولكن لا يجبء إلى جانب ذلك؛ أن نسعى لمعرفة ما 
يقوله الآخرون عنا. 

فبهذا وذاك معا نستطيع أن نحدد مكاننا بين الآخرين؛ وأن نثبت أقدامنا 
على الخريطة الحضارية التي يعاد تشكيلها الآن. لعلنا ونحن نتجه إلى 
d dtl‏ احتراما واجبا لحضارقا الطيدة بآن نيم الجسورييتها 
ونان خضارة الفصر.